موقع عقائد الشيعة الإمامية >> كتاب إجماعات فقهاء الإمامية >> المجلد الثالث
إجماعات فقهاء الإمامية
المجلد الثالث: إجماعات الشيخ الطوسي في كتاب المبسوط
كتاب المبسوط ج8
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 2: كتاب الحدود:
الثيب يجب عليه الرجم بلا خلاف إلا الخوارج، فإنهم قالوا: لا رجم في الشرع...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 2، 3: كتاب الحدود:
والكلام في حد الزاني في فصلين: حد الثيب، وحد البكر، فأما حد البكر فسيأتي بيانه، وأما حد الثيب وهو المحصن.
من أصحابنا من قال: يجب عليه الجلد ثم الرجم ومنهم من قال: إنما يجب ذلك إذا كانا شيخين، فإن كانا شابين فعليهما الرجم لا غير، وعند المخالف يجب الرجم بلا تفصيل وقال بعضهم: يجمع بينهما بلا تفصيل.
والبكر هو الذي ليس بمحصن، فإنه إذا زنا وجب عليه جلد مائة ونفي سنه إلى بلد آخر إذا كان رجلا، ولا نفي عندنا على المرأة، وفيهم من قال: يجب عليها النفي أيضا والنفي واجب عندنا وليس بمستحب وقال بعضهم: هو مستحب موكول إلى اختيار الإمام إن رأى نفى وإن رأى حبس.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 3: كتاب الحدود:
والبكر من لم يحصن، والثيب من أحصن، وحد الإحصان عندنا([1]) هو كل حر بالغ كامل العقل كان له فرج يغدو إليه ويروح على جهة الدوام، متمكنا من وطئه سواء كان ذلك بعقد الزوجية، أو بملك اليمين ويكون قد وطئ...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 3: كتاب الحدود:
وفائدة هذا الخلاف هو إذا وطئ في نكاح صحيح وهو صغير ثم بلغ أو أعتق وهو عاقل ثم زنى فلا رجم عليه على القول الأول، وعلى القول الثاني يجب عليه الرجم وعلى مذهبنا لا يحتاج إليه لأنا لا نراعي الشروط حين الزنا، والاعتبار بما قبل ذلك وأصحابنا يراعون كمال العقل لأنهم رووا أن المجنون إذا زنا وجب عليه الرجم أو الجلد.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 4: كتاب الحدود:
إذا زنى عاقل بمجنونة فعليه الحد دونها، وإن كان الرجل مجنونا وهي عاقلة فمكنته عن نفسها، فعليها الحد عند قوم دونه، وقال قوم: لا حد على واحد منهما وعندنا يجب عليهما الحد على ما مضى شرحه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 4: كتاب الحدود:
إذا رجم غسل وصلي عليه، وحكمه بعد الرجم حكم المسلم إذا مات، وحكم من يقتل قصاصا يغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين بلا خلاف.
وروى أصحابنا أنه يؤمر بالاغتسال قبل الرجم والتحنيط وكذلك من وجب عليه القصاص، فإذا قتل صلى عليه ودفن.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 4: كتاب الحدود:
إذا اعترف الرجل بالزنا فلزمه الحد ثم رجع بعد ذلك وقال: ما كنت زنيت فإنه يسقط الحد عنه، وكذلك كل حق لله خالص، كحد الخمر والقتل بالردة والقطع في السرقة، والذي رواه أصحابنا في الاعتراف الذي يوجب الرجم إذا رجع عنه فإنه يسقط فأما فيما عدا ذلك أو الزنا الذي يوجب الحد فلا يسقط بالرجوع.
فأما ما كان حقا لآدمي كحد القذف وغيره فلا يسقط بالرجوع وقال جماعة إنه يسقط، ومذهبنا الأول.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 6: كتاب الحدود:
إذا وجب على الزاني الرجم فلما أخذوا رجم هرب، فإن كان ثبت باعترافه ترك وإن كان ثبت عليه بالبينة رد وأقيم عليه، هذا عندنا وقال المخالف: يترك ولم يفصلوا لما روي أن ماعزا لما مسه حر الحجارة أخذ يشتد فلقيه عبد الله بن أنس وقد عجز أصحابه فرماه بطرف بعير فقتله، فذكروا ذلك لرسول الله فقال هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه وهذا عندنا لأنه كان اعترف به.
فإذا ثبت أنه لا يتبع فإن هرب ثم قدر عليه من بعد، فإن كان مقيما على الاعتراف رجم وإن رجع عنه ترك.
فأما الحفر فإنه إن ثبت الحد بالاعتراف لم يحفر له لأن النبي صلى الله عليه وآله لم يحفر لماعز، وإن ثبت بالبينة، فإن كان رجلا لم يحفر له لأنه ليس بعورة، وإن كانت امرأة حفر لها لأن النبي صلى الله عليه وآله حفر للعامرية إلى الصدر، وروى أصحابنا أنه يحفر لمن يجب عليه الرجم ولم يفصلوا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 7: كتاب الحدود:
المتلوط بالذكران أو بالمرأة الأجنبية، إن أوقبه يجب عليه القتل عندنا والإمام مخير بين أن يضرب رقبته أو يرمي به من حائط عال أو يرمي عليه جدارا أو يرجمه أو يحرقه...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 7: كتاب الحدود:
من أتى بهيمة كان عليه التعزير عندنا بما دون الحد وقال بعضهم هو كاللواط وفيه قولان أحدهما يقتل، والآخر هو كالزنا، وقال بعضهم يعزر وهو مثل ما قلناه.
فأما البهيمة فإن كانت مأكولة اللحم وجب ذبحها عندنا وعند جماعة لئلا يغتر بها أصحابها وقال بعضهم لئلا يأتي بخلقة مشوهة، وهذا غير بين لأنه ما جرت العادة بهذا، وينبغي أن يقول هذا عادة، فإذا ذبحت فلا يحل أكلها عندنا بل يحرق بالنار، وقال بعضهم لا يؤكل ولم يذكر الإحراق، وقال غيره يؤكل.
وإن كانت غير مأكولة فلا يذبح عندنا بل يخرج من ذلك البلد إلى بلد آخر، وقال بعضهم يذبح وإن كانت البهيمة لغيره غرم ثمنها عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 8: كتاب الحدود:
إذا ابتاع رجل ذات محرم له كالأخت والخالة والعمة من نسب أو رضاع أو الأم والبنت من الرضاع فإنه يحرم عليه وطيها، فإن خالف ووطئ مع العلم بالتحريم وجب عليه القتل عندنا وكذلك إذا وطي ذات محرم له وإن لم يشترها، سواء كان محصنا أو غير محصن، وقال قوم عليه الحد. وقال آخرون: لا حد عليه لأنه وطي صادف مملوكته فلم يجب عليه الحد كما لو كانت زوجته أو أمته حايضا.
ويلحقه النسب عندهم لأن الحد إذا سقط صار شبهة يلحق به النسب، وعندنا لا يلحقه النسب، على أنه عندنا إذا اشترى واحدة منهن فإنهن ينعتقن عليه فلا يصادف الوطي الملك بحال.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 8: كتاب الحدود:
إذا استأجر امرأة للخدمة فوطئها فعليه الحد بلا خلاف، وإن استأجرها للزنا فزنا بها فعليه أيضا الحد وقال بعضهم لا حد عليه لشبهة العقد.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 9: كتاب الحدود:
إذا عقد على ذات محرم كأمه وبنته وعمته أو امرأة أبيه أو ابنه أو تزوج بامرأة لها زوج أو وطئ امرأة بعد أن بانت باللعان أو بالطلاق الثلاث مع العلم بالتحريم فعليه الحد عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 9: كتاب الحدود:
إذا كمل شهود الزنا أربعة ثبت الحد بشهادتهم سواء شهدوا في مجلس واحد أو في مجالس وتفريقهم أحوط عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 10: كتاب الحدود:
إذا شهد الأربعة أجمع على رجل بالزنى ثم رجع واحد منهم فلا حد على المشهود عليه، وعلى الراجع الحد لأنه إما أن يقول عمدت أو أخطأت، وأيهما كان فهو قاذف وأما الثلاثة فإنه لا حد عليهم عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 10: كتاب الحدود:
إذا رجم المشهود عليه بشهادتهم ثم رجعوا فإن قالوا أخطأنا في ذلك فعليهم الحد بالرجوع والدية مخففة، وإن قالوا عمدنا غير أنا ما علمنا أن شهادتنا تقبل أو قالوا علمنا أن شهادتنا تقبل وما علمنا أنه يقتل بذلك، فهذا القتل عمد الخطاء فعليهم الدية أرباعا على كل واحد ربع الدية.
وإن قالوا عمدنا وقصدنا قتله فعليهم الحد والقود عندنا، لما روي أن شاهدين شهدا عند علي عليه السلام على رجل سرق فقطعه فأتياه بآخر وقالا هذا الذي سرق وأخطأنا على الأول فقال علي عليه السلام: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما، وروايات أصحابنا في ذلك مصرحة وقال قوم لا قود عليهم.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 10: كتاب الحدود:
إذا استكره امرأة على الزنا فلا حد عليها لأنها ليست بزانية وعليه الحد لأنه زان فأما المهر فلها مهر مثلها عند قوم، وقال آخرون لا مهر لها وهو مذهبنا لأن الأصل براءة الذمة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 11: كتاب الحدود:
وليس ههنا نسب مع حد إلا في مسألة وهي إذا وطئ أخته من رضاع أو نسب في ملك يمين، قال قوم يجب الحد ويلحق النسب، وعندنا لا يلحق النسب ههنا ويجب الحد.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 11: كتاب الحدود:
إذا زنا العبد بالأمة فعلى كل واحد منهما نصف الحد خمسين جلدة أحصنا أولم يحصنا ونريد بذلك التزويج وفيه خلاف وأما التغريب قال قوم يغربان، وقال قوم لا تغريب عليهما وهو مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 11، 12: كتاب الحدود:
للسيد أن يقيم الحد على ما ملكت يمينه بغير إذن الإمام عبدا كان أو أمة مزوجة كانت الأمة أو غير مزوجة عندنا وعند جماعة، وقال قوم ليس له ذلك ومن قال له ذلك فمنهم من قال له التغريب أيضا وهو الأصح، ومنهم من قال ليس له ذلك.
وأما الحد لشرب الخمر فله أيضا إقامته عليهم عندنا لما رواه علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم وهذا عام وأما القطع بالسرقة فالأولى أن نقول له ذلك لعموم الأخبار، وقال بعضهم: ليس له ذلك فأما القتل بالردة فله أيضا ذلك لما قدمناه، ومنهم من قال ليس له ذلك، والقول الأول أصح عندنا.
ومن قال للسيد إقامته عليهم أجراه مجرى الحاكم والإمام، وكل شيء للإمام أو الحاكم إقامة الحد به من إقرار وبينة وعلم فللسيد مثله، ومنهم من قال ليس له أن يسمع البينة لأن ذلك يتعلق به الجرح والتعديل، وذلك من فروض الأئمة والأول أصح عندنا.
فإذا ثبت أنه يسمع البينة وإليه الجرح والتعديل كالإمام فمتى ثبت عنده ذلك عمل به، ومن قال ليس له ذلك قال الإمام يسمع البينة ويبحث عنها فإذا صحت عنده حكم بها وكان الإقامة إلى السيد وكان للإمام ما إليه وللسيد ما إليه.
وأما إقامته بعلمه فقد ثبت عندنا أن للحاكم أن يحكم بعلمه فيما عدا الحدود وفي أصحابنا من قال: وكذلك في الحدود...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 13: كتاب الحدود:
إذا شهد اثنان أنه زنا بها بالبصرة، والآخران أنه زنا بها بالكوفة، فلا حد على المشهود عليه لأن الشهادة لم يكمل على فعل واحد، وأما الشهود قال قوم يحدون وهو مذهبنا...
إذا شهد اثنان أنه زنا في هذه الزاوية وآخران في زاوية أخرى، كان مثل الأول سواء، وقال قوم القياس أنه لا حد على المشهود عليه، لكن أجلده إن كان بكرا وأرجمه إن كان ثيبا استحسانا والأول مذهبنا لأن الأصل براءة الذمة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 13، 14: كتاب الحدود:
قد بينا شرايط الإحصان عندنا، وأنها أربعة أشياء أن يكون بالغا عاقلا حرا له فرج يغدو إليه ويروح، ويكون قد دخل بها، وعندهم أن يطأ وهو حر بالغ في نكاح صحيح، ولا يعتبر الإسلام عندنا وعندهم، فإذا وجدت هذه الشرايط من مشرك فقد أحصن إحصان رجم، وهكذا إذا وطئ المسلم امرأته الكافرة فقد أحصنها.
وقال بعضهم إن كانا كافرين لم يحصن واحد منهما صاحبه وإن كان مسلما وهي كافرة فقد أحصنا معا، لأن عنده أن أنكحة المشركين فاسدة، وعندنا أن أنكحتهم صحيحة وبه قال الأكثر...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 15: فصل في حد القاذف:
ولا خلاف بين الأمة أن القذف محرم.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 16، 17: فصل في حد القاذف:
إذا قال لرجل يا بن الزانيين، فقد قذف أباه وأمه لأنه ابنهما فإذا ثبت أنه قذفهما نظرت، فإن لم يكونا محصنين فلا حد عليه وعليه التعزير، وإن كانا محصنين فعليه حدان إن أتيا به متفرقين، وإن أتيا به مجتمعين فعليه حد واحد، هذا إذا كان بلفظ واحد وإن كان بلفظين فعليه حدان.
ثم ينظر فإن كانا حيين استوفيا لأنفسهما وإن كان ميتين وجب لوارثهما وإن كانا حيين فماتا قبل الاستيفاء فإنه يورث عنهما، وقال بعضهم حد القذف لا يورث، فإذا ثبت أنه يورث فمن الذي يرثه؟ قيل فيه ثلاثة أوجه أحدها وهو الصحيح أنه يرثه من يرث المال الرجال والنساء من ذوي الأنساب، فأما ذوو الأسباب فلا يرثون، وقال قوم يرث أيضا ذوو الأسباب من الزوج والزوجة والثالث يرثه عصبات القرابة ومذهبنا الأول.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 17: فصل في حد القاذف:
إذا قذف رجلا ثم اختلفا فقال القاذف أنت عبد فلا حد علي وقال المقذوف أنا حر فعليك الحد، فلم يخل المقذوف من ثلاثة أحوال إما أن يعلم أنه حر أو عبد أو يشك فيه، فإن عرف أنه حر مثل أن عرف أن أحد أبويه حر عندنا أو يعلم أن أمه حرة عندهم، أو كان عبدا فأعتق فعلى القاذف الحد وإن عرف أنه مملوك فلا حد على القاذف وعليه التعزير، وأن أشكل الأمر كالرجل الغريب لا يعرف ولا يخبر وكاللقيط قال قوم القول القاذف.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 18: فصل في حد القاذف:
من لم تكمل فيه الحرية حكمه حكم العبد القن فلا حد على قاذفه، وعليه التعزير كالقن سواء، وعندنا يحد قاذفه بحساب ما تحرر منه حد الحر ويعزر فيما عداه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 19: كتاب السرقة:
قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}...
ومع هذا فلا خلاف فيه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 19: كتاب السرقة:
القدر الذي يقطع به السارق عندنا ربع دينار أو ما قيمته ربع دينار، من أي جنس كان، فإن كان من هذا المضروب المنقوش قطعناه به، وإن كان تبرا من ذهب المعادن الذي يحتاج إلى علاج وسبك فلا قطع عندنا وعند قوم...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 19: كتاب السرقة:
فإذا ثبت أن النصاب ربع دينار أو ما قيمته ربع دينار، فالكلام بعد هذا في الأشياء التي يقطع بها ولا يقطع، وجملته متى سرق ما قيمته ربع دينار فعليه القطع سواء سرق ما هو محرز بنفسه كالثياب والأثمار والحبوب اليابسة ونحوها أو غير محرز بنفسه وهو ما إذا ترك فسد كالفواكه الرطبة كلها من الثمار والخضراوات كالقثاء والبطيخ والبقل والباذنجان ونحو ذلك أو كان من الطبيخ كالهريسة وساير الطبايخ أو كان لحما طريا أو مشويا الباب واحد.
هذا عندنا وعند جماعة...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 20: كتاب السرقة:
وأما الكلام فيما كان أصله الإباحة أو غير الإباحة فجملته أن كل جنس يتمول في العادة ففيه القطع، سواء كان أصله الإباحة أو غير الإباحة، فما لم يكن على الإباحة كالثياب والأثاث والحبوب ففي كل هذا القطع.
وأما ما أصله الإباحة فكذلك أيضا عندنا، فمن ذلك الصيود كلها الظباء وحمر الوحش وبقر الوحش، وكذلك الجوارح المعلمة، كالبازي والصقر والباشق والعقاب والشاهين، وكذلك الخشب كله والحطب وغير الحطب والساج وغيره وكذلك الطين ومنه جميع ما يعمل من الخزوف والفخار والقدور والغضار وجميع الأواني وكذلك الزجاج وجميع ما يعمل منه، وكذلك الحجر وجميع ما يعمل منه من القدور والبرام وكذلك كل ما يستخرج من المعادن كالقير والنفط والموميائي والملح وجميع الجواهر من اليواقيت وغيرها وكذلك الذهب والفضة كل هذا فيه القطع عندنا وعند جماعة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 21: كتاب السرقة:
لا قطع إلا على مكلف، وهو البالغ العاقل، فأما غير المكلف وهو الصبي أو المجنون فلا قطع على واحد منهما لقوله تعالى: {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ} وإنما يعاقب من كان عاقلا.
وروي عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى ينتبه، وهو إجماع فإن كان السارق مجنونا فلا قطع، وإن كان غير بالغ فلا قطع.
وبماذا يكون بالغا قد ذكرناه في الصلوة والحجر، وجملته متى بلغ الغلام أو الجارية خمس عشرة سنة فقد بلغ سواء أنزل أو لم ينزل وأيهما أنزل الماء الدافق بجماع أو احتلام أو بغير ذلك وظهر منهما المني فقد بلغا وأما الإنبات فهو أن ينبت الغلام أو الجارية الشعر الخشن حول الفرج، فإن كان مشركا حكمنا أنه بالغ وعندنا أنه بلوغ وقال قوم دلالة على البلوغ.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 22: كتاب السرقة:
لأن أصحابنا قالوا إن الحرز هو كل موضع ليس لغير المالك أو المتصرف فيه دخوله إلا بإذنه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 29: كتاب السرقة:
إذا نقبا معا ودخل أحدهما فقرب المتاع إلى باب النقب من داخل، فأدخل الخارج يده فأخذه من جوف الحرز، فعليه القطع دون الداخل عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 30: كتاب السرقة:
إذا نقب ودخل الحرز فذبح شاة فعليه ما بين قيمتها حية ومذبوحة فإن أخرجها بعد الذبح فإن كانت نصابا قيمتها فعليه القطع، وإن كان أقل من نصاب فلا قطع، وقال قوم لا قطع عليه بناء على أصله في الأشياء الرطبة أنه لا قطع فيها، والأول مذهبنا.
فإن كانت بحالها فأخذ ثوبا فشققه فعليه ما نقص بالخرق فإذا أخرجه فإن بلغت قيمته نصابا فعليه القطع وإلا فلا قطع، وقال قوم لا قطع عليه، والأول مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 30: كتاب السرقة:
إذا كان العبد صغيرا لا يعقل ومعنى لا يعقل أنه لا يقبل إلا من سيده، ولسنا نريد به المجنون، فإذا كان كذلك فسرقه سارق قطعناه، وقال بعضهم لا يقطع لأنه لما لم يقطع بسرقته إذا كان كبيرا فكذلك إذا كان صغيرا كالحر والأول مذهبنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 32: كتاب السرقة:
قد ذكرنا أن القطع يجب بكل ما يتمول في العادة، فمن ذلك الدفاتر بأسرها والمصاحف وكتب الفقه والأدب والأشعار والأسمار ونحو ذلك، كل هذا يجب فيه القطع عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 33: كتاب السرقة:
إذا سرق ما يجب فيه القطع مع ما لا يجب فيه القطع وجب قطعه عندنا إذا كان نصابا مثل أن يسرق إبريقا من ذهب فيه ماء أو قدر ثمينة فيها طبيخ وما أشبه ذلك، وقال قوم لا قطع عليه والأول الصحيح للآية والخبر.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 33: كتاب السرقة:
من سرق من ستارة الكعبة ما قيمته ربع دينار كان عليه القطع عندنا إذا كانت مخيطة على الكعبة، وقال قوم لا قطع في ستارة الكعبة.
وروى أصحابنا أن القايم عليه السلام إذا قام قطع بني شيبة، وقال هؤلاء سراق الله فدل ذلك على أن فيه القطع.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 33: كتاب السرقة:
إذا اكترى دارا وجعل متاعه فيها فنقب المكري وسرق فعليه القطع عندنا وعند الأكثر...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 33: كتاب السرقة:
إذا سرق العبد فعليه القطع كالحر سواء كان آبقا أو غير آبق عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 34: كتاب السرقة:
النباش يقطع عندنا إذا أخرج الكفن عن جميع القبر إلى وجه الأرض فأما إن أخرجه من اللحد إلى بعض القبر فلا قطع كما لو أخذ المتاع من جوف الحرز فنقله من مكان إلى مكان فالقبر كالبيت إن أخرجه من جميع البيت قطع وإلا لم يقطع قال وقال قوم لا قطع على النباش والأول مذهبنا.
ومن المطالب بهذا القطع؟ مبني على أمر المالك للكفن وقيل فيه ثلاثة أقوال أحدها للوارث والثاني في حكم ملك الميت، والثالث لا مالك له كستارة الكعبة فمن قال للورثة أو في حكم الملك للميت، قال المطالب بالقطع الوارث، وهو الذي يقتضيه مذهبنا ومن قال لا مالك له: قال المطالب بالقطع الحاكم وإن كان الميت عبدا كان الكفن عند الأولين للسيد وعند الباقين لا مالك له والقطع على ما مضى ولا يجيء أنه على حكم ملك العبد لأنه لا يملك به.
فإن كان الميت لم يخلف شيئا وكفنه الإمام من بيت المال، يقطع بلا خلاف لأن لكل أحد في بيت المال حقا مشتركا فإذا حضر الإمام كان أحق به من غيره وزال الاشتراك فيه فلو سرق سارق منه في حياته قطع كذلك الكفن مثله.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 35: فصل في قطع اليد والرجل في السرقة:
إذا سرق السارق وجب قطعه بالسرقة لقوله تعالى: {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} ويجب قطع اليمنى، وفي قراءة ابن مسعود: (فاقطعوا أيمانهما) ولا خلاف في ذلك أيضا فإذا سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى إجماعا إلا عطا فإنه قال: يقطع يده اليسرى وإن سرق ثالثا قطعت يده اليسرى عند قوم، وعندنا يخلد الحبس وإن سرق رابعا قتل عندنا وعندهم قطعت رجله اليمنى وفيه خلاف.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 35: فصل في قطع اليد والرجل في السرقة:
فإذا تقرر وجوب القطع فإن القطع عندنا من أصول الأصابع في اليد وفي الرجل من عند معقد الشراك من عند الناتئ على ظهر القدم ويترك له ما يمشي عليه...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 35: فصل في قطع اليد والرجل في السرقة:
فإذا قدم السارق للقطع اجلس ولا يقطع قائما لأنه أمكن له وضبط حتى لا يتحرك فيجني على نفسه، وتشد يده بحبل وتمد حتى يتبين المفصل وتوضع على شيء لوح أو نحوه فإنه أسهل وأعجل لقطعه ثم يوضع على المفصل سكين حادة ويدق من فوقه دقة واحدة حتى تنقطع اليد بأعجل ما يمكن، وعندنا يفعل مثل ذلك بأصول الأصابع إن أمكن أو يوضع على الموضع شيء حاد ويمد عليه مدة واحدة ولا يكرر القطع فيعذبه لأن الغرض إقامة الحد من غير تعذيب، فإن علم قطع أعجل من هذا قطع به.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 37، 38: فصل فيمن لا يقام عليهم الحد:
المقيم في دار الإسلام على ثلاثة أضرب: مسلم وذمي ومستأمن فأما المسلم فعلى الإمام نصرته والذب عنه كل من يقصده بغير حق مسلما كان أو مشركا، ومتى وجب له حق استوفاه له منه سواء كان من حقوق الله أو حقوق الآدميين.
وإن كان من أهل الذمة كان حكمه في هذا كله حكم المسلم في نصرته والذب عنه غير أنه إن شرب الخمر فلا حد عليه، وإن كان مجوسيا فنكح أمه فلا حد عليه عندهم على كل حال وعندنا ما لم يتظاهر، لأنه بذل الجزية على مقامه في دينه واعتقاده، فإذا كان هذا من دينه فلا اعتراض عليه فيه.
فأما المستأمن فعلى الإمام أن يذب عنه من للإمام به علقة وهم المسلمون وأهل الذمة فأما إن قصدهم أهل الحرب أو اقتتلوا بعضهم في بعض لم يتعرض الإمام لهم ولا عليهم بمعونة.
وإما استيفاء الحقوق منهم فالحقوق على ثلاثة أضرب: حق لله محض، وحق لآدمي وحق لله ويتعلق بحق الآدميين.
فأما حقوق الله كحد الخمر والزنا وهو إذا زنا بمشركة فلا يستوفي منه عندهم لأنه دخل على هذا فلا يعترض عليه وعندنا ما لم يتظاهر به كذلك، فإن تظاهر به استوفي منه الحد فأما إن زنا بمسلمة فله حكم آخر نذكره، وعندنا عليه القتل على كل حال.
وأما حق الآدميين كالأموال وحد القذف فهذه تستوفى منه لأنه على الكف عن أموالنا وأنفسنا وأعراضنا فإذا لم نكن منه في أمان كان عليه الضمان.
وأما حق الله الذي يتعلق بحق الآدمي، فهو القطع في السرقة فمن فعل هذا فعليه الغرم، وأما القطع فإنه يجب عليه عندنا وقال قوم لا يجب.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 38: فصل فيمن لا يقام عليهم الحد:
فأما أم الولد إذا كانت نائمة فسرقها إنسان فعليه القطع عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 38: فصل فيمن لا يقام عليهم الحد:
إذا سرق وله يمين كاملة أو ناقصة وقد ذهبت أصابعها إلا واحدة قطعنا يمينه الكاملة أو الناقصة للآية والخبر وإن لم يكن فيها إصبع، وإنما بقي منها الكف وحدها أو بعض الكف: قال قوم يقطع وقال آخرون لا يقطع، وتكون كالمعدومة فيحول القطع إلى رجله اليسرى لأنه لا منفعة فيما بقي منها ولا جمال، ومن قال يقطع قال للآية والخبر، وعندنا لا يقطع لأن عندنا القطع لا يتعلق إلا بالأصابع، فمن ليس له أصابع لم يجب قطع غيرها إلا بدليل.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 39: فصل فيمن لا يقام عليهم الحد:
وإن سرق وليس له يمين قطعت يساره عندهم، وعندنا ينقل القطع إلى الرجل وإن كان الأول قد روي أيضا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 39، 40: فصل فيمن لا يقام عليهم الحد:
إذا قطع بالعين مرة لم يقطع بسرقتها مرة أخرى إلا في الغزل إذا سرقه فقطع به ثم نسجه ثوبا فسرق فإنه يقطع ثانيا وعندنا يقطع ثانيا به، وثالثا يحبس ورابعا يقتل على ما بيناه لأن عموم الآية والأخبار يقتضيه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 40: فصل فيمن لا يقام عليهم الحد:
إذا ادعى على رجل أنه سرق منه نصابا من حرز مثله، وذكر النصاب لم يخل من أحد أمرين إما أن يعترف أو ينكر فإن اعترف المدعى عليه بذلك مرتين عندنا ثبت إقراره وقطع.
وعند قوم لو أقر مرة ثبت وقطع، ومتى رجع من اعترافه سقط برجوعه عندهم إلا ابن أبي ليلى فإنه قال لا يسقط برجوعه وهو الذي يقتضيه مذهبنا وحمله على الزنا قياس لا نقول به.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 41: فصل فيمن لا يقام عليهم الحد:
فأما إن قامت البينة ابتداء عليه وليس للغايب وكيل بذلك، وقامت على ما فصلناه بالسرقة أو بأنه زنا بأخته، قال قوم لا يقطع ولا يحد معا، وقال آخرون يحد ويقطع، وقال قوم: يحد الزاني ولا يقطع السارق، والأقوى عندي أنه لا يحد في الزنا ولا يقطع في السرقة إن كان المسروق منه غايبا أو صاحب الأمة لأن السلعة تستباح بالإباحة فيمكن أن يكون أباحها، وكذلك الجارية عندنا يجوز أن يكون أحلها له.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 42، 43: فصل فيمن لا يقام عليهم الحد:
إذا ادعى رجل أنه سرق من حرزه نصابا ربع دينار فصاعدا وأقام بذلك شاهدين عدلين، فإن قال المشهود عليه: ما سرقت لم يلتفت إلى قوله لأنه يكذب الشهود، وإذا كذبهم سقط تكذيبه، واستوفى الحق منه.
فإن قال فاحلفوا لي المدعي أني سرقت منه لم يلتفت إليه، لأن الشهود قد شهدوا للمدعي بأنه سرق، وقوله احلفوا لي مع شهوده قدح في الشهود، وطعن فيهم فلا يلتفت إليه.
فإن قال: قد صدق الشهود في السرقة، وقد أخذت هذا من حرزه على سبيل الاستخفاء غير أني أخذته بحق لي، فإن هذه العين غصبنيها أو باعنيها وسلمت ثمنها فمنعني، أو وهبها مني وأذن لي في قبضها فسرقتها منه، قلنا هذه دعوى مستأنفة على المسروق منه، فيكون القول قول المسروق منه مع يمينه، لأن السارق قد اعترف له باليد وأنه أخذ المال من حرزه، فإذا اعترف له باليد فالظاهر أنه ملكه فيكون القول قول صاحب اليد، وإنما لزمه اليمين لأن السارق ما كذب الشهود ولا قدح في شهادتهم.
فإذا ثبت أن القول قول المسروق منه، لم يخل من أحد أمرين إما أن يحلف أو ينكل، فإن حلف فعلى السارق الضمان، إن كانت العين قائمة ردها، وإن كانت تالفة فعليه بدلها مثلها إن كان لها مثل، أو قيمتها إن لم يكن لها مثل.
وأما القطع فلا يجب عليه لأنه صار خصما، وقال بعضهم: يقطع لأنا حكمنا بتكذيبه وأغرمناه فوجب أن نقطعه ولأنا لو قلنا لا نقطعه أفضى إلى سقوط القطع في السرقة أصلا، فإنه ما من لص إلا ويدعي هذه الدعوى، فيسقط القطع عنه، وما أفضى إلى سقوط حد من حدود الله يسقط في نفسه.
والأول أقوى عندي، لأنه إذا ادعى العين لنفسه، أوقع شبهة ملك له فيها بدليل أنا نستحلف له المسروق منه...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 43: فصل فيمن لا يقام عليهم الحد:
إذا سرق عينا يقطع في مثلها وقطع، فإن كانت العين قايمة ردها بلا خلاف وإن كانت تالفة غرمها عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 44: فصل فيمن لا قطع فيه:
وإذا سرق العبد من متاع مولاه فلا قطع عليه بلا خلاف، إلا حكاية عن داود، روي أن النبي عليه وآله السلام قال إذا سرق المملوك فبعه، ولو بنش، والنش نصف أوقية: عشرون درهما وهو إجماع.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 44: فصل فيمن لا قطع فيه:
إذا سرق أحد الزوجين من صاحبه، فإن سرقه من غير حرز فلا قطع عليه بلا خلاف، وإن سرقه من حرز فعليه القطع عندنا وقال قوم لا قطع عليه، وهكذا الخلاف فيه إذا سرق عبد كل واحد من الزوجين من مال مولى الآخر، فكل عبد منهما بمنزلة سيده، والخلاف فيهما واحد، وعندنا عليه القطع.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 44: فصل فيمن لا قطع فيه:
إذا سرق من مال أبيه أو مال جده وأجداده وإن علوا، أو من مال أمه وجدته وجداتها وإن علون، فلا قطع عليه عند الفقهاء، وعندنا عليه القطع إذا كان نصابا من حرز.
وإن سرق من مال ابنه أو ابنته أو أولادهما وإن نزلوا لم يكن عليه القطع بلا خلاف إلا داود، فإنه قال عليه القطع.
فأما من خرج عن العمودين من العمومة والعمات والخؤولة والخالات، فهم كالأجانب سواء عندنا وعند جماعة...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 44، 45: فصل فيمن لا قطع فيه:
وإذا سرق من بيت المال أو الغنيمة فلا قطع عليه عند الفقهاء وعندنا إن كان ما سرقه يزيد على ماله فيه من العطاء والاستحقاق بنصاب وجب عليه القطع، وكذلك نقول في المال المشترك.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 45: فصل فيمن لا قطع فيه:
وإذا سرق شيئا من هذه الملاهي كالمزامير والأوتار والطنبور والعود وغير ذلك فإن كان عليه حلية قيمتها ربع دينار فصاعدا قطع، وقال بعضهم لا قطع عليه بناء على أصله إذا سرق ما فيه القطع مع ما لا قطع فيه يسقط القطع، والأول مذهبنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 45: فصل فيمن لا قطع فيه:
جيب الإنسان إن كان باطنا فهو حرز لما فيه، وكذلك الكم عندنا وإن كان ظاهرا فليس بحرز، وقال قوم الجيب حرز لما يوضع فيه في العادة، ولم يفصلوا، فإذا أدخل الطرار يده في جيبه فأخذه أو بط الجيب أو بط الجيب والصرة معا فأخذه فعليه في كل هذا القطع، والكم مثله على ما قلناه إن أدخل يده فيه فأخذه، أو خرق الكم أو بطه فأخذه أو بط الكم والخرقة فأخذه فعليه القطع.
وأما إن شده في كمه كالصرة ففيه القطع عند قوم، سواء جعله في جوف كمه وشده كالصرة من خارج الكم، أو جعله من خارج الكم وشده من داخل حتى صارت الصرة في جوف كمه.
وقال قوم إن جعلها في جوف الكم وشدها من خارج فعليه القطع وإن جعلها من خارج وشدها من داخل فلا قطع، وهو الذي يقتضيه مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 45: فصل فيمن لا قطع فيه:
وإن كان يسوق قطارا من الإبل أو يقودها ويكثر الالتفات إليها فكلها في حرز وقال قوم إن الذي زمامه في يده في حرز دون الذي بعده، والأول أصح عندنا([2]).
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 46: فصل فيمن لا قطع فيه:
وإن قصده رجل فدفعه عن نفسه فقتله فلا ضمان عليه، سواء قتله بالسيف أو بالمثقل ليلا كان أو نهارا، وقال قوم إن كان القتل بالسيف كما قلنا، وإن كان بالمثقل فإن كان ليلا فكما قلنا، وإن كان نهارا فعليه الضمان، والأول مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 47: كتاب قطاع الطريق:
قال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} واختلف الناس في المراد بهذه الآية، فقال قوم المراد بها أهل الذمة إذا نقضوا العهد ولحقوا بدار الحرب وحاربوا المسلمين، فهؤلاء المحاربون الذين ذكرهم الله في هذه الآية، وحكمهم فيما ارتكبوه من المعصية هذه العقوبة التي ذكرها الله.
وقال قوم المراد بها المرتدون عن الإسلام إذا ظفر بهم الإمام عاقبهم بهذه العقوبة، لأن الآية نزلت في العرينيين، لأنهم دخلوا المدينة فاستوخموها فانتفخت أجوافهم واصفرت ألوانهم، فأمرهم النبي عليه وآله السلام أن يخرجوا إلى لقاح إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها، ففعلوا ذلك فصحوا فقتلوا الراعي وارتدوا واستاقوا الإبل فبعث النبي عليه وآله السلام في طلبهم فأخذهم وقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وطرحهم في الحرة حتى ماتوا فالآية نزلت فيهم.
وقال جميع الفقهاء إن المراد بها قطاع الطريق وهو من شهر السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق، والذي رواه أصحابنا أن المراد بها كل من شهر السلاح وأخاف الناس في بر كانوا أو في بحر، وفي البنيان أو في الصحراء، ورووا أن اللص أيضا محارب، وفي بعض رواياتنا أن المراد بها قطاع الطريق كما قال الفقهاء.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 47، 48: كتاب قطاع الطريق:
فمن قال المراد بها قطاع الطريق اختلفوا في أحكامهم وكيفية عقوبتهم، فقال قوم إذا شهر السلاح وأخاف السبيل لقطع الطريق، كان حكمه متى ظفر به الإمام التغرير، وهو أن ينفي عن بلده ويحبس في غيره، وفيهم من قال يحبس في غيره وهذا مذهبنا غير أن أصحابنا رووا أنه لا يقر في بلده، وينفى عن بلاد الإسلام كلها فإن قصد بلاد الشرك قيل لهم لا تمكنوه، فإن مكنوه قوتلوا عليه حتى يستوحش فيتوب.
وإن قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا، والقتل ينحتم عليهم، ولا يجوز العفو عنهم وإنما يكون منحتما إذا كان قصده من القتل أخذ المال، وأما إن قتل رجلا لغير هذا فالقود واجب غير منحتم، وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، فمتى ارتكبوا شيئا من هذا نفوا من الأرض، ونفيهم أن يتبعهم أينما حلوا كان في طلبهم، فإذا قدر عليهم أقام عليهم الحدود التي ذكرناها.
وقال قوم الإمام مخير فيه بين أربعة أشياء بين أن يقطع يده ورجله من خلاف، ويقتل أو يقطع من خلاف ويصلب، وإن شاء قتل ولم يقطع، وإن شاء صلب ولم يقطع، والأول مذهبنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 48: كتاب قطاع الطريق:
وأما قوله: {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} معناه إذا وقع منهم في المحاربة ما يوجب شيئا من هذه العقوبات يتبعهم الإمام أبدا حتى يجده، ولا يدعه يقر في مكان، هذا هو النفي من الأرض عندنا، وعند قوم المنفي من قدر عليه بعد أن يشهر السلاح وقبل أن يعمل شيئا، والنفي عنده الحبس، والأول مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 54، 55: كتاب قطاع الطريق:
إذا اجتمعت أجناس من حدود مثل حد القذف وحد الزنا وحد القطع في السرقة وقطع اليد والرجل في المحاربة بأخذ المال، ووجب عليه القتل في غير المحاربة فوجب قتله قودا، حدان وقطعان وقتل في غير المحاربة، فإن هذه الحدود تستوفى كلها منه ثم يقتل عندنا وعند جماعة وقال قوم يسقط كلها منه ويقتل، فإن القتل يأتي على الكل.
فإذا ثبت أنها لا تتداخل فكيفية استيفائها جملتها أنه يبدء بالأخف فالأخف فيستوفي، ولا ينظر إلى السابق منها، يبدأ بحد القذف، فإذا برء جلده حد الزنا فإذا برء قطعت يمينه بالسرقة وأخذ المال في المحاربة معا، وقطعت رجله اليسرى لأخذ المال في المحاربة، ويوالي بين القطعين، لأنهما حد واحد، فإذا قطعناه قتلناه قودا إن اختار الولي القصاص، وإن اختار العفو كانت له الدية.
فإن انضاف إليها شرب الخمر، قال قوم يقدم عليه حد القذف لأنه من حقوق الآدميين ولأنه أخف، وهو الأقوى، وقال قوم يقدم حد الشرب لأنه أخف فإنه أربعون عنده، والأول مذهبنا ولا يوالي بين الحدين على ما فصلناه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 56: كتاب قطاع الطريق:
النساء والرجال في أحكام المحاربين سواء على ما فصلناه في العقوبة، وقال بعضهم لا يتعلق أحكام المحاربين بالنساء وقال قوم إن كان معهم نساء فإن كن ردءا والمباشر للقتل الرجال لم تقتل النساء ههنا وهل يقتل الرجال إذا كانوا ردءا؟ قال: وإن كان المباشر للقتل النساء دون الرجال فظاهر قوله أنه لا قتل على الرجال ولا على النساء، والأول مذهبنا لعموم الآية، والأخبار الواردة في هذا المعنى.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 57: كتاب الأشربة:
الخمر محرمة بالكتاب والسنة والإجماع...
وقد روى أصحابنا في سبب تحريمها خبرا معروفا لا أحتاج إلى ذكره، وعليه إجماع الأمة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 59: كتاب الأشربة:
فإذا ثبت تحريمها فمن شربها كان عليه الحد قليلا شرب أو كثيرا لقوله عليه السلام إذا شرب الخمر فاجلدوه.
فإذا ثبت هذا فإن شرب ثم شرب فتكرر هذا منه، وكثر قبل أن يقام عليه الحد، حد للكل حدا واحدا لأن حدود الله إذا توالفت تداخلت، وإن شرب فحد ثم شرب فحد ثم شرب فحد ثم شرب رابعا قتل في الرابعة عندنا، وعندهم يضرب أبدا الحد.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 59: كتاب الأشربة:
فأما بيان الأشربة المسكرة وأنواعها، فالخمر مجمع على تحريمها، وهو عصير العنب الذي اشتد ومنهم من قال: إذا اشتد وأسكر وأزبد، فاعتبر أن يزبد، والأول مذهبنا فهذا حرام نجس يحد شاربها سكر أم لم يسكر بلا خلاف، وأما ما عداها من الأشربة وهو ما عمل من العنب فمسته النار والطبخ أو من غير العنب مسه طبخ أم لم يمسه، فكل شراب أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام، وكل عندنا خمر حرام نجس يحد شاربه سكر أو لم يسكر، كالخمر سواء، وسواء عمل من تمر أو زبيب أو عسل أو حنطة أو شعير أو ذرة، فالكل واحد نقيعه ومطبوخه هذا عندنا وعند جماعة وفيه خلاف.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 59: كتاب الأشربة:
فإذا ثبت أن كل مسكر حرام فإنها غير معللة عندنا بل محرمة بالنص لأن التعليل للقياس عليه، وذلك عندنا باطل...
أنا لا نحتاج إلى ذلك لأنا نحرم الجميع بالنص.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 60: كتاب الأشربة:
ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الخليطين، والخليطان نبيذ يعمل من لونين تمر وزبيب تمر وبسر ونحو هذا فكل ما يعمل من شيئين يسمى خليطين، والنهي عن ذلك نهي كراهة إذا كان حلوا عند قوم، وعند آخرين لا بأس بشرب الخليطين وهو الصحيح عندنا إذا كان حلوا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 60، 61: كتاب الأشربة:
حد الخمر عندنا ثمانون وقال بعضهم أربعون فإن رأى الإمام أن يضيف إليه أربعين تعزيرا جاز، والذي يثبت به الشرب الموجب للحد وجوه: أحدها أن يقر بذلك، والثاني أن يقوم عليه به بينة أو يشرب شرابا فسكر غيره منه إن اعترف بذلك ثبت عليه بالاعتراف غير أن عندنا يحتاج أن يعترف دفعتين، وإن شهد شاهدان عليه ثبت بشهادتهما.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 61: كتاب الأشربة:
وعندنا إذا تقيأ ذلك أقيم عليه الحد به، لأنه روي عنهم عليهم السلام أنهم قالوا ما تقيأها حتى شربها.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 63، 64:
إذا وجب الحد على حامل لم يكن للإمام إقامته عليها، لأنها الجانية دون ولدها، فلو أقيم عليها ربما تلف، فإن خالف وفعل فألقته ميتا فعليه الضمان وهو ما بيناه من دية الجنين، وإن ألقته حيا فلم يزل ضمنا حتى مات فالضمان هيهنا دية كاملة، وأين يجب؟ فإن كان الإمام جاهلا بالحمل فهذا من خطأ الإمام، وأين تجب الدية أو الغرة، منهم من قال في بيت المال، وقال آخرون على عاقلته، والكفارة على ما مضى.
وأما الأم فإن ماتت قبل الوضع والإسقاط، فالحد قتلها فلا شيء فيها، وإن ماتت بعد الإسقاط نظرت، فإن قيل الحد قتلها فلا شيء فيها وإن قيل الإسقاط قتلها فالدية واجبة هيهنا، وأين يجب؟ على ما مضى من الخلاف، لأنه من خطأ الإمام، وإن قيل ماتت من الحد والإسقاط معا فالواجب نصف الدية، لأنها تلفت من حد وغيره، فكان فيها نصف الدية، وأين يجب؟ على ما مضى، وإن كان عالما به فعندنا لا يقع منه، ولكن نفرضها في الحاكم فإن الخلاف واحد ويكون عمد الخطأ، ويكون على الحاكم في ماله، وقال قوم على عاقلته، وقال قوم في بيت المال، والأول أقوى عندنا.
فإن قالوا العمد لا يتصور في الجنين، قلنا يتصور عندنا فسقط ما قالوه، على أن عمد الخطاء عندنا يلزم في ماله...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 64:
فأما إن وجب الحد على شخص فأقامه الإمام أو الحاكم في شدة حر أو برد، قال قوم الدية على الإمام، وقال قوم لا ضمان عليه بحال وهو مذهبنا لأن ذلك مستحب دون أن يكون ممنوعا منه بكل حال.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 64:
إذا أقام الحد عليه بشاهدين فمات وبان أنهما عبدان أو كافران أو فاسقان، فالضمان على الحاكم، لأن عليه البحث عن حال الشهود، فإذا لم يفعل فقط فرط فعليه الضمان، وأين يضمن؟ على ما مضى، لأنه من خطائه، عندنا في بيت المال وقال قوم على عاقلته.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 64، 65:
إذا أمره الإمام بقتل رجل لا يجوز قتله عند المأمور، ويجوز عند الإمام...
وعندنا وإن لم تتقدر هذه المسألة فقد تتقدر في غيرها مثل أن يأمره الإمام بقتل من زنا بذي محرم له ولا يكون محصنا أو بقتل ذمي إذا فجر بمسلمة، وإن لم يكن محصنا، ويكون المأمور لا يعتقد ذلك، فالحكم فيه أنه مخطئ في الاعتقاد عندنا، لأنا لا نقول كل مجتهد مصيب، لكنه لا يلزمه الضمان لأن القتل وقع موقعه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 66:
إذا نشزت امرأة الرجل وأقامت على النشوز كان له ضربها على ذلك ضربا لا يبلغ به أدنى الحدود تأديبا لها وزجرا لها عما هي عليه وعندنا يضربها ضربا خفيفا حتى روى أصحابنا أنه يضربها بالسواك فإذا فعل بها هذا فماتت منه فالدية عليه في ماله وعندهم على عاقلته.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 66:
إذا فعل إنسان ما يستحق به التعزير مثل أن قبل امرأة حراما أو أتاها فيما دون الفرج، أو أتى غلاما بين فخذيه عندهم، لأن عندنا ذلك لواط، أو ضرب إنسانا أو شتمه بغير حق، فللإمام تأديبه، فإن رأى أن يوبخه على ذلك ويبكته أو يحبسه فعل.
وإن رأى أن يعزره فيضربه ضربا لا يبلغ به أدنى الحدود، وأدناها أربعون جلدة، فعل، فإذا فعل فإن سلم منه فلا كلام، وإن تلف منه كان مضمونا عند قوم.
وقال قوم إن علم الإمام أنه لا يردعه إلا التعزير وجب عليه أن يعزره، وإن رأى أنه يرتدع بغيره كان التعزير إليه إن شاء عزره، وإن شاء تركه، فإن فعل ذلك فلا ضمان على الإمام، سواء عزره تعزيرا واجبا أو مباحا، وهو الذي يقتضيه مذهبنا، فمن قال مضمون أين يضمنه؟ على ما مضى، عند قوم في بيت المال، وعند آخرين على عاقلته، وفيه الكفارة على ما مضى القول فيه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 66:
فأما إن ضرب الأب أو الجد الصبي تأديبا فهلك أو ضربه الإمام أو الحاكم أو أمين الحاكم أو الوصي أو ضربه المعلم تأديبا فهلك منه فهو مضمون، لأنه إنما أبيح بشرط السلامة ويلزم عندنا في ماله، وعندهم على عاقلته.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 67:
الختان فرض عند جماعة في حق الرجال والنساء وقال قوم هو سنة يأثم بتركها وقال بعضهم واجب وليس بفرض وعندنا أنه واجب في الرجال، ومكرمة في النساء.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 68:
فأما صفة السوط الذي يقام به الحدود فالحد الذي يقام بالسوط حد الزنا وحد القذف، وكذلك حد الخمر عندنا وقال بعضهم بالأيدي والنعال وأطراف الثياب لا بالسوط.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 69:
وهكذا إذا نشزت امرأة فله ضربها تأديبا لا تعزيرا وهكذا يضرب الرجل ولده وكذلك الجد وأمين الحاكم والوصي يؤدب اليتيم، وكذلك المعلم يؤدب الصبيان إجماعا ويكون التعزير بما دون الحد.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 69، 70:
التعزير لا يبلغ به أدنى الحدود عندنا وعند جماعة وأدناها تسعة وسبعون في حق الأحرار وعند قوم تسعة وثلاثون لأن حد الشرب أربعون عنده وأدناها في حق العبد عندنا خمسون إلا واحدا وهو حد الزاني فأما الشرب والقذف فقد روى أصحابنا أن حد العبد مثل حد الحر سواء...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 71: كتاب قتال أهل الردة:
إذا ارتد المسلم عن الإسلام إلى أي كفر كان...
إذا ثبت هذا فإذا كان المرتدون في منعة فعلى الإمام أن يبدأ بقتالهم قبل قتال أهل الكفر الأصلي من أهل الحرب لإجماع الصحابة على ذلك...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 72: كتاب قتال أهل الردة:
فأما المرأة فمتى ارتدت فالحكم فيها كالرجل عندهم تقتل بالردة وعندنا لا تقتل بل تحبس أبدا حتى تموت، وفيه خلاف.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 72: كتاب قتال أهل الردة:
إذا أتلف أهل الردة أنفسا وأموالا كان عليهم عندنا القود في النفوس، والضمان في الأموال سواء كانوا في منعة أو غير منعة...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 72: كتاب قتال أهل الردة:
إذا أكره المسلم على كلمة الكفر فقالها لم يحكم بكفره بلا خلاف، غير أن بعضهم قال القياس أن لا تبين امرأته لكن نبينها استحسانا، وقال بعضهم تبين امرأته والأول مذهبنا وهو أن لا تبين امرأته.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 73: كتاب قتال أهل الردة:
فأما الإكراه على الإسلام فعلى ضربين إكراه بحق وبغير حق، فإن كان بغير حق كإكراه الذمي عليه والمستأمن، فإنه لا يكون به مؤمنا لأنه إكراه بغير حق لأنه لا يحل قتله.
وإن كان الإكراه بحق كإكراه المرتد والكافر الأصلي إذا وقع في الأسر فالإمام مخير فيه بين القتل والمن والفداء والاسترقاق، فإن قال له إن أسلمت وإلا قتلتك، فأسلم حكم بإسلامه، وكذلك المرتد لأنه إكراه بحق.
فأما إن ثبت أنه يأكل لحم الخنزير ويشرب الخمر في دار الحرب لم يحكم بكفره، لأنه يحتمل أن يكون فعله مع اعتقاده إباحته ويحتمل مع اعتقاده تحريمه فلا يكفر بأمر محتمل فإن مات ورثه ورثته المسلمون بلا خلاف ههنا.
فإن خلف ابنين فقال أحدهما مات مسلما فلي نصف التركة ولأخي النصف، وقال الآخر مات مرتدا فالمال فيء، فعندنا أن هذا القول لا يقبل منه لأنه إن مات مسلما فالمال بينهما، وإن كان مرتدا فالمال أيضا بينهما لأن المسلم عندنا يرث الكافر غير أنه يسلم إلى المنكر نصف التركة لأنه القدر الذي يستحقها على قوله، ويوقف الباقي إلى أن يقبله الآخر لأنه له على كل حال.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 76: كتاب الدفع عن النفس وصول البهيمة والفحل:
إذا صال حر على إنسان فقتله دفعا عن نفسه فلا ضمان عليه وكذلك إن صال عليه عبد فقتله، فلا ضمان عليه أيضا كالحر، وأما إن صالت بهيمة على آدمي فله أن يدفعها عن نفسه، فإذا دفعها عن نفسه وأتلفها بالدفع فلا ضمان عليه عندنا وفيه خلاف، ولو عض يده إنسان فانتزع يده من فيه فبدرت ثنيتا العاض كانت هدرا عندنا وعند جميع الفقهاء إلا ابن أبي ليلى فإنه قال عليه ضمانهما.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 77: كتاب الدفع عن النفس وصول البهيمة والفحل:
ولو اطلع عليه رجل من ثقب فطعنه بعود أو رماه بحصاة وما أشبههما فذهبت عينه لم يضمن.
وقال قوم ليس له أن يفعل هذا، فإن فعل ضمن والأول مذهبنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 79: فصل في الضمان على البهائم:
الماشية إذا أفسدت زرعا لقوم فليس يخلو إما أن يكون يد صاحبها عليها أو لا يكون فإن كانت يده عليها فعليه ضمان ما أتلفت لأن جنايتها كجنايته، وفعلها كفعله، وإن لم يكن يد صاحبها عليها لم يخل إما أن يكون ذلك ليلا أو نهارا فإن كان نهارا فلا ضمان على مالكها إجماعا لقوله عليه السلام جرح العجماء جبار.
وقال بعضهم إن هذا فيما كانت عادة الناس فيه هذا، فأما هذه القرى العامرة التي يتقارب العرجان فيها وبينها علف وكلاء يرعى فالعادة أن رب الدابة يرعاها فيه ويحفظها ولا يحفظ رب الزرع زرعه فإذا أفسدت زرعا لزمه ضمانه لمالكه، لأن التفريط كان منه والأول مذهبنا.
وإن أفسدت ليلا فإن لم يكن من صاحب البهيمة تفريط في حفظها، بأن آواها إلى مبيتها وأغلق عليه الباب، فوقع الحايط أو نقب لص نقبا فخرجت وأفسدت فلا ضمان على مالكها، لأنه غير مفرط، وإن كان التفريط منه بأن أرسلها نهارا وواصله بالليل أو أطلقها ابتداء ليلا فأفسدت الزرع فعلى مالكها الضمان عندنا وعند جماعة، وقال قوم لا ضمان عليه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 79: فصل في الضمان على البهائم:
وأما إن كان في دار رجل كلب عقور فدخل رجل داره بغير إذنه فعقره فلا ضمان عليه لأن الرجل مفرط في دخول داره بغير إذنه وأما إن دخلها بإذنه فعقره الكلب فعليه ضمانه، وقال قوم لا ضمان عليه، والأول مذهبنا نصا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 79، 80: فصل في الضمان على البهائم:
إذا كان راكبا دابة فعليه ضمان ما يتلف بيديها أو بفيها أو برجلها أو بذنبها وكذلك إن كان قايدا أو سائقا فحكمه كما لو كان راكبا عليه ضمان ما يتلفه، وكذلك إن كان سائقا قطارا من الإبل أو جماعة من البقر أو الغنم فإن يده على الجميع وعليه ضمان ما يتلفه.
وقال قوم في التي يسوقها مثل ذلك، فأما التي هو راكبها أو قايدها فإنها إن أتلفت بيديها أو بفيها فعليه الضمان، وإن أتلفت برجلها أو ذنبها فلا ضمان وهذا مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 80: فصل في الضمان على البهائم:
وأما إن حفر بئرا في ملكه فدخل عليه غيره بغير إذنه فوقع فيها فمات، فلا ضمان عليه، وإن استدعاه فأدخله أو غطى رأس البئر ولم يعلمها فوقع فيها فعليه الضمان، وقال قوم لا ضمان عليه والأول أصح عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 80: فصل في الضمان على البهائم:
إذا كان في داره كلب عقور فدخل عليه إنسان بغير إذنه فعقره كلبه فلا ضمان عليه وقال بعضهم عليه ضمانه كالبئر سواء، وسواء أشلاه عليه أو لم يشله وقال بعضهم عليه الضمان بكل حال وهو مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 81، 82: كتاب آداب القضاء:
القضاء جايز بين المسلمين، وربما كان واجبا، فإن لم يكن واجبا كان مستحبا...
وعليه إجماع الأمة إلا أبا قلابة فإنه طلب للقضاء فلحق بالشام، وأقام زمانا ثم جاء فلقيه أيوب السجستاني وقال له: لو أنك وليت القضاء وعدلت بين الناس رجوت لك في ذلك أجرا فقال يا أيوب السابح إذا وقع في البحر كم عسى أن يسبح إلا أن أبا قلابة رجل من التابعين لا يقدح خلافه في إجماع الصحابة وقد بينا أنهم أجمعوا ولا يمن أن يكون امتناعه كان لأجل أنه أحس من نفسه بالعجز لأنه كان من أصحاب الحديث ولم يكن فقيها.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 83: كتاب آداب القضاء:
وأما من يحرم عليه أن يلي القضاء فأن يكون جاهلا ثقة كان أو غير ثقة أو يكون فاسقا من أهل العلم، وقال بعضهم إذا كان ثقة جاز أن يليه وإن لم يكن من أهل العلم يستفتي ويقضي، والأول مذهبنا لقوله عليه السلام رجل قضى بين الناس على جهل فذاك في النار.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 84: كتاب آداب القضاء:
وأما من يحل له أخذ الرزق عليه ومن لا يحل: فجملته أن القاضي لا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون ممن تعين عليه القضاء أو لم يتعين عليه، وهو القسم الأول والأخير، فإن كان ممن يجوز له القضاء ولم يتعين عليه لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون له كفاية أو لا كفاية له، فإن لم يكن له كفاية جاز له أخذ الرزق وإن كانت له كفاية فالمستحب أن لا يأخذ فإن أخذ جاز ولم يحرم عليه، بل كان مباحا.
وجواز إعطاء الرزق للقضاء إجماع، ولأن بيت المال للمصالح، وهذا منها بل أكثرها حاجة إليه، لما فيه من قطع الخصومات، واستيفاء الحقوق، ونصرة المظلوم ومنع الظالم.
هذا إذا لم يتعين عليه القضاء فأما إن تعين عليه القضاء لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون له كفاية أو لا كفاية له، فإن كانت له كفاية حرم عليه أخذ الرزق لأنه يؤدي فرضا قد تعين عليه، ومن أدى فرضا لم يحل له أخذ الرزق عليه مع الاستغناء عنه وإن لم يكن له كفاية حل ذلك له لأن عليه فرض النفقة على عياله وفرضا آخر وهو القضاء وإذا أخذ الرزق جمع بين الفرضين، لأن الرزق يقوم مقام الكسب، فكان الجمع بين الفرضين أولى من إسقاط أحدهما. هذا عندنا وعندهم.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 85: كتاب آداب القضاء:
وحكم الشهادة في أخذ الجعل عليها عندنا لا يجوز بحال، وقالوا لا يخلو الشاهد من أحد أمرين إما أن يكون قد تعينت عليه أو لم تتعين فإن لم يكن تعين عليه الأداء والتحمل نظرت، فإن لم يكن له كفاية جاز له، وإن كانت له كفاية فالمستحب له أن لا يفعل، وإن فعل جاز.
وإن كان قد تعين عليه الأداء والتحمل نظرت، فإن كانت له كفاية لم يجز له الأخذ وإن لم يكن له كفاية جاز له الأخذ، كالقضاء سواء، وهكذا قالوا في الإمامة العظمى والأذان والإقامة، يؤخذ الرزق على ذلك ولا يكون أجرة لأنه عمل لا يفعله عن الغير، وإذا فعله عن نفسه عاد نفعه إلى الغير وعندنا أن جميع ذلك لا يجوز أخذ الجعل عليه، فإن كان الشاهد أو المؤذن أو المقيم محتاجا جعل له من بيت المال سهم من المصالح، فأما الإمامة العظمى فلها أشياء تخصها من الأنفال وغير ذلك، فلا حاجة مع ذلك إلى أخذ الرزق عليه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 85: كتاب آداب القضاء:
إذا علم الإمام أن بلدا من البلاد لا قاضي له لزمه أن يبعث إليه، روي أن النبي صلى الله عليه وآله بعث عليا عليه السلام إلى اليمن وبعث علي عليه السلام ابن عباس إلى البصرة قاضيا وعليه إجماع.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 89: كتاب آداب القضاء:
فإذا دعي القاضي إلى وليمة استحب له أن يحضرها لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لو دعيت إلى ذراع لأجبت، ولو أهدي إلي كراع لقبلت.
وروي عنه عليه السلام أنه قال: من دعي إلى وليمة فلم يجب فقد عصى الله ورسوله وعند قوم إجابتها من فروض الكفايات، وعندنا مستحب وليس بفرض...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 91: كتاب آداب القضاء:
ولا قياس عندنا في الشرع ولا اجتهاد، وليس كل مجتهد مصيبا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 93، 94: كتاب آداب القضاء:
الجواب الثالث يقول: حبست على تعديل البينة لأن المدعي أقام شاهدين فلم يعرف الحاكم عدالتهما فحبسني حتى يعرف ذلك من حالهما فالكلام في أصل المسألة هل يحبس لهذا أم لا؟ قال قوم يحبس لأن الذي عليه أن يقيم البينة والذي بقي على الحاكم من معرفة العدالة، ولأن الأصل العدالة حتى يعرف غيرها، وقال بعضهم لا يحبس لجواز أن يكون فاسقا وحبسه بغير حق أو يكون عادلة وحبسه بحق، وإذا انقسم إلى هذا لم يحبسه بالشك، والأول أصح عندنا فعلى هذا لم يطلقه ومن قال بالثاني أطلقه حتى يعرف العدالة.
هذا إذا كان الحاكم حبسه من غير أن يقول حكمت بذلك، وإن كان حبسه وحكم بحبسه فليس لهذا تخلية لأن ذلك ينقض اجتهاد الحاكم الأول والذي يقتضيه مذهبنا أن له أن يبحث عن الشهود، فإن لم يكونوا عدولا نقض ما حكم الأول به من حبسه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 94: كتاب آداب القضاء:
الجواب الرابع قال: حبسني ظلما فإني أرقت على نصراني خمرا فقضى علي بالضمان وحبسني، أو قتلت كلبا فقضى علي بقيمته، فعندنا أنه ليس له أن ينقضه لأنه حبسه بحق لأن ذلك عندنا مضمون.
وقال بعضهم ينظر في الحاكم الجديد، فإن وافق اجتهاده اجتهاد الأول أعاده إلى الحبس، وإن أدى اجتهاده أنه لا ضمان عليه فهذه مسألة مشهورة إذا حكم باجتهاده ثم ولي غيره هل ينقض بالاجتهاد ما حكم فيه بالاجتهاد؟ على قولين: أحدهما لا ينقضه بل عليه أن يقره ويمضيه، لأنه ثبت بالاجتهاد فلا ينقض بالاجتهاد حكما ثبت بالاجتهاد كاجتهاد نفسه بعد الاجتهاد والقول الثاني لا ينقضه لأنه ثبت بالاجتهاد، ولا يمضيه لأنه باطل عنده، فيرده إلى الحبس حتى يصطلحوا، ويكون الحاكم في مهلة النظر، وهذا لا يصح على مذهبنا لأن الحكم بالاجتهاد لا يصح وإنما يحكم الحاكم بما يدل الدليل عليه، فإن كان الحاكم الأول حبسه بحق أقره عليه وإن حبسه بغير حق خلاه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 97، 98: كتاب آداب القضاء:
ومتى حدثت حادثة فأراد أن يحكم فيها، فإن كان عليها دليل من نص كتاب أو سنة أو إجماع عمل عليه وكذلك عندهم إن كان عليه قياس لا يحتمل إلا معنى واحدا كالشفعة للشريك، وخيار الأمة إذا أعتقت تحت عبد، ونحو هذا، حكم به من غير مشورة، وعندنا أن جميع الحوادث هذا حكمها، فلا يخرج عنها شيء، فإن اشتبهت كانت مبقاة على الأصل.
وعندهم إن كانت مسألة اجتهاد استحب له أن يشاور فيها لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} ولم يرد تعالى المشاورة في أحكام الدين وما يتعلق بالشريعة، وإنما أراد ما يتعلق بتدبير الحرب ونحوه بلا خلاف، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله غنيا عن مشاورتهم لكن أراد أن يستن به الحاكم بعده، وقال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} وشاور النبي عليه السلام أصحابه في قصة أهل بدر وأساراه وشاور أهل المدينة يوم الخندق وعليه الإجماع عندهم، وقد قلنا ما عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 98: كتاب آداب القضاء:
وقد قلنا إن عندنا أنه لا يتولى الحكم إلا من كان عالما بما وليه، ولا يجوز أن يقلد غيره ولا يستفتيه فيحكم به...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 98، 99: كتاب آداب القضاء:
فأما إذا نزلت بالعالم نازلة يفتقر إلى اجتهاد، مثل أن خفيت عليه جهة القبلة وقد دخل وقت الصلوة، نظرت، فإن كان الوقت واسعا لم يكن له التقليد بل يستدل على جهتها لأنه لا يخاف فوات الحادثة. وإن كان الوقت ضيقا فخاف إن تشاغل بالدلايل والاجتهاد أن تفوته الصلوة قال قوم له تقليد غيره، وقد حكي عن هذا القائل أنه كان يقلد الملاحين في جهة القبلة وقال إذا ضاق الوقت جرى مجرى الأعمى والعامي، وقال غيره: ليس له التقليد وهو الأقوى عندي، لأنه متمكن من الوصول إلى العلم بما كلفه.
فعلى هذا هل يتصور ضيق الوقت وخوف الفوات في حق الحاكم أم لا؟ قال قوم: يتصور وهو إذا ترافع إليه مسافران والقافلة سائرة، ومتى تشاغل بالاجتهاد فاتهما السفر، فعلى هذا يجوز عند قوم أن يقلد غيره ويحكم به، وقال آخرون لا يجوز، وهو الصحيح عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 99، 101: كتاب آداب القضاء:
القضاء لا ينعقد لأحد إلا بثلاث شرايط أن يكون من أهل العلم والعدالة والكمال وعند قوم بدل كونه عالما أن يكون من أهل الاجتهاد، ولا يكون عالما حتى يكون عارفا بالكتاب والسنة والإجماع، والاختلاف ولسان العرب، وعندهم والقياس...
ويعرف الإجماع والاختلاف لأن الإجماع حجة لئلا يقضي بخلافه...
وأما الخلاف فهو متداول بين الفقهاء يعرفونه حتى أصاغرهم، وأما لغة العرب فيكفي أن يعرف به ما ذكرناه دون أن يكون عالما بجميع اللغات، وفي الناس من أجاز أن يكون القاضي عاميا ويستفتي العلماء ويقضي به، والأول هو الصحيح عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 101: كتاب آداب القضاء:
الشرط الثاني أن يكون ثقة عدلا فإن كان فاسقا لم ينعقد له القضاء إجماعا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 101: كتاب آداب القضاء:
لا يجوز القضاء بالاستحسان عندنا ولا بالقياس...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 101، 102: كتاب آداب القضاء:
إذا قضى الحاكم بحكم ثم بان له أنه أخطأ أو بان له أن حاكما كان قبله قد أخطأ فيما حكم به وجب عليه أن ينقض حكمه عندنا، ويستأنف الحكم بما علمه حقا لا يسوغ له غير ذلك، وقال قوم إن بان أنه أخطأ فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد مثل أن خالف نص كتاب أو سنة أو إجماعا أو دليلا لا يحتمل إلا معنى واحدا فإنه ينقض حكمه ويبطله وقال آخرون إن خالف نص كتاب أو سنة لم ينقض حكمه وإن خالف الإجماع نقض حكمه...
وقد قلنا ما عندنا في ذلك وهو أنه متى بان له الخطأ فيما حكم به أو فعله وعلم أن الحق في غيره نقض الأول واستأنف الحكم بما علمه حقا، وكذلك في جميع المسائل التي تقدم ذكرها وأشباهها.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 102: كتاب آداب القضاء:
إذا ولي القضاء لم يلزمه أن يتبع حكم من كان قبله عندنا وإن تبعه جاز...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 103: كتاب آداب القضاء:
إذا تحاكم إليه خصمان لا يعرف لسانهما أو شهد عنده شاهد بشيء فلا يعرف لسانه فلا بد من مترجم يترجم عنه ليعرف الحاكم ما يقوله، والترجمة عند قوم شهادة ويفتقر إلى العدد والعدالة والحرية ولفظ الشهادة، وقال قوم يقبل في الترجمة واحد لأنه خبر وليس بشهادة بدليل أنه لا يفتقر إلى لفظ الشهادة والأول أحوط عندنا لأنه مجمع على العمل به.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 107، 108: كتاب آداب القضاء:
ولا يستعمل فيه أهل الخيانة ولا يقبل التعديل والجرح إلا من اثنين وهو أحوط عندنا، وقال بعضهم يجوز أن يقتصر على واحد لأنه إخبار، وقال بعضهم العدد معتبر فيمن يزكي الشاهدين، ولا يعتبر في أصحاب مسائله، فإذا عاد إليه صاحب مسئلته فإن جرح توقف في الشهادة، وإن زكاه بعث الحاكم إلى المسئول عنه، فإذا زكاه اثنان عمل على ذلك، ومن أجاز تزكية واحد قال هذا خبر لأنه لا يعتبر فيه لفظ الشهادة، وقال من خالفهم يعتبر لفظ الشهادة ولا يقبل فيه الرسالة ولا يقبل والدا لولده ولا ولدا لوالده وقد قلنا إن عندنا يعتبر لفظ الشهادة لأنه شهادة، ويقبل كل موضع يقبل فيه الشهادة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 108، 109: كتاب آداب القضاء:
والمعنى الآخر أن من شهد بالجرح فهو ناقل، ومن شهد بالعدالة أقره على الأصل كما لو شهد اثنان بألف وآخران بالقضاء كان القضاء أولى لأنه ناقل.
فإذا ثبت أن الجرح مقدم على التزكية، فإنه لا يقبل الجرح إلا مفسرا ويقبل التزكية من غير تفسير وقال قوم يقبل الأمران معا مطلقا، والأول أقوى عندنا لأن الناس يختلفون فيما هو جرح وما ليس بجرح، فإن أصحاب الشافعي لا يفسقون من شرب النبيذ، ومالك يفسقه، ومن نكح المتعة في الناس من فسقه وعندنا أن ذلك لا يوجب التفسيق بل هو مباح مطلق...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 109: كتاب آداب القضاء:
شرب النبيذ واعتقاد إباحته عندنا فسق يوجب رد الشهادة...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 109، 110: كتاب آداب القضاء:
والسماع على ضربين أحدهما بتواتر الخبر عنده بذلك والثاني يشيع ذلك في الناس فيصير عالما بذلك، ويسوغ له أن يؤدي الشهادة مطلقا كما يستفيض في الناس النسب والموت والملك المطلق فيصير شاهدا به.
فأما إن كان السماع خبر الواحد والعشرة فلا يصير عالما بذلك، لكنه يشهد عند الحاكم بما سمعه، ويكون ههنا شاهد الفرع والذي سمع منه شاهد الأصل فيكون حكمه حكم شاهد الفرع والأصل، فلا يثبت عندنا ما قال الأصل إلا بشاهدين.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 112: كتاب آداب القضاء:
ومتى عرف العدالة حكم فيها بعلمه بهما، فإذا لا خلاف أن له أن يقضي بعلمه بالجرح والتعديل وإنما الخلاف في القضاء بعلمه في غير ذلك.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 112: كتاب آداب القضاء:
إذا حضر الغرباء في بلد عند حاكم فشهد عنده اثنان، فإن عرف العدالة حكم وإن عرف الفسق وقف، وإن لم يعرف عدالة ولا فسقا بحث، وسواء كان لهما السيماء الحسنة والمنظر الجميل وظاهر الصدق أو لم يكن.
هذا عندنا وعند جماعة، وقال بعضهم إذا توسم فيهما العدالة بالمنظر الحسن حكم بشهادتهما من غير بحث، لأن في التوقف تعطيل الحقوق.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 112، 113: كتاب آداب القضاء:
وينبغي للقاضي أن يتخذ كاتبا يكتب بين يديه يكتب عنده الإقرار والإنكار وغير ذلك...
وعندنا يجوز أن يكون عبدا لأنه قد يكون عدلا، ولا يتخذ كافرا بلا خلاف لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} وكاتب الرجل بطانته...
وعليه إجماع الصحابة أنه لا يجوز أن يكون كاتب الحاكم والإمام كافرا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 118: كتاب آداب القضاء:
ولا يحتاج أن يذكر: ذلك بمحضر المدعي والمدعى عليه، لأن القضاء على الغايب جايز عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 120: كتاب آداب القضاء:
والذي يقتضيه مذهبنا أن الحاكم يجب أن يكون عالما بالكتابة والنبي عليه وآله السلام عندنا كان يحسن الكتابة بعد النبوة، وإنما لم يحسنها قبل البعثة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 120: كتاب آداب القضاء:
إذا ارتفع إليه خصمان فذكر المدعي أن حجته في ديوان الحكم فأخرجها الحاكم من ديوان الحكم مختومة بخاتمه مكتوبا بخطه نظرت، فإن ذكر أنه حكم بذلك حكم له، وإن لم يذكر ذلك لم يحكم به عندنا وعند جماعة، وقال قوم يعمل عليه ويحكم به وإن لم يذكره...
قالوا: أليس لو وجد في روزنامج أبيه بخط أبيه دينا على غيره كان له أن يعمل على خطه ويحلف على استحقاقه بالخط، هلا قلتم في الحكم مثله؟ قيل الفصل بينهما أن الشهادة والحكم لا بد فيهما من علم يعمل عليه، فلهذا لم يعمل على الخط، وليس كذلك في الدين والمعاملة، لأنها مبنية على ما يغلب على ظنه وبالخط يغلب على ظنه، على أن عندنا أنه لا يجوز للورثة أن يحلف على ما يجد خط أبيه به.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 120، 121: كتاب آداب القضاء:
إن ادعى عنده مدع حقا على غيره فأنكر، فقال المدعي لي بما ادعيته حجة عليه، لم يخل من ثلاثة أحوال: إما أن يقول أقر لي بالحق، أو حكم لي به عليه حاكم، أو أنت حكمت لي به.
فإن قال أقر لي به نظرت، فإن أقام البينة أنه أقر عندك بالحق قضى به عليه، لأن البينة لو شهدت على إقراره به في غير مجلس الحكم قضى عليه بها، فكذلك إذا كان في مجلس الحكم. وإن لم يكن له بينة لكن الحاكم ذكر أنه أقر له به، فهل يقضي بعلمه؟ قال قوم يقضي بعلمه وقال آخرون لا يقضي، وعندنا أن الحاكم إذا كان مأمونا قضى بعلمه، وإن لم يكن كذلك لم يحكم به...
وإن قال أنت حكمت به لي عليه، فإن ذكر الحاكم ذلك أمضاه، وليس هذا من القضاء بعلمه لكنه إمضاء قضاء قضى به بعلمه، وحكم قد كان حكم به قبل هذا، فذكره الآن فأمضاه وإن لم يذكره فقامت البينة عنده أنه قد كان حكم به لم يقبل الشهادة على فعل نفسه عندنا وعند جماعة...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 122، 123: فصل في كتاب قاض إلى قاض:
روى أصحابنا أنه لا يقبل كتاب قاض إلى قاض ولا يعمل به، وأجاز المخالفون ذلك...
وذكروا أن عليه إجماع الأعصار لأنه لم يزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم عصرا بعد عصر يكتب بعضهم إلى بعض ولأن بالناس حاجة إليه...
ولا خلاف عندنا أنه لا يقبل فيه كتاب قاض إلى قاض، والإجماع غير مسلم لأنا نخالف فيه...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 124، 125: فصل في كتاب قاض إلى قاض:
قالوا وهذا غلط لأنه تحمل شهادة على ما في كتاب مدرج، فإذا لم يعلما ما فيه لم يصح التحمل كالشهادة في الأملاك وفي الوصايا، فإنه لو أوصى بوصية وأدرج الكتاب وأظهر الشهود مكان الشهادة وقال قد أوصيت بما أردته في هذا الكتاب، ولست أختار أن يقف أحد على حالي وتركتي قد أشهدتكما على ما فيه، لم يصح هذا التحمل بلا خلاف، فكذلك ههنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 125: فصل في كتاب قاض إلى قاض:
فأما الكلام فيما يكتب الحكم به نظرت فإن حضره خصمان فحكم على أحدهما بحق في ذمته ففر المحكوم عليه، فسأل المحكوم له أن يكتب له بذلك كتابا كتب له بلا خلاف...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 129: فصل في كتاب قاض إلى قاض:
إذا حضر عند الحاكم رجل فادعى على غايب حقا سمع الحاكم دعواه لأنه يحتمل ما يدعيه، فإن أقام بينة سمعها الحاكم وكتب بما سمع بلا خلاف...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 133: فصل في ذكر القاسم:
روي مجمع بن حارثة أن النبي صلى الله عليه وآله قسم خيبر على ثمانية عشر سهما وقد روى أنه قسمها على ستة وثلثين سهما ولا تناقض فيه لأن النبي عليه السلام فتح نصف خيبر عنوة ونصفها صلحا فما فتحه عنوة فخمسه لأهل الخمس وأربعة أخماسه للغانمين عندهم، وعندنا لجميع المسلمين، وما فتحه صلحا فعندنا هو لرسول الله خاصة وعندهم هو فيء يكون لرسول الله صلى الله عليه وآله ينفق منه على نفسه وعياله وهذا مثل ما عندنا فمن روى قسمها على ثمانية عشر سهما أراد ما فتحه عنوة ومن روى على ستة وثلثين سهما أراد الكل نصفها فيء ونصفها غنيمة.
وروي أن النبي عليه السلام قسم غنايم بدر بشعب من شعاب الصفراء قرية من بدر، وروت أم سلمة قالت: اختصم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله رجلان في مواريث وذكر الحديث إلى أن قال كل واحد منهما لصاحبه قد وهبت حقي منك، فقال النبي اقتسما وأسهما، وليحل كل واحد منكما صاحبه، فدل ذلك على جواز القسمة وعليه إجماع الأمة.
وروي أنه كان لعلي عليه السلام قاسم يقال له عبد الله بن يحيى، وكان رزقه من بيت المال.
إذا ثبت جواز القسمة فالقاسم يفتقر إلى الصفات التي يفتقر إليها كاتب الحاكم، وهو أن يكون عدلا والعدل هو البالغ العاقل الحر الثقة، فإن كان عبدا أو مدبرا قال قوم لم يجز، لأنه ليس بعدل، وعندنا هو عدل فلا يمتنع أن يكون قاسما، ولا بد أن يكون حاسبا لأن عمله بالحساب، فهو في القاسم كالفقه في الحاكم.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 135، 136: فصل في ذكر القاسم:
وإذا كان الملك بين اثنين أو بين جماعة فدعا بعضهم إلى القسمة وامتنع الآخرون فلا يخلو من ثلاثة أحوال إما أن لا يستضر بها واحد منهم، أو يستضر بها كل واحد منهم، أو يستضر بها بعضهم دون بعض...
وأما إن كان فيها ضرر على الكل، وهذا إنما يكون في الدور والعقار والدكاكين الضيقة، ونحو هذا، فإن القسمة فيها ضرر، والضرر عند قوم أن لا ينتفع بما أفرز له، ولا يراعى نقصان قيمته وهو قول الأكثر وهو الأقوى عندي، وقال بعض المتأخرين إن الضرر نقصان قيمة سهمه بالقسمة فمتى نقص بالقسمة فهو الضرر وهو قوي أيضا.
وإذا استضر الكل بها لم يجبر الممتنع عليها، وقال قوم يجبر والأول مذهبنا...
هذا إذا كان المطالب لا يستضر بها وأما إذا كان المطالب هو الذي يستضر بها قال قوم يجبر عليها، لأنها قسمة فيها من لا يستضر بها فوجب أن يجبر الممتنع عليها كما لو كان المطالب هو الذي لا يستضر بها وقال آخرون لا يجبر لأنها قسمة يستضر بها طالبها كما لو استضر بها الكل وهو الصحيح عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 143: فصل في ذكر القاسم:
ومذهبنا أن القسمة إفراز حق وليست ببيع، فعلى هذا يصح القسمة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 144: فصل في ذكر القاسم:
ومتى كان لهما ملك أقرحة كل قراح منفرد عن صاحبه ولكل واحد منهما طريق ينفرد به، فطلب أحدهما قسمة كل قراح على حدته، وقال الآخر لا بل بعضها في بعض كالقراح الواحد، قسمنا كل قراح على حدته ولم يقسم بعضها في بعض، سواء كان الجنس واحدا مثل أن كان الكل نخلا أو الكل كرما، أو أجناسا مختلفة الباب واحد وسواء كانت متجاورة أو متفرقة وكذلك الدور والمنازل.
هذا عندنا وعند جماعة...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 145، 146: فصل في ذكر القاسم:
المطعومات ضربان جامد ومايع، فالجامد ضربان ما بلغ حد الادخار وما لم يبلغ...
هذا فيما بلغ حد الادخار فأما إذا لم يبلغ حد الادخار فهو على ضربين ماله حال يدخر عليها وما ليس له حال يدخر عليها...
وأما ما ليس له حال ادخار وهو العنب الذي لا يجئ منه زبيب والرطب الذي لا يجيء منه تمر، فهل يجوز بيع الجنس بعضه ببعض أم لا؟ فعلى القولين، وكذلك السفرجل والرمان والتفاح ونحو ذلك كله على القولين أحدهما يجوز لأن معظم منفعته حال رطوبته كاللبن والثاني لا يجوز لأنها فاكهة رطبة كالرطب الذي يجئ منه تمر.
فمن قال لا يجوز بيع بعضه ببعض قال الحكم فيه كالرطب الذي يجيء منه تمر وقد مضى، ومن قال يجوز بيع بعضه فالحكم فيه كالمطعوم الذي بلغ حال الادخار وقد مضى، وعندنا أن بيع جميعه بعضه ببعض جايز، وكذلك قسمته، لأن المنع منه يحتاج إلى دليل.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 146: فصل في ذكر القاسم:
وأما المايع فعلى ضربين ما مسته النار وما لم تمسه النار، فما لم تمسه النار فهو كالعصير وخل العنب واللبن الحليب، فكل هذا يجوز بيع بعضه ببعض مثلا بمثل، إذا كان الجنس واحدا.
وأما ما مسته النار فعلى ضربين ما قصد به التصفية وما به عقد فأما ما قصد به التصفية كالعسل والسمن فالحكم فيه كالحكم في الذي لم تمسه النار، وكل ما أجزنا بيعه أجزنا قسمته، وأما ما مسته النار لعقد أجزائه كالدبس والرب ونحو هذا، فلا يجوز بيع بعضه ببعض إذا كان الجنس واحدا، وأما القسمة فمن قال بيع لم يجز أيضا ومن قال إفراز حق أجازه، وعندنا يجوز بيع بعضه ببعض مثلا بمثل، وكذلك قسمته لأن الأصل جوازه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 151: فصل فيما على القاضي في الخصوم والشهود:
وإن لم يكن له رزق قال لهما لست أقضي بينكما حتى تجعلا لي رزقا عليه حل ذلك له حينئذ عند قوم وعندنا لا يجوز بحال.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 157: فصل فيما على القاضي في الخصوم والشهود:
كل موضع تحررت الدعوى هل للحاكم مطالبة المدعى عليه بالجواب من غير مسألة المدعي أم لا؟ قال قوم لا يطالبه بالجواب بغير مسألة المدعي، لأن الجواب حق المدعي، فليس للحاكم المطالبة به من غير مسئلته، كنفس الحق، وهو الصحيح عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 160، 161: فصل فيما على القاضي في الخصوم والشهود:
وأما ما يجوز أن يستأجر عليه وما لا يجوز فقد ذكرناه في غير موضع.
وجملته أن كل عمل جاز أن يفعله الغير عن الغير تبرعا جاز أن يفعله بعقد إجارة كالخياطة والبناء، وكل عمل لا يفعله الغير عن الغير وإذا فعله عن نفسه عاد نفعه إلى الغير جاز أخذ الرزق عليه دون الأجرة كالقضاء والخلافة والإمامة والإقامة والأذان والجهاد.
وقالوا لا يجوز أخذ الأجرة عليه وأجاز أصحابنا ذلك، وأجاز قوم أخذ الأجرة على القضاء وهو فاسد عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 162، 163: القضاء على الغائب:
إذا حضر رجل عند الحاكم فادعى على غايب حقا سمع الحاكم دعواه لجواز صدقه في ما يدعيه، كما لو كان حاضرا، فإن أقام البينة بما يدعيه سمعها الحاكم، فإذا سمعها لم يخل المدعي من أحد أمرين إما أن يسأله القضاء بما ثبت عنده أو لا يسأله.
فإن لم يسأله وقال قد اقتصرت على هذا القدر اكتب به إلى حاكم البلد الذي فيه الغايب كتابا، كتب له، فإن عرف عدالتهما كتب بعدالتهما، وإن لم يعرف كتب وقال: حضرني فلان بن فلان فادعى على فلان بن فلان كذا وكذا، وأقام به شاهدين فلانا وفلانا، ليكون المكتوب إليه هو الباحث عن عدالتهما فيفعل هذا كل ذلك بلا خلاف...
وأما إن كان حاضرا في البلد غير ممتنع من الحضور فهل له أن يقضي عليه وهو غايب عن مجلس الحكم أم لا؟ قال قوم له ذلك، لأنه غايب عن مجلس الحكم، والصحيح أنه لا يقضي عليه لأنه مقدور على إحضاره، والقضاء على الغايب إنما جاز لموضع الحاجة وتعذر إحضاره، فالقضاء على الغايب يجوز عندنا في الجملة وعند جماعة...
وتحقيق هذا أن القضاء على الغايب جايز بلا خلاف لكن هل يصح مطلقا من غير أن يتعلق على حاضر أم لا عندنا وعند جماعة يجوز مطلقا وعندهم لا يجوز.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 164، 165: القضاء على الغائب:
إذا ترافع نفسان إلى رجل من الرعية فرضيا به حكما بينهما وسألاه أن يحكم لهما بينهما جاز وإنما يجوز أن يرضيا بمن يصلح أن يلي القضاء، وهو أن يكون من أهل العدالة والكمال والاجتهاد، على ما شرحناه من صفة القاضي، لأنه رضي به قاضيا فأشبه قاضي الإمام، ولا فصل بين أن يرضيا به في بلد فيه حاكم سواه أو لا حاكم فيه الباب واحد لأنه إذا كان ذلك إليهما في بلد لا قاضي به كذلك في بلد به قاض.
فإذا ثبت أنه جايز فإذا نظر بينهما فمتى يلزم حكمه في حقهما؟...
فمن قال لا يلزم بمجرد الحكم كان لكل واحد منهما الخيار ما لم تراضيا به بعد حكمه فإذا تراضيا في ذلك الوقت لزم حكمه وهو الأقوى عندي، لأن عليه إجماعا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 166: القضاء على الغائب:
ولا خلاف أنه يقضي بعلمه في الجرح والتعديل...
والذي يقتضيه مذهبنا ورواياتنا أن للإمام أن يحكم بعلمه، وأما من عداه من الحكام فالأظهر أن لهم أن يحكموا بعلمهم، وقد روي في بعضها أنه ليس له أن يحكم بعلمه لما فيه من التهمة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 166، 167: القضاء على الغائب:
للإمام أن يولى القضاء في الموضع الذي هو فيه وفي غيره، سواء أطاق النظر فيه بنفسه أو لم يطقه، بلا خلاف...
وعليه الإجماع لأن شريحا تولى القضاء من قبل عمر وبعده لعثمان، وبعده لعلي عليه السلام وتولى بعده أيضا وقيل إنه بقي في القضاء سبعين سنة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 168، 169: القضاء على الغائب:
فأما إن أخبره به بعد عزله وعزاه إلى حال ولايته لم يقبل ذلك منه، ولا يحكم بقوله وحده، لأن كل من لم يملك الشيء لم يملك الإقرار به، كمن باع عبده ثم أقر أنه أعتقه أو باعه بعد أن باعه فالكل لا يقبل منه، لأنه لا يملكه فلا يملك الإقرار به.
فإذا ثبت أنه لا يقبل قوله وحده فيه، فهل يكون قوله بمنزلة شاهد واحد شهد به حتى إذا شهد به معه غيره عند حاكم آخر ثبت شهادتهما، قال قوم لا يقبل أصلا وقال بعضهم يكون كالشاهد الواحد وإن كان على فعله كشهادة المرضعة، والأول أصح عندنا لأنها شهادة على فعله كما لو قال بعته من زيد لم يقبل منه...
وعندنا أن شهادة المرضعة لا يقبل أصلا فسقط ما قالوه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 172، 173: كتاب الشهادات:
فأما حقوق الله فجميعها لا مدخل للنساء ولا للشاهد مع اليمين فيها، وهي على ثلاثة أضرب: ما لا يثبت إلا بأربعة وهو الزنا واللواط وإتيان البهايم وروى أصحابنا أن الزنا يثبت بثلاثة رجال وامرأتين وبرجلين وأربع نسوة...
والثالث ما اختلف فيه وهو الإقرار بالزنا فإنه قال قوم لا يثبت إلا بأربعة كالزنا، وقال آخرون يثبت بشاهدين كسائر الإقرارات وهو الأقوى عندي وليس عندنا عقد من العقود من شرطه الشهادة أصلا وعند الفقهاء كذلك إلا النكاح وحده.
وقال داود الشهادة واجبة على البيع لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} ولقوله عليه السلام: {ثلاثة لا يستجاب لهم دعوة من باع ولم يشهد، ورجل دفع ماله إلى سفيه ورجل له امرأة ويقول اللهم خلصني منها ولا يطلقها} وعندنا الآية والخبر محمولان على الاستحباب.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 173: كتاب الشهادات:
إذا قال لعبده إن قتلت فأنت حر فهلك السيد واختلف الوارث والعبد، وأقام الوارث البينة أنه مات حتف الأنف وأقام العبد البينة أنه مات بالقتل، قال قوم يتعارضان ويسقطان ويسترق العبد، وقال قوم بينة العبد أولى لأن موته قتلا يزيد على موته حتف أنفه، لأن كل مقتول ميت وليس كل ميت مقتولا فكان الزايد أولى ويعتق العبد وعندنا يستعمل فيه القرعة فمن خرج اسمه حكم ببينته.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 173: كتاب الشهادات:
إذا قال لعبده إن مت في رمضان فأنت حر وقال لآخر إن مت في شوال فأنت حر، فمات السيد واختلف العبدان، فأقام صاحب رمضان البينة أنه مات في رمضان وأقام صاحب شوال البينة أنه مات في شوال قال قوم تعارضا ورق العبدان، لأن موته في رمضان ضد موته في شوال، وقال قوم بينة رمضان أولى لأن معها زيادة وهو أنه يخفى على بينة شوال موته في رمضان، ولا يخفى على بينة رمضان موته في شوال، فكان صاحب رمضان أولى، ويعتق، وعندنا مثل الأول يستعمل القرعة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 173، 174: كتاب الشهادات:
إذا قال لعبده إن مت من مرضي هذا فأنت حر، ثم قال لآخر إن برئت منه فأنت حر ثم هلك السيد واختلف العبدان فأقام أحدهما البينة أنه برئ من مرضه، وأقام الآخر البينة أنه مات، تعارضتا لأن موته منه ضد برئه منه، لا مزية لأحدهما على الآخر، فتعارضتا، ويفارق البينتين الأوليين لأن مع إحدى البينتين زيادة على ما مضى.
وعندنا يستعمل فيه القرعة فإن خرجت بينة من قال إنه مات من مرضه عتق العبد لأنه مدبر وقد عتق بموته وإن خرج اسم من قال إنه برء لم يعتق واحد منهما لأن من خرج اسمه قد علق عتقه بصفة، وذلك لا يصح عندنا فاسترق العبدان.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 174: كتاب الشهادات:
إذا ادعى حقا هو مال أو المقصود منه المال فأنكر المدعى عليه نظرت فإن أتى المدعي بشاهدين أو بشاهد وامرأتين حكم له بذلك، لقوله تعالى: {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} وأراد بذلك الأموال لأن أول الآية يدل عليه، وإن أتى بأربع نسوة لم يحكم له بذلك إجماعا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 174: كتاب الشهادات:
إذا شهد امرأتان وأضاف إليهما يمين المدعي في الأموال، حكم به عندنا وعند جماعة مثل الشاهد واليمين، وقال أكثرهم لا يحكم به.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 174: كتاب الشهادات:
إذا ادعى على رجل عند حاكم وأقام المدعي بما يدعيه شاهدين فحكم الحاكم له بشهادتهما، كان حكمه تبعا لشهادتهما، فإن كانا صادقين كان حكمه صحيحا في الظاهر والباطن، سواء كان في عقد أو في رفع عقد أو فسخ عقد أو كان مالا عندنا وعند جماعة وفيه خلاف...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 174، 175: كتاب الشهادات:
يقبل شهادة النساء على الانفراد في الولادة والاستهلال والعيوب تحت الثياب كالرتق والقرن والبرص بلا خلاف، فأما في الرضاع فقد روى أصحابنا أنه لا يقبل شهادتهن، وقال قوم لا تقبل شهادتين في الرضاع منفردا بل يقبل شهادة رجلين أو شاهد وامرأتين، وكذلك قالوا في الاستهلال وقال آخرون يقبل شهادتهن في الرضاع منفردا. فإذا ثبت أنهن يقبلن في هذه المواضع، فعندنا لا يقبل أقل من أربع نسوة في جميع ذلك، وبه قال جماعة، وقال قوم يثبت بشهادة اثنين منهن، وقال بعضهم يثبت الرضاع بشهادة المرضعة، وقال بعضهم يثبت الولادة في الزوجات بامرأة واحدة القابلة أو غيرها ولا يثبت بها ولادة المطلقات وعندنا يقبل شهادة واحدة في ربع الميراث وفي الاستهلال وكذلك في الوصية في ربع الوصية واثنتين في نصف الميراث ونصف الوصية، وثلاث في ثلاث وأربع في الجميع.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 176: فصل في شهادة القاذف:
إذا قذف الرجل رجلا أو امرأة...
فمتى حقق قذفه وجب على المقذوف الحد، وبان أنه لم يكن قاذفا ولا حد عليه ولا يرد شهادته ولا يفسق، وأما إن لم يحقق قذفه، فقد تعلق بقذفه ثلاثة أحكام: وجوب الجلد، ورد الشهادة والتفسيق لقوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} إلى قوله {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} فإن تاب القاذف لم يسقط الجلد بالتوبة، وزال فسقه بمجرد التوبة بلا خلاف وهل يسقط شهادته فلا يقبل أبدا أم لا؟ فعندنا وعند جماعة لا يسقط بل يقبل بعد ذلك وعند قوم لا يقبل.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 179: فصل في شهادة القاذف:
هذا الكلام في قذف السب وأما قذف الشهادة، فهو أن يشهد بالزنا دون الأربعة فإنهم فسقة...
والفرق بين هذا وبين قذف السب هو أن قذف السب ثبت فسقه بالنص وهذا بالاجتهاد عندهم.
ويجوز للإمام عندنا أن يقول تب أقبل شهادتك، وقال بعضهم لا أعرف هذا، وإنما قلنا ذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله أمر بالتوبة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 181، 182: فصل في التحفظ في الشهادة:
فأما إن كان في يده دار يتصرف فيها مطلقا من غير منازع بالهدم والبناء والإجارة والإعارة وغير ذلك، فيسوغ للشاهد أن يشهد له باليد بلا إشكال...
فأما الشهادة باليد فلا شبهة في جوازها، وقال بعضهم يشهد له بالملك وقال لأنه لما صح أن يشهد على بيع ما في يديه صح أن يشهد له بالملك، وروى أصحابنا أنه يجوز له أن يشهد بالملك كما يجوز له أن يشتريه ثم يدعيه ملكا له.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 182، 183: فصل في التحفظ في الشهادة:
فأما النكاح والوقف والولاء والعتق فهل يصح تحملها بالاستفاضة كالملك المطلق والنسب؟ قال قوم يثبت كلها بالاستفاضة، لأن في أزواج النبي صلى الله عليه وآله خديجة وعايشة تثبت الزوجية لهما بالاستفاضة فكذلك ههنا ولأن الوقف يبنى على التأبيد فلا يبقى من يشهد به من الواقف، فبنا حاجة إلى الشهادة به بالاستفاضة وإلا بطلت الوقوف وهذا الذي يقتضيه مذهبنا.
وقال قوم لا يثبت وقالوا إنما تثبت أزواج النبي صلى الله عليه وآله بالتواتر فأشهدنا بالاستفاضة.
والتواتر توجب العلم فهو كالشهادة بأن في الدنيا مكة وهذا صحيح، وأما الوقوف فإن الحاكم يجدد كتبها كلما مضت مدة تفانى فيها الشهود، فإنه يثبت بالشهادة على الشهادة فلا يخاف بطلان الواقف، وهذا لا يصح على مذهبنا لأن الشهادة على الشهادة لا تجوز عندنا، وإنما يجوز دفعة واحدة، فعلى هذا يؤدي إلى بطلان الوقف.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 183: فصل في التحفظ في الشهادة:
وأما ما يتحمل الشهادة عليه بالمشاهدة وهي الأفعال فإن الأعمى لا يتحمل الشهادة عليها لأنها تتحمل بالمشاهدة ولا مشاهدة للأعمى وهو إجماع.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 184: فصل في التحفظ في الشهادة:
وأما الأخرس فيصح منه التحمل بلا خلاف، لأنه يفتقر إلى العلم دون النطق فأما الأداء فقال قوم لا يصح وقال آخرون يصح شهادته، وهو الذي يقتضيه مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 187: فصل فيما يجب على المؤمن من القيام بالشهادة:
يجوز قبول شهادة العبيد عندنا في الجملة على كل أحد، إلا على ساداتهم سواء شهدوا على حر أو عبد، مسلم أو كافر، بقليل أو كثير، وقال قوم لا يقبل بحال وفيه خلاف.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 187، 188: فصل فيما يجب على المؤمن من القيام بالشهادة:
لا خلاف أن شهادة أهل الذمة لا تقبل على المسلم، إلا بما يتفرد به أصحابنا في الوصية خاصة في حال السفر عند عدم المسلم، فأما قبول شهادة بعضهم على بعض، فقال قوم لا تقبل بحال لا على مسلم ولا على مشرك، اتفقت ملتهم أو اختلفت، وفيه خلاف، ويقوى في نفسي أنه لا يقبل بحال لأنهم كفار فساق، ومن شرط الشاهد أن يكون عدلا.
كل من خالف مذهب الحق من سائر الفرق المخالفة، فإنا لا نقبل شهادتهم، وفي أصحابنا من كفر الجميع، وفيهم من كفر بعضا وفسق بعضا، وليس ههنا موضع تفصيله.
وقال بعضهم أهل الأهواء على ثلاثة أضرب كفار وفساق وعدول، فالكفار من قال بخلق القرآن وجحد الرؤية وقال بخلق الأفعال، فهؤلاء كفار لا تقبل شهادتهم، ويرثهم المسلمون ولا يرثونهم، وفساق وهم الذين يسبون السلف فلا يقبل شهادتهم، وعدول وهم أهل البغي.
فمن كان من الصحابة باغيا فهو على عدالته وقبول شهادته، لكنه اجتهد فأخطأ فله أجر، وأهل العدل على العدالة اجتهدوا فأصابوا فلهم أجران، وقد قلنا ما عندنا.
وأما البغاة فعندنا كفار وقد بيناه في قتال أهل البغي.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 189: فصل في الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين:
عندنا يجوز القضاء بالشاهد الواحد مع يمين المدعي...
فإذا ثبت جواز ذلك فالكلام بعده فيما يقضي بها فيه وما لا يقضي. وجملته كل ما كان مالا أو المقصود منه المال فإنه يثبت بالشاهد واليمين...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 190: فصل في الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين:
وكل موضع قلنا يقضي بالشاهد مع اليمين فإذا أقام المدعي شاهدا واحدا فهو بالخيار بين أربعة أشياء أن يحلف معه أو يقيم شاهدا آخر أو امرأتين أو يرفض شاهده ويستحلف المدعى عليه...
وإن اختار أن يقيم على ذلك ويستحلف المدعى عليه كان له، فإذا فعل هذا لم يخل المدعى عليه من أحد أمرين إما أن يحلف أو ينكل، فإذا حلف أسقط دعوى المدعي وإن لم يحلف فقد نكل وحصل له مع المدعي نكول وشاهد، وهل يقضي بنكوله مع شاهد المدعي؟ فعندنا أنه لا يحكم به عليه، وبه قال جماعة...
فإذا تقرر أنه لا يقضى عليه بالنكول، فهل يرد اليمين على المدعي أم لا قال قوم لا يرد عليه لأنها يمين بذلها لخصمه، فإذا عفا عنها لم يعد إلى باذلها كيمين المدعى عليه إذا بذلها للمدعي ثم عفى عنها، فإنها لا تعود إلى باذلها، وقال آخرون يرد إليه وهو الأصح عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 191، 192: فصل في الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين:
إذا مات وخلف وارثا وللميت دين على رجل، ولقوم على الميت دين، وهناك وصية قد أوصى بها يستحق من تركته وأقام وارثه شاهدا واحدا بدين أبيه...
فإن لم يحلف الوارث مع الشاهد، قال قوم للغرماء أن يحلفوا، وقال آخرون ليس لهم ذلك، وهو الصحيح عندنا، فمن قال لهم أن يحلفوا قال: لأن كل حق إذا ثبت صار إليه كان له أن يحلف عليه، كالوارث فإنه لو حلف صار له كذلك الغريم مثله.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 194: فصل في الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين:
وأما القتل فإن كان يوجب مالا فإنه يثبت بالشاهد واليمين عمدا كان أو خطأ وإن كان عمدا يوجب القود فإن كان له شاهد واحد كان لوثا وكان له أن يحلف مع شاهده خمسين يمينا، فإذا حلف ثبت القتل، وعندنا يوجب القود وعند قوم يوجب الدية...
وإن كان قتلا يوجب القود فهو مدع لقتل العمد، ومعه شاهد واحد، والشاهد في الدم لوث يحلف من شاهده خمسين يمينا، ويجب القود عندنا، وعند قوم تجب الدية على ما بيناه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 194، 195: فصل في الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين:
إذا كان في يد رجل جارية وابنها فادعى عليه رجل فقال هذه الجارية أم ولدي، وهذا ولدي منها استولدتها في ملكي فهو حر الأصل ثابت النسب مني...
فأما الجارية فإذا أقام شاهدا واحدا حلف مع شاهده، وقضى له بالجارية لأن أم الولد مملوكته، بدليل أن له استخدامها والاستمتاع بها وإجارتها وتزويجها، وإذا قتلها قاتل كان له قيمتها، فإذا كانت مملوكة قضينا له بها باليمين مع الشاهد كالأمة القن فإذا حكمنا له بها حكمنا بأنها أم ولده تعتق بوفاته باعترافه بذلك لا بالشاهد واليمين، وذلك أنا حكمنا له بها ملكا ثم اعترف بذلك، فكان في ملكه فلهذا نفذ اعترافه فيه.
هذا عند المخالف وعندنا يثبت ملكه لها ولا ينعتق بموته، إلا أن تحصل في نصيب ولدها فتنعتق عليه...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 195: فصل في الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين:
من وقف وقفا على قوم انتقل ملكه عن الواقف، وإلى من ينتقل؟ قال قوم إلى الموقوف عليه، وهو الذي يقتضيه مذهبنا، وقال قوم ينتقل إلى الله لا إلى مالك...
وإنما قلنا أنه ينتقل إلى الموقوف عليه، لأن جميع أحكام الملك باقية عليه بحالها بدليل أنه يضمن باليد وبالقيمة ويتصرف فيه، وعند أصحابنا يجوز بيعه على وجه...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 197، 200: فصل في الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين:
إذا خلف ثلاثة بنين وبنات وزوجة وأبوين فادعى أحد البنين أن هذه الدار وقفها أبونا علي وعلى أخوي صدقة محرمة، فإذا انقرضوا فعلى أولادهم ثم على الفقراء والمساكين، فصدقه الأخوان وكذبه بقية الورثة، وأقاموا شاهدا واحدا كان لهم أن يحلفوا مع الشاهد على ما اخترناه ولا يخلو من ثلاثة أحوال إما أن يحلفوا أو لا يحلفوا أو يحلف بعضهم دون بعض، والتفريع على فصل فصل.
فإن حلفوا حكمنا بأن الدار وقف عليهم، وتكون بينهم بالسوية، فإذا انقرض الثلاثة لم يخل من أحد أمرين إما أن ينقرضوا دفعة واحدة أو واحدة بعد واحد، فإن انقرضوا دفعة واحدة انتقل الوقف إلى البطن الثاني، لأن الواقف هكذا شرطه، وأنه على الترتيب.
وهل يفتقر البطن الثاني إلى اليمين أم لا؟ الصحيح أنه لا يفتقر إليه...
فإذا ثبت هذا وانقرض البطن الثاني أو لم يكن بطن ثان، كان للفقراء والمساكين فلا خلاف أنه لا يمين عليهم، لأنهم لا ينحصرون...
حيث قلنا يصير إلى البطن الثاني بغير يمين على المذهب الصحيح...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 203، 204: فصل في موضع اليمين:
الأيمان تغلظ بالمكان والزمان والعدد واللفظ، ووافقنا فيه قوم وخالفنا آخرون وكذلك فيهم من خالف في المكان والزمان دون العدد واللفظ، فقال يحلفه الحاكم حيث توجهت عليه اليمين ولا يعتبر الزمان ولا المكان، والخلاف معه في هل هو مشروع أم لا؟ فعندنا وعند جماعة هو مشروع، وعنده بدعة.
فإذا تقرر هذا فإنه يغلظ في كل بلد بأشرف بقعة فيه، فإن كان بمكة فبين الركن والمقام، وإن كان بالمدينة فعلى منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان في بيت المقدس فعند الصخرة وإن كان بغير هذه البلاد ففي أشرف موضع فيه، وأشرف بقاع البلاد الجوامع والمشاهد عندنا...
وأما التغليظ بالعدد ففي القسامة يحلف خمسين يمينا ويغلظ بالعدد في اللعان بلا خلاف.
وأما اللفظ فيغلظ به أيضا عند الأكثر يقول (والله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية) أو ما يجري مجراه.
فالتغليظ بالعدد شرط بلا خلاف وأما بالأزمان فعلى وجه الاستحباب بلا خلاف وأما المكان فقال قوم هو شرط كالعدد وقال آخرون ليس بشرط كالزمان وهو الصحيح عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 206: كتاب الشهادات/ فصل آخر:
وإن اختصرت ذلك قلت الأيمان كلها على القطع إلا ما كانت على النفي على فعل الغير فإنها على العلم...
هذا عندنا وعند الأكثر...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 206، 207: كتاب الشهادات/ فصل آخر:
إذا ادعى على رجل حقا فقال: لي عليك ألف درهم، فقال قد أبرأتني أو قد برأت إليك منها، فتحت هذا اعتراف بالألف، وادعى البراءة منه، ويكون المدعي مدعا عليه، وكيف يحلف؟ قال قوم يحلف ما اقتضاه ولا شيئا منه ولا اقتضى له ولا شيء منه ولا أحال به ولا بشيء منه ولا أبرأه ولا عن شيء منه، ولا اقتضى له مقتض بغير أمره فأوصله إليه وإن حقه لثابت وإن ادعى أنه قد أبرأ منه أو قد أحال به لم يحلف المدعى عليه على أكثر من الذي ادعاه عليه، لأنه ما أدعى عليه غيره.
وإن كانت الدعوى مبهمة فقال ماله قبلي حق أو قد برئت ذمتي من حقه، احتاج إلى هذه الألفاظ كلها حتى يأتي بجميع جهات البراءة، ومن الناس من قال أي شيء أدعى فإن المدعى عليه يحلف ما برئت ذمتك من ديني، فإذا قال هذا أجزاه لأنها لفظة تأتي على كل الجهات، فإن الذمة إذا كانت مشغولة بالدين أجزأه أن يقول ما برئت ذمتك من حقي وهذا القدر عندنا جايز كاف، والأول عندنا أحوط وآكد، وأما قوله إن حقي لثابت فلا خلاف أنه ليس بشرط.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 208: كتاب الشهادات/ فصل آخر:
لا يمتنع أن يكون حلفه أنه أراد الطلاق لأن الطلاق لا بد فيه من النية عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 209: كتاب الشهادات/ فصل آخر:
والعاشر أن الإشهاد على الرجعة ليس بشرط لأن النبي عليه السلام ردها ولم ينقل أنه أشهد على ذلك، وهذا ليس بشيء لأن النبي عليه السلام من أعظم الشهود فليس في ذلك دلالة عليه، وإن كان مذهبنا أن الشهادة ليست شرطا، وقد ذكرنا هذه الوجوه وإن كانت على مذهبنا غير صحيحة أكثرها، لأن الكنايات لا يقع بها الطلاق أصلا ليعرف ما قالوه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 210: كتاب الشهادات/ فصل آخر:
المدعى عليه إذا حلف ثم أقام المدعي بعد ذلك بينة بالحق فعندنا لا يحكم له بها ولا تسمع، وبه قال ابن أبي ليلى وأهل الظاهر، وقال الباقون تسمع ويحكم بها، فإذا ثبت هذا، فإن كان قال حين استحلف المدعى عليه حلفوه فإن بينتي غايبة لا يمكن إقامتها ثم حضرت البينة وأقامها حكم له بها بلا خلاف...
وإن كان قال ليس لي بينة وكل بينة تشهد لي كاذبة، فحلف المدعى عليه ثم أقام البينة فإنه يحكم له بها عند من قال بذلك، وقال بعضهم لا يحكم له لأنه قد جرح بينته.
ومنهم من قال إن كان هو الذي أقام البينة بنفسه والإشهاد عليه لا تسمع بينته لأنه كان يعلم أن له بينة وقد جرحها، وإن كان غيره تولى ذلك سمعت منه، والصحيح عندهم أنه تسمع البينة على كل حال لأنه قد يكون له بينة فنسيها.
وقد قلنا إن عندنا أنه لا يحكم له ببينته بحال إذا حلفه إلا أن يكون أقام البينة على حقه غيره، ولم يعلم هو أو يكون نسيها فإنه يقوى في نفسي أنه تقبل بينته، فأما مع علمه ببينته فلا تقبل بحال.
وأما إذا أقام شاهدا واحدا وقد حلف المدعى عليه وحلف معه، فإنه يحكم له أيضا عندهم، لأن الشاهد واليمين في المال يجري مجرى شاهدين، وعندنا أنه لا يقبل بينته ولا يحلف مع شاهده، لأنه أضعف من شاهدين.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 212: فصل في النكول عن اليمين:
من ادعى مالا أو غيره ولا بينة له فتوجهت اليمين على المدعى عليه، فنكل عنها، فإنه لا يحكم عليه بالنكول، بل يلزم اليمين المدعي فيحلف ويحكم له بما ادعاه وبه قال جماعة.
وقال بعضهم...
وقد قلنا إن مذهبنا الأول.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 212: فصل في النكول عن اليمين:
ذكر بعضهم أن خمس مسائل يحكم فيها بالنكول الأولة:
إذا كان للرجل مال فحال عليه الحول فطالبه الساعي بزكوته، فقال قد بعته وانقطع حوله، ثم اشتريت واستأنفت الحول فيه ولم يحل الحول بعد، فالقول قوله مع يمينه، فإن حلف فلا شيء عليه، وإن لم يحلف يحكم بنكوله وألزم الزكوة، وعندنا أن القول قوله ولا يمين عليه ولا يحكم بنكوله...
الثانية إذا كان له مال فحال عليه الحول فطالبه الساعي بزكوته فقال قد دفعت الزكوة إلى ساع غيرك، فالقول قوله مع يمينه: فإن حلف فلا شيء عليه وإن لم يحلف لزمته الزكوة وحكم بنكوله، وعندنا أن هذه مثل الأولى والقول قوله ولا يمين عليه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 213: فصل في النكول عن اليمين:
الثالثة إذا كان له ثمار فخرصت عليه وضمن الزكوة ثم ادعى أنها نقصت عما خرصت عليه، فالقول قوله، فإن حلف أخذت الزكوة منه على ما ذكره، وإن نكل أخذت الزكوة منه بالخرض، وعندنا أن هذه مثل الأوليين القول قوله ولا يمين عليه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 213: فصل في النكول عن اليمين:
الرابعة الذمي إذا غاب ثم قدم بعد حلول الحول عليه وقال كنت قد أسلمت قبل حلول الحول فلا جزية علي، فالقول قوله، فإن حلف سقطت الجزية وإن لم يحلف قضى بنكوله ولزمته الجزية، وعندنا أن القول قوله ولا يمين عليه لأنه لو أسلم بعد حلول الحول سقطت عنه الجزية عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 214: فصل في النكول عن اليمين:
ذكرت ثلاث مسائل لا يمكن رد اليمين فيها: إحداها أن يموت رجل ولا يخلف وارثا مناسبا، فالمسلمون ورثته، فوجد الحاكم في روزنامجه دينا له على رجل أو شهد شاهد واحد بذلك فأنكر من عليه الدين، فالقول قوله مع يمينه، فإن حلف سقط الحق وإن لم يحلف لم يمكن رد اليمين، لأن الحاكم لا يمكنه أن يحلف عن المسلمين، والمسلمون لا يتأتى منهم الحلف لأنهم لا يتعينون، وقال بعضهم يحكم بالنكول ويلزمه الحق لأنه موضع ضرورة، وقال آخرون وهو الصحيح عندهم أنه يحبس حتى يحلف أو يقر، والذي يقتضيه مذهبنا أنه يسقط هذا لأن ميراثه للإمام، وعندنا أنه لا يجوز أن يحلف أحد عن غيره ولا بما لا يعلمه، فلا يمكنه اليمين مع أن الإمام لا يحلف فيحبس المدين حتى يعترف فيؤدي أو يحلف وينصرف.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 214: فصل في النكول عن اليمين:
الثانية إذا مات رجل وأوصى إلى رجل فادعى الوصي على الورثة أن أباهم أوصى بشيء للفقراء والمساكين، فأنكروا ذلك، فالقول قولهم، فإن حلفوا سقطت الدعوى، وإن نكلوا لم يمكن رد اليمين، لأن الوصي لا يجوز أن يحلف عن غيره والفقراء والمساكين لا يتعينون، ولا يتأتى منهم الحلف، فما الذي يفعل؟ قال قوم يحكم بالنكول ويلزم الحق، لأنه موضع ضرورة، وقال آخرون يحبس الورثة حتى يحلفوا أو يعترفوا وهو الذي نقوله.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 214، 215: فصل في النكول عن اليمين:
كل حق إذا ادعى وجب الجواب عن الدعوى فيه، فإنه يستحلف المدعى عليه فيه ويرد اليمين، سواء كان ذلك في الأموال أو غيرها، فالأموال لا خلاف فيها بين من قال برد اليمين، وأما غيرها من النكاح والطلاق والعتق والنسب فحكمها حكم الأموال عند قوم، وقال بعضهم إن كان مع المدعي شاهد واحد حلف له المدعى عليه، وإن لم يكن معه شاهد لم يحلف، وقال قوم لا يستحلف على هذه الحقوق بحال، فإن كان مع المدعي بينة حكم له بها، وإن لم يكن معه بينة لم يلزم المدعى عليه اليمين.
والذي نقوله إن هذه الأشياء على ضربين إما مال أو المقصود منه المال أم لا، فما كان مالا أو المقصود منه المال، فعلى المدعي البينة فإن عدم البينة لزم المدعى عليه اليمين، فإن لم يحلف رد اليمين على المدعي، فإن نكل سقطت الدعوى، وإن كانت الدعوى غير المال ولا المقصود منه المال من الأشياء التي تقدم ذكرها، فإن على المدعي البينة، فإن عدمها فعلى المدعى عليه اليمين، فإن لم يحلف لا يرد اليمين على المدعي، ولا يحلف أيضا مع شاهد واحد، وإن كان له شاهد وامرأتان حكم له بذلك.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 215: فصل في النكول عن اليمين:
إذا ادعى على العبد حق فإنه ينظر، فإن كان حقا يتعلق ببدنه كالقصاص وغيره فالحكم فيه مع العبد دون السيد، فإن أقر به لزمه عند المخالف، وعندنا لا يقبل إقراره ولا يقتص منه ما دام مملوكا، فإن أعتق لزمه ذلك...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 217: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
فالعدل في الدين أن يكون مسلما ولا يعرف منه شيء من أسباب الفسق، وفي المروة أن يكون مجتنبا للأمور التي تسقط المروة مثل الأكل في الطرقات ومد الرجل بين الناس، ولبس الثياب المصبغة وثياب النساء وما أشبه ذلك، والعدل في الأحكام أن يكون بالغا عاقلا عندنا، وعندهم أن يكون حرا، فأما الصبي والمجنون فأحكامهم ناقصة فليسوا بعدول بلا خلاف، والعبد كذلك عندهم، وعندنا رقه لا يؤثر في عدالته.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 217، 218: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
فأما أهل الصنايع الدنية كالحارس والحجام والزبال والقيم وما أشبه ذلك فإذا كانوا عدولا في أديانهم، قال قوم: لا تقبل شهادتهم، لأن من استجاز لنفسه هذه الصنايع الدنية سقطت مروته ولم تقبل شهادته، وقال آخرون وهو الأصح عندنا أن شهادتهم تقبل لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 219: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
لا تقبل شهادة عدو على عدوه، والعداوة ضربان دينية ودنيوية فالدينية لا ترد بها الشهادة مثل عداوة المسلم للمشركين، لا ترد بها شهادتهم، لأنها عداوة في الدين وهي طاعة وقربة بل هي واجبة، وهكذا عداوة الكفار للمسلمين لا ترد شهادتهم بها إنما ترد لفسقهم وكفرهم لا للعداوة، ألا ترى أنا نرد([3]) شهادتهم بعضهم على بعض ولبعض وإن لم يكن هناك عداوة، وهكذا شهادة أهل الحق لأهل الأهواء تقبل لأنهم يعادونهم في الدين...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 219: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
شهادة الوالد لولده وولد ولده وإن نزلوا، عندنا تقبل، وعندهم لا تقبل، وكذلك شهادة الولد لوالده وجده وجداته وإن علوا، تقبل عندنا وعندهم لا تقبل لأجل التهمة فأما إن شهد الولد على والده فعندنا لا تقبل بحال وعندهم إن شهد بحق لا يتعلق بالبدن كالمال والنكاح والطلاق وغيره قبل لانتفاء التهمة وإن شهد عليه بحق يتعلق ببدنه كالقصاص وحد الفرية، قال قوم لا يقبل، وقال آخرون وهو الأصح عندهم أنها تقبل.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 220: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
الخطابية لا تقبل شهادتهم عندنا بحال، وقال بعضهم هم يعتقدون أن الكذب حرام لا يجوز، لكن يرون أن إذا حلف لهم أخ لهم في الدين أن له دينا على غيره جاز حينئذ أن يشهد له بذلك، وهذا عندنا لا يجوز بحال.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 220، 221: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
قال قوم كل من ذهب إلى شيء بتأويل محتمل لم ترد شهادته به، من ذلك من شرب النبيذ، قال تحد ولا ترد شهادته، وكذلك من استحل سفك الدماء وإتلاف الأموال بتأويل محتمل لا ترد شهادته كالبغاة، وكل من اعتقد شيئا بتأويل باطل ردت شهادته مثل من سب السلف من الخوارج وأمثالهم، وكذلك من كفر، وعندنا أن كل هؤلاء إذا أخطأوا وسلكوا غير طريق الحق فلا يقبل شهادتهم، فأما من يختلف من أصحابنا المعتقدين للحق في شيء من الفروع التي لا دليل عليها موجبا للعلم، فإنا لا نرد شهادتهم بل نقبلها.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 221: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
اللاعب بالشطرنج عندنا تقبل شهادته بحال، وكذلك النرد والأربعة عشر وغير ذلك من أنواع القمار، سواء كان على وجه المقامرة أو لم يكن....
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 221، 222: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
وأما اللعب بالحمام فإن اقتناها للأنس بها وطلب فائدتها من فراخ ونقل الكتب من بلد إلى بلد لم يكره ذلك، لما روي أن رجلا شكا إلى رسول الله الوحدة فقال اتخذ زوجا من الحمام، وإن اقتناها للعب بها وهو أن يطيرها في السماء ونحو هذا، فإنه مكروه عندنا، وعندهم هو مثل الشطرنج سواء. وقد مضى ذكره.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 222: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
الشراب ضربان خمر وغير خمر فالخمر عصير العنب الذي لم تمسه النار ولا خالطه ماء، وهو إذا اشتد وأسكر، فإذا كان كذلك فمتى شرب منه ولو قطرة واحدة مع العلم بالتحريم حددناه وفسقناه ورددنا شهادته بلا خلاف...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 222: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
فأما غيرها من المسكرات وهو ما عمل من تمر أو زبيب أو عسل أو ذرة جملته كل ما مسته نار أو طرح فيها ماء، فإذا اشتد وأسكر فإن شرب منه حتى يسكر، ردت شهادته بلا خلاف، لأنه مجمع على تحريمه، وإن شرب منه اليسير الذي لا يسكر حددناه وفسقناه ورددنا نحن شهادته، وقال من وافقنا في التحريم والتفسيق إنا لا نرد شهادته، وسواء شربه من يعتقد إباحته أو تحريمه، وفيهم من قال مثل ما قلناه. وجملته أن عندنا حكمه حكم الخمر سواء.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 223: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
الغناء من الصوت ممدود، ومن المال مقصور كما أن الهواء من الجو ممدود ومن النفس مقصور، فإذا ثبت هذا فالغناء عندنا محرم يفسق فاعله، وترد شهادته، وقال بعضهم هو مكروه، فأما ثمن المغنيات فليس بحرام إجماعا لأنها تصلح لغير الغناء من الاستمتاع بها وخدمتها، ومن قال الغناء مباح استدل بما روي عن عايشة أنها قالت كانت عندي جاريتان تغنيان فدخل أبو بكر فقال من قرر الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله دعها فإنها أيام عيد، وقال عمر الغناء زاد الراكب، وكان لعثمان جاريتان تغنيان بالليل، فإذا جاء وقت السحر قال أمسكا، فهذا وقت الاستغفار قالوا وهذا كله محمول على نشيد الأعراب مثل الحدا وغير ذلك، وعندنا أن هذه أخبار آحاد لا يلتفت إليها وفعل من لا يجب اتباعه، وقد قلنا إن عندنا ترد به شهادته.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 223، 224: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
وجملته عندهم أن الأصوات على ثلاثة أضرب مكروه ومحرم ومباح، فالمكروه صوت المغني والقصب معا، لأنه وإن كان بآلة فهو تابع للصوت والغنا، فلهذا كان مكروها، وهو عندنا حرام من الفاعل والمستمع ترد به شهادتهما.
الثاني محرم وهو صوت الأوتار والنايات والمزامير كلها، فالأوتار العود والطنابير والمعزفة والرباب ونحوها، والنايات والمزامير معروفة، وعندنا كذلك محرم ترد شهادة الفاعل والمستمع...
فإذا ثبت أن استماعه محرم إجماعا فمن استمع إلى ذلك فقد ارتكب معصية مجمعا على تحريمها، فمن فعل ذلك أو استمع إليه عمدا ردت شهادته.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 224: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
وأما المباح فالدف عند النكاح والختان، لما روى ابن مسعود أن النبي عليه السلام قال أعلنوا النكاح، واضربوا عليها بالغربال يعني الدف وروي أنه عليه السلام قال: فصل ما بين الحلال والحرام الضرب بالدف عند النكاح، وعندنا أن ذلك مكروه غير أنه لا ترد به شهادته فأما في غير الختان والعرس فمحرم.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 227: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
فأما العصبية فإن يبغض الرجل لأنه من بني فلان فهذا ممنوع منه، فإذا حصل هذا في نفسه فإن أبغضه بقلبه وأضمرها ولم يشتهر بها فلا شيء عليه ولا يرد شهادته وإن تظاهر بها ودعا إليها وتألف عليها ولم يكن منه سب ولا قول الفحش فيهم فهو عدو لهم يرد شهادته عليهم، فإن ذكر فحشا ووقع في السب فهو فاسق مردود الشهادة في حق كل أحد، لأنه أتى ما أجمع المسلمون على تحريمه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 227: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
إذا أنشأ الرجل شعرا وأنشده نظرت، فإن لم يكن فيه هجو ولا فحش ولا كذب كان مباحا على كراهية فيه عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 228: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
شهادة ولد الزنا إذا كان عدلا مقبولة عند قوم في الزنا وفي غيره، وهو قوي لكن أخبار أصحابنا يدل على أنه لا يقبل شهادته وكذلك كل من أتى معصية فحد فيها ثم تاب وأصلح فشهد بها قبلت، وقال بعضهم لا تقبل شهادة ولد الزنا، وكل من حد في معصية لا أقبل شهادته بها كالزاني والقاذف وشارب الخمر، متى حد واحد منهم بشيء من هذا ثم شهد به، لم تقبل شهادته، والأول مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 228، 229: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
شهادة البدوي مقبولة على القروي والبلدي وشهادة القروي مقبولة على البلدي والبدوي وشهادة البلدي مقبولة على البدوي والقروي، كل هؤلاء تقبل شهادة بعضهم على بعض عندنا، وعند الأكثر...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 229: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
ولو شهد بالغ مسلم بشهادة فبحث عن حاله فبان فاسقا ثم عدل فأقامها بعينها قبلت شهادته عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 229: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
إذا سمع الشاهد رجلا يقر بدين فيقول لفلان علي ألف درهم، صار السامع له شاهدا بالدين سواء قال المقر: أشهد علي بذلك أو لم يقل وكذلك إذا شهد رجلين تعاقدا عقدا كالبيع والصلح والإجارة والنكاح وغير ذلك، وسمع كلام العاقد صار شاهدا بذلك، وكذلك الأفعال كالغصب والقتل والإتلاف يصير به شاهدا.
وكذلك إذا كان بين رجلين خلف في حساب فحضرا بين يدي شاهدين وقالا لهما قد حضرنا لنتصادق فلا تحفظا علينا ما يقر به كل واحد منا لصاحبه، ثم حصل من كل واحد منهما إقرار لصاحبه بالدين، صارا شاهدين، ولا يلتفت إلى تلك المواعدة.
والحكم في الإقرار والعقود والإتلاف واحد بلا خلاف لأن الشاهد بالحق من علم به، فمتى علمه صار شاهدا به.
وأما شهادة المختبي فمقبولة عند قوم، وهو إذا كان على رجل دين يعترف به سرا ويجحده جهرا فاحتال صاحب الدين فخبأ له شاهدين يريانه وهو لا يراهما ثم جاراه فاعترف به وسمعا وشهدا به صحت الشهادة، وهو مذهبنا، وخالف فيه شريح فقط.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 229، 230: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
إذا مات رجل وخلف تركة وابنين فادعى أجنبي دينا على الميت، فإن اعترف الابنان به استوفى من حقهما معا، وإن اعترف أحدهما دون الآخر فإن كان المعترف عدلا فهو شاهد للمدعي، وإن كان مع المدعي شاهد آخر شهدا له بالحق وحكم له به، واستوفى الدين من حقهما، وإن لم يكن معه شاهد آخر، نظرت، فإن حلف مع شاهده ثبت الدين، وإن لم يحلف أو لم يكن المعترف عدلا كان له نصف الدين في حصة المقر عندنا وعند جماعة وقال قوم يأخذ جميع الدين من نصيب المقر.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 230: فصل فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل:
فإن خلف ابنين وتركة فادعى أجنبي أن أباهما أوصى له بثلث ماله، فاعترف أحدهما وأنكر الآخر فإن كان المقر عدلا وكان مع المدعي شاهد آخر، شهدا معا له بما ادعاه، وكان له ثلث التركة، وإن لم يكن معه شاهد سواه، فإن حلف مع شاهده ثبت له ثلث التركة أيضا، وإن لم يحلف أو لم يكن المقر عدلا ثبت له نصف الثلث في حصة المقر عندنا وعند الأكثر، ووافق في الوصية من خالف في الدين.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 231: فصل في الشهادة على الشهادة:
وإن كان حقا لله وهو حد الزنا واللواط والقطع في السرقة وشرب الخمر قال قوم: لا يثبت بالشهادة على الشهادة، وهو مذهبنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 233: فصل في الشهادة على الشهادة:
وإن كان غايبا فالقدر من المسافة التي يقبل فيها شهادة الأصل؟ قال قوم ما يقصر فيها الصلوة، فإن كان أقل من ذلك لم يسمع من الفرع، وقال بعضهم إن كان على مسافة يمكنه أن يحضر لإقامتها ثم يعود إلى منزله فيبيت فيه لم يسمع من الفرع وإن كان أكثر من ذلك فالاعتبار عندنا بالمشقة...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 234: فصل في الشهادة على الشهادة:
إذا شهد شاهد الفرع على شهادة الأصل لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن يسميا الأصل ويعدلاه أو يعدلاه ولا يسمياه أو يسمياه ولا يعدلاه، فإن سمياه وعدلاه يثبت عدالته وشهادته، لأنهما عدلان، فإذا ثبتت شهادة الأصل بقولهما ثبتت صفته وتزكيته وعدالته بقولهما، وإن عدلاه ولم يسمياه لم يحكم بقولهما وقال ابن جرير يحكم بذلك، والأول أصح عندنا، وإن سمياه ولم يعدلاه سمع الحاكم هذه الشهادة، وبحث عن عدالة الأصل، فإن ثبتت عدالته حكم، وإلا وقف، وقال قوم لا يسمع هذه الشهادة أصلا لأنهما ما تركا تزكيته إلا لريبة والأول أصح عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 236: فصل في الشهادة على الشهادة:
فإذا ثبت هذا وكان حق للآدميين قد شهد به شاهدان مما لا يثبت إلا بهما كالقصاص أو يثبت بهما وبغيرهما ولكن شهد به اثنان، فإذا شهد شهود الفرع على شهادة شهود الأصل، ففيها ثلاث مسائل: شهد شاهدان على شهادة أحدهما وآخران على شهادة الآخر تثبت شهادة الأصل بذلك بلا خلاف.
الثانية شهد شاهد على شهادة أحدهما وآخر على شهادة الآخر يثبت بهذه الشهادة ما شهدا به عندنا، وفيه خلاف.
الثالثة شهد شاهدان على شهادة أحدهما ثم شهدا هما على شهادة الآخر فأما شهادة الأول فقد ثبت، ويثبت عندنا شهادة الآخر، وقال بعضهم لا تثبت شهادة الآخر وأصل المسألة ما حكم شهود الفرع، قال قوم يقومون مقام الأصل في إثبات الحق فعلى هذا لا تثبت شهادة الآخر إلا بآخرين، وقال آخرون تثبت بشهادتهم شهادة شهود الأصل فعلى هذا تثبت شهادة الآخر بالأولين وكذلك شهادة الآخر يثبت بشهادتهما وهو الصحيح عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 237: فصل في الشهادة على الشهادة:
فأما حقوق الله فقد قلنا إنها لا تثبت عندنا بالشهادة على الشهادة...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 237، 238: فصل في الشهادة على الشهادة:
فخرج من ذلك في الشهادة على الشهادة في الزنا خمسة أقوال أحدها وهو الصحيح عندنا أنه لا يثبت بالشهادة على الشهادة...
وإن كان إقرارا بالزنا تثبت عند قوم بما يثبت به شرب الخمر، وقد مضى، وعند آخرين بما يثبت به الزنا وقد مضى، وعندنا لا يثبت الإقرار بالزنا بالشهادة على الشهادة كالزنا لا يثبت الزنا بالشهادة على الشهادة حتى يشهد أربعة شهود.
فإذا ثبت ذلك وشهد أربعة على إقراره بالزنا أو على رجل أو عليهما معا فلا حد عليهم حتى يسألهم الحاكم عن ثلاثة أشياء بمن زنى، وكيف زنى، وأين زنى؟...
وإن ذكروا لواطا بغلام أو امرأة قال قوم: هو كالزنا، وقال آخرون يقتل وهو مذهبنا وفيه خلاف.
فإن ذكروا أنه أتى بهيمة فعندنا فيه التعزير...
فأما مسألة كيف زنى؟ فلأنه مجمع عليه...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 239: فصل في الشهادة على الشهادة:
وأما المسألة عن المكان الذي زنى فيه، فلأن الشهادة قد يكمل على مكان واحد فيجب الحد ولا تكمل على مكان واحد فلا يجب الحد، فلا بد من المسألة فإذا سأل فإن اتفقوا على مكان واحد، فقالوا في هذا المكان أو قالوا في مكان واحد، وجب الحد، وإن قالوا في مكانين بأن قالوا في بيتين فلا حد بلا خلاف...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 239: فصل في الشهادة على الشهادة:
إذا شهد الشهود عند الحاكم بحق حد أو غير حد فسمع الشهادة، ثم ماتوا قبل الحكم بها، ثم ثبت عدالتهم عنده كان له أن يحكم بها، لأن الاعتبار بالعدالة الموجودة حين الأداء، بدليل أنه إذا سمع الشهادة وكان عارفا بالعدالة حكم عقيب استماعها، وهذا موجود بعد الموت.
فإن كانت بحالها ولم يموتوا لكن خرسوا حكم بها أيضا، لما مضى بلا خلاف وإن عموا قبل الحكم بها كان مثل ذلك، وقال قوم إذا عموا لم يحكم بشهادتهم لأن العمى عنده كالفسق والأول مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 241: فصل في الشهادة على الشهادة:
وإن كانت المسألة بحالها، وكان مكان كل شاهد شاهدان، شهد اثنان أنه سرق كبشا غدوة، وشهد آخران أنه سرق ذلك الكبش عشية، تعارضت البينتان وسقطتا، وعندنا يستعمل القرعة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 242: فصل في الشهادة على الشهادة:
وكان مكان كل شاهد شاهدان: شهد اثنان أنه باعه بألف، وشهد آخران أنه باعه بعينه في ذلك الوقت بألفين، تعارضتا وسقطتا عندهم، وعندنا استعملت القرعة، لأنه لا يصح أن يعقد عقدان في زمان واحد.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 243: فصل في الشهادة على الشهادة:
فإن شهد أحدهما أنه قتله بكرة وشهد الآخر أنه قتله عشيا أو شهد أحدهما أنه قتله يوم الخميس وشهد الآخر أنه قتله يوم الجمعة أو شهد أحدهما أنه قتله بالكوفة وشهد الآخر أنه قتله بالبصرة، لم يثبت هذا القتل، لأن الشهادة لم تكمل على قتل واحد وليس له أن يحلف مع أحدهما على إثباته، لأن القتل لا يثبت بالشاهد واليمين، فإن كان مكان كل شاهد شاهدان في المسائل الثلاث تعارضتا، والحكم ما تقدم عندهم يسقط وعندنا يستعمل القرعة لأن الإنسان لا يقتل مرتين ولا في بلدين.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 243: فصل في الشهادة على الشهادة:
إن شهد شاهد أنه طلقها بكرة وشهد الآخر أنه طلقها عشيا، لم يثبت الطلاق بشهادتهما، لأن شهادتهما لم تكمل على طلاق واحد، فإن كان مكان كل شاهد شاهدان، ثبت طلقتان، كل طلقة بشاهدين إلا أن على مذهبنا لا تقع الثانية لما بينا في الطلاق.
وهكذا الحكم إذا كانت الشهادة على تعليق الطلاق بصفة مثل أن يشهد أحدهما أنه قال إن دخلت الدار فأنت طالق وشهد الآخر أنه قال إن أكلت الخبز فأنت طالق، فالحكم على ما مضى، وعندنا لا يقع ذلك أصلا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 244: فصل في الشهادة على الشهادة:
إذا شهد شاهدان عند الحاكم بحق وكانا عدلين حين الشهادة ثم فسقا لم يخل من أحد أمرين إما أن يفسقا قبل الحكم بشهادتهما أو بعد الحكم بشهادتهما...
فأما إن فسقا بعد الحكم وقبل الاستيفاء، نظرت فيما حكم به، فإن كان حقا هو المال أو المقصود منه المال من حقوق الآدميين، لم ينقض حكمه لأن الحكم قد نفذ، وإن كان حقا لله كحد الزنا والسرقة وشرب الخمر، لم يستوفه، لأن الحدود تدرأ بالشبهات، وحدوث الفسق شبهة، ويفارق المال، لأن المال لا يسقط بالشبهة، وإن كان حد قذف أو قصاص استوفي عندنا، لأنه حق لآدمي كالمال وقال قوم لا يستوفي لأنه حد كحد الزنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 246: فصل في الرجوع عن الشهادة:
إذا شهد الشهود عند الحاكم بحق فعرف عدالتهم، ثم رجعوا لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن يرجعوا قبل الحكم أو بعده وقبل القبض أو بعد الحكم والقبض معا فإن رجعوا قبل الحكم لم يحكم بلا خلاف إلا أبا ثور، فإنه قال يحكم به، والأول أصح...
وأما إن رجعوا بعد الحكم وبعد الاستيفاء أيضا لم ينقض حكمه بلا خلاف إلا سعيد بن المسيب والأوزاعي، فإنهما قالا ينقض والأول أصح.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 246، 247: فصل في الرجوع عن الشهادة:
فإذا ثبت أن الحكم لا ينقض، فإن المستوفي قد قبض، فلا اعتراض عليه، وما الذي يجب على الشهود؟ لا يخلو المستوفى منه من ثلاثة أحوال إما أن يكون إتلافا مشاهدة، كالقتل والقطع أو حكما كالطلاق والعتق، أو لا مشاهدة ولا حكما كنقل المال من رجل إلى آخر، وإن شئت قلت: لا يخلو أن يكون إتلافا أو في حكم الاتلᖟف أو خارجا عنهما، فإن كان إتلافا كالقتل والقطع في السرقة وغيرها، ففيها مسائل...
وإن قال اثنان عمدنا كلنا، وقال الآخران أخطأنا كلنا، فالقود على من قال عمدنا كلنا، لأنهما اعترفا بما يوجب القود، وعلى الآخرين نصف الدية، لأنهما ما اعترفا بما يوجب القود، غير أن عندنا إن قتلهما أولياء المقتول لزمهم أن يردوا دية كاملة على أولياء المقتولين مع نصف الدية المأخوذة يقتسمون ذلك بينهم نصفين وإن قتلوا واحدا منهما ردوا نصف الدية على أوليائه ويلزم المعترف الآخر بالعمد ربع دية أخرى لهم، ولم يقل بذلك أحد.
فإن قال اثنان عمدنا كلنا، وقال الآخران عمدنا وأخطأ الآخران، فعلى من قال عمدنا كلنا، القود، ومن قال عمدنا وأخطأ الآخران قال قوم عليهما القود، لأنهما اعترفا بالعمد واعترف الآخران بالعمد، فكان الكل عمدا فلهذا وجب القود، وقال بعضهم لا قود عليهما لأنهما اعترفا بما لا يوجب القود، والأول أصح عندنا، والحكم في القصاص والرد على ما قلناه.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 249، 250: فصل في الرجوع عن الشهادة:
إذا حكم حاكم بشهادة شاهدين، ثم بان له أنه حكم بشهادة من لا يجوز له الحكم بشهادته، نظرت، فإن بان أنه حكم بشهادة كافرين، نقض الحكم بلا خلاف، وكذلك عندهم إن كانا عبدين، وإن بان أنهما فاسقان نظرت، فإن كان الفسق بعد الحكم أو قامت البينة عنده بالجرح مطلقة من غير تاريخ، لم ينقض حكمه، لأنه يحتمل أن يكون الفسق بعد الحكم ويحتمل أن يكون قبله فلا ينقض حكمه بأمر محتمل.
وأما إن كانت بينة الجرح مؤرخة، فإن كان الفسق منهما قبل الحكم وقامت البينة عنده أنهما شربا الخمر أو قذفا حرا قبل الحكم بشهادتهما بيوم، قال قوم: ينقض الحكم وهو مذهبنا، وقال آخرون لا ينقضه.
فمن قال لا ينقضه فلا كلام، ومن قال ينقضه، فكل موضع قلنا ينقضه فإن بان له الفسق أو الرق عندهم، الباب واحد، فلا يخلو ما حكم به من أحد أمرين إما أن يكون حكم بإتلاف أو في مال، فإن حكم بإتلاف كالقصاص والرجم فلا قود ههنا، لأنه عن خطأ الحاكم، وأما الدية فإنها على الحاكم وقال قوم الضمان على المزكين وروى أصحابنا أن ما أخطأت الحكام فعلى بيت المال.
فمن قال الدية على الحاكم...
ومن قال يلزم الحاكم الدية، منهم من قال يلزم على عاقلته ومنهم من قال يلزم ذلك في بيت المال، وهو مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 251، 253: فصل في الرجوع عن الشهادة:
إذا شهد أجنبيان أنه أوصى بعتق سالم وقيمته ثلث المال، وشهد وارثان، أنه رجع عن هذا وأوصى بعتق غانم وقيمته ثلث المال...
فأما إن كانت عادلة حكمنا بالرجوع عن عتق سالم، لأن الوارثة عادلة فلا تجر نفعا ولا تدفع ضررا، وأرققنا سالما وأعتقنا غانما.
وأما إن كانت قيمة غانم أقل من قيمة سالم مثل أن كانت قيمة سالم الثلث وقيمة غانم السدس فالوارثة متهمة في رجوعها عن الزيادة على قيمة غانم وهو السدس، لأنها تجر إلى نفسها نفعا بقدر سدس المال، فردت شهادتهما في نصف سالم لأجل التهمة وهل ترد فيما بقي منه أم لا؟ قال قوم ترد، والآخرون قالوا لا ترد.
وهذا أصل: كل شهادة ردت في بعض ما شهدت به لأجل التهمة، هل ترد فيما بقي أم لا؟ على قولين، كما لو شهدا أنه قذف أمهما وأجنبية ردت لأمهما، وهل ترد للأجنبية أم لا؟ على قولين كذلك ههنا، ردت شهادتهما في نصف سالم، وهل ترد فيما بقي أم لا؟ على قولين الصحيح عندنا أنها لا ترد ولا في نظايرها. فأما شهادتهما لأمهما فلا ترد عندنا، لكن نفرض المسألة أنها ماتت وورثاها، فإنها ترد حينئذ، فمن قال ترد في الكل، قال فإن كان الوارثة فاسقة فلا يحكم برجوعه عن عتق سالم، فيعتق كله، ويعتق كل غانم، لأن قيمته سدس المال، وسدس كل المال أقل من ثلث ما بقي ونحن نحكم بالوصية بثلث ما بقي، فبأن نحكم بأقل من ثلث ما بقي أولى وأحرى، فيعتق كل سالم وكل غانم.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 253: فصل في الرجوع عن الشهادة:
إذا شهد أجنبيان أنه أوصى بعتق سالم وقيمته ثلث المال، وشهد وارثان أنه أوصى بعتق غانم وقيمته ثلث المال، وفقدنا التاريخ أقرعنا بينهما، فمن خرج قرعته عتق، ورق الآخر، فإن كانت بحالها فشهد أجنبيان أنه أوصى لعمرو بثلث ماله، وشهد وارثان أنه أوصى لزيد بثلث ماله، وفقدنا التاريخ، عندنا مثل الأولى يقرع بينهما…
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 253: فصل في الرجوع عن الشهادة:
إذا شهد شاهدان أنه أوصى بثلث ماله لزيد وشهد آخران أنه أوصى بثلث ماله لعمرو وشهد آخران أنه رجع عن إحدى الوصيتين سقطت الثالثة، لما ذكرناه، وقسمنا الثلث بين زيد وعمرو، ويكون وجود الثالثة وعدمها سواء، وعندنا يقرع بين الأولين.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 254: فصل في الرجوع عن الشهادة:
إذا شهد شاهدان أنه أوصى لزيد بثلث ماله وشاهد أنه رجع عن الوصية لزيد وأوصى لعمرو بثلث ماله، كان لعمرو أن يحلف مع شاهده ويستحق الثلث وحده دون زيد، بلا خلاف بيننا وبين من خالف في الأول...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 258: كتاب الدعاوى والبينات:
ومذهبنا الذي يدل عليه أخبارنا ما ذكرناه في النهاية، وهو أنه إذا شهدا بالملك المطلق ويد أحدهما عليها، حكم لمن هو في يده لليد، وكذلك إن شهدا بالملك المقيد لكل واحد منهما، ويد أحدهما عليها، حكم لمن هو في يده، وقد روي أنه يحكم لليد الخارجة وإن كانت أيديهما عليها فهو بينهما نصفان وإن كانت أيديهما خارجتين أقرع بينهما فمن خرج اسمه حكم له به مع يمينه، إن كانت الشهادة بالملك مطلقا وإن كان مقيدا قسم بينهما نصفين، وإن كان لأحدهما بالملك المطلق وللآخر بالملك المقيد حكم للذي شهدا له بالمقيد.
فإذا ثبت أن بينة الداخل يسمع في الجملة، فالكلام فيه كيف يسمع؟ أما بينة الخارج فإذا شهدت بالملك المطلق سمعت، وإن شهدت بالملك المضاف إلى سببه فأولى أن يقبل، وأما بينة الداخل، فإن كانت بالملك المضاف إلى سببه، قبلناها، وإن كانت بالملك المطلق، قال قوم لا يسمعها، وقال آخرون مسموعة.
والأول مذهبنا، لأنه يجوز أن يكون شهدت بالملك لأجل اليد، واليد قد زالت ببينة المدعي.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 258: كتاب الدعاوى والبينات:
فإذا تقرر هذا، فكل موضع سمعنا بينة الداخل، قضينا للداخل بلا خلاف…
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 258، 259: كتاب الدعاوى والبينات:
فأما إذا تنازعا عينا لا يد لواحد منهما عليها، وأقام أحدهما شاهدين والآخر أربعة شهود، روى أصحابنا أنه يرجح بكثرة الشهود والتفاضل في العدالة فيقدم، وقال قوم لا ترجيح بالعدد ولا بالتفاضل في العدالة، وأما إن كان لأحدهما شاهدان وللآخر شاهد وامرأتان، فلا ترجيح عندنا وعند الأكثر، وقال من وافقنا في الأولى إنه يرجح به الشاهدان.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 259: كتاب الدعاوى والبينات:
وأما إن كان لأحدهما شاهدان وللآخر شاهد واحد، وقال أحلف مع شاهدي وأساويه قال قوم يساويه، وقال آخرون لا يساويه، وهو الأصح عندنا، وهكذا لو كان مع أحدهما شاهد وامرأتان، ومع الآخر شاهد، وقال أحلف مع شاهدي الباب واحد، عندنا يرجح الشاهدان، والشاهد والمرأتان على الشاهد واليمين، وقال قوم لا يرجح.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 259: كتاب الدعاوى والبينات:
إذا شهد له بما يدعيه شاهدان فقال المشهود عليه: أحلفوه لي مع شاهديه، لم يحلفه عندنا وعند الأكثر، وفيه خلاف، فإن كانت بحالها فشهد له شاهدان بالحق فقال المشهود عليه صدقا، غير أني ملكت ذلك منه أو قال أبرأني منه أو قضيته إياه حلفناه له، لأن هذه دعوى أخرى، وهو أنه يدعي أنه برئ من الحق، فيكون القول قول المدعا عليه.
هذا كله إذا كان المشهود عليه ممن يعبر عن نفسه، فأما إن كان ممن لا يعبر عن نفسه كالصبي والغايب والميت، فإنا نستحلفه مع شاهديه، لأنه لو عبر عن نفسه أمكن أن يذكر ما يجب به اليمين على المشهود له، فلهذا حلفناه احتياطا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 260: كتاب الدعاوى والبينات:
وأما ما اختلف فيه فهو النكاح، فإذا ادعى نكاحا فهل يفتقر إلى الكشف أم لا؟ قال: قوم لا يقبل، حتى يقول نكحتها بولي وشاهدي عدل، وقال قوم لا يفتقر إلى الكشف، سواء ادعى الزوجية، فقال هذه زوجتي، أو ادعى العقد فقال تزوجت بها، فإذا قال هذا أجزءه، وإن لم يكشف عن هذا القول وهو الأقوى عندنا.
وقال قوم إن كانت الدعوى عقد نكاح كان الكشف شرطا، وإن كانت الدعوى الزوجية لم يفتقر إلى الكشف، فإذا ثبت هذا فكل موضع حكمنا بصحة الدعوى لزمها الجواب، فإن أقرت له حكمنا بها له، وإن أنكرت فالقول قولها مع يمينها وقال قوم لا يمين عليها والأول مذهبنا…
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 260: كتاب الدعاوى والبينات:
هذا إذا ادعى الرجل الزوجية فأما إن ادعت المرأة الزوجية نظرت…
وإن لم تذكر حقا من حقوق الزوجية وإنما أطلقت فقالت هذا زوجي، أو قالت تزوجني، قال قوم ليست دعوى، ولا يجب الجواب عنها، لأن قولها هذا زوجي إقرار بذلك واعتراف بالزوجية له، ومن أقر بحق لا يلزم المقر له الجواب، وقال آخرون وهو الصحيح عندنا، أن الدعوى صحيحة ويلزمه الجواب، لأن إطلاق قولها هذا زوجي أو هذا تزوجني تحته ادعاء لحقوق الزوجية، فلهذا صحت الدعوى.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 261: كتاب الدعاوى والبينات:
الدعوى في الكفالة بالنفس والنكول ورد اليمين كهي في الأموال وقد بينا أن الكفالة بالنفس قال قوم هي صحيحة، وقال آخرون هي غير صحيحة، والأول مذهبنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 262: فصل في تعارض البينتين:
جملته أن التعارض إنما يكون بأن يشهد كل واحد منهما بضد ما تشهد به الأخرى، لا يرجح إحداهما على الأخرى…
فإذا تعارضتا فمذهبنا أنه يستعمل فيه القرعة، فمن خرج اسمه حكم له به…
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 262، 265: فصل في تعارض البينتين:
إذا قال أكريتني هذه الدار شهر رمضان بمائة، وقال المكري: بل أكريتك هذا البيت منها هذا الشهر بمائة، فالمسألة اختلاف المتكاريين في قدر المكرى، وهي مصورة في دار بعينها، لأنه إن أبهم الدار لم يصح الدعوى فإذا ثبت أنه اختلاف المتكاريين فاختلافهما كاختلاف المتبايعين...
المتبايعين واختلاف المتكاريين يقع بأربعة أوجه في قدر المكرى فيقول أكريتني الدار شهر رمضان بمائة، فيقول بل هذا البيت منها بمائة، ويختلفان في قدر الكرا فيقول أكريتها بمائة ويقول بمائتين، ويختلفان في الجنس فيقول بمائة درهم ويقول بمائة دينار، ويختلفان في المدة فيقول في شهرين بمائة فيقول شهرا بمائة.
فإذا وقع الاختلاف على ما ذكرناه لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن لا يكون هناك بينة أو يكون مع أحدهما بينة أو مع ك ل واحد منهما بينة...
وإن كان مع كل واحد منهما بينة فلا يخلو من أربعة أحوال إما أن يكونا مطلقتين، أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة أو مؤرختين تاريخا واحدا أو مؤرختين تاريخين مختلفين...
وإذا كانت إحداهما مؤرخة أو مؤرختين تاريخا واحدا مثل أن شهدت كل واحدة منهما بأن العقد وقع مع غروب الشمس من شعبان فينظر فيما اختلفا فيه...
فإذا ثبت أنهما متعارضتان قال قوم يسقطان، وقال قوم يستعملان، وهو مذهبنا فمن قال يستعملان، منهم من قال يقرع بينهما، وبه نقول، ومنهم من قال يوقف ومنهم من قال يقسم، فالوقف لا يمكن ههنا لأن العقود لا تقف، ولا يمكن القسمة لأن العقد لا ينقسم، فليس غير القرعة على ما اخترناه، فمن خرجت قرعته حكمنا له. وهل يحلف أم لا قال قوم يحلف، وهو الذي تشهد به رواياتنا...
وأما القسم الرابع وهو إذا كانتا بتاريخين مختلفين شهدت إحداهما أن العقد مع غروب الشمس من آخر شعبان، وشهد الآخر أن العقد مع غروب الشمس من أول ليلة من رمضان فلا تعارض ههنا، فإن تقدمت بينة المكتري فقد صح العقد على كلها، وعليه الأجرة المسماة، فإن شهدت بينة المكري أنه أكراه هذا البيت منها بعد ذلك، كان العقد الثاني باطلا على البيت، لأنه قد اكتراه مع الدار هذا الشهر، فلا يصح أن يكتريه وحده هذا الشهر، فبطل الثاني وصح الأول.
وإن كان السابق العقد على البيت صح، وإذا اكترى الدار كلها بعد هذا كان العقد الثاني على البيت باطلا وفيما بقي من الدار يكون صحيحا عندنا وعند قوم، وقال قوم يبطل فيما بقي متنازعا مبنيا على تفريق الصفقة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 265، 266: فصل في تعارض البينتين:
إذا ادعى دارا في يدي رجل فقال المدعا عليه ليست بملك لي، وإنما هي لفلان فلم يخل فلان من أحد أمرين إما أن يكون مجهولا أو معروفا، فإن كان معروفا لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون حاضرا أو غايبا فإن كان حاضرا لم يخل الحاضر المقر له من أحد أمرين إما أن يقبل الإقرار أو يرده...
هذا الكلام إذا قبل ما أقر له به، فأما إن رد الإقرار ولم يقبله، فالمدعى عليه قد أقر بها لغيره، فنفى أن يملكها والمقر له بها قد ردها، والمدعي لا بينة معه، فما الذي يصنع فيها؟ قال قوم يكون بمنزلة اللقطة يحفظها السلطان لصاحبها حتى إذا أقام البينة بأنها له سلمها إليه، لأن المقر لا يدعيها، والمقر له لا يقبلها والمدعي لا بينة له فليس غير أن تحفظ لمالكها، وقال قوم...
والأول أصح الأقوال عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 268، 269: فصل في تعارض البينتين:
إذا كانت الدار في يدي رجل فتداعاها رجلان قال أحدهما الدار التي في يديك لي أودعتكها وأقام البينة، وقال الآخر هذه الدار التي في يديك لي آجرتكها وأقام البينة، قال قوم هما متعارضتان، لأن التنازع في الملك، وقد شهدت كل واحدة منهما بالملك في الحال لكل واحد منهما وهذا محال فتعارضتا، وإذا تعارضتا قال قوم يسقطان، وقال قوم يقرع بينهما وهو مذهبنا، وقال بعضهم يقسم بينهما، وكل ذلك ممكن ههنا، لأن التنازع وقع في الملك.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 269: فصل في تعارض البينتين:
إذا ادعى دارا في يد رجل فقال: هذه الدار التي في يديك لي وملكي فأنكر المدعي عليه فأقام المدعي البينة أنها كانت في يديه أمس أو منذ سنة سواء، فهل يسمع هذه البينة أم لا؟ قال قوم هي غير مسموعة.
وقال آخرون مسموعة ويقضي للمدعي، ولا فصل بين أن تشهد البينة له بالملك أمس، وبين أن تشهد له باليد أمس، والصحيح عندنا أن هذه الدعوى غير مسموعة.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 271: فصل في الدعوى في الميراث:
إذا مات رجل وخلف ابنين مسلما ونصرانيا، فادعى المسلم أن أباه مات مسلما وأن التركة له وحده، وأقام به شاهدين، وادعى النصراني أن أباه مات نصرانيا وأن التركة له، وأقام شاهدين، فعندنا أن التركة للمسلم، سواء مات مسلما أو نصرانيا فلا يتقدر عندنا التعارض في البينتين.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 273: فصل في الدعوى في الميراث:
ولو هلك رجل وخلف أبوين كافرين وابنين مسلمين، ثم اختلفوا، فقال الأبوان مات ولدنا على الكفر فالتركة لنا، وقال الابنان بل مات مسلما فالميراث لنا.
عندنا أن التركة للوالدين المسلمين على كل حال...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 274: فصل في الدعوى في الميراث:
رجل مات وخلف ابنين كافرين وزوجة وأخا مسلما، فقال الابنان مات كافرا فالميراث لنا، وقالت الزوجة والأخ بل مات مسلما فالميراث لنا، عندنا أن الميراث للمسلم منهم، ويسقط الكافر على كل حال...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 274، 275: فصل في الدعوى في الميراث:
إذا ادعى رجل دارا في يدي رجل فقال هذه الدار التي في يديك كانت لأبي وقد ورثتها أنا وأخي الغايب منه...
هذا إذا كانت الدعوى دارا أو عقارا فأما إن كانت هناك عينا ينقل ويحول كالثياب والحيوان، فالحكم فيها كالعقار سواء، وإن كانت الدعوى دينا قضي به للأخوين، ودفع إلى الحاضر حقه منه، والباقي قال قوم يقبض كالعين، وقال آخرون لا يقبض منه، وهو الصحيح عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 276، 277: فصل في الدعوى في الميراث:
وأما إن كان هناك ذو فرض أعطي اليقين قبل البحث، فيعطى الأم السدس عندنا كاملا، وعندهم معولا، والزوج له الربع كاملا وعندهم معولا والزوجة لها ربع الثمن كاملا، وعندهم معولا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 277: فصل في الدعوى في الميراث:
إذا كانت امرأة لها ابن وأخ وزوج فماتت وابنها، واختلف الأخ والزوج فقال الزوج ماتت الزوجة أولا فورثتها أنا وابني، ثم مات ابني فصار الكل لي، وقال الأخ بل مات الابن أولا فورثته أنت وأختي ثم ماتت الأخت بعد هذا فتركتها بيننا نصفين، فإن كان مع أحدهما بينة قضينا له بما يدعيه، وإن لم يكن مع أحدهما بينة فإنه لا يورث أحدهما من صاحبه، لأن الوارث لا يرث شيئا حتى يتحقق حياته حين موت مورثه، وههنا ما تحققنا، فلا يرث الابن من أمه، ولا الأم من ولدها، فالوجه أن يقسم تركة الميت كأنه لا ولد لها، فيكون تركتها بينه وبين أخيها نصفين، ويكون تركة الابن كأنه مات ولا أم له، فيكون تركته لأبيه دون غيره.
هذا لا خلاف فيه وفي مسألة الغرقى خلاف عندهم، مثل هذا، وعندنا يورث بعضهم من بعض.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 280، 282: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
بايع ومشتريان إذا تنازعا دارا فقال أحدهما هذه الدار لي اشتريتها من خالد ابن عبد الله بمائة، وقال الآخر أنا اشتريتها منه بمائة ونقدته الثمن، وأقام كل واحد منهما بينة بما يدعيه، فهما في الظاهر متعارضتان...
فهما متعارضتان، قال قوم يسقطان، وقال آخرون يستعملان...
ومن قال يستعملان إما أن يقرع أو يوقف أو يقسم، ومن قال يقرع بينهما وهو مذهبنا أقرع، فمن خرجت قرعته فهل يحلف أم لا؟ على قولين أصحهما عندنا أن يحلف...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 283: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
بايعان ومشتريان: إذا قال هذه الدار لي اشتريتها من زيد بن عبد الله بمائة ونقدته الثمن، وقال الآخر اشتريتها من عمرو بن خالد بمائة ونقدته الثمن، وأقام كل واحد منهما البينة بما يدعيه، فهما متعارضتان، لأنهما يشهدان بالملك لكل واحد منهما، فلا يخلو من أحد أمرين إما أن يكون الدار في يد أحد المشتريين أو لا يكون، فإن كانت في يد أحدهما قضينا له بالدار لأن معه بينة ويدا، فهي بينة الداخل فقضينا له بالدار، وأما إن كانت في يد أحد البايعين فاعترف به، فهل يرجح بينة مشتريه بذلك أم لا؟ قال بعضهم يرجح لأنها يد ثابتة، وقال الأكثر لا يرجح، لأن يده لا توافق البينة، فإن البينة أزالت يده فلا يرجح وهو الصحيح عندنا...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 286: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
إذا كان عبد في يد رجل فادعى على مولاه أنه أعتقه وادعى آخر على مولاه أنه باعه منه، وأقام كل واحد منهما البينة بما ادعاه لم يخل البينتان من أحد أمرين إما أن يكونا مورختين بتاريخين مختلفين أو غير ذلك...
وإن كان تاريخهما واحدا أو كانتا مطلقتين أو إحداهما مطلقة والأخرى مقيدة الباب واحد، نظرت في العبد.
فإن كان في يد المشتري قدمنا بينته لأنها بينة الداخل، وإن كان العبد في يد البايع فأقر للمشتري فقال منك بعته، فهل تقدم بينة المشتري بقول البايع؟ قال قوم يقدم لأنه قد اعترف أن يده نايبة عن يد المشتري وقال آخرون وهو الأصح عندنا أنها لا يقدم بقول البايع لأن سبب يده معروفة بأنها غير مالكة لأن البينة قد شهدت بأنه لا يملك، فإذا لم يكن له بينة سقط الترجيح...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 289: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
لأنه لا يمتنع أن يكون نسبه ثابتا من حر، ويكون مملوكا للغير، لأنه قد يتزوج مملوكة فيكون ولده منها مملوكا، عندنا بالشرط...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 290، 291: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
إذا كانت دار في يد رجل لا يدعيها لنفسه، فتنازع فيها نفسان فقال أحدهما كلها لي، وأقام بذلك بينة، وقال الآخر نصفها لي وأقام بذلك بينة، خلص لمن له البينة بكلها نصفها، لأن له بذلك بينة، ولا يدعيه أحد، وتعارضت البينتان في النصف الآخر، فإما أن يسقطا أو يستعملا.
فمن قال يسقطان، فكأنه لا بينة لواحد منهما في ذلك، ولكن البينة التي شهدت له بالكل قد سقطت في النصف، وقال قوم يسقط في النصف الآخر كما لو شهدت به، فردت للتهمة في نصفه، فإنه يرد في النصف الآخر، وقال آخرون لا يرد وهو الصحيح عندنا، لأن الشهادة ما ردت ههنا للتهمة، وإنما سقطت للتعارض، وهذا لا يسقطها لأنا إذا قلنا يستعملان قسمنا بينهما فأعطينا كل واحد منهما نصف ما شهدت له به، فلا يقال يسقط البينة لأنا لم نقبلها في الكل مع أنا قد بينا فيما تقدم أن الشهادة إذا ردت في البعض للتهمة لم ترد في البعض الذي لا تهمة فيه عندنا.
ومن قال يستعملان إما بالقرعة أو الإيقاف أو القسمة فعندنا أنه يقرع، فمن خرجت قرعته قدمناه، وهل يحلف؟ على قولين أحوطهما عندنا اليمين...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 291، 292: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
إذا كانت الدار في يد ثلاثة فادعى أحدهم النصف، والآخر الثلث، والآخر السدس، فإن جحد بعضهم بعضا كانت بينهم أثلاثا عند قوم، وهذا غلط عندنا لأنه لا يجوز أن يدعي واحد سدسا فيقضي له بثلثها...
فإن كانت بحالها ولم يجحد بعضهم بعضا، فهي بينهم على ما اتفقوا عليه، وإن كانت بحالها وأقام كل واحد منهم البينة، على قدر ما يدعيه منها ملكا: أقام صاحب النصف البينة أن له نصفها وأقام صاحب الثلث البينة أن له ثلثها وأقام صاحب السدس البينة أن له سدسها، فإنا نعطي صاحب الثلث الثلث، لأن له بذلك بينة ويدا، فكان أولى من بينة من لا يد له، ويعطى صاحب النصف الثلث، لأن له بالثلث يدا وبينة ونعطي صاحب السدس سدسه، لأن له به بينة ويدا، وبقي هناك سدس في يدي صاحب السدس، ولا بينة له به، وصاحب النصف يدعي السدس وله بينة بلا يد، فإنه يدفع ذلك السدس كله إلى صاحب النصف، فيصير له النصف الذي ادعاه، لأن له بينة وصاحب السدس له يد بلا بينة، فكان صاحب النصف أحق به هذا هو الأقوى عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 293، 294: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
وتحقيق هذا أن التعارض فيما يقع الاجتماع على تداعيه، والغير لا يدعيه فإن تعارضت البينتان إما أن يسقطا أو يستعملا...
ومن قال يستعملان إما بالقرعة أو الإيقاف أو القسمة...
ومن قال بالقرعة على ما نذهب إليه أقرع...
فمن خرجت قرعته قدمناه، وهل يحلف مع قرعته أم لا؟ على قولين أصحهما عندنا أن يحلف، وقد يخرج القرعة كلها لصاحب الكل على ما يتفق.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 296: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
إذا قال لفلان علي ألف درهم وقد قضيتها فقد اعترف بألف وادعى قضاءها فلا يقبل قوله في القضاء، لأنه قد أقر بألف وادعى قضاءها فقبل قوله فيما عليه دون ماله وقال قوم يقبل منه لأنه لما ثبت بقوله صح أن يسقط بقوله، كقوله له علي مائة إلا تسعين، فإن الاستثناء يقبل منه كذلك والأول أصح عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 297: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
فإن غصب رجل من رجل دجاجة فباضت بيضتين، واحتضنتها هي أو غيرها بنفسها أو بفعل الغاصب، فخرج منها فرخان، فالكل للمغصوب منه، وقال بعضهم إن باضت عنده بيضتين واحتضنت الدجاجة واحدة منهما، ولم يعرض الغاصب لها كان للمغصوب منه ما يخرج منها، ولو أخذ الأخرى فوضعها هو تحتها أو تحت غيرها ثم خرج منها فروخ كان الفروخ للغاصب وعليه قيمته، والأول أصح عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 298: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
إذا كان في يد رجلين صغير مجهول النسب فادعيا أنه ملكهما حكم لهما به لأن يدهما عليه كالثوب والشاة، وإن كان كبيرا فادعياه مملوكا فالقول قوله لأن الأصل الحرية، وهو ظاهر الدار، فإن حلف برئ، وإن اعترف بأنه مملوك لهما فهو بينهما نصفين، وإن اعترف بأنه مملوك لأحدهما كان مملوكا لمن اعترف له بنفسه، وقال قوم إذا اعترف أنه مملوك لأحدهما كان مملوكا لهما، لأنه ثبت أنه مملوك باعترافه ويدهما عليه فكان بينهما، والأول أصح عندنا.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 301: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
رجل في يده شاتان سوداء وبيضاء تنازعهما نفسان، فادعى أحدهما أن الشاتين معا لي، وأن البيضاء نتجت السوداء، وادعى الآخر أنهما له وأن السوداء نتجت البيضاء، فهما متعارضتان في الملك، لأنه لا يجوز أن يكون الشاتان معا ملكا لكل واحد منهما في الحال، وفي النتاج لأنه لا يجوز أن يكون كل واحدة منهما نتجت الأخرى، وإذا تعارضتا وفيهما يدان فإما أن يسقطا أو يستعملا.
فمن قال يسقطان، فكأنه لا بينة لواحد منهما، فإن أنكر المدعى عليه حلف لهما، وإن اعترف لهما أو لأحدهما وأقر الآخر أو جحد الآخر فالحكم على ما مضى غير مرة. ومن قال يستعملان إما بالقرعة أو الوقف أو القسمة، فمن أقرع وهو مذهبنا فمن خرجت قرعته هل يحلف؟ على قولين أقواهما عندنا أن يحلف...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 301، 302: فصل في الدعاوى في وقت قبل وقت:
زيد ادعى شاة في يد عمرو فأنكر عمرو، فأقام زيد البينة أنها ملكه، وأقام عمرو البينة أن حاكما من الحكام حكم بها له على زيد وسلمها إليه، قال بعضهم ينظر في حكم ذلك الحاكم الذي حكم بها لعمرو على زيد، كيف وقع؟ فإن قال عمرو: لي وكانت في يد زيد فأقمت البينة أنها ملكي فقضى لي بها عليه، لأنه إنما كان له بها يد دون البينة، نقض حكمه به لعمرو وردت إلى زيد، لأنه قد بان أنه كان لزيد يد وبينة ولعمرو بينة بلا يد فهي كالتي قبلها سواء.
وإن قال عمرو أقمت بها بينة وأقام زيد بها بينة، وكانت بينتي عادلة وبينة زيد فاسقة، فردها بالفسق، وقضى بها لي عليه، وقد أعاد زيد تلك الشهادة لم يتغير ينقض الحكم ههنا، لأنه قد حكم بها لعمرو بالبينة العادلة، وقد أعاد زيد شهادة الفاسق، والفاسق إذا ردت شهادته في مكان وفي قضية ثم عدل وشهد وأعاد تلك الشهادة لم يقبل منه للتهمة كذلك ههنا.
وإن بان للحاكم أن زيدا أقام البينة العادلة بما في يده وعمرو أقام بما في يد زيد فقضى بها لعمرو على زيد، لأنه كان يذهب مذهب من يحكم لليد الخارجة لم ينقض حكمه بها لعمرو عندنا لأنه هو الحق، وعند بعضهم لأنها مسألة اجتهاد، وما نفذ الحكم فيه بالاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد.
وإن بان للحاكم الثاني أن الأول سمع بينة عمرو فلما أتاه زيد بالبينة، قال له الحاكم لا أسمع بينتك لأني قد سمعت بينة عمرو بها، فإذا سمعت البينة لأحد الخصمين لم أسمع من الآخر بينة، فقضى لعمرو على هذا الترتيب، نقض حكمه بها لعمرو، لأنه خالف الإجماع لأن أحدا لا يقول أنا لا أسمع البينة من كل واحد من المتداعيين.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 305: فصل في ذكر دعوى الولد:
إذا اشترك اثنان في وطي امرأة في طهر واحد، وكان وطيا يصح أن يلحق به النسب، وأتت به لمدة يمكن أن يكون من كل واحد منهما، فاشتراكهما في هذا الوطي يكون بأحد أسباب ثلاثة...
فأما مدة الامكان فأن يأتي به من حين وطي كل واحد منهما لمدة يمكن أن يكون منه، وهو أن يكون بين الوطئ والوضع ستة أشهر فصاعدا إلى تمام أكثر مدة الحمل، وهي عندنا تسعة أشهر، وعند قوم أربعة سنين، وعند آخرين سنتان.
فإذا تقرر عن المسألة فأتت بالولد فإنه لا يلحق بهما، ويقرع بينهما عندنا فمن خرج اسمه الحق به...
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 305، 307: فصل في ذكر دعوى الولد:
إذا وطي السيد أمته فباعها قبل أن يستبرئها، فوطئها المشتري قبل أن يستبرئها فأتت بولد، فإنه يلحق بالأخير على ما رواه أصحابنا، وقال قوم هي مثل الأولى، وهما فيه سواء، وقال بعضهم مثل ذلك إلا إذا كان وطي أحدهما في نكاح صحيح والآخر في نكاح فاسد، فإن صحيح النكاح أولى، لأن النكاح مزية على غيره، فكان إلحاقه بصاحبه أولى.
فإذا ثبت أنه لا فرق بين الفراشين فلا فصل بين أن يكون المتنازعان حرين مسلمين، أو عبدين، أو كافرين، أو مختلفين، حرا وعبدا أو مسلما وكافرا أو أبا وابنا، فإن جميع هذه المسائل يقتضي مذهبنا القرعة ولا ترجيح ومن قال بالقافة قال مثل ذلك، وقال قوم الحر أولى من العبد، والمسلم أولى من الكافر، فإذا ثبت أنه لا مزية لأحدهما.
فإذا تنازعه اثنان يمكن أن يكون من كل واحد منهما...
والذي يقتضيه مذهبنا أنه يقرع بينهما في ذلك أجمع فإذا خرج اسم أحدهما الحق به دينا ونسبا لأن الدين يتبع النسب، ولا يستأنف القرعة دفعة ثانية، فيختلف الحال...
الأسباب التي يلحق بها الأنساب بالرجال والنساء: أما لحوقه بالرجل فإنه يلحق به بفراش منفرد، ودعوة منفردة، وفراش مشترك ودعوة مشتركة، أما الفراش المنفرد فأن ينفرد بوطئها ويكون الوطي وطيا يلحق به النسب، وأما الدعوة المنفردة فإن يدعى مجهول النسب وحده لا ينازعه فيه غيره، وأما الفراش المشترك فقد صورناه في أربع مواضع، فإذا نازعوه هكذا الحق بأحدهم بالبينة أو القرعة عندنا أو بالقيافة والانتساب عندهم، وإن كانت الدعوة مشتركة ألحقنا بأحدهما بالبينة أو القرعة، وعندهم بالقيافة أو الانتساب.
- المبسوط - الشيخ الطوسي ج 8 ص 310، 311: فصل في متاع البيت إذا اختلف فيه الزوجان:
إذا كان لرجل على رجل حق فوجد من له الحق مالا لمن عليه الحق فهل له أن يأخذ حقه منه بغير إذن من عليه الحق أم لا؟
لا يخلو من عليه الحق من أحد أمرين إما أن يكون باذلا لما عليه أو مانعا...
فأما إذا كان مانعا إما بأن يجحد الحق ظاهرا وباطنا أو يعترف به باطنا ويجحده ظاهرا أو يعترف به ظاهرا ويجحده باطنا، ويمنعه لقوته وأنه لا يمكن استيفاء الحق منه فمتى كان بهذه الصفة كان له أن يأخذ من ماله بقدر حقه عندنا...
هذا إذا كان من عليه الحق مانعا ولا حجة لمن له الحق فأما إن كان له بحقه حجة وهي البينة عليه ولا يقدر على إثبات ذلك عند الحاكم والاستيفاء منه، فهل له أخذه بنفسه أم لا قال قوم ليس له لأنها جهة تملك استيفاء حقه بها منه فلم يكن له الأخذ بنفسه بغير رضاه كما لو كان باذلا وقال آخرون له ذلك لأن عليه مشقة في إثباته عند الحاكم ومغرمة في استيفائه فكان له الأخذ وهو الذي يقتضيه عموم أخبارنا في جواز ذلك.
وكل موضع قلنا له الأخذ فأخذ فإن كان من جنس حقه كالأثمان وماله مثل كالحبوب والأدهان أخذ ذلك وملكه بالأخذ كما لو دفعه من عليه الحق إليه بنفسه وإن كان من غير جنسه لم يكن له أن يتملكه بنفسه ولكن يباع بجنس الحق ومن الذي يبيع؟ قال بعضهم الحاكم لأن له الولاية عليه وقال آخرون يحضر عند الحاكم ومعه رجل واطأه على الاعتراف بالدين والامتناع من أدائه، والأقوى عندنا أن له البيع بنفسه لأنه يتعذر عليه إثباته عند الحاكم والذي قالوه كذب يتنزه عنه.
فإذا ثبت ذلك فأخذ من له الحق عينا للبيع، فإن باع فلا كلام، وإن هلكت العين في يده قبل البيع قال قوم يكون من ضمان من عليه الدين لأن هذه العين قبضت لاستيفاء الدين من ثمنها وكانت أمانة عنده كالرهن وقال آخرون عليه ضمانه لأنه قبضها بغير إذن مالكها لاستيفاء الحق من ثمنها فهو كما لو قبض الرهن بغير إذن الراهن والأول أليق بمذهبنا...
([1]) "عندنا" لفظ أكثر فقهاء الإمامية المتقدمون من استعماله وخصوصا في مقام تمييز قول الإمامية عن قول المخالف ويريدون منه عند فقهاء الإمامية، ولا يخلو هذا اللفظ من حكاية عن اتفاق؛ لذا فقد جعلنا العنوان لكل مسألة كان الدليل عليها بلفظ "عندنا" صريحا في الحكم كغيره من المسائل الإجماعية، وقد اشتهر هذا الأسلوب في نسبة الحكم للمذهب لدى الشيخ الطوسي قدس سره في كتابه المبسوط فكان يعرض لآراء الفقهاء المخالفين والموافقين في المسألة الواحدة ثم يشير إلى رأي الإمامية فيها غالبا بلفظ "عندنا"، أما "الصحيح عندنا" و "الأصح عندنا" فقد يكون ترجيح وتصحيح قول عامة فقهاء الإمامية على قول المخالفين؛ فيكون متفقا مع لفظ "عندنا" في إرادة تعميم القول على فقهاء الإمامية وهو الأرجح عندنا، أو يكون ترجيح وتصحيح قول فريق من فقهاء الإمامية على آخر منهم؛ فيكون مفترقا عن لفظ "عندنا" في إرادة تعميم القول على فقهاء الإمامية.
([2]) في كل مسألة كان الدليل غير تام في الإجماع وفي نسبة المسألة إلى المذهب بلفظ دال على العموم أو القطع كنا نكتفي في العنوان بعرض موضوع المسألة دون الإشارة إلى الحكم الوارد في النص.
([3]) في كل مسألة كان الدليل غير تام في الإجماع وفي نسبة المسألة إلى المذهب بلفظ دال على العموم أو القطع كنا نكتفي في العنوان بعرض موضوع المسألة دون الإشارة إلى الحكم الوارد في النص.