الصفحة الرئيسية \ الشريف المرتضى

 

ذلك اطراحه جملة فإذا كان القول ظاهرا في بعض فرق الأمة دون بعض لم يكن هذا حكمه.

فأما إزاحة العلة فقد بينا أن حكم الجميع فيها واحد وإن لم ينقل النص إلا فرقة من فرق الأمة دون الباقين.

قال صاحب الكتاب: " على أن ما جرت عليه أحوال الصحابة يمنع من ادعاء هذا النص في الأصل لأنه لو كان صحيحا لكان إنما يجوز أن يختلف حال النقل فيه أن جاز ذلك في عصر التابعين أو بعد ذلك، فأما في عصر الصحابة فغير جائز ذلك، وكان يجب أن يكون معلوما لجميعهم، ولو كان كذلك لكانت الأمور التي جرت في الإمامة لا تجري على الحد الذي جرت عليه، بل كان يجب أن يكونوا مضطرين إلى معرفة إمامة أمير المؤمنين كاضطرارهم إلى أن صلاة الظهر واجبة، وصوم شهر رمضان واجب، وحج البيت واجب، ولو كان كذلك ما صح ما قد ثبت عنهم من مواقف الإمامة والمنازعة فيها إلى غير ذلك، وهذا في أنا نعلم بطلانه باضطرار بمنزلة ما نعلمه من أنفسنا لأنا كما نعلم أنا لا نعلم في الإمامة ما ادعوه باضطرار، ونعتقد خلافه نعلم ذلك من حال الصحابة، وأنهم كانوا يعتقدون خلاف ذلك، ولا يمكن بعد ذلك إلا نسبة جميعهم إلى الارتداد والنفاق، وأنهم لذلك صح أن يخالفوا، وذلك مما لا يحل الكلام فيه لأنه طريق الشبه القادحة في النبوءات، وإنما ألقاه الملاحدة الذين طريقتهم معروفة، لأن اختصاص الرسول صلى الله عليه وآله بأكابر الصحابة، ومن يدعى لهم الإمامة، وما تواتر من تعظيمه لهم وإكرامه، إلى غير ذلك يقارب ما تواتر من الخبر في أمير المؤمنين عليه السلام وغيره، فمن يجوز فيهم الشرك والنفاق فإنما طعن على الرسول صلى الله عليه وآله وإذا تعلقوا في مثل ذلك بالتقية صار الكلام فيه أعظم مما تقدم، لأن

الصفحة 126
تجويز التقية على الرسول صلى الله عليه وآله يشكل فيما يؤديه عن الله تعالى، ونحن لا نجوز عليه التقية في ذلك، ولو جوزنا لكنا إنما نجوز عند الأمارات الظاهرة، وعند الإكراه، فأما مع سلامة الحال فغير جائز ذلك... " (1).

يقال له: الذي يذهب إليه أصحابنا وهو الذي أشار إليه أبو جعفر ابن قبة (2) رحمه الله في كتابه المعروف بـ (الإنصاف): " أن الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكونوا دافعين بأسرهم للنص وعالمين بخلافه مع علمهم الضروري به، وإنما بادر قوم من الأنصار لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله إلى طلب الإمامة، واختلفت كلمة رؤسائهم بينهم، واتصلت حالهم بجماعة من المهاجرين، فقصدوا السقيفة عالمين على إزالة الأمر عن مستحقه، والاستبداد به، وكان الداعي لهم إلى ذلك غلبة رغبتهم في عاجل الرئاسة، والتمكن من الحل والعقد، وانضاف إلى هذا الداعي ما كان في نفس جماعة منهم من الحسد

____________

(1) المغني 20 ق 1 / 119 و 120.

(2) أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن قبة - بكسر القاف - الرازي، من متكلمي الشيعة وحذاقهم، وكان قديما من المعتزلة ومن تلامذة أبي القاسم البلخي شيخ المعتزلة المعروف ثم انتقل إلى مذهب الإمامية، وجرد قلمه في نصرة مذهبهم والرد على خصومهم فألف كتاب (الرد على الزيدية) و (الرد على أبي علي الجبائي) و (المسألة المفردة في الإمامة) و (الإنصاف في الإمامة) المذكور في المتن، وعن هذا الكتاب قال ابن أبي الحديد في شرح الخطبة الشقشقية: " ووجدت كثيرا منها في كتاب أبي جعفر بن قبة، وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب " الإنصاف ". " وقد نقض أبو القاسم البلخي هذا الكتاب بكتاب (المسترشد في الإمامة) فنقضه ابن قبة بكتاب (المستثبت في الإمامة) فنقضه أبو القاسم بكتاب (نقض المستثبت) ومات أبو جعفر في خراسان سنة 317. قبل نقض هذا الأخير في قصة لطيفة أنظر تفصيل ذلك في (مصادر نهج البلاغة وأسانيده) ج 1 ص 310 و 314

الصفحة 127
لأمير المؤمنين عليه السلام والعداوة له لقتل من قتل من آبائهم وأقاربهم، ولتقدمه واختصاصه بالفضائل الظاهرة، والمناقب الباهرة، التي لم يخل من اختص ببعضها من حسد وغبطة، وقصد بعداوة، وأنسهم بتمام ما حاولوه بعض الأنس تشاغل بني هاشم بمصيبتهم وعكوفهم على تجهيز نبيهم عليه السلام فحضروا السقيفة ونازعوا في الأمر وقووا على الأنصار وجرى ما هو مذكور فلما رأى الناس فعلهم وهم من وجوه الصحابة ممن يحسن الظن بمثله وتدخل الشبهة بفعله توهم أكثرهم لا أنهم لم يتلبسوا بالأمر ولا أقدموا فيه على ما أقدموا عليه إلا بعذر يسوغ لهم ذلك ويجوزه، فدخلت عليهم الشبهة، واستحكمت في نفوسهم، ولم ينعموا النظر في حلها فمالوا ميلهم، وسلموا لهم، وبقي العارفون بالحق والثابتون عليه غير متمكنين من إظهار ما في نفوسهم، فتكلم بعض ووقع منهم من النزاع ما قد أتت به الرواية، ثم عادوا (1) عند الضرورة إلى الكف والامساك وإظهار التسليم مع إبطان الاعتقاد للحق، ولم يكن في وسع هؤلاء إلا نقل ما علموه وسمعوه من النص إلى أخلافهم ومن يأمنونه على نفوسهم فنقلوه، وتواتر الخبر به عنهم ".

وقد ذكر أبو جعفر رحمه الله: " إن وجه دخول الشبهة على القوم أنهم لما سمعوا الرواية عن الرسول صلى الله عليه وآله في قوله: (الأئمة من قريش) ظنوا أن ذلك إباحة الاختيار، وأن الأخذ بهذا القول العام أولى من الأخذ بالقول الخاص المسموع في يوم الغدير وغيره " وقال رحمه الله: " إن النص ينقسم على قسمين، نص وقع بحضرة الصحابة قليلة العدد، والنص الآخر وقع بحضرة الخلق الكثير.

____________

(1) ثم حادوا، خ ل.

الصفحة 128
فأما النص الذي وقع بحضرة الجماعة القليلة العدد فيمكن كتمانه، ويجوز نسيانه.

وأما النص الذي وقع بحضرة العدد الكثير، فإنما كان يوم الغدير، وكلهم كانوا ذاكرين لكلامه عليه السلام غير أنهم ذهبوا عنه بتأويل فاسد لأنهم لما دخلت عليهم الشبهة توهموا أن لذلك الكلام ضربا من التأويل يجوز معه للرؤساء إذا وقعت الفتنة، واختلفت الكلمة، أن يختاروا إماما ".

هذه ألفاظه بعينها (1) وإن كنا في صدر كلامنا في هذا الفصل توخينا إيراد معنى كلامه وكثير من ألفاظه، ولم نأت بالجميع على وجهه، وهذه طريقة حسنة غير أنه يمكن مع هذا التقسيم لأحوال الصحابة والتنزيل أن لا نفرق بين النص الجلي والنص الواقع في يوم الغدير في الوقوع بحضرة الأكثر ويسوى بين النصين وكثرة السامعين له والشاهدين له لأنه لا يمتنع على هذا أن يكون النبي أسمع النص الجلي سائر من أسمعه خبر يوم الغدير، غير أنه لما وقعت الفتنة واختلفت الكلمة من المهاجرين والأنصار ما وقع العلل والأسباب التي ذكرنا بعضها ورأى الناس صنيعهم اعتقد كثير منهم مع العلم بالنصين والذكر لهما أن القوم الذين ركبوا الأمر وعقدوه لأحدهم لم يفعلوا ذلك إلا بعهد من الرسول صلى الله عليه وآله خاص إليهم، وقول منه تأخر عما علموه (2) من النص وكان كالناسخ له، وذهب عليهم أنه لو كان في ذلك عهد ينافي النص الظاهر الذي عرفوه لما جاز أن يكون خاصا، وأن النسخ في مثله لا يقع لأنه موجب للبداء إلى غير هذا

____________

(1) أي ألفاظ أبي جعفر بن قبة رحمه الله.

(2) في الأصل " عملوه ".

الصفحة 129
من الوجوه المبطلة لهذه الشبهة، وليس ما ذكرناه مما لا يشتبه على من لم ينعم النظر فيه، بل معلوم اشتباهه، وأن الحق فيه بل لا يوصل إليه إلا بثاقب النظر الصحيح، وإذا جاز أن يدخل على القوم الشبهة حتى يعتقدوا أن القول العام الذي هو: (إن الأئمة من قريش) أولى بأن يعمل عليه من القول الخاص الواقع في يوم الغدير مع علمهم بالمراد من خبر يوم الغدير، لأنهم لا بد أن يكونوا قد علموا المراد به إن لم يكن ضرورة فمن طريق الدليل، إذ كانوا من أهل اللغة ومن لا يجوز أن يشتبه عليه ما يرجع إليها ويبني في دلالته عليها، فدخول الشبهة عليهم فيما ذكرناه وعلى الوجه الذي بيناه أجوز وأقرب فكان حال القوم ينقسم في هذا الوجه أيضا إلى الأقسام الثلاثة المتقدمة فيكون بعضهم قصد إلى الكتمان والخلاف مع العلم وزوال الشبهة للأغراض التي ذكرناها، وبعض دخلت عليه الشبهة من الجهة التي تقدمت وبعض آخر أقام على الحق مبطنا له ونقل ما علمه من النص على الوجه الذي تمكن من النقل عليه، وليس لأحد أن يقول:

لو كان ما قدرتموه صحيحا لوجب أن ينقل الذين دخلت عليهم الشبهة جملة بفعل الأكابر النص ولا يعدلوا عن ذكره جملة لأن الشبهة المانعة لهم من العمل بموجبه غير مقتضية للعدول عن نقله كما أنهم عندكم لما اشتبه عليهم المراد بخبر يوم الغدير وما جرى مجراه حتى اعتقدوا بالشبهة أنه غير مقتض للنص لم يوجب عليهم ذلك عدولهم عن نقله وروايته، لأنه غير ممتنع أن يعدلوا عن نقله بالشبهة كما عدلوا عن العمل به وعملوا بخلافه بالشبهة، لأنهم إذا كانوا قد اعتقدوا أن القوم الذين أحسنوا الظن بهم لم يقع منهم ما وقع إلا بعهد إليهم أو شرط أو ما جرى مجرى العهد والشرط يسوغ ما فعلوه، فقد بطل عندهم حكم الخبر، وصار مما لا فائدة في نقله، وخبر الغدير مفارق للنص الجلي لأنه إذا اشتبه عليهم إيجابه للنص

الصفحة 130
فغير مشتبه إيجابه للفضيلة: فيكون نقلهم له لمكان فائدته على أنهم إذا وجدوا القوم الذين بفعلهم قويت الشبهة، ووقع الاغترار، قد أضربوا عن ذكر هذا النص والتلفظ به، وتناسوه ووجدوا من عداهم من أهل الحق قد أخفوه للتقية، وعدلوا عن التظاهر بنقله وذكره، ولم يجدوا هذا في خبر الغدير وما ماثله فقد صار هذا شبهة أخرى في العدول عن نقل النص الجلي دون الواقع في يوم الغدير، ويجوز أن يعتقدوا عندها أن ذكره غير جائز كما أن العمل به غير جائز، وأنه جار مجرى ما نسخ حكمه ولفظه من الكتاب، وأي الطريقين اللذين سلكناهما في حال القوم ودخول الشبهة على بعضهم في النصين (1) معا أو في أحدهما صح وثبت، فقد سقط به ما ألزمناه صاحب الكتاب، وقصد التشنيع به علينا من نسبة جميعهم إلى الارتداد والنفاق وعناد الرسول صلى الله عليه وآله.

فإن قيل: إذا كان الأمر في كتمان أهل الملة للنص على ما ذكرتم فألا نقله اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم من طوائف أهل الخلاف للملة، وقد علمنا أن جميع الدواعي الموجبة للأغراض التي ذكرتموها في أهل الملة عنهم مرتفعة، وأنهم قد نقلوا من أحوال الرسول صلى الله عليه وآله الظاهرة كتأميره الأمراء ونصه على الأحكام، وحروبه للأعداء إلى غير ذلك ما حال النص عندكم في الظهور كحاله والداعي إلى نقله لهم داع إلى نقل النص مع أن للنص مزية ظاهرة عندهم، لأنهم إذا نقلوه مع ما جرى من الناس من العمل بخلافه كانت فيه لهم حجة على أهل الاسلام واضحة ومعيرة (2) ظاهرة من حيث خالفوا فيه عهد نبيهم، وأقدموا على

____________

(1) يعني بالنصين الجلي والخفي وقد أوضحهما في المتن.

(2) معيرة: موضع عار، وهو السبة والتوبيخ.

الصفحة 131
اطراح أمره، وليس يجوز أن يمتنعوا من نقل النص الجلي للخوف من المتأمرين في تلك الأحوال، لأنهم لو كان خوفهم من النقل يمنعهم منه، ويقطع نظامه لكان يجب أن يمتنعوا من نقل مذاهبهم ودياناتهم المخالفة لرأي المسلمين ومذاهب أئمتهم، ويعدلوا عن نقل سائر ما يكرهه المسلمون منهم من الخلاف لهم والتكذيب للرسول صلى الله عليه وآله إلى سائر ما تمحلوه (1) من الطعون كالهجاء والسب وما هو أضعف منهما، فكما أن لم يمنع الخوف من جميع ما عددناه وجب أن لا يمنع من نقل النص لو كانت له حقيقة.

قلنا: لو نقل من ذكرته من مخالفي الاسلام النص لكانوا إنما ينقلونه للوجه الذي لم ينقلوا الحوادث العجيبة والأمور البديعة الظاهرة، ومعلوم فيما كان سبب نقلة مثل هذا أن الخوف اليسير يمنع منه، ويقتضي العدول عنه، وليس يحمل نفسه عامل على تحمل الضرر والخطار (4) بالنفس فيما جرى هذا المجرى، وربما كان الخوف الشديد سببا لانقطاع نقل ما يرجع إلى الديانات فضلا على ما لا يرجع إليها ولا يعتقد المعرض عن نقله أنه قد ضيع بإعراضه فرضا، وأهمل واجبا، وإذا كان في نقل النص وإشاعاته وتداوله شهادة على أئمة القوم بالانسلاخ عن الدين، والمخالفة للرسول صلى الله عليه وآله وعلى كل تابع لهم، ومقتد بهم، ففي تعرض اليهود وأهل الذمة لهم فسخ لذمتهم، ونقض لعهدهم، وليس ينشط هؤلاء مع بقاء عقولهم أن يسفكوا دماءهم ويبيحوا حريمهم بما لا يجدي عليهم نفعا، وليس في تعبير المسلمين بخلافهم لنبيهم صلى الله

____________

(1) تمحلوه: إحتالوا في توجيهه.

(2) الخطار بالنفس: المخاطرة بها، بأن يعرضها لما فيه هلاكها.

الصفحة 132
عليه وآله من النفع لهم ما يفي ببعض الضرر والمتخوف من جهتهم، ولا يشبه هذا ما ينقلونه من دياناتهم ومذاهبهم وطعونهم في الاسلام، لأن جميع ذلك لا خوف عليهم من المسلمين فيه لأن ذمتهم عليه انعقدت، ولم تجر عادة أحد من ولاة أمور المسلمين بأن يحظر على أهل الذمم إظهار مذاهبهم، وإن كرهها، وقد كانت عاداتهم جارية بأن لا يقروا أحدا منهم على غض من مسلم أو طعن على مؤمن بتظليم أو تكفير خارج عما يقتضيه دينهم واستقرت عليه ذمتهم، فكيف لهم إذا تجاوزوا إلى الطعن على الخلفاء وتظليم الأمراء، ولأن الخوف لو كان عليهم فيما ينقلونه من مذاهبهم ودياناتهم، وفي نقل النص واحدا ولم يفترق الأمران من حيث ذكرنا لوجب العدول عن ذكر النص دون ما يتعلق بالدين لأن لداعي الدين من القوة ما ليس لغيره، وقد يجوز أن يتحمل فيه ما لا يتحمل في غيره.

فأما قوله: " بل كان يجب أن يكونوا مضطرين إلى معرفة النص ولو كان ذلك كذلك لما صح ما قد ثبت عنهم من مواقف الإمامة " فهذا إنما يقال فيما يتنافى ولا يصح ثبوته على الاجتماع، وقد كان يجب أن يبين من أي وجه يجب إذا كانوا يعلمون النص أن لا يقفوا في أمر الإمامة تلك الموقف وقد بينا أن جميعهم لم يدفع الضرورة في النص ولا عمل بخلافه على جهة التعمد وأنهم ينقسمون إلى الأقسام الثلاثة التي ذكرناها، وإذا كان الذي أجزنا عليه تعمد الكتمان للنص مع العلم به وتعمد العمل بخلافه جماعة قليلة العدد، فكيف يصح أن يقال: إن النص لو كان حقا لم يجر من القوم ما جرى ولم يبق إلا أن يقال: لا يجوز على الجماعة القليلة أن تعمل بخلاف ما تعلمه، وتدفع ما تعرفه لبعض الأغراض القوية، وهذا مما إذا قيل عرفت صورة قائله، فإن خصومنا لا يمنعون ما ذكرناه في

الصفحة 133
الجماعة القليلة وإن منعوه في الجماعات الكثيرة التي تبلغ إلى حد مخصوص وتختص بصفات معينة، فكل من لم يثبت عصمته، أو ما يجري مجرى عصمته من دلالة يؤمن من وقوع مثل ما ذكرناه منه فهو جائز عليه، ولا مانع يقتضي امتناعه منه، وقد جرت العادات التي لا يتمكن أحد من دفعها بعمل الجماعات بخلاف ما نعلمه لبعض الأغراض وكتمان ما نعرفه لمثل ذلك، وقد نطق الكتاب بمثله قال الله تعالى مخبرا عن أهل الكتاب:

(يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) (1) وقال جل ذكره: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) (2). وقد علمنا من جهة القرآن أيضا والأخبار ما وقع من ضلال قوم موسى عند دعاء السامري لهم إلى عبادة العجل، وكثرة من اغتر به ومال إلى قوله مع قرب عهدهم بنبيهم صلى الله عليه وسلم وكثرة ما تكرر على أسماعهم من بيانه وحججه التي يقتضي جميعها توقي الشبهة بنفي التشبيه عن ربه تعالى، ولعل من ضل بعبادة العجل من قوم موسى عليه السلام كانوا أكثر من جميع المسلمين الذين كانوا في المدينة لما قبض الرسول صلى الله عليه وآله وإذا جاز الضلال والعدول عن المعلوم على أنه من الأمم فهو على جماعة من جملة أمة أجوز، والذي يقوله المخالفون عند احتجاجنا بقصة السامري من أن ضلال قوم موسى لعبادة العجل إنما كان للشبهة لا على طريق التعمد والعناد، وقولكم في النص يخالف هذا لأنه كان معلوما لهم عندكم فعدلوا عنه وعملوا بخلافه غير صحيح، لأن القوم الذين ضلوا بالسامري قد كانوا من أمة موسى عليه السلام وممن سمع حججه وبيناته، وعرف شرعه ودينه، وما كان يدعو إليه ونحن نعلم

____________

(1) البقرة: 146.

(2) النمل 14.

الصفحة 134
أن المعلوم من دين موسى لهم نفي التشبيه عن خالقه وأنه دعاهم إلى عبادة من لا يشبه الأجسام ولا يحلها (1)، وإذا كانوا عارفين بهذا من دينه ضرورة، فليس تدخل عليهم شبهة فيه إلا من حيث شكوا في نبوته، واعتقدوا أن ما دعاهم إليه ليس بصحيح، ولم يكن القوم الذين ضلوا بالسامري ممن أظهر الشك في نبوة موسى عليه السلام والخروج عن دينه، بل الظاهر عنهم أنهم كانوا مع عبادتهم له متمسكين بشريعته، ولهذا قال لهم السامري (هذا إلهكم وإله موسى) (2) مشيرا إلى العجل، فلم يبق مع ضلالهم بالعجل وعبادتهم له، إلا العمل بخلاف المعلوم لبعض الأغراض.

على أن قوله: (كان يجب أن لا يجري منهم في الإمامة ما جرى) إنما يحمل عليه حسن الظن بالقوم، وليس لحسن الظن مجال حيث يقع العلم، وإذا كنا قد دللنا على صحة النص بأدلة تقتضي العلم فلا معنى لدفعها بما يرجع فيه إلى حسن الظن، على أن جميع ما يقتضي حسن الظن بالقوم الدافعين للنص والقائمين مقام المنصوص عليه عليه السلام من الصحبة للنبي صلى الله عليه وآله وظهور الفضل قد حصل لغيرهم أو أكثره، ولم يكن ذلك نافيا عن الضلال، والعمل بخلاف الحق مع العلم به، ألا ترى أن طلحة والزبير مع صحبتهما وكثرة فضلهما في الظاهر، ومقاماتهما في الدين قد بايعا أمير المؤمنين عليه السلام طائعين غير مكرهين ثم عادا ناكثين لبيعته مجلبين (5) عليه ضاربين لوجهه ووجوه أنصاره

____________

(1) أي يحل فيها.

(2) طه 44.

(3) يقال: أجلب عليه وجلب أيضا - وأجلبوا تجمعوا وجلب فرسه: صاح بها واستحثها.

الصفحة 135
بالسيف، ثم حملهما خطؤهما القبيح على أن نسبا إليه عليه السلام من المشاركة في دم عثمان ما هو برئ منه، وهما مسببان فيه وهذه عائشة وقد جمعت إلى الصحبة الاختصاص والالتصاق بالرسول صلى الله عليه وآله وسماع الوحي النازل في بيتها، والمتكرر على سمعها قد وقع منها من حرب أمير المؤمنين عليه السلام مع علمها بفضله، وكثرة سوابقه، وروايتها فيه ما يزيد على كل تعظيم وتبجيل ما شاركت فيه طلحة والزبير وزادت عليهما.

وهذا سعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة (1) ممتنعان من بيعته عليه السلام مع انتفاء كل عذر يمكن أن يقام لهما.

وهذا معاوية وعمرو بن العاص مع صحبتهما أيضا قد جرى منهما من حرب أمير المؤمنين عليه السلام وإظهار عداوته ولعنه في قنوت الصلوات وما شهرته تغني عن ذكره وهم يسمعون النبي صلى الله عليه وآله يقول (حربك يا علي حربي وسلمك سلمي) (2) وقوله: (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) (3) وقوله: (علي مع

____________

(1) محمد بن مسلمة صحابي من الأنصار امتنع من بيعة أمير المؤمنين واعتزل في حروبه مات بالمدينة سنة 43 وقيل 46.

(2) رواه الترمذي 2 / 320 باب فضائل فاطمة عليها السلام وابن ماجة 1 / 52 ح 145 وأحمد في المسند 2 / 422 والحاكم في المستدرك 3 / 149، وابن الأثير في أسد الغابة 3 / 11 و 5 / 523 وغيرهم بألفاظ متقاربة ومعنى واحد أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: (أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم) كما يظهر من بعضها أنه صلى الله عليه وآله قال ذلك في أكثر من موطن.

(3) دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله (اللهم وال من والاه الخ) تقدم تخريجه وسيأتي أيضا.

الصفحة 136
الحق والحق مع علي يدور حيثما دار) (1) وإلى غير ما ذكرناه من الأقوال والأفعال التي تدل على نهاية الاعظام والاكرام، وغاية الفضل والتقدم، وأقل أحوالها أن يقتضي المنع من حربه ولعنه، ومظاهرته بالعداوة، ونحن نعلم أنه ليس فيمن ذكرناه ممن ضل عن الحق وعدل عن سننه (2) إلا من كانت له صحبة وظاهر فضل، إن لم يساو فيه القوم الذين يشار إليهم بدفع النص والتواطؤ على إزالته عن مستحقه فهو مقارب له، وليس فرق ما بين الفضلين مما يقتضي أن يجوز على هؤلاء من الضلال والعناد ما لا يجوز على أولئك، وليس للمخالف أن يقول أن جميع من ذكرتم ممن حارب أمير المؤمنين عليه السلام وقعد عن بيعته إنما تم الخطأ عليه بالشبهة دون التعمد لأن هذا من قائله يدل على غفلة شديدة، وقلة علم بحال القوم الذين وقع منهم ما عددناه، وأي شبهة يصح أن تدخل على طلحة والزبير مع بيعتهما له عليه السلام طوعا وإيثارا وعلمهما باختصاصه عليه السلام من الفضائل والسوابق والعلوم بما يزيد على ما يحتاج إليه الأئمة أضعافا مضاعفة حتى ينكثا بيعته، ويضربا وجهه بالسيف، ويسفك من دماء المسلمين بسببهما ما سفك، وهذه حال عائشة في امتناع دخول شبهة عليها في قتاله، وخلع طاعته، ومطالبته بما قد علمت وعلم كل أحد منه براءته وأي عذر لسعد بن أبي وقاص وابن مسلمة في الامتناع عن بيعته، وقد بايعا من لم يظهر من فضله وعلمه ودينه وزهده ما ظهر منه عليه السلام هذا وقد شاهدا الناس قد اجتمعوا عليه ورضوا بإمامته كما اجتمعوا على الثلاثة المتقدمين فلم يبق للشبهة طريق وكيف يشتبه على

____________

(1) حديث (علي مع الحق) تقدم أيضا.

(2) عدل عن سنن الطريق: مال عنه، وفي السين ثلاث لغات بالضم والفتح والكسر.

الصفحة 137
معاوية وعمرو وأشياعهما أمر حربه ولعنه وهما يعلمان ضرورة وكل مسلم من دين المسلمين والرسول صلى الله عليه وآله ما يمنع من ذلك فيه، مع ما علموه من ثبوت إمامته، ورضا المسلمين به، وإن جاز أن تدخل الشبهة على من ذكرناه مع أنا لا نعرف لدخولها وجها فليجوزن أن تدخل الشبهة على جميع من عمل بخلاف النص على أمير المؤمنين وعقد الأمر لغيره وعدل عن ذكر النص ونقله حتى يكون جميع من فعل ذلك لم يفعله إلا بالشبهة وهذا ما لا فصل فيه ولا محيص عنه.

وقد كنا ذكرنا فيما مضى من هذا الكتاب ما يمكن أن يعارض به هاهنا حيث قلنا لصاحب الكتاب: إذا جاز أن يكون النبي صلى الله عليه وآله قد بين صفات الإمام التي من جملتها أن يكون من قريش، وصفات العاقدين للإمامة، ثم حضر الأنصار مع ذلك طالبين للأمر ومنازعين فيه، فألا جاز عليهم وعلى من طلب الأمر من المهاجرين أن يطلبوه مع علمهم بالنص للوجه الذي له طلبت الأمر الأنصار؟

وبينا أنه إن قال إن الأنصار لم تسمع النص على صفات الإمام وصفات العاقدين مع أنهم من أهل الحل والعقد وممن قد خوطب بإمامة الإمام.

قيل له: فأجز أيضا أن يكون النص لم يسمعه القوم الذين استبدوا بالخلاف وتمالؤا على جرها إليهم، وقد أشبعنا هذه المعارضة فيما مضى، ونتمكن أن نذكر في هذا الموضع مقابلة لكلامه المبني على حسن الظن بالقوم، حيث يقول: (لو كان ما يقولونه في النص حقا لما فعلوا كذا وكذا).

فيقال له: ولو كان ما تدعيه من النص على صفات الإمام

الصفحة 138
والعاقدين حقا لما جرى من الأنصار ما جرى من المنازعة.

فأما قوله: " وهذا في أنا نعلم بطلانه باضطرار بمنزلة ما نعلمه من أنفسنا لأنا كما نعلم أنا لا نعلم في الإمامة ما ادعوه باضطرار، ونعتقد خلافه نعلم ذلك من حال الصحابة " فطريف لأنه لا سبيل إلى العلم بما كان يعتقده القوم باطنا في النص، وأكثر ما يدل عليه حالهم كونهم مظهرين لاعتقاد خلافه وما سوى ذلك غير معلوم، ولو كان ما ذكره معلوما باضطرار له ولأصحابه لوجب أن تعلمه الشيعة كعلمهم بأنه ليس يمكن أن يدعى فيه طريق يختص، ولا فصل بين من ادعى ذلك من المخالفين وبين من ادعى من الشيعة أنه يعلم ضرورة أن القوم كانوا يعتقدون النص ويعلمونه، وإن كانوا عاملين في الظاهر بخلافه، وليس يشبه ما يعلمه الانسان من نفسه ما يعلمه من غيره لأنه يجد نفسه معتقدا للشئ ضرورة ثم يفصل بين أن يكون معتقدا لبعض المذاهب وبين أن لا يكون كذلك، ولا سبيل له إلى أن يعلم أن غيره معتقد لبعض المذاهب إلا على شروط، وبأن يظهر القول بالمذهب منه في أحوال قد علم أنه لا داعي يدعو إلى إظهاره إلا الاعتقاد والتدين ويقطع على انتفاء كل أمر يمكن صرف الإظهار إليه وهذا مما له خصائص وشرائط تدل عليها الأحوال ومشاهدتها، فكيف يمكن أن يدعي العلم باعتقاد غائب لا سبيل فيه إلى هذه الطريقة، ويجوز أن يكون ما أظهره من الاعتقاد لأسباب وأغراض كثيرة ليست للتدين، على أن المعلوم من مذهب مخالفينا أنهم لا يقطعون على بواطن الصحابة إلا فيمن علموا بالدليل موافقة باطنه لظاهره، وأنهم يجوزون أن يكونوا مبطنين لخلاف ما هم له مظهرون، فكيف يدعي العلم باعتقادهم في النص والقطع على باطنهم فيه دون غيره، وأحوالهم في الكل متساوية، ونحن نعلم أن إظهارهم لاعتقاد خلاف النص كإظهارهم جميع

الصفحة 139
دياناتهم ومذاهبهم، بل إظهارهم لما عدا الاعتقاد في النص آكد وأظهر، فتجويز مخالفة باطنهم لظاهرهم في أحد الأمرين كتجويزه في الأخرى على أن المدعي للعلم بباطن الصحابة في هذا الوجه لا يجد فصلا بينه وبين من ادعى العلم من الحشوية (1) وأصحاب الحديث بباطن من بقي من الصحابة والتابعين في عفة معاوية واعتقاد إمامته وتصويبه، والرضا بأحكامه بعد موت الحسن بن علي عليهما السلام، فإنه لم يوجد في تلك الأحوال إلا مظهرا لما ذكرناه، ويقول مثل قول صاحب الكتاب: إني كما أعلم من نفسي اعتقاد إمامة معاوية وتصويبه في أحكامه، فهكذا أنا مضطر إلى أن جماعة المسلمين، ووجوه الصحابة والتابعين، في الأحوال التي أشرنا إليها كانوا معتقدين لمثل ذلك، وليس يجد صاحب الكتاب مهربا من هذه المعارضة، ولا يتعلق بشئ يجعله فصلا إلا ويمكننا أن نقابله بمثله فيما ادعاه.

فأما تعلقه بإكرام الرسول صلى الله عليه وآله للقوم وتعظيمه لهم، وأن الخبر بذلك متواتر، فمما لا يؤثر فيما ذهبنا إليه، لأن جميع ما روي من التعظيم والاكرام - إذا صح - فليس يقتضي أكثر من حسن الظاهر وسلامته في الحال، فأما أن ينفي ما يقع منهم في المستقبل من قبيح فغير متوهم، وإذا كان دفع النص والعمل بخلافه إنما وقع بعد الرسول صلى الله عليه وآله فكيف يكون مدحه في حياته لهم وإكرامه ينافيه ويمنع منه؟

فإن قال: إنما عنيت إن الاكرام والمدح والإعظام يمنع من وقوع النفاق في تلك الحال.

____________

(1) الحشوية: في تاج العروس مادة حشا 10 / 90 " الحشوية طائفة من المبتدعة " كأن اسمهم مأخوذ من الحشو في الكلام أي الزيادة فيه بما لا طائل تحته.

الصفحة 140
قيل له: ليس يجب بما وقع منهم من دفع النص أن يكونوا في حياة الرسول صلى الله عليه وآله على نفاق، لأن فيمن يقطع على أن دفع النص كفر من فاعله من لا يمنع من وقوعه بعد الإيمان الواقع على جهة الاخلاص، فأما من ذهب إلى الموافاة فإنه يحتاج في منع وقوع الإيمان متقدما إلى أن يثبت له كون دفع النص كفرا، وأنه يخرج عن منزلة الفسق ويلحق بمنزلة الكفر ثم يثبت أن فاعله فارق الدنيا عليه لأنه إن لم يثبت له ذلك لم يمتنع على مذهبه تقدم الإيمان على أنه غير ممتنع عقلا أن يكون الرسول غير عالم ببواطن أصحابه وسرائرهم من خير وشر فيكون مدحه لهم على الظاهر، وإذا انقطع العذر بالسمع الوارد بأنه صلى الله عليه وآله كان يعرف بواطن بعضهم أمكن أن يقال: إنه صلى الله عليه وآله علم بذلك في حال لم يكن منه بعدها مدح ولا تعظيم لمن علم سوء باطنه، فإن الحال بعينها غير مقطوع عليها ويمكن أن يقال: إن ذلك قبل وفاته عليه السلام بزمان يسير.

وقد قيل: إنه غير ممتنع أن يمدح النبي صلى الله عليه وآله من علم خبث باطنه إذا كان مظهرا للحق والدين، كما أنه صلى الله عليه وآله مع علمه بالمنافقين وتمييزه لهم من جملة أصحابه قد كان يجري عليهم أحكام المؤمنين، ولا يخالف بينهم في شئ منها إلا فيما نطق به الكتاب من ترك الصلاة على أحدهم عند موته والقيام على قبره وإجراء أحكام المؤمنين عليهم، ودعاؤهم في جملتهم ضرب من المدح والتعظيم فلئن جاز هذا جاز الأول.

وليس يمكن أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يعرف المنافقين بأعيانهم لأن القرآن يشهد بأنه صلى الله عليه وآله قد كان يعرفهم

الصفحة 141
قال الله تعالى: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) (1) وليس بصحيح أن تتوجه إليه صلى الله عليه وآله هذه العبارة فيهم إلا مع المعرفة والتمييز، وقال عز وجل: (ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول) (2) وفي هذا تصريح بأنه صلى الله عليه وآله كان يعرفهم، وكل ما ذكرناه واضح لمن يتدبره.

قال صاحب الكتاب: " فإن قالوا: إن طريق الإمامة وإن كان ما ذكرناه فإن النقل انقطع بالكتمان (3) لأنا نجوز على الخلق العظيم أن يكتموا.

قيل له: قد بينا إن الحجة لا تقوم إلا من هذا الوجه، والمصلحة للأمة ألا تعلم الإمامة إلا من هذا الوجه، فلا بد لأمر يرجع إليه حكمة المكلف (4) من أن يمنع مما يقطع هذا النقل فلو جاز الكتمان بالعادة على ما ذكرتموه لوجب أن يقطع فيما هذا حاله أنه لم يقع فكيف والكتمان في ذلك لا يصح كما لا يصح في سائر الأمور الظاهرة.

وبعد، فإن ذلك إن صح أوجب كوننا معذورين على ما قدمناه، بل يوجب أن الحجة كما لم تقم علينا لم تقم عليهم... " (5).

يقال له: قد بنيت السؤال على ما لم تسأل عنه، لأنك إن أشرت بانقطاع النقل من أجل الكتمان إلى انقطاعه من جميع الأمة، حتى أنه لم

____________

(1) التوبة 84.

(2) سورة محمد: 30.

(3) غ " للكتمان " وكذلك في خ.

(4) غ " ولا بد أن يرجع الأمر إلى حكمة المكلف ".

(5) المغني 20 ق 1 / 120.