موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي
نهج الحق وكشف الصدق - العلامة الحلي - ص 139 - 142
نبوة محمد صلى الله عليه وآله. وفيها مباحث:
الأول: في نبوة محمد صلى الله عليه وآله.
إعلم: أن هذا أصل عظيم من الدين، وبه يقع الفرق بين المسلم والكافر، فيجب الاعتناء به، وإقامة البرهان عليه، ولا طريق في إثبات النبوة على العموم، ولا على الخصوص إلا بمقدمتين: إحداهما: أن النبي ادعى رسالة رب العالمين له إلى الخلق، وأظهر المعجزة على وفق دعواه، لغرض التصديق له.
والثانية: أن كل من صدقه الله تعالى فهو صادق. وهاتان المقدمتان لا يقول بهما الأشاعرة.
أما الأولى: فلأنه يمتنع أن يفعل الله لغرض من الأغراض، أو لغاية من الغايات، فلا يجوز أن يقال: إنه تعالى فعل المعجزة على يد مدعي الرسالة لغرض تصديقه، ولا لأجل تصحيح دعواه، بل فعلها مجانا.
ومثل هذا لا يمكن أن يكون حجة للنبي، لأنا لو شككنا في أن الله فعله لغرض التصديق، أو لغيره لم يمكن الاستدلال على صدق مدعي النبوة مع هذا الشك، فكيف يحصل الجزم بصدقه مع الجزم بأنه لم يفعله لغرض التصديق؟.
وأما الثانية: فلأنها لا تتم على مذهبهم، لأنهم يسندون القبائح كلها إلى الله تعالى، ويقولون: كل من ادعى النبوة، سواء كان محقا أم مبطلا، فإن دعواه من فعل الله وأثره. وجميع أنواع الشرك، والمعاصي، والضلال في العالم من عند الله تعالى، فكيف يصح مع هذا أن يعرف: أن هذا الذي صدقه صادق في دعواه، فجاز أن يكذب في دعواه، ويكون هذا الاضلال من الله سبحانه كغيره من الأضاليل التي فعلها.
فلينظر العاقل: هل يجوز له أن يصير إلى مذهب لا يمكن إثبات نبوة الأنبياء به البتة؟. ولا يمكن الجزم بشريعة؟ من الشرائع والله تعالى قد قطع أعذار المكلفين، بإرسال الرسل فقال: "لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل".
وأي حجة أعظم من هذه الحجة عليه تعالى، وأي عذر أعظم من أن يقول العبد لربه: إنك أضللت العالم، وخلقت فيهم الشرور والقبائح، وظهر جماعة خلقت فيهم كذب وادعاء النبوة، وآخرون ادعوا النبوة، ولم تجعل لنا طريقا إلى العلم بصدقهم، ولا سبيل لنا إلى معرفة صحة الشرائع التي أتوا بها؟ فيلزم انقطاع حجة الله تعالى.
وهل يجوز لمسلم يخشى الله، وعقابه، أو يطلب الخلاص من العذاب، المصير إلى هذا القول؟ نعوذ بالله من الدخول في الشبهات!.