عقائد الشيعة الإمامية / العلامة الأميني
بقية شعراء الغدير في القرن الثالث
-11- أبو إسماعيل العلوي
وجـــدي وزير المصطفى وابن عمه * علي شهـــاب الحرب في كل ملحــم أليــــس بــــبدر كــــان أول قـــاحـــم * يطــير بحد السيف هام المقحـــم ! ؟ وأول مــــن صلــــى ووحــــّـد ربـــه * وأفــــضل زوار الحــــطيم وزمــــزم وصــــاحب يوم الدوح إذ قام أحمـــد * فنــــادى برفع الصوت لا بتهمهـــم : جعــــلتك منــــي يا عـلي ؟ بمنـــزل * كهارون من موسى النجيب المكلــم فصلى عــــليه الله مــــا ذر شـــارق * وأوفت حجور البيت أركب محرم(1) * (الشاعر) *: أبو إسماعيل محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم. هو من فروع دوح الخلافة، ومن مفاخر العترة الطاهرة، كان يرفل في حلة المجد الضافية، طافحا عليه الشرف الظاهر، والسؤدد المعلوم، بين حسب زاك، و ونسب وضئ، أحمدي المأثرة، علوي المنقبة، عباسي الشهامة، إلى فضائل كثيرة ينحسر عنها البيان. قال المرزباني في (معجم الشعراء) ص 435 : شاعر يكثر الافتخار بآبائه رضوان الله عليهم، وكان في أيام المتوكل وبعده دهرا، وهو القائل : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) معجم الشعراء للحافظ المرزباني ص 435.
/ صفحة 2 / وإني كـــريم مـــن أكـــارم سادة * أكفهـــم تـــندي بجـــزل المـواهب هم خير من يحفى وأفضل ناعل * وذروة هضب العرب من آل غالب هـم المن والسلوى لدان بودهم * وكــالسم في حلـق العدو المجانب وله : بعـــثت إليـــهم نـاظـــري بتحـــيـــة * فـأبدت لي الأعراض بالنظر الشزر فلما رأيت النفس أوفت على الردى * فزعت إلى صبري فأسلمني صبري أما إذا افتخر أبو إسماعيل بآبائه فأي أحد يولده أولئك الأكارم من آل هاشم فلا يكون حقا له أن يطأ السماء برجله ؟ وأي شريف يكون المحتبي بفناء بيته قمر بني هاشم أبو الفضل ثم لا تخضع له قمة الفلك مجدا وخطرا ؟ فإن افتخر المترجم بهؤلاء فقد تبجح بنجوم الأرض وأعلام الهدى، ومنار الفضل وسوى الإيمان. من تلق منهم تلق كهلا أو فتى * علم الهدى بحر الندى المورودا وهذا جده أبو الفضل العباس الثاني كان كما قال الخطيب في تاريخ بغداد 12 ص 136 : عالما شاعرا فصيحا من رجال بني هاشم لسانا وبيانا وشعرا، ويزعم أكثر العلوية : إنه أشعر ولد أبي طالب، وكان في صحابة هارون ومن شعره يذكر إخاء أبي طالب (عم النبي) لعبد الله (أبي النبي لأبيه وأمه) من بين إخوته : إنـــا وإن رســـول الله يجمعــــنا * أب وأم وجـــــد غـــير مـــوصـــوم جــاءت بـــنا ربة من بين أسرته * غراء من نسل عمران بن مخزوم حزنا بها دون من يسعى ليدركها * قـــرابــة مـن حـواها غير مسهوم رزقـــا من الله أعـــطانا فضيـلته * والناس من بـين مرزوق ومحروم جاء إلى باب المأمون فنظر إليه الحاجب ثم أطرق فقال له : لو أذن لنا لدخلنا، ولو اعتذر إلينا لقبلنا، ولو صرفنا لانصرفنا، فأما اللفتة بعد النظرة لا أعرفها (1) ثم أنشد : وما عن رضا كان الحمار مطيتي * ولكن من يمشي سيرضى بما ركب ومن درر كلمه الحكمية قوله : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) هذه الجملة حكيت عن تاريخ الخطيب في تذكرة السبط 32 بغير هذه الصورة.
/ صفحة 3 / إعلم أن رأيك لا يتسع لكل شيئ، ففرغه للمهم. وأن مالك لا يغني الناس كلهم، فخص به أهل الحق. وأن كرامتك لا تطيق العامة، فتوخ بها أهل الفضل. وأن ليلك ونهارك لا يستوعبان حاجتك وإن دأبت فيهما، فأحسن قسمتهما بين عملك ودعتك من ذلك. فإن ما شغلك من رأيك في غير المهم إزراء بالمهم. وما صرفت من مالك في الباطل فقدته حين تريده للحق. وما عمدت من كرامتك إلى أهل النقص أضرك في العجز عن أهل الفضل. وما شغلك من ليلك ونهارك في غير الحاجة أزرى بك في الحاجة. وأخو العباس هذا : الفضل بن الحسن الذي يأبن جده أبا الفضل شهيد الطف سلام الله عليه بقوله : أحق الناس أن يبكى عليه * فــتى أبكى الحسين بكربلاء أخـــوه وابـــن والــده علي * أبو الفضل المضرج بالدماء ومـــن واسـاه لا يثنيه شئ * وجـــاد له على عطش بماء ذكرها له المؤرخ الهندي أشرف علي في كتابه المطبوع [ روض الجنان في نيل مشتهى الجنان ] وشطرها زميلنا العلامة المتضلع الشيخ محمد علي الأوردبادي حياه الله فقال : أحـــق النـــاس أن يُبــكى عليه * بـــدمع شـــابه عـــلق الدمـاء بجـــنب العـــلقمـــي سري فهر * فـــتى أبـــكى الحسين بكربلاء أخـــوه وابـــن والـــده عـــلــي * هـــزير الملتـــقى رب اللـــواء صريعا تحت مشتبك المواضي * أبو الفـــضل المضـرج بالدماء ومـــن واســـاه لا يثـــنيـه شئ * عـن ابن المصطفى عند البلاء وقـــد ملـــك الفـــرات فلم يذقه * وجـــاد لـــه علــى عطش بماء وكان شاعرنا المترجم من رجاحة العقل، ورصافة العارضة، في جانب عظيم
/ صفحة 4 / مثيل جده تجري كلماته مجرى الحكم والأمثال منها قوله في رجل من أهله : إني لأكره أن يكون لعلمه فضل على عقله، كما أكره أن يكون للسانه فضل على علمه(1). ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) كامل المبرد 1 ص 56. |