موقع عقائد الشيعة الإمامية >> الطلاق عند الشيعة الإمامية
مسائل كتاب الطلاق عند الشيعة الإمامية
شروط الطلاق | صيغة الطلاق | أقسام الطلاق | عدة الفراق | عدة الوفاة | عدة وطء الشبهة | الخلع والمباراة
[ الفصل الاول ] [ في شروط الطلاق ]
[ المسألة الاولى: ] تكثرت الاحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وآله وعن أهل
بيته المعصومين (ع) الدالة على كراهة طلاق الزوجة وخصوصا مع ملائمة الاخلاق بين
الزوجين، ففي الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما
من شئ أحب إلى الله عز وجل من بيت يعمر في الاسلام بالنكاح، وما من شئ أبغض الى
الله عز وجل من بيت يخرب في الاسلام بالفرقة يعني الطلاق، وعن أبي عبد الله (ع): ما
من شئ مما أحله الله أبغض إليه من الطلاق، وان الله يبغض المطلاق الذواق، وتخف
الكراهة وقد تزول إذا كانت الاخلاق بين الزوجين متنافرة وغير متلائمة، وقد يؤدي
البقاء إلى ما لا يحمد، فيكون الطلاق علاجا مشكلة لا تحل الا به، وتخلصا من خطر
أكبر منه.
[
المسألة الثانية: ] يشترط في صحة الطلاق أن يكون الزوج المطلق بالغا، فلا يصح
الطلاق إذا كان صبيا صغيرا وان كان مميزا، فليس له أن يطلق زوجته بنفسه أو يوكل أحد
غيره في طلاقها، وإذا بلغ عمره عشر سنين وكان مميزا فلا يترك الاحتياط فيه، فلا
يتولى طلاق زوجته بالمباشرة أو بالتوكيل، وان هو أوقع الطلاق أو أوقعه وكيله فلا
يترك الاحتياط بأن يجدد له عقد النكاح إذا أراد أمساك الزوجة، وان يجدد الطلاق بعد
بلوغه ورشده إذا أراد فراقها، ولا يصح لوليه أن يتولى اجراء الطلاق عنه حتى حتى
الاب والجد للاب.
[ المسألة الثالثة: ] يشترط في الزوج المطلق أن يكون عاقلا، فلا يصح طلاقه إذا كان
مجنونا مطبقا لا بالمباشرة ولا بالتوكيل، ولا يصح طلاقه كذلك إذا كان جنونه ادوارا
وقد أوقعه أو أوقعه وكيله عنه في حال جنونه، وكذلك الحكم في السكران الذي زال عقله
لسكره فلا يصح طلاقه ولا توكيله في الطلاق.
[ المسألة الرابعة: ] إذا بلغ الصبي وهو مجنون فاسد العقل فاتصل جنونه بصغره، وكان
الجنون مطبقا، واقتضت المصلحة تطليق زوجته منه صح لابيه أو جده لابيه أن يتولى طلاق
زوجته والاحوط لزوما أن يشترك معهما الحاكم الشرعي في اجراء الطلاق عنه وإذا لم يكن
له أب ولا جد، واقتضت المصلحة تطليق الزوجة تولى الحاكم الشرعي ذلك، وكذلك الحكم
إذا طرأ له الجنون المطبق بعد البلوغ، فيطلق عنه الاب أو الجد مع الحاكم في الصورة
المذكورة، ويطلق عنه الحاكم إذا لم يوجد له أب ولا جد.
[ المسألة الخامسة: ] لا يطلق الاب ولا الجد مع الحاكم ولا بدونه ولا غيرهما من
الاولياء عن المجنون الادواري سواء اتصل جنونه بصغره أم طرأ عليه بعد البلوغ، ولا
يطلق الولي عن السكران ولا عن الصبي. ويصح للمجنون أدوارا أن يطلق زوجته في دور
افاقته، وان يوكل أحدا في طلاقها كذلك بشرط أن يوقع الوكيل طلاق الزوجة في حال
افاقة الزوج أيضا، وإذا جن الزوج قبل الطلاق بطلت الوكالة ولم يصح للوكيل أن يوقع
الطلاق بعد افاقة الزوج الا بوكالة جديدة منه بعد افاقته.
[ المسألة السادسة: ] يشكل الحكم بصحة الطلاق إذا كان الزوج مغمى عليه في حال
الطلاق، فإذا وكل الانسان أحدا أن يطلق عنه زوجته ثم أغمي عليه، فالاحوط لزوما ان
لا يوقع الوكيل طلاق الزوجة في حال الاغماء على الزوج، وإذا أفاق الزوج من أغمائه
فالاحوط كذلك أن لا يوقع الوكيل الطلاق الا بوكالة جديدة بعد الافاقة، وتراجع
المسألة السابعة عشرة من كتاب الوكالة، ويجري مثل هذا الاحتياط في السكران، فإذا
وكل الرجل أحدا في طلاق زوجته ثم سكر سكرا أزال عقله لم يوقع الوكيل الطلاق عنه في
حال سكره، ولا بعد افاقته من السكر الا بوكالة جديدة، على تأمل في الصورة الثانية
ولكنه احتياط لا يترك وخصوصا في الفروج.
[ المسألة السابعة: ] يشترط في الزوج المطلق أن يكون قاصدا لمعنى الصيغة التي
يوقعها وأن يكون مختارا في فعله فلا يصح الطلاق إذا أوقع صيغته وهو نائم أو ساه أو
غالط أو هازل، لا يريد معنى الطلاق من لفظه، ولا يصح الطلاق إذا أوقعه مكرها أو
مجبرا عليه اكراها أو جبرا أزال منه، اختياره في الفعل، أو وكل أحدا على الطلاق وهو
مكره أو مجبر، وأوقعه الوكيل عنه معتمدا على هذه الوكالة.
[ المسألة الثامنة: ] انما يمنع النوم والسهو وأخواتهما من صحة الطلاق إذا وقعت
صيغة الطلاق من الزوج كما ذكرنا لعدم القصد المعتبر في الانشاء ولا يمنع من طلاق
الوكيل إذا وكله الزوج في الطلاق وهو قاصد مختار للتوكيل في الطلاق ثم أوقع الوكيل
صيغة الطلاق والموكل نائم أو ساه أو غافل في تلك الحال إذا كان تام العقل تام
الاختيار.
[ المسألة التاسعة: ] الاكراه هو أن يرغم أحد شخصا غيره على أن يفعل أمرا يكره
فعله، ويتوعده إذا هو لم يفعل ذلك الشئ أن ينزل به أو بعرضه أو بماله أو ببعض شؤونه
أو متعلقيه ضررا يخشى وطأته، وهو كذلك يخشى من وقوع هذا الوعيد إذا هو خالف ولم
يفعل، ويلحق بذلك ما إذا أمره المتنفذ بفعل ذلك الشئ على وجه الالزام، وهو يخاف
الضرر منه إذا خالف ولم يمتثل وان لم يتوعده بشئ، وتلاحظ المسألة السابعة والسبعون
من كتاب التجارة وما بعدها.
[ المسألة العاشرة: ] ليس من الاكراه ما إذا توقع الانسان أن يحل عليه ضرر يخشاه من
المتنفذ إذا هو لم يفعل شيئا معينا، ففعل ذلك الشئ ليتخلص من ذلك الضرر المتوقع أو
المتخيل، ولم يحصل من المتنفذ اكراه ولا الزام بالفعل ومن أمثلة ذلك أن يتزوج الرجل
امرأة ثم يعلم أن بعض أرحام المرأة العتاة يمنع من زواجها بغيره وخالف من ضرره إذا
علم بأنه قد تزوج المرأة، فطلقها خوفا من ضرره، فلا يكون الطلاق باطلا لعدم الاكراه.
ومن أمثلته ما إذا كانت للرجل زوجة ثم تزوج عليها زوجة ثانية، وخاف بعد الزواج بها
من سطوة الاولى أو من ضرر يحل به من بعض أرحامها فطلق الثانية خوفا منه، فلا يكون
الطلاق باطلا وان كان الضرر معلوما.
[ المسألة 11: ] إذا أكره المتنفذ الزوج على طلاق زوجته وتوعده بالضرر إذا هو لم
يطلقها وكان الزوج قادرا على التخلص منه ومن ضرره بالاستعانة ببعض الاقوياء، أو
بالخروج إلى مكان لا يصل إليه ضرره، فطلق زوجته ولم يفعل شيئا يتخلص به، فالظاهر
صحة الطلاق وعدم تحقق الاكراه، الا إذا أوجب له الوعيد شدة الخوف فأدهشته عن الفكر
في ذلك وطلق الزوجة ولم يلتفت. وأما التورية وهي أن يتكلم بصيغة الطلاق ويقصد معنى
آخر غير انشاء الطلاق بها، فهي أمر لا يلتفت إليه العامة من الناس ولا تعد ميسورة
لهم، فإذا أوقع الرجل صيغة الطلاق ولم يقصد التورية فهو مكره لا يصح طلاقه. وإذا
كان الرجل ممن يلتفت إلى التورية ولم يذهله الخوف عن استعمالها، وأجرى الصيغة ولم
يقصد التورية فلا يترك الاحتياط فيه، فيرجع بالمرأه أو يجدد العقد عليها إذا أراد
الامساك بزوجيتها، ويجدد صيغة الطلاق بعد ارتفاع الاكراه إذا أراد فراقها.
[ المسألة 12: ] لا يصح طلاق المكره وان رضي به بعد زوال الاكراه عنه، فلا تصححه
الاجازة اللاحقة كما هو الحكم في عقد النكاح أو عقد البيع أو غيرهما من العقود التي
تصح إذا لحقتها الاجازة.
. [ المسألة 13: ] يصح طلاق الرجل لزوجته مع اجتماع الشرائط المعتبرة فيه وان لم
تعلم الزوجة بطلاقها ولم ترض به.
[ المسألة 14: ] انما يقع الطلاق على المرأة المزوجة بالنكاح الدائم ولا يقع على
الزوجة المتمتع بها، وقد ذكرنا هذا في المسألة الثلاثمائة والاثنتين من كتاب النكاح
وفي مواضع غيرها من الكتاب، ولا يقع الطلاق على الامة الموطوءة بملك اليمين أو
بالتحليل.
[ المسألة 15: ] يشترط في صحة الطلاق أن تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس، فلا
يصح طلاقها إذا كانت غير نقية من أحد الدمين، وإذا نقت من الدم ولم تغتسل من الحدث
صح طلاقها، وقد ذكرنا هذا في المسألة الخمسمائة والثالثة والستين من كتاب الطهارة.
ولا يترك الاحتياط لزوما إذا طلقها في فترة النقاء الذي يتخلل في أثناء الدم الواحد
من الحيض أو النفاس، فلابد من الطلاق مرة أخرى بعد الطهر من جميع الدم إذا أراد
الزوج فراق المرأة، ولا يمسكها إذا أراد امساكها الا برجعة إذا كان الطلاق رجعيا،
والا بعقد جديد إذا كان غير رجعي.
[ المسألة 16: ] ما ذكرناه في المسألة السابقة من اشتراط خلو المرأة من دم الحيض
ودم النفاس انما يشترط في المرأة المدخول بها، فلا يعتبر ذلك في المرأة التي يطلقها
الزوج قبل الدخول، فيصح طلاقها وان كانت حائضا أو كانت نفساء، كما إذا وطأ المرأة
المعقودة غير زوجها بالشبهة فحملت منه ووضعت، وطلقها الزوج قبل دخوله بها وهي نفساء
بولادتها من الشبهة، فيصح طلاقها. وانما يشترط خلو المرأة من الحيض إذا كانت حائلا،
فلا يعتبر ذلك في المرأة إذا كانت حاملا مستبينة الحمل، فيصح طلاقها متى
استبان حملها وان كانت حائضا بناءا على ما هو الاقوى من أن الحامل قد تحيض، وانما
يشترط ذلك في المرأة إذا كان زوجها حاضرا يمكنه معرفة حالها في حال الطلاق، فإذا
كان غائبا يجهل أمرها ولا يمكنه العلم به سقط اعتبار هذا الشرط وصح طلاقها وان كانت
حائضا أو نفساء بالفعل، وسنذكر تفصيل ذلك في ما يأتي ان شاء الله تعالى.
[ المسألة 17: ] يشترط في صحة طلاق المرأة أن تكون حال طلاقها في طهر لم يجامعها
زوجها فيه، فلا يصح الطلاق إذا وقع في طهر المواقعة، الا إذا كانت صغيرة لم تبلغ
تسع سنين وان حرم الدخول بها، أو كانت كبيرة قد أيئست من المحيض، أو كانت حاملة قد
استبان حملها، فيصح طلاقها في هذه الفروض وان كانت في طهر المواقعة، ويسقط اعتبار
هذا الشرط في المرأة إذا كان الزوج المطلق غائبا لا يمكنه استعلام حالها إذا تمت
الاحوال والشروط التي يأتي بيانها.
[ المسألة 18: ] إذا جامع الرجل زوجته وكانت مسترابة، وأراد طلاقها بعد الوطء وجب
عليه أن يعتزلها ثلاثة أشهر من حين جماعه اياها، فإذا اعتزلها ولم يجامعها حتى تمت
المدة صح له طلاقها وان لم تنتقل إلى طهر آخر، ولا يصح له طلاقها قبل ذلك، الا إذا
حملت واستبان حملها، والمسترابة هي المرأة التي لا تحيض ولم تبلغ سن اليأس من
المحيض سواء كان عدم حيضها لامر اتفاقي حدث لها أم لكونها في أول البلوغ أم لكونها
مرضعة ذات لبن.
[ المسألة 19: ] يجب على الزوج تربص ثلاثة أشهر في طلاق المسترابة سواء كان الزوج
حاضرا أم غائبا ولا يكفي في صحة طلاق الغائب أن يتربص أقل من هذه المدة إذا كانت
المرأة مسترابة، ويكفي في ذلك ان يترك الرجل وطء المرأة في المدة المذكورة وان حصل
ذلك اتفاقا أو لسبب من الاسباب ولم يكن بقصد التربص للطلاق.
[ المسألة 20: ] إذا وطأ الرجل زوجته في أيام حيضها عامدا أو مخطئا، لم يكف في صحة
طلاقها أن تطهر من الحيض الذي واقعها فيه على الاحوط، بل لا يخلو ذلك من قوة، فلابد
من أن تحيض بعد ذلك ثم تطهر من الحيض.
[ المسألة 21: ] إذا كان الرجل غائبا عن زوجته وأراد طلاقها وهو يجهل حالها من حيض
أو نفاس أو طهر ولا يمكنه أن يستعلم عن ذلك منها أو من أحد مطلع على أمرها جاز له
أن يطلقها، وإذا طلقها صح طلاقه ونفذ، وان استبان بعد ذلك انها كانت حائضا في حين
الطلاق أو نفساء، سواء تولى طلاقها بنفسه أم طلقها وكيله، إذا كان الوكيل أيضا
جاهلا بأمر المرأة ولا تمكنه معرفة حالها.
[ المسألة 22: ] إذا غاب الرجل عن زوجته وكانت المرأة حائضا في وقت خروجه وأراد
طلاقها وجب عليه أن يصبر حتى يعلم بأن حيضها قد انتهى، وإذا علم أنها ذات عادة في
الحيض كفاه أن يصبر حتى يعلم بأن عادتها قد انتهت ثم يصح له أن يطلقها إذا شاء،
فإذا تربض كذلك ثم طلقها صح طلاقها وان علم بعد ذلك بأن الطلاق وقع في حال الحيض،
وكذلك الحكم إذا كانت المرأة نفساء في وقت خروج الزوج، فيجب عليه الصبر حتى يقطع
بانتهاء النفاس في الفرض الاول، ويكفيه العلم بانتهاء العادة في الفرض الثاني.
[ المسألة 23: ] إذا غاب الرجل عن زوجته وهي في طهر كان قد جامعها فيه، وأراد
طلاقها، فان كانت المرأة ذات عادة يعلم بها الزوج وجب عليه أن يصبر حتى يحصل له
العلم بأن المرأة بحسب عادتها قد انتقلت من طهرها الذي جامعها فيه إلى طهر آخر،
وإذا لم تكن لها عادة أو كان الرجل جاهلا بها، كفاه أن يتربص شهرا واحدا من حين
مواقعته اياها، وأولى من ذلك أن يتربص ثلاثة أشهر ثم يطلقها إذا شاء، فيصخ طلاقها
في هذه الفروض وان ظهر بعد ذلك ان طلاقه في طهر المواقعة.
[ المسألة 24: ] إذا غاب الرجل عن الزوجة وهي في طهر لم يواقعها فيه صح له ان
يطلقها متى شاء بملاحظة هذا الشرط وعليه أن يراعي ما تقدم من حيث الحيض والطهر.
[ المسألة 25: ] لا تختص الاحكام التي بيناها في المسائل السابقة بالزوج الغائب عن
المرأة، بل تعم الزوج الحاضر مع زوجته في البلد إذا كان كما اشترطنا في الغائب
جاهلا بأمر المرأة ويتعذر عليه أو يتعسر استعلام حالها في الحيض والنفاس وكونها في
طهر المواقعة وعدمه، فتجري فيه جميع الفروض المتقدمة وتنطبق عليه أحكامها، فيصح له
الطلاق في الموارد التي يصح الطلاق فيها للغائب، ويجب التربص عليه في الفروض التي
يجب التربص فيها على الغائب من غير فرق بينهما، ولا تجري الاحكام في الغائب إذا كان
ممن يمكنه أن يتعرف حال المرأة ولا يتعسر عليه، فلا يصح له الطلاق في حال الحيض أو
النفاس ولا في طهر المواقعة.
[ المسألة 26: ] إذا كان الزوج الغائب ممن يجب عليه التربص كما بينا في المسألة
الثالثة والعشرين، فطلق زوجته قبل أن تمضي المدة المعينة، فإذا استبان بعد ذلك أن
طلاقه قد كان في طهر المواقعة للمرأة أو في حال الحيض كان باطلا، وكذلك إذا لم
يستبن له شئ من أمرها فيكون الطلاق باطلا أيضا، وإذا ظهر بعد ذلك ان الطلاق وقع في
طهر لم يجامعها فيه صح الطلاق ونفذ.
[ المسألة 27: ] إذا طلق الرجل امرأته وهو يجهل حالها ولم يستعلم عن أمرها مع تمكنه
من الاستعلام، ثم علم أنها كانت حاملا في حين الطلاق، أشكل الحكم بصحة طلاقه لعدم
استبانة الحمل، ولذلك فلابد من مراعاة الاحتياط باعادة الطلاق إذا أراد الفراق،
والرجوع بالزوجة إذا كان الطلاق رجعيا وأراد الامساك وتجديد العقد إذا كان الطلاق
بائنا.
[ المسألة 28: ] تصدق المرأة إذا أخبرت عن نفسها بأنها حائض أو نفساء أو في طهر
منهما، وانها في طهر المواقعة أو في طهر آخر، وتترتب الاحكام على قولها فتطلق إذا
أخبرت بأنها في طهر، وفي طهر غير المواقعة، ويؤجل طلاقها إذا قالت انها في حيض أو
نفاس، أو في طهر المواقعة، ويشكل الحكم بقبول خبرها إذا كانت متهمة.
[ المسألة 29: ] إذا أخبرت المرأة بأنها طاهرة من الحيض والنفاس، أو أنها في طهر
غير طهر المواقعة فصدقها الزوج أو وكيله، وأوقع صيغة الطلاق، واخبرت بعد ذلك بأنها
كانت حائضا أو نفساء في حال الطلاق أو انها كانت في طهر المواقعة، لم يقبل خبرها
الثاني، وعمل على قولها الاول الا أن تقوم البينة أو القرينة القطعية على صحة قولها
الثاني فيكون هو المتبع.
[ المسألة 30: ] إذا علم الرجل بأن زوجته كانت طاهرة من الحيض أو من النفاس صباح
هذا اليوم مثلا، وشك بعد ساعة أو أكثر في نزول الحيض عليها فحكم بأنها لا تزال
طاهرة للاستصحاب، وطلقها، بنى على صحة طلاقها إذا لم ينكشف له خلاف ذلك، فإذا علم
أنها كانت حائضا في وقت طلاقها كان الطلاق باطلا، وكذا إذا علم بأنها طاهر، وشك في
انه واقعها في هذا الطهر أم لا، واستصحب عدم المواقعة وأجرى صيغة الطلاق فانه يبني
على صحة هذا الطلاق ما لم ينكشف له الخلاف، فإذا تذكر أنه قد جامع المرأة في هذا
الطهر كان الطلاق باطلا.
[ المسألة 31: ] يشترط في صحة الطلاق أن تكون المرأة المطلقة متعينة، فإذا كانت
للرجل زوجة واحدة، قال: زوجتي طالق صح طلاقها وينفذ، وان لم يذكر اسمها ولم يعينها
بذكر صفة أو اشارة، لانها متعينة في الواقع، وكذلك إذا عينتها القرائن القطعية،
ومثال ذلك: أن تكون للرجل زوجتان أو أكثر ثم يقع بينه وبين واحدة معينة منهن نفور
شديد وخلاف فيقول: زوجتي طالق، فان النفور وعدم الموافقة في الطباع يكون قرينة على
تعيين المطلقة من زوجاته. وإذا كانت له زوجتان أو أكثر، وقال: زوجتي طالق ولم يذكر
لها اسما ولا وصفا، ولم تعين القرائن واحدة منهن فان لم ينو في نفسه واحدة بعينها
كان الطلاق باطلا، وإذا نوى في نفسه طلاق واحدة معينة منهن كان الطلاق صحيحا عند
جماعة من الاكابر، والاحوط أن يذكر في الصيغة ما يدل على تعيين المرأة المقصودة
بالطلاق، ولا يكتفي بالنية وحدها، فعليه أن يعيد الطلاق مع التعيين.
[ الفصل الثاني ] [ في صيغة الطلاق ]
[ المسألة 32: ] لا يصح ايقاع الطلاق الا باللفظ مع القدرة، ولا يصح
ايقاعه الا بالصيغة العربية المخصوصة، وهي أن يقول الرجل لامرأته: أنت طالق، أو
يقول: زوجتي زينب طالق، أو يقول وهو يشير إليها هذه المرأة طالق أو هي طالق، أو
يقول وكيل الزوج: زينب زوجة موكلي علي طالق، ويقصد انشاء الطلاق بالصيغة المذكورة
ولا يقع بأن يقول الزوج أو وكيله: فلانة مطلقة، أو يقول: طلقت فلانة، أو يأتي بغير
ذلك من الالفاظ المشتقة من مادة الطلاق غير لفظ طالق. ولا يصح انشاء الطلاق
بالكنايات التي قد تستعمل لذلك، فيقول للمرأة: فارقتك، أو هذا فراق بيني وبينك، أو
يقول لها: الحقي بأهلك، أو حبلك على غاربك، أو أنت بائن أو مبانة مني، أو أنت خلية
أو أنت برية، أو يقول لها: اعتدي، فلا يصح أن ينشئ الطلاق بذلك ويقصد ابانة المرأة
من نكاحه.
[ المسألة 33: ] إذا قيل للزوج أو لوكيل الزوج في الطلاق: هل طلقت فلانة؟ فقال:
نعم، وهو يقصد انشاء الطلاق، بقوله نعم، لم يكن قوله هذا طلاقا على الاقوى.
[ المسألة 34: ] لا يصح ايقاع الطلاق بالكتابة ولا بالاشارة اذاا كان المطلق ممن
يقدر على النطق بالصيغة، فإذا عجز عن النطق بها كالاخرس وشبهه صح له ذلك، والاحوط
أن يقدم الكتابة على الاشارة إذا كان ممن يحسنها، والاحوط استحبابا أن لا يوقع
العاجز الطلاق بالكتابة أو الاشارة الا مع العجز عن التوكيل في اجراء الصيغة لمن
يحسن النطق بها.
[ المسألة 35: ] لا يقع الطلاق بترجمة الصيغة المذكورة في لغة غير عربية وان كانت
الترجمة مطابقة لها في المعنى، إذا كان المطلق قادرا على النطق بالصيغة العربية أو
قادرا على التوكيل في اجراء الصيغة، وإذا عجز عن النطق بها وعجز عن التوكيل في
اجرائها، كفته الترجمة المطابقة في أي لغة كانت، فإذا أتى بما يرادف الصيغة المعينة
وقصد بها انشاء الطلاق صح ونفذ.
[ المسألة 36: ] يجوز للرجل أن يوكل أحدا غيره في أن يطلق عنه زوجته إذا كان الوكيل
ممن يحسن اجراء الطلاق ولو بالتعلم، ويجوز له أن يوكل أحدا في أن يوكل ثالثا على
ايقاع الطلاق، ويجوز له أن يوكل أحدا وكالة مطلقة في أن تولى عنه طلاق الزوجة ان
شاء بمباشرته بنفسه وان شاء بتوكيل غيره، فيصح الطلاق إذا أجراه الوكيل أو أجراه
وكيل الوكيل على الوجه الصحيح، ولا فرق في الفروض المذكورة بين أن يكون الزوج حاضرا
أو غائبا.
[ المسألة 37: ] يجوز للزوج أن يوكل زوجته بنفسها في أن تجري صيغة طلاقها بنفسها
إذا كانت تحسن ذلك، ويجوز له أن يوكلها في أن توكل أحدا غيرها على اجراء طلاقها،
وان كان الاحوط استحبابا عدم توكيلها في كلتا الصورتين، بل لا يترك الاحتياط
بالاجتناب في طلاق الخلع والمباراة.
[ المسألة 38: ] إذا وكل الرجل المرأة في طلاق نفسها، وفوض ذلك إليها ان شاءت
الطلاق أو شاءت البقاء، فانما يصح الطلاق إذا انشأت صيغة الطلاق المعينة بالوكالة
عن الزوج كما ذكرنا، وإذا خير الرجل زوجته في ذلك، بقصد تفويض الامر إليها، فقالت:
قد اخترت نفسي، بقصد انشاء الفراق بينهما بذلك، لم يصح ذلك ولم تطلق منه.
[ المسألة 39: ] يشترط في صحة الطلاق أن ينشأ الطلاق منجزا بالفعل غير معلق، لا على
شئ يحتمل حدوثه وعدم حدوثه، ولا شئ غير موجود بالفعل ويعلم بوجوده في ما يأتي،
ومثال الاول أن يقول: إذا وصل عبد الله إلى البلد فزوجتي هند طالق، ومثال الثاني أن
يقول قبل الهلال: إذا هل هلال الشهر فهي طالق، وقد جرى اصطلاح الفقهاء ان يسموا
الاول تعليقا على شرط، ويسموا الثاني تعليقا على صفة، فلا يصح الطلاق إذا انشئ
معلقا في كلتا الصورتين. ويستثنى من ذلك ما إذا كان الشرط الذي علق عليه انشاء
الطلاق مقوما لصحة الطلاق، ومثال ذلك أن يشك الرجل في عقد المرأة عليه أو يشك في
صحة العقد لبعض الجهات التي أوجبت له الشك، فيقول: ان كانت زينب زوجتي فهي طالق،
فيصح التعليق في هذا المورد، فان الطلاق لا يحصل إذا لم يكن نكاح، ويصح طلاق المرأة
إذا كانت زوجة. ويستثنى من ذلك أيضا: ما إذا كانت الصفة التي علق عليها الطلاق
موجودة حين انشاء الصيغة، وكان المطلق عالما بوجودها، ومثال ذلك: أن يقول الزوج:
إذا كان هذا اليوم هو يوم الجمعة فأنت طالق، وكان اليوم الذي عناه هو يوم الجمعة،
والمطلق يعلم بذلك، فيصح الطلاق لعدم التعليق في الحقيقة.
[ المسألة 40: ] إذا قال الرجل لامرأته: أنت وكيلة عني في أن تطلقي نفسك مني، إذا
تأخرت النفقة عنك مدة شهرين أو أكثر، فان قصد بقوله أن توكيله اياها في طلاق نفسها
مشروط بتأخر النفقة عنها تلك المدة كانت الوكالة باطلة، لان انشاءها معلق على حصول
الشرط المذكور، وان أراد ان المرأة وكيلة عنه بالفعل على ايقاع الطلاق إذا تأخرت
النفقة، كانت الوكالة صحيحة وجاز لها ايقاع الطلاق إذا تأخرت النفقة، ودلالة قوله
على أحد المقصودين تتوقف على وجود القرينة عليه، ولا يبعد أن العبارة المتقدمة
ظاهرة في المعنى الثاني.
[ المسألة 41: ] يشترط في صحة الطلاق أن يكون ايقاعه بحضور شاهدين ذوي عدل من
الرجال يسمعان الصيغة فلا يصح الطلاق من غير اشهاد أو باشهاد غير عدول أو باشهاد
عدل واحد، ولا يكفي أن ينشئ صيغة الطلاق من غير حضور بينة، ثم يقر بالطلاق عند
حضورها، ولا يكفي أن يطلق بحضور شاهد عادل ويقر بالطلاق بحضور الشاهد الثاني، ولا
يكفي أن ينشئ الصيغة بحضور شاهد واحد ثم يكررها بحضور شاهد آخر، وإذا أنشأ الصيغة
بحضور أحد الشاهدين ثم حضر الآخر فانشأ الصيغة بحضور الشاهدين مرة ثانية، صح الثاني
لوجود الشرط دون الاول. ويعتبر سماع الشاهدين للصيغة، فإذا حضر الشاهدان في المجلس
وانشأ الرجل صيغة الطلاق فسمعها أحدهما ولم يسمعها الآخر، لانه اصم لا يسمع أو لانه
ذاهل غير ملتفت، لم يقع الطلاق، وإذا سمع الصيغة أحدهما ولم يسمعها الآخر لانه أصم،
ولكنه علم من الاشارة ومن حركات الشفتين واللسان أن الرجل أوقع صيغة طلاق فلانة،
اشكل الحكم بصحة الطلاق وان كان غير بعيد، والاحوط اعادة الطلاق بحضور شاهدين
وسماعهما.
[ المسألة 42: ] الظاهر انه يكفي في صحة الطلاق أن يسمع الشاهدان انشاء الطلاق وان
لم يكونا مجتمعين في مجلس واحد، كما إذا كان الشاهدان في موضعين متقاربين في المكان
وانشأ الرجل صيغة الطلاق وقصد اسماعهما فالتفتا وسمعا طلاقه، وكما إذا أنشأ الطلاق
بحضور أحد الشاهدين والآخر يسمع طلاقه بجهاز الهاتف، فالظاهر صحة الطلاق مع عدم
الشك بالزوج المطلق وبالمرأة المقصودة بالطلاق.
[ المسألة 43: ] يشترط أن يكون الشاهدان في الطلاق رجالا، فلا تفكي في ذلك شهادة
النساء منفردات ولا منضمات إلى الرجال.
[ المسألة 44: ] إذا وكل الزوج أحدا في طلاق زوجته لم يصح للوكيل أن يجعل الزوج أحد
الشاهدين في طلاق زوجته، وان كان ثابت العدالة، ولا يصح أن يجعل الوكيل نفسه شاهدا
في الطلاق وان كان ثابت العدالة كذلك، وإذا وكل الزوج أحدا على أن يوكل ثالثا عن
الزوج في طلاق امرأته، فانشأ هذا الثالث الطلاق بوكالته عن الزوج صح له ان يجعل
الوكيل على التوكيل شاهدا في الطلاق.
[ المسألة 45: ] الشاهد العادل هو الذي ثبتت له العدالة وهي الاستقامة على الشريعة،
وكانت استقامته عليها صفة ثابتة في نفسه وليست حاله عارضة لا قرار لها ولا ثبات،
والاستقامة على الشريعة هي الالتزام الكامل باتيان ما فيها من واجبات، واجتناب ما
فيها من محرمات كبائر والاصرار على الصغائر، وقد أوضحنا ذلك في المسألة الالف
والثامنة والثمانين وعدة مسائل تليها من كتاب الصلاة، فلتراجع ففيها بيان المراد في
المقام.
[ المسألة 46: ] الاشهاد المعتبر في الطلاق هو أن يكون الشاهدان حاضرين ملتفتين،
يسمعان الصيغة ويعرفان المراد منها، وان لم يدعهما المطلق للحضور أو إلى تحمل
الشهادة، فلا يكفي أن يحضرا وهما غافلان، أو مشغولان بأمر آخر غير ملتفتين، أو
يسمعان اللفظ ولا يفقهان المراد كما إذا كانا غير عربيين لا يفهمان معنى الصيغة
المنشأة.
[ المسألة 47: ] لا يكفي في صحه الطلاق أن يكون الشاهدان عدلين في اعتقاد المطلق،
وهما فاسقان في واقع الامر، فلا تترتب على الطلاق بشهادتهما آثار الطلاق الصحيح،
ولا يصح الطلاق كذلك إذا كان الشاهدان غير عادلين في اعتقاد الزوج وان كانا عدلين
مرضيين في اعتقاد الوكيل الذي أوقع الطلاق.
[ المسألة 48: ] لا يتعدد الطلاق بتكرر الصيغة إذا لم يتخلل بين الصيغتين رجوع
بنكاح المرأة المطلقة، فإذا قال الزوج أو قال وكيل الزوج: هند طالق، هي طالق، هي
طالق، وقع الطلاق مرة واحدة، سواء أراد بتكراره التأكيد والاحتياط، أم أراد ايقاع
ثلاث طلقات، وإذا قصد بها ايقاع ثلاث طلقات وقعت واحدة وألغيت الاخريان. وإذا تخلل
ما بين الصيغتين رجوع بالمرأة تعدد الطلاق، ومثال ذلك أن يقول الرجل: زوجتي هند
طالق، ثم يقول: رجعت بمطلقتي هند أو بزوجيتها، ثم يقول ثانيا، هند طالق، ثم يقول:
رجعت بهند، ثم يقول ثالثا هي طالق، فإذا أتمها كذلك كان الطلاق ثلاثا وحرمت المرأة
المطلقة عليه حتى تنكح زوجا غيره.
[ المسألة 49: ] إذا قال الزوج: زوجتي هند طالق ثلاثا، وأراد بقوله: انشاء الطلاق
ثلاثا بهذه الصيغة الواحدة، وقع الطلاق باطلا، وإذا قصد بالصيغة ايقاع الطلاق في
الجملة على حسب ما ورد في الشريعة، وقع الطلاق واحدا وألغي قوله ثلاث.
[ المسألة 50: ] إذا كان الرجل من أتباع أحد مذاهب الجمهور الذين يرون صحة الطلاق
ثلاثا، فطلق زوجته بالثلاث مرسلة أو مكررة وفقا لمذهبه، ألزم بالعمل بذلك، سواء
كانت زوجته من أتباع تلك المذاهب أيضا، أم كانت شيعية، فلا يصح منه الرجوع بها أو
العقد عليها حتى تنكح زوجا غيره، وإذا هو رجع بها في العدة أو عقد عليها بعد العدة
كان ذلك باطلا، الزاما له برأي مذهبه، وجاز التزويج بالمرأة بعد انقضاء عدتها من
الطلاق، وإذا كانت الزوجة شيعية جاز لها أن تتزوج بغيره بعد انقضاء عدتها منه.
وكذلك إذا حلف بطلاتها، أو طلقها وهي في طهر المواقعة أو في أيام الحيض أو النفاس،
أو طلقا طلاقا معلقا، أو بغير شاهدين عدلين مما يرى مذهبه صحة ذلك ونفوذه، فإذا
أجراه ألزم بالعمل وفق مذهبه، فتطلق منه زوجته بذلك، ويصح للشيعي التزويج بها بعد
انقضاء عدتها منه، سواء كانت الزوجة موافقة للمطلق في المذهب أم مخالفة له، وان كان
المذهب الشيعي لا يرى صحة ذلك الطلاق.
[ المسألة 51: ] ما ذكرناه من الزام أهل كل مذهب بما يقوله مذهبهم يجري في غير
المسلمين أيضا، فإذا طلق الرجل الذمي زوجته الذمية طلاقا يوافق به دينه وانقطعت
بذلك صلته الزوجية بالمرأة بعدة أو بغير عدة، كما يراها ذلك الدين، جاز التزويج
بتلك المطلقة بعد أن أصبحت خلية ليس لها زوج بمقتضى تعاليم دينهم.
[ المسألة 52: ] إذا كان الرجل من اتباع أحد المذاهب غير الشيعة، وطلق زوجته طلاقا
يوافق فيه مذهبه ويخالف مذهب الشيعة في بعض الشروط، كالطلاق في أيام الحيض وفي طهر
المواقعة وكالحلف بالطلاق وغير ذلك من موارد الخلاف بين المذهبين، ثم انتقل الرجل
إلى مذهب الشيعة، جرت عليه أحكام الشيعة، فإذا كان طلاقه فاقدا لبعض الشرائط كان
باطلا، وحكم ببقاء النكاح بينه وبين زوجته.
[ الفصل الثالث ] [ في أقسام الطلاق ]
[ المسألة 53: ] ما يوقعه الرجل على زوجته من الطلاق يكون على نحوين: أحدهما ما
يكون الطلاق مستجمعا لجميع الشرائط التي قدمنا ذكرها في الفصلين السابقين، وبينها
أنها أمور تعتبر في صحة الطلاق، فلا ينفذ الطلاق ولا تترتب عليه آثاره إذا فقد واحد
منها، ويسمى الطلاق الجامع للشروط المشار إليها: طلاق سنة.
وثانيهما ما يفقد فيه جميع الشروط المبينة، أو يفقد فيه بعضها وان كان المفقود شرطا
واحدا منها، ويسمى هذا: طلاق بدعة، وقد اتضح مما سبق أن طلاق البدعة يشمل عدة
أنواع، فمنه طلاق غير البالغ، وطلاق غير العاقل، وغير المختار، وغير القاصد، ومنه
طلاق المرأة الحائض في أيام حيضها وطلاق النفساء في أيام نفاسها حسب ما فصلنا ذكره
ومنه طلاق المرأة وهي في طهر جماعها، وطلاق المسترابة قبل أن تنتهي مدة التربص،
والطلاق المعلق وطلاق الثلاث، والطلاق بغير شهود، وغيرها مما تقدم توضيحه أو تقدمت
الاشارة إليه.
[ المسألة 54: ] ينقسم طلاق السنة إلى قسمين: رجعي، وبائن.
والرجعي هو الطلاق الذي يجوز للرجل بعده أن يرجع بنكاح المرأة المطلقة ما دامت في
العدة، والبائن هو الطلاق الذي ليس للرجل بعده أن يرجع بالمطلقة، والطلاق البائن
يكون على ستة أنواع:
(الاول): طلاق المرأة غير المدخول بها، سواء كانت صغيرة أم كبيرة.
(الثاني): طلاق الزوجة الصغيرة وهي التي لم يبلغ عمرها تسع سنين، وان كان الزوج قد
دخل بها، وقد تقدم الحكم بحرمة الدخول بها في كتاب النكاح، فإذا دخل الزوج بها كان
آثما بدخوله، وإذا طلقها بعد ذلك كان طلاقها بائنا لا رجوع فيه.
(الثالث): طلاق المرأة بعد أن تبلغ سن اليأس من المحيض، سواء دخل بها أم لم يدخل،
وهذه الاقسام الثلاثة من النساء لا تجب عليهن عدة بعد الطلاق.
(الرابع): طلاق الخلع إذا كرهت المرأة
زوجها فبذلت له مقدارا من المال، وطلقها الزوج على ذلك ولم ترجع في ما بذلت له من
الفدية، فيكون الطلاق بائنا، وإذا رجعت ببذلها بعد الطلاق، جاز للزوج أن يرجع بها
في العدة، فيكون الطلاق رجعيا، وإذا لم تكن المرأة ذات عدة كاليائسة وغير المدخول
بها، فلا يجوز لها أن ترجع بالبذل بعد الطلاق.
(الخامس): طلاق المباراة إذا بذلت المرأة للزوج فطلقها كذلك ولم ترجع بالبذل، فيكون
طلاقها بائنا لا رجعة فيه وتجري فيه الفروض والاحكام التي ذكرناها في طلاق الخلع.
(السادس): الطلاق الثالث الذي يأتي بعد
طلاقين قبله، متصلين به بحيث تكون بعد كل طلاق رجعة للزوج بالمرأة وان كان الرجوع
إليها بعقد جديد ولم تتزوج بينها بزوج آخر، فتبين المرأة بالطلاق الثالث.
[ المسألة 55: ] إذا طلق الرجل زوجته الحرة طلاقا رجعيا، ثم رجع بها في العدة، ثم
طلقها مرة ثانية كذلك، ثم رجع بها في العدة، ثم طلقها مرة ثالثة حرمت عليه المطلقة
فلم يجز له الرجوع بها في العدة، ولا تزويجها بعد العدة بعقد جديد ولم تحل له حتى
تنكح زوجا غيره، سواء دخل بالمرأة بعد رجوعه بها في المرة الاولى أو الثانية أو
فيهما معا أم لم يدخل بها، وحتى إذا وقعت الطلاقات الثلاثة في طهر واحد على النهج
المذكور أو في مجلس واحد. وكذلك إذا تزوج مطلقته بعد انتهاء العدة الرجعية أو بعد
الطلاق البائن، ثم طلقها وتزوجها أو رجع بها حتى استكملت ثلاث طلقات كذلك فتحرم
عليه المطلقة بعد الطلاق الثالث حتى تنكح زوجا غيره، وهذا كله في المرأة الحرة وان
كان الزوج المطلق عبدا.
[ المسألة 56: ] الطلاق العدي هو أن يطلق الرجل امرأته الحرة طلاقا رجعيا جامعا
للشرائط المعتبرة في صحة الطلاق، ثم يرجع بها في أثناء عدتها ويواقعها بعد الرجوع،
ويمهلها حتى تحيض بعد المواقعة وتطهر من الحيض، ثم يطلقها مرة ثانية كذلك، ويرجع
بها في عدتها ويواقعها بعد الرجعة، فإذا حاضت بعد الجماع وطهرت، طلقها مرة ثالثة،
فتحرم عليه المرأة بذلك حتى تنكح زوجا غيره، فإذا تزوجت رجلا، ووطأها الرجل على
الشروط الآتي بيانها ثم فارقها بموت أو طلاق، حل للرجل الاول أن يتزوجها، فإذا
تزوجها وصنع معها مثل صنعه السابق، فطلقها ثم الثالثة وهو الطلاق السادس حتى تنكح
زوجا غيره، فإذا نكحت على الوجه السابق بيانه وفارقت الزوج الآخر حلت للزوج الاول،
فإذا تزوجها وجامعها ثم طلقها طلاقا تام الشروط ورجع بها على نهج ما سبق، حتى أكمل
ثلاث تطليقات بينها رجعتان وبعد كل رجعة جماع، حرمت المرأة عليه بعد الطلاق الثالث،
ويكون هو التاسع من مجموع ما أوقعه على المرأة من الطلاق وتكون حرمتها مؤبدة، وقد
ذكرنا رجع بها في العدة وواقعها ثم طلقها في طهر غير طهر المواقعة، حتى أكمل ثلاث
تطليقات على التفصيل المذكور حرمت عليه في هذا في السبب الرابع من أسباب التحريم في
النكاح، وهذا إذا كانت المطلقة حرة سواء كان الزوج المطلق حرا أم عبدا مملوكا أم
مبعضا.
[ المسألة 57: ] إذا طلق الرجل زوجته الامة، ثم رجع بها في العدة أو تزوجها بعقد
مستأنف بعد العدة أو بعد الطلاق البائن، ثم طلقها مرة ثانية، حرم عليه نكاحها حتى
تنكح زوجا غيره، سواء دخل بها قبل أحد الطلاقين أم لم يدخل بها أصلا، أم دخل بها
قبل كل واحد منهما، وسواء كان الزوج المطلق حرا أم عبدا أم مبعضا.
[ المسألة 58: ] إذا طلق الرجل زوجته المملوكة بعد الدخول بها طلاقا رجعيا تام
الشروط، ثم رجع بها في أثناء العدة وواقعها بعد الرجوع، وطلقها مرة ثانية بعد أن
حاضت وطهرت، حرمت على المطلق حتى تنكح زوجا غيره، كما ذكرنا في المسألة المتقدمة،
فإذا نكحت زوجا آخر حرا أو عبدا أو مبعضا ودخل بها الزوج الثاني، ثم فارقها بموت أو
طلاق حلت بعد العدة منه للزوج الاول، فإذا تزوجها ودخل بها، وطلقها مرتين وبينهما
رجوع في العدة ودخول، حرمت عليه مرة ثانية حتى تنكح زوجا غيره كما سبق، فإذا نكحت
ودخل بها الزوج الثاني ثم فارقها حلت بعد العدة منه للزوج الاول، فإذا تزوج بها
ودخل وطلقها مرتين على نهج ما تقدم حرمت عليه حرمة مؤبدة على القول المشهور بين
الفقهاء، والقول به مشكل، ولكن الاحتياط بالاجتناب لا يترك وقد المائتين ذكرنا هذا
في المسألة والاربعين من كتاب النكاح.
[ المسألة 59: ] لا تثبت الحرمه المؤبدة للزوجة الحرة في طلاقها تسعا إذا فقد منه
بعض الشروط التي ذكرناها للحرمة فلا تحرم على الرجل إذا طلقها في جميع المرات التسع
أو في بعضها من غير دخول قبل كل طلاق، ولا تحرم عليه إذا لم تكن عودته إلى نكاح
المرأة برجعة إليها في العدة، بل كانت عودته بعقد مستأنف في جميع المرات أو في
بعضها، وان حرم نكاحها على الرجل بعد كل ثلاث طلقات يوقعها عليها حتى تنكح زوجا
غيره من غير فرق بين انحاء الطلاق الصحيح والرجوع قبله أو بعده، وكذلك الحكم في
الامة إذا طلقها الزوج مرتين على أي نحو من انحاء الطلاق والرجوع، فإذا نكحت زوجا
آخر، وفارقها بعد الوطء واعتدت منه حلت للاول مهما بلغ عدد الطلاق إذا لم تجتمع
شروط الطلاق العدي الذي يثبت بعده التحريم المؤبد، وان كان الاحوط استحبابا اجتناب
نكاح الحرة إذا بلغ طلاقها تسعا على أي نحو وقع من الانحاء واجتناب نكاح الامة إذا
بلغ طلاقها ستا غير جامع لشرائط التحريم.
[ المسألة 60: ] إذا حرمت المرأة على الرجل بعد أن يطلقها ثلاث مرات، لم تحل له حتى
تنكح زوجا غيره كما نطقت به الآية الكريمة، ويشترط في الزوج الذي تحل بنكاحه المرأة
على المطلق ثلاثا: أن يكون رجلا بالغا، وان يكون زواجه المرأة بالنكاح الدائم، وأن
يجامعها قبلا حتى ينزل، فلا تحل المرأة لزوجها الاول بنكاح الثاني إذا كان صبيا أو
مراهقا على الاقوى، وان جامعها بعد العقد عليها، ولا تحل بنكاحه إذا تزوجها بعقد
المتعة أو وطأها بملك اليمين أو بالتحليل إذا كانت أمة مملوكة، ولا تحل بنكاحه إذا
عقد عليها ولم يجامعها، أو جامعها دبرا أو جامعها قبلا ولم ينزل.
[ المسألة 61: ] نكاح الزوج الآخر للمطلقة على الوجه الآنف ذكره يهدم الطلقات
الثلاث كما بيناه، فتحل به المرأة للرجل الاول بعد ما حرمت عليه، ويهدم ما دون
الثلاث من الطلاق، فإذا تزوج الرجل امرأة وطلقها مرة أو مرتين ثم تزوجت رجلا غيره،
ثم تزوجها الاول لم تحرم عليه الا بثلاث طلقات جديدة، ولا يعد الطلاق الاول والثاني
السابقان منها.
[ المسألة 62: ] إذا طلق الرجل المرأة ثلاثا وحرمت عليه، ثم سألها عن حالها بعد
فترة، فقالت له: انها قد تزوجت من بعده رجلا غيره، وقد فارقها ذلك الزوج واعتدت
منه، كان له أن يصدق قولها ويتزوجها إذا كان صدقها محتملا، ولم يجب عليه أن يفحص
ويسأل إذا كانت موثوقة غير متهمة.
[ المسألة 63: ] إذا عقد الزوج الثاني على المطلقة ثلاثا، وخلا بها ثم طلقها، فادعت
ان الزوج قد أصاب منها ولم ينكر الرجل ذلك، صدق قولها وجاز للاول أن يتزوجها، وإذا
أنكر الزوج الثاني أنه دخل بها ولم يصدق قولها، اشكل الحكم بحلها للزوج الاول،
فلابد من الاحتياط.
[ المسألة 64: ] إذا تزوجت المطلقة ثلاثا زوجا ثانيا فوطأها وطأ محرما، فجامعها في
أيام حيضها مثلا أو في الصيام الواجب أو في أثناء الاحرام بحج أو بعمرة، كفى ذلك في
تحليلها للزوج الاول وان كان من فعلاه محرما عليهما. وإذا تزوجها الثاني ووطأها، ثم
ظهر بعد ذلك فساد عقدهما لم يصح ذلك ولم تحل به للاول، وكذلك إذا وطأها الثاني
لشبهة في غير هذه الصورة.
[ المسألة 65: ] ذكرنا في المسألة الثالثة والخمسين طلاق السنة، وهو ما اجتمعت فيه
شروط الصحة في الطلاق، ويقابله طلاق البدعة، وهو ما لم تتوفر فيه الشروط، سواء فقد
بعض الشروط أم فقد جميعها، كما أوضحناه في المسألة المذكورة، ويقال للاول طلاق
السنة بالمعنى الاعم. وقد يقول الفقهاء: طلاق السنة، ويعنون به ما يقابل العدي،
فالطلاق العدي هو ما يرجع به الرجل بزوجته في أثناء عدتها ثم يجامعها بعد الرجعة
ويطلقها بعد ذلك في طهر غير طهر المواقعة، وطلاق السنة هو ما يرجع فيه الرجع
بالمرأة في أثناء العدة ويطلقها من غير جماع، وقد يقولون: طلاق السنة بالمعنى الاخص
ويريدون به أن يطلق الرجل زوجته ولا يرجع بها حتى تنقضي عدتها ويتزوجها بعد العدة
وهكذا.
[ المسألة 66: ] إذا شك الرجل في أنه طلق زوجته أو لم يطلقها، بنى على انه لم
يطلقها وأن صلة النكاح بينه وبين المرأة لا تزال باقية، فيجوز له وطؤها وتجب عليه
نفقتها ويلزمه ترتيب آثار الزوجية لها.
[ المسألة 67: ] إذا طلق امرأته ورجع بها، وشك في عدد مرات الطلاق، هل طلقها مرتين،
فيجوز له الرجوع بها، أو طلقها ثلاثا، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، بنى على
الاقل، وهكذا إذا تعدد الطلاق العدي، وشك في أنه طلقها ثماني مرات، فيحل له الرجوع
بالزوجة، أو أنه طلقها تسعا، فتحرم عليه مؤبدا فيبني على الاقل.
[ الفصل الرابع ] [ في عدة الفراق ]
[ المسألة 68: ] تجب العدة على المرأة إذا فارقها الزوج بطلاق أو بفسخ
عقد لاحد الامور الموجبة لجواز الفسخ من عيب أو تدليس، أو بانفساخ النكاح لعروض أمر
يوجب ذلك كالرضاع والارتداد ونحوهما وبانقضاء الاجل أو هبة المدة في عقد المتعة، مع
مراعاة الشروط الآتي ذكرها، وهذا ما نذكره في هذا الفصل. وتجب عليها العدة لموت
الزوج، ولوطء الرجل للمرأة شبهة، وهذا ما نذكره في الفصلين الآتيين ان شاء الله
تعالى.
[ المسألة 69: ] دخول الرجل بالمرأة الذي تترتب عليه الاحكام من الغسل والمهر
والعدة في الطلاق وأخواته هو ايلاج الحشفة فيها في القبل أو الدبر سواء أنزل أم لم
ينزل، بل وان لم ينتشر العضو ولم ينعظ لمرض أو شبهه، وسواء كان فعله حلالا أم
حراما، كما إذا وطأها في حال الحيض أو في صوم واجب.
[ المسألة 70: ] إذا أمنى الزوج على فرج زوجته فسبق الماء إليه من غير دخول، أو
ادخل الماء فيه بمساحقة أو بتوسط أنبوب أو ابرة حاقنة، ثم طلقها الزوج أو فسخها أو
وهبها مدة المتعة، فالظاهر وجوب العدة على المرأة من فراقه وان لم يدخل بها، وعدتها
كعدة غيرها، وضع الحمل إذا كانت حاملا، وتربص ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إذا كانت
غير حامل وكان العقد دائما، وتربص حيضتين كاملتين أو خمسة وأربعين يوما إذا كانت
غير حامل وكان العقد منقطعا. وإذا استبرأت من الماء المذكور، ثم طلقها الزوج بعد
الاستبراء من غير دخول فالظاهر عدم وجوب العدة عليها.
[ المسألة 71: ] يحكم بتحقق اليأس من المحيض في المرأة إذا بلغت من العمر ستين سنة
تامة وكانت قرشية، أو بلغت خمسين سنة تامة وكانت غير قرشية، ويحكم ببلوغ الصبية
وخروجها عن حد الصغر إذا بلغت من العمر تسع سنين كاملة.
[ المسألة 72: ] إذا شك في المرأة هل هي قرشية أو غير قرشية كان لها حكم غير
القرشية فيحكم بيأسها إذا بلغت خمسين سنة، وإذا شك في المرأة هل بلغت سن اليأس أو
لم تبلغ ثبت لها حكم غير اليائسة، فإذا طلقت وجبت عليها العدة، وإذا شك في الصبية
هل أكملت تسع سنين أو لم تكمل لحقها حكم غير البالغة فلا تجب عليها العدة في الطلاق
وان دخل بها الزوج.
[ المسألة 73: ] إذا طلق المرأة زوجها قبل أن تيأس، فرأت دم الحيض مرة واحدة أو
مرتين ثم بلغت سن اليأس، وجب عليها أن تكمل عدتها بالاشهر، فإذا كانت قد اعتدت
بطهرين بعد الطلاق وقبل اليأس، أكملت العدة بشهر واحد وإذا رأت طهرا واحدا أكملت
العدة بشهرين، وإذا كانت قبل اليأس ممن تعتد بالاشهر، فاعتدت بشهر واحد أو بشهرين
ثم يئست أكملت عدتها ثلاثة أشهر.
[ المسألة 74: ] إذا فارق الزوج امرأته بطلاق أو فسخ أو بانقضاء أمد نكاحها إذا كان
منقطعا أو هبة المدة، وكانت المرأة حاملا من الزوج، فعدتها إلى أن تضع حملها سواء
طالت مدته أم قصرت، وان وضعته بعد الطلاق بفترة وجيزة، وان كان سقطا غير تام الخلفة
مضغة أو علقة إذا تحقق كونه حملا.
[ المسألة 75: ] إذا طلقها الزوج أو فسخها أو انقضت مدتها من نكاحه وكانت حاملا من
غيره اعتدت منه بالاقراء أو بالشهور كما يأتي تفصيله ان شاء الله تعالى، ولا صلة
لعدتها منه بالحمل، فان كان الحمل من الزنا اعتدت المرأة بالاقراء أو بالشهور لطلاق
الزوج ولم يكن للحمل أثر للزاني ولا للزوج المطلق، وان كان بوطء شبهة اعتدت بمدة
الحمل لوطء الشبهة واعتدت بالاقراء أو الشهور للطلاق وسيأتي الكلام في ما إذا كانت
حاملا من الزوج ثم وطئتت شبهة وفي تقدم الطلاق على وطء الشبهة وسبق الوطء على
الطلاق إذا كانت حائلا.
[ المسألة 76: ] إذا طلقها الزوج وكانت حاملا منه بأكثر من واحد، فالظاهر ان المرأة
لا تبين من الزوج حتى تضع الجنين الاخير مما في بطنها سواء كان الحمل باثنين أم
بأكثر، فإذا وضعت واحدا ولم تضع الآخر بعد، جاز للزوج أن يرجع بها فانها لا تزال في
العدة منه، وان كان الاحوط أن لا يرجع الزوج بالمرأة بعد وضع الاول وأن لا تنكح
المرأة زوجا غيره حتى تضع الاخير.
[ المسألة 77: ] إذا طلقت المرأة أو فسخ نكاحها أو انفسخ وكان النكاح دائما وهي غير
حامل من الزوج كانت عدتها بالاقراء أو بالشهور، فإذا كانت حرة مستقيمة الحيض،
فعدتها ثلاثة قروء، وإذا كانت أمة مستقيمة الحيض اعتدت بقرئين، ويراد بمستقيمة
الحيض من تكون مواعيد حيضها متعارفة بين النساء، والمتعارف بين النساء أن تحيض
المرأة في كل شهر مرة وقد تحيض في الشهر مرتين، وتلحق بها في الحكم من تحيض في
الشهرين مرة ومن تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة، فتعتد الحرة المطلقة في هذه الفروض
كلها بثلاثة قروء وتعتد الامة بقرءين.
[ المسألة 78: ] إذا كانت المطلقة ممن لا يأتيها الحيض وهي في السن التي تحيض فيه
أمثالها، فعدتها بالشهور فإذا كانت حرة اعتدت بثلاثة أشهر، وإذا كانت أمة اعتدت
بخمسة وأربعين يوما، سواء كان انقطاع الحيض عنها لسبب أصلي في خلقتها، أم لعارض من
مرض أو رضاع أو لكونها في أوائل البلوغ، وتلحق بها من كانت غير مستقيمة اليحض، وهي
من يفصل بين الحيضتين فيها ثلاثة أشهر أو أكثر، فتعتد من الطلاق بثلاثة أشهر إذا
كانت حرة، وبخمسة وأربعين يوما إذا كانت أمة.
[ المسألة 79: ] الاقراء التي تعتد بها المرأة إذا كانت مستقيمة الحيض هي الاطهار،
ويكفي في الطهر الاول من أطهار العدة ما يتحقق به مسمى الطهر، فإذا طلق الرجل
امرأته وهي طاهر، وبقيت بعد الطلاق على طهرها فترة وان كانت قليلة جدا، ثم طرقها
الحيض عدت تلك الفترة القليلة قرءا من اقراء العدة، فإذا كانت حرة أكملت عدتها
بقرءين آخرين، والقرء هنا هو النقاء الكامل بين الحيضتين سواء طالت مدته أم قصرت،
فإذا رأت أول الدم الثالث انتهت عدتها، وإذا كانت أمة أكملت عدتها بقرء آخر، فإذا
رأت أول الدم الثاني انتهت عدتها.
[ المسألة 80: ] إذا أوقع المطلق صيغة الطلاق في آخر طهر المرأة، فاتفق آخر صيغة
الطلاق مع آخر طهر المرأة، ولم يتخلل بين آخر الطلاق وأول الحيض شئ من الطهر حتى
لحظة، صح الطلاق لوقوعه في حال الطهر ووجب على المرأة إذا كانت حرة أن تعتد بثلاثة
أطهار تامة فلا تنقضي عدتها حتى ترى أول الحيض الرابع، ووجب على الامة أن تعتد
بطهرين كاملين، فلا تنتهي عدتها حتى ترى أول الحيض الثالث.
[ المسألة 81: ] إذا انقضى أجل المرأة المتمتع بها أو وهبها زوجها بقية المدة بعد
الدخول بها، وكانت حاملا من الزوج، وجب عليها أن تعتد منه مدة حملها، فإذا وضعت
حملها انقضت عدتها، سواء طالت المدة أم قصرت، وسواء وضعت حملها تاما أم ناقصا على
ما مر في بيان ذلك، وإذا كانت حائلا ومستقيمة الدم، فعدتها حيضتان كاملتان، على
الاقوى، فلا تنتهي الثانية من الحيضتين الا بالنقاء الكامل منها، ولا تعد الاولى
إذا نقص من أولها بعض الايام أو الساعات، فإذا انقضت مدة المتعة في أثناء الحيض أو
وهبها الزوج بقية المدة في أثنائه لم تعد تلك الحيضة الناقصة من العدة، ولابد من
حيضتين كاملتين بعدها، وإذا كانت المرأة حائلا وغير مستقيمة الدم أو كانت ممن لا
تحيض وهي لا تزال في سن من تحيض وجب عليها أن تعتد بخمسة وأربعين يوما وقد ذكرنا
هذا في فصل النكاح المنقطع من كتاب النكاح ولا فرق في هذه الاحكام بين أن تكون
المرأة المتمتع بها حرة أو أمة مملوكة.
[ المسألة 82: ] إذا فسخ النكاح بين الزوجين لعيب أو تدليس وكان الفسخ بعد الدخول
بالمرأة، فعدتها منه كعدة الطلاق على ما بيناه في الحامل وغير الحامل وفي الحرة
الدائمة والمتمتع بها، وكذلك: إذا انفسخ نكاحهما بأحد موجبات الانفساخ كالرضاع
والارتداد واسلام الزوجة مع بقاء الزوج على كفره، فعدتها في كل ذلك كعدة الطلاق،
وإذا ارتد الزوج وكان ارتداده عن فطرة بانت منه زوجته واعتدت منه عدة الوفاة،
والامة بحكم الحرة في جميع ذلك على الاحوط.
[ المسألة 83: ] إذا كانت المطلقة ومن هي في حكمها ممن تعتد بالاشهر، فالمعتبر في
عدتها هو الشهر الهلالي، سواء كان ناقصا أم تاما، فإذا طلقها زوجها أو فسخ نكاحها
في مطلع هلال الشهر، أتمت الشهور الثلاثة هلالية، وإذا طلقها في أثناء الشهر اعتدت
بقية الشهر الاول، وجعلت الشهر الثاني والثالث هلاليين، ثم أخذت من أيام الشهر
الرابع ما يتم به الشهر الاول ثلاثين يوما على الاحوط.
[ المسألة 84: ] إذا طلقت المرأة الامة أو فسخت وهي ممن يعتد بالايام لا بالقروء
وجب عليها أن تعتد بخمسة وأربعين يوما وان وقع طلاقها في هلال الشهر، فلا تكتفى
بشهر هلالي ونصف إذا كان ناقصا، وكذلك الحكم في المرأة المتمتع بها إذا انقضى أجلها
أو وهبت لها مدتها بعد الدخول بها وكانت ممن يعتد بالايام لا بالقروء، فيجب عليها
أن تتم خمسة وأربعين يوما.
[ المسألة 85: ] إذا وطأ السيد أمته بملك اليمين ثم اعتقها، وجب عليها أن تعتد منه
عدة الحرة في الطلاق فإذا كانت حاملا منه اعتدت حتى تضع حملها، وإذا كانت حائلا
اعتدت بثلاثة قروء أو بثلاثة أشهر حسب ما ذكرناه في عدة الحرة.
[ المسألة 86: ] تبدأ عدة الطلاق من حين ايقاع الطلاق على المرأة سواء علمت به أم
لم تعلم، وسواء كان الزوج حاضرا أم غائبا وسواء كانت المرأة صغيرة أم كبيرة، وكذلك
العدة في الفسخ والانفساخ، فإذا لم تعلم المرأة بوقوع الطلاق أو الفسخ حتى انقضت
العدة لم تجب عليها عدة أخرى.
[ المسألة 87: ] إذا سئلت المرأة عن حالها، فادعت انها حائض، صدق قولها فلا يجوز
للزوج ان يطلقها في تلك الحال وإذا طلقها كان طلاقه باطلا.
وإذا أوقع الرجل طلاق الزوجة، وادعت الزوجة بعد ذلك أن الطلاق باطل لانه وقع في حال
الحيض وانكر الزوج ذلك كان القول قول الزوج مع يمينه لانه يدعي الصحة.
[ المسألة 88: ] يقدم قول المرأة في انقضاء العدة وفي عدم انقضاءها، فإذا ادعت هي
ان عدتها قد انقضت ولا رجوع للرجل بها وأنكر الزوج انقضائها فالقول قولها مع
يمينها، وإذا ادعت هي أن العدة لم تنقض بعد وادعى الزوج ان العدة قد انقضت فلا حق
لها في النفقة، قدم قولها أيضا مع يمينها، سواء كانت عدتها بمدة الحمل أم بالاقراء
أم بالشهور.
[ المسألة 89: ] إذا قال الرجل: انه قد طلق المرأة قبل قوله وأخذ باقراره، حتى إذا
ادعى انه طلقها قبل مدة بحيث أن المرأة قد خرجت من العدة، فلا يكون له حق على
المرأة من حقوق الزوجية، ولا تسقط بذلك حقوق المرأة من النفقة في المدة السابقة على
اخباره لها بالطلاق، فتجوز لها مطالبته بذلك.
[ المسألة 90: ] مطلقة الانسان بالطلاق الرجعي بمنزلة الزوجة له ما دامت في عدته،
ولذلك فيحل لكل واحد منهما النظر إلى الآخر، ويجوز للرجل أن يدخل عليها بغير اذن،
ويستحب لها أن تظهر له زينتها، وتلزمه نفقتها من الطعام والادام والكسوة والسكنى،
إذا لم تكن ناشزة، وتجب عليها طاعته، ويحرم عليها أن تخرج من بيته بغير اذنه كما هو
الحكم في الزوجة، ويحرم عليه أن يتزوج بأختها ما دامت هي في العدة، وإذا كانت لديه
ثلاث زوجات، دائمات وهي رابعتهن لم يجز له أن يتزوج الخامسة ما دامت في العدة، ويجب
عليه دفع فطرتها إذا اتفق يوم الفطر في عدتها، وإذا ماتت وجب عليه كفنها وتجهيزها،
وإذا مات أحدهما في أثناء العدة ورثه الآخر كما يتوارث الزوجان.
[ المسألة 91: ] إذا طلق الرجل امرأته طلاقا بائنا، بانت منه المرأة وان كانت ذات
عدة، كالمختلعة، والمباراة المدخول بهما، والمطلقة ثلاثا بعد الدخول، فلا يترتب لها
شئ من آثار الزوجية، فلا توارث بينهما إذا مات أحدهما في العدة، ولا يحرم على الرجل
أن يتزوج أخت المرأة وهي في العدة، ولا يحرم عليه أن يتزوج بخامسة، ولا تستحق عليه
نفقة الا إذا كانت حاملا منه فتستحق النفقة حتى تضع حملها وقد ذكرنا هذا في فصل
النفقات من كتاب النكاح.
[ المسألة 92: ] لا يجوز للرجل أن يخرج مطلقته الرجعية من بيتها الذي عينه لسكناها
في أيام العدة، الا إذا أتت بفاحشة مبينة، كما إذا ارتكبت ما يوجب الحد، أو فعلت ما
يوجب النشوز، أو كانت بذيئة اللسان أو كانت تتردد إلى من لا يحل لها الاجتماع بهم
أو يترددون عليها. ولا يجوز لها أن تخرج من البيت الا باذن زوجها الا لضرورة تستدعي
ذلك، أو لاداء واجب قد ضاق وقته فيجوز لها الخروج بمقدار ما تتأدى به الضرورة.
[ المسألة 93: ] رجوع الرجل بمطلقته الرجعية: ايقاع من الايقاعات، ولذلك فلا يعتبر
في صحته قبول المرأة ولا رضاها به، فيصخ الرجوع من الزوج وان كرهت الزوجة ذلك
وردته، ورجوع الرجل بالمرأة يعني ارتجاعه لصلة النكاح بينه وبينها على ما كانت قبل
الطلاق، ولذلك فيصح انشاؤه بأي لفظ يدل على هذا المقصود، فيقول: رجعت بمطلقتي
فلانة، أو أرجعتها إلى زوجيتي، أو ارتجعتها إلى نكاحي، أو رددتها الي أو إلى نكاحي،
أو أمسكت بالزواج ما بيننا، وغير هذا من الالفاظ الدالة على المقصود وان كان ظهورها
فيه بمعونة القرائن، ويصح انشاؤه بالفعل، كما إذا ضم المطلقة إليه أو قبلها بشهوة،
أو لمس بعض المواضع منها أو فعل شبه ذلك مما لا يحل فعله لغير الزوج، وكان قاصدا به
الرجوع، فلا عبرة بفعل الساهي أو الناسي أو النائم أو الغالط، ولا عبرة بالفعل إذا
قصد به غير المطلقة، كما إذا ظن أو اعتقد أنها امرأة أخرى فقبل أو لمس، بل وحتى إذا
وطأها بذلك الاعتقاد.
[ المسألة 94: ] إذا وطأ الرجل مطلقته الرجعية وهي في أثناء عدتها منه كان ذلك
رجوعا بالمرأة وان لم يقصد بفعله الرجوع بها، وإذا فعل معها ما دون الوطء كالتقبيل
والضم واللمس وشبه ذلك فلا يكون ذلك رجوعا بها الا إذا قصد بفعله الرجوع بها.
[ المسألة 95: ] إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا، ثم أنكر الطلاق بعد ذلك وهي لا
تزال في عدتها منه، كان انكاره رجوعا بالمرأة، وان علم انه طلق زوجته وأشهد على
الطلاق.
[ المسألة 96: ] لا يشترط في صحه الرجوع بالمطلقة أن يكون بحضور شاهدين، وان كان
الاشهاد عليه أفضل وأحوط ولا يعتبر في صحته أن تعلم المرأة به حال الرجوع، فإذا رجع
الرجل بها ولم يشهد على رجعته أحدا ولم تعلم به المرأة صح رجوعه ورجعت المرأة إلى
زوجيته، فإذا ادعى الرجعة والعدة باقية، قبل قوله ولزم المرأة أن ترجع إلى زوجيته،
وإذا ادعى بعد العدة انه قد رجع بها في أثناء العدة احتاج في دعواه إلى ما يثبتها،
ومن أجل ذلك كان الاشهاد على الرجعة أفضل وأحوط.
[ المسألة 97: ] يصح للرجل أن يوكل أحدا في انشاء الرجعة بمطلقته، فيقول الوكيل
للمرأة: ارجعتك إلى نكاح موكلي فلان، أو رجعت بك إلى نكاحه أو يقول: ارجعت مطلقة
موكلي فلان إلى زواجه.
[ المسألة 98: ] إذا طلق الرجل زوجته ثم رجع بها بعد الطلاق، وادعى ان الطلاق بعد
الدخول فتكون المطلقة ذات عدة ويجوز له الرجوع بها، وأنكرت الزوجة الدخول ولذلك فلا
تكون لها عدة ولا تكون له رجعة، فالقول قول المرأة مع يمينها.
[ المسألة 99: ] جواز رجوع الرجل بمطلقته الرجعية في أيام عدتها انما هو حكم من
الاحكام الشرعية المجعولة وليس حقا من الحقوق ليكون قابلا للاسقاط، ولذلك فلا يسقط
إذا أسقطه الرجل باختياره أو صالحته المرأة عنه بعوض أو بغير عوض، فيصح له الرجوع
ما دامت في العدة.
[ المسألة 100: ] إذا طلق الرجل زوجته بعد الدخول بها طلاقا رجعيا، ثم رجع بها في
أثناء العدة، ثم طلقها من قبل أن يدخل بها بعد الرجوع، جرى عليها حكم الطلاق بعد
الدخول، فيجب عليها استيناف العدة تامة بعد الطلاق الثاني، ولا تسقط العدة عنها،
بتوهم انه طلاق قبل الدخول، سواء كان الطلاق الثاني رجعيا أم بائنا. وكذلك الحكم
على الاحوط لزوما في ما إذا طلق الرجل زوجته بعد الدخول بها طلاقا بائنا، ثم تزوجها
في أثناء العدة بعقد جديد، وطلقها قبل أن يدخل بها، فلا تسقط عنها العدة بذلك، على
الاحوط لزوما، وخصوصا في أمر الفروج، ويلزمها استيناف العدة من أولها. وقد يحتال
بذلك بعض الناس ليتخلص من عدة المرأة، فينكحها شخص آخر في يوم طلاقها الاول، وهو من
التلاعب في أمر الفروج، ولا حول ولا قوة الا بالله. وبحكم ذلك أن يتمتع المرأة رجل
ويواقعها ثم يهبها المدة ويعقد عليها في أثناء العدة بالعقد الدائم، ثم يطلقها قبل
الدخول أو يعقد عليها بالعقد المنقطع مرة ثانية ويهبها المدة قبل الدخول أيضا،
ليتخلص من العدة، ويتزوج المرأة رجل آخر في يومها، والاحتياط في جميع ذلك لازم كما
ذكرنا.
[ المسألة 101: ] يجوز للرجل الذي يطلق زوجته وهي حامل منه طلاقا رجعيا أن يرجع بها
قبل أن تضع حملها، ويجوز له بعد الرجوع بها أن يطلقها مرة ثانية قبل أن تضع حملها
أيضا، من غير فرق بين ان يواقعها بعد الرجعة أم لا ويجوز له أن يتكرر منه الطلاق
والرجوع قبل وضع الحمل، فإذا طلقها كذلك ثلاثا، لم يحل له نكاحها حتى تنكح زوجا
غيره بعد أن تخرج من عدتها بوضع الحمل وإذا وطأها بعد كل رجعة وقبل الطلاق منها كان
ذلك من الطلاق العدي، فإذا نكحت بعد الوضع زوجا ثم تزوجها وأكمل تسع طلقات على
الوجه المعتبر في الطلاق العدي حرمت المرأة عليه مؤبدا كما تقدم تفصيله. ويستحب له
إذا وطأها بعد الرجعة أن لا يطلقها الا بعد مضي شهر من مواقعته اياها، من غير فرق
بين الطلاق الثاني والثالث.
[ المسألة 102: ] إذا طلق الرجل زوجته وهي حائل ثم رجع بها، فان وطأها بعد الرجعة
لم يصح له طلاقها مرة ثانية الا في طهر آخر، أو بعد استبانة الحمل فيها، أو بعد مضي
ثلاثة أشهر إذا أصبحت مسترابة، وإذا لم يطأها بعد رجوعه بها، صح له طلاقها مرة
ثانية وان كانت في الطهر الاول، وكذلك الحكم إذا أراد تطليقها مرة ثالثة، ولكن
الاحوط استحبابا تفريق الطلقات على الاطهار.
[ المسألة 103: ] يكره للرجل المريض أن يطلق زوجته، وإذا طلقها كان طلاقه صحيحا،
فإذا انقضت عدتها أو كانت ممن لا عدة لها جاز لها أن تتزوج غيره.
[ المسألة 104: ] إذا طلق المريض زوجته ومات في ذلك المرض نفسه ورثته المرأة
المطلقة وان كان موته بعد طلاقها بسنة، سواء كان الطلاق رجعيا أم بائنا، وسواء كانت
المرأة من ذوات العدة أم لا، كاليائسة وغير المدخول بها. وانما ترثه بشروط اربعة.
الاول: أن يكون موت الرجل في المرض الذي طلقها فيه، فإذا برئ من ذلك المرض ثم مات،
لم ترثه المرأة وان كان موته بمرض يشابه مرضه الاول، الا إذا كان موته في أثناء
عدتها الرجعية فترثه لذلك لا للسبب الاول. الثاني: أن لا تتزوج المرأة غير الرجل
بعد طلاقها منه، فإذا انقضت عدتها من طلاقه أو كانت ممن لا عدة لها، فتزوجت بآخر لم
ترث من مطلقها إذا مات قبلها. الثالث: أن يكون موت الرجل ما بين طلاقه المرأة وبين
سنة، فإذا مات بعد الطلاق بأكثر من سنة ولو بيوم واحد ونحوه لم ترثه المرأة.
الرابع: ان لا يكون طلاقها خلعا أو مباراة، أو يكون الطلاق بطلب منها، فلا ترث
الرجل إذا كان طلاقها كذلك.
[ المسألة 105: ] إذا لم يقصد المريض بطلاقه اضرارا بالمرأة، كما إذا طلقها ليخلصها
من مشكلة يتوقع حدوثها عليها وكما إذا خاف طول مرضه، فطلقها لتتزوج بمن تشاء، ففي
ارثها منه إذا مات في غير العدة الرجعية اشكال، فلا يترك الاحتياط بالمصالحة بينها
وبين الورثة.
[ المسألة 106: ] لا فرق بين المريض والصحيح في حكم ميراثه هو من مطلقته إذا ماتت
هي قبله، فلا يرثها إذا كان الطلاق بائنا سواء كان موتها في أثناء العدة أم بعدها
أم كانت ممن لا عدة لها، ولا يرثها إذا ماتت بعد انقضاء العدة وان كان الطلاق
رجعيا، ويرثها إذا ماتت قبله وهي في عدتها الرجعية منه.
[ المسألة 107: ] لا يلحق بالطلاق غيره من أسباب الفراق كالفسخ بالعيوب أو التدليس
وحصول الرضاع المحرم واللعان ونحو ذلك، فإذا حصل أحد هذه الاسباب في مرض الرجل
فحرمت عليه المرأة، لم ترثه وان كان حصول السبب من جهته. ولا يلحق بالمرض غيره من
الاحوال المخوفة كالاسر الذي لا يأمن معه الاسير على نفسه، والاخذ لقصاص أو لحد،
فإذا طلق الرجل زوجته في تلك الحال لم ترثه، الا إذا كان الطلاق رجعيا وكان الموت
في العدة.
[ المسألة 108: ] إذا طلق الرجل زوجته ثم مات، فادعت المرأة أنه طلقها في حال مرضه،
وقال الوارث ان الميت طلقها في حال صحته، لم يثبت لها الميراث الا إذا أقامت البينة
على صدق قولها، أو أقامت البينة على انه طلقها في تأريخ معين وكان من المعلوم أو من
الثابت انه كان مريضا في ذلك الحين.
[ الفصل الخامس ] [ في عدة الوفاة ]
[ المسألة 109: ] تجب العدة على الزوجة إذا مات عنها زوجها، سواء كانت
كبيرة أم صغيرة، وحرة أم مملوكة ودائمة أم متمتعا بها، ومدخولا بها أم غير مدخول
بها، وحتى إذا كانت ذمية قد تزوجها مسلم، أو كانت طفلة قد تولى وليها عقدها على
الزوج وسواء كان الزوج المتوفى كبيرا أم صغيرا، وحرا أم عبدا، وعاقلا أو مجنونا،
وحتى إذا كان طفلا قد تولى وليه عقد الزوجة عليه.
[ المسألة 110: ] تعتد الزوجة الحرة من جميع الاقسام الآنف ذكرها من النساء إذا مات
الزوج وكانت حائلا بأربعة أشهر وعشرة أيام، وان كانت من ذوات الاقراء، أو كانت
يائسة من المحيض أو كان الزوج المتوفى عبدا مملوكا، وتعتد إذا كانت حاملا من الزوج
المتوفى بأبعد الاجلين من مدة الحمل، والمدة المتقدم ذكرها، فأيهما كان أطول أمدا
وجب عليها أن تأخذ به.
[ المسألة 111: ] الاحوط لزوما أن تعتد الامة المملوكة بما يساوي عدة الحرة في جميع
الفروض، فإذا كانت حائلا غير حامل اعتدت بأربعة أشهر وعشرة أيام، وإذا كانت حاملا
اعتدت بأبعد الاجلين من المدة المذكورة ومدة الحمل سواء كان الزوج عبدا أم حرا أم
مبعضا، وكذلك إذا اعتدت من وفاة سيدها وكان يطأها بالملك سواء كانت ذات ولد من
السيد أم لا.
[ المسألة 112: ] الشهور التي تعتدها المرأة المتوفى عنها زوجها هي الاشهر الهلالية
على الاظهر، فإذا اتفق موته في هلال الشهر، اعتدت زوجته أربعة أشهر هلالية سواء
كانت تامة أم ناقصة، ثم أتمتها بعشرة أيام من الشهر الخامس وإذا مات في أثناء
الشهر، اعتدت بقية ذلك الشهر، ثم اعتدت الاشهر الهلالية الثلاثة التي تأتي بعدها
سواء كانت تامه أم ناقصة، ثم اعتدت من الشهر الخامس ما يكمل الشهر الاول ثلاثين
يوما على الاحوط، واتمت العدة بعدها بعشرة أيام، والاحوط استحبابا أن تجعل العدة
كلها شهورا عددية في جميع الفروض، فتعتد بمائة وثلاثين يوما.
[ المسألة 113: ] إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا، ثم مات الرجل في أثناء عدة
المرأة وجب عليها أن تستأنف عدة الوفاة من حين موت الزوج، فإذا كانت غير حامل اعتدت
أربعة أشهر وعشرة أيام، وان كانت حاملا اعتدت بأبعد الاجلين، كما هو الحكم في
الزوجة، وسقطت عنها عدة الطلاق وإذا طلق الرجل زوجته طلاقا بائنا ثم مات في أثناء
عدتها، وجب عليها أن تكمل عدة الطلاق بالقروء أو بالشهور أو بمدة الحمل ولم تجب
عليها عدة بسبب الوفاة.
[ المسألة 114: ] يجب الحداد على المرأة المعتدة لوفاة ما دامت في العدة، ويراد
بالحداد ان تترك كل ما يعد استعماله زينة لها في نظر أهل العرف، في وجهها وشعرها
ورقبتها وجسدها وثيابها من خضاب، وأصباغ وعطور وكحل وحلي وألبسة وغيرها، والمرجع في
تعيين ذلك كله وتحديده إلى العرف كما ذكرنا، فقد تكون ألوان الثياب والملابس زينة،
وقد يكون تطريزها بالعلم والالوان المختلفة زينة، وقد تكون أزياؤها في الخياطة
والتفصيل زينة، ولا يمنع من دخول الحمام وتنظيف الجسد والثياب وتقليم الاظفار وشبه
ذلك إذا لم يعد في العرف تزينا، كتنظيف الوجه والرقبة والاطراف بالحلاقة أو حف
الشعر الخفيف، وتنظيف الثياب باعطائها ألوانا زاهية تجلب النظر، وتقليم الاظفار
وتنظيم الشعر بطرائق يستعملها أهل التزين والتجميل.
[ المسألة 115: ] لا يختلف الحكم في وجوب الحداد على الزوجة المعتدة لوفاة زوجها
بين أن تكون مسلمة وذمية، ودائمة، ومتمتعا بها، ولا بين أن يكون الزوج صغيرا
وكبيرا، ولا يترك الاحتياط في الصغيرة والمجنونة، فعلى الولي أن يجنبهما ما يعد
زينة من اللباس وغيره ما دامتا في العدة.
[ المسألة 116: ] لا يجب الحداد على الامة المملوكة في عدة وفاة زوجها إذا كانت
متزوجة، ولا في وفاة مالكها إذا كانت موطوءة له بالملك.
[ المسألة 117: ] لا يترك الاحتياط للمرأة المعتدة لوفاة زوجها بأن لا تخرج من
بيتها الا لضرورة أو لقضاء حاجة أو لفعل طاعة، من حج أو زيارة ونحوهما، أو لاداء
بعض الحقوق، والمراد بالضرورة الضرورة العرفية.
[ المسألة 118: ] يجب على المرأة أن تبتدئ في عدة الوفاة من حين بلوغ خبر الوفاة
إليها، كما إذا كان الزوج غائبا عنها في سفر أو سجن ولم يصل خبر موته إليها الا بعد
مدة، وكذلك إذا كان حاضرا ولم تعلم بوفاته الا بعد مدة لسبب من الاسباب، والمعيار
أن يصلها الخبر على وجه يعتمد عليه العقلاء، ويحصل لهم الاطمئنان بوقوع الوفاة فإذا
بلغها الخبر كذلك وجب عليها الاعتداد ولم تحتج إلى قيام بينة أو شهادة عدل.
[ المسألة 119: ] إذا غاب الرجل عن زوجته وبلده غيبة طويلة وانقطعت اخباره ولم يعلم
بموضعه من البلاد وعلمت المرأة بحياته وجب عليها الصبر إلى أن تعلم بموته أو بطلاقه
اياها وان طالت المدة.
[ المسألة 120: ] إذا فقد الرجل وانقطعت اخباره عن أهله وزوجته، ولم يعلم أهو حي أم
ميت، وكان له ولي يتولى الانفاق على الزوجة من مال الرجل، أو كان له ولي أو قريب أو
متبرع ينفق عليها من مال نفسه في غيبة الرجل، وجب على المرأة أن تصبر وتنتظر حتى
يأتي الله لها بالفرج، أو تعلم بوفاة الزوج أو بطلاقه اياها، وإذا لم يكن للرجل مال
ولم تجد وليا أو متبرعا ينفق عليها، كان لها الخيار بين أن تصبر وتنتظر، وأن ترفع
أمرها إلى الحاكم الشرعي وتخبره بحالها، فإذا رفعت الامر إليه، ضرب لها أجلا من ذلك
اليوم إلى مدة أربع سنين، وفحص عن الرجل في المدة المذكورة في الجهات التي فقد فيها
والتي يحتمل وجوده بها، فان تبين له ان الرجل لا يزال حيا وجب عليها الصبر كما تقدم
حتى يحصل لها العلم بالموت أو الطلاق، وان تبين موت الرجل اعتدت المرأة عدة الوفاة،
ثم تزوجت ان شاءت، وان لم يتبين للحاكم الشرعي موت الرجل ولا حياته، فان كان للرجل
ولي قد فوض إليه أن يتولى عنه أموره أو يتصرف في شؤونه بالوكالة عنه، أمر الحاكم
ذلك الولي المفوض بأن يطلق المرأة عن زوجها، وإذا امتنع عن الطلاق أجبره عليه، وإذا
لم يمكن جبره أو لم يكن للرجل الغائب ولي مفوض كذلك، تولى الحاكم الشرعي طلاق
المرأة، فإذا طلقها الولي أو الحاكم اعتدت من الرجل عدة الوفاة، فإذا تم الطلاق على
الوجه الآنف ذكره وانقضت العدة جاز لها أن تتزوج من تشاء.
[ المسألة 121: ] الطلاق الذي يوقعه ولي المفقود أو الحاكم الشرعي على زوجة المفقود
بعد أن يتم الاجل والفحص، طلاق رجعي، والمطلقة في أيام عدتها مطلقة رجعية، وان كانت
العدة بقدر عدة الوفاة، ولذلك فلا يجب على المرأه الحداد في ايام العدة، وتستحق
المرأة النفقة من مال الرجل ما دامت في العدة كما تستحقها المطلقة الرجعية، وإذا
ماتت المرأة في غضون العدة، وعلم أن الرجل كان حيا وقت موتها، ورث من مالها نصيب
الزوج، وإذا مات الرجل وعلم أن موته كان في أيام العدة ورثت المرأة من تركته نصيب
الزوجة كما هو الحكم في توارث الزوجين إذا مات أحدهما في العدة الرجعية.
[ المسألة 122: ] إذا قدم المفقود إلى أهله بعد القضاء الاجل الذي ضربه الحاكم
الشرعي للزوجة وبعد أن تم الفحص في المدة عن المفقود، وقيل ايقاع الطلاق من الولي
أو من الحاكم الشرعي، فالزوجة لا تزال زوجته، وليس لها الامتناع منه، ولا يقع
الطلاق عليها الا برضاه، وإذا قدم بعد اجراء الطلاق وفي أثناء العدة، كان له الرجوع
بالمطلقة ما دامت في العدة، وجاز له ابقاء الطلاق حتى تنتهي العدة وتبين المطلقة،
وإذا قدم بعد الطلاق وانتهاء العدة فلا سبيل له على المرأة سواء تزوجت غيره أم لا،
وإذا لم تتزوج بعد العدة جاز لهما استئناف النكاح بعقد جديد.
[ المسألة 123: ] إذا بلغ الزوجة خبر وفاه الزوج المفقود وهي في أثناء المدة التي
ضربها الحاكم الشرعي للفحص، وهي الاربع سنين، وجب على المرأة ان تعتد له عدة
الوفاة، وكذلك إذا بلغها خبر وفاته بعد انقضاء المدة وقبل اجراء الطلاق، ويجب عليها
الحداد في كلا الفرضين. وإذا بلغها خبر وفاته وهي في أثناء العدة منه وبعد الطلاق
فالاحوط لها أن تستأنف عدة الوفاة من حين وصول الخبر إليها، بل لعل ذلك هو الاقوى.
وإذا بلغها خبر وفاته بعد أن انقضت عدتها منه وكان موته بعد العدة أيضا لم يجب
عليها الاعتداد لوفاته، سواء كان بلوغ الخبر لها بعد أن تزوجت أم قبله، وإذا بلغها
الخبر بعد انقضاء العدة وكان موته قبل العدة أو في أثنائها، أشكل الحكم بسقوط عدة
الوفاة عنها ولا يترك الاحتياط.
[ المسألة 124: ] إذا كان للرجل المفقود عدة زوجات ورفعت احداهن أمرها إلى الحاكم
الشرعي فأجلها أربع سنين، وبحث عن الرجل في المدة المذكورة ولم يستبن من أمره شئ،
وطلق المرأة، ثم طلب باقي الزوجات أو بعضهن من الحاكم أن يطلقهن من الرجل، أشكل
الحكم بكفاية التأجيل والفحص المتقدمين في صحة طلاق الباقي. وإذا رفع الزوجات جميعا
أمرهن إلى الحاكم، أجلهن أربع سنين وفحص عن المفقود في المدة، واكتفى بذلك في اجراء
الحكم عليهن جميعا، فيصح له طلاقهن جميعا.
[ المسألة 125: ] الاحوط لزوما أن يكون تأجيل المدة والفحص عن الرجل المفقود فيها
بأمر من الحاكم كما ذكرناه فلا يكتفى في اجراء الحكم بأن تمر على فقد الرجل أربع
سنين كاملة ويحصل الفحص عن الرجل في جميع المدة من المرأة أو من بعض أهلها فلا يعثر
له على خبر، إذا لم يكن التأجيل والفحص بأمر من الحاكم وتحت اشرافه، فلا تطلق
المرأة اعتمادا على ذلك، وتشكل جدا صحة هذا الطلاق وترتيب آثاره المقصودة عليه.
[ المسألة 126: ] الفحص والطلب للرجل المفقود من الامور العرفية، وطرائفة بين الناس
معلومة معروفة، وليس للشرع في ذلك طريقة خاصة غيرها، فقد يكون الفحص بارسال شخص أو
أشخاص معتمدين ممن يعرفون الرجل المفقود ويحيطون علما بمشخصاته ومعرفاته، وممن
يهتمون بالامر ويجدون في الطلب والسؤال في البلاد والاطراف التي يحتمل وجود الرجل
فيها، ويدأبون في التنقل والفحص، والاجتماع بالناس الذين تذكر أو تحتمل لهم الخبرة
بمعرفة الرجل ويعرفونهم بخطر مهمتهم ومقصدهم، ويذكرون لهم صفة الرجل واسمه ونسبه
وملامحه ومشخصاته ليساعدوهم في الوصول إلى الغاية بنشر الخبر وكثرة السؤال والبحث
عنه في الاطراف والنواحي والاماكن المحتملة، وتسجيل ما يحتاج إلى التسجيل، وقد يكون
بالمراسلات إلى جماعة ممن يعتمد عليهم في أمثال ذلك ليتحققوا، ويبحثوا عن الرجل في
الاماكن والجهات التي تكون قبلهم ثم يعرفوا الحاكم الشرعي أو وكيله بالنتائج، وقد
يكون بالمكالمات الهاتفية أو اللاسلكية وأمثالها، وقد يكون بنشر اعلانات واستفهامات
يذكر فيها اسم الرجل ومعرفاته وسماته، وقد يكون بنشر صوره، وقد يكون بالسؤال الدائب
من أهل حرفة الرجل وصنعته والاشخاص الذين يتمل تعامله معهم في البلاد.
[ المسألة 127: ] يمكن للحاكم الشرعي بعد أن يضرب الاجل أن يوكل الامر في البحث
والتحري عن الرجل إلى شخص غيره أو إلى أشخاص ممن يعتمد عليهم في ذلك ويقومون به على
الوجه المطلوب، كبعض أرحام الرجل أو بعض أقارب المرأة أو المرأة نفسها، والمدار أن
يكون الطلب بأمر الحاكم وأن يقع على الوجه المطلوب، وأن يكون الحاكم على معرفه من
النتائج.
[ المسألة 128: ] يعتبر في الشخص أو الاشخاص الذين يوكل إليهم أمر التحري بالسؤال
منهم أو المراسلة إليهم أن يكونوا من أهل الثقة والاطمئنان إلى أقوالهم وأن يكونوا
ممن يهتمون بالامر لتترتب على أفعالهم وأقوالهم النتائج الشرعية ولا تشترط فيهم
العدالة.
[ المسألة 129: ] يجب الفحص والتحري في البلاد والجهات والاماكن التي يظن وجود
المفقود فيها، أو التي يحتمل وجوده فيها احتمالا يعتنى به عند العقلاء، ولا يكتفى
بالفحص في بلد خاص أو في أمكنة وجهات خاصة منها عن الفحص والتحري في بلاد وجهات
وأماكن أخرى إذا كان احتمال وجود الرجل فيها قريبا معتدا به، ولا يجب الفحص في بلاد
أو جهات أو أماكن يكون احتمال وجوده فيها ضعيفا لا يعتنى به بين الناس. وإذا فقد
الرجل في بلد معين أو في أماكن معينة، وعلم أو ظهر من القرائن انه لم ينتقل منها
إلى غيرها، وجب الفحص في ذلك البلد وفي تلك الاماكن خاصة، ولم يجب الفحص في غيرها.
[ المسألة 130: ] يجب الفحص عن الرجل مدة أربع سنين، وهي المدة التي يضربها الحاكم
الشرعي للمرأة حين ترفع أمرها إليه، ولا يجب استيعاب المدة كلها بالفحص المتصل
فيها، بل يكفي أن يقع الفحص على فترات غير متباعدة ما بينها، طوال المدة المذكورة،
بحيث يصدق أن الفحص عن الرجل قد استمر في جميع المدة.
[ المسألة 131: ] يجب الفحص والتحري في المدة المعينة ما دام احتمال العثور على
الرجل موجودا، وكان الاحتمال مما يعتد به عند العقلاء، فإذا حصل الفحص التام، بحيث
اصبح احتمال وجدانه ضعيفا لا يعتد به أو اصبح متيقن العدم لم يجب الفحص بعد ذلك،
ولا يقع الطلاق ولا غيره من النتائج حتى تتم المدة كلها، وإذا تجدد احتمال العثور
عليه وكان معتدا به، والمدة باقية وجب الفحص.
[ المسألة 132: ] تجري الاحكام الآنف ذكرها إذا فقد الزوج، سواء كان حرا أم عبدا أم
مبعضا، وسواء كانت الزوجة التي ترفع أمرها إلى الحاكم حرة أم أمة أم مبعضة، وتختص
في ما إذا كان النكاح بين الزوجين نكاحا دائما ولا تجري في ما إذا كان منقطعا.
[ المسألة 133: ] لا يتعين على المرأة أن تختار الطلاق من الزوج المفقود، وان كانت
قد رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي، وتم الاجل والفحص في أربعة أعوام، فيصح لها بعد
ذلك أن تختار البقاء على الزوجية، وإذا اختارت البقاء على الزوجية، فيجوز لها أن
تعدل عن ذلك وتطلب الطلاق من الحاكم، وإذا طلبت الطلاق منه طلقها ولم يفتقر إلى ضرب
أجل مرة ثانية وتجديد فحص.
[ المسألة 134: ] إذا فقد الرجل، وحصل لزوجته علم بموته لبعض القرائن، واعتدت منه
عدة الوفاة، جاز لها بعد العدة أن تتزوج اعتمادا على علمها، وان لم ترفع أمرها إلى
الحاكم ولم يؤجلها ولم يفحص ولم يطلق. ويشكل الحكم في من يعلم بفقد الزوج، وانها لم
تجر على الطريقة الشرعية للمفقود زوجها من التأجيل والفحص والطلاق، فالاحوط له ان
لا يتزوجها ولا يتولى عقدها لغيره بالوكالة عنها، فإذا أرادت الزواج تزوجت من لا
يعلم بالامر، وإذا أرادت التوكيل في العقد وكلت مثله.
[ المسألة 135: ] وجوب الحداد على الزوجة في عدة وفاة زوجها وجوب تكليفي عليها وليس
شرطا في صحة العدة، فإذا تعمدت تركه في جميع العدة أو في بعضها كانت عاصية آثمة،
ولم يجب عليها أن تستأنف العدة مع الحداد أو تستأنف الايام التي تركته فيها، وكذلك
إذا تركته ناسية أو جاهلة لم تبطل عدتها بتركه فإذا هي أكملت أيام العدة جاز لها أن
تتزوج.
[ الفصل السادس ] [ في عدة وطء الشبهة ]
[ المسألة 136: ] وطء الشبهة هو أن يطأ الرجل المرأة أجنبية عنه وهو
يعتقد أن وطأها يحل له، لشبهة في الموضوع أو لشبهة في الحكم، ومثال الاول أن يطأ
المرأة الاجنبية، وهو يتوهم أنها زوجته أو أنها مملوكته أو أنها أمة حللها له
مالكها، ومثال الثاني أن يعقد الرجل على المرأة ويطأها، ثم يعلم بفساد العقد لوجود
سبب يحرم عليه نكاحها من رضاع أو مصاهرة أو كونها ذات بعل أو ذات عدة، أو لفقد شرط
من شروط الصحة، وتراجع المسألة المائة والحادية والثلاثون من كتاب النكاح.
[ المسألة 137: ] تجب العدة على المرأة الموطوءة بالشبهة، سواء كانت ذات بعل أم ذات
عدة أم لم تكن كذلك، وسواء كانت الشبهة في الموضوع أم في الحكم كما بينا، وسواء
كانت الشبهة من الرجل والمرأة كليهما أم من الرجل خاصة، ولا تجب العدة على المرأة
الموطوءة إذا كانت الشبهة منها خاصة وكان الرجل عالما بالتحريم، فانه يكون زانيا.
[ المسألة 138: ] لا تجب العدة على المرأة المزني بها، سواء كانت ذات بعل أم لا،
وسواء حملت من الزنا أم لم تحمل، فلا يحرم وطؤها على زوجها إذا كانت ذات بعل، ولا
تحرم على سيدها إذا كانت موطوءة له بالملك، ولا يحرم التزويج بها إذا كانت خلية لا
زوج لها، والاحوط لزوما ان يستبرأ رحمها من ماء الزنا بحيضة قبل الزواج بها وان كان
الذي يريد الزواج بها هو الزاني نفسه، وتلاحظ المسالة المائتان والثامنة والعشرون
وما بعدها وما يليهما من كتاب النكاح.
[ المسألة 139: ] تعتد المرأة من وطء الشبهة كعدة الطلاق، فإذا حملت من وطء الشبهة
فعدتها وضع الحمل وان وضعته ناقصا، وان لم تحمل فعدتها ثلاثة قروء إذا كانت مستقيمة
الحيض، وإذا كانت غير مستقيمة الحيض أو كانت ممن لا يطرقها الحيض وهي في سن من تحيض
فعدتها ثلاثة اشهر على نهج ما أوضحناه في عدة الطلاق.
[ المسألة 140: ] لا عدة على الصغيرة التي لم تبلغ تسع سنين إذا وطأها رجل بالشبهة،
ولا على الكبيرة اليائسة من المحيض كذلك كما لا عدة لهما في الطلاق.
[ المسألة 141: ] لا يترك الاحتياط لزوما في ان تبدأ المرأة في عدة وطء الشبهة من
حين ارتفاع الشبهة لا من حين حصول الوطء.
[ المسألة 142: ] لا يجوز لزوج المرأة أن يطأ زوجته وهي في عدة وطء الشبهة من رجل
غيره، والظاهر من دليل العدة تحريم جميع الاستمتاعات على الزوج ما دامت العدة لا
خصوص الوطء.
[ المسألة 143: ] إذا كانت المرأة ذات عدة من وطء الشبهة وكانت خلية من الزوج لم
يجز لاحد الزواج بها ما دامت في العدة، ولا يمنع صاحب العدة نفسه من ذلك، فيجوز له
ان يتزوجها وهي معتدة من وطئه وقد ذكرنا هذا في المسألة المائتين والثالثة والعشرين
من كتاب النكاح.
[ المسألة 144: ] إذا تحقق للمرأة سببان لوجوب عدتين عليها، فالاحوط لزوما ان لم
يكن ذلك هو الاقوى ان تعتد لكل سبب منهما عدة مستقلة، ولا تتداخل العدتان، ومثال
ذلك أن يطلق الرجل زوجته المدخول بها، ثم يطأها رجل آخر وطء شبهة، ومن أمثلة ذلك أن
يموت الزوج فتعتد المرأة له عدة الوفاة، ثم يطأها رجل وطء شبهة في أثناء عدتها، ومن
أمثلة ذلك أن يطأ المرأة رجل وطء شبهة فتعتد منه لوطء الشبهة، ثم يطلقها الزوج أو
يموت عنها فتجب عليها عدة الطلاق أو عدة الوفاة، ومن أمثلة ذلك أن يطأ المرأة رجل
وطء شبهة ثم يطأها رجل آخر كذلك، فيجب على المرأة أن تعتد عدتين مستقلتين في
الامثلة المذكورة على الاحوط. فإذا كانت حاملا من أحد الرجلين جعلت مدة الحمل عدة
للرجل الذي ينسب له الحمل سواء كان هو الزوج المطلق أم كان هو الرجل الواطئ
بالشبهة، وسواء كان وجوب الاعتداد له سابقا على صاحبه أم كان متأخرا عنه، فإذا وضعت
الحمل انتهت عدته، وابتدأت عدة الآخر، وإذا تأخر النفاس فترة عن وضع الحمل عدت هذه
الفترة قرءا من اقراء العدة الاخرى. وإذا كانت المرأة حاملا من الزوج وقد مات اعتدت
عنه بأبعد الاجلين، فإذا أتمت ذلك بدأت عدتها للآخر، وإذا لم تكن المرأة حاملا من
الرجلين اعتدت للسابق منهما في ايجاب العدة عليها، فإذا أتمت عدته بدأت عدة اللاحق.
[ المسألة 145: ] إذا طلق الرجل زوجته واعتدت منه قرءا واحدا أو قرءين، ثم وطأها
رجل آخر بالشبهة وحملت منه، قطعت عدتها الاولى وجعلت مدة الحمل عدة للواطئ بالشبهة
كما ذكرنا، فإذا وضعت الحمل انقضت عدته، ثم أكملت عدة الطلاق التي قطعتها، وكذلك
الحكم إذا وطأ المرأة أحد بالشبهة واعتدت منه قرءا أو قرءين، ثم طلقها الزوج أو مات
عنها وقد حملت منه، جعلت مدة الحمل عدة للطلاق أو الوفاة، وإذا أتمت ذلك أكملت عدة
الوطء بالشبهة.
[ المسألة 146: ] لا فرق في لزوم الاحتياط الذي ذكرناه في المسألة المائة والرابعة
والاربعين بين ان تكون العدتان اللتان وجبتا على المرأة لرجل واحد وان تكونا
لرجلين، فيلزمها ان تعتد بعدتين مستقلتين إذا تحقق لكل واحدة منهما سبب مستقل، وان
كانت العدتان لرجل واحد، ومثال ذلك أن يطأ المرأة رجل وطء شبهة فتجب العدة عليها
بسبب ذلك، ثم يطأها الرجل نفسه كذلك مرة أخرى فتلزمها لذلك عدة ثانية، ومن أمثلة
ذلك أن يطلق الرجل زوجته طلاقا بائنا، فتجب عليها عدة الطلاق، ثم يطأها المطلق نفسه
بالشبهة فتلزمها له عدة أخرى، فعليها الاحتياط في المثالين، ويجري فيهما التفصيل
الذي ذكرناه في المسألتين السابقتين.
[ المسألة 147: ] إذا أمنى الرجل على فرج المرأة وهو يتوهم انها زوجته وسبق ماؤه
إليها من غير وطء أو أدخل ماؤه إليها بأنبوب أو ابرة حاقنة بمثل تلك الشبهة، فلا
يترك الاحتياط بأن تعتد المرأة من ذلك عدة وطء الشبهة، بوضع الحمل إذا حملت منه،
بتربص ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إذا لم تحمل، وتراجع المسألة السبعون.
[ الفصل السابع ] [ في الخلع والمباراة ]
[ المسألة 148: ] الخلع والمباراة قسمان من أقسام الطلاق، ولذلك فيشترط
في صحتهما أن تتوفر فيهما جميع الشروط التي اعتبرت في صحة الطلاق، وإذا خلع الرجل
زوجته أو بارأها ثلاث مرات حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره وكذلك إذا انضم خلع أو
مباراة إلى تطليقتين للمرأة أو انضم طلاق الى خلعين أو مباراتين لها.
[ المسألة 149: ] قد يقع الطلاق من غير كراهة من أحد الزوجين للآخر، وهو أشد أقسام
الطلاق كراهة في الاسلام، وقد يقع مع كراهة الزوج للمرأة، والطلاق في هاتين
الصورتين طلاق رجعي تصح فيه رجعة الزوج بنكاح زوجته إذا كانت ذات عدة، وقد مر ذكره
مفصلا، وقد يقع مع كراهة الزوجة خاصة لزوجها، فإذا كرهته، وبذلت له الفدية ليطلقها
كان ذلك خلعا، وقد يقع الطلاق مع كراهة كل من الزوجين للآخر، فإذا تكارها وبذلت
المرأة للزوج فطلقها على ما بذلت كان الطلاق مباراة.
[ المسألة 150: ] قد تكره المرأة زوجها ولا يكون هو كارها لها، ثم يطلقها من غير أن
تبذل له شيئا، صونا لكرامته مثلا وقد تحصل الكراهة من الزوجين معا، ويطلق الرجل
المرأة من غير بذل كذلك، فيكون الطلاق رجعيا في الصورتين فالفارق مع وجود الكراهة
من الزوجة في الخلع ومع وجود الكراهة من الطرفين في المباراة هو أن تؤدي الكراهة
إلى أن تبذل الزوجة للرجل ما لا ليطلقها على ما بذلت.
[ المسألة 151: ] يشترط في الخلع كما ذكرنا أن تكون الزوجة كارهة للزوج من غير أن
يكون الزوج كارها لها، والاحوط اشتراط أن تكون كراهتها له شديدة يخشى لاجلها من
وقوع المرأة في أمر محرم، كالجرأة على بعض الاقول أو الافعال المحرمة، من الخروج عن
الطاعة أو ارتكاب المعصية.
[ المسألة 152: ] لا فرق في كراهة المرأة لزوجها التي تعتبر في صحة الخلع بين أن
تكون لامور ثابتة في الرجل، كقبح منظر، أو بخل، أو خشونة طباع، أو لوجود صفات أخرى
فيه لا ترغب المرأة في معاشرته لاجلها، أو لوجود ضرة تغار منها، فإذا كرهت الرجل أو
كرهت معاشرته لذلك وبذلت له الفدية وتوفرت بقية الشروط المعتبرة صح الخلع.
[ المسألة 153: ] إذا أساء الرجل معاملة زوجته وتعمد أذاها بالاذلال والشتم والضرب
وشبه ذلك، أو ترك بعض ما يجب لها من نفقة أو حقوق واجبة، فبذلت له بعض المال
ليخلعها وتستريح من سوء معاملته حرم عليه أن يأخذ شيئا من ذلك المال، وإذا خلعها
على ما بذلت لم يصح الخلع، ويصح طلاقا رجعيا إذا أوقعه بلفظ الطلاق، أو أوقعه بلفظ
الخلع واتبعه بالطلاق كما سيأتي بيانه، وتراجع المسألة الثلاثمائة والحادية
والثمانون من كتاب النكاح.
[ المسألة 154: ] يشترط في الخلع أن تبذل الزوجة للرجل عن نفسها فدية ليطلقها على
ما بذلت، ويشترط في الفدية أن تكون مالا، وأن تكون مما يصح تملكه، وليس لها حد
معين، فيصح أن تكون بمقدار صداق المرأة الذي سمي لها في عقد النكاح وأقل منه وأكثر،
ويصح أن تكون عينا خارجية مشخصة، فتقول المرأة للرجل: بذلت لك هذا الانف المعين
لتطلقني، ويصح أن تكون كليا في ذمة الزوجة، فتقول له: بذلت لك ألف دينار في ذمتي
أدفعه اليك حالا أو بعد شهر، وان تكون كليا في المعين، فتقول له: بذلت لك ألف دينار
مما في الصندوق، ويصح أن تكون دينا في ذمة الزوج أو في ذمة شخص غيره، فتقول له:
بذلت لك ما في ذمتك، من صداقي وهو كذا دينارا، أو مالي في ذمه زيد، وهو كذا، ويصح
أن تكون منفعة معينة، فتقول له: بذلت لك منفعة بستاني أو منفعة داري سنة تامة.
[ المسألة 155: ] يكفي في الفدية أن تكون معلومة على نحو الاجمال إذا تراضى الطرفان
بذلك، ومثاله أن تقول للرجل: بذلت لك هذه السيارة، أو هذه الصبرة المشاهدة من
الطعام، ويصح ان تكون مما يؤول إلى العلم وان كانت مجهولة بالفعل، فتقول له: بذلت
لك ما يحتويه هذا الصندوق إذا كان الزوج والزوجة يعلمان بأن في الصندوق مالا، أو
تقول له: بذلت لك مالي في ذمتك من صداق أو من دين، وان جهل الطرفان بالفعل مقدار ما
في الصندوق وما في الذمة أو جهلا جنسه أو وصفه.
[ المسألة 156: ] إذا بذلت المرأة للرجل كليا في ذمتها، فلابد من تعيين قدره وجنسه
ووصفه، فلا يكفي ان تقول له: بذلت لك ألفا في ذمتي من غير تعيين للمراد، وكذلك إذا
بذلت له عينا غائبة فلابد من ذكر قدرها وجنسها ووصفها، وإذا خلعها الرجل على هذا
البذل لم يصح خلعا، ويصح طلاقا رجعيا إذا أوقع الخلع بلفظ الطلاق، أو أوقعه بلفظ
الخلع وأتبعه بالطلاق، وإذا جعلت الفدية دينا في ذمتها فلابد من تعيين كون الدين
حالا أو مؤجلا، ولابد من تعيين مدة الاجل إذا جعلته مؤجلا.
[ المسألة 157: ] يشترط في صحة الخلع أن تكون المرأة مختارة في بذل الفدية، فلا يصح
إذا كانت مكرهة على البذل من الزوج أو من غيره.
[ المسألة 158: ] انما يصح بذل الفدية إذا كانت من مال الزوجة أو كانت دينا في
ذمتها، تبذلها الزوجة نفسها، أو يبذلها وكيل مفوض عنها في ذلك، ولا يصح بذل الفدية
من مال شخص آخر، فتقول للزوج: بذلت لك ألف دينار من مال أخي فلان لتطلقني، وان رضي
أخوها ببذل ماله، وكذلك إذا وكلت أخاها، فقال للزوج: بذلت لك عن أختي وموكلتي فلانة
ألف دينار من مالي لتطلقها، فإذا طلقها الزوج لم يكن ذلك خلعا.
[ المسألة 159: ] إذا قال أبو المرأة لزوجها: طلق ابنتي فلانة ولك ما في ذمتك من
صداقها عوضا لطلاقها، لم ينفذ قول الاب على ابنته إذا كانت بالغة رشيدة، فلا يصح
البذل ولا يصح الخلع إذا طلقها الزوج على ذلك، ولا تبرأ ذمة الزوج من الصداق، ولا
يكون الاب ضامنا.
[ المسألة 160: ] إذا فقد أحد القيود أو الشروط التي ذكرناها لصحة الخلع أو للفدية،
كما إذا بذلت المرأة للرجل ما لا يصح تملكه كالخمر والخنزير، أو بذلت له مال غيرها،
أو بذل عنها غيرها تبرعا من ماله، أو بذل من مالها بغير وكالة منها، أو بذلت المرأة
من مالها وهي لا تكره زوجها، أو فقد غير ذلك من القيود أو الشروط المعتبرة لم تصح
الفدية، وإذا طلقها الزوج على ذلك لم يقع خلعا، ويصح طلاقا رجعيا إذا كان في موارد
الطلاق الرجعي وكان الايقاع بلفظ الطلاق، أو كان بلفظ الخلع ثم اتبع بلفظ الطلاق،
وقد ذكرنا هذا في بعض الموارد المتقدمة، ويكون طلاقا بائنا في موارد الطلاق البائن،
كما إذا كان هو الطلاق الثالث فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، أو كانت المرأة يائسة
من المحيض، أو غير مدخول بها، أو صغيرة دون التسع.
[ المسألة 161: ] إذا ملك المرأة بعض أرحامها مثلا شيئا لتبذله فدية عنها، صح لها
أن تبذله للزوج بعد ما ملكته، وإذا بذلته وخلعها الزوج عليه صح الخلع، سواء تولت
بذله بنفسها أم بذله غيرها بالوكالة عنها، ومثله ما إذا ضمن أحد للزوج مال الفدية
عن الزوجة، وكان ضمانه باذنها، وطلقها الزوج على ذلك فيصح البذل والخلع.
[ المسألة 162: ] يشترط في صحة الخلع أن يكون الزوج بالغا وعاقلا، فلا يصح خلعه إذا
كان صبيا أو كان مجنونا، ولا يتولى الخلع عنه وليه كما لا يصح طلاقه عنه، ويشترط أن
يكون مختارا وقاصدا، على النحو الذي ذكرنا تفصيله في مبحث شروط الطلاق، ويصح أن
تكون المرأة المختلعة صغيرة وان تكون مجنونة، إذا تولى وليهما بذل الفدية عنهما مع
تحقق شرط الولاية.
[ المسألة 163: ] لا يصح خلع المرأة إذا كانت حائضا أو نفساء وكان الزوج قد دخل بها،
ولا يصح خلعها إذا كانت في طهر قد جامعها الزوج فيه الا إذا كانت يائسة من المحيض
أو صغيرة السن لم تبلغ التسع، أو كانت حاملا قد استبان حملها، أو كان زوجها غائبا
عنها أو حاضرا لا يمكنه استعلام حالها في الحيض والطهر، وتلاحظ مسائل الفصل الاول،
فقد بينا فيه تفاصيل ذلك، وشروط الطلاق بذاتها هي الشروط المعتبرة في الخلع، وهي
الشروط المعتبرة في المباراة أيضا ولا موجب للتكرار.
[ المسألة 164: ] يصح للرجل أن يتولى أمر الخلع بنفسه في جميع ما يتعلق به من شؤون
الخلع إذا كان ممن يحسن القيام به، فإذا كرهت المرأة زوجها على الوجه الآنف بيانه،
صح له أن يطلب منها بذل الفدية ليطلقها، وإذا ابتدأت هي فطلبت من الزوج الطلاق، صح
له أن يجيبها إليه ويشترط عليها بذل الفدية، ويذكر المقدار الذي يريده من العوض،
ويتفاهم معها على تعيينه، ويقبضه منها إذا رضيت وسلمته إليه، ويوقع صيغة الخلع على
ما بذلت له، ويجوز له أن يوكل غيره في جميع ذلك وفي بعضه. ويجوز للمرأة أن تتولى
بنفسها جميع الشؤون التي تتعلق بها من الخلع، فتطلب الطلاق من الزوج إذا كرهته،
تجيبه إلى دفع الفدية إذا اشترط ذلك عليها، وتتولى تقدير ذلك معه أو مع وكيله،
وتتولى بذله وتسليمه اياه أو تدفعه إلى وكيله، ويصح لها أن توكل أحدا غيرها في جميع
ذلك أو في بعضه.
[ المسألة 165: ] اللفظ الصريح في بذل الفدية عن المرأة هو أن تقول للرجل: بذلت لك،
أو أعطيتك كذا دينارا، أو بذلت لك ما استحقه في ذمتك من المهر لتطلقني أو على أن
تطلقني، أو يقول وكيلها للرجل: بذلت لك عن موكلتي فلانة كذا دينارا لتطلقها، ويصح
لها ان تقول للزوج: طلقني أو اخلعني على مائة دينار مثلا، أو يقول وكيلها له: طلق
موكلتي فلانة على مبلغ كذا دينارا. والصيغة الصريحة في الخلع: أن يقول الزوج
للمرأة: أنت طالق على ما بذلت من الفدية، أو يقول لها: أنت مختلعة على ما بذلت، أو
يقول خلعتك على كذا، أو يقول هند مختلعة على كذا، أو يقول وكيل الزوج مثل ذلك، ولا
ينبغي ترك الاحتياط إذا أتى بلفظ مختلعة، أو خلعتك، أو خلعتها: ان يلحقه بلفظ أنت
طالق أو هي طالق.
[ المسألة 166: ] إذا تحقق مورد الخلع وتوفر جميع ما يعتبر فيه من القيود والشروط،
وأراد الزوج والزوجة بنفسيهما أن يوقعا الخلع ما بينهما، فالاحوط ان تبدأ المرأة
أولا، فتقول للرجل: بذلت لك ألف دينار مثلا، أو بذلت ما في ذمتك من صداقي، لتطلقني،
أو على أن تطلقني، ويقول الرجل بعدها على نحو الفور: أنت مختلعة على ما بذلت أنت
طالق، ويكفي أن يقول على الفور: أنت طالق على ما بذلت، أو يقول كذلك: أنت مختلعة
على ما بذلت وان كان الاول أحوط كما ذكرنا. ويصح للمرأة أن تقول للزوج: طلقني على
ألف دينار، فيقول الزوج بعدها فورا على الاحوط لزوما: أنت طالق على ألف دينار أو
على ما بذلت، أو يقول لها: أنت مختلعة على ذلك، والاحوط في الصورتين ان تتبع المرأة
ذلك بالقبول فتقول: قبلت أو رضيت. ويصح ان يبدأ الرجل أولا، فيقول للمرأة: أنت طالق
على ألف دينار، أو يقول لها أنت مختلعة على مبلغ كذا، وتقول المرأة بعده فورا: قبلت
أو رضيت. وإذا كان الايقاع بين وكيل الزوج ووكيل الزوجة: قال وكيل الزوجة لصاحبه:
بذلت لموكلك عن زوجته موكلتي فلانة ألف دينار ليطلقها، وقال وكيل الزوج بعده على
الفور: فلانة زوجة موكلي فلان طالق على ما بذلت، أو يقول هي مختلعة على ما بذلت، أو
يقول: بحسب وكالتي عن فلان خلعت موكلتك فلانة على ما بذلت. وعلى نهج ذلك يتم الخلع
إذا وقع بين الزوج ووكيل الزوجة، أو بين الزوجة ووكيل الزوج.
[ المسألة 167: ] الاحوط لزوما عدم الفصل عرفا بين انشاء البذل من الزوجة أو من
وكيلها، وايقاع الخلع من الزوج أو من وكيله كما ذكرنا، سواء كان البذل بلفظ بذلت
وأعطيت ونحوهما أم كان بلفظ طلقني على مبلغ كذا، ومثله ما إذا ابتدأ الزوج، فأوقع
الطلاق أو الخلع على مبلغ كذا، ثم أتبعته الزوجة فانشأت البذل بقولها قبلت أو بذلت.
[ المسألة 168: ] يشترط أن يكون ايقاع الخلع بحضور شاهدين عادلين كما هو الحكم في
ايقاع الطلاق، فلا يصح الخلع إذا أوقعه الزوج أو وكيله بغير اشهاد، ولا يصح إذا
أوقعه بحضور شاهدين غير عادلين، وقد ذكرنا هذا في المسألة الحادية والاربعين.
[ المسألة 169: ] يجب أن يكون انشاء الخلع منجزا غير معلق على شرط يمكن حصوله وعدم
حصوله، أو على أمر مرتقب يعلم بحصوله في المستقبل وليس موجودا بالفعل، كما هو الشرط
في الطلاق، وتراجع المسألة التاسعة والثلاثون.
[ المسألة 170: ] الخلع طلاق بائن، فليس للرجل أن يرجع بالمرأة المختلعة، الا إذا
رجعت بما بذلت في أثناء عدتها، ولا توارث بين الزوجين إذا مات أحدهما في أيام العدة
وبقي الاخر، ويصح للزوج أن يتزوج أخت المرأة المختلعة وهي في العدة، ويجوز له أن
يتزوج في عدة المختلعة امرأة بالنكاح الدائم وعنده ثلاث زوجات غيرها فتكون هي
الخامسة، وليست كالمطلقة الرجعية في هذه الاحكام.
[ المسألة 171: ] يجوز للمرأة المختلعة أن ترجع وهي في أثناء العدة بجميع ما بذلته
للزوج من الفدية، ويجوز لها أن ترجع ببعضه، وإذا رجعت بجميع البذل أو ببعضه جاز
للزوج أن يرجع بنكاحها، ونتيجة لذلك فلا يحل له بعد ان ترجع المرأة بالبذل أو ببعضه
أن يتزوج بأختها أو بخامسة، فان المختلعة إذا رجعت بالبذل تكون بمنزلة الزوجة.
وانما يصح لها أن ترجع بما بذلت إذا لم يكن للزوج ما يمنعه من الرجعة بالمرأة، فلا
يصح لها الرجوع بالبذل إذا تزوج الرجل بأختها بعد ما خلعها وقبل أن ترجع هي ببذلها،
فانه لا يحل للرجل أن يرجع بالمرأة بعد زواجه بأختها، ولا يصح لها أن ترجع بالبذل
إذا تزوج الرجل بعد ما خلعها بامرأة خامسة، فانه لا يحل له الرجوع بها في هذه
الحالة، ولا يصح لها ان ترجع بالبذل إذا كان طلاقها هو الطلاق الثالث فانها لا تحل
له حتى تنكح زوجا غيره، ولا يصح لها أن ترجع بالبذل إذا لم تكن ذات عدة كالمختلعة
اليائسة من المحيض وغير المدخول بها أو كان رجوعها ببذلها بعد انقضاء العدة فانه لا
يمكن له الرجوع بالمرأة في هذه الفروض، ولا فرق في جميع ذلك بين الرجوع بجميع البذل
أو ببعضه.
[ المسألة 172: ] يجوز للمرأة أن تبذل للرجل ارضاع ولده وتجعل ذلك فدية عنها
ليطلقها، والاحوط أن تعين مدة الارضاع تعيينا يرفع الجهالة، ولا فرق بين أن يكون
الولد من المرأة نفسها ومن زوجة أخرى، بل الظاهر الصحة إذا كان المرتضع ولد أخيه أو
ولد أخته مثلا مما يعد عرفا من شؤون الرجل، ويكون ارضاع الطفل بذلا له، وكذلك إذا
بذلت له حضانة الطفل وتربيته مدة معلومة.
[ المسألة 173: ] إذا بذلت المرأة للرجل فدية ودفعتها إليه، ثم ظهر أن الشئ الذي
دفعته له مملوك لغيرها، فان كانت قد بذلت له أمرا كليا ودفعت له فردا منه، وظهر أن
الفرد المدفوع له ملك غير المرأة، وجب عليها أن تدفع إليه فردا آخر مما تملكه بدلا
عنه، وان كانت قد بذلت له ذلك الفرد المعين بطل البذل والخلع، وكان الطلاق رجعيا
إذا أوقعه بصيغة الطلاق أو أوقعه بلفظ الخلع واتبعه بلفظ الطلاق.
[ المسألة 174: ] إذا بذلت المرأة للرجل شيئا ودفعته إليه فظهر معيبا، فان رضي
بالمعيب صح البذل والخلع، سواء كان المبذول له أمرا كليا أم كان هو الفرد المعين
المدفوع إليه، وان لم يرض بالمعيب، فان كانت المرأة قد بذلت له أمرا كليا ودفعت له
فردا منه، وجب عليها ان تبدله بفرد آخر لا عيب فيه، وان كانت قد بذلت له الفرد
المعين بطل البذل وبطل الخلع، وكان الطلاق رجعيا إذا كان انشاء الخلع بصيغة الطلاق
أو أتبع به كما تقدم في نظائره.
[ المسألة 175: ] إذا كرهت المرأة زوجها ولم تصل كراهتها إلى حد يخشى معه أن ترتكب
ما يحرم عليها من قول أو فعل، ولم يكرهها الزوج، فالاحوط للزوجين معا أن يد أبا
لاصلاح الامور بينهما بتحمل المصاعب وتخفيف المتاعب، وأن ينظرا إلى مستقبل الاسرة
ومستقبل الاطفال، فيتحمل الرجل مصاعب زوجته ما وجد إلى ذلك سبيلا، ويلين لها ما
تنكره من خشونة طبع أو سرعة غضب، أو غير ذلك مما تنكره من صفاته، ليسعد بذلك بيته،
ويحسن مستقبله ومستقبل أطفاله وتتحمل المرأة ما تجده من صفات الرجل منافرا لها أو
غير ملائم، ويسعيا لاصلاح الامور جهدهما، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. فإذا أعيى
الرجل أمر المرأة ولم تجد محاولاته نفعا طلقها من غير بذل طلاقا رجعيا، وإذا أعيى
المرأة أمر الرجل ولم يثمر تحملها شيئا، صالحته باسقاط بعض ديونها أو حقوقها عنه،
لا بعنوان الفدية، وطلقها من غير بذل، والله هو الحسيب الرقيب.
[ المسألة 176: ] المباراة قسم من أقسام الطلاق كما قلنا في أول هذا الفصل، ولذلك
فيشترط في صحته كل أمر اشترطناه في صحة الطلاق، وقد ذكرناها جميعا في الفصل الاول
والثاني من كتاب الطلاق، وأشرنا إليها في هذا الفصل أيضا، والمباراة قسم يتحد مع
الخلع في أكثر الاحكام والقيود والشروط التي تعتبر فيه، ولذلك اغنانا ذكر هذه
الامور في الخلع عن اعادة ذكرها في المباراة، فيكون المهم هنا ذكر ما تختلف به
المباراة عن الخلع من الامور وما تنفرد به من الآثار.
[ المسألة 177: ] مورد طلاق المباراة هو ان يكره كل واحد من الزوجين صاحبه، ولا
يعتبر فيه أن تصل الكراهة من الزوج أو من الزوجة إلى حد يخاف معه الوقوع في محرم،
بل يكفي أن لا يسعدا في البقاء، وأن يتمنى أحدهما فراق الآخر، فإذا تكارها كذلك
وبذلت المرأة للرجل فدية ليطلقها، صح له طلاقها على ما بذلت وكان طلاقها مباراة.
[ المسألة 178: ] لا يجوز في المباراة أن تكون الفدية المبذولة من المرأة أكثر من
مهرها المسمى لها، فلا يحل للرجل أخذ ما زاد عليه. ويصح ان تكون مساوية له أو أقل
منه، بل الاحوط استحبابا أن تكون أقل.
[ المسألة 179: ] إذا اتفق الرجل والمرأة على تعيين مقدار الفدية التي تبذلها
المرأة ليطلقها، ووجدت الشروط المعتبرة في كل من الرجل والمرأة وفي نفس المباراة،
قالت المرأة للرجل بحضور الشاهدين العادلين: بذلت لك ما أستحقه في ذمتك من مهر، أو
مبلغ كذا دينارا لتطلقني أو على أن تطلقني، وقال الرجل بعدها على الفور: أنت طالق
على ما بذلت، أو قال لها: بارأتك على ما بذلت، فانت طالق، ولا يكتفى بأن يقول لها:
بارأتك على ما بذلت إذا لم يتبعه بقوله أنت طالق. ويصح أن تقول المرأة له: طلقني
على مبلغ كذا، فيقول الرجل بعدها: أنت طالق على ما بذلت، أو يقول بارأتك على ما
بذلت فأنت طالق، وإذا كان الايقاع من الوكيلين، قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج: بذلت
لموكلك فلان مبلغ كذا عن زوجته موكلتي فلانة ليطلقها أو على أن يطلقها، فيقول وكيل
الزوج بعده: هي أو فلانة طالق على ما بذلت، أو يقول: بارأت فلانة على ما بذلت فهي
طالق. وإذا كان الايقاع من أحد الزوجين مع وكيل الآخر أوقعا البذل والطلاق على نهج
ما بينا من قول الاصيل والوكيل.
[ المسألة 180: ] المباراة طلاق بائن فلا يصح للرجل فيه أن يرجع بالمرأة الا إذا
رجعت المرأة بما بذلت، فيصح للرجل بعد ذلك أن يرجع بها إذا كانت العدة باقية، ويصح
له كذلك أن يتزوج بأخت المرأه المبارأة وهي في العدة فإذا رجعت بالبذل لم يحل له
بعد ذلك التزويج باختها، ومثله العقد على خامسة كما تقدم في المختلعة.
[ المسألة 181: ] لا توارث بين الزوج والزوجة إذا طلقها طلاق مباراة، ومات أحد
الزوجين في أثناء العدة وبقي الآخر حيا، وإذا رجعت بالبذل في أثناء العدة ثم مات
أحدهما والعدة باقية أشكل الحكم بالتوارث وعدمه ولا يترك الاحتياط، وكذلك الامر في
المختلعة إذا رجعت بالبذل في العدة ثم مات أحد الزوجين والعدة باقية فيشكل الحكم
بثبوت التوارث ونفيه.
[ المسألة 182: ] يتفق طلاق المباراة مع الخلع كما ذكرنا آنفا في الشروط والقيود
المعتبرة فيهما، وفي الاحكام والآثار التي تجري عليهما، ويختلف طلاق المباراة عن
الخلع في أمور ثلاثة:
(الاول): انه يشترط في الخلع ان تكون الكراهة من الزوجة خاصة من غير أن يكرهها
الرجل، ويعتبر في المباراة أن تكون الكراهة من الجانبين.
(الثاني): أنه يشترط في المبارة أن لا تزيد الفدية على مهر الزوجة المسمى لها في
عقد تزويجها، ولا يشترط ذلك في الخلع فيجوز فيه أن تكون الفدية بمقدار المهر المسمى
للمرأة، وأن تكون أكثر منه وأقل.
(الثالث): أنه يعتبر في انشاء المباراة أن يكون بلفظ الطلاق، فإذا قال الزوج: بارأت
فلانة على ما بذلت، لم يكف ذلك حتى يتبعه بقوله: فهي طالق، ولا يعتبر ذلك في الخلع،
فإذا قال للزوجة أنت مختلعة على ما بذلت صح الخلع وان لم يتبعه بلفظ الطلاق.
نقلا عن كلمة التقوى لآية الله العظمى الشيخ محمد أمين زين الدين قدس سره