عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني
تتمة الصفحة السابقة
/ صفحة 93 / 20 -0 عن عمر بن عبد المجيد الميانشي ثنا مسلمة ثنا أبو سعد محمد بن سعيد الريحاني وعاش عشرين ومائة سنة قال: حدثنا: أبو سالم عبد الله بن سالم وعاش مائة وثلاثين سنة ، حدثني أبو الدنيا محمد (1) بن الأشج حدثني علي بن أبي طالب رفعه: ما كان رفع العرش إلا بحب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي . الحديث . قال ابن السمعاني في حديث رواه بالطريق المذكور: هذا حديث باطل ورجاله مجاهيل . لسان الميزان 3: 155 . وقال الذهبي: أبو الدنيا الأشج كذاب طرقي . وقال: حدث بقلة حياء بعد الثلاث مائة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فافتضح بذلك وكذبه النقادون ، قال الخطيب: علماء النقل لا يثبتون قوله ، مات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة ، وللحفاظ فيه وفي بطلان حديثه كلمات ضافية راجع لسان الميزان 4: 134 - 140 . 21 - أخرج العقيلي في الضعفاء من طريق المقري عن عمر بن عبيد البصري أبي حفص الخزاز عن سهيل بن ذكوان المدني عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان . قال الأميني: عمر بن عبيد ضعفه أبو حاتم كان بياع الخمر كما ذكره ابن حبان والذهبي (2) وفيه سهيل قال الدوري عن ابن معين: سهيل والعلاء بن عبد الرحمن حديثهما قريب من السواء وليس حديثهما بحجة ، وقال: لم يزل أصحاب الحديث يثقون حديثه وقال: ضعيف ، وسئل مرة فقال: ليس بذاك ، وقال غيره: إنما أخذ عنه مالك قبل التغير . وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به . وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ . وذكر العقيلي عن يحيى أنه قال: هو صويلح وفيه لين . ميزان الاعتدال 1: 432 ، تهذيب التهذيب 4: 264 . 22 - ذكر القاضي أبو يوسف في الآثار ص 207 عن أبي حنيفة: إن رجلا أتى عليا رضي الله عنه فقال: ما رأيت أحدا خيرا منك فقال له: هل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: لا . قال: فهل رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ؟ قال: لا . قال: لو أخبرتني: أنك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) اسمه عثمان ، ومحمد تصحيف . (2) راجع ميزان الاعتدال 2: 265 ، لسان الميزان 4: 316 .
/ صفحة 94 / رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ضربت عنقك ، ولو أخبرتني: أنك رأيت أبا بكر وعمر لأوجعنك عقوبة . قال الأميني: إنك لو أمعنت النظر فيما ذكرناه في ترجمة أبي يوسف في ج 8 ص 30 ، 31 طبع 1 ، لأغناك عن مؤنة البرهنة على تفنيد هذه الرواية وما يجري مجراها . على أنها مضادة لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله من أن عليا خير البشر وما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم من تأويل قوله سبحانه: أولئك هم خير البرية . بعلي عليه السلام وشيعته (1) فالرواية مخالفة للكتاب والسنة فأحر بها أن تضرب عرض الجدار . وإنها على طرف نقيض مع نظرية أمير المؤمنين عليه السلام في نفسه عند مقايستها مع القوم ، فهو الذي يقول: متى وقع الشك في مع الأول حتى صرت أقرن بهذه النظائر . ويقول: لقد تقمصها ابن أبي قحافة وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى . إلى كثير مما يشبه بعضه بعضا من نظائر هذا القول . راجع غير واحد من أجزاء هذا الكتاب . 23 - أخرج ابن عدي عن محمد بن نوح ، ثنا جعفر بن محمد الناقد ، ثنا عمار بن هارون المستملي البصري ، نا قزعة بن سويد البصري ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس رفعه: ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر . وفيه: وأبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى . وأخرجه من طريق ابن جرير الطبري عن بشير بن دحية عن قزعة بن سويد(2) أقول: في الاسناد عمار المستملي الدلال ، قال أبو الضريس: سألت ابن المديني عنه فلم يرضه ، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ . وقال أيضا: يسرق الحديث . وقال العقيلي: قال لي موسى بن هارون: عمار أبو ياسر متروك الحديث . وقال الخطيب: سمع منه أبو حاتم ولم يرو عنه وقال: متروك الحديث وقال ابن حبان: ربما أخطأ . [ ميزان الاعتدال 2: 245 ، تهذيب التهذيب 7: 407 ] وفيه قزعة أبو محمد البصري ، قال أحمد: مضطرب الحديث وقال أيضا: شبه المتروك . وقال أبو حاتم: ليس بذاك القوي محله الصدق وليس بالمتين يكتب حديثه ولا يحتج به ، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع ما مر في ج 2: 57 ط 2 ، و ج 3: 22 ط 2 . (2) ميزان الاعتدال 2: 245 ، لسان الميزان 2: 23 .
/ صفحة 95 / وقال البخاري: ليس بذاك القوي . وقال الآجري: سألت أبا داود عن قزعة فقال: ضعيف كتبت إلى العباس العنبري أسأله عنه فكتب إلي أنه ضعيف ، وقال النسائي: ضعيف وقال ابن حبان: كان كثير الخطأ فاحش الوهم ، فلما كثر ذلك في روايته سقط الاحتجاج بأخباره ، وقال البزار: لم يكن بالقوي . وقال العجلي: فيه ضعيف (1) وفي إسناد الطبري بشر بن دحية ، ضعفه الذهبي وقال بعد رواية هذا الحديث عنه: هذا كذب ومن بشر ؟ وقال: قزعة ليس بشئ (2) . 24 - أخرج الحافظ العاصمي في زين الفتى شرح سورة هل أتى من طريق الحاكم أبي أحمد عن أبي ميمون أحمد بن محمد بن ميمون بن كوثر بن حكيم الهمداني بحلب عن إسحاق بن إبراهيم بن الأخيل العبسي عن ميسر (3) بن إسماعيل ، عن الكوثر بن حكيم الهمداني عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: إن أرأف أمتي لها أبو بكر ، وإن أجلها في أمر الله لعمر ، وإن أشدها حياء عثمان ، وإن أقضاها لعلي ، وإن اقرأها لأبي ، وإن أفرضها زيد بن ثابت ، وإن أصدقها لهجة أبو ذر ، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ بن جبل ، وإن حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة الجراح . قال الأميني: في الاسناد مجاهيل يروي واحد عن آخر عن كوثر وهو كما قال أبو زرعة: ضعيف . وقال يحيى بن معين: ليس بشئ . وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه بواطيل ليس بشئ . وقال الدارقطني وغيره مجهول ، وقال: ضعيف منكر الحديث ، وقال الجوزجاني: لا يحل كتابة حديثه عندي لأنه متروك ، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ ، وقال ابن أبي حاتم ؟ سألت أبي عنه فقال: ضعيف الحديث ، قلت: هو متروك ؟ قال: لا ، ولا أعلم له حديثا مستقيما وهو ليس بشئ ، وقال الساجي: ضعيف . وقال - البرقاني والدارقطني: متروك الحديث ، وقال الحاكم وأبو نعيم: روى أحاديث مناكير ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 2: 347 . (2) ميزان الاعتدال 2: 245 ، لسان الميزان 2: 23 . (3) كذا والصحيح بشر بن إسماعيل . ولا يهمنا عرفان الصحيح من السقيم في المقام إذ بشر أيضا كميسر مجهول منكر لا يعرف كما في لسان الميزان .
/ صفحة 96 / وذكره العقيلي والدولابي وابن الجارود وابن شاهين في الضعفاء ، وقال أبو الفتح: ضعيف(1). 25 - أخرج الحافظ العاصمي في زين الفتى عن سلسلة مجاهيل تنتهي إلى علي بن يزيد عن أبي سعد البقال عن أبي محجن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أرأف الناس بهذه الأمة أبو بكر الصديق ، وأقواها بأمر الله عمر ، وأشدها حياء عثمان ، وأعلمها بفصل قضاء علي بن أبي طالب ، وأعلمها بحساب الفرائض زيد بن ثابت ، وأعلمها بناسخ من منسوخ معاذ بن جبل ، وأقرأها أبي بن كعب ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح . قال الأميني: من رجال الاسناد بعد المجاهيل علي بن يزيد وهو أبو الحسن الكوفي الأكفاني نظرا إلى طبقته ، قال أبو حاتم: ليس بقوي منكر الحديث عن الثقات ، وقال ابن عدي: أحاديثه لا تشبه أحاديث الثقات وعامة ما يرويه لا يتابع عليه(1) . عن أبي سعد البقال الكوفي سعيد بن المرزبان الأعور قال ابن معين: ليس بشئ لا يكتب حديثه ، وقال عمرو بن علي: ضعيف الحديث ، متروك الحديث ، وقال أبو زرعة: لين الحديث مدلس ، وقال البخاري: منكر الحديث ، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه ، وقال النسائي: ضعيف ، وقال أيضا ، ليس بثقة ولا يكتب حديثه ، وقال الدارقطني: متروك . وقال الساجي: صدوق فيه ضعف ، وقال العجلي: ضعيف ، وقال ابن حبان: كثير الوهم فاحش الخطأ (2) وقال ابن حجر في الإصابة 4: 174: أبو سعيد ضعيف ولم يدرك أبا محجن . عن أبي محجن الثقفي وما أدراك ما الثقفي: كان يدمن الخمر ، منهمكا في الشراب ، حده عمر في سبع مرات ونفاه إلى جزيرة في البحر ، وبعث معه رجلا فهرب منه ، وهو صاحب الشعر الدائر السائر: إذا مـــــت فادفني إلى جنب كرمة * تروي عظامي بعد موتي عروقها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 2: 359 ، لسان الميزان 4: 491 . (2) تهذيب التهذيب 7: 395 . (3) تهذيب التهذيب 4: 79 .
/ صفحة 97 / ولا تـــدفنني بالفــــــــلاة فإنني * أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها هذا أبو محجن فانظر ماذا ترى ، وأنت بين أمرين إما أن تأخذ بكتاب الله وفيه قوله تعالى: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا (1) وإما أن تجنح إلى ما جاء به القوم من خرافة: الصحابة كلهم عدول . لا يستوي الحسنة ولا السيئة ، لا يستوي أصحاب النار و أصحاب الجنة ، لا يستوي الخبيث والطيب ، أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون . 26 - أخرج الحافظ العاصمي في زين الفتى بإسناده عن أبي علي الهروي عن المأمون عن أحمد بن سعد العبادي عن يزيد بن هارون عن عبد الأعلى بن مسافر عن الشعبي عن المصطلقي رجل من بني المصطلق قال: بعثني قومي بنو المصطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون إلى من يدفعون صدقاتهم بعد وفاته فلقيني علي بن أبي طالب فسألني فقلت: أرسلني قومي بنو المصطلق إلى رسول الله فسألونه إلى من يدفعون صدقاتهم بعده فقال علي: إذا سألته فأخبرني ما قال لك فأتى رسول الله فأخبره أن قومه أرسلوه يسألونه إلى من يدفعون صدقاتهم بعدك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إدفعوها إلى أبي بكر فرجع المصطلقي إلى علي فأخبره فقال له علي: ارجع إليه فسائله إن كان أبو بكر يموت إلى من يدفعونها ؟ فأتاه فسأله فقال: ادفعوها إلى عمر . فرجع إلى علي فأخبره فقال له علي: ارجع فقل له: إن كان عمر يموت إلى من يدفعونها ؟ فقال: ادفعوها إلى عثمان . فرجع إلى علي فأخبره فقال له علي: ارجع فسائله إلى من يدفعونها بعد عثمان ، فقال له - الرجل: إني لأستحي أن أرجع بعد هذا . قال الأميني: هلم معي نقرأ صحيفة مما جاء في رجال إسناد هذه الرواية التي تبنى عليها وعلى أمثالها الخلافة الإسلامية عند بعض رجالات القوم . 1 - أبو علي الهروي هو أحمد بن عبد الله الجويباري (2) قال ابن عدي: كان يضع الحديث لابن كرام على ما يريده ، فكان ابن كرام يخرجها في كتبه عنه . وقال ابن حبان: دجال من الدجاجلة ، روى عن الأئمة ألوف حديث ما حدثوا بشئ عنها . وقال النسائي: كذاب . وقال الذهبي: ممن يضرب المثل بكذبه ، وقال البيهقي: إني أعرفه ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات: 49 . (2) الجويبار من أعمال الهراة ويعرف بستوق .
/ صفحة 98 / حق المعرفة بوضع الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد وضع عليه أكثر من ألف حديث وسمعت الحاكم يقول: هو كذاب خبيث ووضع كثيرا في فضائل الأعمال لا تحل رواية حديثه من وجه ، وقال الخليلي: كذاب يروي عن الأئمة أحاديث موضوعة ، وكان يضع لابن كرام أحاديث مصنوعة ، وكان ابن كرام يسمعها وكان مغفلا . وقال أبو سعيد النقاش: لا نعرف أحدا أكثر وضعا منه . إلى كلمات أخرى لدة هذه . ميزان الاعتدال 1: 50 ، لسان الميزان 1: 193 ، اللئالي المصنوعة 1: 21 ، الغدير 5: 214 ط 2 . 2 - المأمون بن أحمد السلمي الهروي يروي عنه الجويباري ، قال ابن حبان: دجال . وقال ابن حبان أيضا: سألته متى دخلت الشام ؟ قال: سنة خمسين ومأتين ، قلت: فإن هشاما الذي تروي عنه مات سنة خمس وأربعين ومائتين ، فقال: هذا هشام بن عمار آخر . ومما وضع على الثقات (فذكر حديثا) ثم قال: وإنما ذكرته ليعرف كذبه لأن الأحداث كتبوا عنه بخراسان . وقال أبو نعيم: خبيث وضاع يأتي عن الثقات مثل هشام ودحيم بالموضوعات ، ومثله يستحق من الله تعالى ومن الرسول ومن المسلمين اللعنة . و قال الحاكم في المدخل بعد ذكر حديث عنه: ومثل هذه الأحاديث يشهد من رزقه الله أدنى معرفة بأنها موضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كما قال . وقال الذهبي: أتى بطامات وفضائح . ميزان الاعتدال 3: 4 ، لسان الميزان 5: 7 . 3 - أحمد بن سعد العبادي ، لا أعرفه ولم أجد له ذكرا في الكتب والمعاجم . 4 - عبد الأعلى بن مسافر (الصحيح: ابن أبي المساور) الزهري أبو مسعود الجرار الكوفي نزيل المدائن . قال ابن معين: ليس بشئ . زاد إبراهيم: كذاب ، وعن ابن معين أيضا ليست بثقة . وعن علي بن المديني: ضعيف ليس بشئ . وقال ابن عمار الموصلي: ضعيف ليس بحجة . وقال أبو زرعة: ضعيف جدا ، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث يشبه المتروك ، وقال البخاري: منكر الحديث ، وقال أبو داود: ليس بشئ . وقال النسائي: متروك الحديث . وقال في موضع آخر: ليس بثقة ولا مأمون . وقال ابن نمير: متروك الحديث . وقال الدارقطني: ضعيف: وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم . وقال الساجي: منكر الحديث . وقال أبو نعيم الاصبهاني: ضعيف جدا ليس بشئ .
/ صفحة 99 / تهذيب التهذيب 6: 48 . 27 - أخرج البخاري في تاريخه الكبير 4 ق 2: 442 عن إسحاق بن إبراهيم عن عمرو بن الحارث الزبيدي عن ابن سالم عن الزبيدي قال حميد بن عبد الله عن عبد - الرحمن بن أبي عوف ، عن ابن عبد ربه عن عاصم بن حميد قال: كان أبو ذر يقول: إلتمست النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حوائط المدينة فإذا هو قاعد تحت نخلة فسلم علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما جاء بك ؟ فقال: جئت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يجلس وقال: ليأتينا رجل صالح فسلم أبو بكر ، ثم قال: ليأتينا رجل صالح فجاء عمر فسلم ، وقال: ليأتينا رجل صالح فأقبل عثمان بن عفان ، ثم جاء علي فسلم فرد عليه مثله ، ومع النبي صلى الله عليه وسلم حصيات فسبحن في يده فناولهن أبا بكر فسبحن في يده ، ثم عمر فسبحن في يده ، ثم عثمان فسبحن في يده . رجال الاسناد: 1 - إسحق بن إبراهيم الحمصي المعروف بابن زبريق ، قال النسائي: ليس بثقة وقال محمد بن عون: ما أشك أن إسحاق بن زبريق يكذب (1) . 2 - عمرو بن الحارث الحمصي ، قال الذهبي: لا تعرف عدالته (2) . 3 - عبد الله بن سالم الشامي الحمصي . كان يذمه أبو داود لقوله: أعان علي على قتل أبي بكر وعمر (3) فالرجل ناصبي لا يصغى إلى قيله وأحسب أنه آفة الرواية وهي كما ترى يطفح النصب من جوانبها . 4 - حميد بن عبد الله أو حميد بن عبد الرحمن ، مجهول لا يعرف . 5 - ابن عبد ربه ، إن كان هو محمد المروزي فهو ضعيف كما في لسان الميزان 5: 244 ، وإن كان غيره فهو مجهول ، ونفس البخاري الذي ذكره لا يعرف منه إلا أنه [ ابن عبد ربه ] ولا يسميه ولا يذكر له غير روايته هذه . 6 - عاصم بن حميد الحمصي الشامي ، قال البزار: لم يكن له من الحديث ما نعتبر ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 1: 216 . (2) تهذيب التهذيب 8: 14 . (3) تهذيب التهذيب 5: 228 .
/ صفحة 100 / به حديثه ، وقال ابن القطان: لا نعرف أنه ثقة (1) 7 - أبو ذر الغفاري ، أنا لا أدري أن أبا ذر هذا هل هو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ؟ أو الذي يقول فيه عثمان: إنه شيخ كذاب ، ورآه أهلا لأن يهلك في المنفى ؟ ولست أدري من الحكم هيهنا هل الذي يخضع لقول النبي صلى الله عليه وآله ؟ أو الذي يبرر موقف عثمان ويبرءه عن كل شية ، وعلى كل ففي من قبله من رواة السوء كفاية في تفنيد الحديث . ولعل الباحث بعد قرائة ما سردناه من حديث أبي ذر ومواقفه ونقمته على عثمان وما جرى بينهما لا يذعن قط بهذه الأفيكة ولا يصدق أن يكون أبو ذر الصادق المصدق هو صاحب هذه الرواية المختلقة . وهذا الاسناد الملفق من رجال حمص (2) يذكرني قول ياقوت الحموي في معجم البلدان 3: 341 قال: ومن عجيب ما تأملته من أمر حمص فساد هوائها وتربتها اللذين يفسدان العقل حتى يضرب بحماقتهم المثل ، إن أشد الناس على علي رضي الله عنه بصفين مع معاوية كان أهل حمص ، وأكثرهم تحريضا عليه وجدا في حربه ، فلما انقضت تلك الحروب ومضى ذلك الزمان صاروا من غلاة الشيعة ، حتى أن في أهلها كثيرا ممن رأى مذهب النصيرية ، وأصلهم الإمامية الذين يسبون السلف ، فقد التزموا الضلال أولا وأخيرا ، فليس لهم زمان كانوا فيه على الصواب . لفظ آخر بإسناد آخر: أخرج البيهقي عن أبي الحسن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفار عن محمد بن يونس الكديمي عن قريش بن أنس عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن رجل يقال له: سويد بن يزيد السلمي [ أو: الوليد بن سويد ] قال: سمعت أبا ذر يقول: لا أذكر عثمان إلا بخير بعد شئ رأيته ، كنت رجلا أتبع خلوات رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يوما جالسا وحده فاغتنمت خلوته فجئت حتى جلست إليه فجاء أبو بكر فسلم عليه ثم جلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء عمر فسلم وجلس عن يمين أبي بكر، ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 5: 40 . (2) بالكسر ثم السكون والصاد المهملة بلد كبير بين الشام وحلب في نصف الطريق يذكر ويؤنث .
/ صفحة 101 / ثم جاء عثمان فسلم ثم جلس عن يمين عمر ، وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع حصيات ، أو قال تسع حصيات فأخذهن في كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم أخذهن فوضعهن في كف أبي بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم تناولهن فوضعن في يد عمر فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم تناولهن فوضعهن في يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النخل ، ثم وضعهن فخرسن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذه خلافة النبوة (1) . قال الأميني: هذا الاسناد مضافا إلى ما في رجاله من المجهول والضعيف ومن تغير عقله (2) وأسنده إليه من سمع عنه بعد اختلاطه كما في تهذيب التهذيب 8: 375 . فيه: محمد بن يونس الكديمي وقد عرفناك ترجمته في الجزء التاسع 311 ط 1 ، وإنه كذاب وضاع من بيت عرف بالكذب . كان يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى العلماء ولعله وضع على الثقات أكثر من ألف حديث . اقرأ واعجب من خلافة تدعم بمثل هذه الخزاية ، ثم اعجب من حفاظ أخرجوها في تآليفهم محتجين بها ساكتين عنها وهم يعلمون ما فيها من العلل ، وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون . لفت نظر: من عجيب ما نراه في هذه الرواية وأمثالها من الموضوعات في مناقب الثلاثة أو الأربعة تنظيم هذا الصف المنضد كالبنيان المرصوص الذي لا اختلاف فيه . فلا يأتي قط أولا إلا أبو بكر ، وثانيا إلا عمر ، وثالثا إلا عثمان ، ورابعا إن كان لهم رابع إلا علي عليه السلام سبحان الله فكأنهم متبانون على هذا الترتيب ، فلا يتقدم أحد أحدا ، ولا يتأخر أحد عن أحد ، ففي حديث التسبيح: جاء أبو بكر فسلم ، ثم جاء عمر فسلم ، ثم جاء عثمان فسلم ، ثم جاء علي فسلم . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ ابن كثير 6: 132 ، الخصايص الكبرى 2: 74 . (2) هو قريش بن أنس المترجم في تهذيب التهذيب لابن حجر / صفحة 102 / وفي حديث البستان عن أنس: جاء أبو بكر ، ثم جاء عمر ، ثم جاء عثمان (1) . وفي حديث بئر أريس عن أبي موسى: جاء أبو بكر ، ثم جاء عمر ، ثم جاء عثمان (2) وفي حديث استيذانهم على النبي صلى الله عليه وآله وهو مضطجع على فراشه عن عائشة: استأذن أبو بكر ، ثم جاء عمر فاستأذن ، ثم جاء عثمان فاستأذن . راجع ص 274 من الجزء التاسع وفي حديث الفخذ والركبة: استأذن أبو بكر ، ثم جاء عمر فاستأذن ، ثم جاء عثمان فاستأذن . كما مر في الجزء التاسع ص 274 ، 275 ط 2 . وفي حديث جابر بالأسواف: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلع أبو بكر ، ثم طلع عمر ، ثم طلع عثمان . مجمع الزوائد 9: 57 . وفي حديث حائط من حوائط المدينة عن بلال جاء أبو بكر يستأذن ، ثم جاء عمر ، ثم جاء عثمان . فتح الباري 7: 30 . وفي حديث التبشير بالجنة عن عبد الله بن عمر: جاء أبو بكر فاستأذن ، ثم جاء عمر فاستأذن ، ثم جاء عثمان فاستأذن (3) . وفي حديث خطبة الزهراء فاطمة سلام الله عليها: جاء أبو بكر ، ثم عمر ، ثم علي . ذخائر العقبى ص 27 . وفي حديث بناء مسجد المدينة عن عايشة: جاء أبو بكر بحجر فوضعه ، ثم جاء عمر بحجر فوضعه ، ثم جاء عثمان بحجر فوضعه (4) . فهل هذا حكم القدر يأتي بهم متتابعين ؟ أو قضية التباني طيلة حياة النبي الأقدس صلى الله عليه وآله وسلم فلا يقبلون إلا بهذا الترتيب ؟ أو هو من حكم الطبيعة فلا يختلف ولا يتخلف ؟ أو أنه من ولائد الاتفاق لكنه لم يتفاوت في أي من الموارد ؟ أو أنه من مشتهيات الوضاعين الذين يتحرون ترتيب الفضيلة هكذا ؟ ولعل القول بالأخير هو المتعين فحسب . 28 - عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده . وفي لفظ: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مسجد المدينة ، فجعل يقول: أين فلان ؟ أين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع الجزء الخامس ص 285 . (2) راجع الصحيحين وغيرهما وحسبك تاريخ ابن كثير 6: 204 . (3) تاريخ ابن كثير 7: 202 . (4) راجع الجزء الخامس ص 287 .
/ صفحة 103 / فلان ؟ فلم يزل يبعث إليهم ويتفقدهم حتى اجتمعوا عنده فلما توافوا عنده حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني محدثكم حديثا فاحفظوه وعوه وحدثوا به من بعدكم ، إن الله عز وجل اصطفى من خلقه خلقا ثم تلا: والله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس خلقا يدخلهم الجنة ، وإني أصطفي منكم من أحب أن أصطفيه ومواخ بينكم كما آخى الله عز وجل بين ملائكته ، فقم يا أبا بكر ! فقام فجثا بين يديه فقال: إن لك عندي يدا الله يجزيك بها ، فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك خليلا ، فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي ، وحرك قميصه بيده . ثم قال: ادن يا عمر ! فدنا منه فقال: لقد كنت شديد الشغب علينا يا أبا حفص ! فدعوت الله أن يعز الاسلام بك أو بأبي جهل ، ففعل الله ذلك بك وكنت أحبهما إلى الله ، فأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه الأمة ، ثم آخى بينه وبين أبي بكر . ثم دعا عثمان فقال: ادن يا أبا عمرو ! فلم يزل يدنو منه حتى ألصق ركبتيه بركبتيه فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء فقال: سبحان الله العظيم . ثلاث مرات . ثم نظر إلى عثمان وكانت أزراره محلولة فزرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال: اجمع عطفي رداءك على نحرك ، إن لك شأنا في أهل السماء ، أنت ممن يرد علي حوضي (وفي لفظ: يرد علي يوم القيامة) وأوداجك تشخب دما ، فأقول لك: من فعل بك هذا ؟ فتقول: فلان وفلان ، وذلك كلام جبرئيل إذا هتف من السماء فقال: ألا إن عثمان أمير على كل مخذول . ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: ادن يا أمين الله ! أنت أمين الله ، وتسمى في السماء: الأمين ، يسلطك الله على مالك بالحق ، أما إن لك عندي دعوة وعدتكها وقد أخرتها فقال: خر لي يا رسول الله ، قال: حملتني يا عبد الرحمن ! أمانة ثم قال: إن لك شأنا يا عبد الرحمن ! أما إنه أكثر الله مالك وجعل يقول بيده: هكذا وهكذا ، ثم آخى بينه وبين عثمان . ثم دعا طلحة والزبير فقال: ادنوا مني فدنوا منه فقال لهما: أنتما حواري كحواري عيسى بن مريم ثم آخى بينهما . ثم دعا عمار بن ياسر وسعدا فقال: يا عمار ! تقتلك الفئة الباغية ، ثم آخى بينهما ، ثم دعا عويمر بن زيد أبا الدرداء وسلمان الفارسي وقال: يا سلمان ! أنت منا أهل البيت / صفحة 104 / وقد آتاك الله العلم الأول والآخر والكتاب الأول والكتاب الآخر ، ثم قال: ألا أرشدك يا أبا الدرداء ؟ قال: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! قال: إن تفتقدهم تفقدوك وإن تركتهم لا يتركوك ، وإن تهرب منهم يدركوك ، فاقرضهم عرضك ليوم فقرك ، واعلم أن الجزاء أمامك . ثم آخى بينهما . ثم نظر في وجوه أصحابه فقال: أبشروا وقروا عينا ، أنتم أول من يرد علي الحوض وأنتم في أعلى الغرف ، ثم نظر إلى عبد الله بن عمر وقال: الحمد لله يهدي من الضلالة من يحب ، ويلبس الضلالة على من أحب ، فقال علي: يا رسول الله ! لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخط علي فلك العتبي والكرامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووارثي ، قال: يا رسول الله ! وما أرث منك ؟ قال: ما ورثت الأنبياء من قبلي . قال: ما ورثته الأنبياء من قبلك ؟ قال: كتاب ربهم وسنة نبيهم ، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي (وأنت أخي ورفيقي) (1) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إخوان على سرر متقابلين . الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض . قال الأميني: قال أبو عمر في الاستيعاب 1: 191 في ترجمة زيد بن أبي أوفى: روى حديث المواخاة بتمامه إلا أن في إسناده ضعفا . وقال ابن حجر في الإصابة 1: 510: روى حديثه ابن أبي حاتم والحسن بن سفيان والبخاري في التاريخ الصغير من طريق ابن شرحبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله مسجد المدينة فجعل يقول: أين فلان ؟ أين فلان ؟ فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده . فذكر الحديث في إخاء النبي صلى الله عليه وآله ولحديثه طرق عن عبد الله بن شرحبيل ، وقال ابن السكن: روي حديثه من ثلاث طرق ليس فيها ما يصح ، وقال البخاري: لا يعرف سماع بعضهم من بعض ، ولا يتابع عليه ، رواه بعضهم عن ابن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفي ولا يصح . وقفنا من طرق الرواية الثلاث المعزوة إليها على طريقين أحدهما طريق أبي إسحاق ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) هذه الزيادة في بعض الألفاظ .
/ صفحة 105 / إبراهيم بن محمد بن سفيان المجهول عن . محمد بن يحيى بن إسماعيل السهمي التمار ، قال الدارقطني: ليس بالمرضي . عن نصر بن علي الثقة إن كان هو الجهضمي كما هو الظاهر . عن عبد المؤمن بن عباد ، ضعفه أبو حاتم ، وقال البخاري: لا يتابع على حديثه ، وذكره الساجي وابن الجارود في الضعفاء (1) . عن يزيد بن سفيان ، قال الذهبي: ضعفه ابن معين . وقال النسائي: متروك . وقال شعبة: لو يعطى درهما لوضع حديثا . له نسخة منكرة تكلم فيه ابن حبان . وقال ابن حبان: نسخة مقلوبة لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد لكثرة خطائه ومخالفة الثقات في الروايات ، وقال العقيلي في الضعفاء: لا يعرف بالنقل ولا يتابع على حديثه (2) عن عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش . الله يعلم من الرجل ، وهل ولد هو أو لم يخلق بعد ، عن زيد بن أبي أوفى . رجال الطريق الثاني: عبد الرحيم بن واقد الواقدي الخراساني الراوي عن شعيب الأعرابي ، قال الخطيب في تاريخه 11: 85: في حديثه مناكير لأنها عن الضعفاء والمجاهيل . عن شعيب بن يوسن الأعرابي من أولئك الضعفاء أو المجاهيل الذين أو عز إليهم الخطيب في عبد الرحيم الواقدي: عن موسى بن صهيب . قال ابن حجر في اللسان: لا يكاد يعرف ، عن يحيي بن زكريا ، قال ابن عدي: كان يضع الحديث ويسرق ، وذكر ابن الجوزي حديثا باطلا وقال: هذا حديث موضوع بلا شك والمتهم به يحيى ، قال يحيى بن معين: هو دجال هذه الأمة (3) عن عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش ، هذا الانسان الذي تنتهي إليه أسانيد ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 2: 156 ، لسان الميزان 4: 76 . (2) ميزان الاعتدال 3: 312 ، لسان الميزان 6: 288 . (3) لسان الميزان 6: 253 .
/ صفحة 106 / الرواية ولعله هو آفتها لم يعرف من هو ، إن كان قد خلق . هذه طرق الرواية وتلك نصوص البخاري وابن السكن وأبي عمر وابن حجر على بطلانها وإنها ليس فيها ما يصح ، على أن المؤاخاة بين المهاجرين وقعت بمكة قبل الهجرة والتي حدثت بالمدينة بعد الهجرة بخمسة أشهر ، هي المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار فأبو بكر فيها أخو خارجة بن زيد الأنصاري ، وعمر أخو عتبان بن مالك ، وعثمان أخو أوس بن ثابت ، والزبير أخو سلمة بن سلامة ، وطلحة أخو كعب بن مالك ، وعبد الرحمن بن عوف أخو سعد بن الربيع (1) . فقول مختلق الرواية: دخلت على رسول الله مسجده . أو قوله: خرج علينا رسول الله ونحن في مسجد المدينة . أقوى شاهد على اختلاقها . وإن تعجب فعجب إخراج غير واحد من الحفاظ هذه الرواية بين من أرسلها إرسال المسلم محذوف الاسناد كالمحب الطبري في الرياض النضرة 1 ص 13 ، وبين من أسندها بهذه الطرق الوعرة من دون أي غمز فيها كابن عساكر في تاريخه والعاصمي في زين الفتى ، وأعجب من ذلك تدعيم الحجة على الخصم بها ، والركون إليها في تشييد الأحداث والمبادي الساقطة قال العاصمي: في هذا الحديث من العلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أثنى على أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وآخا بينهم ، وأشار إلى ما يصيب عثمان من القوم ، ولم يجعله في ذلك مليما ولا سماه ذميما ، فلا ينبغي لمسلم أن يبسط لسانه فيهم بما كان من بعضهم إلى بعض لأنه عليه السلام لم يواخ بينهم في الدنيا إلا وهم يكونون إخوة في الآخرة ، وفيه من العلم أيضا: إن النبي صلى الله عليه وسلم سمى المرتضى أخا ووارثا ثم بين إرثه وجعلها كتاب الله وسنة الرسول ، ولم يجعل فدك وخيبر إرثا منه ، تبين من ذلك بطلان قول الرافضة والله المستعان . ا ه . ومن العجب جدا حسبان العاصمي انفتاح بابين من العلم له من هذه الرواية الباطلة ، وأي علم هذا مصدره شكوك وأوهام وأكاذيب ؟ أنا لست أدري كيف راق العاصمي الاحتجاج بمثلها من رواية تافهة فضلا عن أن يستخرج منها كنز علمه الدفين ويرجع إليها في الحكم كأنه يستند إلى ركن وثيق ويغفل أو يغافل عن أنه مرتكن ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع ما أسلفناه من المصادر في الجزء التاسع صفحة 316 طبع 1 .
/ صفحة 107 / إلى شفا جرف هار ، على أنا فندنا في أجزاء كتابنا هذا أكثر ما فيها من الفضائل . ثم إن هذه المقولات التي تضمنتها الرواية على فرض صدورها كانت بمشهد ومسمع من الصحابة ، أو سمعها على الأقل كثيرون منهم ، ومن أولئك السامعين الذين وعوها طلحة والزبير وعمار ، فلماذا لم يرجع إليها أحد منهم يوم تشديد الوطئة على عثمان ، وفي الحصارين ، وحول واقعة الدار ؟ فهل اتخذوها ظهريا يومئذ مستخفين بها ؟ حاشاهم وهم الصحابة العدول كما يزعمون ، أو أنهم نسووها كما نسيت مثلها أمهم عائشة من حديث الحوأب (1) فلم يذكروها حتى وضعت الفتنة أوزارها ، وهذا كما ترى ولعله لا يفوه به ذو مسكة . وأما العلم الثاني الذي استخرج كنزه العاصمي من حصر إرث أمير المؤمنين علي من رسول الله بالكتاب والسنة ، وفند حديث فدك وخيبر ، وشنع على الشيعة بذلك فأتفه مما قبله فإن الشيعة لا تدعي لأمير المؤمنين عليه السلام الإرث المالي ولا ادعاه هو صلوات الله عليه لنفسه يوم كان يطالبهم بفدك ، وإنما كان يبغيها لأنها حق لابنة عمه الصديقة الطاهرة سواء كانت نحلة لها من أبيها كما هو الصحيح أو إرثا على أصول المواريث التي جاء بها الكتاب والسنة على تفصيل عسى أن نتفرغ له ، في غير هذا الموضع من الكتاب ، فمؤاخذة الشيعة بتلك المزعمة المختلقة تقول عليهم ، وما أكثر ما افتعلت عليهم الأكاذيب ، فإن ما تدعيه الشيعة من إرث الإمام عليه السلام عن مخلفه ومشرفه صلى الله عليه وآله لا يشذ عما أجمعت عليه أهل السنة ، وهو من براهين الخلافة له عليه السلام قال الحاكم: لا خلاف بين أهل العلم أن ابن عم لا يرث من العم فقد ظهر بهذا الإجماع أن عليا ورث العلم من النبي دونهم (2) فهذه الوراثة الخاصة لعلي عليه السلام من بين الأمة عبارة أخرى عن الخلافة عنه صلى الله عليه وآله وسلم التي من أجلها كان ترث الأوصياء الأنبياء . 29 - في الصحيحين (3) من حديث محمد بن مسكين البصري عن يحيي بن حسان البصري عن سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر عن سعيد بن المسيب عن أبي موسى ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع الجزء الثالث ص 188 - 191 طبع 2 . (2) راجع الجزء الثالث ص 100 طبع 2 . (3) صحيح البخاري 5: 250 ، 251 كتاب المناقب ، صحيح مسلم 7: 118 ، 119 كتاب المناقب .
/ صفحة 108 / عند الأشعري قال: توضأت في بيتي ثم خرجت فقلت: لأكونن اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت المسجد فسألت عنه فقالوا: خرج وتوجه هيهنا ، فخرجت في أثره حتى جئت بئر أريس فمكث بابها حتى علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قضى حاجته وجلس ، فجئته فسلمت عليه فإذا هو قد جلس على قف (1) بئر أريس (2) فتوسطه ثم دلى رجليه في البئر وكشف عن ساقيه فرجعت إلى الباب وقلت: لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أنشب أن دق الباب فقلت: من هذا ؟ قال: أبو بكر: قلت: على رسلك ، وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن ، فقال: ائذن له وبشره بالجنة ، قال: فخرجت مسرعا حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة ، قال: فدخل حتى جلس إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم في القف على يمينه ودلى رجليه وكشف عن ساقيه كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثم رجعت وقد كنت تركت أخي يتوضأ وقد كان قال لي: أنا على إثرك ، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا يأت به ، قال: فسمعت تحريك الباب ، فقلت: من هذا ؟ قال: عمر . قلت: على رسلك ، قال: وجئت النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وأخبرته ، فقال: ائذن له وبشره بالجنة ، قال: فجئت وأذنت له وقلت له: رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة ، قال: فدخل حتى جلس مع رسول الله على يساره ، وكشف عن ساقيه ودلى رجليه في البئر كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قال: ثم رجعت فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا يأت به ، يريد أخاه ، فإذا تحريك الباب ، فقلت: من هذا ، قال: عثمان بن عفان ، قلت: على رسلك ، وذهبت إلى رسول الله فقلت: هذا عثمان يستأذن ، فقال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه ، قال: فجئت فقلت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يأذن لك ويبشرك بالجنة على بلوى أو بلاء يصيبك ، فدخل وهو يقول: الله المستعان فلم يجد في القف مجلسا فجلس وجاههم من شق البئر ، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر كما صنع أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم اجتمعت وانفرد عثمان . قال الأميني: نحن لا نناقش في إسناد هذه الرواية للاضطراب الواقع فيه ، فإنها ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) قف البئر: الدكة التي تجعل حولها . (2) بستان في قباء قرب المدينة المشرفة .
/ صفحة 109 / تروى عن أبي موسى الأشعري كما سمعت ، وعن زيد بن أرقم وهو صاحب القصة فيما أخرجه البيهقي في الدلائل ، وعن بلال وهو البواب في القضية فيما أخرجه أبو داود ، وعن نافع بن عبد الحرث وهو البواب ، كما في إسناد أحمد في المسند 3: 408 . ولا نضعفه لمكان البصريين الذين لهم قدم وقدم في اختلاق الحديث ووضع الطامات على الرسول الأمين صلى الله عليه وآله ، ولا نؤاخذ من رجاله سليمان بن بلال بقول ابن أبي شيبة: إنه ليس ممن يعتمد على حديثه (1) ولا نزيفها لمكان ابن أبي نمر لقول النسائي وابن الجارود: إنه ليس بالقوي ، وقول ابن حبان: ربما أخطأ ، وقول ابن الجارود أيضا: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه . وقول الساجي: كان يرى القدر (2) ولا نغمز فيها بمكان سعيد بن المسيب الذي مر الايعاز إلى ترجمته في الجزء الثامن ص 9 ، ولا نتكلم في منتهى السلسة أبي موسى الأشعري الصحابي ، إذ الصحابة كلهم عدول عند القوم ، وإن لا يسعنا الاخبات إلى مثل هذا الرأي البهرج المحدث والصفح عن قول الإمام الطاهر أمير المؤمنين عليه السلام الوارد في أبي موسى الأشعري وصاحبه عمرو بن العاص: ألا إن هذين الرجلين اللذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما ، وأحييا ما أمات القرآن ، وأماتا ما أحيى القرآن ، واتبع كل واحد منهما هواه بغير هدى من الله فحكما بغير حجة بينة ، ولا سنة ماضية ، واختلفا في حكمهما ، وكلاهما لم يرشد ، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين (3) فأي جرح أعظم من هذا ؟ وأي عدل يتصور في الرجل عندئذ ؟ ولا نقول أيضا بأن عناية القوم بتخصيص الخلفاء الثلاث من بين الصحابة بالبشارة بالجنة ، وإكثارهم وضع الرواية واختلاق القصص فيها تنبأنا عن أسرار مستسرة ونحن لا نميط الستار عنها ، ولا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم . وإنما نقول: إن هذه البشارة الصادرة من الصادع الكريم إن سلمت ، وكان المبشر مصدقا عند سامعيها ، فلماذا كان عمر يسأل حذيفة اليماني - صاحب السر المكنون / صفحة 110 / في تمييز المنافقين - عن نفسه وينشده الله أمن القوم هو ؟ وهل ذكر في المنافقين ؟ وهل عده رسول الله منهم (1) والسائل جد عليم بأن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، فهل يمكننا الجمع بين هذا السؤال المتسالم عليه وبين تلك البشارة ؟ لاها الله . وهل يتأتى الجمع بين تلك البشارة وبين ما صح عن عثمان من حديث (2) اعتذاره عن خروجه إلى مكة أيام حوصر بقوله: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد بمكة رجل من قريش عليه نصف عذاب هذه الأمة من الإنس والجن فلن أكون ذلك الرجل ؟ فهل هذا مقال من وثق بإيمانه بالله وبرسوله واطمأن به وعمل صالحا ثم اهتدى فضلا عمن بشر بالجنة بلسان النبي الصادق الأمين ؟ . 30 - أخرج البيهقي في الدلائل من حديث عبد الأعلى بن أبي المساور عن إبراهيم ابن محمد بن حاطب عن عبد الرحمن بن بجيد (3) عن زيد بن أرقم قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انطلق حتى تأتي أبا بكر فتجده في داره جالسا محتبيا فقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول: أبشر بالجنة ، ثم انطلق حتى تأتي الثنية فتلقى عمر راكبا على حمار تلوح صلعته فقل: إن رسول الله يقرأ عليك السلام ويقول: أبشر بالجنة ، ثم انصرف حتى تأتي عثمان فتجده في السوق يبيع ويبتاع فقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول: أبشر بالجنة بعد بلاء شديد ، فذكر الحديث في ذهابه إليهم فوجد كلا منهم كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلا منهم يقول: أين رسول الله ؟ فيقول: في مكان كذا وكذا ، فيذهب إليه ، وإن عثمان لما رجع قال: يا رسول الله وأي بلاء يصيبني ؟ والذي بعثك بالحق ما تغيبت [ وفي لفظ: ما تغنيت ] ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك ، فأي بلاء تصيبني ؟ فقال: هو ذاك . قال الأميني: إن الباحث في غنى عن عرفان رجال إسناد الرواية بعد وقوفه على ما أسلفناه في هذا الجزء ص 74 في ترجمة عبد الأعلى بن أبي المساور من أنه كذاب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ ابن عساكر 4: 97 ، التمهيد للباقلاني ص 196 ، بهجة النفوس لابن أبي جمرة 4: 48 ، إحياء العلوم 1: 129 ، كنز العمال 7: 24 . (2) راجع ص 153 من الجزء التاسع ط 1 . (3) بالباء والجيم الموحدتين والدال المهملة كما في التقريب .
/ صفحة 111 / خبيث دجال وضاع روى عن الأئمة آلاف أحاديث ما حدثوا بشئ منها ، ولا يعرف أحد أكثر وضعا منه ، وهو ممن يضرب المثل بكذبه . فمثل هذا الاسناد يوصف في مصطلح الفن بالوضع لا بالضعف كما وصفه البيهقي بذلك راجع فتح الباري 7: 29 . 31 - أخرج ابن عساكر في تاريخه 4: 312 من طريق أبي عمرو الزاهد عن علي بن محمد الصائغ عن أبيه أنه قال: رأيت الحسين وقد وفد على معاوية زائرا فأتاه في يوم جمعة وهو قائم على المنبر خطيبا فقال له رجل من القوم: يا أمير المؤمنين ! ائذن للحسين يصعد المنبر ، فقال له: معاوية: ويلك دعني أفتخر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله ! أليس أنا ابن بطحاء مكة ؟ فقال: أي والذي بعث جدي بالحق بشيرا ، ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله ! أليس أنا خال المؤمنين ؟ فقال أي والذي بعث جدي نبيا ، ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله ! أليس أنا كاتب الوحي ؟ فقال: أي والذي بعث جدي نذيرا ، ثم نزل معاوية وصعد الحسين بن علي فحمد الله بمحامد لم يحمده الأولون والآخرون بمثلها ، ثم قال: حدثني أبي عن جدي عن جبرئيل عن الله تعالى إن تحت قائمة كرسي العرش ورقة آس خضراء مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله ، يا شيعة آل محمد لا يأتي أحدكم يوم القيامة يقول: لا إله إلا الله أدخله الله الجنة ، فقال له معاوية: سألتك بالله يا أبا عبد الله ! من شيعة آل محمد ؟ فقال: الذين لا يشتمون الشيخين أبا بكر وعمر ، ولا يشتمون عثمان ، ولا يشتمون أبي ، ولا يشتمونك يا معاوية . قال الأميني: قال ابن عساكر: هذا حديث منكر ، ولا أرى إسناده متصلا إلى الحسين . ونحن نقول: إنه كذب صراح وإسناده متفكك العرى واهي الحلقات ، أما أبو عمرو الزاهد فهو الكذاب صاحب الطامات والبلايا الذي ألف جزؤا في مناقب معاوية من الموضوعات كما أسلفناه في الجزء الخامس ص 226 توفي سنة 345 . وأما شيخه علي الصائغ فهو ضعيف جدا وصفه بهذا الخطيب في تاريخه 3: 222 ، وضعفه الدارقطني كما في لسان الميزان 2: 489 . وأما والده فهو مجهول لا يذكر بشئ وهو في طبقة من يروي عن مالك المتوفى سنة 179 .
/ صفحة 112 / فأين وأنى رأى سيدنا الحسين عليه السلام المستشهد سنة 61 ؟ وكيف أدرك معاوية الذي هلك سنة 60 ؟ وهل كانت الرؤية والادراك طيف خيال أو يقظة ؟ ثم لو صدقنا الأحلام فإن مقتضى هذه الأسطورة أن لا يكون معاوية من شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله الذين يدخلهم الله الجنة لأنه كان يقنت بلعن علي أمير المؤمنين عليه السلام وولديه الإمامين سيدي شباب أهل الجنة ، إلى جماعة من الصلحاء الأبرار ، وحسبه ذلك مخزاة ، وهذا الأمر فيه وفي الطغام من بني أبيه المقتصين أثره وأتباعه المتبعين له على ذلك شرع سواسيه . ومن مقتضياتها أيضا خروج مولانا أمير المؤمنين عليه السلام عن أولئك الزمرة المرحومة لأنه كان يقنت باللعن على معاوية وحثالة من زبانيته . كبرت كلمة تخرج من أفواههم . ولازم هذا التلفيق إخراج من نال من عثمان فضلا عمن أجهز عليه وقتله عن شيعة آل محمد وهم أعيان الصحابة ووجوه المهاجرين والأنصار العدول كلهم عند القوم فضلا عن التشيع فحسب ، وهل يجسر على هذا التحامل أحد ؟ ففي قصارى القول أن أصدق كلمة حول هذه المهزأة إنه حديث زور لا مقيل له من الصحة ولا يسوغ الاعتماد عليه . 32 - روى الخطيب عن أحمد بن محمد بن أبي بكر الأشناني عن محمد بن يعقوب الأصم عن السري بن يحيى عن شعيب بن إبراهيم عن سيف بن عمر عن وائل بن داود عن يزيد (1) البهي عن الزبير مرفوعا: أللهم إنك باركت لأمتي في صحابتي فلا تسلبهم البركة ، وبارك لأصحابي في أبي بكر فلا تسلبه البركة ، وأجمعهم عليه ، ولا تنشر أمره ، أللهم وأعز عمر بن الخطاب ، وصبر عثمان بن عفان ، ووفق عليا ، واغفر لطلحة ، وثبت الزبير ، وسلم سعدا ، ووقر عبد الرحمن ، وألحق بي السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان . قال الأميني: عقبه الخطيب بقوله: موضوع فيه ضعفاء أشدهم سيف وأوقفناك على ترجمة السري وشعيب وسيف من رجال الاسناد في الجزء الثامن ص 86 ، 143 ، 144 ، 335 ويكفي كل واحد منهم في اعتلال السند فضلا عن أن يجتمعوا . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) كذا والصحيح: عبد الله . هو مولى مصعب بن الزبير .
/ صفحة 113 / 33 - أخرج الخطيب قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا أبو طالب العشاري حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد العزيز البردعي حدثنا أبو الحبيش طاهر بن الحسين الفقيه حدثنا صدقة بن هبيرة بن علي الموصلي حدثنا عمر بن الليث حدثنا محمد بن جعفر حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا موسى بن خلف حدثنا حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم بن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هبط جبرئيل ، فقال السلام عليك يا محمد ! إن الله قد أتحفك بهذه السفرجلة فسبحت السفرجلة في كفه بأصناف اللغات فقلنا: تسبح هذه السفرجلة في كفك ؟ فقال: والذي بعثني بالحق لقد خلق الله تعالى في جنة عدن ألف ألف قصر ، في كل قصر ألف ألف مقصورة ، في كل مقصورة ألف ألف سرير ، على كل سرير حوراء ، تجري من تحت كل سرير أربعة أنهار ، على كل نهر ألف ألف شجرة ، في كل شجرة ألف ألف غصن ، في كل غصن ألف ألف سفرجلة ، تحت كل سفرجلة ألف ألف ورقة ، تحت كل ورقة ألف ألف ملك ، لكل ملك ألف ألف جناح ، تحت كل جناح ألف ألف رأس ، في كل رأس ألف ألف وجه ، في كل وجه ألف ألف فم ، في كل فم ألف ألف لسان ، تسبح الله بألف ألف لغة ، لا يشبه بعضها بعضا ، ثواب ذلك التسبيح لمحبي أبي بكر وعمر وعثمان وعلي . قال السيوطي في اللئالي 1: 388: موضوع ، صدقة يحدث عن المجاهيل ، ومحمد بن جعفر ترك أحمد التحديث عنه ، وموسى متروك . ونحن نقول: لعل رواية هذه السفسطة وأمثالها هي التي جعل المؤتمن الساجي سيئ الرأي في شيخ الخطيب المبارك بن عبد الجبار فرماه بالكذب وصرح بذلك كما في لسان الميزان 5: 10 وهي التي تعرفك بقية رجال الاسناد ، والعاقل قط لا يثق بمن تكون هذه روايته ، وإليك البيان . 1 - أبو طالب العشاري محمد بن علي بن الفتح ، ذكر الذهبي له في الميزان أحاديث حكم بوضعها فقال: قبح الله من وضعه ، والعتب إنما هو على محدثي بغداد كيف تركوا العشاري يروي هذه الأباطيل . وقال بعد ذكر توثيق الخطيب إياه: ليس بحجة . راجع ميزان الاعتدال 2: 107 . 2 - أبو الحسن البردعي . قال الخطيب في تاريخه 2: 253: كتبت عنه وكان فيه / صفحة 114 / نظر ، مع أنه لم يخرج عنه من الحديث كبير شئ . 3 - أبو الحبيش الفقيه . مجهول لا يعرف . 4 - صدقة ، مجهول لا يذكر بخير ، ولا يعرف بجميل . 5 - عمر بن الليث مجهول منكر . 6 - محمد بن جعفر هو المدائني ، قال أحمد: سمعت منه ولكن لم أرو عنه قط ولا أحدث عنه بشئ أبدا ، وذكره العقيلي في الضعفاء وحكى قول أحمد ، وقال ابن قانع: ضعيف ، وقال ابن عبد البر: ليس هو بالقوي عندهم ، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه و لا يحتج به (1) . 7 - موسى بن خلف العمي البصري . قال الآجري: ليس بذاك القوي ، وعن ابن معين ضعيف . وقال ابن حبان: أكثر من مناكير . وقال الدارقطني: ليس بالقوي يعتبر به(2) . 8 - إبراهيم بن أبي سعيد الخدري ، لم يذكر لأبي سعيد ابن بهذا الاسم وأحسب أن الصحيح [ إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري ] والله العالم . 34 - أخرج النحاس في كتاب معاني القرآن قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل قال: حدثنا محمد بن حميد قال: حدثنا يحيى بن الضريس عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: إن أعرابيا قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال: إني رجل مسلم فأخبرني عن هذه الآية: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ، أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب و يلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق . الآية(3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، فاعلم قومك إن هذه الآية نزلت فيهم . ذكره القرطبي في تفسيره 10: 398: وقد روينا جميع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 9: 99 . (2) تهذيب التهذيب 10: 342 . (3) سورة الكهف: 30 ، 31 .
/ صفحة 115 / ذلك بالاجازة ، والحمد لله . قال الأميني: ألا تعجب من رجل التفسير العظيم يروي بالاجازة مثل هذا الكذب الصراح بالإسناد لواهي ، ويحمد ربه على تحريفه لكلم عن مواضعه وتقوله على ربه وعلى رسوله صلى الله عليه وآله ؟ ؟ ! أعوذ بالله من الرواية بلا دراية . في الاسناد: أحمد بن علي بن سهل المروزي ترجمه الخطيب البغدادي في تاريخه 4: 303 . ولم يذكر كلمة في الثناء عليه كأنه لا يعرف منه إلا اسمه ، وذكره الذهبي في - الميزان وذكر له حديثا فقال: أورده ابن حزم وقال: أحمد مجهول(1) . وفيه محمد بن حميد أبو عبد الله الرازي التميمي ، قال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير وقال البخاري: في حديثه نظر ، وقال النسائي: ليس بثقة . وقال الجوزجاني: ردي المذهب غير ثقة . وقال فضلك الرازي: عندي عن ابن حميد خمسون ألفا لا أحدث عنه بحرف . وقال صالح الأسدي: كان كلما بلغه عن سفيان يحيله على مهران ، وما بلغه عن منصور يحيله على عمرو بن أبي قيس ، ثم قال: كل شيئ كان يحدثنا ابن حميد كنا نتهمه فيه . وقال في موضع آخر: كانت أحاديثه تزيد ، وما رأيت أحدا أجرأ على الله منه ، كان يأخذ أحاديث الناس فيقلب بعضه على بعض . وقال أيضا: ما رأيت أحدا أحذق بالكذب من رجلين: سليمان الشاذكوني ، ومحمد بن حميد كان يحفظ حديثه كله . وقال محمد بن عيسى الدامغاني: لما مات هارون بن المغيرة سألت محمد بن حميد أن يخرج إلي جميع ما سمع فأخرج إلي جزازات فأحصيت جميع ما فيه: ثلاثمائة ونيفا وستين حديثا . قال جعفر: وأخرج ابن حميد عن هارون بعد بضعة عشر ألف حديث . وقال أبو القاسم ابن أخي أبي زرعة: سألت أبا زرعة عن محمد بن حميد فأومى بإصبعه إلى فمه فقلت له: كان يكذب ؟ فقال برأسه: نعم . فقلت له: كان قد شاخ لعله كان يعمل عليه و يدلس عليه ، فقال: لا يا بني كان يتعمد ، وقال أبو نعيم بن عدي: سمعت أبا حاتم الرازي في منزله وعنده ابن خراش وجماعة من مشايخ أهل الري وحفاظهم فذكروا ابن حميد فأجمعوا على أنه ضعيف في الحديث جدا ، وأنه يحدث بما لم يسمعه ، وإنه يأخذ أحاديث أهل البصرة والكوفة فيحدث بها عن الرازيين . وقال أبو العباس ابن سعيد: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) لسان الميزان 1: 222 .
/ صفحة 116 / سمعت داود بن يحيى يقول: سمعت ابن خراش يقول: ثنا ابن حميد وكان والله يكذب . وقال سعيد بن عمرو البرذعي: قلت لأبي حاتم: أصح ما صح عندك في محمد بن حميد الرازي أي شيئ هو ؟ فقال لي: كان بلغني عن شيخ من الخلقانيين: إن عنده كتابا عن أبي زهير فأتيته فنظرت فيه فإذا الكتاب ليس هو من حديث أبي زهير وهي من حديث علي بن مجاهد فأبى أن يرجع عنه فقمت وقلت لصاحبي: هذا كذاب لا يحسن أن يكذب . قال: ثم أتيت محمد بن حميد بعد ذاك فأخرج إلي ذلك الجزء بعينه فقلت لمحمد بن حميد: ممن سمعت هذا ؟ قال: من علي بن مجاهد ، فقرأه وقال فيه: ثنا علي ابن مجاهد فتحيرت فأتيت الشاب الذي كان معي فأخذت بيده فصرنا إلى ذلك الشيخ فسألناه عن الكتاب الذي أخرجه إلينا فقال: قد استعاره مني محمد بن حميد . وقال أبو حاتم: فبهذا استدللت على أنه كان يومي إلى أنه أمر مكشوف . وقال ابن خزيمة: لا يروى عنه ، وقال النسائي: ليس بشئ قال الكتاني: فقلت له: البتة ؟ قال: نعم . قلت: ما أخرجت له شيئا ؟ قال: لا . وقال في موضع آخر: كذاب وكذا قال ابن وارة ، وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات (1) . فمجمل القول في الرجل أنه كذاب مكثر والذي أثنى عليه فقد خفي عليه أمره أو كان ذلك قبل ظهور ما ظهر منه من سوء حاله ، قال أبو العباس بن سعيد: سمعت داود بن يحيى يقول: حدثنا عنه أبو حاتم قديما ثم تركه بآخره . وقال أبو حاتم الرازي سألني يحيى بن معين عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر فقال أي شيئ ينقمون منه ؟ فقلت: يكون في كتابه شيئ فيقول: ليس هذا هكذا فيأخذ القلم فيغيره ، فقال: بئس هذه الخصلة .. إلخ . وقال أبو علي النيسابوري: قلت لابن خزيمة: لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه ، فقال: إنه لم يعرفه ولو عرفه كما عرفناه ما أثنى عليه أصلا . 35 - أخرج ابن عساكر من طريق علي بن محمد بن شجاع الربعي عن عبد الوهاب الميداني الدمشقي عن محمد بن عبد الله بن ياسر عن محمد بن بكار عن محمد بن الوليد عن داود بن سليمان الشيباني عن حازم بن جبلة بن أبي نصرة عن أبيه عن جده عن أبي سعيد ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 9: 127 - 131 .
/ صفحة 117 / الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر وعمر: والله إني لأحبكما بحب الله إياكما ، وإن الملائكة لتحبكما بحب الله لكما ، أحب الله من أحبكما وصل الله من وصلكما ، قطع الله من قطعكما ، وأبغض الله من أبغضكما في دنياكما وآخرتكما (1) . رجال الاسناد: 1 - عبد الوهاب الميداني . قال الذهبي نقلا عن الكتاني: كان فيه تساهل ، واتهم في لقي أبي علي بن هارون الأنصاري ، ميزان الاعتدال 2: 160 . 2 - محمد بن عبد الله . في الميزان 3: 85: نكرة وحديثه [ يعني هذا الحديث ] منكر بمرة . 3 - محمد بن بكار . نكرة لا يعرف ، قال ابن حزم: إنه مجهول . وقال الذهبي: صحيح إنه مجهول . راجع ميزان الاعتدال 3: 31 . 4 - محمد بن الوليد . أحسبه ابن أبان القلانسي . كذاب كان يضع الحديث ومن أباطيله ما مر في هذا الجزء في فضيلة أبي بكر . 5 - داود بن سليمان . قال الذهبي: قال الأزدي ضعيف جدا . الميزان 1: 318 . 6 - خازم بن جبلة هو ووالده وجده مجاهيل لا يعرفون . 36 - أخرج الأزدي عن محمد بن عمر الأنصاري عن كثير النواء عن زكريا مولى طلحة عن حسن بن المعتمر قال: سئل علي عن أبي بكر وعمر فقال: إنهما من الوفد السابقين إلى الله مع محمد ، ولقد سألهما موسى من ربه فأعطاهما محمدا (2) . قال الأميني: قال الذهبي في الميزان 3: 113: خبر منكر: ضعفه الأزدي ، أقول: في الاسناد كثير النواء قال أبو حاتم: ضعيف الحديث ، بابه سعد (3) بن طريف ، و قال الجوزجاني: زائغ . وقال النسائي: ضعيف . وقال في موضع آخر: فيه نظر . وقال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) لسان الميزان 2: 418 ، ج 5: 229 . (2) لسان الميزان 5: 321 . (3) سعد بن طريف مفرط في التشيع ضعيف الحديث جدا ، قال ابن حبان: كان يضع الحديث راجع تهذيب التهذيب 3: 473 .
/ صفحة 118 / ابن عدي: كان غاليا في التشيع مفرطا فيه . وعن محمد بن بشر العبدي: لم يمت كثير النواء حتى رجع عن التشيع (1) . وزكريا مولى طلحة وشيخه مجهولان لا يعرفان ، هذا ما في الاسناد من العلل و ليس في رجاله ثقة ولا واحد ، ومتن الرواية أقوى شاهد على بطلانها . 37 - أخرج أحمد في المسند 1: 193 بإسناده عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، و علي في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد في الجنة ، وأبو عبيدة ابن الجراح في الجنة . وبهذا الاسناد أخرجه الترمذي في صحيحه 13: 182 ، 183 وعن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن رسول الله نحوه . والبغوي في المصابيح 2: 277 . وأخرج أبو داود في سننه 2: 264 من طريق عبد الله بن ظالم المازني قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو قال: لما قدم فلان الكوفة أقام فلان خطيبا فأخذ بيدي سعيد بن زيد فقال: ألا ترى إلى هذا الظالم ؟ فأشهد على التسعة أنهم في الجنة (فعدهم) قلت: ومن العاشر ؟ فتلكأ هنيئة ثم قال: أنا . وأخرج من طريق عبد الرحمن الأخينس أنه كان في المسجد فذكر رجل عليا عليه السلام فقام سعيد بن زيد فقال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إني سمعته وهو يقول: عشرة في الجنة: النبي في الجنة ، وأبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير بن العوام في الجنة ، وسعد بن مالك في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، ولو شئت لسميت العاشر قال: فقالوا: من هو ؟ فسكت قال: فقالوا: من هو ؟ فقال: هو سعيد بن زيد ، وبهذا الاسناد أخرجه الترمذي في جامعه 13: 183 ، 186 ، وابن الديبع في تيسير الوصول 3: 260 ، وذكره بالطريقين المحب الطبري في الرياض النضرة 1: 20 . قال الأميني: نحن لا نرى في هذه الرواية أهمية كبرى تدعم للعشرة المبشرة منقبة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) ميزان الاعتدال 2: 352 ، لسان الميزان 5: 321 ، تهذيب التهذيب 8: 411 .
/ صفحة 119 / رابية تخص بهم دون المؤمنين بعد ما جاء من البشائر الصادقة في الكتاب العزيز لكل من آمن بالله وعملا صالحا وإنه في الجنة . وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار . البقرة 25 إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة . التوبة 111 إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم فأولئك أصحاب الجنة . هود 23 إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار . الحج 14 إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى . السجدة 19 ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة . النساء 124 ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة . غافر 40 ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار . الفتح 7 ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار . الطلاق 11 وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار . التوبة 72 وما أكثر من يدخل الجنة من أمة محمد صلى الله عليه وآله وقد صح عن الصادع الكريم: إن عليا وشيعته هم في الجنة ، وبشر صلى الله عليه وآله وسلم بذلك عليا عليه السلام (1) وصح عنه صلى الله عليه وآله قوله: آتاني جبريل فقال: بشر أمتك إنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، قلت: يا جبريل وإن سرق وإن زنى ؟ قال: نعم . قلت: وإن سرق وإن زنى ؟ قال: نعم . قلت: وإن سرق وإن زنى ؟ قال: نعم وإن شرب الخمر (2) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الغدير 3: 78 ، 79 ط 2 . (2) أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان عن أبي ذر .
/ صفحة 120 / وصح عنه صلى الله عليه وآله: أبشروا وبشروا من وراءكم: إنه من شهد أن لا إله إلا الله صادقا بها دخل الجنة (1) . وصح عنه صلى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده لتدخلن الجنة كلكم إلا من أبى أو شرد على الله شراد البعير . قيل: يا رسول الله ! ومن أبى أن يدخل الجنة ؟ فقال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني دخل النار (2) وصح عن جابر . إنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول: إني لأرجو أن يكون من تبعني من أمتي ربع أهل الجنة قال: فكبرنا ثم قال: أرجو أن يكونوا ثلث الناس . قال: فكبرنا ثم قال: أرجو أن يكونوا الشطر(3) . وصح عنه صلى الله عليه وآله: إن ربي وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ثم يشفع كل ألف لسبعين ألفا (4) إلى صحاح كثيرة لدة هذه . فهؤلاء العشرة المبشرة إن كانوا مؤمنين حقا آخذين بحجزة الكتاب والسنة فهم من آحاد أهل الجنة لا محالة كبقية من أسلم وجهه لله وهو محسن . وهنالك أناس من الصحابة غير هؤلاء العشرة خصوا بالبشارة بالجنة وبشروا بلسان النبي الأقدس صلى الله عليه وآله منهم عمار بن ياسر وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عليه السلام قوله: بشره بالجنة حرمت النار على عمار . وقال صلى الله عليه وآله: دم عمار ولحمه حرام على النار تأكله أو تمسه . وصح عنه صلى الله عليه وآله قوله: أبشروا آل ياسر موعدكم الجنة . وصح عنه صلى الله عليه وآله: إن الجنة مشتاق إلى أربعة: علي بن أبي طالب ، وعمار بن ياسر ، وسلمان الفارسي ، والمقداد . وفي رواية: اشتاقت الجنة إلى ثلاثة إلى علي وعمار وبلال . (الغدير) 9 وجاء في زيد بن صوحان عدة أحاديث في إنه من أهل الجنة . (الغدير 9: 41) وصح من طريق مسلم في عبد الله بن سلام إنه من أهل الجنة . (صحيح مسلم 7: 160) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه أحمد والطبراني من طريق أبي موسى الأشعري . (2) أخرجه الطبراني ورجاله رجال الصحيح كما في مجمع الزوايد 10: 70 . (3) أخرجه أحمد والبزار والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح وكذلك أحد اسنادي أحمد (مجمع الزوايد 10: 403) . (4) راجع مجمع الزوايد 10: 405 - 411 .
/ صفحة 121 / وقال صلى الله عليه وآله لعلي: كأن بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس ، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة أخوانا على سرر متقابلين ، أنت معي وشيعتك في الجنة . (مجمع الزوائد 9: 173) . وقال صلى الله عليه وآله لعلي: أنا أول أربعة يدخلون الجنة: أنا وأنت والحسن والحسين وذرارينا خلف ظهورنا ، وأزواجنا خلف ذرارينا ، وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا . (مجمع الزوائد 9: 174) . وصح عنه صلى الله عليه وآله: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . متفق على صحته . وجاء عنه صلى الله عليه وآله: الحسن والحسين جدهما في الجنة ، وأبوهما في الجنة ، و أمهما في الجنة ، وعمهما في الجنة ، وعمتهما في الجنة ، وخالاتهما في الجنة ، وهما في الجنة ، ومن أحبهما في الجنة ، أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط . وصح عنه صلى الله عليه وآله: إن جعفر بن أبي طالب في الجنة له جناحان يطير بهما حيث شاء . مجمع الزوائد 9 ص 272 . وصح عنه صلى الله عليه وآله في عمرو بن ثابت الأصيرم: إنه لمن أهل الجنة . المجمع 9: 363 . وروي عنه من قوله لعبد الله بن مسعود: أبشر بالجنة . أخرجه الطبراني في - الأوسط والكبير . وقال صلى الله عليه وآله: أنا سابق العرب إلى الجنة ، وصهيب سابق الروم إلى الجنة ، وبلال سابق الحبشة إلى الجنة ، وسلمان سابق الفرس إلى الجنة . أخرجه الطبراني وحسنه الهيثمي . وبشر صلى الله عليه وآله وسلم عمرو بن الجموح أنه يمشي برجليه صحيحة في الجنة وكانت رجله عرجاء . أخرجه أحمد ورجاله ثقات . وبشر صلى الله عليه وآله ثابت بن قيس بأنه يعيش حميدا ، ويقتل شهيدا ، ويدخله الله الجنة . المجمع 9 ص 322 . فما هذا المكاء والتصدية ، والتصعيد والتصويب حول رواية العشرة المبشرة وجعلها عنوان كل كرامة لأولئك الرجال واختصاصها بالعناية وإلحاقها بأسماء العشرة عند ذكرهم ، وقصر البشارة بالجنة على ذلك الرحط فحسب ، والصفح عما ثبت في غيرهم من - / صفحة 122 / الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ؟ ! فلماذا حصر التبشير بالعشرة ؟ وعد القول به من الاعتقاد اللازم كما ذكره أحمد إمام الحنابلة في كتاب له إلى مسدد بن مسرهد قال: وأن نشهد للعشرة أنهم في الجنة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن وأبو عبيدة فمن شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة شهدنا له بالجنة ، ولا تتأتى أن تقول: فلان في الجنة وفلان في النار إلا العشرة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وآله بالجنة [ جلاء العينين 118 ] لماذا هذه كلها ؟ لعلك تدري لماذا ، ونحن لا يفوتنا عرفان ذلك . ولنا حق النظر في الرواية من ناحيتي الاسناد والمتن . أما الاسناد فإنه كما ترى ينتهي إلى عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد ولا يرويها غيرهما ، وطريق عبد الرحمن ينحصر بعبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الزهري عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف تارة وعن رسول الله صلى الله عليه وآله أخرى ، وهذا إسناد باطل لا يتم نظرا إلى وفاة حميد بن عبد الرحمن فإنه لم يكن صحابيا وإنما هو تابعي لم يدرك عبد الرحمن بن عوف لأنه توفي سنة 105 (1) عن 73 عاما فهو وليد سنة 32 عام وفاة عبد الرحمن بن عوف أو بعده بسنة ، ولذلك يرى ابن حجر رواية حميد عن عمر وعثمان منقطعة قطعا (2) وعثمان قد توفي بعد عبد الرحمن بن عوف . فالاسناد هذا لا يصح . فيبقى طريق الرواية قصرا على سعيد بن زيد الذي عد نفسه من العشرة المبشرة ، وقد رواها في الكوفة ؟ ؟ معاوية كما مر النص على ذلك في صدر الحديث ، ولم تسمع هي منه إلى ذلك الدور المفعم بالهنابث ولا رويت عنه قبل ذلك ، فهلا مسائل هذا الصحابي عن سر إرجاء روايته هذه إلى ؟ معاوية وعدم ذكره إياها في تلكم السنين المتطاولة عهد الخلفاء الراشدين وكانوا هم وبقية الصحابة في أشد الحاجة إلى مثل هذه الرواية لتدعيم الحجة وحقن الدماء وحفظ الحرمات في تلكم الأيام الخالية المظلمة بالشقاق والخلاف ، فكأنها أوحيت إلى سعيد بن زيد فحسب يوم تسنم معاوية عرش الملك العضوض . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) كما اختاره أحمد ، والفلاس ، والحربي ، وابن أبي عاصم ، وابن خياط ، وابن سفيان ، وابن معين . (2) تهذيب التهذيب 3: 46 .
/ صفحة 123 / وفي ظني الأكبر أن سعيد بن زيد لما كان لا يتحمل من مناوئي علي أمير المؤمنين عليه السلام الوقيعة فيه والتحامل عليه ، ويجابه بذلك من كان ولاه معاوية على الكوفة ، وكان قد تقاعس عن بيعة يزيد عندما استخلفه أبوه ، وأجاب مروان في ذلك بكلمة قارصة (1) أخذته الخيفة على نفسه من بوادر معاوية فاتخذ باختلاقه هذه الرواية ترسا يقيه عن الاتهام بحب علي عليه السلام ، وكان المتهم بتلك النزعة يوم ذاك يعاقب بألوان العذاب ويسجن وينكل به ويقتل تقتيلا ، فأرضي خليفة الوقت بإتحاف الجنة لمخالفي علي عليه السلام والمتقاعسين عن بيعته والخارجين عليه ، وجعل رؤسائهم في صف واحد لا يشاركهم غيرهم كأن الجنة خلقت لهم فحسب ، ولم يذكر معهم أحدا من موالي علي وشيعته وفيهم من فيهم من سادات أهل الجنة كسلمان وأبي ذر وعمار والمقداد ، فنال بذلك رضى الخليفة وكان يعطى لكل باطل مزيف قناطير مقنطرة من الذهب والفضة . ولولا الصارم المسلول في البين وكان هو الحاكم الفصل يوم ذاك لما كان يخفى على أي سعيد وشقي أن متن الرواية يأبى عن قبولها ، وأن عليا قط لا يجتمع في الجنة مع من خالفه وناوئه وآذاه والضدان لا يجتمعان ، وسيرة علي عليه السلام غير سيرة أولئك الرحط ، وقد تنازل عن الخلافة يوم الشورى حذرا عن اتباع سيرة الشيخين لما اشترط عليه في البيعة وأنكره بملأ فمه ، وبعدهما وقع ما وقع بينه وبين عثمان ، وما ساءه قتله ولم يشهد بأنه قتل مظلوما ، وصحت عنه خطبته الشقشقية ، ونادى في الملأ: ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال (1) وبعده حاربه الناكثان وقاتلاه وقتلا دون مناوئته ، فكيف تجمعهم وعليا الجنة ؟ أنا لا أدري . أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم ؟ كلا . نظرة في المتن ولنا في متن الرواية نظرات وتأملات يزحزحنا عن الاخبات إلى صحتها . هل عبد الرحمن بن عوف المعزو إليه الرواية وهو أحد العشرة المبشرة كان يعتقد بها ويصدقها ومع ذلك سل سيفه على علي يوم الشورى قائلا: بايع وإلا تقتل . وقال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تاريخ ابن عساكر 6: 128 . (2) راجع الجزء الثامن والتاسع من الغدير فيهما تفصيل ما أوعزنا إليه ههنا .
/ صفحة 124 / لعلي عليه السلام بعد ما تمخضت البلاد على عثمان: إذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي ، إنه قد خالف ما أعطاني . وآلى على نفسه أن لا يكلم عثمان في حياته أبدا . واستعاذ بالله من بيعته . وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان . ومات وهو مهاجر إياه . وكان عثمان يقذفه بالنفاق ويعده منافقا (1) فهل تلائم هذه كلها مع صحة تلك الرواية وإذعان الرجلين بها ؟ . وهل أبو بكر وعمر المبشران بالجنة هما اللذان ماتت الصديقة بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله وهي وجدى عليهما ؟ وهل هما اللذان قالت لهما: إني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه . وهل هما اللذان تقول أم السبطين فيهما شاكية نادبة باكية بأعلى صوتها: يا أبت ! يا رسول الله ! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة . وهل هما اللذان نهبا تراث العترة وحق فيهما قول أمير المؤمنين عليه السلام: صبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهبا . وهل أبو بكر هو الذي أوصت فاطمة سلام الله عليها أن لا يصلي عليها ، وأن لا يحضر جنازتها ، فلم يحضرها هو وصاحبه . وهل هو الذي قالت له كريمة النبي الأقدس الطاهرة المطهرة لأدعون عليك في كل صلاة أصليها . وهل هو الذي كشف عن بيت فاطمة وآذى رسول الله فيها (2) والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم . وهل وهل إلى أن ينقطع النفس وهل كان عمر يصدق هذه الرواية وكان عنده إلمام بها وهو يناشد مع ذلك حذيفة اليماني العالم بأسماء المنافقين ويسأله عن أنه هل هو منهم ؟ وهل سماه رسول الله صلى والله عليه وآله وسلم في زمرتهم ؟ (3) وهلا كان على يقين من هذه البشارة يوم نهى عن التكني بأبي عيسى أيام خلافته وقال له المغيرة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كناه بها فقال: إن النبي غفر له وإنا لا ندري ما يفعل بنا وغير كنيته وكناه أبا عبد الله (4) فكيف كان لم يدر ما يفعل به بعد تلكم البشارة إن صدقت ؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع الجزء التاسع ص 87 ط 1 ، و 90 ط 2 . (2) مر تفصيل هذه كلها في الجزء السابع . (3) الغدير 6: 241 ط 2 . (4) راجع الغدير 6: 308 ط 2 .
/ صفحة 125 / وهلا كان هو الذي قاد عليا كالجمل المخشوش إلى بيعة أبي بكر وهو يقول: بايع وإلا تقتل ؟ وهلا كان هو الذي أنكر إخوة علي مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم ذاك ، وهي ثابتة له بالسنة الصحيحة المتسالم عليها ؟ كما أنه أنكر من السنة شيئا كثيرا نبى عن الحصر . وهلا كان هو الذي أوصى بقتل من خالف البيعة يوم الشورى ؟ وهو جد عليم بأن المخالف الوحيد لذلك الانتخاب المزيف هو علي أمير المؤمنين " دع هذا " أو أحد غيره من العشرة المبشرة ؟ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاءه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما . وهل كان عثمان يخبت إلى صحة هذه الرواية ويذعن بها وهو يقول بعد لمغيرة ابن شعبة لما كلفه أن يغادر المدينة إلى مكة حينما حوصر به: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد بمكة رجل من قريش عليه نصف عذاب هذه الأمة فلن أكون ذلك الرجل ؟ (1) وكيف كان لم ير عليا أفضل من مروان ؟ ومروان ملعون بلسان رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام هو المبشر بالجنة . لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون . وهل طلحة والزبير هما اللذان قتلا عثمان وألبا عليه وكانا كما قال أمير المؤمنين عليه السلام أهون سيرهما فيه الوجيف ، وأرفق حدائهما العنيف ، فأجلبا عليه وضيقا خناقه ، وهما يريدان الأمر لأنفسهما ، وكانا أول من طعن وآخر من أمر حتى أراقا دمه (2) وهل هما اللذان عرفهما الإمام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: كل منهما يرجو الأمر له ويعطف عليه دون صاحبه ، لا يمتان إلى الله بحبل ، ولا يمدان إليه بسبب ، كل واحد منهما حامل ضب لصاحبه ، وعما قليل يكشف قناعه به ؟ . إلى آخر ما مر في هذا الجزء ص 58 . وهل هما اللذان خرجا على إمام الوقت المفروضة عليهما طاعته ، ونكثا بيعته ، وأسعرا عليه نار البغي ، وقاتلاه وقتلا وهما أبين مصداق لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: من ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع الغدير 9: 152 ، 153 ط 2 . (2) راجع الغدير 9: 103 - 110 ط 2 .
/ صفحة 126 / مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ؟ . وهل هما اللذان قادا جيوش النكث على قتال سيد العترة ، وأخرجا حبيسة رسول الله صلى الله عليه وآله من عقر دارها ، وترؤسا الناكثين الذين حث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا والعدول من صحابته على قتالهم ، وحضهم على منابذتهم ؟ أفمن آذن نبي العظمة بحربه وقتاله ورآه من واجب الاسلام يعده صلى الله عيه وآله وسلم بعد من أهل الجنة ؟ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم . وهل الزبير هذا هو الذي صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله له: تحارب عليا و أنت ظالم ؟ فهل المحارب عليا وهو ظالم إياه مثواه الجنة ؟ ورسول الله يقول: أنا حرب لمن حاربه ، وسلم لمن سالمه كما جاء في الصحيح الثابت . فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ، وما الله بغافل عما تعملون . وهل الزبير هو الذي قال فيه عمر: من يعذرني من أصحاب محمد لولا أني أمسك لفم هذا الشغب لأهلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم (1) وقال له عمر يوم طعن: أما أنت يا زبير ! فوعق لقس مؤمن الرضا ، كافر الغضب ، يوما إنسان ، ويوما شيطان ، ولعلها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مد من شعير ، أفرأيت إن أفضت إليك فليت شعري من يكون للناس يوم تكون شيطانا ؟ ومن يكون يوم تغضب ؟ أما وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأمة وأنت على هذه الصفة (2) . وقال له أيضا: أما أنت يا زبير فوالله ما لان قلبك يوما ولا ليلة ، وما زلت جلفا جافيا (3) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع الغدير 9: 366 . (2) شرح ابن أبي الحديد 1: 62 . (3) شرح ابن أبي الحديد 3: 170 .
/ صفحة 127 / وهل طلحة هذا هو الذي قتل عثمان ، وحال بينه وبين الماء ، ومنعه عن أن يدفن في جبانة المسلمين ، وقتله مروان أخذا بثار عثمان ، وهما بعد من العشرة المبشرة ؟ غفرانك اللهم وإليك المصير . وهل طلحة هذا هو الذي أقام علي أمير المؤمنين عليه السلام عليه الحجة يوم الجمل باستنشاده إياه حديث الولاية [ من كنت مولاه فعلي مولاه ] فاعتذر بما اعتذر من نسيانه الحديث ، لكنه لم يرتدع بعد عن غيه بمناصرة أمير المؤمنين مع بيعته إياه ، ولا فوض الحق إلى أهله حتى أتى عليه سهم مروان فجرعته منيته وهو الخارج على إمام وقته ! أفهل ترى الإمام والخارج عليه كلا منهما في الجنة ؟ وهل طلحة هذا هو الذي نزل فيه قوله تعالى: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ، إن ذلكم كان عند الله عظيما ؟ (الأحزاب 53) نزلت الآية الشريفة لما قال طلحة: أيحجبنا محمد عن بنات عمنا ، ويتزوج نساءنا من بعدنا ؟ فإن حدث به حدث لنزوجن نساءه من بعده . وقال: إن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لتزوجت عائشة وهي بنت عمي فبلغ ذلك رسول الله فتأذى به فنزلت . أقبل عليه عمر يوم طعن وقال له: أقول أم أسكت ؟ قال: قل فإنك لا تقول من الخير شيئا . قال: أما إني أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد والبا بالذي حدث لك ، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ساخطا عليك بالكلمة التي قلتها يوم نزلت آية الحجاب . قال أبو عثمان الجاحظ: إن طلحة لما أنزلت آية الحجاب قال بمحضر ممن نقل عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ما الذي يغنيه حجابهن اليوم فسيموت غدا فننكحهن . قال أبو عثمان: لو قال لعمر قائل: أنت قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله مات وهو راض عن الستة فكيف تقول الآن لطلحة: إنه مات عليه السلام ساخطا عليك للكلمة التي قلتها لكان قد رماه بمشاقصه ، ولكن من الذي كان يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا فكيف هذا ؟ (1) راجع تفسير القرطبي 14: 228 ، فيض القدير 4 . 290 ، تفسير ابن كثير 3: 506 ، تفسير البغوي 5: 225 ، تفسير الخازن 5: 225 ، تفسير الآلوسي 22: 74 . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) شرح ابن أبي الحديد 1: 62 ، ج 3: 170 .
/ صفحة 128 / وهل سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة كان مذعنا بالرواية وصدقها وهو القائل لما سئل عن عثمان ومن قتله ومن تولى كبره: إني أخبرك أنه قتل بسيف سلته عائشة وصقله طلحة وسمه ابن أبي طالب ، وسكت الزبير وأشار بيده ، وأمسكنا نحن ولو شئنا دفعناه عنه ؟ فهل هذه كلها تجتمع مع التصديق بتلك الرواية ؟ سبحان الذي جمع في جنته الظالم والمظلوم ، والقاتل والمقتول ، والخليفة والخارجين عليه ، إن هي إلا اختلاق . وهل تصدق في سعد هذه الرواية وهو المتخلف عن بيعة إمام وقته والمتقاعس عن نصرته بعد ما تمت بيعته وأجمعت عليها الأمة وأصفقت عليها البدريون والمهاجرون والأنصار ، وحقت كلمة العذاب على من نزعها من ربقته ؟ أفهل نزل في سعد كتاب من الله أخرجه عن محكمات الاسلام وبشر له بالجنة ؟ . وهل يترآى لك من ثنايا التاريخ وراء صحائف أعمال أبي عبيدة الجراح (حفار القبور بالمدينة) ما يأهله لهذه البشارة ؟ ويدعم له ما يستحق به للذكر من الفضيلة غير ما قام به يوم السقيفة من دحضه ولاية الله الكبرى ، وتركاضه وراء الانتخاب الدستوري واقتحامه في تلكم البوائق التي عم شومها الاسلام ، وهدت قوائم الوئام والسلام ، وجرت الويلات على أمة محمد صلى الله عليه وآله حتى اليوم ، وهتكت حرمة المصطفى في ظلم ابنته بضعة لحمه وفلذة كبده ، واضطهاد خليفته ، واهتضام أخيه علم الهدى ؟ فكأنها كانت كلها قربات فأوجبت لابن الجراح الجنة . أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ؟ ساء ما يحكمون . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب التهذيب 4: 176 . (2) تهذيب التهذيب 4: 338 . (3) راجع الجزء الثاني ص 131 ط 2 . |
|