موقع عقائد الشيعة الإمامية >> العلامة الحلي
كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد - العلامة الحلي - ص 561-563
قال صاحب تجريد الاعتقاد: "والكافر مخلد وعذاب صاحب الكبيرة منقطع لاستحقاقه الثواب بإيمانه ولقبحه عند العقلاء".
أقول: أجمع المسلمون كافة على أن عذاب الكافر مؤبد لا ينقطع، واختلفوا في أصحاب الكبائر من المسلمين فالوعيدية على أنه كذلك، وذهبت الإمامية وطائفة كثيرة من المعتزلة والأشاعرة إلى أن عذابه منقطع، وينبغي أن يعرف هنا الصغير والكبير من الذنب أما الصغير فيقال على وجوه:
(منها): ما يقال بالإضافة إلى الطاعة، فيقال: هذه المعصية صغيرة في مقابلة الطاعة أو هي أصغر من هذه الطاعة، باعتبار أن عقابها ينقص في كل وقت عن ثواب تلك الطاعة في كل وقت، وإنما شرطنا عموم الوقت لأنه متى اختلف الحال في ذلك بأن يزيد تارة ثواب الطاعة عن عقاب المعصية وتارة ينقص لم نقل إن تلك صغيرة بالإضافة إلى تلك الطاعة على الإطلاق، بل تقيد بالحالة التي يكون عقابها أقل من ثواب الطاعة وحصول الاختلاف بما يقترن بالطاعة والمعصية، فإن الإنفاق في سبيل الله مختلف كما قال تعالى: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح).
(ومنها) أن يقال بالنسبة إلى معصية أخرى، فيقال: هذه المعصية أصغر من تلك، بمعنى أن عقاب هذه ينقص في كل وقت عن عقاب الأخرى.
(ومنها) أن يقال بالإضافة إلى ثواب فاعلها، بمعنى أن عقابها ينقص في كل وقت عن ثواب فاعلها في كل وقت، هذا هو الذي يطلقه العلماء عليه، والكبير يقال على وجوه مقابلة لهذه الوجوه.
إذا عرفت هذا فنقول: الحق أن عقاب أصحاب الكبائر منقطع، والدليل عليه وجهان: الأول: أنه يستحق الثواب بإيمانه لقوله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) والإيمان أعظم أفعال الخير، فإذا استحق العقاب بالمعصية فإما أن يقدم الثواب على العقاب وهو باطل بالاجماع لأن الثواب المستحق بالإيمان دائم على ما تقدم أو بالعكس وهو المراد والجمع محال. الثاني: يلزم أن يكون من عبد الله تعالى مدة عمره بأنواع القربات إليه ثم عصى في آخر عمره معصية واحدة مع بقاء إيمانه مخلدا في النار كمن أشرك بالله تعالى مدة عمره، وذلك محال لقبحه عند العقلاء.
قال: "والسمعيات متأولة ودوام العقاب مختص بالكافر".
أقول: هذا إشارة إلى الجواب عن حجج الوعيدية واحتجوا بالنقل والعقل.
(أما النقل) فالآيات الدالة على خلودهم كقوله تعالى: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها) وقوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) إلى غير ذلك من الآيات. (وأما العقل) فما تقدم من أن العقاب والثواب يجب دوامهما.
(والجواب) عن السمع التأويل إما بمنع العموم والتخصيص بالكفار وإما بتأويل الخلود بالبقاء المتطاول وإن لم يكن دائما، وعن العقل بأن دوام العقاب أنما هو في حق الكافر أما غيره فلا.