موقع عقائد الشيعة الإمامية >> كتاب إجماعات فقهاء الإمامية >> المجلد الرابع
إجماعات فقهاء الإمامية
المجلد الرابع: إجماعات ابن زهرة الحلبي في كتاب غنية النزوع
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 34، 35: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
والأحداث التي توجب كل واحد منها -إذا انفرد من حدث الغسل- الوضوء أو ما يقوم مقامه من التيمم على من ثبت كونه مكلفا بفعل الصلاة أو ما جرى مجراها مما لا يستباح إلا بالطهارة، خمسة أشياء:
البول والغائط والريح ودم الاستحاضة المخصوصة وما يتفقد معه التحصيل من نوم أو مرض.
والأحداث التي توجب كل واحد منها، الغسل أو ما يقوم مقامه من التيمم، أيضا خمسة أشياء:
الجنابة ودم الحيض ودم الاستحاضة المخصوصة ودم النفاس ومس بشرة الميت من الناس بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل.
ولا يوجب هذه الطهارة شيء سوى ما ذكرناه، سواء كان خارجا من أحد السبيلين، كالمذي والوذي والحصاة والدود الخاليين من نجاسة، أو مما عداهما من البدن، كالقيء ودم الفصد والرعاف، أو لم يكن خارجا من البدن، كلمس المرأة، أو الفرج، أو القهقهة في الصلاة، أو الأكل من لحم الجزور، أو ما مسته النار، بدليل إجماع الإمامية([1])، وفيه الحجة على ما بيناه في ما مضى من الأصول في هذا الكتاب...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 35: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
ويجب على المكلف أن لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها في حال بول ولا غائط مع الإمكان، ولا فرق في ذلك بين الصحاري والبنيان، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 35، 36: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
ويستحب أن لا يستقبل الشمس ولا القمر، ولا يحدث في الماء الجاري ولا الكثير الراكد، فأما القليل ومياه الآبار فلا يجوز أن يحدث فيها.
ويستحب أن يتقي بالبول الأرض الصلبة وجحرة الحيوان واستقبال الريح.
ويستحب أن لا يحدث في كل موضع يتأذى بحصول النجاسة فيه، كشطوط الأنهار، ومساقط الثمار، وأفنية الدور، وجواد الطرق.
ويستحب تقديم الرجل اليسرى عند دخول الموضع الذي يتخلى فيه، واليمنى عند الخروج، والدعاء عندهما وعند الاستنجاء وعند الفراغ منه. كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 36: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
ويجب الاستنجاء من الأحداث المقدم ذكرها إلا الريح ومس الميت وما يفقد معه التحصيل، أما البول فيجب الاستبراء منه أولا بنتر القضيب والمسح من مخرج النجو إلى رأسه ثلاث مرات، ليخرج ما لعله باق في المجرى منه، ولا يجزئ في إزالته إلا الماء وحده مع وجوده، وكذلك باقي هذه الأحداث، أعني التي يجب منها الاستنجاء إلا الغائط، فإنه يجزئ فيه الأحجار مع وجود الماء، أو ما يقوم مقامها من الجامد الطاهر المزيل للعين، سوى المطعوم والعظم والروث.
ومن السنة أن تكون ثلاثة إلا أن الماء أفضل، والجمع بينهما أفضل من الاقتصار على الماء وحده، هذا ما لم يتعد النجو مخرجه، فإن تعداه لم يجز في إزالته إلا الماء.
ويدل على جميع ذلك الإجماع المشار إليه، وطريقة الاحتياط، فإن من استنجى على الوجه الذي ذكرناه، وصلى برئت ذمته بيقين، وليس كذلك إذا لم يستنج، أو استنجى بخلاف ما ذكرناه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 36: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
وأما النوم فبمجرده حدث، من غير اعتبار بأحوال النائم بدليل الإجماع المشار إليه، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ...} الآية...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 37: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
وأما الجنابة فتكون بشيئين: أحدهما خروج المني في النوم واليقظة بشهوة وغير شهوة وعلى كل حال، والثاني بالجماع في الفرج، وحده أن تغيب الحشفة فيه، وإن لم يكن هناك إنزال، بدليل الإجماع الماضي ذكره، وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 37، 38: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
ويحرم على الجنب دخول المساجد إلا عابر سبيل، ووضع شيء فيها، سوى المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله، فإنه لا يجوز له دخولهما على حال، وإن احتلم في أحدهما تيمم من موضعه وخرج.
ويحرم عليه قراءة العزائم الأربع: سجدة لقمان، وحم، والنجم، واقرأ باسم ربك، وما عداها داخل تحت قوله تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}.
ويحرم عليه مس كتابة المصحف، أو اسم من أسماء الله تعالى، أو أسماء الأنبياء والأئمة عليهم السلام.
ويكره له الأكل والشرب إلا بعد المضمضة والاستنشاق والنوم إلا بعد الوضوء والخضاب، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 38: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
وأقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأنه لا خلاف في أن من الثلاثة إلى العشرة من الحيض، وليس في الشرع ما يدل على أن ما نقص من الثلاثة وزاد على العشرة منه.
وأقل الطهر بين الحيضتين عشرة أيام لمثل ما قلناه في المسألة الأولى، ولا حد لأكثره بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 39: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
ويحرم على الحائض كل ما يحرم على الجنب، ولا يجب عليها الصلاة ويجب عليها الصوم تقضيه إذا طهرت، ويجب أن تمنع زوجها وطأها ويحرم عليه ذلك، ويجب عليه متى وطأها في الثلث الأول من زمان الحيض أن يكفر بدينار -قيمته عشرة دراهم جياد- وفي الثلث الأوسط بنصف دينار، وفي الأخير بربع دينار، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه...
فإن انقطع الدم عنها جاز لزوجها وطؤها إذا غسلت فرجها، سواء كان ذلك في أقل الحيض أو أكثره وإن لم تغتسل، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 39، 40: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
والمستحاضة يلزمها إذا لوث الدم أحد جانبي الكرسف ولم يثقبه أن تغيره تتوضأ لكل صلاة، فإنه ثقبه ولم يسل فعليها مع تغييره أن تغتسل لصلاة الفجر وتتوضأ لباقي الصلوات، وإن ثقبه وسال فعليها ثلاثة أغسال: غسل للفجر وغسل للظهر والعصر وغسل للمغرب والعشاء الآخرة.
ولا يحرم على المستحاضة [ولا منها] شيء مما يحرم على الحائض [ومنها] بل حكمها حكم الطاهر إذا فعلت ما ذكرناه؛ بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 40: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
وأما دم النفاس فهو الحادث عقيب الولادة، وأكثره عشرة أيام، وكل دم تراه بعدها فهو استحاضة.
وهي والحائض سواء في جميع الأحكام إلا في حكم واحد، وهو أن النفاس ليس لأقله حد، وذلك بدليل الإجماع السالف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 40: كتاب الطهارة/ في أقسام الطهارة:
وأما مس الميت فقد قلنا إنه إنما يكون حدثا يوجب الغسل إذا كان بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل، والدليل على ذلك أنه لا خلاف بين أصحابنا في ورود الأمر بالغسل من مسه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 40: في النجاسات:
وأما الطهارة عن النجس التي هي شرط في صحة أداء الصلاة، فعبارة عن إزالة النجاسة عن البدن والثياب بما نبين أنها تزول في الشرع به.
والنجاسات هي: بول وخرء ما لا يؤكل لحمه بلا خلاف، وما يؤكل لحمه إذا كان جلالا، بدليل الإجماع، فأما إذا لم يكن جلالا فلا بأس ببوله وروثه، بدليل الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 41: في النجاسات:
والخمر نجسة بلا خلاف ممن يعتد به، وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ} يدل على نجاستها، وكل شراب مسكر نجس.
والفقاع نجس بالإجماع المشار إليه.
ودم الحيض والاستحاضة والنفاس نجس بلا خلاف.
وكذا الدم المسفوح من غير هذه الدماء إلا أنه يجوز الصلاة في ثوب أصابه من دم القروح أو الجروح ما نقص مقداره عن سعة الدرهم الوافي المضروب من درهم وثلث مع الاختيار ورفع الحرج، وإن كان التنـزه عن ذلك أفضل.
فأما إن كان عليه في إزالة الدم حرج، لكون الجروح أو القروح لازمة له، فإن إزالته لا تجب عليه، قليلا كان أو كثيرا.
وهذا بخلاف دم الحيض والاستحاضة والنفاس، فإن الصلاة لا تجوز في ثوب أصابه شيء منه، قليلا كان أو كثيرا، كل ذلك بدليل الإجماع.
فأما دم البراغيث والبق والسمك فطاهر، بدليل هذا الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 42: في النجاسات:
والمني نجس لا يجزي فيه إلا الغسل، رطبا كان أو يابسا، بدليل الإجماع المذكور...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 42: في النجاسات:
وميتة ذوات الأنفس السائلة نجسة بلا خلاف إلا في الآدمي، ويدل على نجاسته بعد الموت، إجماع الطائفة، فأما مالا نفس له سائلة، كالذباب والجراد، فلا ينجس الماء بموته فيه، بدليل هذا الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 42: في النجاسات:
وشعر الميتة وصوفها وعظمها طاهر، بدليل هذا الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 43: في النجاسات:
فأما جلد الميتة فلا يطهر بالدباغ، بدليل هذا الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 43: في النجاسات:
والخنزير نجس بلا خلاف. والكلب نجس بلا خلاف إلا من مالك، ويدل على نجاسته إجماع الطائفة، ويغسل الإناء من ولوغه فيه ثلاث مرات، إحداهن -وهي الأولى- بالتراب، بدليل هذا الإجماع، ونحتج على المخالف بما روي من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله: “إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله ثلاث مرات”. وفي خبر آخر: “فليغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا” وهذا بظاهره أيضا يقتضي وجوب الثلاث، من حيث لم يجز عليه الاقتصار على ما دونها ولأن لفظة (أو) إما أن تفيد التخيير بين هذه الأعداد، وتكون كلها واجبة على جهة التخيير، وإما أن تفيد التخيير بين الاقتصار على الثلاث التي هي الواجبة، وبين الزيادة عليها على جهة الندب، فإذا كان الأول باطلا بالإجماع، لم يبق إلا الثاني.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 44: في النجاسات:
والثعلب والأرنب نجسان، بدليل الإجماع المذكور.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 44، 45: في النجاسات:
والكافر نجس بدليله أيضا، وبقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}، وهذا نص. وكل من قال بذلك في المشرك، قال به فيمن عداه من الكفار، والتفرقة بين الأمرين خلاف الإجماع...
ولا يعارض ما ذكرناه قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ} لأن لفظ الطعام إذا أطلق، انصرف إلى الحنطة...
وإنما أحوجنا إلى ذكر مذهب المخالف في ذلك والإحالة على كتبهم إنكار من أنكره من جهالهم، على أنا نقول: لو وقع لفظ الطعام بإطلاقه على غير الحنطة، لحملناه عليها وعلى غيرها من الجامدات بدليل [الإجماع].
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 45: في النجاسات:
فأما ما عدا ما ذكرناه من الحيوان من ذوات الأربع والطير والحشرات فطاهر السؤر إلا أن يكون على فمه نجاسة، بدليل إجماع الطائفة، وظاهر قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} وقوله: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا} فبين سبحانه أن الماء المطلق يطهر، وسؤر ما ذكرناه ينطلق عليه اسم الماء، وإنما يخرج من هذا الظاهر ما أخرجه دليل قاطع.
وقد ألحق أصحابنا بالنجاسات عرق الإبل الجلالة، وعرق الجنب إذا أجنب من الحرام.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 45، 46: في الطهارة المائية والترابية:
وأما ما به تفعل الطهارة فثلاثة أشياء: الماء والتراب والأحجار، أو ما يقوم مقامها، على ما قدمناه في الاستنجاء، فكل ماء استحق إطلاق هذا الاسم عليه ولم تخالطه نجاسة، فإنه طاهر مطهر بلا خلاف، فإن خالطته وكان راكدا كثيرا ليس من مياه الآبار أو جاريا قليلا كان أو كثيرا، ولم يتغير بها أحد أوصافه، من لون أو طعم أو رائحة، فإنه طاهر مطهر أيضا بلا خلاف إلا في مقدار الكثير، ويدل على ذلك أيضا بعد إجماع الطائفة...
فإن تغير أحد أوصاف هذا الماء فهو نجس بلا خلاف، فإن كان الماء راكدا قليلا، أو من مياه الآبار، قليلا كان أو كثيرا، تغير بالنجاسة أحد أوصافه أو لم يتغير، فهو نجس بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 46، 47: في الطهارة المائية والترابية:
وحد الكثير ما بلغ كرا أو زاد عليه، وحد الكر وزنا ألف ومائتا رطل، وحده مساحة لموضعه ثلاثة أشبار ونصف طولا في مثل ذلك عرضا في مثله عمقا بالإجماع...
واختلف أصحابنا في الأرطال، فمنهم من قال عراقية، ومنهم من قال مدنية والأول أظهر في الروايات، والثاني تقتضيه طريقة الاحتياط، لأن الرطل المدني أزيد من العراقي.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 47: في الطهارة المائية والترابية:
فأما مياه الآبار فإنها تنجس بكل ما يقع فيها من النجاسات، قليلا كان ماؤها أو كثيرا على ما قدمناه بالإجماع، وأيضا فلا خلاف بين الصحابة والتابعين في أن ماء البئر يطهر بنـزح بعضه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 48، 49: في الطهارة المائية والترابية:
والواقع في البئر من النجاسات على ضربين:
أحدهما تغير أحد أوصاف الماء والثاني لا يغيره.
فما غير أحد أوصافه المعتبر فيه بأعم الأمرين من زوال التغير وبلوغ الغاية المشروعة في مقدار النزح منه، فإن زال التغير قبل بلوغ المقدار المشروع في تلك النجاسة وجب تكميله، وإن نزح ذلك المقدار ولم يزل التغير وجب النزح إلى أن يزول، لأن طريقة الاحتياط تقتضي ذلك، والعمل عليه عمل على يقين.
وما لا يغير أحد أوصاف الماء على ضربين :
أحدهما يوجب نزح جميع الماء، أو تراوح أربعة رجال على نزحه، من أول النهار إلى آخره، إذا كان له مادة يتعذر معها نزح الجميع.
والضرب الآخر يوجب نزح بعضه.
فما يوجب نزح الجميع أو المراوحة عشرة أشياء: الخمر وكل شراب مسكر والفقاع والمني ودم الحيض ودم الاستحاضة ودم النفاس وموت البعير فيه، وكل نجاسة غيرت أحد أوصاف الماء ولم يزل التغير قبل نزح الجميع، وكل نجاسة لم يرد في مقدار النزح فيها نص.
وما يوجب نزح البعض على ضروب:
منه: ما يوجب نزح كر واحد، وهو موت أحد الخيل فيها، أو ما ماثلها في مقدار الجسم.
ومنه: ما يوجب نزح سبعين دلوا، بدلو البئر المألوف، وهو موت الإنسان خاصة.
ومنه: ما يوجب نزح خمسين، وهو كثير الدم المخالف للدماء الثلاثة المقدم ذكرها، والعذرة الرطبة أو اليابسة المتقطعة.
ومنه: ما يوجب نزح أربعين، وهو موت الشاة، أو الكلب، أو الخنزير، أو السنور، أو ما كان مثل ذلك في مقدار الجسم، وبول الإنسان البالغ.
ومنه: ما يوجب نزح عشر، وهو قليل الدم المخالف للدماء الثلاثة، والعذرة اليابسة غير المتقطعة.
ومنه: ما يوجب نزح سبع، وهو موت الدجاجة، أو الحمامة، أو ما ماثلهما في مقدار الجسم، والفأرة إذا انتفخت أو تفسخت، وبول الطفل الذي قد أكل الطعام.
ومنه: ما يوجب نزح ثلاث، وهو موت الفأرة إذا لم تنتفخ أو لم تتفسخ، والحية والعقرب والوزغة وبول الطفل الذي لم يأكل الطعام.
ومنه: ما يوجب نزح دلو واحدة، وهو موت العصفور، أو ما ماثله من الطير في مقدار الجسم، والدليل على جميع ذلك الإجماع السالف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 49: في الطهارة المائية والترابية:
والماء المتغير ببعض الطاهرات، كالورس والزعفران، يجوز الوضوء به ما لم يسلبه التغير إطلاق اسم الماء عليه، يدل على ذلك بعد الإجماع قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} وقوله: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 49، 50: في الطهارة المائية والترابية:
والماء المستعمل في الوضوء والأغسال المندوبة طاهر مطهر يجوز الوضوء به والاغتسال مرة أخرى بلا خلاف بين أصحابنا، ويدل عليه أيضا ما تلوناه من ظاهر القرآن.
فأما المستعمل في الغسل الواجب ففيه خلاف بين أصحابنا، وظاهر القرآن مع من أجراه مجرى المستعمل في الوضوء إلا أن يخرجه دليل قاطع.
ومن يقول: إن الاستعمال على كل حال يخرجه عن تناول اسم الماء بالإطلاق، يحتاج إلى دليل، ولأن من شربه وقد حلف أن لا يشرب ماء يحنث بلا خلاف، وهذا يبطل قوله.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 50: في الطهارة المائية والترابية:
ولا يجوز الوضوء بغير الماء من المائعات، نبيذ تمر كان أو ماء ورد أو غيرهما، بدليل الإجماع المذكور، وظاهر قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 50: في الطهارة المائية والترابية:
والوضوء بالماء المغصوب لا يرفع الحدث، ولا يبيح الصلاة بالإجماع، وأيضا فالوضوء عبادة يستحق بها الثواب، فإذا فعل بالماء المغصوب خرج عن ذلك إلى أن يكون معصية يستحق بها العقاب، فينبغي أن لا يكون مجزئا، ولأن نية القربة فيه مندوب إليها بلا خلاف، والتقرب إلى الله تعالى بمعصية محال.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 50: في الطهارة المائية والترابية:
ولا يجوز إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات، وهو قول الأكثر من أصحابنا([2])، ويدل عليه أن حظر الصلاة وعدم إجزائها في الثوب الذي أصابته نجاسة، معلوم، فمن ادعى إجزاءها فيه إذا غسل بغير الماء، فعليه الدليل، وليس في الشرع ما يدل على ذلك، وطريقة الاحتياط واليقين ببراءة الذمة من الصلاة يقتضي ما ذكرناه، لأنه لا خلاف في براءة ذمة المكلف من الصلاة إذا غسل الثوب بالماء، وليس كذلك إذا غسله بغيره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 51: في الطهارة المائية والترابية:
ولا يجوز التحري في الأواني وإن كانت جهة الطاهر أغلب، بالإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 51: في الطهارة المائية والترابية:
وأما التراب فالذي يفعل به التيمم، ولا يجوز إلا بتراب طاهر، ولا يجوز بالكحل ولا بالزرنيخ ولا بغيرهما من المعادن، ولا بتراب خالطه شيء من ذلك، بالإجماع وقوله تعالى: (فتيمموا صعيدا طيبا)...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 52، 54: في كيفية الطهارة:
وأما الوضوء فتقف صحته على فروض عشرة: أولها: النية بالإجماع وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ...} الآية...
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} والإخلاص له لا يحصل إلا بالنية، والوضوء من الدين، لأنه عبادة، بدليل الإجماع...
ويجوز أن يؤدى بالوضوء المندوب الفرض من الصلاة، بالإجماع المذكور، ومن خالف في ذلك من أصحابنا غير معتد بخلافه.
والفرض الثاني: الذي يقف صحة الوضوء عليه، مقارنة آخر جزء من النية لأول جزء منه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 54: في كيفية الطهارة:
والفرض الثالث: استمرار حكم هذه النية إلى حين الفراغ من العبادة، وذلك بأن يكون ذاكرا لها، غير فاعل لنية تخالفها، بالإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 54: في كيفية الطهارة:
والفرض الرابع: غسل الوجه، وحده من قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر الذقن طولا [و] ما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا، مرة واحدة بكف من الماء، بالإجماع.
ولأن ما اعتبرناه من الوجه بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 55: في كيفية الطهارة:
والفرض الخامس: غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع مرة واحدة، كل واحدة منهما بكف من الماء، وإدخال المرفق في الغسل، بالإجماع المشار إليه.
وأيضا فطريقة الاحتياط يقتضي ذلك، لأنه إذا غسلها على الوجه الذي ذكرناه، زال حدثه بلا خلاف، وليس كذلك إذا بدأ من الأصابع، أو لم يدخل المرافق في الغسل.
ونحتج على المخالف بما روي من طرقهم من أنه صلى الله عليه وآله توضأ مرة مرة وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ولا يخلو إما أن يكون ابتدأ المرافق أو انتهى إليها، ولا يجوز أن يكون انتهى إليها، لأن ذلك يوجب أن لا تقبل صلاة من ابتدأ بها، وهو خلاف الإجماع، فثبت أنه عليه السلام ابتدأ بالمرافق، فيجب أن يكون صلاة من ابتدأ بالأصابع غير مقبولة.
وقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، لا ينافي ما ذكرناه لأن (إلى) كما تكون للغاية تكون بمعنى (مع) بدليل قوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} و {مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ} وشواهد ذلك من كلام العرب أشهر من أن يحتاج إلى التطويل بذكرها، والدليل على أنها في آية الطهارة بمعنى (مع) أنها لو كانت فيها بمعنى الغاية، لوجب الابتداء بالأصابع، وهذا بخلاف الإجماع، وهذه الآية دليلنا على وجوب إدخال المرافق في الغسل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 55: في كيفية الطهارة:
والفرض السادس: مسح مقدم الرأس مرة واحدة، والأفضل أن يكون مقدار الممسوح ثلاث أصابع مضمومة، ويجزي مقدار إصبع واحدة، بالإجماع المذكور...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 56، 58: في كيفية الطهارة:
والفرض السابع: مسح ظاهر القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، وهما الناتئان في وسط القدم عند معقد الشراك، والأفضل أن يكون ذلك بباطن الكفين، ويجزي بإصبعين منهما، ويدل على ذلك مضافا إلى الإجماع المذكور قوله تعالى: {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}...
وإذا ثبت أن فرض الرجلين هو المسح دون غيره ثبت أن الكعبين هما ما ذكرناه، لأن كل من قال بأحد الأمرين قال بالآخر، والقول بخلاف ذلك خروج عن الإجماع، وأيضا فقد دللنا على أن فرض المسح يتعلق ببعض الرأس، فكذلك يجب في الأرجل بحكم العطف.
وقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}، المراد به رجلا كل متطهر، وفيهما عندنا كعبان، وهذا أولى من قول مخالفنا أنه أراد رجل كل متطهر، لأن الفرض يتناول الرجلين معا، فصرف الخطاب إليهما أولى.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 58: في كيفية الطهارة:
والفرض الثامن: أنه لا يستأنف لمسح الرأس والرجلين ماء جديدا، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأنه من غسل وجهه ويديه مأمور بمسح رأسه ورجليه، والأمر بمقتضى الشرع يوجب الفور، ومن ترك المسح بالبلل الذي في يديه وعدل إلى أخذ ماء جديد، فقد ترك المسح في زمان كان يمكنه فعله فيه، وترك العمل بظاهر الآية وذلك لا يجوز، ولأن كل من أوجب مسح الرجلين على التضييق قال بما ذكرناه، والقول بأحد الأمرين دون الآخر خروج عن الإجماع.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 58، 59: في كيفية الطهارة:
والفرض التاسع: الترتيب وهو أن يبدأ بغسل وجهه، ثم بيده اليمنى، ثم اليسرى، ثم يمسح رأسه، ثم يمسح رجليه، بدليل الإجماع المذكور...
وإذا وجب غسل الوجه عقيب إرادة القيام إلى الصلاة والبداية به ثبت ما قلناه إلا تقديم اليمنى على اليسرى، لأن أحدا من الأمة لم يفرق بين الأمرين، وإنما استثنينا ترتيب اليسرى على اليمنى لأن الشافعي لا يوافق في ذلك وإن وافق فيما عداه من ترتيب الأعضاء وكان يسلم لنا لو لم نستثنه [من] الاستدلال بإجماع الأمة من الوجه الذي بيناه.
ونحتج على المخالف بما روي من طرقهم من أنه صلى الله عليه وآله توضأ مرة مرة وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به، ولابد أن يكون توضأ مرتبا على الوجه الذي ذكرناه، وإلا لزم ألا يقبل الله صلاة بوضوء مرتب على ذلك الوجه، وهذا باطل بالإجماع.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 59: في كيفية الطهارة:
والفرض العاشر: الموالاة، وهي أن لا يؤخر بعض الأعضاء عن بعض، بمقدار ما يجف ما تقدم في الهواء المعتدل، ويدل على ذلك ما قلناه في المسألة الأولى من الإجماع وطريقة الاحتياط، ويحتج على المخالف بالخبر المتقدم، وأيضا فلا يجوز المسح على الخفين بالإجماع المذكور...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 60، 61: في كيفية الطهارة:
ومسنونات الوضوء: السواك، وغسل اليدين قبل إدخالهما الإناء -من البول والنوم مرة ومن الغائط مرتين-، والتسمية، والمضمضة والاستنشاق –ثلاثا ثلاثا-، وغسل الوجه واليدين مرة ثانية، وأن يبدأ الرجل في الغسلة الأولى بظاهر ذراعيه، والمرأة بباطنهما، وفي الغسلة الثانية بالعكس، والدعاء عند المضمضة، والاستنشاق، وعند غسل الوجه واليدين، وعند مسح الرأس والرجلين، كل ذلك بالإجماع المذكور.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 61، 62: في غسل الجنابة:
وأما الغسل من الجنابة فالمفروض على من أراده: الاستبراء بالبول أو الاجتهاد فيه، ليخرج ما في مجرى المني منه، ثم الاستبراء من البول، على ما قدمناه، وغسل ما على بدنه من نجاسة، ثم النية، ومقارنتها، واستدامة حكمها، على ما بيناه في الوضوء، ثم غسل جميع الرأس إلى أصل العنق، على وجه يصل الماء إلى أصول الشعر، ثم الجانب الأيمن من أصل العنق إلى تحت القدم كذلك، ثم الجانب الأيسر كذلك.
فإن ظن بقاء شيء من صدره أو ظهره لم يصل الماء إليه، غسله، كل ذلك بالإجماع المذكور.
ومسنونه: غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ثلاث مرات، والتسمية، والمضمضة، والاستنشاق، والموالاة، والدعاء، ويستباح بهذا الغسل الصلاة من غير وضوء بالإجماع السابق وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ}، ولم يشرط الوضوء.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 62: في غسل الجنابة:
وغسل المرأة من الجنابة كغسل الرجل سواء، ولا يسقط عنها إلا وجوب الاستبراء بالبول، وما عدا غسل الجنابة من باقي الأغسال الواجبة والمسنونة، تقديم الوضوء فيها واجب لاستباحة الصلاة، لأنه ليس في الشرع ما يدل على استباحتها بها من دونه، ثم يؤتى بها على كيفية غسل الجنابة سواء.
والأغسال المسنونة: غسل يوم الجمعة، وليلة الفطر، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، ويوم الغدير، ويوم المبعث، وليلة النصف من شعبان، وأول ليلة من شهر رمضان، وليلة النصف منه، وليلة سبع عشرة منه، وليلة تسع عشرة منه، وليلة إحدى وعشرين منه، وليلة ثلاثة وعشرين منه، وغسل إحرام الحج، وغسل إحرام العمرة، وغسل دخول الحرم، وغسل يوم عرفة، وغسل دخول المسجد الحرام، وغسل دخول الكعبة، وغسل دخول المدينة، وغسل دخول مسجد النبي صلى الله عليه وآله، وغسل زيارة قبره صلى الله عليه وآله، وغسل زيارة قبور الأئمة عليهم السلام، وغسل زيارة البيت من منى، وغسل صلاة الاستسقاء، وغسل صلاة الحاجة، وغسل صلاة الاستخارة، وغسل صلاة الشكر، وغسل التوبة من الكبائر، وغسل المباهلة، وغسل المولود وغسل قاضي صلاة الكسوف -إذا تعمد تركها مع احتراق القرص كله- وغسل القاصد لرؤية المصلوب من المسلمين بعد ثلاثة أيام. كل ذلك بالإجماع المذكور.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 63: في التيمم:
وأما التيمم فكيفيته: أن يضرب المحدث بما يوجب الوضوء أو الغسل، بيديه على ما يتيمم به ضربة واحدة، وينفضهما، ويمسح بهما وجهه من قصاص شعر رأسه إلى طرف أنفه، ثم يمسح بباطن كفه اليسرى ظاهر كفه اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع، ثم يمسح بباطن كفه اليمنى ظاهر كفه اليسرى كذلك.
يدل على أنه ضربة واحدة قوله تعالى: {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} ومن مسح بضربة واحدة فقد امتثل المأمور به، ويعارض المخالف بما رووه عن عمار رضي الله عنه من قول النبي صلى الله عليه وآله: “التيمم ضربة للوجه والكفين”، وقد روى أصحابنا أن الجنب يضرب ضربتين إحداهما للوجه والأخرى لليدين، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك.
ويدل على أن مقدار الممسوح من الوجه واليدين ما ذكرناه، بعد إجماع الإمامية عليه قوله تعالى: {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ}؛ وفائدة الباء هاهنا التبعيض على ما سبق...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 64: في التيمم:
ولا يجوز التيمم إلا عند عدم الماء، أو عدم ما يتوصل به إليه من آلة أو ثمن غير مجحف، أو عدم ملك للماء أو إذن في استعماله، أن حصول خوف في استعماله، لمرض أو شدة برد، أو عطش، أو عدو، أو حصول علم أو ظن بفوت الصلاة قبل الوصول إليه، أو كون الماء نجسا، بالإجماع المذكور، ولا يجوز إلا في آخر وقت الصلاة، بدليل الإجماع، ولأنه أبيح للضرورة فلا يجوز فعله قبل تأكد الضرورة.
ولا يجوز فعله إلا بعد الطلب للماء رمية سهم في الأرض الحزنة، وفي الأرض السهلة رمية سهمين يمينا وشمالا وأماما ووراء بإجماعنا، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك، لأنه لا خلاف في صحة تيممه، وبراءة ذمته من الصلاة إذا تيمم على الوجه الذي شرحناه، وليس كذلك إذا تيمم على خلافه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 64: في التيمم:
ومن دخل بالتيمم في الصلاة ثم وجد الماء، وجب عليه المضي فيها، لأنه إنما يدخل فيها عندنا، إذا بقى من الوقت قدر ما يفعل فيه الصلاة، فقطعها والحال هذه، والاشتغال بالوضوء أو الغسل، يؤدي إلى فواتها، وذلك لا يجوز...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 65، 66: كتاب الصلاة/ في ستر العورة:
الفصل الأول: في ستر العورة يحتاج هذا الفصل إلى العلم بأمرين: أحدهما: العورة.
والثاني: ما به تستر.
والعورة الواجب سترها من الرجال القبل والدبر، ومن النساء جميع أبدانهن إلا رؤوس المماليك منهن، والعورة المستحب سترها من الرجال ما عدا القبل والدبر مما بين السرة إلى الركبة، ومن النساء رؤوس المماليك.
وأما ما به تستر فيحتاج في صحة الصلاة فيه إلى شروط ثلاثة: أولها: أن يكون مملوكا، أو جاريا مجرى المملوك.
وثانيها: أن يكون طاهرا.
وثالثها: أن يكون مما تنبته الأرض، كالقطن والكتان وغيرهما من النبات إذا صح الاستتار به، أو يكون من شعر ما يؤكل لحمه من الحيوان، أو صوفه أو وبره، وكذا جلده إذا كان مذكى.
ويجوز الصلاة في الخز الخالص ولا يجوز في الإبريسم المحض وجلود الميتة -وإن دبغت- وجلود ما لا يؤكل لحمه -وإن كان فيها ما يقع عليه الذكاة- وما عمل من وبر الأرانب والثعالب أو غش به، واللباس النجس والمغصوب، يدل على جميع ذلك الإجماع المذكور وطريقة الاحتياط، وقد رويت رخصة في جواز الصلاة للنساء في الإبريسم المحض.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 66: كتاب الصلاة/ في ستر العورة:
وتكره الصلاة في الثوب المصبوغ، وأشد كراهة الأسود، ويكره في المذهب والملحم بالحرير أو الذهب، بالإجماع المذكور، وطريقة الاحتياط، ومتى وجد بعد الصلاة على ثوبه نجاسة، وكان علمه بها قد تقدم لحال الصلاة، أعادها على كل حال، وإن لم يكن تقدم، أعادها إن كان الوقت باقيا، ولم يعدها بعد خروجه، للإجماع المذكور.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 66: في مكان الصلاة:
لا تصح الصلاة إلا في مكان مملوك، أو في حكم المملوك، ولا يصح السجود بالجبهة إلا على ما يطلق عليه اسم الأرض، أو على ما أنبتته مما لا يؤكل ولا يلبس إذا كان طاهرا، بالإجماع المذكور وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 67: في مكان الصلاة:
وتكره الصلاة في معاطن الإبل، ومرابط الخيل والبغال والحمير والبقر، ومرابض الغنم والمزابل ومذابح الأنعام، والحمامات، وبيوت النيران، وغيرها من معابد أهل الضلال، وبين القبور، وتكره على البسط المصورة والأرض السبخة، وعلى جواد الطرق وقرى النمل، وفي البيداء وذات الصلاصل ووادي ضجنان والشقرة، كل ذلك بالإجماع المذكور وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 68: في النية:
أما نية الصلاة فواجبة بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 68، 69: في القبلة:
القبلة هي الكعبة، فمن كان مشاهدا لها وجب عليه التوجه إليها، ومن شاهد المسجد الحرام ولم يشاهد الكعبة، وجب عليه التوجه إليه، ومن لم يشاهده توجه نحوه، بلا خلاف، قال الله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ}.
وفرض التوجه العلم بجهة القبلة، فإن تعذر العلم قام الظن مقامه، ولا يجوز الاقتصار على الظن مع إمكان العلم، ولا على الحدس مع إمكان الظن، فمن فعل ذلك فصلاته باطلة، وإن أصاب بتوجهه جهة القبلة، لأنه ما فعل التوجه على الوجه المأمور به، فيجب أن يكون غير مجزئ.
ومن توجه مع الظن، ثم تبين له أن توجهه كان إلى غير القبلة، أعاد الصلاة إن كان وقتها باقيا، ولم يعد إن كان قد خرج، إلا أن يكون استدبر القبلة، فإنه يعيد على كل حال.
ومن لم يعلم جهة القبلة، ولا ظنها، توجه بالصلاة إلى أربع جهات، بالإجماع المذكور وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 69، 72: في أوقات الصلاة:
أما أوقات فرائض اليوم والليلة، فلكل واحد منها أول وآخر، فأول وقت الظهر إذا زالت الشمس، فإذا مضى من زوالها مقدار أداء الظهر، دخل وقت العصر، واشترك وقتاهما إلى أن يبقى من غروب الشمس مقدار أداء العصر، فيخرج وقت الظهر، ويختص هذا المقدار للعصر.
فإذا غربت الشمس، خرج وقت العصر ودخل وقت المغرب، فإذا مضى مقدار أداء ثلاث ركعات، دخل وقت عشاء الآخرة، واشتركت الصلاتان في الوقت إلى أن يبقى من انتصاف الليل مقدار أداء صلاة العشاء الآخرة، فيخرج وقت المغرب، ويختص ذلك المقدار للعشاء الآخرة، ويخرج وقتها بمضيه.
وأول وقت صلاة الفجر طلوع الفجر الثاني، وآخره ابتداء طلوع قرن الشمس، يدل على ذلك ما ذكرناه من الإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}...
ودلوك الشمس هو ميلها بالزوال إلى أن تغيب، بلا خلاف بين أهل اللغة والتفسير في ذلك...
وجواز صلاة العصر بعرفة عقيب الظهر بالاتفاق، دليل على أن ذلك هو أول وقتها...
وأما أوقات النوافل في اليوم والليلة فبيانها: أن وقت نوافل الظهر من زوال الشمس إلى أن يبقى من تمام أن يصير ظل كل شيء مثله مقدار ما تصلى فيه أربع ركعات، ووقت نوافل الجمعة قبل الزوال، ووقت نوافل العصر من حين الفراغ من صلاة الظهر إلى أن يبقى من تمام أن يصير ظل كل شيء مثليه مقدار ما تصلى فيه أربع ركعات، إلا في يوم الجمعة، فإنها تقدم قبل الزوال، كما قلناه في نوافل الظهر.
ووقت نوافل المغرب من حين الفراغ منها إلى أن يزول الشفق من ناحية المغرب، ووقت الوتيرة حين الفراغ من فريضة العشاء الآخرة، ووقت صلاة الليل من حين انتصافه إلى قبيل طلوع الفجر، ووقت ركعتي الفجر من حين الفراغ من صلاة الليل، إلى ابتداء طلوع الحمرة من ناحية المشرق.
وأما أوقات ما عدا فرائض اليوم والليلة ونوافلهما من الفرائض والنوافل، فيأتي ذكرها مندرجا في ضمن فصولها إن شاء الله تعالى.
ويكره الابتداء بالنافلة من غير سبب، حين طلوع الشمس، وحين قيامها نصف النهار في وسط السماء إلا في يوم الجمعة خاصة، وبعد فريضة العصر، وقبل غروب الشمس، وبعد فريضة الغداة، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 72، 73: في الأذان والإقامة:
أعلم أن مما تقدم من المفروض من الصلوات الخمس وإن لم يكن من شروط صحتها الأذان والإقامة وهما واجبان على الرجال في صلاة الجماعة، ومسنونان فيما عدا ما ذكرناه، ويتأكد استحبابهما في ذلك فيما يجهر فيه بالقراءة، والإقامة أشد تأكيدا من الأذان.
ويجوز للنساء أن يؤذن ويقمن من غير أن يسمع أصواتهن الرجال.
والأذان ثمانية عشر فصلا: يبتدأ بالتكبير في أوله أربع مرات، ثم بالشهادة لله بالوحدانية مرتين، ثم بالشهادة لمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة مرتين، ثم يقول: حي على الصلاة مرتين، ثم يقول: حي على الفلاح مرتين، ثم يقول: حي على خير العمل مرتين، ثم بالتكبير مرتين، ثم بالتهليل مرتين.
والإقامة سبعة عشر فصلا: وهي تخالف الأذان بأن التكبير في أولها مرتان، والتهليل في آخرها مرة واحدة، وبأن يزاد فيها بعد حي على خير العمل قد قامت الصلاة مرتين، والترتيب واجب فيهما، ويستحب في الأذان ترتيل كلمه والوقوف على أواخر فصوله ويجوز فعله على غير طهارة، ومن غير استقبال القبلة [وفي حال الجلوس والمشي، والتكلم في خلاله، وفعله على خلاف ذلك، كله أفضل، والسنة في الإقامة حدر كلماتها وفعلها على طهارة في حال القيام واستقبال القبلة] وألا يتكلم فيها بما لا يجوز مثله في الصلاة، كل ذلك بدليل الإجماع المقدم ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 73، 74: في أقسام الصلاة:
الصلاة على ضربين: مفروض ومسنون: فالمفروض في اليوم والليلة خمس صلوات: الظهر أربع ركعات، إلا في يوم الجمعة، فإن الفرض ينتقل إلى ركعتين، متى تكاملت الشروط التي نذكرها فيما بعد، والعصر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء الآخرة أربع، والغداة ركعتان.
هذا في حق الحاضر أهله بلا خلاف، وفي حق من كان حكمه حكم الحاضرين من المسافرين وهو من كان سفره أكثر من حضره كالجمال والمكاري والبادي أو في معصية لله أو للعب والنزهة، أو كان سفره أقل من بريدين وهما ثمانية فراسخ.
والفرسخ ثلاثة أميال والميل ثلاثة آلاف ذراع ومن عزم على الإقامة في البلد الذي يدخله عشرة أيام، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
ويدل أيضا على صحة ما ذكرناه من حد السفر الذي يجب فيه القصر قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فعلق سقوط فرض الصيام بما يتناوله اسم السفر، ولا خلاف أن كل سفر أسقط فرض الصيام، فإنه موجب لقصر الصلاة، وإذا كان كذلك، وكان اسم السفر يتناول المسافة التي ذكرناها، وجب القصر على من قصدها، ولا يلزم على ذلك ما دونها لأنا إنما عدلنا عن ظاهر الآية فيه، للدليل وهو الإجماع، وليس ذلك فيما ذهبوا إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 73، 75: في أقسام الصلاة:
فأما من عدا من ذكرناه من المسافرين، فإن فرضه في كل رباعية من الصلوات الخمس ركعتان، فإن تمم عن علم بذلك وقصد إليه، لزمته الإعادة على كل حال، وإن كان إتمامه عن جهل أو سهو، أعاد إن كان الوقت باقيا بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا فإن فرض السفر إذا كان ركعتين، فمن صلى أربعا لم يمتثل المأمور به، على الوجه الذي تعبد به، فلزمته الإعادة.
وليس لأحد أن يقول هذا مخالف لظاهر قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} لأن رفع الجناح يقتضي الإباحة لا الوجوب، لأن هذه الآية لا تتناول قصر الصلاة في عدد الركعات، وإنما تفيد التقصير في الأفعال من الإيماء وغيره، لأنه تعالى علق القصر فيها بالخوف، ولا خلاف أنه ليس بشرط في القصر من عدد الركعات، وإنما هو شرط فيما ذكرناه من التقصير في الأفعال.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 75: في أقسام الصلاة:
وينضاف إلى فرائض اليوم والليلة من مفروض الصلاة ست صلوات: صلاة العيدين إذا تكاملت شرائط وجوبها، وصلاة الكسوف والآيات العظيمة كالزلزلة والرياح السود، وركعتا الطواف الواجب وصلاة النذر، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة، وصلاة القضاء للفائت، وصلاة الجنائز بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 76، 82: في كيفية فعل الصلاة:
كيفيتها على ضربين: أحدهما: كيفية صلاة الخمس، والثاني كيفية ما عداها من باقي الصلوات، وكيفية صلوات الخمس على ضربين: أحدهما كيفية صلاة المختار، والثاني كيفية صلاة المضطر، وكل واحد منهما على ضربين: مفرد وجامع.
فأما كيفية صلاة المفرد المختار فعلى ضربين: واجب وندب، فالواجب منها عليه: القيام، واستقبال القبلة، والنية، بلا خلاف، وتكبيرة الإحرام، وهي أن يقول المصلي: (الله أكبر) دون ما عدا ذلك من الألفاظ، بدليل الإجماع المشار إليه.
وأيضا فإن الصلاة في ذمته بيقين، ولا يقين في سقوطها عن الذمة إلا بما ذكرناه...
ويجب عليه إذا كبر قراءة الحمد وسورة معها كاملة على جهة التضييق في الركعتين الاوليين من كل رباعية ومن المغرب وفي صلاة الغداة والسفر، فإن كان هناك عذر أجزأت الحمد وحدها.
وهو مخير في الركعتين الأخريين وثالثة المغرب بين الحمد وحدها وبين عشر تسبيحات، وهي: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله، يقول ذلك ثلاث مرات، ويقول في الثالثة: والله أكبر...
ويدل على وجوبها على الوجه الذي ذكرناه الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة...
ولا يجوز القراءة بغير العربية، بدليل الإجماع الماضي ذكره، وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة...
وأيضا فلا خلاف في أن القرآن معجز، والقول بأن العبارة عن معنى القرآن بغير العربية قرآن يبطل كونه معجزا، وذلك خلاف الإجماع.
ويجب الجهر بجميع القراءة في أوليي المغرب، والعشاء الآخرة، وصلاة الغداة، بدليل الإجماع المشار إليه، وببسم الله الرحمن الرحيم فقط في أوليي الظهر والعصر من الحمد والسورة التي تليها عند بعض أصحابنا وعند بعضهم هو مسنون.
والأول أحوط، لأن من جهر ببسم الله الرحمن الرحيم برئت ذمته بيقين، وليس كذلك من لم يجهر بها، ويجب الإخفات فيما عدا ما ذكرناه، بدليل الإجماع المشار إليه.
ولا يجوز أن يقرأ في فريضة سورة فيها سجود واجب، وهن أربع: تنزيل السجدة، وحم السجدة، والنجم، واقرأ باسم ربك، بدليل الإجماع الماضي ذكره، وطريقة الاحتياط، واليقين لبراءة الذمة، وأيضا فإن في هذه السور سجودا واجبا فإن فعله بطلت الصلاة للزيادة فيها، وإن لم يفعله أخل بالواجب، وإن اقتصر على قراءة ما عدا موضع السجود من السورة، كان قد بعض، وذلك عندنا لا يجوز على ما قدمناه.
ويجب الركوع والسجود الأول والثاني في كل ركعة، ويجب الطمأنينة في ذلك كله، ورفع الرأس منه، والطمأنينة بعد رفع الرأس قائما وجالسا، بدليل الإجماع الماضي ذكره، وطريقة الاحتياط. واليقين لبراءة الذمة، وأيضا فلا خلاف أنه صلى الله عليه وآله كان يفعل ذلك...
ويجب التسبيح في الركوع والسجود، وأقل ما يجزي في كل واحد منهما من ذلك، تسبيحة واحدة، ولفظه الأفضل: (سبحان ربي العظيم وبحمده) في الركوع، وفي السجود: (سبحان ربي الأعلى وبحمده)، ويجوز فيهما (سبحان الله) ويدل على وجوبه في الجملة الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط...
ويدل على استحباب اللفظ الذي ذكرناه، الإجماع المشار إليه...
ويجب أن يكون السجود على سبعة أعضاء: الجبهة والكفين والركبتين وأطراف أصابع الرجلين، للإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط...
ويجب الجلوس للتشهدين -والشهادتان فيهما والصلاة على محمد وآله- بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط.
ويجب السلام، على خلاف بين أصحابنا في ذلك ويدل على ما اخترناه أنه لا خلاف في وجوب الخروج من الصلاة، وإذا ثبت ذلك ولم يجز بلا خلاف بين أصحابنا الخروج منها بغير السلام من الأفعال المنافية لها، كالحدث وغيره على ما يقول أبو حنيفة، ثبت وجوب السلام...
ويسلم المفرد تسليمة واحدة إلى جهة القبلة، ويومئ بها إلى جهة اليمين، وكذلك الإمام، والمأموم كذلك إلا أن يكون على يساره غيره، فإنه حينئذ يسلم يمينا وشمالا، بدليل الإجماع الماضي ذكره...
ويجب أن لا يضع المصلي اليمين على الشمال ولا يقول: (آمين) آخر الحمد، بدليل الإجماع المشار إليه، وطريقة الاحتياط، واليقين ببراءة الذمة من الصلاة...
ويجب عليه ألا يفعل على جهة العمل فعلا كثيرا، ليس من أفعال الصلاة المشروعة، وقد دخل في ذلك القهقهة، والبكاء من غير خشية الله، والكلام بما ليس من جنس أذكارها، سواء كان لمصلحة تتعلق بالصلاة، كإعلام الإمام بسهوه، أو تتعلق بغيرها كتحذيره الضرر لغيره، وقد دخل في ذلك التأفف بحرفين، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
ويجب الاستدامة على ما هو شرط في صحة الصلاة، كالطهارة، وستر العورة، وغيرهما، وقد دخل في ذلك ترك الالتفات إلى دبر القبلة، ويجب عليه أن يجتنب الصلاة وأمامه أو إلى جانبه امرأة تصلي، سواء اشتركا في الصلاة، أو اختلفا فيها، بدليل الإجماع المتقدم ذكره وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 82، 87: في كيفية فعل الصلاة:
وأما الندب فالتوجه، وهو أن يكبر بعد الإقامة ثلاث تكبيرات، يرفع مع كل واحدة منها يديه ويقول بعدهن:
اللهم أنت الملك الحق [المبين ] لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سواء وظلمت نفسي ففزعت إليك تائبا مما جنيت فصل على محمد وآله واغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا أهل التقوى وأهل المغفرة.
ثم يكبر تكبيرتين ويقول: لبيك وسعديك والخير كله لديك والشر ليس بمنسوب إليك أؤمن بك وأتوكل عليك وأؤمن برسولك وما جاء به من عندك فصل على محمد وآله وزك عملي بطولك وتقبل مني بفضلك. ثم يكبر تكبيرة واحدة ينوي بعدها الدخول في الصلاة، وأن يقول بعد تكبيرة الإحرام:
وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما على ملة إبراهيم ودين محمد وولاية أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريتهما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. وتكبير الركوع والسجود، ورفع اليدين مع كل تكبيرة، وتكبيرة القنوت.
والقنوت وموضعه بعد القراءة من الثانية في كل صلاة، وأفضله كلمات الفرج، وهي: لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السموات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
وأنه يزيد على التسبيحة الواحدة في الركوع والسجود إلى الثلاث وإلى الخمس وإلى السبع، وأن يدعو في الركوع فيقول:
اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك خضعت ولك أسلمت وبك آمنت خشع لك لحمي ودمي وعظمي وشعري وبشري وما أقلت الأرض مني.
وأن يقول عند رفع رأسه من الركوع: سمع الله لمن حمده، وعند استوائه قائما: الحمد لله رب العالمين أهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت، وأن يدعو في السجود فيقول: اللهم لك سجدت ولك خشعت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت، سجد وجهي البالي الفاني لوجهك الدائم الباقي سجد وجهي للذي خلقه وبرأه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين. والإرغام بالأنف في السجود، وأن يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وعافني واعف عني إني لما أنزلت إلي من خير فقير، وأن يقول بعد السجدة الثانية حين ينهض: بحول الله وقوته أقوم وأقعد، وأن يقول في التشهد الأول: بسم الله وبالله والأسماء الحسنى كلها لله ما طاب وطهر وزكى ونمى وخلص فهو لله وما خبث فلغير الله. وأن يقول بعد الشهادتين: أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. وأن يقول في التشهد الثاني: التحيات لله والصلوات الطيبات الطاهرات الزاكيات الناميات المباركات الغاديات الرائحات، لله ما طاب وطهر وزكى ونمى وخلص، وما خبث فلغير الله. وأن يقول بعد الشهادتين: أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة داعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا، وبعد الصلاة على محمد وآله: اللهم صل على ملائكتك المقربين وعلى أنبيائك المرسلين وعلى أهل طاعتك أجمعين، واخصص اللهم محمدا وآله بأفضل الصلاة والتسليم، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اللهم صل على محمد وآله المصطفين.
وأن يكون نظره في حال قيامه إلى موضع سجوده، وفي حال الركوع إلى بين قدميه، وفي حال سجوده إلى طرف أنفه، وفي حال جلوسه إلى حجره، وأن يجعل يديه في حال قيامه على فخذيه محاذية لعيني ركبتيه، وفي حال ركوعه على عيني ركبتيه، وفي حال السجود، بحذاء الأذنين، وفي جلوسه على الفخذين.
وأن يلقى الأرض عند الانحطاط إلى السجود بيديه قبل ركبتيه، وأن يعتمد عليهما عند القيام، وأن يسوي ظهره، ويمد عنقه في حال الركوع، وأن يكون متعلقا في حال السجود، يجافي بعض أعضائه عن بعض، وأن يرد رجله اليمنى إلى خلفه إذا جلس، ولا يقعي بين السجدتين، وأن يجلس في حال التشهد متوركا على وركه الأيسر، مع ضم فخذيه، ووضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى. وأن لا يصلي ويداه داخل ثيابه، ولا يفرقع أصابعهما، ولا يتثاءب، ولا يتنخع، ولا ينفخ موضع سجوده، ولا يتأوه بحرف، ولا يدافع الأخبثين. وأن لا يكون في قبلته سلاح مشهور، أو قرطاس مكتوب، أو نجاسة ظاهرة، وأن لا يكون معه سيف، أو سكين، أو شيء فيه صورة، ولا يصلي في لباس أو مكان ذكرنا أن الصلاة تكره ففيه.
وأن يعقب فيكبر بعد التسليم ثلاث مرات، يرفع بها يديه، ويقول: لا إله إلا الله وحده وحده وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وغلب الأحزاب وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيى وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير يولج الليل في النهار... الآية.
ويسبح تسبيح الزهراء عليها السلام ويدعو بما أراد، وأن يعفر بعد التعقيب بأن يطرح نفسه على الأرض، ويضع جبهته موضع سجوده ويقول: اللهم إليك توجهت وإليك قصدت وبفنائك حللت وبمحمد وآله تقربت وبهم استشفعت وبهم توسلت فصل عليهم أجمعين وعجل فرجهم واجعل فرجنا مقرونا بفرجهم.
ثم يضع خده الأيمن موضع جبهته ويقول: اللهم ارحم ذلي بين يديك وتضرعي إليك ووحشتي من الناس وأنسي بك يا كريم يا كريم يا كريم. ثم يضع خده الأيسر موضع الأيمن ويقول: لا إله إلا الله حقا حقا لا إله إلا الله تعبدا ورقا لا إله إلا الله إيمانا وصدقا اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي يا كريم يا كريم يا كريم. ثم يضع جبهته موضع سجوده ويقول: شكرا شكرا مائة مرة أو ما تيسر له، ثم يرفع رأسه ويمسح موضع سجوده بيده اليمنى، ويمسح بها وجهه وصدره.
وصلاة المرأة كصلاة الرجل، ولا تخالفه إلا بما نذكره وهي: أنها يستحب لها أن تضع يديها في حال القيام على ثدييها، وفي حال الركوع على فخذيها. ولا تطأطئ، وتجلس من غير أن تنحني، وتسجد منضمة وتجلس بين السجدتين وللتشهدين منضمة ناصبة ركبتيها واضعة قدميها على الأرض.
وإذا أرادت القيام وضعت يديها على جنبيها، ونهضت حالة واحدة كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره، وأيضا فما ذكرناه من دعاء، وتسبيح وتعقيب، وتعفير، يدل عليه ظواهر الآيات المتضمنة للأمر بفعل الخير بالدعاء والتسبيح والذكر لله تعالى والثناء عليه، ويخص القنوت قوله تعالى: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} والمفهوم من لفظة (قنوت) في الشرع هو الدعاء، فوجب حمل الآية عليه، دون ما يحتمله في اللغة، من طول القيام وغيره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 87: في صلاة الجماعة:
الاجتماع في فرائض اليوم والليلة عدا فريضة الجمعة سنة مؤكدة، بدليل الإجماع الماضي ذكره...
ومن شرط انعقاد الصلاة جماعة: الأذان والإقامة.
وأن يكون الإمام عاقلا مؤمنا بلا خلاف، عدلا بدليل الإجماع الماضي وطريقة الاحتياط، [واليقين بالبراءة]...
وأن يكون طاهر الولادة بمثل ما قدمناه، لأن ولد الزنا عندنا مقطوع على عدم عدالته في الباطن، وإن أظهر خلاف ذلك.
ولا يصح الائتمام بالأبرص والمجذوم والمحدود والزمن والخصي والمرأة إلا بمن كان مثلهم، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
ويكره الائتمام بالأعمى والعبد ومن يلزمه التقصير، ومن يلزمه الإتمام والمتيمم إلا بمن كان مثلهم، وإذا حضر جماعة لهم الصفات التي ذكرناها للإمامة، فالأولى بالتقديم رب القبيلة، أو المسجد، أو البيت، فإن لم يكن فأقرؤهم، فإن استووا فأفقههم، فإن استووا فالهاشمي، فإن استووا فأكبرهم سنا، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 88، 89: في صلاة الجماعة:
وأقل ما ينعقد به الجماعة فيما عدا يوم الجمعة اثنان، يقف المؤتم منهما عن يمين الإمام، ويلزم المؤتم أن يقتدي بالإمام عزما وفعلا، ولا يقرأ في الاوليين من كل صلاة، ولا في الغداة، إلا أن يكون في صلاة جهر وهو لا يسمع قراءة الإمام، فأما الأخريان وثالثة المغرب فحكمه فيها حكم المنفرد.
ويستحب أن يقدم في الصف الأول الخواص من ذوي الأحلام والنهى، وبعدهم العوام والأعراب، وبعدهم العبيد، وبعدهم الصبيان، وبعدهم النساء، ولا يجوز أن يكون بين الإمام والمأمومين ولا بين الصفين ما لا يتخطى مثله، من مسافة، أو بناء أو نهر، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
ومن دخل المسجد ولم يجد مقاما له في الصفوف، أجزأه أن يقوم وحده، محاذيا لمقام الإمام، وانعقدت صلاته، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 89: في صلاة الجماعة:
ومن أدرك الإمام راكعا فقد أدرك الركعة بلا خلاف، فإن سبقه بركعته جعل ثانية الإمام له أولة، وإذا جلس الإمام للتشهد، جلس هو مستوفزا ولم يتشهد، فإذا نهض الإمام إلى الثالثة، نهض معه إليها، وهي له ثانية، فقرأ لنفسه الحمد وسورة، فإذا ركع الإمام ركع بركوعه وسجد بسجوده، فإذا نهض الإمام إلى الرابعة جلس هو فتشهد تشهدا خفيفا، ولحق الإمام قائما، فركع بركوعه وسجد بسجوده، فإذا جلس الإمام للتشهد الأخير، فليجلس هو مستوفزا ولا يتشهد، فإذا سلم الإمام، نهض هو فتمم الصلاة.
وإن سبق بركعتين فآخرتا الإمام له أولتان، يقرأ فيهما لنفسه كالمنفرد، ويتبع الإمام فيما يفعله إلى أن يسلم، فإذا سلم، نهض هو، فتمم باقي الصلاة، وكذلك حكم من سبق بثلاث ركعات.
ويدل على أن ما أدركه المسبوق أول صلاته الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 90: في الاجتماع في صلاة الجمعة:
وأما الاجتماع في صلاة الجمعة فواجب بلا خلاف، إلا أن وجوبه يقف على شروط، وهي: الذكورة، والحرية، والبلوغ، وكمال العقل، وزوال السفر والمرض والعمى والعرج، والكبر الذي يمنع من الحركة، وتخلية السرب، وحضور الإمام العادل أو من نصبه وجرى مجراه، وحضور ستة نفر معه، والتمكن من الخطبتين، وأن يكون بين مكان الجمعة وبين المكلف بها فرسخان فما دونهما، ويسقط فرض حضورها عمن عدا من ذكرناه، فإن حضرها وكان مكلفا، لزمه الدخول فيها جمعة وأجزأته عن الظهر، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
ولا يجوز انعقاد الجمعة في موضعين بينهما من المسافة دون ثلاثة أميال، ويجوز انعقادها بحضور أربعة نفر مع الإمام، وتنعقد بحضور من لم يلزمه من المكلفين إلا النساء بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 90، 91: في الاجتماع في صلاة الجمعة:
ويستحب الغسل في يوم الجمعة كما قدمناه، وقص الشارب والأظفار، والتجمل باللباس، ومس شيء من الطيب، ويستحب للإمام التحنك والارتداء وتقديم دخول المسجد، ليقتدي به الناس، فإذا زالت الشمس وأذن المؤذنون، صعد المنبر، فخطب خطبتين مقصورتين على حمد الله سبحانه والثناء عليه، والصلاة على محمد وآله، والوعظ والزجر، يفصل بينهما بجلسة، ويقرأ سورة خفيفة من القرآن.
وينبغي للمأمومين الإنصات إلى الخطبة، وترك الكلام بما لا يجوز مثله في الصلاة، فإذا فرغ من الخطبة، أقيمت الصلاة، ونزل فصلى بالناس ركعتين، يقرأ في الأولى منهما الحمد وسورة الجمعة، وفي الثانية الحمد وسورة المنافقين، ويستحب أن يصلي بهم العصر عقيب الجمعة بإقامة من غير أذان.
ولا يجوز السفر إذا زالت الشمس، وتكاملت شروط وجوب الجمعة حتى يصلي، ويكره السفر من بعد طلوع الفجر إلى الزوال، وإذا فاتت الجمعة بأن يمضي من الزوال مقدار الأذان والخطبة وصلاة الجمعة لم يجز قضاؤها، ووجب أن يؤدي ظهرا، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 91، 92: في كيفية صلاة المضطر:
المضطر إلى ترك الشيء مما بينا أنه يجب في كيفية صلاة المختار تختلف كيفية صلاته على حسب اختلاف حاله في الضرورات، وهو مكلف بأدائها في آخر الوقت، على أي صفة تمكن منها، فالمريض الذي لا يقدر على القيام إلا بأن يعتمد على حائط أو عصا يلزمه القيام كذلك، فإن لم يقدر عليه على هذه الصفة صلى جالسا، فإن لم يتمكن من ذلك، صلى مضطجعا على جنبه الأيمن، فإن لم يتمكن صلى مستلقيا على ظهره، وأقام تغميض عينيه مقام ركوعه وسجوده، وفتحهما مقام رفع الرأس منهما.
والمضطر إلى الركوب يصلي راكبا ويومئ بالركوع، ويسجد على ما تمكن، وكذلك المضطر إلى المشي، يصلي ماشيا ويومئ بالركوع والسجود، ويتوجهان إلى القبلة إن تمكنا، وإلا بتكبيرة الإحرام.
والراكب في السفينة يصلي قائما إن تمكن، وإلا جالسا، ويتوجه إلى القبلة في جميع الصلاة، فإن كانت السفينة دائرة توجه إلى القبلة، ودار إليها مع دور السفينة، فإن لم يتمكن أجزأه أن يستقبلها بتكبيرة الإحرام فإن لم يعرف القبلة توجه إلى صدر السفينة وصلى حيث توجهت، وكذا السابح والغريق والموتحل والمقيد والمربوط، يصلون على حسب استطاعتهم ويومون بالركوع والسجود.
والعريان إن كان بحيث يراه أحد، صلى جالسا يومئ بالركوع والسجود، وإن كان بحيث لا يراه أحد، صلى قائما وركع وسجد، فإن كان العراة جماعة صلوا جلوسا، إمامهم في وسطهم، لا يتقدمهم إلا بركبتيه.
والخائف من العدو يصلي أيضا على حسب استطاعته، والخوف بانفراده موجب لقصر الصلاة، سواء كان الخائف حاضرا أو مسافرا، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 92، 94: في كيفية صلاة المضطر:
وكيفية صلاة الخوف جماعة: أن يفرق الإمام أصحابه فرقتين: فرقة يجعلها بإزاء العدو، ويصلي بالأخرى ركعة، فإذا نهض إلى الثانية صلوا لأنفسهم الأخرى، وهو قائم مطول للقراءة، فإذا سلموا انصرفوا فقاموا مقام أصحابهم، وجاءت الفرقة الأخرى فلحقوا الإمام قائما في الثانية فاستفتحوا الصلاة، وركعوا بركوعه، وسجدوا بسجوده، فإذا جلس للتشهد قاموا فصلوا الركعة الأخرى، وثبت جالسا حتى يلحقوه، فإذا جلسوا معه، سلم بهم، وانصرفوا بتسليمة، والدليل على صحة هذا الترتيب الإجماع المشار إليه...
والصلاة التي يشترك فيها الإمام والمأموم تضاف إلى الإمام أو إلى الإمام والمأموم، ولا تضاف إلى المأموم وحده لأنه تابع، ويشهد بصحة ما قلناه، أن فيه تسوية بين الفرقتين من وجهين: أحدهما أن الإمام يحرم بالفرقة الأولى ويسلم بالثانية، فيحصل للأولى فضيلة الإحرام، وللثانية فضيلة التحليل، وعلى قول المخالف يحرم بالأولى ولا يسلم بالثانية.
والوجه الثاني أن الفرقة الأولى حين صلت مع الإمام، حرستها الثانية وليست في الصلاة، وعلى قولنا: تحرس الأولى أيضا وليست في الصلاة للثانية وهي في الصلاة فتساوتا في حال الحراسة...
فإن كانت الصلاة المغرب صلى الإمام بالطائفة الأولى ركعة إن شاء أو ركعتين، وبالثانية ما بقي، فإن خافوا العدو بالانقسام، صلوا على ظهور خيلهم في مصافهم، متوجهين إلى القبلة في جميع الصلاة إن أمكن، وإلا بتكبيرة الإحرام، ويومون بالركوع ويسجدون على قرابيس سروجهم، وإن كانت الحال حال طراد ومسايفة عقد كل واحد منهم الصلاة بالنية وتكبيرة الإحرام، وقال مكان كل ركعة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ويتشهد ويسلم، كل ذلك بدليل الإجماع المقدم ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 94: في كيفية صلاة العيدين وما يتعلق بها:
صلاة العيدين واجبة عندنا بشروط وهي شروط الجمعة سواء، بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط، لأن من صلاها برئت ذمته بيقين، وليس كذلك من لم يصلها، وهي ركعتان بلا خلاف باثنتي عشرة تكبيرة: سبع في الأولى وخمس في الثانية منها تكبيرة الإحرام وتكبيرة القيام وتكبيرتا الركوع في رواية، وفي رواية أخرى أنه يقوم إلى الثانية منها بغير تكبير، ويعارض المخالف في عدد التكبيرات بما روي من طرقهم أن النبي صلى الله عليه وآله كبر في الأولى سبعا وفي الثانية خمسا ويقنت بين كل تكبيرتين بما نذكره، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 94، 96: في كيفية صلاة العيدين وما يتعلق بها:
ومن السنة أن يصحر بها، ويخرج الإمام والمأمومون مشاة، وأن يقف الإمام كلما مشى قليلا ويكبر، حتى يبلغ المصلى فيجلس حتى تنبسط الشمس وذلك أول وقتها، ثم يقوم والناس معه بغير أذان ولا إقامة بلا خلاف ممن يعتد به، وبل يقول المؤذنون: الصلاة، ثلاث مرات، ثم يدخل في الصلاة بتكبيرة الإحرام، ويقرأ الحمد والشمس وضحيها، فإذا فرغ من القراءة كبر وقنت فقال: اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل العزة والجبروت وأهل القدرة والملكوت وأهل الجود والرحمة وأهل العفو والعافية أسألك بهذا اليوم الذي عظمته وشرفته وكرمته وجعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلى الله عليه وآله كرامة وذخرا ومزيدا أن تصلي على محمد وآله وتغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وتجعل لنا من كل خير قسمت فيه حظا ونصيبا برحمتك يا أرحم الراحمين.
ثم يكبر ويقول مثل ذلك، حتى تكمل ست تكبيرات بعد القراءة يركع بالسادسة، فإذا نهض إلى الركعة الثانية واستوى قائما كبر وقرأ الحمد، و (هل أتاك حديث الغاشية)، ثم يكبر بعد القراءة أربعا، يقنت بين كل تكبيرتين منها بما ذكرناه، ويركع بالرابعة، وعلى الرواية الأخرى يقوم بغير تكبير ويكبر بعد القراءة خمسا يركع بالخامسة، ويحتج على المخالف بأنه لا خلاف أن من صلى على الترتيب الذي ذكرناه أجزأه ذلك إذا أداه اجتهاده إليه، ولا دليل على إجزاء ما خالفه، فكان الاحتياط فيما قلناه.
فإذا فرغ من الصلاة صعد المنبر فخطب بالناس، والخطبة بعد الصلاة، بلا خلاف ممن يعتد به، والمكلف مخير بين سماع الخطبة والانصراف، والسماع أفضل، بدليل الإجماع الماضي ذكره، ويستحب فعلها لمن لم يتكامل له شرائط وجوبها، ولا يجب قضاؤها إذا فاتت، ولا يفوت حتى تزول الشمس.
ولا يجوز التطوع بالصلاة للإمام ولا المأموم قبل صلاة العيد ولا بعدها، حتى تزول الشمس، إلا في مسجد النبي صلى الله عليه وآله فإن المكلف مرغب في صلاة ركعتين فيه، ولا يجوز انعقاد صلاة العيد في موضعين بينهما دون ثلاثة أميال، كما قلناه في الجمعة، ولا يجوز السفر في يوم العيد قبل صلاته الواجبة، ويكره قبل المسنونة، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 96: في كيفية صلاة العيدين وما يتعلق بها:
وإذا اجتمع عيد وجمعة وجب حضورهما على من تكاملت له شرائط تكليفهما، وقد روي: أنه إذا حضر العيد كان مخيرا في حضور الجمعة، وظاهر القرآن وطريقة الاحتياط يقتضيان ما قدمناه. ويستحب أن يكبر ليلة الفطر عقيب أربع صلوات أولاهن المغرب، ويوم الأضحى عقيب خمس عشرة صلاة لمن كان بمنى، ولمن كان بغيرها من الأمصار كبر عقيب عشر صلوات، وأول الصلوات الظهر من يوم العيد، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 96، 97: في كيفية صلاة الكسوف والآيات العظيمة:
هذه الصلاة عشر ركعات بأربع سجدات، يركع بعد القراءة، فإذا رفع رأسه من الركوع قرأ، فإذا فرغ ركع، هكذا حتى يكمل خمس ركعات، ولا يقول: سمع الله لمن حمده إلا في رفع رأسه من الركعة الخامسة، ثم يسجد سجدتين، وينهض فيصنع كما صنع أولا، ولا يقول: سمع الله لمن حمده إلا في رفع رأسه من الركعة العاشرة، ثم يسجد سجدتين ويتشهد ويسلم.
والدليل على ما ذكرناه الإجماع الماضي ذكره، وأيضا فالاحتياط يقتضي ما ذكرناه، لمثل ما قلناه في كيفية صلاة العيد.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 97: في كيفية صلاة الكسوف والآيات العظيمة:
ويستحب أن يصلي جماعة، وأن يجهر بالقراءة فيها، وأن يقرأ بالسور الطوال، وأن يكبر كلما رفع رأسه من الركوع، وأن يقنت في كل ركعتين، وأن يجعل زمان ركوعه بمقدار زمان قيامه، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
ومن تركها حتى تجلى القرص وجب عليه قضاؤها، فإن كان متعمدا فهو مأزور ويلزمه مع القضاء التوبة والاستغفار، وإن كان مع التعمد وقد احترق القرص كله، استحب له مع ذلك الغسل، كما قدمناه، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 97: في كيفية صلاة الطواف وما يتعلق بها:
من طاف بالبيت وجب عليه بعد فراغه ركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام، ويستحب له أن يقرأ في الأولى مع الحمد سورة الإخلاص، وفي الثانية (قل يا أيها الكافرون)، فإن نسي صلاتهما عند المقام كان عليه صلاتهما عنده، فإن لم يذكر حتى خرج، رجع فصلاهما عنده، فإن لم يتمكن صلاهما بحيث هو وذلك كله بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 98: في كيفية صلاة النذر وما يتعلق بها:
يجب من ذلك ما يشرطه المكلف على نفسه من صفة الصلاة، ومن فعلها في الزمان، أو المكان المخصوص إن شرطه، فإن فعلها على خلاف ما شرطه لزمته الإعادة.
وإن كان ما علقها به من الزمان لا مثل له، كيوم معلوم من شهر مخصوص، فخرج ولم يؤدها مختارا لزمه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما، فإن لم يقدر فعليه إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يتمكن تصدق بما قدر عليه، فإن فوتها مضطرا فلا كفارة عليه، والقضاء لازم له، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 98، 99: في صلاة القضاء:
القضاء عبارة عن فعل مثل الفائت بخروج وقته، ولا يتبع في وجوبه وجوب الأداء، ولهذا وجب أداء الجمعة ولم يجب قضاؤها، ووجب قضاء الصوم على الحائض ولم يجب عليها أداؤه، على ما قدمناه في أصول الفقه، ويجب فعله في حال الذكر له، إلا أن يكون ذلك آخر وقت فريضة حاضرة يخاف فوتها بفعله، بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط...
ومن صلى الأداء قبل تضيق وقته وهو ذاكر للفائت لم يجز، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا ففرض القضاء مضيق لا بدل له...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 99: في صلاة القضاء:
ومن صلى الأداء قبل تضيق وقته، وهو غير ذاكر للفائت، لم يخل إما أن ذكره وهو في الصلاة، أو بعد خروجه منها، فإن ذكره وهو في الصلاة، لزمه نقل النية إليه إن أمكن ذلك، فإن لم يفعل لم يجز الأداء، وإن لم يذكره حتى خرج من الصلاة أجزأه، وذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 99: في صلاة القضاء:
ومن فاتته صلاة من الخمس غير معلومة له بعينها، لزمه أن يصلي الخمس بأسرها، وأن ينوي بكل صلاة منها قضاء الفائت، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، ومن فاته من الصلاة ما لم يعلم كميته، لزمه أن يقضي صلاة يوم بعد يوم، حتى يغلب على ظنه الوفاء.
ومن أغمي عليه قبل دخول وقت الصلاة لا لسبب أدخله على نفسه بمعصية إذا لم يفق حتى خرج وقت الصلاة، لم يجب قضاؤها، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 99، 100: في صلاة القضاء:
والمرتد يجب عليه إذا عاد إلى الإسلام قضاء ما فاته في حال ردته، وقبل أن يرتد، من الصلاة وغيرها من العبادات، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا فقد دللنا فيما مضى على أن الكفار مخاطبون بالشرائع، ومن جملتها قضاء ما يفوت من العبادات، ولا يلزم على ذلك الكافر الأصلي، لأنا أخرجناه بدليل، وهو إجماع الأمة على أنه ليس عليه قضاؤه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 100: في صلاة القضاء:
ومن مات وعليه صلاة، وجب على وليه قضاؤها، وإن تصدق عن كل ركعتين بمد أجزأه، فإن لم يستطع فعن كل أربع بمد، فإن لم يجد فمد لصلاة النهار ومد لصلاة الليل، وذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط، وكذلك نقول في وجوب قضاء الصوم والحج على الولي.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 101: في كيفية الصلاة على الأموات:
فنقول: غسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فرض على الكفاية، إذا قام به بعض المكلفين سقط عن الباقين بلا خلاف، وإذا أريد غسله استحب أن يوضع على سرير أو غيره، مما يرفعه عن الأرض، وأن يكون ذلك تحت سقف، وأن يوجه إلى القبلة بأن يكون باطن قدميه إليها، وأن يحفر لماء الغسل حفيرة تخصه، وأن يقف الغاسل على جانبه الأيمن، وأن لا يتخطاه، وأن يغسل يديه -أعني الميت - إلا أن يكون عليهما نجاسة، فيجب الغسل، وكذا حكم فرجه، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
ويستحب أن يوضئه بعد ذلك على قول الأكثر من أصحابنا، ولا خلاف بينهم أنه لا يمضمض ولا يستنشق، ووجب بعد ذلك أن يغسل على هيئة غسل الجنابة ثلاث غسلات: الأولى بماء السدر، والثانية بماء جلال الكافور والثالثة بماء القراح، ولا يجوز أن يقعد بل يستحب أن يمسح بطنه مسحا رقيقا في الغسلتين الاوليين بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 101، 102: في كيفية الصلاة على الأموات:
ويكره إسخان الماء إلا أن يخاف الغاسل الضرر لشدة البرد، ولا يجوز قص أظفاره ولا إزالة شيء من شعره، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 102: في كيفية الصلاة على الأموات:
ويغسل القتيل بحق وغير حق، إلا قتيل المعركة في جهاد لازم فإنه لا يغسل وإن كان جنبا، ويدفن في ثيابه إلا القلنسوة والفروة والسراويل، فإن أصاب شيئا من ذلك دم لم ينزع، وينزع الخف على كل حال، فإن نقل عن المعركة وفيه حياة ثم مات غسل، ولا يغسل ما وجد من أبعاض الإنسان إلا أن يكون موضع صدره، أو يكون فيه عظم، ولا يغسل السقط إذا كان له أقل من أربعة أشهر، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 102: في كيفية الصلاة على الأموات:
وإذا لم يوجد للرجل من يغسله من الرجال المسلمين غسلته زوجته أو ذوات أرحامه من النساء، فإن لم يوجد من هذه صفته، غسلته الأجانب في قميصه وهن مغمضات، وكذلك الحكم في المرأة إذا ماتت بين الرجال، ومن أصحابنا من قال: إذا لم يوجد للرجل إلا الأجانب من النساء وللمرأة إلا الأجانب من الرجال، دفن كل واحد منهما بثيابه من غير غسل، والأول أحوط.
وأما الكفن فالواجب منه ثلاثة: مئزر وقميص وإزار، والمستحب أن يزاد على ذلك لفافتان أحدهما الحبرة وعمامة وخرقة يشد بها فخذاه، ولا يجوز أن يكون مما لا تجوز الصلاة فيه من اللباس، وأفضله الثياب البياض من القطن أو الكتان، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 102: في كيفية الصلاة على الأموات:
والحنوط هو الكافور يوضع على مساجد الميت، ولا يجوز أن يطيب بغيره ولا به إذا كان محرما، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، والسائغ منه ثلاثة عشر درهما وثلث، ويجزي مثقال واحد، بدليل الإجماع أيضا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 103: في كيفية الصلاة على الأموات:
ويستحب أن يوضع في الكفن جريدتان خضراوان من جرائد النخل، طول كل واحدة منهما كعظم الذراع، ويستحب أن يكتب عليهما وعلى القميص والإزار ما يستحب أن يلقنه الميت من الإقرار بالشهادتين وبالأئمة والبعث والثواب والعقاب، ثم يلف عليهما شيء من القطن، ويجعل إحداهما مع جانب الميت الأيمن قائمة من ترقوته ملصقة بجلده، والأخرى من الجانب الأيسر كذلك، إلا أنها بين الذراع والإزار، وذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 103، 104: في كيفية الصلاة على الأموات:
وأما كيفية الصلاة عليه فالواجب منها أن يكبر المصلي خمس تكبيرات يشهد بعد الأولى الشهادتين ويصلي بعد الثانية على محمد وآله ويدعو بعد الثالثة للمؤمنين والمؤمنات فيقول: اللهم أرحم المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم أدخل على أمواتهم رأفتك ورحمتك وعلى أحيائهم بركات سمواتك وأرضيك إنك على كل شيء قدير.
ويدعو بعد الرابعة للميت إذا كان ظاهره الإيمان والصلاح فيقول: اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به، اللهم لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه واغفر له وارحمه، اللهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف على أهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين.
وإن كان الميت امرأة قال: اللهم أمتك بنت عبدك وأمتك، وكنى عن المؤنث إلى آخر الدعاء. وإن كان طفلا قال: اللهم هذا الطفل كما خلقته قادرا قبضته طاهرا فاجعله لأبويه فرطا ونورا وارزقنا أجره ولا تفتنا بعده. وإن كان مستضعفا قال: ربنا اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. وإن كان غريبا لا يعرفه قال: اللهم هذه النفس أنت أحييتها وأنت أمتها وأنت تعلم سرها وعلانيتها فولها ما تولت واحشرها مع من أحبت. وإن كان مخالفا للحق دعا عليه بما هو أهله، ويخرج بالتكبيرة الخامسة من الصلاة من غير تسليم، والدليل على ذلك الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 104: في كيفية الصلاة على الأموات:
ويعارض المخالف في إسقاط التسليم بإسقاط ما هو أوكد منه من الركوع والسجود، وإذا سقط ذلك بلا خلاف فما المنكر من إسقاط التسليم؟...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 105: في كيفية الصلاة على الأموات:
والمستحب أن يقدم للصلاة أولى الناس بالميت أو من يقدمه، وأن يقف الإمام حيال وسط الميت إن كان رجلا، وصدره إن كان امرأة، ولا ترفع اليدان إلا في التكبيرة الأولى، وأن يتحفى الإمام، ولا يبرح بعد فراغه حتى ترفع الجنازة، وأن يقول من يصليها بعد الخامسة: (عفوك) ثلاث مرات، وأن يكون على طهارة، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 105: في كيفية الصلاة على الأموات:
وإذا اجتمع جنازة رجل وامرأة وصبي، استحب أن يجعل الرجل مما يلي الإمام، وبعده المرأة، وبعدها الصبي، بدليل الإجماع أيضا، ولا يصلي على من لم يبلغ ست سنين فصاعدا، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 105: في كيفية الصلاة على الأموات:
ولا يجوز أن يصلى على الميت بعد أن يمضي عليه يوم وليلة مدفونا لمثل ما قدمناه في المسألة الأولى، ويجب إعادة الصلاة على الميت إذا كانت الجنازة مقلوبة، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، ويصلى على قتلى المسلمين إذا لم يتميزوا من قتلى الكفار بالقصد إليهم، ويصلى على المصلوب ولا يستقبل المصلي وجهه، والصلاة على الميت تكره أن تعاد، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 105، 106: في كيفية الصلاة على الأموات:
وأما كيفية دفن الميت وما يتعلق بها: فالواجب منها أن يوضع على جانبه الأيمن موجها إلى القبلة، والمستحب من ذلك تشييع الجنازة بالمشي خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها، وأن يوضع إذا انتهى بها إلى القبر من قبل رجله، إن كان الميت رجلا، وأن ينقل إليه في ثلاث مرات، ولا يفجأ بها، وأن ينزل من قبل رجلي القبر أيضا إليه يسل سلا، ويسبق إلى القبر رأسه قبل رجليه، وإن كانت امرأة وضعت أمام القبر من جهة القبلة، وأنزلت فيه بالعرض.
وأن يكون عمق القبر قدر قامة، وأن يجعل فيه لحد أو شق، واللحد أفضل. وأن تحل حين وضعه فيه عقد أكفانه، ويوضع خده على التراب، ويلقن الشهادتين وأسماء الأئمة عليهم السلام، ويصنع ذلك به وليه أو من يأمره الولي، ولا يصنع ذلك بالمرأة إلا من كان يجوز له النظر إليها في حياتها. وأن يشرج عليه اللبن أو ما يقوم مقامه، وأن يرفع القبر من الأرض بعد طمه، مقدار شبر أو أربع أصابع مفرجات، وأن يربع ولا يسنم، وأن يرش عليه الماء، يبدأ من عند رأسه، ويدار عليه حتى يرجع إلى الرأس، وأن يلقن أيضا بعد انصراف الناس عنه، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره، وفيه الحجة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 106، 107: في كيفية الصلوات المسنونات:
أما نوافل اليوم والليلة فأربع وثلاثون ركعة، في حق الحاضر ومن هو في حكمه، ثمان منها بعد الزوال وقبل الظهر، وثمان بعد الظهر وقبل العصر، وأربع بعد المغرب، وركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة، وثمان ركعات صلاة الليل، وركعتا الشفع وركعة الوتر، وركعتا الفجر.
وفي حق المسافر ومن هو في حكمه سبع عشرة ركعة، تسقط عنه نوافل الظهر والعصر والعشاء الآخرة، ويبقى ما عداها.
ويسلم في كل ركعتين من جميع النوافل، ويفتتح بالتوجه منها نوافل الظهر والمغرب وعشاء الآخرة ونوافل الليل وركعة الوتر، ويقرأ فيهما بعد الحمد ما شاء من السور أو من أبعاضها، ويجوز الاقتصار في النوافل كلها مع الاختيار على الحمد وحدها.
ويستحب أن يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الليل بعد الحمد، سورة الإخلاص ثلاثين مرة، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون ثلاثين مرة، وأن يطول في القراءة في باقي الركعات، إذا لم يخف طلوع الفجر، وأن يطول قنوت الوتر، ودعاؤه موجود في كتب العمل، لا نطول بذكره هاهنا.
والأفضل الإخفات في نوافل النهار والجهر في نوافل الليل، وكيفية النوافل فيما عدا ما ذكرناه كالفرائض، ويستحب قضاؤها إذا فاتت، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 107: في كيفية الصلوات المسنونات:
ونوافل الجمعة عشرون ركعة: ست في صدر النهار، وست إذا ارتفع، وست قبل الزوال، وركعتان في أول الزوال، فإن لم يتمكن من ترتيبها كذلك، صليت جملة واحدة قبل الزوال، فإن أدرك الزوال وقد بقي منها شيء قضى بعد العصر، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 107، 110: في كيفية الصلوات المسنونات:
وأما نوافل شهر رمضان فألف ركعة زائدة على ما قدمناه من نوافل اليوم و الليلة، يصلى من ذلك في كل ليلة عشرون ركعة : ثمان منها بعد نوافل المغرب، واثنتا عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة وقبل نافلتها، من أول الشهر إلى تمام عشرين ليلة منه، وفي كل ليلة من العشر الأخيرة ثلاثون ركعة : اثنتا عشرة ركعة بعد نوافل المغرب، وثمان عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة، ويصلى ليلة تسع عشرة مائة ركعة، وليلة إحدى وعشرين مائة ركعة، وليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة، مضافة إلى ما تقدم. وإن اقتصر في الليالي الثلاث على المائة فقط، وصلى في كل يوم جمعة من الشهر عشر ركعات صلاة أمير المؤمنين والزهراء وجعفر عليهم السلام، وفي ليلة آخر جمعة من الشهر عشرين ركعة من صلاة أمير المؤمنين عليه السلام، وفي ليلة السبت بعدها عشرين ركعة من صلاة الزهراء عليها السلام كان حسنا.
وقد روي أنه يستحب أن يصلي ليلة النصف منه مائة ركعة، يقرأ في كل ركعة منها بعد الحمد سورة الإخلاص عشر مرات، وليلة الفطر ركعتين، يقرأ في الأولى منهما بعد الحمد سورة الإخلاص ألف مرة، وفي الثانية مرة واحدة.
وأما صلاة الغدير وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة فركعتان يصلي قبل الزوال بنصف ساعة، يقرأ في الأولى والثانية بعد الحمد سورة الإخلاص عشر مرات، وسورة القدر كذلك، وآية الكرسي كذلك، ويستحب أن يصلي جماعة، وأن يجهر فيها بالقراءة، وأن يخطب قبل الصلاة خطبة مقصورة على حمد الله والثناء عليه والصلاة على محمد وآله، وذكر فضل هذا اليوم وما أمر الله به فيه من النص بالإمامة على أمير المؤمنين عليه السلام.
وأما صلاة يوم المبعث وهو اليوم السابع والعشرون من رجب فاثنتا عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة منها بعد الحمد سورة يس.
وأما صلاة ليلة النصف من شعبان فأربع ركعات يقرأ في كل ركعة بعد الحمد سورة الإخلاص مائة مرة.
وأما صلاة أمير المؤمنين عليه السلام فأربع ركعات، يقرأ في كل ركعة بعد الحمد سورة الإخلاص خمسين مرة.
وأما صلاة جعفر عليه السلام وتسمى صلاة الحبوة وصلاة التسبيح، فأربع ركعات يقرأ في الأولى منها بعد الحمد (إذا زلزلت) وفي الثانية (والعاديات) وفي الثالثة (إذا جاء نصر الله والفتح) وفي الرابعة سورة الإخلاص، ويقول في كل ركعة بعد القراءة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر; خمس عشرة مرة، وفي الركوع عشر مرات، وكذا بعد رفع الرأس منه، وكذا في كل سجدة وبعد رفع الرأس منها، ويسلم في كل ركعتين، وذلك هو المشروع في النوافل كما ذكرناه أولا.
وأما صلاة الزهراء عليها السلام فركعتان يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة القدر مائة مرة، وفي الثانية سورة الإخلاص مائة مرة.
وأما صلاة الإحرام فست ركعات ويجزي ركعتان، يفتتحهما بالتوجه، ويقرأ في الأولى بعد الحمد سورة الإخلاص، وفي الثانية (قل يا أيها الكافرون)، ووقتها حين يريد الإحرام أي وقت كان من ليل أو نهار، وأفضل أوقاتها بعد صلاة الظهر.
وأما صلاة الزيارة للنبي صلى الله عليه وآله أو لأحد الأئمة عليهم السلام فركعتان عند الرأس، بعد الفراغ من الزيارة، فإن أراد الإنسان الزيارة لأحدهم وهو مقيم في بلده، قدم الصلاة ثم زار عقيبها.
ويصلي الزائر لأمير المؤمنين عليه السلام ست ركعات: ركعتان له، وأربع لآدم و نوح عليهما السلام، لأنه مدفون عندهما.
وأما صلاة الاستخارة فركعتان يقول الإنسان بعدهما وهو ساجد: أستخير الله; مائة مرة; اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستهديك بقدرتك إنك تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب فصل على محمد وآله وخر لي في كذا وكذا، ويذكر حاجته التي قصد هذه الصلاة لأجلها.
وأما صلاة الحاجة فيستحب أن يصام لها الأربعاء والخميس والجمعة، ويغتسل من يريد صلاتها، ويلبس أجمل ما له من الثياب، ويصعد إلى سطح داره أو غيره من الأماكن المنكشفة، فيصلي ركعتين يبتهل بعدهما إلى الله تعالى في نجاح حاجته، فإذا قضيت صلى ركعتين صلاة الشكر، ويقول في ركوعه وسجوده فيهما: الحمد لله شكرا شكرا لله، ويقول بعد التسليم: الحمد لله الذي قضى حاجتي وأعطاني مسألتي، ويسجد ويقول وهو ساجد: شكرا شكرا، مائة مرة.
وأما صلاة الاستسقاء فركعتان كصلاة العيد يقنت بين التكبيرين بما يفتتح من الدعاء، فإذا فرغ الإمام من الصلاة صعد المنبر، فخطب خطبة يحث الناس فيها، بعد حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على محمد وآله، على التوبة وفعل الخير، ويحذر الإقامة على المعاصي، ويعلم أن ذلك سبب القحط. فإذا فرغ من الخطبة حول ما على منكبه الأيمن من الرداء إلى الأيسر، وما على الأيسر إلى الأيمن، ثم استقبل القبلة فكبر مائة مرة، رافعا بها صوته والناس معه، ثم حول وجهه إلى يمينه فسبح مائة مرة والناس معه، ثم حول وجهه إلى يساره فحمد الله مائة مرة والناس معه، ثم حول وجهه إلى الناس فاستغفر الله مائة مرة والناس معه، ثم يحول وجهه إلى القبلة ويسأل الله تعالى تعجيل الغيث ويؤمن الناس على دعائه. ويستحب لهذه الصلاة صيام ثلاثة أيام وخروج إمام الصلاة ومؤذنيه وكافة أهل البلد معه إلى ظاهره على هيئة الخروج إلى صلاة العيد، ولا تصلى في مسجد إلا أن يكون بمكة.
وأما صلاة تحية المسجد فركعتان يقدمهما داخله تحية له قبل شروعه فيما يريده من عبادة أو غيرها، ودليل ذلك كله الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 111: فيما يقطع الصلاة ويوجب إعادتها:
تجب إعادة الصلاة على من تعمد ترك شيء مما يجب فعله فيها، أو فعل شيء مما يجب تركه، وقد قدمنا ذكره، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، ويجب إعادتها على من سها فصلى بغير طهارة، أو قبل دخول الوقت، أو مستدبر القبلة، أو فيما لا يجوز الصلاة فيه ولا عليه، من النجس أو المغصوب، بدليل ما قدمناه، فإن لم يتقدم له علم بالنجاسة والغصب، فصلى ثم علم بذلك والوقت باق لزمته الإعادة، ولم تلزمه بعد خروجه، وهكذا حكم من سها فصلى إلى يمين القبلة أو شمالها، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 111: فيما يقطع الصلاة ويوجب إعادتها:
وتلزم الإعادة لمن سها عن النية، أو تكبيرة الإحرام، أو عن الركوع حتى يسجد، أو عن سجدتين من ركعة ولم يذكر حتى رفع رأسه من الركعة الأخرى، أو سها فزاد ركعة أو سجدة، أو سها، فنقص ركعة أو أكثر منها ولم يذكر حتى استدبر القبلة، أو تكلم بما لا يجوز مثله في الصلاة، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
وتجب الإعادة على من شك في الركعتين الاوليين من كل رباعية، وفي صلاة المغرب والغداة وصلاة السفر، فلم يدر أواحدة صلى أم اثنتين أم ثلاثا، ولا غلب في ظنه شيء من ذلك، بدليل ما تقدم.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 112: فيما يتعلق بالصلاة من الأحكام:
فأما ما يوجب الإعادة فقد بيناه في الفصل الذي قبل هذا الفصل.
وأما ما يوجب الاحتياط فهو أن يشك في الركعتين الأخريين من كل رباعية فإنه يبني على الأكثر، ويجبر النقصان بعد التسليم، مثال ذلك: أن يشك بين اثنتين وثلاث، أو بين ثلاث وأربع، أو بين اثنتين وثلاث وأربع، فإنه يبني في الصورة الأولى على الثلاث، ويتمم الصلاة، فإذا سلم صلى ركعة من قيام، أو ركعتين من جلوس يقومان مقام ركعة، فإن كان ما صلاه ثلاثا، كان ما جبر به نافلة، وإن كان اثنتين كان ذلك جبرانا لصلاته.
وكذلك يصنع في الصورة الثانية، ويصلي في الصورة الثالثة بعد التسليم ركعتين من قيام وركعتين من جلوس، ويدل على ذلك الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 113: فيما يتعلق بالصلاة من الأحكام:
وأما ما يوجب التلافي فأن يسهو عن قراءة الحمد ويقرأ سورة غيرها، فيلزمه قبل الركوع أن يتلافى بترتيب القراءة، وكذا إن سها عن قراءة السورة، وكذا إن سها عن تسبيح الركوع والسجود قبل رفع رأسه منهما، وكذا إن شك في الركوع وهو قائم تلافاه، فإن ذكر وهو راكع أنه قد كان ركع أرسل نفسه إلى السجود ولم يرفع رأسه، وكذا الحكم إن شك في سجدة أو سجدتين فذكر ذلك قبل أن يركع أو ينصرف أو يتكلم بما لا يجوز مثله في الصلاة، وكذا إن شك في التشهد، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 113: فيما يتعلق بالصلاة من الأحكام:
وأما ما يوجب الجبران فأن يسهو عن سجدة واحدة ويذكرها وقد ركع فإنه يلزمه مع قضائها بعد التسليم سجدتا السهو، وكذا الحكم في السهو عن التشهد، ويلزم الجبران بسجدتي السهو لمن قام في موضع جلوس، أو جلس في موضع قيام، ولمن شك بين الأربع والخمس، ولمن سلم في غير موضعه، ولمن تكلم بما لا يجوز مثله في الصلاة ناسيا، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 114: فيما يتعلق بالصلاة من الأحكام:
وأما ما لا حكم له فهو أن يشك في فعل وقد انتقل إلى غيره، مثل أن يشك في تكبيرة الإحرام وهو في القراءة، أو في القراءة وهو في الركوع، أو في الركوع وهو في السجود، أو في السجود وهو في حال القراءة، أو في التشهد وهو كذلك، أو في تسبيح الركوع أو في السجود بعد رفع رأسه منهما، ولا حكم للسهو الكثير المتواتر، ولا حكم له في النافلة، ولا في جبران السهو، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 115: كتاب الزكاة:
أما أقسامها فعلى ضربين: مفروض ومسنون: فالمفروض على ضربين: زكاة الأموال، وزكاة الرؤوس.
فزكاة الأموال تجب في تسعة أشياء: الذهب والفضة والخارج من الأرض من الحنطة والشعير والتمر والزبيب وفي الإبل والبقر والغنم بلا خلاف.
ولا تجب فيما عدا ما ذكرناه، بدليل الإجماع الماضي ذكره في كل المسائل...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 118، 119: في شرائط وجوب الزكاة:
وأما شرائط وجوبها في الذهب والفضة: فالبلوغ، وكمال العقل، وبلوغ النصاب، والملك له، والتصرف فيه بالقبض أو الإذن، وحؤول الحول عليه، وهو كامل في الملك ولم يتبدل أعيانه، ولا دخله نقصان، وأن يكونا مضروبين دنانير ودراهم منقوشين، أو سبائك فر بسبكها من الزكاة.
والدليل على وجوب اعتبار هذه الشروط الإجماع الماضي ذكره، وأيضا فالأصل براءة الذمة من الحقوق، وقد ثبت وجوب الزكاة إذا تكاملت هذه الشروط، وليس على وجوبها مع اختلاف بعضها دليل.
ويعارض المخالف في الصبي والمجنون بما روي من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى ينتبه، وعن المجنون حتى يفيق.
ولا يلزمنا مثل ذلك في المواشي والغلات، لأنا قلنا ذلك بدليل. واشتراط النصاب والملك له لا خلاف فيه، وقد خرج العبد باشتراط الملك، لأن العبد لا يملك شيئا وإن ملكه سيده، لما يؤدي ذلك إليه من الفساد([3]).
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 119: في شرائط وجوب الزكاة:
وشرائط وجوبها في الأصناف الأربعة من الغلات شيئان: الملك لها وبلوغ النصاب، وفي الأصناف الثلاثة من المواشي أربعة: الملك والحول والسوم وبلوغ النصاب، بدليل ما قدمناه([4]).
وأما شرائط صحة أدائها: فالإسلام، والبلوغ، وكمال العقل، والنية، ودخول الوقت في أدائها على جهة الوجوب، ولا أعلم في ذلك خلافا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 119، 120: في مقدار الواجب من الزكاة:
وأما مقدار الواجب من الزكاة فنقول: أما الذهب فلا شيء فيه حتى يبلغ عشرين مثقالا، وذلك المقدار النصاب الأول، فإذا بلغها وتكاملت الشروط، وجب فيه نصف مثقال، بلا خلاف، ثم لا شيء فيما زاد على العشرين، حتى تبلغ الزيادة أربعة مثاقيل، وذلك نصابه الثاني، فيجب فيها عشر مثقال، وعلى هذا الحساب بالغا ما بلغ، في كل عشرين مثقالا نصف مثقال، وفي كل أربعة بعد العشرين عشر مثقال.
وأما الفضة فلا شيء فيها حتى تبلغ مائتي درهم، وذلك مقدار نصابها الأول، فإذا بلغتها وتكاملت الشروط، وجب فيها خمسة دراهم، بلا خلاف، ثم لا شيء فيما زاد على المائتين، حتى تبلغ الزيادة أربعين درهما، فيجب فيها درهم واحد، ثم على هذا الحساب بالغا ما بلغت.
والدليل على مقدار النصاب الثاني فيهما، الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 120، 121: في مقدار الواجب من الزكاة:
وأما الغلات فالواجب في كل صنف منها إن كان سقيه سيحا أو بعلا أو بماء السماء العشر، وإن كان بالغرب والدوالي والنواضح فنصف العشر، وإن كان السقي بالأمرين معا كان الاعتبار بالأغلب من المدتين، فإن تساويا زكى النصف بالعشر، والنصف بنصف العشر، هذا إذا بلغ بعد إخراج المؤن وحق المزارع النصاب، على ما قدمناه، وهو خمسة أوسق -والوسق ستون صاعا- بدليل الإجماع الماضي ذكره، ولأن ما اعتبرناه من النصاب لا خلاف في وجوب الزكاة فيه، وليس على وجوبها فيما نقص عنه دليل...
والوسق ستون صاعا، والصاع عندنا أربعة أمداد بالعراقي، والمد رطلان وربع بالعراقي، بدليل الإجماع المشار إليه، وطريقة الاحتياط باليقين لبراءة الذمة، لأن من أخرج ما ذكرناه برئت ذمته بيقين، وليس كذلك إذا أخرج دونه، فإذا وجب فيما ثبت في الذمة بيقين أن يسقط عنها بيقين، وجب في قدر الصاع ما ذكرناه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 121، 122: في مقدار الواجب من الزكاة:
وأما الواجب في الإبل فلا شيء فيها حتى تبلغ خمسا، وهو نصابها الأول، فإذا بلغتها وتكاملت شروطها الباقية ففيها شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين خمس شياه، وفي ست وعشرين بنت مخاض، وهي التي لها حول كامل، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وهي التي لها حولان، ودخلت في الثالث، وفي ست وأربعين حقة، وهي التي لها ثلاثة أحوال ودخلت في الرابع، وفي إحدى وستين جذعة، وهي التي لها أربعة أحوال ودخلت في الخامس، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان، فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين فصاعدا سقط هذا الاعتبار، ووجب في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة.
ولا شيء فيما بين النصابين، ولا خلاف فيما ذكرناه من ذلك كله، إلا في خمس وعشرين، وست وعشرين وفيما زاد على المائة والعشرين، والدليل على ما قلناه في ذلك الإجماع الماضي ذكره، وأيضا فالأصل براءة الذمة.
وقد اتفقنا على وجوب الزكاة في مائة وثلاثين فعندنا وعند الأكثر من المخالفين أن في ذلك حقة وابنتي لبون، وعند أبي حنيفة حقتان وشاتان، ولم يقم دليل على أن فيما بين العشرين والثلاثين حقا، فوجب البقاء على حكم الأصل...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 122، 123: في مقدار الواجب من الزكاة:
وأما الواجب في البقر ففي كل ثلاثين منها تبيع حولي أو تبيعة وهو الجذع منها، وفي كل أربعين مسنة وهي الثنية فصاعدا، ولا شيء فيما دون الثلاثين، ولا فيما بين النصابين، بدليل الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 123: في مقدار الواجب من الزكاة:
وأما الواجب في الغنم ففي كل أربعين منها شاة، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، وفي ثلاث مائة وواحدة أربع شياه، فإذا زادت على ذلك، سقط هذا الاعتبار، وأخرج عن كل مائة شاة، ولا شيء فيما دون الأربعين، ولا فيما بين النصابين، والمأخوذ من الضأن الجذع، ومن المعز الثني، ولا يؤخذ دون الجذع، ولا يلزم فوق الثني، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 123، 124: في المستحقين للزكاة:
وأما المستحق لذلك فالأصناف الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ...} الآية([5]).
فالفقراء هم الذين لهم دون كفايتهم.
والمساكين هم الذين لا شيء لهم، بدليل الإجماع المشار إليه، وقد نص على ذلك الأكثر من أهل اللغة.
والعاملون عليها هم عمالها والسعاة في جبايتها.
والمؤلفة قلوبهم هم الذين يستمالون إلى الجهاد، بلا خلاف.
وأما الرقاب فالمكاتبون، بلا خلاف أيضا، ويجوز عندنا أن يشترى من مال الزكاة كل عبد هو في ضر وشدة ويعتق، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا فظاهر الآية يقتضيه.
وأما الغارمون فهم الذين ركبتهم الديون في غير معصية، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط. وأما سبيل الله فالجهاد، بلا خلاف.
وعندنا أنه يجوز صرفها فيما عدا ذلك مما فيه مصلحة للمسلمين، كعمارة الجسور والسبل وفي الحج والعمرة وتكفين أموات المؤمنين، وقضاء ديونهم، للإجماع المشار إليه، ولاقتضاء ظاهر الآية له، لأن سبيل الله هو الطريق إلى ثوابه وما أفاد التقرب إليه، وإذا كان ما ذكرناه كذلك، جاز صرف الزكاة فيه.
وأما ابن السبيل فهو المنقطع به، وإن كان في بلده غنيا، وروي أيضا أنه الضيف الذي ينزل بالإنسان وإن كان في بلده غنيا أيضا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 124، 125: في المستحقين للزكاة:
ويجب أن يعتبر فيمن تدفع الزكاة إليه من الأصناف الثمانية -إلا المؤلفة قلوبهم والعاملين عليها- الإيمان والعدالة.
وأن لا يكون ممن يمكنه الاكتساب لما يكفيه.
وأن لا يكون ممن تجب على المرء نفقته، وهم الأبوان، والجدان، والولد، والزوجة، والمملوك.
وأن لا يكون من بني هاشم المستحقين للخمس المتمكنين من أخذه، بدليل الإجماع المتكرر، وطريقة الاحتياط واليقين ببراءة الذمة.
وقد روي من طرق المخالف: لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة قوي، وفي رواية أخرى: ولا لذي قوة مكتسب. فإن كان مستحق الخمس غير متمكن من أخذه، أو كان المزكي هاشميا مثله، جاز دفع الزكاة إليه، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 125: في مقدار المعطى من الزكاة:
وأما مقدار المعطى منها فأقله للفقير الواحد ما يجب في النصاب الأول، فإن كان من الدنانير فنصف دينار، وإن كان من الدراهم فخمسة دراهم، وكذا في الأصناف الباقية، بدليل الإجماع وطريقة الاحتياط، وقد روي أن الأقل من ذلك ما يجب في أقل نصب الزكاة، وذلك من الدنانير عشر مثقال، ومن الدراهم درهم واحد، ويجوز أن يدفع إليه منها الكثير وإن كان فيه غناه، بدليل الإجماع المذكور.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 125، 126: في ما يتعلق بالزكاة من الأحكام:
يجب إخراجها على الفور، فإن أخرها من وجبت عليه لغير عذر ضمن هلاكها، ويجب حملها إلى الإمام ليضعها مواضعها، وإلى من نصبه لذلك، فإن تعذر ذلك وكان من وجبت عليه عارفا لمستحقها، جاز له إخراجها إليه، وإن لم يكن عارفا به حملها إلى الفقيه المأمون من أهل الحق، ليتولى إخراجها.
ولا يجوز لأحد سوى الإمام أو من نصبه أن يصرف شيئا من مال الزكاة إلى المؤلفة، ولا إلى العاملين، ولا في الجهاد، لأن تولي ذلك مخصوص بهما، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 126: في ما يتعلق بالزكاة من الأحكام:
ومن يجوز له أخذها من بني هاشم أولى بها من غيرهم، ومن لا تجب نفقته من الأقارب أولى من الأجانب، والجيران أولى من الأباعد، وأهل البلد أولى من قطان غيره، بدليل الإجماع المشار إليه.
ومن لم يدفعها إلى من يعلمه مستحقا لها في بلده، وحملها إلى غيره، ضمن هلاكها، ولم يضمن إذا لم يعلم لها في بلده مستحقا، وإن حملها مع خوف الطريق بغير إذن مستحقها ضمن، ولا ضمان عليه مع استئذانه، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 126: في ما يتعلق بالزكاة من الأحكام:
ويجوز إخراج الزكاة إلى أيتام المستحق لها عند فقده، ويجوز إخراجها قبل وقت وجوبها على جهة القرض، بدليل الإجماع المشار إليه، فإن دخل الوقت والمعطى من أهل الاستحقاق، أجزأت عن مخرجها، وإن لم يكن من أهله لم تجز عنه، بدليل الإجماع المتردد وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 126: في ما يتعلق بالزكاة من الأحكام:
ومن وجب عليه سن ولم يكن عنده، فإن كان عنده أعلى منها بدرجة، أخذت منه، ويرد عليه شاتان أو عشرون درهما فضة، وإن كان عنده أدنى منها بدرجة أخذت منه، ومعها شاتان أو عشرون درهما، مثال ذلك أن يجب عليه بنت مخاض، وعنده بنت لبون، أو يجب عليه بنت لبون، وعنده بنت مخاض، وعلى هذا الحساب يؤخذ مع ما علا أو دنا بدرجتين أو ثلاث، بالإجماع المشار إليه، فإن أصحابنا لا يختلفون في جواز أخذ القيمة في الزكاة، وعندنا أن بنت المخاض يساويها في القيمة ابن اللبون الذكر.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 127: في زكاة الرؤوس:
زكاة الفطرة واجبة على كل حر بالغ كامل العقل مالك لمقدار أول نصاب تجب فيه الزكاة عنه وعن كل من يعول، من ذكر وأنثى وصغير وكبير وحر وعبد ومسلم وكافر وقريب وأجنبي، بدليل الإجماع الماضي ذكره، وطريقة الاحتياط، واليقين لبراءة الذمة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 127: في زكاة الرؤوس:
ومقدار الواجب صاع عن كل رأس من فضلة ما يقتات الإنسان به، سواء كان حنطة أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا أو ذرة أو أرزا أو أقطا أو غير ذلك، وقد بينا مقدار الصاع فيما مضى، ويجوز إخراج قيمة الصاع، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 127، 128: في زكاة الرؤوس:
ووقت وجوبها من طلوع الفجر من يوم العيد، إلى قبيل صلاته، فإن أخر إخراجها إلى بعد الصلاة لغير عذر، أخل بواجب، وسقط وجوبها، وجرت إن أخرجها مجرى ما يتطوع به من الصدقات، بدليل الإجماع المشار إليه.
وقد روي من طرق المخالف عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله فرض صدقة الفطرة طهرة للصائم من اللغو الرفث وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة كانت له زكاة ومن أداها بعد الصلاة كانت صدقة من الصدقات، وإن كان عزلها من ماله انتظارا لمستحقها، فهي مجزئة عنه، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 128: في ما يستحب فيه الزكاة:
وأما المسنون من الزكاة ففي أموال التجارة إذا طلبت برأس المال أو الربح، وفي كل ما يخرج من الأرض مما يكال ويوزن، سوى ما قدمناه، فإن الزكاة واجبة فيه، وفي الحلي والسبائك من الذهب والفضة، إذا لم يفر بذلك من الزكاة، والمال الغائب الذي لا يتمكن مالكه من التصرف فيه، إذا قدر على ذلك، وقد مضى عليه حول أو أحوال، والمال الصامت لمن ليس بكامل العقل، إذا اتجر به الولي نظرا لهم.
وفي الإناث من الخيل في كل رأس من العتاق ديناران، ومن البراذين دينار واحد، وشرائط الاستحباب مثل شرائط الوجوب، ويسقط في الخيل اعتبار النصاب، والمقدار المستحب إخراجه، مثل المقدار الواجب، إلا في الخيل على ما بيناه، ويستحب إخراج الفطرة لمن لا يملك النصاب، وذلك كله بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 128، 129: في بيان ما يجب فيه الخمس:
واعلم أن مما يجب في الأموال الخمس، والذي يجب فيه الغنائم الحربية، والكنوز، ومعادن الذهب والفضة، بلا خلاف، ومعدن الصفر، والنحاس، والحديد، والرصاص، والزئبق، على خلاف في ذلك، والكحل والزرنيخ والقبر والنفط والكبريت والموميا والزبرجد والياقوت والفيروزج والبلخش والعنبر والعقيق، والمستخرج بالغوص، بدليل الإجماع المشار إليه، وطريقة الاحتياط، واليقين ببراءة الذمة، وظاهر قوله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ}.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 129: في بيان ما يجب فيه الخمس:
ويجب الخمس أيضا في الفاضل عن مؤونة الحول على الاقتصاد من كل مستفاد بتجارة أو زراعة أو صناعة أو غير ذلك من وجوه الاستفادة أي وجه كان، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، وفي المال الذي لم يتميز حلاله من حرامه، وفي الأرض التي يبتاعها الذمي من مسلم، بدليل الإجماع المتردد، ووقت وجوب الخمس حين الاستفادة لما يجب فيه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 129، 130: في بيان ما يجب فيه الخمس:
ويعتبر في الكنوز بلوغ النصاب الذي تجب فيه الزكاة، وفي المأخوذ بالغوص بلوغ قيمة دينار فصاعدا، بدليل الإجماع المتكرر، والكنز يجب فيه الخمس، ويكون الباقي لمن وجده، إذا وجد في دار الحرب على كل حال، وكذا إن وجد في دار الإسلام في المباح من الأرض، وفيما لا يعرف له مالك من الديار الدارسة، فإن وجد في ملك مسلم أو ذمي وجب تعريفه منه، فإن عرفه أخذه، وإن لم يعرفه وكان عليه سكة الإسلام، فهو بمنزلة اللقطة، وإن لم يكن كذلك، كان بعد إخراج الخمس لمن وجده، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 130: في بيان ما يجب فيه الخمس:
والخمس يقسم على ستة أسهم: ثلاثة منها للإمام القائم بعد النبي عليه السلام مقامه، وهي سهم الله وسهم رسوله وسهم ذي القربى وهو الإمام، وثلاثة لليتامى والمساكين وابن السبيل، ممن ينتسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام وجعفر وعقيل والعباس رضي الله عنهم، لكل صنف منهم سهم يقسمه الإمام بينهم على قدر كفايتهم للسنة على الاقتصاد، ولابد فيهم من اعتبار الإيمان أو حكمه، وذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 130: في بيان ما يجب فيه الخمس:
وليس لأحد أن يقول إن ذلك مخالف لظاهر قوله تعالى: {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}.
لأنا نخص ذلك بالدليل، وهذه الآية مخصوصة بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 131، 133: كتاب الصيام:
يحتاج في الصوم إلى العلم بأقسامه وشروطه وما يفسده وما يتعلق بذلك من الأحكام.
أما أقسامه فعلى ضروب ثلاثة: واجب ومندوب ومحظور، والواجب على ضربين: أحدهما يجب مطلقا من غير سبب، والثاني يجب عند السبب، فالأول صوم شهر رمضان، وشروطه على ضربين: أحدهما يشترك فيه الوجوب وصحة الأداء، والثاني يختص صحة الأداء، فالأول: البلوغ وكمال العقل والسلامة من المرض والكبر والسفر ودخول الوقت، والثاني: الإسلام والنية والطهارة من الجنابة، على تفصيل نذكره، ومن الحيض والاستحاضة المخصوصة والنفاس.
وعلامة دخوله -أعني الشهر- رؤية الهلال، وبها يعلم انقضاؤه، بدليل الإجماع من الأمة بأسرها من الشيعة وغيرها على ذلك، وعملهم به من زمن النبي صلى الله عليه وآله وما بعده إلى أن حدث خلاف قوم من أصحابنا فاعتبروا العدد دون الرؤية، وتركوا ظواهر القرآن والمتواتر من روايات أصحابنا، وعدلوا إلى ما لا يجوز الاعتماد عليه من أخبار آحاد شاذة، ومن الجدول الذي وضعه عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، ونسبه إلى الصادق عليه السلام، والخلاف الحادث لا يؤثر في دلالة الإجماع السابق.
وكما لا يؤثر حدوث خلاف الخوارج في رجم الزاني المحصن في دلالة الإجماع على ذلك...
لا يدل على ما ظنه المخالف على صحة مذهبه في العمل بالعدد دون الرؤية، ولا على أن رمضان لا يكون إلا ثلاثين يوما على ما يزعمه، لأنه يفيد أن أيام الصيام معدودة، وهذا لا خلاف فيه، وإنما الخلاف فيما به يعلم أول هذا المعدود وآخره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 134: كتاب الصيام:
وإذا رأى الهلال قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المستقبلة، بدليل الإجماع المتردد، لأن من خالف من أصحابنا في ذلك لم يؤثر خلافه في دلالة الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 135: كتاب الصيام:
ويقوم مقام رؤية الهلال شهادة عدلين مع وجود العوارض من غيم أو غيره، ومع انتفائها شهادة خمسين، فإن فقد الأمران وجب تكميل عدة شعبان ثلاثين يوما، ثم الصوم بنية الفرض، بدليل الإجماع المتكرر، ويعارض المخالف في شهادة الواحد بما روي من طرقهم من قوله عليه السلام: “فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين فإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا” رواه الدار قطني، ولا تقبل في ذلك شهادة النساء، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 135: كتاب الصيام:
ويستحب صوم يوم الشك بنية أنه من شعبان، بدليل الإجماع المتردد وطريقة الاحتياط، لأنه إن كان من رمضان أجزأ عندنا عن الفرض، وإن كان من شعبان أحرز الأجر به...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 136: كتاب الصيام:
ووقت النية من أول الليل إلى طلوع الفجر، بدليل الإجماع الماضي ذكره، وإنما سقط وجوب المقارنة هاهنا رفعا للحرج، ويجوز لمن فاتته ليلا تجديدها إلى قبل الزوال، بدليل الإجماع المتردد وقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، ولم يذكر مقارنة النية.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 137: كتاب الصيام:
فأما الصوم النفل فيجوز النية له إلى بعد الزوال بدليل ما قدمناه من الإجماع المتكرر، وأيضا قوله تعالى: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 137: كتاب الصيام:
ونية القربة تجزئ في صوم رمضان، ولا يفتقر إلى نية التعيين بدليل الإجماع الماضي ذكره، وأيضا قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 138: كتاب الصيام:
ونية واحدة في أول شهر رمضان تكفي لجميعه، وتجديدها لكل يوم أفضل، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 138: كتاب الصيام:
وما يفسد الصوم فيه على ضربين: أحدهما: يوجب مع القضاء الكفارة. والثاني: لا يوجبها، فالأول ما يصل إلى جوف الصائم، مع ذكره للصوم عن عمد منه واختيار، سواء كان بأكل، أو شرب، أو شم، أو ازدراد لما لا يؤكل في العادة، أو حقنة في مرض لا يلجأ إليها، وأن يحصل جنبا في نهار الصوم، مع الشرط الذي ذكرناه، سواء كان ذلك بجماع أو غيره، وسواء كان مبتدئا بذلك فيه، أو مستمرا عليه من الليل، ويجري مجرى ذلك إدراك الفجر له جنبا بعد الانتباه مرتين، وترك الغسل من غير ضرورة، وتعمده الكذب على الله تعالى، أو على رسوله، أو أحد الأئمة عليهم السلام، وتعمده الارتماس في الماء إن كان رجلا، وإن كان امرأة فجلوسها فيه إلى وسطها، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط واليقين ببراءة الذمة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 139: كتاب الصيام:
والكفارة عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، مخير في ذلك، بدليل الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 139، 140: كتاب الصيام:
والضرب الثاني الذي يوجب القضاء وحده، إدراك الفجر لمن نام جنبا بعد الانتباه مرة واحدة، والحقنة والسعوط في المرض المحوج إليهما. وتعمد القيء، وبلع ما يحصل في الفم والحلق منه إذا ذرعه، ووصول الماء إلى الجوف بالمضمضة والاستنشاق للتبرد، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، وتناول ما يفطر مع الشك في دخول الليل ولم يكن داخلا، أو طلوع الفجر وكان طالعا، أو لإخبار الغير بأنه لم يطلع، بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 140: كتاب الصيام:
ويوجب القضاء السفر الذي بيناه أنه يوجب قصر الصلاة، والمرض الذي لا يستطاع معه الصوم، أو يستطاع بمشقة تظهر بها الزيادة في المرض، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 140: في حكم من به عطاش:
واعلم أن الشاب الذي به عطاش لا يرجى زواله يفطر ويكفر عن كل يوم بإطعام مدين أو مد من طعام، وهذا حكم الشيخ الكبير إذا أطاق الصوم بمشقة تدخل عليه الضرر العظيم، فأما إذا لم يطقه أصلا، فلا خلاف في أنه لا صوم ولا كفارة عليه، والحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما، أفطرتا وكفرتا عن كل يوم بما ذكرناه، وعليهما القضاء.
ويوجبه على النساء بلا خلاف خروج دم الحيض والنفاس، ولا حكم لشيء مما ذكرنا أنه يفطر مع النسيان للصوم، أو الاضطرار إلا ما يضطر إليه، من المرض والحيض والنفاس بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 141: في حكم من به عطاش:
ويكره للصائم الاكتحال بما فيه صبر أو ما أشبهه، وتقطير الدهن في الأذن، وشم المسك والزعفران والرياحين، وآكدها النرجس، والسواك الرطب، والحقنة بالجامد مع الإمكان، ولبس الثوب المبلول للتبرد، والمضمضة والاستنشاق كذلك، وإخراج الدم، ودخول الحمام على وجه يضعف، وملاعبة الحلال من النساء، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 141: الضرب الثاني من واجب الصيام:
وأما الضرب الثاني من واجب الصيام، فصوم القضاء للفائت، وصوم كفارة من أفطر يوما من رمضان، وصوم النذر والعهد بلا خلاف، وصوم كفارة الفطر فيهما، بدليل الإجماع المذكور وطريقة الاحتياط، وصوم جزاء الصيد، وصوم دم المتعة، وصوم كفارة حلق الرأس، وصوم كفارة الظهار، وصوم كفارة قتل الخطأ، وصوم كفارة اليمين، بلا خلاف، وصوم كفارة من أفطر يوما يقضيه من شهر رمضان، وصوم كفارة البراءة، وصوم كفارة جز المرأة شعرها في مصاب، وصوم المفوت لعشاء الآخرة، وصوم الاعتكاف، وصوم كفارة فسخ الاعتكاف، بدليل الإجماع الماضي ذكره، وطريقة الاحتياط، واليقين ببراءة الذمة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 141، 142: في صوم القضاء:
وأما القضاء فهو مثل المقضي، ويلزم على الفور، ويفتقر إلى نية التعيين، ويجوز تفريقه، وموالاته أفضل، ومن دخل عليه رمضان ثان، وعليه من الأول شيء لم يتمكن من قضائه، قدم صيام الحاضر، وقضى الفائت بعده، وإن كان تمكن من القضاء ففرط، لزمه مع القضاء أن يكفر عن كل يوم بإطعام مسكين، ومن أفطر في يوم يقضيه عن شهر رمضان قبل الزوال أثم، وإن كان بعد الزوال تضاعف إثمه ووجب عليه صيام ثلاثة أيام، أو إطعام عشرة مساكين، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط، ومن أصحابنا من قال: إن كان الإفطار في قضاء وجب لإفطار يجب به الكفارة لزم فيه مثلها.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 142: في صوم القضاء:
وقد قدمنا أن صوم كفارة المفطر في شهر رمضان شهران ويجب التتابع فيهما وتكميلهما، فلا يصام شعبان لأجل رمضان، ولا شوال لأجل يوم العيد، ولا ذو القعدة لأجل يوم النحر وأيام التشريق في ذي الحجة، ومن أفطر في شيء من الشهرين مضطرا، بنى على ما صامه ولو كان يوما واحدا، وإن كان مختارا في الشهر الأول استأنف الصوم، وإن كان في الشهر الثاني أثم، وجاز له البناء ولو كان بعد صيام يوم واحد منه، بدليل الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 142، 143: في صوم النذر والعهد:
وأما صوم النذر والعهد فعلى حسبهما، وقد أوجبهما الله تعالى بقوله: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} وقوله: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ}، فإن كان ما نذره أو عاهد عليه معينا بزمان مخصوص لا مثل له، ككل [يوم] جمعة، أو أول جمعة من الشهر الفلاني، لزمه ذلك بعينه، وكذا إن كان له مثل كيوم جمعة ما أو شهر محرم ما، وإن كان غير معين بزمان مخصوص، كيوم ما أو شهر ما، كان مخيرا في الأيام والشهور.
فإن أفطر فيما تعين ولا مثل له مختارا، فعليه ما على المفطر في يوم من رمضان من القضاء والكفارة، وإن كان له مثل أثم وعليه القضاء، فإن شرط في صوم الشهر الموالاة، ففرق مضطرا بنى على ما مضى، وإن كان مختارا لزمه الاستئناف على كل حال، وإن لم يشرط الموالاة فأفطر مضطرا بنى، وإن كان مختارا في النصف الأول استأنف، وإن كان في النصف الثاني أثم وجاز له البناء، وإن شرط أداء ذلك في مكان مخصوص، لزم فعله فيه مع التمكن، كل ذلك بدليل الإجماع المتكرر ذكره وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 143، 144: في صوم كفارة جزاء الصيد:
الأصل في وجوب ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}، فمن قتل صيدا وكان محرما في الحل، وعجز عن الفداء بالمثل والإطعام، وجب عليه الصوم، وهو يختلف على حسب اختلاف الصيد، ففي النعامة ستون يوما، فمن لم يستطع فثمانية عشر يوما، وفي حمار الوحش أو بقرة الوحش ثلاثون يوما، فمن لم يتمكن فتسعة أيام، وفي الغزال وما أشبهه ثلاثة أيام، وفيما لا مثل له من النعم صيام يوم لكل نصف صاع بر من قيمته.
وإن كان محرما في الحرم، فعليه مثلا ما ذكرناه من الصوم، والمتابعة فيه أفضل من التفريق، والدليل على هذا التفصيل الإجماع المتكرر وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 144، 145: في صوم دم المتعة الأصل في وجوبه:
قوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}، والثلاثة في الحج يوم السابع والثامن والتاسع من ذي الحجة، ومن فرق صومها عن اختيار استأنف، وإن كان عن اضطرار وكان قد صام يومين قبل النحر صام الثالث بعد أيام التشريق، وإن صام قبله يوما واحدا صام الثلاثة بعد أيام التشريق، ومن لم يتمكن من صومها بعد أيام التشريق جاز له صومها في طريقه، فإن لم يقدر صامها مع السبعة الباقية إذا رجع إلى أهله.
والتتابع واجب أيضا في السبعة، ولا يجوز أن يصام في السفر من الصوم الواجب إلا هذه الثلاثة الأيام، والنذر المشروط صيامه في السفر والحضر، فإن جاور بمكة أو صد عن بلده صام السبعة إذا مضى من المدة ما يصل في مثله إليه، وكل هذا التفصيل بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 145: في كفارة حلق الرأس:
وأما صوم كفارة حلق الرأس فثلاثة أيام، وكذا صوم كفارة اليمين، والأصل في وجوبهما قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ}، وقوله سبحانه: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ -إلى قوله- فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ}، ويجب التتابع في كل ذلك، فمن فرق مختارا استأنف، ومن فرق مضطرا بنى، بدليل ما قدمناه([6]).
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 145، 146: في الاعتكاف وما يتعلق به من صوم وغيره:
من شروط انعقاده الصوم، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، لأن من أوجب على نفسه الاعتكاف بنذر أو عهد، لابد أن يتيقن براءة ذمته منه، ولا خلاف في براءة ذمته إذا صام، وليس كذلك إذا لم يصم، وأيضا قوله تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 146: في الاعتكاف وما يتعلق به من صوم وغيره:
ومن شرط انعقاده أن يكون في مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وآله، أو إمام عدل بعده الجمعة، وذلك أربعة: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة، بدليل الإجماع المتكرر وطريقة الاحتياط، لأنه لا خلاف في انعقاده فيما ذكرناه من الأمكنة وليس على انعقاده في غيرها دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 146: في الاعتكاف وما يتعلق به من صوم وغيره:
ومن شرط انعقاده أن يكون ثلاثة أيام فما زاد، لمثل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 147: في الاعتكاف وما يتعلق به من صوم وغيره:
وملازمة المسجد شرط في صحة الاعتكاف بلا خلاف إلا لعذر ضروري، من إرادة بول، أو غائط، أو إزالة حدث الاحتلام، أو أداء فرض تعين من شهادة أو غيرها، وعندنا يجوز أن يخرج لعيادة المريض، وتشييع الجنازة، بدليل الإجماع المتكرر...
ولا يجوز لمن خرج لعذر أن يجلس تحت سقف مختارا حتى يعود إلى المسجد، ولا التجارة بالبيع والشراء على كل حال، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 147: في الاعتكاف وما يتعلق به من صوم وغيره:
وإذا أفطر المعتكف نهارا، أو جامع ليلا، انفسخ اعتكافه، ووجب عليه استئنافه وكفارة من أفطر يوما من شهر رمضان، بدليل ما قدمناه في المسألة الأولى([7])...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 147: في الاعتكاف وما يتعلق به من صوم وغيره:
والاعتكاف المتطوع به يجب بالدخول فيه المضي فيه ثلاثة أيام، وهو في الزيادة عليها بالاختيار إلا أن يمضي له يومان، فيلزم تكميل ثلاثة أخرى، للإجماع المتكرر وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 148، 149: في الصوم المندوب:
وأما الصوم المندوب فعلى ضربين: معين وغير معين، فالأول صوم رجب كله، وصوم أول يوم منه، وصوم الثالث عشر منه مولد أمير المؤمنين عليه السلام، والسابع والعشرين منه مبعث النبي صلى الله عليه وآله، وشعبان كله، ويوم النصف منه، ويوم السابع عشر من ربيع الأول مولد النبي عليه السلام وأول يوم من ذي الحجة مولد إبراهيم عليه السلام، ويوم عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء، ويوم الغدير، ويوم دحو الأرض وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة، وثلاثة أيام في كل شهر: أول خميس منه، وأول أربعاء في العشر الأوسط منه، وآخر خميس منه، وأيام البيض منه وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وصوم عاشوراء على وجه الحزن، وثلاثة أيام لاستسقاء ولغيره من الحوائج والشكر.
ويستحب للكافر إذا أسلم في يوم من شهر رمضان، وللمريض إذا برئ، وللمسافر إذا قدم، وللغلام إذا بلغ، وللمرأة إذا طهرت من الحيض والنفاس، أن يمسكوا بقية ذلك اليوم، وهذا هو صوم التأديب.
وأما غير المعين فما عدا ما ذكرناه من الأيام إلا المحرمة.
ويستحب للمرأة أن لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها، وكذا العبد مع مولاه والضيف مع مضيفه، وهذا هو صوم الإذن، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه، وطريقة الاحتياط وقوله تعالى: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} وقوله: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ}.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 149: في الصوم المندوب:
وأما الصوم المحرم: فصوم العيدين، وأيام التشريق بمنى، ويوم الشك على أنه من رمضان، وصوم الوصال، وهو أن يجعل عشاءه سحوره، وصوم الصمت، وصوم الدهر، وصوم نذر المعصية، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 151: كتاب الحج/ في أقسام الحج:
أما أقسامه فثلاثة: تمتع بالعمرة إلى الحج وقران وإفراد.
فالتمتع: أن يقدم على أفعال الحج عمرة يتحلل منها ويستأنف الإحرام للحج.
والقران: أن يقرن بإحرام الحج سياق الهدي. والإفراد: أن يفرد الحج من الأمرين معا، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 151: كتاب الحج/ في أقسام الحج:
فالتمتع فرض الله على من لم يكن من أهل مكة وحاضريها، وهم من كان بينه وبينها اثنا عشر ميلا فما دونها، لا يجزئهم مع التمكن في حجة الإسلام سواه، بدليل الإجماع وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 152: كتاب الحج/ في أقسام الحج:
فأما أهل مكة وحاضروها ففرضهم القران والإفراد ولا يجزئهم في حجة الإسلام غيرهما، بدليل الإجماع المذكور وطريقة الاحتياط، وأيضا قوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} إلى قوله: {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وهذا نص…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 152: كتاب الحج/ في أقسام الحج:
والحج على ضربين: مفروض ومسنون، فالمفروض: حج الإسلام، وحج النذر أو العهد، وحج الكفارة، وأما المسنون: فما عدا ما ذكرناه، ويفارق الواجب في أنه لا يجب الابتداء به، ويساويه بعد الدخول فيه في وجوب المضي فيه في سائر أحكامه إلا وجوب القضاء له إذا فات، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 152، 153: في شروط الحج:
وأما شروطه فعلى ضربين: شرائط الوجوب وشرائط صحة الأداء.
فشرائط وجوب حج الإسلام: الحرية والبلوغ وكمال العقل والاستطاعة بلا خلاف، والاستطاعة يكون بالصحة، والتخلية، وأمن الطريق، ووجود الزاد والراحلة، والكفاية له ولمن يعول، والعود إلى كفاية، من صناعة أو غيرها، بدليل الإجماع المتردد…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 153: في شروط الحج:
وأما شرائط صحة الأداء، فالإسلام، وكمال العقل، والوقت، والنية، بلا خلاف، والختنة بإجماع آل محمد عليهم السلام.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 154: في الإحرام:
الإحرام ركن من أركان الحج من تركه متعمدا فلا حج له بلا خلاف، ولا يجوز إلا في زمان مخصوص، وهو شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة، فمن أحرم قبل ذلك لم ينعقد إحرامه، بدليل الإجماع المتردد وطريقة الاحتياط…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 154، 155: في الإحرام:
ولا يجوز عقد الإحرام إلا في موضع مخصوص، وهو لمن حج على طريق المدينة ذو الحليفة، وهو مسجد الشجرة، ولمن حج على طريق الشام الجحفة، ولمن حج على طريق العراق بطن العقيق، وأوله المسلخ وأوسطه غمرة وآخره ذات عرق، ولمن حج على طريق اليمن يلملم، ولمن حج على طريق الطائف قرن المنازل.
وقلنا ذلك للإجماع المكرر وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 155: في الإحرام:
ومن تجاوز الميقات من غير إحرام متعمدا، ولم يتمكن من الرجوع إليه، كان عليه إعادة الحج من قابل، وإن كان ناسيا أحرم من موضعه، ويجوز لمن منزله دون الميقات الإحرام منه، وإحرامه من الميقات أفضل([8]).
وميقات المجاور ميقات أهل بلده، فإن لم يتمكن فمن خارج الحرم، فإن لم يقدر فمن المسجد الحرام، وذلك بدليل الإجماع الماضي.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 155: في الإحرام:
ويستحب لمريد الإحرام قص أظفاره وإزالة الشعر عن إبطيه وعانته، وأن يغتسل، بلا خلاف، ويجب عليه لبس ثوبي إحرامه، يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر، ولا يجوز أن يكونا مما لا يجوز الصلاة فيه، ويكره أن يكونا مما تكره الصلاة فيه، وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم، بدليل الإجماع المتردد، ويجزي مع الضرورة ثوب واحد بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 155، 156: في الإحرام:
ويستحب أن يصلي صلاة الإحرام، وأن يقول بعدها إن كان متمتعا:…
وإن كان قارنا قال:…
وإن كان مفردا قال:…
ثم يجب عليه أن ينوي نية الإحرام على الوجه الذي قدمناه، ويعقده بالتلبية الواجبة، وهي: لبيك اللهم لبيك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك.
ولا ينعقد الإحرام إلا بها أو بما يقوم مقامها من الإيماء لمن لا يقدر على الكلام، ومن التقليد أو الإشعار للقارن، بدليل الإجماع المتكرر وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة، وأيضا ففرض الحج مجمل في القرآن، ولا خلاف أن النبي صلى الله عليه وآله فعل التلبية، وفعله عليه السلام إذا ورد مورد البيان كان على الوجوب.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 157: في الإحرام:
وأوقات التلبية أدبار الصلوات، وحين الانتباه من النوم، وبالأسحار، وكلما علا نجدا، أو هبط غورا، أو رأى راكبا، ويستحب رفع الصوت بها للرجال، وأن لا يفعل إلا على طهر، وآخر وقتها للمتمتع إذا شاهد بيوت مكة، وحدها من عقبة مدنيين إلى عقبة ذي طوى، وللقارن والمفرد إذا زالت الشمس من يوم عرفة، وللمعتمر عمرة مبتولة إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم، فإن كان المعتمر خارجا من مكة فإذا شاهد الكعبة.
والمتمتع إذا لبى بالحج متعمدا بعد طواف العمرة وسعيها وقبل التقصير بطلت متعته، وصار ما هو فيه حجة مفردة، وإن لبى ناسيا لم تبطل، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 158: في الإحرام:
وإذا انعقد إحرامه حرم عليه أن يجامع، أو يستمني، أو يقبل، أو يلامس بشهوة بلا خلاف، وأن يعقد نكاحا لنفسه أو لغيره، أو يشهد عقدا، فإن عقد فالعقد فاسد، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
ويعارض المخالف بما روي من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله: لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب، وفي رواية: ولا يشهد، وهذا نص.
وقولهم: لفظة نكاح حقيقة في الوطء خاصة، غير مسلم، بل وفي العقد، بدليل ظاهر الاستعمال، قال الله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ} {فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء} ولا خلاف أن المراد بذلك العقد…
وأيضا فالعرب تسمي من كان في الشهر الحرام محرما قال الشاعر:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما...
ولم يكن عاقدا للإحرام بلا خلاف…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 159: في الإحرام:
ويحرم عليه أن يلبس مخيطا بلا خلاف، إلا السراويل عند الضرورة عند بعض أصحابنا وبعض المخالفين، وعند قوم من أصحابنا أنه لا يلبس حتى يفتق ويصير كالمئزر وهو أحوط، وأن يلبس ما يستر ظاهر القدم من خف أو غيره بلا خلاف، وأن تلبس المرأة القفازين بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط.
ويعارض المخالف بما روي من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله: “لا تنتقب المرأة في الإحرام ولا تلبس القفازين” وهو نص.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 159: في الإحرام:
ويحرم على الرجل تغطية رأسه، وعلى المرأة تغطية وجهها بلا خلاف، ويحرم عليه أن يستظل وهو سائر، بحيث يكون الظلال فوق رأسه كالقبة، فأما إذا نزل فلا بأس بجلوسه تحت الظلال، من خيمة أو غيرها، ويحرم عليه الارتماس في الماء، وذلك بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط([9]).
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 159: في الإحرام:
ويحرم عليه أن يصطاد، أو يذبح صيدا، أو يدل على صيد، أو يكسر بيضة بلا خلاف، وأن يأكل لحمه وإن صاده المحل ولم تكن منه دلالة عليه، بلا خلاف من الأكثر، ودليلنا على ذلك إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 159، 160: في الإحرام:
ويحرم عليه أن يدهن بما فيه طيب، أو يأكل ما فيه ذلك، وأن يتطيب بالمسك أو العنبر أو العود أو الكافور أو الزعفران بلا خلاف، ويحرم عليه الفسوق وهو عندنا الكذب على الله تعالى، أو على رسوله، أو على أحد الأئمة من آل محمد عليهم السلام، والجدال وهو عندنا قول: (لا والله) و (بلى والله) بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 160: في الإحرام:
ويحرم عليه أن يقطع شيئا من شجر الحرم الذي لم يغرسه في ملكه، وليس من شجر الفواكه، والأذخر، وأن يجز حشيشه بلا خلاف، فأما شجر الفواكه والأذخر وما غرسه الإنسان في ملكه فيجوز قطعه، وكذا رعي الحشيش بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 160: في الإحرام:
ويحرم عليه أن يزيل شيئا من شعره، أو يقص شيئا من أظفاره، وأن يتختم للزينة، أو يدمي جسده بحك أو غيره، وأن يزيل القمل عن نفسه، أو يسد أنفه من الرائحة الكريهة، بلا خلاف أعلمه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 160، 161: في الإحرام:
ويحرم عليه أن يلبس سلاحا، أو يشهره إلا لضرورة، وأن يقتل شيئا من الجراد والزنابير مع الاختيار، فأما البق والبراغيث فلا بأس أن يقتل في غير الحرم، ولا بأس بقتل ما يخافه من الحيات والعقارب والسباع في الحرم وغيره بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 161: في الإحرام:
ويحرم عليه أن يمسك ما كان معه من صيد قبل الإحرام، وأن يخرج شيئا من حمام الحرم منه، وأن لا يرده بعد إخراجه، وأن يمسك ما يدخل به إلى الحرم من الطير بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط...
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص161: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
وما يفعله المحرم مما بينا أنه محرم عليه على ضروب ثلاثة: أحدها يوجب الكفارة، سواء فعله عامدا أو ساهيا. والثاني يوجبها مع العمد دون النسيان. والثالث فيه الإثم دون الكفارة.
فالأول: هو الصيد بلا خلاف بين الجمهور، فمن قتل صيدا له مثل، أو ذبحه، وكان حرا كامل العقل، محلا في الحرم، أو محرما في الحل، فعليه فداؤه بمثله من النعم، بدليل الإجماع من الطائفة وطريقة الاحتياط وأيضا قوله تعالى: {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ...} الآية...
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص162: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
وإن كان محرما في الحرم فعليه الفداء والقيمة، أو الفداء مضاعفا، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة...
وإن كان مملوكا فكفارته على مالكه إن كان إحرامه بإذنه، وعليه إن كان بغير إذنه بالصوم، لأن العبد لا يملك شيئا فيلزمه مثل أو قيمة. وإن كان غير كامل العقل فكفارته على وليه، لأنه الذي أدخله في الإحرام، وليس بواجب عليه، والدليل على ذلك إجماع الطائفة.
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص162: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
وتكرار القتل يوجب تكرار الكفارة بغير خلاف بين أصحابنا إذا كان القاتل ناسيا...
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص162: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
والمثل في النعامة بدنة بلا خلاف، فإن لم يجد فقيمتها، فإن لم يجد فض قيمة البدنة على البر وصام عن كل نصف صاع يوما، بدليل الإجماع من الطائفة وطريقة الاحتياط.
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص162: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
والمثل في حمار الوحش أو بقرة الوحش، بقرة، وفي الظبي شاة بلا خلاف، وفي الأرنب والثعلب عندنا شاة...
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 162، 163: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو:
ومن صام بالقيمة أقل مما ذكرناه من المدة أجزأه، وإن اقتضى ذلك زيادة عليها لم يلزمه أن يصوم الزيادة، ومن عجز من صوم الستين أو الثلاثين، صام مكان كل عشرة أيام ثلاثة، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص163: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
وفي كل حمامة من حمام الحرم، أو إخراج شيء من حمامه منه، أو تنفيره فلا يرجع، شاة، وفي فرخها حمل، وفي كل بيضة لها درهم.
وفي حمامة الحل درهم، وفي فرخها نصف درهم، وفي كل بيضة لها ربع درهم.
وفي كل بيضة من بيض النعام إذا كان قد تحرك فيها الفرخ فصيل، فإن لم يتحرك فإرسال فحولة الإبل على إناثها بعدد ما كسر، فما نتج منها كان ذلك هديا، فإن لم يكن لمن فعل ذلك إبل، فعليه لكل بيضة شاة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
وفي بيض الدراج والحجل إرسال فحولة الغنم في إناثها بعدد البيض فما نتج فهو هدي، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص163: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
ومن رمى صيدا فغاب عنه ولم يعلم حاله، فعليه فداؤه، بدليل الإجماع المتكرر وطريقة الاحتياط...
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص163: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
وفي الجرادة أو الزنبور كف من طعام، وفي الكثير من ذلك دم شاة، وفي القنفذ والضب واليربوع حمل قد فطم ورعى، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص163: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
وفي قتل الأسد ابتداء لا على وجه المدافعة كبش بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط، وأيضا قوله تعالى: {لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ...}...
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص164: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
ومن قتل ما لا مثل له من الصيد كالعصفور أو ما أشبهه، فعليه قيمته، أو عدلها صياما، وحكم المشارك في قتل الصيد حكم المنفرد، بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط، وأيضا قوله تعالى: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا}، إذ المشارك قاتل، ويجري ذلك مجرى قوله سبحانه: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ}، ولا خلاف أن الجماعة إذا اشتركت في القتل، كان على كل واحد منهم كفارة.
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص164: فيما يحرم على المحرم ويوجب الكفارة سواء فعله عامدا أو ساهيا:
وحكم من دل على صيد فقتل حكم القاتل، لمثل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط، لأنه لا خلاف أنه منهي عن الدلالة، ولا يقين ببراءة ذمته إذا دل على صيد فقتل إلا بالكفارة.
ويحتج على المخالف بما روي من طرقهم عن علي عليه السلام وابن عباس أنهما جعلا على محرم -أشار إلى حلال ببيض نعام- الجزاء وعن عمر وعبد الرحمان بن عوف أنهما جعلا على محرم -أشار إلى ظبي فقتله صاحبه- دم شاة ولا مخالف لهم، وهذا دليل الإجماع على أصل المخالف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 164: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
وأما الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد، فما عدا الصيد مما نذكره الآن، وقلنا بسقوطها مع النسيان، للإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 165: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
فمن قبل زوجته من غير شهوة فعليه شاة، فإن قبلها أو لاعبها بشهوة فأمنى فعليه بدنة، ومن نظر إلى غير أهله فأمنى، فعليه إن كان موسرا بدنة، فإن لم يقدر فبقرة، فإن لم يقدر فشاة، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام، وفي الوطء في الفرج في إحرام المتعة قبل طوافها أو سعيها مع فسادها، بدنة، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 165: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
والوطء في الفرج في إحرام الحج قبل الوقوف بعرفة، فساده بلا خلاف، ويلزم المضي فيه، بلا خلاف إلا من داود، وقوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ}، يبطل قوله، لأنه لم يفرق في الأمر بالإتمام بين ما فسد وبين ما لم يفسد، ويجب عليه مع ذلك بدنة، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، ويحتج على أبي حنيفة في قوله: شاة، بما روي من طرقهم عن عمر وابن عباس من قولهما: من وطئ قبل التحليل أفسد حجه وعليه ناقة، ولا مخالف لهما.
-غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 165، 166: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
وحكم الوطء في الفرج بعد عرفة وقبل الوقوف بالمشعر عندنا حكم الوطء قبل عرفة، بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط، وأيضا فقد ثبت وجوب الوقوف بالمشعر على ما سندل عليه، وأنه ينوب في تمام الحج عن الوقوف بعرفة لمن لم يدركه، وكل من قال بذلك، قال بفساد الحج بالجماع قبله، فالتفرقة بين الأمرين يبطلهما الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 166، 167: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
وفي الوطء بعد الوقوف بالمشعر وقبل التحليل بدنة، ولا يفسد الحج بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا فإفساد الحج يفتقر إلى دليل وليس في الشرع ما يدل عليه، فأما وطء المرأة في دبرها، وإتيان الغلام والبهيمة، فلا خلاف بين أصحابنا أن فيه بدنة، واختلفوا في هل يفسد الحج إذا وقع قبل عرفة أو قبل المشعر أم لا؟ فمن قال: يفسده، دليله طريقة الاحتياط، ومن قال: لا يفسده، دليله أن الأصل الصحة وبراءة الذمة من القضاء.
وتكرار الوطئ يوجب تكرار الكفارة وهي بدنة، سواء كان في مجلس واحد أم لا، وسواء كفر عن الأول أم لا، بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 167: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
ومن وطأ زوجة له أو أمة وطئا يفسد الحج فرق بينهما، ولم يجتمعا حتى يعودا إلى الموضع الذي وطأها فيه من الطريق، وإذا جاءا من قابل فبلغا ذلك المكان، فرق بينهما ولم يجتمعا حتى يبلغ الهدي محله، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 167: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
وفي أكل شيء من الصيد، أو بيضه، أو شم أحد ما ذكرناه من أجناس الطيب، أو أكل طعام فيه شيء من ذلك، دم شاة، وكذا في تظليل المحمل، وتغطية رأس الرجل، ووجه المرأة مع الاختيار، عن كل يوم دم شاة، ومع الاضطرار لجملة الأيام دم شاة، بدليل ما قدمناه من الإجماع، وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 167: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
وفي قص كل ظفر من أظفار يديه مد من طعام ما لم يكملهما، فإن كملهما فدم شاة، بدليل الإجماع المتكرر، وأيضا فما قلناه لا خلاف في لزوم الدم به، وليس على لزومه فيما دونه دليل...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 167، 168: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
وإن جادل ثلاث مرات فما زاد صادقا، أو مرة كاذبا، فعليه دم شاة، وفي مرتين كاذبا دم بقرة، وفي ثلاث مرات فما زاد بدنة، وفي لبس المخيط إن كان ثوبا واحدا أو ثيابا جماعة في مجلس واحد، دم شاة، فإن لبس في كل مجلس ثوبا، فعليه من الشياه بعدد الثياب، وينزع الثوب من قبل رجليه، كل ذلك بدليل الإجماع المتردد وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 168: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
وفي حلق الرأس دم شاة، أو إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 168: الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد:
وفي قلع الشجرة الكبيرة من أصلها من الشجر الذي عيناه في الحرم دم بقرة، وفي الصغيرة شاة، وفي قطع البعض من ذلك، أو قطع حشيشه، ما تيسر من الصدقة، ومن عقد وهو محرم على امرأة نكاحا لمحرم فدخل بها، كان على العاقد بدنة وذلك بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 168: الضرب الثالث الذي فيه الإثم دون الكفارة:
وأما الضرب الثالث الذي فيه الإثم دون الكفارة، فما عدا ما ذكرنا لزوم الكفارة فيه، وقلنا ذلك للإجماع المتكرر ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 168، 169: الضرب الثالث الذي فيه الإثم دون الكفارة:
ويكره الاكتحال والخضاب للزينة والنظر في المرآة، بدليل الإجماع المشار إليه...
فأما الاكتحال بما فيه طيب فمن أصحابنا من قال: إنه مكروه، والظاهر أنه محظور، لإجماع الأمة على أن المحرم لا يجوز له الطيب، ولم يفصلوا بين أن يكون في كحل أو غيره، وما ورد من النهي عن الطيب عام في كل ذلك، وطريقة الاحتياط تقتضيه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 169، 170: فيما يستحب عند دخول المسجد الحرام:
ويمضي المحرم على حاله حتى يشاهد بيوت مكة، فيقطع التلبية إن كان متمتعا، كما قدمناه، ويستحب له أن يكثر من حمد الله تعالى على بلوغها، فإذا انتهى إلى الحرم، استحب له الغسل، وأن يدخله ماشيا وعليه السكينة والوقار، وأن يدخل مكة من أعلاها، وأن يغتسل قبل دخولها، وأن يدعو إذا عاين البيت بما نذكره، وأن يغتسل قبل دخول المسجد، وأن يدخله من باب بني شيبة، وأن يقول قبل دخوله:...
وأن يقول إذا دخل المسجد وعاين البيت:...
ويستحب أن يدعو إذا أتى الحجر الأسود فيقول:...
وأن يقبله بيده عليه وأن يقبلها إن لم يتمكن من تقبيله أو يشير بيده إليه ويقبلها إن لم يتمكن من مسحه بها ويقول:...
ثم يستلمه، ثم يجب عليه أن يفعل نية الطواف ويطوف، ودليل ذلك كله إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 170، 171: في الطواف:
الطواف على ضربين: مفروض ومسنون، فالمفروض ثلاثة: طواف المتعة، وطواف الزيارة، وهو طواف الحج، وطواف النساء.
والمسنون: ما عدا ما ذكرناه مما يتطوع به المكلف...
أما طواف المتعة فوقته للمختار من حين يدخل المتمتع مكة إلى أن تغيب الشمس من يوم التروية، وللمضطر إلى أن يبقى من غروب الشمس ما يدرك في مثله عرفة في آخر وقتها، فمن فاته مختارا بطل حجه متمتعا، وكان عليه قضاؤه من قابل إن كان فرضا، وصار ما هو فيه حجة مفردة، ولم يجز عنه طواف الحج، بدليل إجماع الطائفة، وطريقة الاحتياط تقتضي ما قلناه، لأنه لا خلاف في براءة ذمة من طاف طواف المتعة، وليس على قول من يقول: يجزي عن ذلك طواف الحج دليل...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 171، 172: في الطواف:
وأما طواف الزيارة فركن من أركان الحج، من تركه متعمدا فلا حج له بلا خلاف، ومن تركه ناسيا قضاه وقت ذكره، فإن لم يذكره حتى عاد إلى بلده، لزمه قضاؤه من قابل بنفسه، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، فإن لم يستطع استناب من يطوفه، بدليل الإجماع المشار إليه وقوله تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
ووقته للمتمتع من حيث يحلق رأسه من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق، إلا أن يكون هناك ضرورة، من كبر أو مرض أو خوف حيض أو عذر، فيجوز تقديمه على ذلك، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة، وأول وقته للقارن والمفرد من حين دخولهما مكة، وإن كان ذلك قبل الموقفين، بدليل ما قدمناه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 172: في الطواف:
وأما طواف النساء فوقته من حين الفراغ من سعي الحج إلى آخر أيام التشريق، فمن تركه متعمدا أو ناسيا حتى عاد إلى أهله لم يفسد حجه، لكنه لا يحل له النساء حتى يطوف، أو يطاف عنه، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، وأيضا فلا خلاف أن النبي صلى الله عليه وآله فعل هذا الطواف، والمخالف يسميه طواف الصدر...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 172: في الطواف:
والواجب في الطواف النية، ومقارنتها، واستمرار حكمها، والطهارة من الحدث والنجس، وستر العورة، والبداءة بالجحر الأسود، والختام به، وأن يكون سبعة أشواط، وأن يكون البيت عن يسار الطائف، وأن يكون خارج الحجر، وأن يكون بين البيت والمقام، فمن ترك شيئا من ذلك لم يجزه الطواف، بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط، واليقين لبراءة الذمة، لأنه لا خلاف في براءة الذمة منه إذا فعل على الوجه الذي ذكرناه، وليس على براءتها منه إذا فعل على خلافه دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 176: في الطواف:
ولا يجوز قطع الطواف إلا لصلاة فريضة، أو لضرورة، وإن قطعه للصلاة، بنى على ما طاف ولو كان شوطا واحدا، وإن قطعه لضرورة أو سهو بنى على ما طاف إن كان أكثر من النصف، وإن كان أقل منه استأنفه، ويستأنفه إن قطعه مختارا على كل حال، ويستأنفه إن شك وهو طائف فلم يدر كم طاف، ولا يحصل له شيء جملة، أو شك بين ستة وسبعة، بالإجماع المذكور وطريقة الاحتياط.
فإن شك بين سبعة وثمانية، قطعه ولا شيء له، وهذا حكمه لو ذكر وهو في بعض الثامن أنه طاف سبعة، فإن ذكر بعد أن تممه أضاف إليه ستة أخرى، وصار له طوافان، ولزمه لكل طواف ركعتان، وقد دللنا على وجوب هاتين الركعتين في كتاب الصلاة، ولا يجوز له الطواف راكبا إلا لضرورة، بدليل الإجماع وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 176: فيمن أراد السعي:
فإذا أراد السعي استحب له أن يأتي الحجر الأسود فيستلمه، وأن يأتي زمزم فيشرب من مائها، ويغتسل منه إن تمكن، أو يصب منه على بعض جسده، وينبغي أن يكون ذلك من الدلو المقابل للحجر الأسود، وأن يكون الخروج إلى السعي من الباب المقابل للحجر أيضا، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 177: في السعي:
السعي ركن من أركان الحج، وهو على ضربين: سعي المتعة وسعي الحج، وأول وقت سعي المتعة من حيث يفرغ من طوافها، وأول وقت سعي الحج من حين الفراغ أيضا من طوافه، وحكمه في جواز التقديم للضرورة حكم الطواف، ويمتد كل واحد منهما بامتداد وقت الطواف، وحكم كل واحد منهما في الإخلال به عن اختيار أو اضطرار ما ذكرناه من حكم المخل بالطواف، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، لأنه لا خلاف في براءة ذمة المكلف إذا سعى، وليس على براءة ذمة من لم يسع سعي المتعة إذا اقتصر على سعي الحج، ومن سعي الحج إذا جبر بدم، دليل...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 177، 179: في السعي:
والمفروض من السعي النية، ومقارنتها، واستدامة حكمها، والبداءة بالصفا، والختام بالمروة، وأن يكون سبعة أشواط، بدليل ما قدمناه.
والمسنون فيه أن يكون على طهارة، وأن يصعد الصفا، ويستقبل الكعبة، ويكبر الله، ويحمده، ويهلله، سبعا سبعا ويقول:...
ويقول ذلك حتى يبلغ المنارة الأخرى، ويجاوز سوق العطارين، فيقطع الهرولة، ويمشي إلى المروة وهو يقول:...
ويكرر ذلك حتى يصل إلى المروة، وأن يصعد المروة ويقول من التكبير والتحميد والتهليل والصلاة على محمد وآله مثل ما قال على الصفا ثم يقول:...
وإذا انحدر عائدا إلى الصفا فعل في كل موضع مثل ما فعل فيه أولا من دعاء وغيره، ولا يزال كذلك حتى يكمل سبعة أشواط، وحكم قطع السعي والسهو فيه والشك حكم ذلك في الطواف، ولا يجوز الجلوس بين الصفا والمروة، ويجوز الوقوف عند الإعياء والجلوس على الصفا والمروة، ويجوز السعي راكبا، والمشي أفضل، ودليل ذلك كله، إجماع الطائفة عليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 179، 180: في التقصير:
فإذا فرغ المتمتع من سعي المتعة وجب عليه التقصير، وهو أن يقص شيئا من أظفاره وأطراف شعر رأسه ولحيته، أو من أحد ذلك، فإذا فعل ذلك أحل من كل شيء أحرم منه إلا الصيد، لكونه في الحرم، والأفضل له أن يتشبه بالمحرمين إلى أن يحرم له بالحج، فإن نسي التقصير حتى أحرم بالحج فعليه دم شاة.
والإحرام بالحج ينبغي أن يكون عند زوال الشمس من يوم التروية في المسجد الحرام، وأفضل ذلك تحت الميزاب أو عند المقام ويصنع فيه كما صنع في الإحرام الأول، من الغسل، ولبس ثوبيه، والصلاة، والدعاء، والنية، وعقده بالتلبية الواجبة، إلا أنه لا يذكر في الدعاء إلا الحج فقط، ولا يرفع صوته بالتلبية، ثم يخرج متوجها إلى منى، وهو يقرأ (إنا أنزلناه في ليلة القدر) فإذا بلغ إلى الرقطاء دون الردم وأشرف على الأبطح، رفع صوته بالتلبية الواجبة والمندوبة ويقول:...
فإذا أتى منى قال:...
ويستحب أن يبيت بمنى، ويصلي بها المغرب وعشاء الآخرة والفجر، ليكون الإفاضة منها إلى عرفات، ولا يفيض منها الإمام حتى تطلع الشمس ويقول المتوجه إلى عرفات:...
ويلبي بالواجبة والمندوبة رافعا بهما صوته، ويقرأ (إنا أنزلناه في ليلة القدر) حتى يأتي عرفات، ودليل هذا كله اتفاق الطائفة عليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 180، 181: في الوقوف بعرفة:
الوقوف بها ركن من أركان الحج بلا خلاف، وأول وقته من حين تزول الشمس من اليوم التاسع بلا خلاف إلا من أحمد، وآخره للمختار إلى غروبها وللمضطر إلى طلوع الفجر يوم النحر، بلا خلاف، فمن فوته مختارا بطل حجه بلا خلاف، وإن كان مضطرا فأدرك المشعر الحرام في وقت المضطر، فحجه ماض بدليل إجماع الطائفة، وأيضا فقد ثبت وجوب الوقوف بالمشعر على ما سندل عليه، وكل من قال بذلك قال بما ذكرناه، وتفرقة بين الأمرين يبطلها الإجماع.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 181: في الوقوف بعرفة:
ويستحب لمن أتى عرفات أن يضرب خباءه بنمرة وهي بطن عرنة، وأن يغتسل إذا زالت الشمس، ويجمع بين الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين، وأن يكون وقوفه في ميسرة الجبل، وأن يدعو في حال الوقوف، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 181: في الوقوف بعرفة:
والواجب في الوقوف، النية، ومقارنتها، واستدامة حكمها، وأن لا يكون في الجبل إلا لضرورة، ولا في نمرة ولا ثوية ولا ذي المجاز ولا تحت الاراك، وأن يكون إلى غروب الشمس، فإن أفاض قبل الغروب متعمدا عالما بأن ذلك لا يجوز فعليه بدنة، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 183، 184: في الوقوف بالمشعر:
الوقوف بالمشعر ركن من أركان الحج، ووقته للمختار من طلوع الفجر إلى ابتداء طلوع الشمس، ويمتد للمضطر الليل كله، فمن فاته حتى طلعت الشمس فلا حج له، يدل على ذلك الإجماع المتكرر ذكره وطريقة الاحتياط، لأنه لا خلاف في صحة حج من وقف به، وليس كذلك من لم يقف، وأيضا قوله تعالى: {فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}.
وظاهر الأمر يقتضي الوجوب، ولا يصح الذكر فيه إلا بعد الكون به، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأيضا فعل النبي عليه السلام يدل على ذلك، لأنه لا خلاف أنه وقف به…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 184: في الوقوف بالمشعر:
والواجب في الوقوف النية ومقارنتها واستدامة حكمها، وأن لا يرتفع الواقف إلى الجبل إلا لضرورة من ضيق أو غيره، بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 185: في الوقوف بالمشعر:
والمستحب أن يطأ المشعر، وأن يكبر الله تعالى ويسبحه ويحمده ويهلله مائة مرة، ويصلي على محمد وآله ما تيسر ويقول:…
ولا يخرج الإمام من المشعر حتى تطلع الشمس، ويجوز للنساء إذا خفن مجيء الدم الإفاضة ليلا، وإتيان منى والرمي والذبح والتقصير ودخول مكة للطواف والسعي.
ولا يجوز أن تصلى العشاءان إلا في المشعر إلا أن يخاف فوتها بخروج وقت المضطر، ويستحب الجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين، ويستحب إذا أفاض من المشعر إلى منى أن يسير بسكينة ووقار، ذاكرا لله سبحانه مستغفرا له، وأن يقطع وادي محسر بالهرولة ويجزئه أن يهرول فيه مائة خطوة، وإن كان راكبا حرك فيه راحلته، كل ذلك بدليل الإجماع المتكرر ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 186: في نزول منى:
وحد منى من طرف وادي محسر إلى العقبة، وقد ذكرنا أن من السنة المبيت بها ليلة عرفة، وكذلك نزولها يوم النحر لقضاء المناسك بها، من رمي جمرة العقبة، والذبح، والحلق، والتقصير، وكذلك نزولها أيام التشريق للرمي، والمبيت بها ليالي هذه الأيام إلى حين الإفاضة، بلا خلاف، فإن ترك المبيت بها مختارا من غير عذر ليلة فعليه دم، فإن ترك ليلتين فعليه دمان، بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط.
فإن ترك الثالثة فلا شيء عليه، لأن له أن ينفر في النفر الأول، وهو اليوم الثاني من أيام التشريق، فإن لم ينفر فيه حتى غربت الشمس، فعليه المبيت الليلة الثالثة، فإن نفر ولم يبت فعليه دم ثالث، بدليل ما قدمناه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 186، 187: في نزول منى:
ومن أصاب النساء، أو شيئا من الصيد، أو كان صرورة فليس له أن ينفر في النفر الأول، بل يقيم إلى النفر الأخير، وهو اليوم الثالث من أيام التشريق، ويجوز لمن عدا من ذكرناه أن ينفر في الأول، وتأخير النفر الأخير أفضل له.
ومن أراد النفر في الأول، فلا ينفر حتى تزول الشمس إلا لضرورة، فإنه يجوز معها قبل الزوال، ومن أراد النفر في الأخير جاز له ذلك بعد طلوع الشمس أي وقت شاء، ومن أراد المقام بها جاز له ذلك، إلا الإمام وحده، فإن عليه أن يصلي الظهر بمكة، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 187: في الرمي:
لا يجوز الرمي إلا بالحصى، بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط، ويعارض المخالف بما روي من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله حين هبط وادي محسر: أيها الناس عليكم بحصى الخذف، وهذا نص، ولا يجوز بالحصى المأخوذ من غير الحرم، ولا بالمأخوذ من المسجد الحرام، أو من مسجد الخيف، ولا بالحصى الذي قد رمي به مرة أخرى، سواء كان هو الرامي به أو غيره. بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، وفعل النبي عليه السلام يدل على ذلك، لأنه لا خلاف أنه لم يرم بما ذكرناه، وقد قال: خذوا عني مناسككم. ومقدار الحصاة كرأس الأنملة، وأفضله الملتقط من المشعر الحرام البرش منه ثم البيض والحمر، وتكره السود، ويكره أن يكسره، بدليل الإجماع المشار إليه، وهو سبعون حصاة، يرمي يوم النحر جمرة العقبة، وهي القصوى، بسبع، ويرمي في كل يوم بعده الجمار الثلاث بإحدى وعشرين حصاة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 187، 188: في الرمي:
ووقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس من يوم النحر بلا خلاف، ووقت الإجزاء من طلوع الفجر مع الاختيار، فمن رمى قبل ذلك لم يجز إلا أن يكون هناك ضرورة على ما قدمناه.
ووقت الرمي في أيام التشريق كلها بعد الزوال، ومن فاته رمي يوم حتى غربت الشمس، قضاه في اليوم الثاني في صدر النهار، ومن فاته الرمي بخروج أيام التشريق، قضاه من قابل، أو استناب من يرمي عنه، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 188: في الرمي:
ويجب أن يبدأ بالجمرة الأولى، وهي العظمى، وهي التي إلى منى أقرب، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، وهي التي إلى مكة أقرب، فإن خالف الترتيب استدركه، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا فلا خلاف في صحته مع الترتيب، وليس كذلك مع عدمه، وأيضا فقد أتفق على أنه عليه السلام رتب الرمي، وفعله يقع موقع البيان، فيجب الاقتداء به.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 188، 189: في الرمي:
ويستحب أن يقف عند الأولى والثانية ويكبر مع كل حصاة ولا يقف عند الثالثة، كل ذلك بلا خلاف، ويستحب أن يكون الرامي على طهارة، وأن يقف من قبل وجه الجمرة، ولا يقف من أعلاها، وأن يكون بينه وبينها قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا، وأن يقول والحصاة في يده:...
ويدفعها بظاهر مسبحته ويقول:...
وإذا نسي فرمى الأولى بثلاث حصيات، ورمى الجمرتين الأخريين على التمام، ثم ذكر، استأنف ورمى الجمرات الثلاث من أوله، فإن كان رمى الأولى بأربع، تمم رميها بثلاث حصيات، ولم يعد الرمي على الجمرتين الأخريين، وهذا حكمه إذا نسي فرمى الوسطى بثلاث أو أربع، ورمى الثالثة على التمام، وإذا علم أنه قد نقص حصاة ولم يعلم لأي الجمرات هي.
رمى كل جمرة بحصاة، وإذا رمى حصاة فوقعت في محمل، أو على ظهر بعير، ثم سقطت على الأرض، أجزأت، وإلا فعليه أن يرمي عوضا عنها، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 189، 190: في الذبح:
الذبح على ضربين: مفروض ومسنون: فالمفروض في هدي النذر، وهدي الكفارة، وهدي التمتع، وهدي القران بعد التقليد أو الإشعار، والمسنون في هدي القران قبل التقليد والإشعار والأضحية، وهدي النذر يلزم من صفته، وسياقه، وتعيين موضع ذبحه أو نحره، ما يشترط الناذر بلا خلاف، وإن نذر هديا بعينه لم يجزه غيره، بدليل الإجماع من الطائفة وطريقة الاحتياط، وإن نذر مطلقا ولم يعين شيئا مما ذكرناه، فعليه أن يهدي إما من الإبل، أو البقر، أو الغنم، وأن ينحره، أو يذبحه بمكة قبالة الكعبة، بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط.
ولا يجوز أن يكون الهدي إلا ما ذكرناه، بدليل ما قدناه وأيضا قوله: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. لأنه لا خلاف أنه يتناول الإبل والبقر والغنم دون غيرها، وهدي النذر مضمون على الناذر، يلزمه عوض ما انكسر منه، أو مات، أو ضل، ولا يحل له الأكل منه، بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 190: في الذبح:
وأما هدي التمتع فأعلاه بدنة، وأدناه شاة، ويذبح أو ينحر بمنى، وكذا هدي القران، ويلزم سياقه بعد التقليد أو الإشعار، على ما قدمناه وإن كان ابتداؤه تطوعا، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 190: في الذبح:
والتقليد: هو أن يعلق عليه نعل أو قلادة، والإشعار: أن يشق السنام من الجانب الأيمن بحديدة حتى يسيل الدم، ومن السنة ذلك لكل من ساق هديا، بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 190، 191: في الذبح:
ويجوز الأكل من هدي التمتع والقران، بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}، والهدي الذي يترتب عليه قضاء التفث هو هدي التمتع والقران، ويجوز الأكل من الأضحية بلا خلاف، وأفضل الهدي والأضاحي من الإبل والبقر والمعز الإناث ومن الغنم الفحولة.
ولا يجوز من الإبل والبقر والمعز إلا الثني وهو من الإبل الذي قد تمت له خمس سنين ودخل في السادسة، ومن البقر والمعز الذي قد تمت له سنة ودخل في الثانية، ويجزي من الضأن الجذع، وهو الذي لم يدخل في السنة الثانية.
ولا يجوز مع الاختيار أن يكون ناقص الخلقة، ولا أعور بين العور، ولا أعرج بين العرج، ولا مهزولا ولا أخرم ولا أجدع وهو المقطوع الأذن، ولا خصيا، ولا أعضب وهو المكسور القرن، إلا أن يكون الداخل صحيحا، والخارج مقطوعا فإنه جائز.
ولا يجوز التضحية بمنى إلا بما قد أحضر عرفات سواء هو أو غيره، ولا يجزي الهدي الواحد في الواجب إلا عن واحد مع الاختيار، ومع الضرورة تجزي البدنة أو البقرة عن خمسة وعن سبعة، فأما المتطوع به فيجوز اشتراك الجماعة فيه مع الاختيار إذا كانوا أهل خوان واحد، وإن لم يكونوا كذلك فاشتراكهم جائز مع الاضطرار.
ومن السنة أن يتولى المهدي الذبح أو النحر بنفسه أو يشارك الفاعل لذلك، وأن ينحر لما ينحر وهو قائم معقول اليد اليسرى من الجانب الأيمن من اللبة، ولا يجوز أن يعطي الجزار شيئا من الهدي ولا من جلاله على جهة الأجرة، ويجوز على وجه الصدقة.
وأيام الذبح بمنى أربعة: يوم النحر وثلاثة بعده، وفي سائر الأمصار ثلاثة: يوم النحر ويومان بعده، ويجوز ذبح هدي التمتع طول ذي الحجة، ومن لم يجده ووجد ثمنه، تركه عند من يثق به، ليشتريه في العام المقبل ويذبحه عنه، فإن لم يقدر على الثمن صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، على ما بيناه فيما مضى، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 192: في الحلق:
إذا ذبح الحاج هديه أو نحره فليحلق رأسه، يجلس مستقبل القبلة، ويأمر الحلاق أن يبدأ بالناصية من الجانب الأيمن، ويقول: اللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة وحسنات مضاعفات، وكفر عني السيئات إنك على كل شيء قدير.
والحلق نسك وليس إباحة محضة كاللبس والطيب، بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}.
وقد جاء في التفسير أنه الحلق وباقي المناسك، من الرمي وغيره، وإذا أمر تعالى به فهو نسك، ويعارض المخالف بما رووه من أنه عليه السلام قال لأصحابه: أنحروا واحلقوا، وأنه دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة، ولولا أنه نسك لما أمر به، ولا استحق لأجله الدعاء، ويجوز التقصير بدلا من الحلق، وقد روي أن الصرورة لا يجزئه إلا الحلق، وينبغي أن يكون الحلق بمنى، فمن نسيه حتى خرج منها عاد إليها فحلق، فإن لم يتمكن، حلق بحيث هو، وبعث بشعره ليدفن بها، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 192، 193: في طواف الزيارة:
ثم يدخل مكة من يومه أو من الغد لطواف الزيارة -وهو طواف الحج-، وللسعي بين الصفا والمروة، ولطواف النساء، ويصنع قبل دخوله مكة والمسجد وفي الطواف والسعي، مثل ما فعله أولا، ثم يخرج من يومه إلى منى، للمبيت بها ورمي الجمار، على ما قدمناه، ويستحب له إذا نفر من منى أن يأتي مسجد الخيف، فيصلي فيه ست ركعات عند المنارة التي في وسطه، ويسبح تسبيح الزهراء عليها السلام، ويدعو بما أحب، وأن يحول وجهه إلى منى إذا جاوز جمرة العقبة، ويقول: اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المقام وارزقنيه أبدا ما أبقيتني.
وأن يدخل مسجد الحصباء إذا بلغ إليه، ويصلي فيه، ويستريح بالاستلقاء على ظهره، وإذا أراد المسير من مكة، استحب له أن يطوف بالبيت طواف الوداع، وأن يدخله ويصلي في زواياه، وعلى الرخامة الحمراء ويكثر من التضرع والدعاء، وأن يأتي زمزم فيشرب من مائها، ويصلي عند المقام ركعتين، ويدعو بدعاء الوداع، كل ذلك بدليل الإجماع المتكرر.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 193: في أحكام النساء:
وحكم النساء حكم الرجال إلا في النحر والإحرام والحلق، وعليهن كشف الوجوه والتقصير، ولا يستحب لهن رفع الصوت بالتلبية ولا الهرولة بين الميلين، وتؤدي الحائض والنفساء جميع المناسك إلا الطواف، فإنها تقضيه إذا طهرت، بدليل الإجماع المشار إليه، وليس وجود المحرم شرطا في وجوب الحج على المرأة في صحة الأداء، بدليل الإجماع الماضي ذكره وقوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 194: في المصدود والمحصور:
أعلم أن من مات وعليه حجة الإسلام وجب إخراجها من أصل التركة، سواء أوصى بها أو لم يوص، بدليل إجماع الطائفة وطريقة الاحتياط، وأيضا فقد اتفقنا على وجوب الحج عليه، فمن أسقطه بالموت فعليه الدليل…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 194: في المصدود والمحصور:
ومن نذر الحج وعليه حجة الإسلام لزمه أداء الحجتين، لأنهما فرضان اختلف سببهما، فلا يسقط أحدهما بفعل الآخر، وطريقة الاحتياط، واليقين لبراءة الذمة يقتضي ما اخترناه، ولا يجري ذلك مجرى ما يتداخل من الحدود والكفارات لأنها عقوبات، فجاز سقوط بعضها بفعل بعض، وما نحن فيه مصالح وعبادات يفتقر صحة أدائها إلى النية، وإنما لامرئ ما نوى، ومن كان فقيرا وبذلت له الاستطاعة لزمه الحج، لإجماع الطائفة، وظاهر قوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ…}…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 195: في المصدود والمحصور:
ومن صد بعدو أو أحصر بمرض فلم يستطع النفوذ لأداء المناسك، فإن كان قارنا أنفذ هديه، وإن كان متمتعا أو مفردا أنفذ ما يبتاع به الهدي، فإذا بلغ محله، وهو يوم النحر، فليحلق رأسه، ويحل إن كان مصدودا بعدو من كل شيء أحرم منه، وإن كان محصورا بمرض تحلل من كل شيء إلا النساء حتى يطوف طوافهن من قابل أو يطاف عنه، والدليل على ذلك الإجماع الماضي ذكره وأيضا قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} وذلك عام في المرض والعدو معا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 195، 196: في المصدود والمحصور:
ولا يجوز ذبح هدي الإحصار إلا بمحله من البيت أو منى مع الاختيار، ومع الضرورة يجوز ذبحه بحيث هو، بعد أن ينتظر به بلوغ محله، وهو يوم النحر، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}، ولا شبهة في أنه تعالى كلف ذلك مع التمكن منه، فإذا فقد التمكن يسقط تكليفه، ويحتج على من قال: بأن ذبحه لا يجوز إلا بالحرم، بأن النبي صلى الله عليه وآله ذبح هديه بالحديبية حين صده المشركون عن مكة وهذا مما قد اتفقوا على روايته.
وإذا لم يكن لمن ذكرنا حاله هدى ولا قدر على شرائه، لم يجز له التحلل، ويبقى الهدي في ذمته، ويبقى محرما إلى أن يذبحه من قابل، أو يذبح عنه، ولم ينتقل إلى الإطعام ولا إلى الصوم، بدليل الإجماع الماضي ذكره وأيضا قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}…
ويجب على من ذكرنا حاله القضاء إن كان حجا واجبا، ولا قضاء عليه إن كان تطوعا، والاستئجار على الحج عن الميت والمعضوب جائز بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 197: في المصدود والمحصور:
ويستحق الأجير جميع الأجرة بأداء الحج، بلا خلاف ممن أجاز الاستئجار، وكذا حكمه عندنا إن مات بعد الإحرام ودخول الحرم بلا خلاف بين أصحابنا، ويسقط الحج عن المحجوج عنه بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 197: في المصدود والمحصور:
ومتى صد النائب عن النفوذ قبل دخول الحرم وجب عليه أن يرد ما بقي عنده من نفقة الطريق، ويجب عليه أيضا قضاء الحج إذا أفسده، وكفارة ما يجنيه فيه من ماله، بدليل الإجماع الماضي ذكره، ويجوز أن يكون النائب صرورة إذا كان غير مخاطب بالحج لعدم الاستطاعة، فإذا كان مخاطبا بذلك لم تجز له النيابة حتى يؤدي ما عليه، ويلزم النائب أن ينوي بكل منسك أداه نيابة عن فلان بن فلان طاعة لله وقربة إليه، كل ذلك بدليل الإجماع المتكرر.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 197، 198: في العمرة المبتولة:
والعمرة المبتولة واجبة على أهل مكة وحاضريها مرة في العمر، ومن سواهم يغنيه عن نيل العمرة تمتعه بها إلى الحج، وقد ندب إلى التطوع بها في كل شهر مرة أو في كل سنة، وأفضل الشهور للاعتمار (رجب) ويصنع مريدها في الإحرام لها، والطواف والسعي، مثل ما قدمناه أولا، ويطوف بعد السعي طوافا آخر، وهو طواف النساء، لأنه لازم في العمرة المفردة كالحج، ثم يحلق رأسه ويذبح إن كان قد ساق هديا قبالة الكعبة، أو يتبرع بذلك إن شاء، وقد أحل من كل شيء أحرم منه، وحكمه إن صد بعدو أو أحصر بمرض ما قدمناه، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 199، 200: كتاب الجهاد:
الجهاد فرض من فرائض الإسلام بلا خلاف، وجملة ما يحتاج إلى علمه فيه خمسة أشياء:
شرائط وجوبه. وكيف يجب. ومن يجب جهاده. وكيفية فعله. وما يتعلق بذلك من أحكامه، وأحكام الغنائم.
أما شرائط وجوبه: فالحرية، والذكورة، والبلوغ، وكمال العقل، والاستطاعة له بالصحة والقدرة عليه وعلى ما يفتقر إليه فيه، من ظهر ونفقة وأمر الإمام العادل به أو من ينصبه الإمام، أو ما يقوم مقام ذلك، من حصول خوف على الإسلام، أو على الأنفس والأموال.
ومتى اختل شرط من هذه الشروط، سقط فرض الجهاد بلا خلاف أعلمه، ومع تكاملها هو فرض على الكفاية، إذا قام به من فيه كفاية سقط عن غيره بلا خلاف إلا من ابن المسيب ويدل على ذلك بعد الإجماع قوله تعالى: {لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ} الآية...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 200: كتاب الجهاد:
وأما من يجب جهاده: فكل من خالف الإسلام من سائر أصناف الكفار، ومن أظهره وبغى على الإمام العادل، وخرج عن طاعته، أو قصد إلى أخذ مال المسلم وما هو في حكمه، من مال الذمي، وأشهر السلاح في بر أو بحر أو سفر أو حضر، بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 200، 202: كتاب الجهاد:
فأما كيفية الجهاد وما يتعلق به وبالغنائم من الأحكام: فاعلم أنه ينبغي تأخير لقاء العدو إلى أن تزول الشمس، وتصلى الصلاتان، وأن يقدم قبل الحرب الإعذار والإنذار والاجتهاد في الدعاء إلى الحق، وأن يمسك عن الحرب بعد ذلك كله حتى يبدأ بها العدو، لتحق الحجة عليه، ويتقلد بذلك البغي. فإذا عزم أمير الجيش عليها، استخار الله تعالى في ذلك، ورغب إليه في النصر، وعبأ أصحابه صفوفا، وجعل كل فريق منهم تحت راية أشجعهم وأبصرهم بالحرب، وجعل لهم شعارا يتعارفون به، وقدم الدارع أمام الحاسر، ووقف هو في القلب.
وليجتهد في الوصية لهم بتقوى الله، والإخلاص في طاعته، وبذل الأنفس في مرضاته، ويذكرهم مالهم في ذلك من الثواب في الآجل، ومن الفضل وعلو الكلمة في العاجل، ويخوفهم الفرار ويذكرهم ما فيه من عاجل العار وآجل النار.
فإذا أراد الحملة أمر فريقا من أصحابه بها، وبقي هو في فريق آخر ليكونوا فئة تتحيز إليها صفوفهم، فإذا تضعضع لهم العدو وزحف هو بمن معه زحفا، يبعث من أمامه على الأخذ بضم القوم، فإذا زالت صفوفهم عن أماكنها حمل هو حملة واحدة.
ولا يجوز أن يبارز أحد إلا بإذن الإمام أو من نصبه، ولا يجوز أن يفر واحد من واحد ولا من اثنين، ويجوز من ثلاثة فصاعدا، ويجوز قتال العدو بكل ما يرجى به الفتح من نار ومنجنيق وغيرهما وإن كان فيما بينهم مسلمون، إلا إلقاء السم، فإنه لا يجوز أن يلقى في ديارهم، ولا يقاتل في الأشهر الحرم من يرى لها حرمة من الكفار إلا أن يبدأوا فيها بالقتال.
وجميع من خالف الإسلام من الكفار يقتلون مدبرين ومقبلين، ويقتل أسيرهم، ويجاز على جريحهم، وكذا حكم البغاة على الإمام إن كان لهم فئة يرجعون إليها، وإن لم يكن لهم فئة، لم يتبع مدبرهم، ولم يجهز على جريحهم، ولم يقتل أسيرهم.
وأسرى من عدا من ذكرناه من المحاربين على أخذ المال إن كانوا قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلوا، وإن أخذوا مع القتل مالا صلبوا بعد القتل، وإن تفردوا بأخذ المال قطعوا من خلاف، فإن لم يقتلوا ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض بالحبس أو النفي من مصر إلى مصر، كل ذلك بدليل الإجماع من الطائفة عليه.
ومن لا كتاب له من الكفار لا يكف عن قتاله إلا بالرجوع إلى الحق، وكذا حكم من أظهر الإسلام من البغاة والمحاربين، ومن له كتاب -وهم اليهود والنصارى والمجوس- يكف عن قتالهم إذا بذلوا الجزية ودخلوا تحت شروطها، ولا يجوز أخذ الجزية من عباد الأوثان، سواء كانوا عجما أو عربا، ولا من الصابئين ولا من غيرهم، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ}، وقوله تعالى: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}، ولم يذكر الجزية، وقوله: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} إلى قوله: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ}، فشرط في أخذ الجزية أن يكونوا من أهل الكتاب، وهؤلاء ليسوا كذلك.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 202: كتاب الجهاد:
والجزية ما يؤدونه في كل سنة مما يضعه الإمام على رؤوسهم، أو على أرضهم، وليس لها قدر معين، بل ذلك راجع إلى ما يراه الإمام، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 202: كتاب الجهاد:
وإذا أسلم الذمي وقد وجبت عليه الجزية بحؤول الحول سقطت عنه بالإسلام، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 203: كتاب الجهاد:
وشرائط الجزية: أن لا يجاهروا المسلمين بكفرهم، ولا بتناول المحرمات في شريعة الإسلام، ولا يسبوا مسلما، ولا يعينوا على أهل الإسلام، ولا يتخذوا بيعة ولا كنيسة، ولا يعيدوا ما استهدم من ذلك، وتلزم نصرتهم والمنع منهم ما وفوا بهذه الشروط، ومتى أخلوا بشيء منها، صارت دماؤهم هدرا، وأموالهم وأهاليهم فيئا للمسلمين، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 203، 205: كتاب الجهاد:
ويغنم من جميع من خالف الإسلام من الكفار ما حواه العسكر وما لم يحوه من الأموال والأمتعة والذراري والأرضين، ولا يغنم ممن أظهر الإسلام من البغاة والمحاربين إلا ما حواه العسكر من الأموال والأمتعة التي تخصهم فقط، من غير جهة غصب دون ما عداها.
وللإمام أن يصطفي لنفسه قبل القسمة ما شاء، من فرس، أو جارية، أو درع، أو سيف، أو غير ذلك -وهذا من جملة الأنفال- وأن يبدأ بسد ما ينوبه من خلل في الإسلام، وليس لأحد أن يعترض عليه وإن استغرق ذلك جميع الغنيمة، ثم يخرج منها الخمس لأربابه.
ويقسم ما بقي مما حواه العسكر بين المقاتلة خاصة، لكل راجل سهم، ولكل فارس سهمان ولو كان معه عدة أفراس، ويأخذ المولود في دار الجهاد، ومن أدرك المجاهدين للمعونة لهم يأخذ مثل ما يأخذ المقاتل، وحكم غنيمة البحر في القسمة بين من له فرس ومن ليست له، حكم غنيمة البر سواء، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
وما لم يحوه العسكر من غنائم من خالف الإسلام من الكفار، من أرض وعقار وغيرها، فالجميع للمسلمين المقاتل منهم وغير المقاتل، والحاضر والغائب، وهذه الأرض المفتتحة عنوة بالسيف، لا يجوز التصرف فيها ببيع ولا وقف ولا غيرهما، وللإمام أن يقبلها بما يراه، وعلى المتقبل -بعد إخراج حق القبالة فيما بقي في يده- الزكاة إذا تكاملت شروطها.
وأما أرض الصلح فهي أرض الجزية إذا شاء الإمام أن يضعها على الأرض بدلا من الرؤوس، وتسمى الخراجية، وقد بينا أن ذلك يختص بأهل الكتاب، وهذه الأرض يصح التصرف فيها لأربابها بسائر أنواع التصرف، وحكم ما يؤخذ من هذه الأرض، حكم جزية الرؤوس، يسقط بالإسلام، وإذا بيعت الأرض لمسلم سقط خراجها، وانتقلت الجزية إلى رأس بائعها به.
وأما أرض الأنفال، وهي كل أرض أسلمها أهلها من غير حرب، أو جلوا عنها، وكل أرض مات مالكها، ولم يخلف وارثا بالقرابة ولا بولاء العتق، وبطون الأودية، ورؤوس الجبال، والآجام، وقطائع الملوك من غير جهة غصب، والأرضون الموات، فللإمام خاصة دون غيره، وله التصرف فيها بما يراه، من بيع أو هبة أو غيرهما، وأن يقبلها بما يراه، وعلى المتقبل -بعد حق القبالة وتكامل الشروط- ما بيناه من الزكاة.
ومن أخذ أسيرا قبل أن تضع الحرب أوزارها، وجب قتله، ولم يجز للإمام استبقاؤه، وإن أخذ بعد الفتح، فالإمام مخير بين المن عليه بالإطلاق أو المفاداة أو الاستبعاد، وإذا غلب الكفار على شيء من أموال المسلمين وذراريهم، ثم ظهر عليهم المسلمون، فأخذوا ذلك، فالذراري خارجون عن الغنيمة، وما عداهم من الأمتعة والرقيق إن وجده صاحبه قبل القسمة أخذه بغير عوض، وإن وجده بعدها أخذه، ودفع الإمام إلى من وقع في سهمه قيمته من بيت المال، لئلا تنتقض القسمة، ودليل ذلك كله الإجماع المتكرر وفيه الحجة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 207: كتاب البيع:
اشترطنا ثبوت الولاية احترازا من بيع من ليس بمالك للمبيع، ولا في حكم المالك له، وهم ستة: الأب والجد ووصيهما والحاكم وأمينه والوكيل، فإنه لا ينعقد وإن أجازه المالك، بدليل الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 208: كتاب البيع:
وقد دخل فيما قلناه جواز بيع أم الولد إذا مات ولدها، أو كان حيا وثمنها دينا على سيدها، ولا يقدر على قضائه إلا ببيعها، لأنها مملوكة للسيد بلا خلاف، ولهذا جاز له وطؤها وعتقها ومكاتبتها وأخذ ما كاتبها عليه عوضا عن رقبتها، ولهذا وجب على قاتلها قيمتها دون الدية، فالأصل جواز بيعها لأنه في حكم الملك، وإنما منعنا منه مع بقاء الولد وعدم الاستدانة لثمنها والعجز عن وفائه من غيرها، لدليل، وهو الإجماع على ذلك، وبقينا فيما عدا هذا الموضع على حكم الأصل.
ويدل على ما قلناه بعد إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 209: كتاب البيع:
وقد دخل أيضا فيما قلناه جواز بيع المدبر بعد نقض تدبيره -إن كان تدبيره تطوعا- لأنه مملوك، وتدبيره يجري مجرى الوصية، وتغييرها جائز للموصي ما دام حيا، وإن كان تدبيره واجبا -بأن يكون قضاء لنذر- لم يجز بيعه لأن ما هذه حاله لا يجوز نقضه ولا الرجوع فيه، وجواز بيع المكاتب أيضا متى شرط عليه أنه إن عجز عن الأداء أو عن بعضه عاد رقا فعجز، فأما إذا كوتب من غير شرط فإنه لا يجوز بيعه، ويدل على ذلك كله الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 209: كتاب البيع:
وقد دخل فيما أصلنا نفوذ بيع ما يصح بيعه إذا بيع معه في صفقة واحدة ما لا يجوز بيعه، لأنه مملوك يصح بيعه منفردا بلا خلاف، فمن أبطله في هذه الصورة فعليه الدليل، ويدل على ذلك بعد إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 209: كتاب البيع:
وقد دخل فيه أيضا جواز بيع المعقود عليه قبل قبضه من الثمن والمثمن معا، وسواء في ذلك المنقول وغيره إلا أن يكون المبيع طعاما، فإن بيعه قبل قبضه لا يجوز إجماعا، ويدل على ما قلناه الإجماع المتكرر ودلالة الأصل وظاهر القرآن.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 210: كتاب البيع:
ويخرج على ذلك أيضا بيع من ليس بكامل العقل وشراؤه، فإنه لا ينعقد وإن أجازه الولي، بدليل ما قدمناه من الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 210: كتاب البيع:
ويخرج على ذلك أيضا شراء الكافر عبدا مسلما، بدليل ما قدمناه من الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 211: كتاب البيع:
واشترطنا أن يكون المعقود عليه معلوما، لأن العقد على المجهول باطل بلا خلاف، لأنه من بيع الغرر، فلو قال: بعتك عبدا أو ثوبا أو بما يبيع به فلان سلعته، لم يصح، بل لابد من علمه بالمشاهدة، وعلم مقداره وأوصافه إن كان حاضرا ظاهرا، أو بتمييز الجنس وتخصيص العين بالصفة أو المبلغ أو بهما معا بالقول إن كان غائبا.
ويدل على جواز بيع الأعيان الغائبة إذا علمت بما ذكرناه من الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 211، 212: كتاب البيع:
واعتبرنا أن يكون مقدورا على تسليمه، تحفظا مما لا يمكن ذلك فيه، كالسمك في الماء، والطير في الهواء، فإن ما هذه حاله لا يجوز بيعه بلا خلاف، لأنه من بيع الغرر، وقد دخل فيما قلناه بيع الآبق.
وقد رووا أصحابنا جواز بيعه إذا بيع معه في الصفقة سلعة أخرى، وبيع سمك الآجام مع ما فيها من القصب، ويدل على هذا الموضع الإجماع المشار إليه وظاهر القرآن، وإنما أخرجنا منه ما عدا هذا الموضع لدليل قاطع، والبيع لما ذكرناه في هذه الصورة ليس بغرر، لأن ما ينضم في العقد إليه يخرجه عن ذلك، ولهذا جاز بيع الثمرة الموجود بعضها المتوقع وجود باقيها -عندنا وعند مالك- وطلع النخل الذي لم يؤبر مع أصوله وإن كان في الحال معدوما ولا يمكن تسليمه بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 212: كتاب البيع:
ولما ذكرناه من هذين الشرطين نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وذلك لا يجوز فيها منفردة عن الأصول سنة واحدة بشرط التبقية إجماعا بلا خلاف، ويجوز بشرط القطع في الحال إجماعا، ولا يجوز بيعها مطلقا، وفي ذلك خلاف، ودليلنا عليه إجماع الطائفة.
ويجوز عندنا خاصة بيعها مطلقا سنتين فصاعدا، لأنها إن خاست في سنة زكت في أخرى، وظاهر القرآن ودلالة الأصل تدلان على ذلك بعد إجماع الطائفة، فإذا بدا صلاحها وأمنت العاهة جاز بيعها على كل حال، مطلقا وبشرط القطع أو التبقية، بدليل ما قدمناه في المسألة الأولى.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 213: كتاب البيع:
وقيدنا بكونها مباحة، تحفظا من المنافع المحرمة، ويدخل في ذلك كل نجس لا يمكن تطهيره إلا ما أخرجه الدليل، من بيع الكلب المعلم للصيد، والزيت النجس للاستصباح به تحت السماء، وهو إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 214: كتاب البيع:
واعتبرنا حصول الإيجاب من البائع والقبول من المشتري، تحرزا عن القول بانعقاده بالاستدعاء من المشتري والإيجاب من البائع، وهو أن يقول: بعنيه بألف، فيقول: بعتك، فإنه لا ينعقد بذلك بل لابد أن يقول المشتري بعد ذلك: اشتريت أو قبلت، حتى ينعقد.
واحترازا أيضا عن القول بانعقاده بالمعاطاة، نحو أن يدفع إلى البقلي قطعة ويقول: أعطني بقلا، فيعطيه، فإن ذلك ليس ببيع وإنما هو إباحة للتصرف.
يدل على ما قلناه الإجماع المشار إليه، وأيضا فما اعتبرناه مجمع على صحة العقد به...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 214: كتاب البيع:
واشترطنا عدم الإكراه، لأن حصوله مفسد للعقد بلا خلاف، واستثنينا الموضع المخصوص، وهو الإكراه في حق، نحو إكراه الحاكم على البيع لإيفاء ما يلزم من حق، لأنه يصح البيع معه بلا خلاف أيضا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 214، 215: كتاب البيع:
واعلم أن ما يقترن بعقد البيع من الشروط على ضروب: منها: ما هو فاسد مفسد للعقد بلا خلاف، نحو أن يشترط في الرطب أن يصير تمرا...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 215: كتاب البيع:
ومنها: ما هو صحيح والعقد معه كذلك، وهذا على ضربين: أحدهما لا خلاف فيه، نحو أن يشترط في العقد ما يقتضيه، أو ما للمتعاقدين مصلحة فيه، مثل أن يشترط القبض، وجواز الانتفاع، والأجل والخيار والرهن والكفيل.
والثاني فيه خلاف، وهو أن يشترط ما يمكن تسليمه، نحو أن يشتري ثوبا على أن يخيطه البائع أو يصبغه، أو يبيعه شيئا آخر، أو يبتاع منه، وأن يبيع ويشترط على المشتري إن رد الثمن عليه في وقت كذا كان المبيع له، وأن يشترط على مشتري العبد عتقه.
ويدل على صحة العقد مع ذلك، الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 216: كتاب البيع:
ومن الشروط ما هو فاسد بلا خلاف غير مفسد للعقد، وفي ذلك خلاف، نحو أن يشترط ما يخالف مقتضى العقد مثل أن لا يقبض المبيع أو لا ينتفع به، أو يشترط ما يخالف السنة نحو أن يشترط بائع العبد أن يكون ولاؤه له إذا أعتق، ويدل على صحة العقد ما قدمناه من الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 216: كتاب البيع:
واعلم أنه قد نهى صلى الله عليه وآله...
ونهى عن تلقي الركبان للشراء منهم وقال عليه السلام: فإن تلقى متلق فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق، إلا أن ذلك عندنا محدود بأربعة فراسخ فما دونها، فإن زاد على ذلك كان جلبا ولم يكن تلقيا...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 217: في أسباب الخيار ومسقطاته:
إذا صح العقد ثبت لكل واحد من المتبايعين الخيار بأحد أمور خمسة: أحدها: اجتماعهما في مجلس العقد، وهذا هو خيار المجلس.
ولا يسقط إلا بأحد أمرين: تفرق وتخاير. فالتفرق: أن يفارق كل واحد منهما صاحبه بخطوة فصاعدا عن إيثار.
والتخاير على ضربين: تخاير في نفس العقد، وتخاير بعده، فالأول أن يقول البائع: بعتك بشرط أن لا يثبت بيننا خيار المجلس، فيقول المشتري: قبلت، والثاني أن يقول أحدهما لصاحبه في المجلس: اختر، فيختار إمضاء العقد. يدل على ذلك إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 218: في أسباب الخيار ومسقطاته:
ولأن من قال لعبده: إن بعتك فأنت حر، ثم ساوم عليه لم يعتق بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 218: في أسباب الخيار ومسقطاته:
والسبب الثاني للخيار. اشتراط المدة، ويجوز أن تكون ثلاثة أيام فما دونها بلا خلاف، ويجوز الزيادة على الثلاث، ويلزم الوفاء بذلك، ولا يفسد به العقد، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 219، 220: في أسباب الخيار ومسقطاته:
ويثبت خيار الثلاث في الحيوان بإطلاق العقد للمشتري خاصة من غير شرط، وفي الأمة مدة استبرائها، بدليل الإجماع المتكرر، ولأن الثلاث هي المدة المعهودة في الشريعة لضرب الخيار، والكلام إذا أطلق حمل على المعهود، ولأن العيوب في الحيوان لما كانت أخفى، والتغابن فيه أقوى، فسح فيه ما لم يفسح في غيره، ولا يمتنع أن يثبت هذا الخيار من غير شرط، كما ثبت خيار المجلس.
وينقطع هذا الضرب من الخيار بأحد ثلاثة أشياء: انقضاء المدة المضروبة له بلا خلاف، والتخاير في إثباتها، بدليل الإجماع من الطائفة على ذلك، والتصرف في المبيع، وهو من البائع فسخ ومن المشتري إجازة، بلا خلاف وقد روى أصحابنا أن المشتري إذا لم يقبض المبيع وقال للبائع: أجيئك بالثمن، ومضى، فعلى البائع الصبر عليه ثلاثا، ثم هو بالخيار بين فسخ العقد ومطالبته بالثمن.
هذا إذا كان المبيع مما يصح بقاؤه، فإن لم يكن كذلك كالخضروات، فعليه الصبر يوما واحدا، ثم هو بالخيار على ما بيناه، وهلاك المبيع في هذه المدة من مال المبتاع وبعدها من مال البائع، ويدل على ذلك كله إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 220: في أسباب الخيار ومسقطاته:
السبب الثالث للخيار: الرؤية في بيع الأعيان الغائبة التي لم يتقدم من المتبايعين أو من أحدهما رؤية لهاه وقد دللنا على صحة هذا البيع فيما تقدم، وينقطع هذا الخيار ويزول حكمه بأحد أمرين: أحدهما: أن يرى المبيع على ما عين ووصف، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 220: في أسباب الخيار ومسقطاته:
واعلم أن ابتداء المدة للخيار من حين التفرق بالأبدان، لا من حين حصول العقد، لأن الخيار إنما يثبت بعد ثبوت العقد، وهو لا يثبت إلا بعد التفرق، فوجب أن يكون الخيار ثابتا من ذلك الوقت، ويدخل خيار المجلس في جميع ضروب البيع -السلم وغيره- لإجماع الطائفة على ذلك، وكذا خيار الشرط لمثل ما قدمناه إلا عقد الصرف، فإن خيار الشرط لا يدخله بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 220: في أسباب الخيار ومسقطاته:
ولا يدخل خيار المجلس فيما ليس ببيع من سائر العقود، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 221: في أسباب الخيار ومسقطاته:
وإذا وطئ المشتري في مدة الخيار لم يكن مأثوما، ويلحق به الولد، ويكون حرا، ويلزم العقد من جهته، على ما قدمناه، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة، ولم ينفسخ خيار البائع ولو شاهده يطأ فلم ينكر، لأنه لا دليل على ذلك، فإن فسخ البائع العقد لزم قيمة الولد للمشتري، وعشر قيمة الأمة -إن كانت بكرا- ونصف عشر قيمتها -إن كان ثيبا- لأجل الوطئ بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 221: في أسباب الخيار ومسقطاته:
وخيار المجلس والشرط موروث، بدليل إجماع الطائفة، ولأنه إذا كان حقا للميت ورث كسائر حقوقه، لظاهر القرآن، وإذا جن من له الخيار أو أغمي عليه، انتقل الخيار إلى وليه، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 221: في أسباب الخيار ومسقطاته:
السبب الرابع للخيار: ظهور عيب إذا كان في المبيع قبل قبضه، بلا خلاف، ولا ينقطع إلا بأحد أمور خمسة:
أحدها: اشتراط البراءة من العيوب حالة العقد، فإنه يبرأ من كل عيب، ظاهرا كان أو باطنا، معلوما كان أو غير معلوم، حيوانا كان المبيع أو غيره، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 222: في أسباب الخيار ومسقطاته:
وثانيها: تأخير الرد مع العلم بالعيب، لأنه على الفور بلا خلاف.
وثالثها: الرضا بالعيب، بلا خلاف أيضا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 222: في أسباب الخيار ومسقطاته:
ورابعها: حدوث عيب آخر عند المشتري، وليس له هاهنا إلا الأرش وهو أن يرجع على البائع من الثمن بمقدار ما نقص من قيمة المبيع صحيحا إلا أن يكون المبيع حليا، أو آنية من ذهب أو فضة قد بيع بجنسه، فإن أخذ الأرش لا يجوز لما يؤدي ذلك إليه من الربا، والأولى فسخ العقد، واستئنافه بثمن ليس من جنس المبيع، ليسلم من ذلك([10]).
وخامسها: التصرف في المبيع الذي لا يجوز مثله إلا بملك أو الإذن الحاصل له بعد العلم بالعيب، فإنه يمنع من الرد بشيء من العيوب، ولا يسقط حق المطالبة بالأرش، لأن التصرف دلالة الرضا بالبيع لا بالعيب، وكذا حكمه إن كان قبل العلم بالعيب، وكان مما يغير المبيع بزيادة فيه، مثل الصبغ للثوب، أو نقصان منه كالقطع له، وإن لم يكن كذلك فله الرد بالعيب إذا علمه ما لم يكن المبيع أمة فيطؤها، فإن ذلك يمنع من ردها بشيء من العيوب إلا الحبل، فإنها ترد به ومعها نصف عشر قيمتها لأجل الوطئ على ما مضى، كل ذلك بدليل الإجماع من الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 222، 223: في أسباب الخيار ومسقطاته:
وأحداث السنة الجنون والجذام والبرص فإنه يرد بكل واحد من ذلك العبد.
والأمة إلى مدة سنة، إذا لم يمنع من الرد مانع بدليل الإجماع المشار إليه أيضا.
وترد الشاة المصراة ومعها صاع من تمر أو بر عوض لبن التصرية، بدليل هذا الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 223: في أسباب الخيار ومسقطاته:
وإذا كان العيب في بعض المبيع فله أرشه أو رد الجميع، وليس له رد المعيب خاصة، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 223: في أسباب الخيار ومسقطاته:
ولا يمنع من الرد بالعيب الزوائد المنفصلة الحاصلة من المبيع في ملك المشتري كالثمرة والنتاج، ومتى رد فذلك له دون البائع، بدليل الإجماع المتكرر ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 224: في أسباب الخيار ومسقطاته:
السبب الخامس للخيار: ظهور غبن لم تجر العادة بمثله، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 224: في الربا:
فأما الربا فيثبت في كل مكيل وموزون، سواء كان مطعوما أو غير مطعوم، بالنص لا بعلة بدليل إجماع الطائفة، فلا يجوز بيع بعضه ببعض -إذا اتفق الجنس أو كان في حكم المتفق كالحنطة والشعير عندنا- إلا بشروط ثلاثة زائدة على ما مضى: الحلول النافي للنسيئة، والتماثل في المقدار، والتقابض قبل الافتراق بالأبدان، بلا خلاف إلا من مالك...
فأما قول ابن عباس ومن وافقه من الصحابة بجواز التفاضل نقدا فقد انقرض وحصل الإجماع على خلافه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 225: في الربا:
فإن اختلف الجنس وكان أحدهما ذهبا والآخر فضة سقط اعتبار التماثل فقط، واعتبر الحلول والتقابض بلا خلاف، فإن لم يكونا ذهبا وفضة سقط اعتبار التماثل بلا خلاف، وأما اعتبار الحلول والتقابض هاهنا فهو الأحوط، ويصح البيع من دونهما وإن كان مكروها، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 225: في الربا:
وإن كان أحدهما ذهبا أو فضة والآخر مما عداهما، سقط اعتبار الشروط الثلاثة بلا خلاف، وقد روى أصحابنا أنه إذا اتفق كل واحد من العوضين في الجنس، وأضيف إلى أحدهما ما ليس من جنسه، سقط اعتبار التماثل في المقدار، مثل بيع دينار ودرهم بدينارين أو بدرهمين، وألف درهم وثوب بألفين، ويدل على ذلك بعد الإجماع المشار إليه، ظاهر القرآن ودلالة الأصل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 225: في الربا:
واللحمان أجناس مختلفة، فلحم الإبل جنس منفرد عرابها وبخاتيها، ولحم البقر كذلك عرابها وجوامسها، ولحم الغنم صنف واحد ضأنها وماعزها، ولحم البقر الوحشي صنف غير الأهلي، وكذا لحم الغنم الوحشي مثل الظبي، وحكم لبن هذه الأصناف في الاختلاف حكمها، يدل على ذلك إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 225: في الربا:
ولا يجوز بيع اللحم بالحيوان إذا اتفق الجنس، بدليل الإجماع الماضي ذكره...
فأما إذا لم يكن من جنسه فلا بأس ببيعه، لإجماع الطائفة وظاهر القرآن ودلالة الأصل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 225، 226: في الربا:
ويجوز بيع الحيوان بالحيوان متماثلا ومتفاضلا، سواء كان صحيحا أو كسيرا، نقدا -لمثل ما قلناه في المسألة الأولى([11])- ولا يجوز ذلك نسيئة في الظاهر من روايات أصحابنا، وطريقة الاحتياط تقتضي المنع منه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 226: في الربا:
ونهى صلى الله عليه وآله عن بيع المحاقلة، وهو بيع السنابل التي انعقد فيها الحب، واشتد بحب منه أو من غيره، وعن بيع المزابنة وهو بيع التمر على رؤوس النخل بتمر منه أو من غيره، لأن ذلك لا يؤمن فيه الربا.
ورخص عليه السلام في بيع العرايا، وهي جمع عرية وهي النخلة تكون لإنسان في بستان غيره أو في داره، ويشق عليه دخوله إليها، فيبتاعها منه بخرصها تمرا، بدليل الإجماع من الطائفة على هذا التفسير، وقد فسر أبو عبيدة العرية بما قلناه، ويحتج على المخالف بما رووه من أنه صلى الله عليه وآله نهى عن بيع التمر بالتمر ورخص في العرايا أن يباع بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا وهذا نص.
ولا يجوز بيع الرطب بالتمر في غير العرايا، لا متماثلا ولا متفاضلا، بدليل الإجماع المشار إليه...
فأما ما عدا التمر من الثمار، فلا نص لأصحابنا في المنع من بيع رطبه بيابسه، ويدل على جوازه ظاهر القرآن ودلالة الأصل، وحمله على الرطب قياس، وذلك عندنا لا يجوز.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 226: في الربا:
ولا ربا عندنا بين الوالد وولده، والسيد وعبده، والزوج وزوجته، والمسلم والحربي، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 227: في السلم:
وأما السلم فشرائطه الزائدة التي تخصه أربعة: ذكر الأجل المعلوم، وذكر موضع التسليم، وأن يكون رأس المال مشاهدا، وأن يقبض في مجلس العقد، بدليل الإجماع من الطائفة، ولأنه لا خلاف في صحته مع تكامل هذه الشروط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 227: في السلم:
ولا يجوز التأجيل إلى الحصاد أو الدياس أو ما أشبه ذلك مما يختلف زمانه، بدليل الإجماع الماضي ذكره، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله صلى الله عليه وآله: لا تتبايعوا إلى الحصاد ولا إلى الدياس ولكن إلى شهر معلوم، وهذا نص.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 227: في السلم:
ويجوز السلف في الحيوان بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 228: في السلم:
ولا يجوز لمن أسلم في شيء بيعه من المسلم إليه ولا من غيره قبل حلول أجله -وقد دخل في ذلك الشركة فيه والتولية له لأنهما بيع- فإذا حل جاز بيعه من المسلم إليه بمثل ما نقد فيه، وبأكثر منه من غير جنسه، ومن غير المسلم إليه بمثل ذلك، وأكثر منه من جنسه وغيره، بدليل إجماع الطائفة وظاهر القرآن ودلالة الأصل، إلا أن يكون المسلم فيه طعاما فإن بيعه قبل قبضه لا يجوز إجماعا، على ما قدمناه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 228: في السلم:
وإذا جئ بالمسلم فيه قبل محله لم يلزم المشتري قبوله، لأنه لا يمتنع أن يكون له في تأخيره غرض لا يظهر لغيره، ولأن إجباره على ذلك يحتاج إلى دليل، ويجوز التراضي على تقديم الحق عن أجله بشرط النقص منه، بدليل الإجماع المشار...
فأما تأخير الحق عن أجله بشرط الزيادة فيه فلا يجوز بلا خلاف، لأنه ربا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 229: في أحكام البيع:
واعلم أن من حكم البيع وجوب تسليم المعقود عليه في الحال إذا لم يشرط التأجيل بلا خلاف…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 229: في أحكام البيع:
فإن تشاحا وقال كل واحد منهما: لا أسلم حتى أتسلم، فعلى الحاكم إجبار البائع على تسليم المبيع أولا، لأن الثمن إنما يستحق على المبيع، فوجب الإجبار على تسليمه، ليستحق الثمن، فإن امتنع البائع من التسليم حتى هلك المبيع، فهلاكه من ماله على كل حال، ويبطل العقد لتعذر تسليمه، وإن كان قبضه المشتري فهلك، وقد لزم البيع، فهلاكه من ماله دون مال البائع، سواء كان قبضه أو رضي بتركه في يد البائع.
والقبض فيما لا يمكن نقله، كالأرضين التخلية ورفع الحظر، وكذا حكم ما يمكن ذلك فيه، مما يتصل بها من الشجر وثمره المتصل به والبناء، وفيما عدا ذلك التحويل والنقل، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 229: في أحكام البيع:
ومن ابتاع شيئا بثمن مؤجل لم يجز أن يبيع مرابحة حتى يخبر بذلك، فإن باع ولم يخبر بالأجل صح البيع بلا خلاف…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 230: في أحكام البيع:
وقد قدمنا أن تعليق البيع بأجلين وثمنين كقوله: بعت إلى مدة كذا بكذا، وإلى ما زاد عليها بكذا، يفسده، فإن تراضيا بإتمامه كان للبائع أقل الثمنين في أبعد الأجلين، بدليل إجماع الطائفة على ذلك.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 231: في أحكام البيع:
ومن قال: بعت هذه الأرض بحقوقها، دخل فيها الشجر، فإن قال: بعت هذه الدار بحقوقها، دخل في ذلك كل شيء ثابت بثبوت البناء كالشجر، والرفوف، والأوتاد، والأغلاق المنصوبة، والفرد التحتاني من الرحا المبنية، بلا خلاف، وعندنا الرحا الفوقاني والمفتاح أيضا كذلك، لأنهما من حقوقها المنتفع بها.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 231: في أحكام البيع:
وإن اختلفا في مقدار المبيع، فالقول قول البائع مع يمينه، لأنه المنكر، وإن اختلفا في مقدار الثمن، فالقول قول المشتري مع يمينه، ويعتبر أصحابنا هنا أن تكون السلعة تالفة، فإن كانت سالمة، فالقول عندهم قول البائع مع يمينه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 231: في أحكام البيع:
لأنه لا خلاف أن اليمين على من أنكر على ما ورد في الخبر.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 232، 233: فصل في الشفعة:
اشترطنا تقدم عقد البيع، لأن الشفعة لا تستحق قبله بلا خلاف، ولا تستحق بما ليس ببيع، من هبة أو صدقة أو مهر زوجة أو مصالحة أو ما أشبه ذلك، بدليل إجماع الطائفة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 233: فصل في الشفعة:
واشترطنا أن يكون شريكا للبائع، تحرزا من القول باستحقاقها بالجوار، فإنها لا تستحق بذلك عندنا، بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 234: فصل في الشفعة:
واشترطنا أن يكون واحدا، لأن الشيء إذا كان مشتركا بين أكثر من اثنين فباع أحدهم لم يستحق شريكه الشفعة، بدليل إجماع الطائفة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 234: فصل في الشفعة:
واشترطنا أن يكون مسلما إذا كان المشتري كذلك، تحرزا من الذمي لأنه لا يستحق على مسلم شفعة، بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 234، 235: فصل في الشفعة:
واشترطنا أن لا يسقط حق المطالبة، لأنه أقوى من قول من يذهب إلى أن حق الشفعة على الفور، وتسقط بتأخير الطلب مع القدرة عليه، من أصحابنا وغيرهم…
ولهذا يستحق بالشفعة من علم بالبيع بعد السنين المتطاولة، بلا خلاف وإن كان حاضرا في البلد، وكذا حكم المسافر إذا قدم، والصغير إذا بلغ، ولم يمنع ما ذكرتموه من ضرر المشتري من استحقاقها.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 235، 236: فصل في الشفعة:
واشترطنا عدم عجزه عن الثمن، لأنه إنما يملك الأخذ إذا دفع إلى المشتري ما بذله للبائع، فإذا تعذر عليه ذلك سقط حقه من الشفعة، وسواء كان عجزه لكونه معسرا، أو لكون ما وقع عليه العقد أو بعضه غير معلوم القيمة، وقد فقدت عينه، بلا خلاف في ذلك.
وروى أصحابنا أن كذا حكمه متى لم يحضر الثمن من البلد التي هو فيه حتى مضت ثلاثة أيام، ومتى ادعى إحضاره من مصر آخر فلم يحضره حتى مضت مدة يمكن فيها وصول الثمن وزيادة ثلاثة أيام، هذا ما لم يؤد الصبر عليه إلى ضرر، فإن أدى إلى ذلك بطلت الشفعة، بدليل إجماع الطائفة.
وإذا كان الثمن مؤجلا فهو على الشفيع كذلك، ويلزمه إقامة كفيل به إذا لم يكن مليا، وهذا لا يتفرع على مذهب من قال من أصحابنا: إن حق الشفعة لا يسقط بالتأخير.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 236: فصل في الشفعة:
وإذا تكاملت شروط استحقاق الشفعة، استحقت في كل مبيع، من الأرضين والحيوان والعروض -كان ذلك مما يحتمل القسمة أو لم يكن- وهذا هو المذهب الذي تقدم الإجماع عليه من أصحابنا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 237: فصل في الشفعة:
والشفعة مستحقة على المشتري دون البائع وعليه الدرك للشفيع، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 237: فصل في الشفعة:
وإذا كان الشريك غير كامل العقل فلوليه أو الناظر في أمور المسلمين، والمطالبة له بالشفعة، بدليل الإجماع المشار إليه، ويحتج على المخالف بقوله عليه السلام: الشفعة فيما لم يقسم، ولم يفصل، وإذا ترك الولي ذلك، فللصغير إذا بلغ، والمجنون إذا عقل، المطالبة، بدليل الإجماع المتكرر...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 237: فصل في الشفعة:
وإذا غرس المشتري وبنى، ثم علم الشفيع بالشراء وطالب بالشفعة، كان له إجباره على قلع الغرس والبناء إذا رد عليه ما نقص من ذلك بالقلع، لأن المشتري فعل ذلك في ملكه، فلم يكن متعديا، فاستحق ما ينقص بالقلع، ولأنه لا خلاف في أنه له المطالبة بالقلع إذا رد ما نقص به...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 238: فصل في الشفعة:
وإذا استهدم المبيع لا بفعل المشتري، أو هدمه هو قبل علمه بالمطالبة بالشفعة، فليس للشفيع إلا الأرض والآلات، وإن هدمه بعد العلم بالمطالبة، فعليه رده إلى ما كان، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 238: فصل في الشفعة:
وإذا اختلف المتبايعان والشفيع في مبلغ الثمن، وفقدت البينة، فالقول قول المشتري مع يمينه، بدليل الإجماع المتكرر.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 239: فصل في القرض:
لا خلاف في جواز التصرف فيه بعد قبضه، ولو لم يكن مملوكا لما جاز ذلك فيه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 239: فصل في القرض:
ويجوز أن يقرض غيره مالا على أن يأخذه في بلد آخر، أو على أن يعامله في بيع أو إجارة أو غيرهما، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 239: فصل في القرض:
ويجوز أن يأخذ المقرض خيرا مما كان له من غير شرط -ولا فرق بين ذلك أن يكون عادة من المقترض أو لم يكن- بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 240: فصل في القرض:
وإن كان للدين مثل، بأن يكون مكيلا أو موزونا، فقضاؤه بمثله لا بقيمته، بدليل الإجماع المتكرر، ولأنه إذا قضاه بمثله، برئت ذمته بيقين...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 240: فصل في القرض:
ولا يحل المطل بالدين بعد المطالبة به لغني، ويكره لصاحبه المطالبة به مع الغنى عنه وظن حاجة من هو عليه إلى الارتفاق به، ويحرم عليه ذلك مع العلم بعجزه عن الوفاء، لقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ولا يحل له المطالبة في الحرم على حال، ويكره له النزول عليه، فإن نزل لم يجز له أن يقيم أكثر من ثلاثة أيام، ويكره له قبول هديته لأجل الدين، والأولى به إذا قبلها الاحتساب بها من جملة ما عليه، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 240: فصل في القرض:
ويكره استحلاف الغريم المنكر، لأن في ذلك تضييعا للحق وتعريضا لليمين الكاذبة، ومتى حلف لم يجز لصاحب الدين إذا ظفر بشيء من ماله أن يأخذ منه بمقدار حقه، ويجوز له ذلك إذا لم يحلف إلا أن يكون ما ظفر به وديعة عنده، فإنه لا يجوز له أخذ شيء منها بغير إذنه على حال، بدليل الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 241: فصل في القرض:
ومن مات حل ما عليه من دين مؤجل، بلا خلاف إلا من الحسن البصري، ولا يحل له ما له من دين مؤجل بلا خلاف إلا ما رواه بعض أصحابنا من طريق الآحاد أنه يصير حالا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 241: فصل في القرض:
ومتى لم يترك المقتول عمدا ما يقضي دينه لم يجز لأوليائه القود إلا أن يضمنوا قضاءه، بدليل الإجماع المتكرر ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 242، 243: فصل في الرهن:
الرهن في الشريعة عبارة عن جعل العين وثيقة في دين، إذا تعذر استيفاؤه ممن هو عليه، استوفي من ثمن العين.
وشروط صحته ستة: حصول الإيجاب والقبول من جائزي التصرف.
وأن يكون المرهون عينا لا دينا، لأنا قد بينا أنه وثيقة عين في دين.
وأن يكون مما يجوز بيعه، لأن كونه بخلاف ذلك ينافي المقصود به.
وأن يكون المرهون به دينا لا عينا مضمونة، كالمغصوب مثلا، لأن الرهن إن كان على قيمة العين إذا تلفت لم يصح، لأن ذلك حق لم يثبت بعد، وإن كان على نفس العين فكذلك، لأن استيفاء نفس العين من الرهن لا يصح.
وأن يكون الدين ثابتا، فلو قال: رهنت كذا بعشرة تقرضنيها غدا لم يصح.
وأن يكون لازما كعوض القرض والثمن والأجرة وقيمة المتلف وأرش الجناية.
ولا يجوز أخذ الرهن على مال الكتابة المشروطة، لأن عندنا أن ذلك غير لازم على ما قدمناه.
وإذا تكامل ما ذكرناه من هذه الشروط صح الرهن بلا خلاف، وليس على صحته مع اختلال بعضها دليل، فأما القبض فهو شرط في لزومه من جهة الراهن دون المرتهن، ومن أصحابنا من قال: يلزم بالإيجاب والقبول لقوله تعالى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} قال: وهذا عقد يجب الوفاء به والقول الأول هو الظاهر من المذهب والذي عليه الإجماع.
وإذا تعين المخالف من أصحابنا باسمه ونسبه لم يؤثر خلافه في دلالة الإجماع، لأنه إنما كان حجة لدخول قول المعصوم فيه لا لأجل الإجماع، ولما ذكرناه يستدل في المسألة بالإجماع، وإن كان فيها خلاف من بعض أصحابنا فليعرف ذلك...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 243: فصل في الرهن:
واستدامة القبض في الرهن ليست بشرط، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ}، فشرط القبض ولم يشترط الاستدامة، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليه السلام: الرهن محلوب ومركوب وذلك لا يجوز بالإطلاق إلا للراهن بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 243، 244: فصل في الرهن:
ولا يجوز للراهن أن يتصرف في الرهن...
ويجوز له الانتفاع بما عدا ذلك، من سكنى الدار، وزراعة الأرض، وخدمة العبد، وركوب الدابة، وما يحصل من صوف ونتاج ولبن، إذا اتفق هو والمرتهن على ذلك وتراضيا به، وكذا يجوز للمرتهن الانتفاع بالسكنى والزراعة والخدمة والركوب والصوف واللبن إذا أذن له الراهن وتكفل بمؤنة الرهن، والأولى أن يصرف قيمة منافعه من صوف ولبن في مؤنته، وما فضل من ذلك كان رهنا مع الأصل، يدل على ذلك إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 244: فصل في الرهن:
ولا يحل للراهن ولا المرتهن وطئ الجارية المرهونة، فإن وطأها الراهن بغير إذن المرتهن أثم، وعليه التعزير، فإن حملت وأتت بولد، فإن كان موسرا وجب عليه قيمتها، تكون رهنا مكانها، لحرمة الولد، وإن كان معسرا بقيت رهنا بحالها، وجاز بيعها في الدين، بدليل الإجماع المشار إليه، فإن وطأها بإذن المرتهن لم ينفسخ الرهن، حملت أو لم تحمل، لأن ملكه لها ثابت، على ما بيناه فيما مضى، وإذا كان ثابتا، كان الرهن على حاله.
فإن وطأها المرتهن بغير إذن الراهن، فهو زان، وولدها منه رق لسيدها، ورهن معها، فإن كان الوطئ بإذن الراهن، وهو عالم بتحريم ذلك، لم يلزمه مهر، لأن الأصل براءة الذمة، وإلزامه المهر يفتقر إلى دليل شرعي، فإن أتت بولد كان حرا لاحقا بالمرتهن بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 244: فصل في الرهن:
ورهن المشاع جائز كالمقسوم، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} ولم يفصل...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 244: فصل في الرهن:
ويجوز توكيل المرتهن في بيع الرهن، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 245: فصل في الرهن:
والرهن أمانة في يد المرتهن، إن هلك من غير تفريط، فهو من مال الراهن، ولا يسقط بهلاكه شيء من الدين، بدليل الإجماع المشار إليه...
ويحتج عليهم بقوله: الخراج بالضمان، وخراجه إذا كان للراهن بلا خلاف، وجب أن يكون من ضمانه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 246: فصل في الرهن:
وإذا ادعى المرتهن هلاك الرهن، كان القول قوله مع يمينه، سواء ادعى ذلك بأمر ظاهر أو خفي، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 246: فصل في الرهن:
وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الاحتياط والتفريط، وفقدت البينة، فالقول قول المرتهن أيضا مع يمينه، وإذا اختلفا في مبلغ الرهن، أو مقدار قيمته، فالقول قول الراهن مع يمينه، وإذا اختلفا في مبلغ الدين، أخذ ما أقر به الراهن وحلف على ما أنكره، ويدل على ذلك كله، الإجماع المتكرر ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 247، 248: فصل في التفليس:
فإذا حجر عليه تعلق بحجره أحكام ثلاثة:...
وثالثها: أن كل من وجد عين ماله من غرمائه كان أحق بها من غيره، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 249: فصل في التفليس:
ولا يجب على المفلس بيع داره التي يسكنها، ولا عبده الذي يخدمه، ولا دابته التي يجاهد عليها، بدليل إجماع الطائفة، ولأنه لا دليل على وجوب بيع ما ذكرناه، ويلزمه بيع ما عدا ذلك، فإن امتنع باع الحاكم عليه، وقسم الثمن بين الغرماء، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 249: فصل في التفليس:
ويسمع البينة على الإعسار، بدليل إجماع الطائفة، ولأنها ليست على مجرد النفي، وإنما تتضمن إثبات صفة له، ويجب سماعها في الحال، ولا يقف ذلك على حبس المعسر، بدليل الإجماع المشار إليه.
وإذا ثبت إعساره بالبينة، أو صدقه في دعوى ذلك الغرماء، لم يجز للحاكم حبسه، ووجب عليه المنع من مطالبته وملازمته إلى أن يستفيد مالا، بدليل الإجماع الماضي ذكره...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 250: فصل في التفليس:
وليس للغرماء مطالبة المعسر بأن يؤجر نفسه، ويكتسب لإيفائهم، بدليل ما قدمناه في المسألة الأولى سواء([12])، بل هو إذا علم من نفسه القدرة على ذلك وارتفاع الموانع منه، فعله ليبرئ ذمته.
وعلى الحاكم إشهار المفلس، بدليل الإجماع، ليعرف، فلا يعامله إلا من رضى بإسقاط دعواه عليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 251، 252: فصل في الحجر:
المحجور عليه هو الممنوع من التصرف في ماله، وهو على ضربين: محجور عليه لحق غيره، ومحجور عليه لحق نفسه.
والأول ثلاثة: المفلس، وقد قدمنا حكمه، والمريض محجور عليه في الوصية بما زاد على الثلث من التركة، لحق ورثته، بلا خلاف، والمكاتب محجور عليه فيما في يده، لحق سيده.
والضرب الثاني أيضا ثلاثة: الصبي والمجنون والسفيه، ولا يرتفع الحجر عن الصبي إلا بأمرين: البلوغ والرشد، والبلوغ يكون بأحد خمسة أشياء: السن، وظهور المني والحيض والحلم والإنبات، بدليل إجماع الطائفة.
وحد السن في الغلام خمس عشرة سنة، وفي الجارية تسع سنين، بدليل الإجماع المشار إليه...
والرشد يكون بشيئين: أحدهما: أن يكون مصلحا لماله بلا خلاف، والثاني: أن يكون عدلا في دينه، فإن اختل أحدهما استمر الحجر أبدا إلى أن يحصل الأمران، بدليل الإجماع المشار إليه...
والفاسق سفيه، وأيضا قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} فاشترط الرشد، ومن كان فاسقا في دينه كان موصوفا بالغي، ومن وصف بذلك لم يوصف بالرشد، لتنافي الصفتين، وأيضا فلا خلاف في جواز دفع المال إليه مع اجتماع العدالة وإصلاح المال، وليس على جواز دفعه إذا انفرد أحد الأمرين دليل.
وإذا اجتمع الأمران معا جاز على كل حال، فإن ارتفع الحجر ثم صار مبذرا مضيعا، أعيد الحجر عليه، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا فالمبذر سفيه وغير رشيد بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 254: فصل في الصلح:
الصلح جائز بين المسلمين ما لم يؤد إلى تحليل حرام أو تحريم حلال، فلا يحل أن يؤخذ بالصلح ما لا يستحق ولا يمنع به المستحق، وهو جائز مع الإنكار، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 254: فصل في الصلح:
والشوارع على الإباحة يجوز لكل أحد التصرف فيها بما لا يتضرر به المارة، فإن أشرع جناحا وكان عاليا لا يضر بالمجتازين، ترك ما لم يعارض فيه أحد من المسلمين، فإن عارض وجب قلعه، لأن الطريق حق لجميعهم، فإذا أنكر أحد لم يجز أن يغصب على حقه، وأيضا فلا خلاف أنه لا ينفرد بملك شيء من القرار والهواء، والبناء تابع له، وأيضا فلو سقط ما أشرعه على إنسان فقتله، أو مال فأتلفه، للزمه الضمان بلا خلاف، ولو كان يملك ذلك لما لزمه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 254، 255: فصل في الصلح:
والسكة إذا كانت غير نافذة فهي ملك لأرباب الدور الذين فيها طرقهم، فلا يجوز لبعضهم فتح باب فيها، ولا إشراع جناح إلا برضا الباقين، ضر ذلك أو لم يضر، ومتى أذنوا في ذلك، كان لهم الرجوع فيه، لأنه إعادة، ولو صالحوه على ترك الجناح بعوض لم يصح، لأن إفراد الهواء بالبيع باطل، ولا يجوز منعه من فتح كوة في حائطه، لأن ذلك تصرف في ملكه خاصة، ولا أعلم في ذلك كله خلافا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 255: فصل في الصلح:
ويحكم بالخص لمن إليه معاقد القمط، وهي: مشاد الخيوط في القصب، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 257: فصل في الحوالة:
الحوالة تفتقر في صحتها إلى شروط: منها: رضا المحيل إجماعا، لأن من عليه الدين مخير في جهات قضائه. ومنها: رضا المحال -بلا خلاف إلا من داود- لأن نقل الحق من ذمة إلى أخرى مع اختلاف الذمم، تابع لرضا صاحبه، ولأنه إذا رضي عليه صحت الحوالة بلا خلاف...
ومنها: رضا المحال عليه، لأن إثبات الحق في ذمته لغيره -مع اختلاف الغرماء في شدة الاقتضاء وسهولته- تابع لرضاه، ولأنه لا خلاف في صحتها إذا رضي، وليس كذلك إذا لم يرض.
ومنها: أن يكون المحال عليه مليا في حال الحوالة، بلا خلاف بين أصحابنا، فإن رضي المحال بعدم ملاءته جاز، لأنه صاحب الحق.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 258: فصل في الحوالة:
وإذا صحت الحوالة، انتقل الحق إلى ذمة المحال عليه، بلا خلاف إلا من زفر...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 258: فصل في الحوالة:
وإذا اختلفا فقال المحيل: وكلتك بلفظ الوكالة، وقال المحال: بل أحلتني بلفظ الحوالة، فالقول قول المحيل بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 260: فصل في الضمان:
من شرط صحته: أن يكون الضامن مختارا، غير مولى عليه، مليا في حال الضمان إلا أن يرضى المضمون له بعدم ملاءته، فيسقط هنا هذا الشرط.
وأن يكون إلى أجل معلوم. وأن يقبل المضمون له ذلك. وأن يكون المضمون حقا لازما في الذمة -كمال القرض والأجرة وما أشبه ذلك- بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 260، 261: فصل في الضمان:
وليس من شرط صحته أن يكون المضمون معلوما، بل لو قال: كل حق يثبت على فلان فأنا ضامنه، صح ولزمه ما يثبت بالبينة أو الإقرار، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 261: فصل في الضمان:
وإذا صح الضمان انتقل الحق إلى ذمة الضامن، وبرئ المضمون عنه منه ومن المطالبة به، بدليل إجماع الطائفة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 261: فصل في الضمان:
ولا يرجع الضامن على المضمون عنه بما ضمنه إذا ضمن بغير إذنه، فإن كان أذن له في الضمان رجع عليه، بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 262: فصل في الضمان:
وإذا تكفل ببدن إنسان، وضمن إحضاره بشرط البقاء، صح بلا خلاف، إلا ما رواه المروزي من قول آخر للشافعي، وإذا طولب بإحضاره، وهو حي، فلم يحضره، لزمه أداء ما يثبت عليه في قول من أجاز كفالة الأبدان، وإن مات قبل ذلك بطلت الكفالة، ولم يلزمه أداء شيء مما كان عليه، بلا خلاف بين من أجاز هذه الكفالة إلا من مالك وابن سريج.
ويدل على ذلك إجماع الطائفة لأن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل، وأيضا فهذه الكفالة إنما كانت ببدنه لا بما في ذمته، ولا يجب عليه ما لم يتكفله، ولو قال: إن لم آت به في وقت كذا فعلي ما يثبت عليه، لزمه ذلك إذا لم يحضره -حيا كان أو ميتا- بدليل الإجماع المشار إليه، ولأنه قد تكفل بما في ذمته، فيلزمه أداؤه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 263: فصل في الشركة:
ومن شرط صحة الشركة: أن يكون في مالين متجانسين إذا خلطا اشتبه أحدهما بالآخر. وأن يخلطا حتى يصيرا مالا واحدا. وأن يحصل الإذن في التصرف في ذلك، بدليل إجماع الطائفة على ذلك كله، وأيضا فلا خلاف في انعقاد الشركة بتكامل ما ذكرناه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 264: فصل في الشركة:
وإذا انعقدت الشركة اقتضت أن يكون لكل واحد من الشريكين من الربح بمقدار رأس ماله، وعليه من الوضيعة بحسب ذلك، فإن اشترطا تفاضلا في الربح، أو الوضيعة مع التساوي في رأس المال، أو تساويا في كل ذلك مع التفاضل في رأس المال، لم يلزم الشرط، بدليل الإجماع المشار إليه، وكذا إن جعل أحد الشريكين للآخر فضلا في الربح بإزاء عمله لم يلزم ذلك، وكان للعامل أجر مثله، ومن الربح بحسب رأس ماله، ويصح كل من ذلك بالتراضي، ويحل تناول الزيادة بالإباحة دون عقد الشركة، ويجوز الرجوع بها لمبيحها مع بقاء عينها، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأن الأصل جواز ذلك، والمنع يفتقر إلى دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 264، 265: فصل في الشركة:
والتصرف في مال الشركة على حسب الشرط، إن شرطا أن يكون لهما معا على الاجتماع، لم يجز لأحدهما أن ينفرد به، وإن شرطا أن يكون تصرفهما على الاجتماع والانفراد، فهو كذلك، وإن اشترطا التصرف لأحدهما، لم يجز للآخر إلا بإذنه، وكذا القول في صفة التصرف في المال، من السفر به، والبيع بالنسيئة، والتجارة في شيء معين، ومتى خالف أحدهما ما وقع عليه الشرط، كان ضامنا.
والشركة عقد جائز من كلا الطرفين، يجوز فسخه لكل واحد منهما متى شاء، ولا يلزم شرط التأجيل فيها، وتنفسخ بالموت.
والشريك المأذون له في التصرف مؤتمن على مال الشركة، والقول قوله، فإن ارتاب به شريكه حلف على قوله.
وإذا تقاسم الشريكان لم يقتسما الدين، بل يكون الحاصل منه بينهما والمنكسر عليهما، ولو اقتسماه فاستوفى أحدهما ولم يستوف الآخر، لكان له أن يقاسم شريكه على ما استوفاه، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 265: فصل في الشركة:
فإذا باع من له التصرف في الشركة، وأقر على شريكه الآخر بقبض الثمن -مع دعوى المشتري ذلك وهو جاحد- لم يبرأ المشتري من شيء منه، أما ما يخص البائع فلأنه ما اعترف بتسليمه إليه ولا إلى من وكله على قبضه، فلا يبرأ منه، وأما ما يخص الذي لم يبع، فلأنه منكر لقبضه، وإقرار شريكه البائع عليه لا يقبل، لأنه وكيله، وإقرار الوكيل على الموكل بقبض الحق الذي وكله في استيفائه، غير مقبول، لأنه لا دليل على ذلك، ولو أقر الذي لم يبع، ولا أذن له في التصرف، أن البائع قبض الثمن، برئ المشتري من نصيب المقر منه بلا خلاف.
وتكره شركة المسلم للكافر بلا خلاف إلا من الحسن البصري…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 266: فصل في المضاربة:
المضاربة والقراض عبارة عن معنى واحد، وهو أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا ليتجر به، على أن ما رزق الله تعالى من ربح، كان بينهما على ما يشترطانه.
ومن شرط صحة ذلك، أن يكون رأس المال فيه، دراهم أو دنانير معلومة مسلمة إلى العامل، ولا يجوز القراض بالفلوس ولا بالورق المغشوش، لأنه لا خلاف في جواز القراض مع حصول ما ذكرناه، وليس على صحته إذا لم يحصل دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 266: فصل في المضاربة:
وتصرف المضارب موقوف على إذن صاحب المال، إن أذن له في السفر به، أو في البيع نسيئة، جاز له ذلك، ولا ضمان عليه لما يهلك أو يحصل من خسران، وإن لم يأذن له في البيع بالنسيئة، أو في السفر، أو أذن له فيه إلى بلد معين، أو شرط أن لا يتجر إلا في شيء معين ولا يعامل إلا إنسانا معينا، فخالف لزمه الضمان، بدليل إجماع الطائفة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 267: فصل في المضاربة:
وإذا اشترى المضارب ممن يعتق عليه قوم، فإن زاد ثمنه على ما اشتراه، انعتق منه بحساب نصيبه من الربح، واستسعى في الباقي لرب المال، وإن لم يزد ثمنه على ذلك، أو نقص عنه، فهو رق، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 267: فصل في المضاربة:
والمضاربة عقد جائز من كلا الطرفين، لكل واحد منهما فسخه متى شاء، وإذا بدا لصاحب المال من ذلك بعد ما اشترى المضارب المتاع لم يكن له غيره، ويكون للمضارب أجر مثله.
والمضارب مؤتمن لا ضمان عليه إلا بالتعدي، فإن شرط عليه رب المال ضمانه، صار الربح كله له دون رب المال، ويكره أن يكون المضارب كافرا، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 268: فصل في الوكالة:
ولا يصح أن يتوكل المسلم على تزويج المشركة من الكافر، ولا أن يتوكل الكافر على تزويج المسلمة من المسلم، لأنهما لا يملكان ذلك لأنفسهما، ولا يجوز للمسلم أن يوكل الكافر، ولا يتوكل له على مسلم، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 268: فصل في الوكالة:
وتصح وكالة الحاضر، ويلزم الخصم مخاصمة الوكيل، ولا يعتبر رضاه بالوكالة، بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 269: فصل في الوكالة:
ومطلق الوكالة بالبيع أن يبيع بثمن المثل من نقد البلد حالا، فإن خالف لم يصح البيع، لأنه لا خلاف في صحته مع حصول ما ذكرناه، وليس على صحته إذا لم يحصل دليل…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 269: فصل في الوكالة:
ومتى أراد الموكل فسخه وعزل الوكيل، افتقر ذلك إلى إعلامه إن أمكن، فإن لم يمكن فليشهد به، وإذا فعل ذلك انعزل الوكيل، ولم ينفذ بعده شيء من تصرفه، وإن اقتصر على عزله من غير إشهاد، أو على الإشهاد من غير إعلام -وهو متمكن- لم ينعزل، ونفذ تصرفه إلى أن يعلم.
فإن اختلفا في الاعلام، فعلى الموكل البينة به، فإن فقدت فعلى الوكيل اليمين أنه ما علم بعزله، فإن حلف مضى ما فعله، وإن نكل عن اليمين، بطلت وكالته من وقت قيام البينة بعزله، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 269: فصل في الوكالة:
وتنفسخ الوكالة بموت الموكل، أو عتقه للعبد الذي وكل في بيعه، أو بيعه له قبل بيع الوكيل، بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 270: فصل في الإقرار:
ولا يقبل إقرار العبد على مولاه بما يوجب حقا في ماله، من قرض أو أرش جناية، بل يلزمه ذلك في ذمته، يطالب به إذا عتق إلا أن يكون مأذنونا له في التجارة، فيقبل فيما يتعلق بها خاصة، نحو أن يقر بثمن مبيع، أو أرش عيب أو ما أشبه ذلك، ولا يقبل إقراره بما يوجب حقا على بدنه، بدليل إجماع الطائفة، ولأن في ذلك إتلافا لمال الغير وهو السيد، وذلك لا يجوز، ومتى صدقه السيد قبل إقراره في كل ذلك بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 270: فصل في الإقرار:
ويصح إقرار المحجور عليه لفلس، وإقرار المريض للوارث وغيره، بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 271: فصل في الإقرار:
وإذا قال: له علي مال كثير، كان إقرارا بثمانين، بدليل إجماع الطائفة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 272: فصل في الإقرار:
ويجوز استثناء الأكثر من الأقل بلا خلاف إلا من ابن درستويه النحوي…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 275: فصل في الإقرار:
والظاهر من الإقرار عندنا الصحة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 276: فصل في العارية:
العارية على ضربين: مضمونة وغير مضمونة، فالمضمونة العين والورق على كل حال، وما عداهما بشرط التضمين أو التعدي، وغير المضمونة ما عدا ما ذكرناه، بدليل إجماع الطائفة المحقة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 276: فصل في العارية:
وإذا اختلف المالك والمستعير في التضمين والتعدي، وفقدت البينة، فعلى المستعير اليمين، وإذا اختلفا في مبلغ العارية أو قيمتها، أخذ ما أقر به المستعير، وكان القول قول المالك مع يمينه فيما زاد على ذلك، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 276: فصل في العارية:
وإذا استعار من غيره دابة ليحمل عليها وزنا معينا، فحمل أكثر منه، أو ليركبها إلى مكان فتعداه، كان متعديا، ولزمه الضمان ولو ردها إلى المكان المعين، بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 277: فصل في العارية:
فأما إن أذن له إلى مدة معلومة، ثم رجع قبل مضيها، وطالب بالقلع، فإن ذلك لا يلزمه إلا بعد أن يضمن الأرش، بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 280: فصل في الغصب:
ومن غصب حبا فزرعه، أو بيضة فأحضنها، فالزرع والفرخ لصاحبهما دون الغاصب، لأنا قد بينا أن المغصوب لا يدخل في ملك الغاصب بتغييره، وإذا كان باقيا على ملك صاحبه، فما تولد منه ينبغي أن يكون له دون الغاصب، ومن أصحابنا من أختار القول: بأن الزرع والفرخ للغاصب وعليه القيمة، لأن عين الغصب تالفة، والمذهب هو الأول.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 281: فصل في الغصب:
ولا خلاف أنه لو حل رأس الزق فخرج ما فيه، وهو مطروح لا يمسك ما فيه غير الشد، لزمه الضمان، ولو كان الزق قائما مستندا وبقي محلولا حتى حدث عليه ما أسقطه من ريح أو زلزلة أو غيرهما، فاندفق ما فيه، لم يلزمه الضمان بلا خلاف، لأنه قد حصل هاهنا مباشرة وسبب من غيره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 281، 282: فصل في الغصب:
ومن غصب عبدا فأبق، أو بعيرا فشرد، فعليه قيمته، فإذا أحرزها صاحب العبد ملكها بلا خلاف، ولا يملك الغاصب العبد، فإن عاد انفسخ الملك عن القيمة ووجب [عليه] ردها وأخذ العبد، لأن أخذ القيمة إنما كان لتعذر أخذ العبد والحيلولة بين مالكه وبينه، ولم يكن عوضا عنه على وجه البيع، لأنا قد بينا أن ملك القيمة يتعجل هاهنا، وملك القيمة بدلا عن العين الفائتة بالإباق لا يصح على وجه البيع، لأن البيع يكون فاسدا عندنا وعند المخالف في هذه المسألة يكون موقوفا...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 283: فصل في الوديعة:
المرء مخير في قبول الوديعة والامتناع من ذلك، وهو أولى ما لم يكن فيه ضرر على المودع، ويجب عليه حفظها بعد القبول لها كما يحفظ ماله.
وهي أمانة لا يلزم ضمانها إلا بالتعدي، فإن تصرف فيها أو في بعضها، ضمنها وما أربحت، وكذا إن فك ختمها، أو حل شدها، أو نقلها من حرز إلى ما هو دونه، كان متعديا، ويلزمه الضمان بدليل إجماع الطائفة، وكذا إن لم يكن هناك ضرورة من خوف نهب أو غرق أو غيرهما، فسافر بها، أو أودعها أمينا آخر وصاحبها حاضر، أو خالف مرسوم صاحبها في كيفية حفظها، وكذا لو أقر بها لظالم يريد أخذها، من دون أن يخاف القتل، أو سلمها إليه بيده، أو بأمره، وإن خاف ذلك، ويجوز له أن يحلف أنه ليس عنده وديعة إذا طولب بذلك، ويورى في يمينه بما يسلم به من الكذب، بدليل الإجماع المشار إليه، ولا ضمان عليه إن هجم الظالم، فأخذ الوديعة قهرا.
ولو تعدى المودع ثم أزال التعدي، مثل أن يردها إلى الحرز بعد إخراجها، لم يزل الضمان، لأنه لا خلاف أنه كان لازما له قبل الرد، ومن ادعى سقوطه عنه بعده، فعليه الدليل، ولو أبرأه صاحبها من الضمان بعد التعدي، وقال: قد جعلتها وديعة عندك من الآن، برئ، لأن ذلك حق له، فله التصرف فيه بالإبراء والإسقاط، ويزول الضمان بردها إلى صاحبها أو وكيله، سواء أودعه إياها مرة ثانية، أم لا، بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 284: فصل في الوديعة:
وإن كانت الوديعة من حلال وحرام لا يتميز أحدهما من الآخر، لزم رد جميعها إلى المودع متى طلبها، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 285: فصل في الإجارة:
كل شيء يستباح بالعارية، يستباح بعقد الإجارة، بلا خلاف ممن يعتد به وتفتقر صحتها إلى شروط:
منها: ثبوت ولاية المتعاقدين، فلا يصح أن يؤجر الإنسان ما لا يملك التصرف فيه، لعدم ملك أو إذن، أو ثبوت حجر، أو رهن، أو إجارة متقدمة، أو غير ذلك.
ومنها: أن يكون المعقود عليه من الجانبين معلوما، فلو قال: آجرتك إحدى هاتين الدارين، أو بمثل ما يؤجر به فلان داره، لم يصح.
ومنها: أن يكون مقدورا على تسليمه، حسا وشرعا، فلو آجر عبدا آبقا أو جملا شاردا، لا يتمكن من تسليمه، أو ما لا يملك التصرف فيه، لم يصح.
ومنها: أن يكون منتفعا به، فلو آجر أرضا للزراعة في وقت يفوت بخروجه، والماء واقف عليها لا يزول في ذلك الوقت، لم يصح، لتعذر الانتفاع.
ومنها: أن تكون المنفعة مباحة، فلو آجر مسكنا، أو دابة، أو وعاء في محظور، لم يجز.
فإن كان المستأجر مسكنا، احتيج مع ما تقدم من الشروط إلى تعيين المدة، وإن كان دابة، افتقر إلى ذلك أيضا، أو إلى تعيين المسافة، كل ذلك، بدليل إجماع الطائفة المحقة، ولأنه لا خلاف في صحة العقد مع تكامل ما ذكرناه، وليس على صحته مع اختلال بعضه دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 286: فصل في الإجارة:
وإذا صح العقد استحقت الأجرة عاجلا، إلا أن يشرط التأجيل، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 286: فصل في الإجارة:
ويملك المؤجر الأجرة والمستأجر المنفعة بنفس العقد، حتى لو استأجر دابة ليركبها إلى مكان بعينه، فسلمها إليه، فأمسكها مدة يمكنه المسير فيها، فلم يفعل، استقرت الأجرة عليه، بدليل الإجماع الماضي ذكره…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 286،287: فصل في الإجارة:
ولا يجوز أن يؤجر بأكثر مما استأجره من جنسه -سواء كان المستأجر هو المؤجر أو غيره- إلا أن يحدث فيما استأجره حدثا يصلحه، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأنه لا خلاف في جواز ذلك بعد الحدث، ولا دليل على جوازه قبله.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 287: فصل في الإجارة:
وإذا ملك المستأجر التصرف بالعقد، جاز أن يملكه لغيره، على حسب ما يتفقان عليه، من زيادة أو نقصان، اللهم إلا أن يكون استأجر الدار على أن يكون هو الساكن، والدابة على أن يكون هو الراكب، فإنه لا يجوز -والحال هذه- إجارة ذلك لغيره على حال، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 287: فصل في الإجارة:
وتنفسخ الإجارة بموت أحد المتعاقدين، بدليل الإجماع الماضي ذكره، لأن من خالف في ذلك من أصحابنا لا يؤثر خلافه في دلالة الإجماع…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 288: فصل في الإجارة:
ولا تنفسخ الإجارة بالبيع، وعلى المشتري إن كان عالما بالإجارة الإمساك عن التصرف، حتى تنقضي مدتها، وإن لم يكن عالما بذلك، جاز له الخيار في الرد بالعيب، بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 288: فصل في الإجارة:
ومتى تعدى المستأجر ما اتفقا عليه، من المدة، أو المسافة، أو الطريق، أو مقدار المحمول، أو عينه إلى ما هو أشق في الحمل، أو المعهود في السير، أو في وقته، أو في ضرب الدابة، ضمن الهلاك أو النقص، ويلزمه أجر الزائد على الشرط، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأنه لا خلاف في براءة الذمة منه إذا أدى ذلك، وليس على براءتها إذا لم يؤده دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 288: فصل في الإجارة:
ولو رد الدابة إلى المكان الذي اتفقا عليه بعد التعدي بتجاوزه، لم يزل الضمان، بدليل الإجماع المتكرر، وأيضا فقد ثبت الضمان بلا خلاف…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 288، 289: فصل في الإجارة:
والأجير ضامن لتلف ما استؤجر فيه، أو نقصانه، إذا كان ذلك بتفريطه، أو نقصان من صنعته سواء كان ختانا، أو حجاما، أو بيطارا، أو غير ذلك، وسواء كان مشتركا -وهو المستأجر على عمل في الذمة- أو مفردا -وهو المستأجر للعمل مدة معلومة- لأنه يختص عمله فيها بمن استأجره، يدل على ذلك الإجماع الماضي ذكره…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 289: فصل في الإجارة:
لإجماع الطائفة على أن كل أمر مجهول مشتبه فيه القرعة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 290: فصل في المزارعة والمساقاة:
تجوز المزارعة -وتسمى المخابرة- على الأرض، سواء كانت خلال النخل أم لا، والمساقاة على النخل والكرم وغيرهما من الشجر المثمر بنصف غلة ذلك، أو ما زاد عليه أو نقص، بدليل إجماع الطائفة المحقة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 290: فصل في المزارعة والمساقاة:
وما روي من نهيه عن المخابرة، محمول على إجارة الأرض ببعض الخارج منها، وإن كان معينا، لأن ذلك لا يجوز باتفاق، لعدم القطع على إمكان تسليمه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 290: فصل في المزارعة والمساقاة:
ومن شرط صحة العقد مشاهدة ذلك، وإمكان تسليمه، وتعيين المدة فيه، وتعيين حق العامل، وشرطه أن يكون جزءا مشاعا من الخارج، فلو عامله على وزن معين منه، أو على غلة مكان مخصوص من الأرض، أو على تمر نخلات بعينها، بطل العقد بلا خلاف بين من أجاز المزارعة والمساقاة، ولأنه قد لا يسلم إلا ما عينه، فيبقى رب الأرض والنخل بلا شيء، وقد لا يعطيه إلا غلة ما عينه، فيبقى العامل بغير شيء.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 291: فصل في المزارعة والمساقاة:
وتصرف العامل بحسب ما يقع العقد عليه، إن كان مطلقا، جاز له أن يولي العمل لغيره، ويزرع ما شاء، وإن شرط عليه أن يتولى العمل بنفسه، وأن يزرع شيئا بعينه، لم يجز له مخالفة ذلك، بدليل إجماع الطائفة، وقوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 291، 292: فصل في المزارعة والمساقاة:
فأما الزكاة فإنها تجب على مالك البذر أو النخل: فإن كان ذلك لمالك الأرض، فالزكاة عليه، لأن المستفاد من ملكه، من حيث كان نماء أصله، وما يأخذه المزارع أو المساقي كالأجرة عن عمله، ولا خلاف أن الأجرة لا تجب فيها الزكاة، وكذا إن كان البذر للمزارع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 293: فصل في إحياء الموات:
قد بينا فيما مضى أن الموات من الأرض للإمام القائم مقام النبي صلى الله عليه وآله خاصة، وأنه من جملة الأنفال، يجوز له التصرف فيه بأنواع التصرف، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلا بإذنه، ويدل على ذلك إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 293: فصل في إحياء الموات:
ومن أحيى أرضا بإذن مالكها، أو سبق إلى التحجير عليها، كان أحق بالتصرف فيها من غيره، وليس للمالك أخذها منه، إلا أن لا يقوم بعمارتها، أو لا يقبل عليها ما يقبل غيره، بالإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 293، 294: فصل في إحياء الموات:
وللإمام أيضا أن يحمي من الكلاء لنفسه، ولخيل المجاهدين، ونعم الصدقة والجزية وللضوال ما يكون في الفاضل عنه كفاية لمواشي المسلمين، وليس لأحد الاعتراض عليه، ولا نقض ما فعله، لأنه عندنا يجري في وجوب الاقتداء به مجرى الرسول، ولأنا قد بينا أن الموات ملك له، ومن ملك أرضا فله حمايتها، بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 294، 295: فصل في إحياء الموات:
ولمن أحيى البئر من حريمها ما يحتاج إليه في الاستقاء، من آلة ومطرح الطين، وروى أصحابنا أن حد ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعا، وما بين بئر الناضح إلى بئر الناضح ستون ذراعا، وما بين بئر العين إلى بئر العين في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع، وفي الرخوة ألف ذراع، وعلى هذا لو أراد غيره حفر بئر إلى جانب بئره، ليسوق منها الماء، لم يكن له ذلك بلا خلاف، ولا يجوز له الحفر إلا أن يكون بينهما الحد الذي ذكرناه.
فأما من حفر بئرا في داره، أو في أرض له مملوكة، فإنه لا يجوز له منع جاره من حفر بئر أخرى في ملكه، ولو كانت بئر بالوعة يضر به، بلا خلاف أيضا...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 296، 298: فصل في الوقف:
تفتقر صحة الوقف إلى شروط:
منها: أن يكون الواقف مختارا مالكا للتبرع، فلو وقف وهو محجور عليه لفلس; لم يصح.
ومنها: أن يكون متلفظا بصريحه، قاصدا له وللتقرب به إلى الله تعالى...
ومنها: أن يكون الموقوف معلوما مقدورا على تسليمه، يصح الانتفاع به، مع بقاء عينه في يد الموقوف عليه، وسواء في ذلك المنقول وغيره، والمشاع والمقسوم، بدليل إجماع الطائفة.
ولا يجوز وقف الدراهم والدنانير بلا خلاف ممن يعتد به، لأن الموقوف عليه لا ينتفع بها مع بقاء عينها في يده.
ومنها: أن يكون الموقوف عليه غير الواقف، فلو وقف على نفسه لم يصح وفي ذلك خلاف، فأما إذا وقف شيئا على المسلمين عامة، فإنه يجوز له الانتفاع به بلا خلاف...
ومنها: أن يكون معروفا متميزا، يصح التقرب إلى الله تعالى بالوقف عليه، وهو ممن يملك المنفعة حالة الوقف، فلا يصح أن يقف على شيء من معابد أهل الضلال، ولا على مخالف للإسلام، أو معاند للحق إلا أن يكون ذا رحم له، ولا على أولاده ولا ولد له، ولا على الحمل قبل انفصاله، ولا على عبد، بلا خلاف...
ومنها: أن يكون الوقف مؤبدا غير منقطع، فلو قال: وقفت كذا سنة; لم يصح، فأما قبض الموقوف عليه، أو من يقوم مقامه في ذلك، فشرط في اللزوم.
ويدل على صحة ما اعتبرنا من الشروط بعد إجماع الطائفة، أنه لا خلاف في صحة الوقف ولزومه إذا تكاملت [هذه الشروط] وليس على صحته ولزومه إذا لم تتكامل دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 298: فصل في الوقف:
وإذا تكاملت هذه الشروط زال ملك الواقف، ولم يجز له الرجوع في الوقف، ولا تغييره عن وجوهه ولا سبله، إلا على وجه نذكره، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأنه لا خلاف في انقطاع تصرف الواقف في الرقبة والمنفعة، وهذا هو معنى زوال الملك به، وينتقل الملك إلى الموقوف عليه، لأنه يملك التصرف فيه، وقبض منافعه، وهذا هو فائدة الملك.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 298: فصل في الوقف:
والسيد ممنوع من بيع أم الولد، في حال عندنا، وعندهم في كل حال، وهو مالك لها، على أنه يجوز عندنا بيع الوقف للموقوف عليه، إذا صار بحيث لا يجدي نفعا، وخيف خرابه، أو كانت بأربابه حاجة شديدة، ودعتهم الضرورة إلى بيعه، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 298: فصل في الوقف:
ويتبع في الوقف ما يشرطه الواقف من ترتيب الأعلى على الأدنى، واشتراكهما أو تفضيل في المنافع، أو مساواة فيها، إلى غير ذلك بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 298: فصل في الوقف:
وإذا وقف على أولاده وأولاد أولاده، دخل فيهم ولد البنات بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 298، 299: فصل في الوقف:
وقد أجمع المسلمون على أن عيسى عليه السلام ولد آدم وهو من ولد ابنته...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 299: فصل في الوقف:
وإن وقف على عترته، فهم ذريته، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 299: فصل في الوقف:
وإذا وقف على قومه، كان ذلك على جميع أهل لغته من الذكور دون الإناث، وإذا وقف على جيرانه ولم يسمهم، كان ذلك على من يلي داره من جميع الجهات إلى أربعين ذراعا، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 300: فصل في الهبة:
تفتقر صحة الهبة إلى الإيجاب والقبول، وهي على ضربين:
أحدهما: لا يجوز [له] الرجوع فيه على حال، والثاني: يجوز.
والأول: أن تكون الهبة مستهلكة، أو قد تعوض عنها، أو يكون لذي رحم، ويقبضها هو أو وليه، سواء قصد بها وجه الله تعالى أم لا، أو لم تقبض وقد قصد بها وجه الله تعالى، ويكون الموهوب له ممن يصح التقرب إلى الله تعالى بصلته.
والضرب الثاني: ما عدا ما ذكرناه. ويدل على ذلك الإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 301: فصل في الهبة:
والهبة في المرض المتصل بالموت، محسوبة من أصل المال لا من الثلث، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 301: فصل في الهبة:
وهبة المشاع جائزة، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 301: فصل في الهبة:
ولو قبض الهبة من غير إذن الواهب، لم يصح، ولزمه الرد، لأنه لا خلاف في صحة ذلك مع الإذن، وليس على صحته من دونه دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 301، 302 : فصل في الهبة:
وإذا وهب ما يستحقه في الذمة، كان ذلك إبراء بلفظ الهبة، ويعتبر قبول من عليه الحق، لأن في إبرائه منه منة عليه، ولا يجبر على قبول المنة.
ومن منح غيره ناقة، أو بقرة، أو شاة، لينتفع بلبنها مدة [معلومة]، لزمه الوفاء بذلك إذا قصد به وجه الله تعالى، وكان ذلك الغير ممن يصح التقرب إلى الله تعالى ببره، ويضمن هلاك المنيحة ونقصانها بالتعدي.
وكذا لا يجوز الرجوع في السكنى والرقبى والعمرى إذا كانت مدتها محدودة، وقصد بها وجه الله تعالى، والرقبى والعمرى سواء، وإنما يختلفان بالتسمية، فالرقبى أن يقول: أرقبتك هذه الدار مدة حياتك، أو حياتي.
والعمرى أن يقول: أعمرتك كذلك.
وإذا علق المالك ذلك بموته، رجع إلى ورثته إذا مات، فإن مات الساكن قبله، فلورثته السكنى إلى أن يموت المالك، فإن علقه بموت الساكن، يرجع إليه إذا مات، فإن مات المالك قبله، فله السكنى إلى أن يموت، ومتى لم يعلق ذلك بمدة، كان له إخراجه متى شاء.
ولا يجوز أن يسكن من جعل ذلك له من عدا ولده وأهله إلا بإذن المالك، ومن شرط صحة ذلك كله الإيجاب والقبول على ما قدمناه.
ومن السنة الإهداء، وقبول الهدية إذا عريت من وجوه القبح، ومتى قصد بها وجه الله تعالى وقبلت، لم يجز له الرجوع فيها، ولا التعويض عنها، وكذا إن قصد بها التكرم والمودة الدنيوية، وتصرف فيها من أهديت إليه، وكذا إن قصد بها العوض عنها، فدفع، وقبله المهدى، وهو مخير في قبول هذه الهدية وردها، ويلزم العوض عنها إذا قبلت بمثلها، والزيادة أفضل. ولا يجوز التصرف فيها إلا بعد التعويض، أو العزم عليه ومن أراد عطية أولاده، فالأولى أن يسوي بينهم ولو كانوا ذكورا وإناثا، وإن فضل بعضهم على بعض، جاز ذلك بدليل([13]) إجماع الطائفة وفيه الحجة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 303: فصل في اللقطة:
من وجد ضالة من الإبل لم يجز له أخذها بإجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 303: فصل في اللقطة:
ومن وجد ما عدا ذلك كره له أخذه، فإن أخذه وكانت قيمته دون الدرهم، لم يضمنه، ويحل له التصرف فيه، وفيما بلغ أيضا الدرهم وزاد عليه مما يخاف فساده بالتعريف، كالأطعمة، من غير تعريف.
وأما ما سوى ذلك فعليه تعريفه حولا كاملا في أوقات بروز الناس، وأماكن اجتماعهم، كالأسواق وأبواب المساجد، وهو بعد الحول إن لم يأت صاحبه بالخيار بين حفظه انتظارا للتمكن منه، وبين أن يتصدق به عنه، ويضمنه إن حضر ولم يرض، وبين أن يتملكه ويتصرف فيه، وعليه أيضا الضمان إلا لقطة الحرم، فإنه لا يجوز تملكها، ولا يلزم ضمانها إن تصدق بها.
ويدل على ذلك كله الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 304: فصل في اللقطة:
وإذا ادعى اثنان في لقيط أنه ولد لهما، ألحق بمن أقام البينة، فإن أقاماها جميعا وتكافأت، أقرع بينهما، فمن خرج اسمه ألحق به، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 305، 306: فصل في الوصية:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “الوصية حق على كل مسلم”. وقال: “ما ينبغي لامرئ مسلم أن يبيت ليلة إلا ووصيته تحت رأسه”، وقال: من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية.
والواجب منها البداية بالإقرار على جهة الجملة بما أوجب الله سبحانه علمه والعمل به، ثم الوصية بالاستمساك بذلك، وبتقوى الله، ولزوم طاعته، ومجانبة معاصيه، ويعين من ذلك ما يجب من غسله وتكفينه ومواراته، ثم الوصية بقضاء ما عليه من حق واجب ديني أو دنيوي، ويخرج ذلك من أصل التركة، إن أطلق ولم يقيد بالثلث.
فإن لم يكن عليه حق، استحب له أن يوصي بجزء من ثلثه، ويصرف في النذور والكفارات، وجزء في الحج والزيارات، وجزء يصرف إلى مستحقي الخمس، وجزء إلى مستحقي الزكاة وجزء إلى من لا يرثه من ذوي أرحامه([14]).
وتصح الوصية من المحجور عليه للسفه، ومن بلغ عشر سنين فصاعدا من الصبيان، فيما يتعلق بأبواب البر خاصة.
ومن شرط صحتها حصول الإيجاب من الموصي والقبول من المسند إليه، ومن شرطه أن يكون حرا مسلما بالغا عاقلا عدلا بصيرا بالقيام بما أسند إليه، رجلا كان أو امرأة، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 306: فصل في الوصية:
وللموصي الرجوع في الوصية وتغييرها بالزيادة والنقصان، والاستبدال بالأوصياء، ما دام حيا، ولا يجوز للمسند إليه ترك القبول إذا بلغه ذلك بعد موت الموصي، ولا ترك القيام بما فوض إليه من ذلك، إذا لم يقبل ورد فلم يبلغ الموصى ذلك حتى مات، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 306: فصل في الوصية:
والوصية المستحبة والمتبرع بها محسوبة من الثلث، سواء كانت في حال الصحة أو في حال المرض، وتبطل فيما زاد عليه إلا أن يجيز ذلك الورثة بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 306: فصل في الوصية:
وتصح الوصية للوالدين والأقربين في المرض المتصل بالموت بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ}، وهذا نص في موضع الخلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 307: فصل في الوصية:
ولا تصح الوصية للكافر إلا أن يكون ذا رحم للموصي، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا فلا خلاف في جوازها له إذا كان ذا رحم، وليس على جوازها إذا لم يكن كذلك دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 307، 308: فصل في الوصية:
ومن أوصى بوصايا من ثلثه، وعين منها الحج، وكانت عليه حجة الإسلام، وجب تقديم الحج على الوصايا الأخر وإن لم يبق لها شيء من الثلث، لأن الحج واجب وما هو متبرع به، ويستأجر للنيابة عنه من ميقات الإحرام، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 308: فصل في الوصية:
ومن أوصى بسهم من ماله، أو شيء من ماله، كان ذلك السدس، فإن أوصى بجزء منه كان ذلك السبع بدليل إجماع الطائفة على ذلك كله...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 308: فصل في الوصية:
ومن أوصى لقرابته دخل في ذلك كل من تقرب إليه إلى آخر أب وأم في الإسلام، ومن أوصى بثلثه في سبيل الله، صرف ذلك في جميع مصالح المسلمين، مثل بناء المساجد، والقناطر، والحج، والزيارة، وما أشبه ذلك، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 311، 312: كتاب الفرائض/ في تفصيل أحكام الوراث:
في تفصيل أحكام الوراث مع الانفراد والاجتماع وقد بينا أن أول المستحقين الأبوان والولد، فالأبوان إذا انفردا من الولد، كان المال كله لهما، للأم الثلث، والباقي للأب، والمال كله لأحدهما إذا انفرد، فإن كان معهما زوج أو زوجة، فللام الثلث من أصل التركة، والباقي للأب بعد سهم الزوج أو الزوجة. يدل على ذلك بعد إجماع الطائفة، قوله تعالى: {فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ...} الآية([15])، وهذا نص في موضع الخلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 313: كتاب الفرائض/ في تفصيل أحكام الوراث:
فإن كان مع الأبوين أخوان، أو أربع أخوات، أو أخ وأختان لأب، أو لأب وأم، أحرار مسلمون، فالأم محجوبة عن الثلث إلى السدس، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا فلا خلاف في صحة الحجب بمن ذكرناه، وليس كذلك الحجب بمن عداهم، وقوله تعالى: {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ}، وإن تناول ظاهره الأخوة من الأم، فإنا نعدل عن الظاهر للدليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 313: كتاب الفرائض/ في تفصيل أحكام الوراث:
وللأبوين مع الولد السدسان بينهما بالسوية، ولأحدهما السدس، واحدا كان الولد أو أكثر، ذكرا كان أو أنثى [ولد صلب كان أو غيره] إلا أنه إن كان ذكرا فله جميع الباقي بعد سهم الأبوين، وإن كان ذكرا وأنثى، فللذكر مثل حظ الأنثيين، وهذا كله بلا خلاف، وإن كان أنثى فلها النصف والباقي رد عليها وعلى الأبوين، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 315: كتاب الفرائض/ في تفصيل أحكام الوراث:
كالزوج إذا كان ابن عم ولا وارث معه، فإنه يرث النصف بالزوجية، والنصف الآخر عندنا بالقرابة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 315، 316: في بطلان العول:
فإن كان مع الأبوين والولد زوج أو زوجة، كان للولد ما يبقي بعد سهم الأبوين والزوج أو الزوجة، واحدا كان الولد أو جماعة، ذكرا كان أو أنثى، وإن لم يف الباقي بالمسمى للبنت أو الابنتين، ويكون النقص داخلا على البنت أو ما زاد عليها، دون الأبوين، ودون الزوج أو الزوجة.
وهذه من مسائل العول التي يذهب المخالفون فيها إلى إدخال النقص على جميع ذوي السهام، ويشبهون ذلك بمن مات وعليه ديون لا تتسع تركته لوفائها.
والعول في اللغة عبارة عن الزيادة والنقصان معا، فإن أضيف هاهنا إلى المال، كان نقصانا، وإن أضيف إلى السهام، كان زيادة.
يدل على صحة ما نذهب إليه إجماع الطائفة عليه، وأيضا فلا خلاف أن النقص هاهنا داخل على البنات، ولا دليل على دخوله هنا على ما عداهن، من إجماع ولا غيره، فوجب البقاء فيهم على الأصل الذي اقتضاه ظاهر القرآن.
وأيضا فدخول النقص على جميع ذوي السهام، تخصيص لظواهر كثيرة من القرآن، وعدول عن الحقيقة فيها إلى المجاز، ودخوله على البعض رجوع عن ظاهر واحد، فكان أولى، وإذا ثبت أن نقص البعض أولى، ثبت أنه الذي عيناه، لأن كل من قال بأحد الأمرين، قال بالآخر، والقول بأن المنقوص غيره مع القول بأن نقص البعض أولى، خروج عن الإجماع.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 318: في عدم إرث العصبة مع البنت:
وإذا انفرد الولد من الأبوين وأحد الزوجين، فله المال كله، سواء كان واحدا أو جماعة، ذكرا كان أو أنثى.
فلا يرث مع البنت أحد سوى من قدمناه، عصبة كان أم لا، بل النصف لها بالتسمية [الصريحة] والنصف الآخر بالرد بالرحم، على ما بيناه، ومخالفونا يذهبون إلى أنه لو كان مع البنت عم أو ابن عم، لكان له النصف بالتعصيب، وكذا لو كان معها أخت، ويجعلون الأخوات عصبة مع البنات، ويسقطون من هو في درجة العم أو ابن العم من النساء، كالعمات وبنات العم إذا اجتمعوا، ويخصون بالميراث الرجال دونهن، لأجل التعصيب، ونحن نورثهن.
ويدل على صحة ما نذهب إليه بعد إجماع الطائفة عليه ما قدمناه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 323: في أن ولد الولد يقومون مقام آبائهم:
وقد بينا فيما تقدم أن ولد الولد وإن نزلوا، يقومون مقام آبائهم وأمهاتهم في مشاركة من يشاركونه، وحجب من يحجبونه، ويأخذ كل منهم ميراث من يتقرب به، كابن بنت وبنت ابن، فإن لابن البنت الثلث، ولبنت الابن الثلثان. والدليل على ذلك بعد إجماع الطائفة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 324: في الحبوة:
ويستحب أن يخص الأكبر من الولد الذكور بسيف أبيه ومصحفه وخاتمه إذا كان هناك تركة سوى ذلك، بدليل إجماع الطائفة، ومن أصحابنا من قال: يحتسب بقيمة ذلك عليه من سهمه، ليجمع بين ظاهر القرآن وما أجمعت عليه الطائفة، وكذا قال فيما رواه أصحابنا: من أن الزوجة لا ترث من الرباع والأرضين شيئا، فحمله على أنها لا ترث من نفس ذلك بل من قيمته.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 324، 325: في الإخوة والأخوات والأجداد:
ولواحد الأخوة والأخوات أو الأجداد والجدات إذا انفرد جميع المال من أي الجهات كان، وإذا اجتمع كلاة الأم مع كلالة الأب والأم كان للواحد من قبل الأم -أخا كان أم أختا جدا أم جدة- السدس، وللاثنين فصاعدا الثلث والذكر والأنثى فيه سواء، وروى أن لواحد الأجداد من قبل الأم الثلث نصيب الأم، والباقي لكلالة الأب والأم، أخا كان أم أختا جدا أم جدة، فإن كانوا جماعة ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين.
ولا يرث أحد من الأخوة والأخوات من قبل الأب خاصة، مع وجود واحد منهم من الأب والأم، أخا كان أم أختا، ومتى اجتمع واحد من كلالة الأم مع أخت أو أختين فصاعدا من الأب والأم، كان الفاضل من سهامهم مردودا على كلالة الأب والأم خاصة، ويشترك كلالة الأم مع كلالة الأب في الفاضل على قدر سهامهم، ومن أصحابنا من قال: يختص بالرد كلالة الأب، لأن النقص يدخل عليها خاصة إذا نقصت التركة عن سهامهم لمزاحمة الزوج أو الزوجة، ولا يدخل على كلالة الأم ولا على الزوج والزوجة على حال.
وولد الأخوة والأخوات وإن نزلوا يقومون عند فقدهم مقامهم في مقاسمة الأجداد وفي الحجب لغيرهم، وكذا حكم الأجداد والجدات وإن علوا، والأدنى من جميعهم -وإن كان أنثى- أحق من الأبعد وإن كان ذكرا، كل ذلك بدليل الإجماع من الطائفة عليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 325، 326: في الأعمام والعمات والأخوال والخالات:
ويرث الأعمام والعمات والأخوال والخالات مع فقد من قدمنا ذكره من الوراث، ويجري الأعمام والعمات من الأب والأم مجرى الأخوة والأخوات من قبلهما في كيفية الميراث، وفي إسقاط الأعمام والعمات من قبل الأب فقط، ويجري الأخوال والخالات مجرى الأخوة والأخوات من قبل الأم، لواحدهم إذا اجتمع مع الأعمام والعمات السدس ولمن زاد عليه الثلث، الذكر والأنثى فيه سواء، والباقي للأعمام والعمات من قبل الأب والأم أو [من الأم] إذا لم يكن واحد منهم من قبل أب وأم، للذكر من هؤلاء مثل حظ الأنثيين، بدليل إجماع الطائفة…
فإن اجتمع الأعمام والعمات المتفرقون مع الأخوال والخالات المتفرقين، كان للأعمام والعمات الثلثان، لمن هو للأم من ذلك السدس، والباقي لمن هو للأب والأم دون من هو للأب، وللأخوال والخالات الثلث، ولمن هو للأم منه السدس، والباقي لمن هو للأب والأم دون من هو للأب.
ولا يقوم ولد الأعمام والعمات مقام آبائهم وأمهاتهم في مقاسمة الأخوال والخالات، ولا يقوم أيضا ولد الخؤولة والخالات مقام آبائهم وأمهاتهم في مقاسمة الأعمام والعمات، فلو ترك عمة أو خالة مثلا مع ابن عم وابن خال، لكانت كل واحدة من العمة والخالة أحق بالميراث منهما، ولا يرث الأبعد من هؤلاء مع من هو أدنى منه إلا من استثنيناه فيما مضى من ابن العم للأب والأم، فإنه أحق عندنا من العم للأب، وكل هذا دليله الإجماع من الطائفة عليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 327: في إرث الولاء:
الولاء لا يثبت إلا في العتق المتبرع به، بعد الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 327، 328: في أن الإمام وارث من لا وارث له:
فإن لم يكن أحد ممن ذكرناه وكان الميت سائبة -بأن يكون معتقا في كفارة واجب أو معتقا تطوعا، وقد تبرأ معتقه من جريرته- أو مكاتبا غير مشروط عليه الولاء وقد توالى إلى من ضمن جريرته، كان ميراثه له، فإن مات لم ينتقل إلى ورثته.
فإن عدم جميع هؤلاء الوراث فالميراث للإمام، فإن مات انتقل إلى من يقوم مقامه في الإمامة، دون من يرث تركته، وسهم الزوج أو الزوجة ثابت مع جميع من ذكرناه، على ما مضى بيانه، وكل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 328، 329: في أن الكافر لا يرث المسلم:
وقد بينا فيما سبق أن الكافر لا يرث المسلم، فأما المسلم فإنه يرث الكافر عندنا وإن بعد نسبه، ويدل على ذلك الإجماع الماضي ذكره، وظاهر آيات الميراث...
ونحن لا نقول: بأن الكافر يرث المسلم، فلا توارث بينهما والحال هذه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 330: في أن الكافر لا يرث المسلم:
ولا يرث القاتل عمدا مقتوله على وجه الظلم، على ما بيناه بلا خلاف، ويرثه إن كان قتله خطأ ما عدا الدية المستحقة عليه، بدليل الإجماع من الطائفة على ذلك
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 330: في أن الكافر لا يرث المسلم:
ويرث ولد الملاعنة لامه ولمن يتقرب بها، وترثه هي ومن يتقرب بها، ولا يرثه أبوه ولا من يتقرب به على حال، ولا يرثه الولد إلا أن يقر به بعد اللعان، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا فالاحتياط فيما ذكرناه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 330، 332: في أن الكافر لا يرث المسلم:
وولد الزنا لا يرث أبويه ولا من يتقرب بهما، ولا يرثونه على حال، لأنه ليس بولد شرعا، لأن الولد للفراش على ما جاء به الأثر، ومن أصحابنا من قال: حكمه وحكم ولد الملاعنة سواء. وهو مذهب من خالفنا من الفقهاء.
ويعزل من التركة مقدار نصيب الحمل، والاستظهار يقتضي عزل نصيب ذكرين، فإن ولد ميتا فلا ميراث له، وإن ولد حيا ورث، وتعلم حياته بالاستهلال والحركة الكثيرة التي لا تكون إلا من حي، وإن ولد وله ما للرجال وما للنساء، اعتبرت حاله بالبول فمن أي الفرجين خرج ورث عليه، فإن خرج منهما اعتبر بالسبق، فمن أيهما سبق ورث عليه، فإن تساوى خروجه منهما، فمن أيهما انقطع أخيرا ورث عليه، فإن تساوى انقطاعه منهما ورث نصف ميراث الرجال ونصف ميراث النساء، وقد روي: أنه تعد أضلاعه، فإن نقص أحد الجانبين ورث ميراث الرجال، وإن تساويا ورث ميراث النساء، فإن لم يكن للمولود فرج أصلا استخرج بالقرعة، فما خرج ورث عليه.
وإذا عقد على الصغيرين عقد النكاح أبواهما توارثا، وإن كان العاقد غيرهما، فلا توارث بينهما حتى يبلغا ويمضيا العقد، وإن بلغ أحدهما فأمضاه ثم مات أنتظر بلوغ الآخر، فإن بلغ وأمضاه حلف أنه لم يرض به للميراث، فإن حلف ورث، وإلا فلا ميراث له.
ويتوارث الزوجان بعد الطلاق الرجعي، سواء كان في الصحة أو المرض، مادامت المرأة في العدة، وإن كان في حال مرض الزوج، ورثته المرأة وإن كان بائنا، إذا مات من مرضه ذلك ما لم تتزوج أو يمض لطلاقها سنة، وإذا تزوج المريض ومات قبل الدخول بطل العقد ولم ترثه المرأة. وإذا انفرد الزوج بالميراث، فله النصف بالتسمية، والنصف الآخر بالرد، بدليل إجماع الطائفة، ولا يلزم أن يرد على الزوجة، لأن الشرع لا يؤخذ بالقياس.
وإذا تعارف المجلوبون من بلاد الشرك بنسب يوجب الموارثة بينهما قبل قولهم بلا بينة، وورثوا عليه، ويوقف نصيب الاسير في بلاد الكفر إلى أن يجئ أو يصح موته، فإن لم يعلم مكانه، فهو مفقود، وحكمه أن يطلب في الأرض أربع سنين، فإن لم يعلم له خبر في هذه المدة، قسم ماله بين ورثته.
وإذا مات اثنان أو ما زاد عليهما في وقت واحد، بهدم، أو غرق، ولم يعلم أيهما مات قبل صاحبه، ورث أحدهما من الآخر من نفس تركته، لا مما يرثه من صاحبه، وأيهما قدم في التوريث جاز، وروي أن الأولى تقديم الأضعف في الاستحقاق وتأخير الأقوى ثم ينقل ميراث كل واحد منهما من صاحبه إلى وارثه، فإن كان أحدهما يرث صاحبه، والآخر لا يرثه، بطل هذا الحكم، وانتقل كل واحد منهما إلى وارثه من غير واسطة...
والدليل على ذلك كله -سوى ما لم يتعين المخالف من الطائفة فيه- إجماعها عليه، وفيه الحجة على ما بيناه([16]).
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 335: كتاب النكاح:
فالضرب الأول: المحرمات بالنسب وهن ست: الأم وإن علت، والبنت وإن نزلت، والأخت، وبنت الأخ والأخت وإن نزلتا، والعمة والخالة وإن علتا، بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 335، 336: كتاب النكاح:
ولا يقتضي تحريم الرضاع إلا بشروط: منها:
أن يكون سن الراضع والمرتضع من لبنه له دون الحولين، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، لأن المراد إثبات الرضاع الشرعي، الذي يتعلق به الحرمة، بدليل أنه تعالى لا يجوز أن يريد الرضاع اللغوي، لأنه ينطلق على ما يحصل بعد الحولين، وقبل تمامهما، ولا يريد نفي جوازه دونهما، أو بعدهما، لأن ذلك جائز بلا خلاف، ولا نفي الكفاية بدونهما، لأن الكفاية قبل تمامهما قد تحصل بلا شبهة، فلم يبق إلا ما قلناه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 336: كتاب النكاح:
ومن شروط تحريم الرضاع: أن يكون لبن ولادة لا در، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 336: كتاب النكاح:
ومنها: أن يكون مما ينبت اللحم ويشد العظم، بأن يكون يوما وليلة، أو عشر رضعات متواليات، عند بعض أصحابنا، وعند بعضهم خمس عشرة رضعة، والأول أحوط، كل رضعة منها تروي الصبي لا يفصل بينها برضاع امرأة أخرى، بلا خلاف بين أصحابنا...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 336: كتاب النكاح:
ومن هذا الضرب من المحرمات أم المعقود عليها، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله عزوجل: {وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ} ولم يشترط الدخول، وأيضا فقد روى المخالفون أنه عليه السلام قال: من نكح امرأة ثم ماتت قبل الدخول بها لم تحل له أمها، وهذا نص.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 336، 337: كتاب النكاح:
ومن هذا الضرب أيضا ابنة المدخول بها، سواء كانت في حجر الزوج أو لم تكن، بلا خلاف إلا من داود...
ومن هذا الضرب أم المزني بها وابنتها، فهو الظاهر من مذهب أصحابنا والأكثر من رواياتهم، وطريقة الاحتياط تقتضيه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 337: كتاب النكاح:
وتحرم على الابن زوجة الأب وأمته المنظور إليها بشهوة، بلا خلاف بين أصحابنا، وعلى الأب زوجة الابن أيضا وأمته المنظور إليها بشهوة، ومن أصحابنا من قال: الموطوءة، والأول أحوط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 337: كتاب النكاح:
ويحرم على كل واحد منهما العقد على من زنى بها الآخر، بدليل إجماع الطائفة، ويخص التحريم على الابن قوله تعالى: { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء}، لأن لفظ النكاح يقع على العقد والوطئ معا.
وتعلق المخالف بما يروونه من قوله عليه السلام: “الحرام لا يحرم الحلال”، غير معتمد لأنه خبر واحد، ثم هو مخصوص بالإجماع...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 338: كتاب النكاح:
ويحرم العقد على الزانية وهي ذات بعل أو في عدة رجعية ممن زنى بها، وعلى أم الغلام الموقب وأخته وابنته ممن لاط به، ويحرم أيضا على التأبيد المعقود عليها في عدة معلومة أو إحرام معلوم، والمدخول بها فيهما على كل حال، والمطلقة للعدة تسعا ينكحها بينها رجلان، والملاعنة والمقذوفة من زوجها، وهي صماء أو خرساء، يدل على ذلك كله إجماع الطائفة، وأيضا فلا يجوز أن يستباح التمتع بالمرأة إلا بيقين ولا يقين فيما ذكرناه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 339: كتاب النكاح:
وأما من يحرم العقد عليهن في حال دون حال فأخت المعقود عليها بلا خلاف، أو الموطوءة بالملك بلا خلاف إلا من داود، ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} لأنه لم يفصل، والخامسة حتى تنقبض الأربع بما يوجب البينونة، والمطلقة للعدة ثلاثا، أو للسنة، على ما نبينه، حتى تنكح زوجا آخر وتبين منه، وكذا حكم كل مزوجة، والمعتدة من الطلاق الرجعي حتى تخرج من عدتها، كل هذا بلا خلاف، وبنت الأخ على عمتها، وبنت الأخت على خالتها حتى تأذنا، والأمة على الحرة حتى تأذن، والزانية حتى تتوب، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 339، 340: كتاب النكاح:
ويحرم العقد على الكافرة وإن اختلفت جهات كفرها حتى تسلم -إلا على وجه نذكره- بدليل إجماع الطائفة...
وقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ}، نخصه بنكاح المتعة، فإنه جائز عندنا على الكتابيات...
وإذا كان العدول عن الحقيقة إلى المجاز إنما يفعل للضرورة، فقليله أولى من كثيره بغير شبهة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 340: كتاب النكاح:
ونكاح المستدام مستحب بلا خلاف إلا من داود، فإنه قال: واجب، ويدل على ما قلناه بعد إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 341: كتاب النكاح:
ومن شرط صحة عقد النكاح: أن يكون المعقود عليه معلوما متميزا; فلو قال: زوجتك من عندي، أو امرأة، أو حمل هذه الجارية، لم يصح للجهالة. وأن يكون ممن يحل نكاحه، فلا يصح العقد بين الكافر والمسلم بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 341، 342: كتاب النكاح:
ومن شرط ذلك أن يكون بلفظ النكاح، أو التزويج، أو الاستمتاع في النكاح المؤجل عندنا، مع القدرة على الكلام، ولا يصح العقد بلفظ الإباحة، ولا التحليل، ولا التمليك، ولا البيع، ولا الإجارة، ولا الهبة، ولا العارية، بدليل إجماع الطائفة، ولأن ما اعتبرناه في نكاح الدوام، مجمع على انعقاده، وليس على انعقاده بما عداه دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 342: كتاب النكاح:
ومن شرطه أن يكون صادرا ممن له ولاية، والولاية التي يجوز معها تزويج الصغيرة غير البالغ -سواء كانت بكرا أو قد ذهبت بكارتها بزوج أو غيره، ولا يكون لها بعد البلوغ خيار، بلا خلاف بين أصحابنا- وتزويج البكر البالغ من غير إذنها -على خلاف بينهم في ذلك- مختصة بأبيها وجدها له في حياته، فإن لم يكن الأب حيا فلا ولاية للجد، ومن يختاره الجد أولى ممن يختاره الأب، وليس لأحدهما فسخ العقد الذي سبق الآخر إليه، وإن كان بغير إذنه، والأولى بالأب استئذان الجد، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 342، 343: كتاب النكاح:
وعلى الأب أو الجد استئذان البكر البالغ، وإذنها صماتها على ما ورد به الخبر، فإن عقد بغير إذنها، فأبت العقد، لم ينفسخ العقد عند من قال من أصحابنا: لهما إجبارها على النكاح، وعند من قال منهم: ليس لهما ذلك، ينفسخ، وطريقة الاحتياط تقتضي اعتبار رضاها في صحة العقد، لأنه لا خلاف في صحته إذا رضيت، وليس كذلك إذا لم ترض...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 343: كتاب النكاح:
ولا تعقد البكر على نفسها بغير إذنهما، فإن عقدت وأبيا العقد انفسخ، إلا أن يكونا قد عضلاها بمنعها من التزويج بالأكفاء، فإنه لا ينفسخ بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 343: كتاب النكاح:
ولا ولاية لغير الأب والجد على البكر، ولا ولاية لهما ولا لغيرهما على البنت البالغ الرشيدة إلا أن تضع نفسها مع غير كفء، فيكون لأبيها أو جدها فسخ العقد.
والكفاءة تثبت عندنا بأمرين: الإيمان، وإمكان القيام بالنفقة، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأن ما اعتبرناه مجمع على اعتباره، وليس على اعتبار ما عداه دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 343، 345: كتاب النكاح:
وللثيب إذا كانت رشيدة أن تعقد على نفسها بغير ولي، وكذا البكر إذا لم يكن لها أب، وإن كان الأولى لهما رد أمرهما إلى بعض الصلحاء من الأقارب أو الأجانب، بدليل الإجماع المشار إليه...
وتعلقهم بما رووه من قوله عليه السلام: “لا نكاح إلا بولي”، يسقط بمثل ما قدمناه من القدح، والمعارضة، وبأنه خبر واحد، وبأنا نقول بموجبه، لأن الولي هو الذي يملك العقد، والمرأة عندنا هذه حالها، فإذا عقدت النكاح كان ذلك نكاحا بولي، ولفظة (ولي) تقع على الذكر والأنثى بغير شبهة على من يعرف اللغة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 345: الإشهاد في العقد ليس بواجب:
وليس من شرط صحة العقد الشهادة، بل من مستحباته، بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ}…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 346: ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد الدائم:
وليس من شرط صحة عقد الدوام ذكر المهر بلا خلاف، بل من مستحباته، ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً}، والطلاق لا يقع إلا في نكاح صحيح.
والمهر ما تراضى عليه الزوجان، دائما كان العقد أو مؤجلا، مما له قيمة، ويحل تملكه، قليلا كان أو كثيرا، ويجوز أن يكون تعليم شيء من القرآن ولو كان آية واحدة، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، وفي موضع آخر: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}، والاسم يتناول القليل والكثير…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 347، 348: ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد الدائم:
ولا يجوز أن يقول الإنسان لغيره: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك، على أن يكون بضع كل واحدة منهما مهر الأخرى، لأن ذلك هو نكاح الشغار، الذي نهى النبي صلى الله عليه وآله عنه، ولا خلاف من أصحابنا في تحريمه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 348: ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد الدائم:
ويجوز جعل العتق مهرا، بأن يقول لامته: قد تزوجتك وجعلت عتقك مهرك، ولو قال: قد أعتقتك وتزوجتك وجعلت عتقك صداقك، ثبت العتق، وكانت مخيرة في التزويج به.
وإذا عين المهر حالة العقد، كان للزوجة أن تمتنع من تسليم نفسها حتى تقبض جميعه، فإذا قبضته فله نقلها إلى منزله، وليس لها الامتناع، ولو دخل بها، وهو أو بعضه باق في ذمته، لم يكن لها منع نفسها منه حتى تقبض ذلك، وإنما لها المطالبة به فقط.
وإذا لم يسم لها مهرا حالة العقد، ودخل بها، فإن كان أعطاها قبل الدخول شيئا، وقبضته منه، لم يكن لها غيره، لأنها لو لم ترض به لما مكنته من نفسها، وإن لم يكن أعطاها شيئا، لزمه مهر مثلها، ويعتبر في ذلك السن، والنسب، والجمال، والتخصيص، وكلما يختلف المهر لأجله، فإن نقص عن مهر السنة، وهو خمسمائة درهم فضة أو قيمتها خمسون دينارا، لم يكن لها غيره، وإن زاد على ذلك رد إليه، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 348، 349: ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد الدائم:
وإذا وقع العقد على عبد مجهول، أو دار مجهولة، صح، وكان لها من أوسط العبيد أو الدور، وإذا وقع على عين محرمة، كالخمر، وعين الغصب، صح العقد وبطل المسمى بلا خلاف، إلا من مالك وبعض أصحابنا، ونبين صحة ما اخترناه، أن أكثر ما يلزم في هذه الصورة سقوط المسمى، وذلك لا يؤثر في صحة العقد، لأنا قد بينا أنه لا خلاف في صحته مع عدم ذكر المهر.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 349: ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد الدائم:
والزوجة تملك الصداق المسمى لها كله بنفس العقد، وهو من ضمان الزوج إن تلف قبل القبض، ومن ضمانها إن تلف بعده، خلافا لمالك، فإن دخل بها أو مات عنه استقر كله بلا خلاف، وإن طلقها قبل الدخول بها رجع بنصف العين التي قدمها، دون الزيادة المنفصلة الحادثة في يد الزوجة، كحمل الحيوان، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {آتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ}، والظاهر أن الكل لهن من غير فصل بين ما قبل الدخول وبعده.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 349: ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد الدائم:
ومن لم يسم لها مهر إذا طلقت قبل الدخول، فلا مهر لها، ولها المتعة، ويعتبر بحال الزوج، فعلى الموسر خادم أو دابة أو ما أشبه ذلك، وعلى المتوسط ثوب أو ما أشبهه، وعلى الفقير خاتم أو نحوه، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 349: ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد الدائم:
وإذا أصدقها على أن لأبيها ألفا، صح العقد بلا خلاف، ويجب عليه الوفاء بما سمى لها، وهو بالخيار فيما شرط لأبيها، بدليل إجماع الطائفة، ولو أصدقها وشرط أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى، لصح النكاح والصداق، وبطل الشرط، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 350: ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد الدائم:
ومن السنة في عقد الدوام الخطبة قبله -بلا خلاف إلا من داود فإنه قال: واجبة- والإعلان به، والوليمة له، واجتماع الناس، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 350: في عدم جواز الجمع للحر في عقد الدوام أزيد من أربع حرائر:
ولا يجوز للحر أن يجمع في عقد الدوام بين أكثر من أربع حرائر، أو أمتين، ولا للعبد أن يجمع بين أكثر من أربع إماء، أو حرتين، وإذا اجتمع عنده أربع حرائر، لزم العدل بينهن في المبيت، ولا يفضل واحدة إلا برضى الأخرى، بلا خلاف، فإن كان عنده زوجتان جاز أن يفضل إحداهما بليلتين، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 350، 351: في عدم جواز الجمع للحر في عقد الدوام أزيد من أربع:
وإن كان له زوجتان حرة وأمة، كان للحرة ليلتان وللأمة ليلة، بدليل الإجماع المشار إليه، ويحتج على المخالف بما روي من قوله عليه السلام: من نكح أمة على حرة فللحرة ليلتان وللأمة ليلة، وهذا نص، وروي مثل ذلك عن علي عليه السلام ولا مخالف له في الصحابة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 351: في عدم جواز الجمع للحر في عقد الدوام أزيد من أربع حرائر:
وإن كان عنده زوجة أو أكثر، فتزوج بأخرى، فإن كانت بكرا، فلها حق التقديم وحق التخصيص بسبعة أيام، وإن كانت ثيبا، فلها حق التقديم والتخصيص بثلاثة أيام، من غير قضاء، أو سبعة يقضيها في حق الباقيات، ولها الخيار في ذلك، بدليل الإجماع المشار إليه.
ويحتج على المخالف في التخصيص -فإن التقديم لا خلاف فيه- بما رووه من قوله عليه السلام: للبكر سبع وللثيب ثلاث...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 351، 352: يكره للحر أن يتزوج بأمة وهو يجد طولا للحرة:
ويكره للحر أن يتزوج بأمة وهو يجد طولا للحرة، ولا يخاف على نفسه العنت، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 352: يكره للحر أن يتزوج بأمة وهو يجد طولا للحرة:
ولا يجوز للحر أن يتزوج أمة، ولا للحرة أن تتزوج عبدا إلا بإذن السيد، فإن فعلا ذلك بغير إذنه، كان العقد موقوفا على إجازته، والولد حر مع الأذن، إلا أن يشترط الرق، ورق مع عدمه.
وإذا مات السيد أو باع العبد، فالوارث والمبتاع بالخيار بين إمضاء العقد وفسخه، وكذا لو أعتق الأمة، كان الخيار لها في ذلك، سواء كان الزوج حرا أو عبدا، وإذا حصل الرضا من هؤلاء، لم يكن لهم بعد الرضا خيار، ولا توارث بين الزوجين إذا كان أحدهما رقا.
وإذا زوج عبده بأمة غيره فالطلاق بيد الزوج، والولد -إن لم يكن هناك شرط أنه رق لأحد السيدين- بينهما في الملك على السواء، ومن زوج عبده بأمته، استحب له أن يعطيها شيئا من ماله مهرا، والفراق بينهما بيده، يأمر كل واحد منهما باعتزال صاحبه متى شاء، وليس للزوج طلاق على حال، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 354: في النشوز:
ومن تزوج امرأة على أنها حرة فخرجت أمة، أو بنت حرة فخرجت بنت أمة، أو سليمة فخرجت مجذومة، أو برصاء، أو عمياء، أو رتقاء، أو مفضاة، أو مجنونة، أو عرجاء -ومن أصحابنا من ألحق بذلك كونها محدودة في الزنا- كان له ردها، وفسخ العقد بغير طلاق، بإجماع الطائفة، ويأخذ ما دفع إليها من المهر إلا أن يكون قد وطئها قبل العلم بالعيب، فإنه يكون المهر لها بما استحل من فرجها، ويرجع به على من تولى أمرها، إن كان علم بالعيب، ودلسها عليه.
وإن كانت أمة فرزق منها ولدا، فإن كان عقد على أنها حرة بشهادة شاهدين لها بالحرية، فالولد حر، ويرجع السيد بقيمة الولد والمهر على من تولى أمرها، وإن كان عقد من غير بينة بذلك، فولدها رق، ويلزم سيدها دفعه إلى الأب بالقيمة، وعلى الأب دفعها إليه، فإن لم يكن له مال استسعى فيها، فإن أبى ذلك، فعلى الإمام القيام بها من سهم الرقاب، وعلى الأب لمولى الجارية، عشر قيمتها إن كانت بكرا، ونصف عشرها إن لم تكن كذلك.
وإن علم الزوج بأحد هذه العيوب، فوطئها، أو رضي به، لم يكن له بعد ذلك رد، ولا أخذ شيء من المهر، ويكون الولد من الأمة رقا لسيدها إن كان العقد بغير إذنه، ولا يلزم دفعه بالقيمة بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 354: في النشوز:
والحرة إذا تزوجت برجل على أنه حر، فظهر عبدا، أو سليم، فظهر أنه مجنون، أو عنين، أو مجبوب، فلها الرد، ولا يرد الرجل بغير هذه العيوب -وحكم الولد من العبد ما قدمناه من حكم ولد الأمة- غير أن العنين يجب الصبر عليه سنة، فإن تعالج ووصل إليها فيها ولو مرة واحدة، فلا خيار لها في رده، وإن لم يصل إليها في هذه المدة، فلها الخيار، وهذا حكم العنة الحادثة بعد الدخول والصحة، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 354، 355: في النشوز:
والجنون الحادث بعد الدخول، إن كان يعقل معه أوقات الصلاة، فلا خيار لها في فراقه، وإن كان لا يعقل ذلك، كان لها الخيار، ولزم وليه أن يطلقها منه، إن طلبت الفراق بلا خلاف بين أصحابنا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 355: في النشوز:
ويجوز لمن أراد نكاح امرأة أن ينظر إلى وجهها وكفيها، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 355، 356: في نكاح المتعة:
وأما نكاح المتعة تفتقر صحته إلى شرطين زائدين على ما تقدم من الشروط: أحدهما تعيين الأجر والثاني تعيين الأجل، فإن ذكر الأجر دون الأجل كان دواما، وإن ذكر الأجل فقط، فسد العقد، ويستحب ذكر ما عدا هذين الشرطين، نحو أن يقول: على أن لا ترثيني ولا أرثك، وأن أضع الماء حيث شئت، وأنه لا سكنى لك ولا نفقة، وعليك العدة إذا انقضت المدة.
والمتمتع بها لا يتعلق بها حكم الإيلاء، ولا يقع بها طلاق، ولا يصح بينها وبين الزوج لعان، ويصح الظهار، وانقضاء الأجل يقوم في الفراق مقام الطلاق، ويدل على ذلك كله إجماع الطائفة، ولا سكنى لها، ولا نفقة، ولا توارث بينهما، بلا خلاف بينهم أيضا، ولو شرط ذلك كله، لم يجب أيضا عند بعض أصحابنا، لأنه شرط يخالف السنة، وعند بعضهم يثبت بالشرط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 356: في نكاح المتعة:
ويجوز الجمع في هذا النكاح بين أكثر من أربع، ولا يلزم العدل بينهن في المبيت، ويلحق الولد بالزوج، ويلزم الاعتراف به إذا وطئ في الفرج وإن كان يعزل الماء، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 356: في نكاح المتعة:
وأيضا فهذا النكاح كان مباحا في عهد النبي صلى الله عليه وآله بلا خلاف، وإنما ادعى النسخ، وعلى من ادعاه الدليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 356، 357: في نكاح المتعة:
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون المراد بالاستمتاع هاهنا الالتذاذ والانتفاع دون العقد المخصوص، بدليل أن قوله: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ}، يتناول عقد الدوام بلا خلاف؟.
قلنا: لا يجوز حمل لفظ الاستمتاع على ما ذكر لأمرين: أحدهما: أنه يجب حمل الألفاظ الواردة في القرآن على ما يقتضيه العرف الشرعي، دون الوضع اللغوي، على ما بيناه في أصول الفقه، والثاني: أن الالتذاذ لا اعتبار به في وجوب المهر، لأنا لو قدرنا ارتفاعه عمن وطئ زوجته ولم يلتذ، لأن نفسه كرهتها، أو لغير ذلك، لوجب المهر بالاتفاق، فيثبت أن المراد ما قلناه.
وأما إباحته تعالى بالآية نكاح الدوام، فغير مناف لما ذكرناه، من إباحة نكاح المتعة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 357: في نكاح المتعة:
ويؤيد ذلك ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام وعبد الله بن عباس وابن مسعود ومجاهد وعطاء من أنهم كانوا يقرأون: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) وقوله تعالى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ}، والمراد بذلك على ما اتفق عليه أصحابنا. ورووه عن آل الرسول عليه وعليهم السلام الزيادة من الزوج في الأجر، ومن الزوجة في الأجل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 359: في نكاح المتعة:
وأما الظهار فيقع بالمتمتع بها عندنا، ويلحق الولد بأبيه في هذا النكاح، بخلاف ما ظنوه.
وأما العدة إذا انقضى أجلها فقرءان، وقد ثبت بلا خلاف أن عدة الأمة كذلك، وإن كانت زوجة، وإذا توفي زوجها قبل انقضاء الأجل، فعدتها عندنا أربعة أشهر وعشرة أيام، كعدة المعقود عليها عقد الدوام.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 359، 360: في نكاح المتعة:
حتى ظهر من نهي عمر عنها ما نقله الرواة؟! وقوله: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله حلالا أنا أحرمهما وأعاقب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج يبطل دعوى المخالف: أن النبي عليه السلام هو الذي حرمها، لأنه اعترف بأنها كانت حلالا في عهده، وأضاف النهي والتحريم إلى نفسه.
فإن قيل: كيف يصرح بتحريم ما أحله النبي عليه السلام، ولا ينكر ذلك عليه؟ قلنا: ارتفاع النكير يحتمل أن يكون للتقية، ويحتمل أن يكون لشبهة، وهي اعتقاد التغليظ والتشديد في إضافة النهي إليه، وإن كان النبي عليه السلام هو الذي حرمها، أو اعتقاد جواز نهي بعض الأئمة عما أباحه الله إذا أشفق في استمرار عليه من ضرر في الدين.
وهذا الوجه هو الذي حمل الفقهاء نهي عمر عن متعة الحج عليه، على أن المتمتع لا يستحق حدا من رجم ولا غيره باتفاق، وقد قال عمر: لا أوتى بأحد تزوج متعة إلا رجمته بالحجارة، وما أنكر أحد ذلك عليه، ومهما اعتذروا به عن ذلك، كان عذرا في ترك النكير لتحريم المتعة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 360: في ملك اليمين:
وأما ملك اليمين فيكون بأحد أسباب التمليك، وإذا انتقلت إلى الملك بأحد أسبابه، لم يجز وطؤها حتى تستبرئ بحيضة أو خمسة وأربعين يوما إن كانت ممن لا تحيض، إلا أن يكون البائع لها قد استبرأها قبل البيع، وهو ممن يوثق بأمانته، فإنه لا يجب على المشتري -والحال هذه- استبراؤها، وإنما يستحب له ذلك، فإن كانت حاملا لم يجز له وطؤها في الفرج -حتى يمضي لها أربعة أشهر- إلا بشرط عزل الماء، فإن لم يعزل لم يجز له بيع الولد، ولا أن يعترف به ولدا، بل يجعل له قسطا من ماله، لأنه غذاه بنطفته، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 361: في ملك اليمين:
ويجوز شراء الجارية ووطؤها، وإن سباها الظالمون، إذا كانت مستحقة للسبي وإن لم يخرج منها الخمس، لتحليل مستحقيه شيعتهم إياهم خاصة من ذلك لتطيب مواليدهم، ويجوز وطؤها وإن لم تسلم إذا كانت كتابية.
ومتى ملك المرء من يحرم عليه مناكحته بالنسب، عتق عليه عقيب ملكه بلا فصل، ويجري على أم الولد جميع أحكام الرق إلا بيعها وولدها حي في غير ثمنها، فإنه لا يجوز [بيعها] على ما بيناه في كتاب البيع، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة عليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 361، 362: في ملك اليمين:
ووطئ الحلائل من النساء في الدبر غير محظور، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، ومعنى {أَنَّى شِئْتُمْ} من أين شئتم، وكيف شئتم، في قول العلماء بالتفسير واللغة، وحمل ذلك على الوقت، وأن يكون المعنى (متى شئتم) على ما حكى عن الضحاك خطأ عند جميعهم.
وقول المخالف: إذا سمى الله تعالى النساء حرثا، وجب أن يكون الوطئ حيث يكون النسل، لا يعول على مثله، لأنه لا يمتنع تسميتهن بذلك، مع إباحة وطئهن فيما لا يكون منه الولد، لأنه لا خلاف في جواز وطئهن فيما عدا القبل والدبر…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 363، 364: في الإيلاء:
يفتقر الإيلاء الشرعي -الذي يتعلق به إلزام الزوج بالفيئة أو الطلاق، بعد مطالبة الزوجة بذلك- إلى شروط: منها:
أن يكون الحالف بالغا كامل العقل.
ومنها: أن يكون المولى منها زوجة دوام.
ومنها: أن يكون الحلف بما ينعقد به الأيمان من أسماء الله تعالى خاصة.
ومنها: أن يكون ذلك مطلقا من الشروط.
ومنها: أن يكون مع النية والاختيار، من غير غضب ملجئ ولا إكراه.
ومنها: أن تكون المدة التي حلف أن لا يطأ الزوجة فيها، أكثر من أربعة أشهر.
ومنها: أن تكون الزوجة مدخولا بها.
ومنها: أن لا يكون الإيلاء في صلاحه لمرض يضر به الجماع، أو في صلاح الزوجة، لمرض، أو حمل، أو رضاع.
يدل على ذلك كله إجماع الطائفة، وأيضا فإن وقوع الإيلاء وتعلق الأحكام به، طريقه الشرع، ولا خلاف في ثبوت ذلك مع تكامل ما ذكرناه، وليس على ثبوته مع اختلال بعضه دليل، فوجب نفيه، ويخص ما اشترطناه من كونها زوجة دوام ما قدمناه في فصل المتعة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 365: في الإيلاء:
ويخص كونها مدخولا بها قوله تعالى: {فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، لأن المراد بالفيئة العود إلى الجماع بلا خلاف…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 365: في الإيلاء:
وإذا تكاملت هذه الشروط في الإيلاء، فمتى جامع حنث، ولزمته كفارة يمين، وإن استمر اعتزاله لها، فهي بالخيار بين الصبر عليه وبين مرافعته إلى الحاكم، فإن رافعته إليه أمره بالجماع والتكفير، فإن أبى أنظره أربعة أشهر من حين المرافعة، لا من حين اليمين، ليراجع نفسه، فإن مضت هذه المدة، ولم يجب إلى ما أمره، فعليه أن يلزمه بالفيئة أو الطلاق، فإن أبى ضيق عليه في التصرف، والمطعم، والمشرب، حتى يفعل أيهما اختاره.
ولا تقع الفرقة بين الزوجين بانقضاء المدة، وإنما يقع بالطلاق، بدليل إجماع الطائفة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 366، 367: في الظهار:
يفتقر صحة الظهار الشرعي إلى شروط: منها:
أن يكون المظاهر بالغا، كامل العقل، ولا يصح من صبي، ولا مجنون، ولا سكران.
ومنها: أن يكون مؤثرا له، فلا يصح من مكره، ولا غضبان لا يملك مع غضبه الاختيار.
ومنها: أن يكون قاصدا به التحريم، فلا يقع بيمين، ولا مع سهو، ولا لغو.
ومنها: أن يكون متلفظا بقوله: أنت علي كظهر أمي، أو إحدى المحرمات عليه، فلو علق ذلك بغير الظهر، من رأس أو يد، أو غيرهما، لم يصح.
ومنها: أن يكون ذلك مطلقا من الاشتراط، فلو قال: أنت كظهر أمي إن كان كذا، لم يصح، وإن حصل الشرط.
ومنها: أن يكون موجها ذلك إلى معقود عليها، سواء كانت حرة، أو أمة، دائما نكاحها، أو مؤجلا، فلو قال: إذا تزوجت فلانة فهي علي كظهر أمي، لم يقع بها ظهار وإن تزوجها.
ومنها: أن يكون معينا لها، فلو قال -وله عدة أزواج-: زوجتي أو إحدى زوجاتي علي كظهر أمي، من غير تمييز لها بنية، أو إشارة، أو تسمية، لم يصح.
ومنها: أن تكون طاهرا من الحيض، أو النفاس، طهرا لم يقربها فيه بجماع، إلا أن تكون حاملا، أو ليست ممن تحيض، ولا في سنها من تحيض، أو غير مدخول بها، أو مدخولا بها وهي غائبة عن زوجها، فإنه لا اعتبار بهذا الشرط فيها.
ومنها: أن يكون الظهار منها بمحضر من شاهدي عدل.
ويدل على ذلك كله ما قدمناه في اعتبار شروط الإيلاء من إجماع الطائفة، ونفي الدليل الشرعي على وقوعه مع اختلال بعضها، ولا يقدح فيما اعتمدناه من الإجماع خلاف من قال من أصحابنا بوقوع الظهار مع الشرط، وبحصول التحريم، وثبوت حكم الظهار مع تعليق اللفظ بغير الظهر، وبنفي وقوعه بغير المدخول بها، لتميزه من جملة المجتمعين باسمه ونسبه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 367: في الظهار:
ولأنه لا خلاف أن المظاهر لو طلق قبل الوطئ لا تلزمه الكفارة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 368: في الظهار:
وإذا جامع المظاهر قبل التكفير فعليه كفارتان: إحداهما كفارة العود، والأخرى عقوبة الوطئ قبل التكفير، بدليل إجماع الطائفة، ولأن بذلك يحصل اليقين ببراءة الذمة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 368، 369: في الظهار:
وإن استمر المظاهر على التحريم فزوجة الدوام -وإن كانت أمة- بالخيار بين الصبر على ذلك وبين المرافعة إلى الحاكم، وعلى الحاكم أن يخيره بين التكفير واستباحة الجماع، وبين الطلاق، فإن لم يجب إلى شيء من ذلك، أنظره، فإن فاء إلى أمر الله تعالى في ذلك، وإلا ضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يفئ ولا يلزمه الحاكم بالطلاق إلا إذا كانت قادرا على الكفارة وأقام على التحريم مضارة، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 369: في الظهار:
وإذا ظاهر من زوجتين له فصاعدا، ألزمه مع العود لكل واحدة منهن كفارة، سواء ظاهر من كل واحدة على الانفراد، أو جمع بينهن في ذلك كله بكلمة واحدة، وإذا كرر كلمة الظهار، لزمه بكل دفعة كفارة، فإن وطئ التي كرر القول عليها قبل أن يكفر، يلزمه كفارة واحدة عن الوطئ وكفارات التكرار، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 370: في الطلاق:
تفتقر صحة الطلاق الشرعي إلى مثل ما افتقر إليه الظهار من الشروط، ولا يصح إلا من عاقل مختار قاصد إلى التحريم به غير حالف ولا ساه ولا حاك عن غيره ولا لاعب، متلفظ بصريحه -وهو لفظ الطلاق دون كناياته نحو: أنت حرام أو بائنة أو خلية أو برية أو الحقي بأهلك أو حبلك على غاربك وما أشبه ذلك، وإن قارنته النية- مطلق له من الاشتراط، موجه به إلى معقود عليها عقد دوام، معين لها، معلق له بجملتها دون أبعاضها، بمحضر من شاهدي عدل، في طهر لا جماع فيه، إلا في حق من استثنيناه. ويدل على ذلك ما قدمناه من الدليل في شروط الإيلاء([17]).
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 371: في الطلاق:
ويخص اعتبار الشهادة قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، إلى قوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ}، لأن ظاهر الأمر في الشرع يقتضي الوجوب، وهذا يوجب عود ذلك إلى الطلاق وإن بعد عنه، لأنه لا يليق إلا به دون الرجعة التي عبر عنها بالإمساك، لأنه لا خلاف في أن الإشهاد عليها غير واجب...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 371: في الطلاق:
ويخص اعتبار الطهر أنه لا خلاف في أن الطلاق في الحيض بدعة ومعصية...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 372: في الطلاق:
والمحظور طلاق المدخول بها في الحيض، أو الطهر الذي جامعها فيه، قبل أن يظهر بها حمل، ولا خلاف في حظره، وإنما الخلاف في وقوعه على ما بيناه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 373: في الطلاق:
أما الرجعي فهو أن يطلق المدخول بها واحدة، ويدعها تعتد في سكناه ونفقته، ويحل له النظر إليها، ومراجعتها بالعقد الأول ما دامت في العدة، وليس لها عليه في ذلك خيار، وتجوز المراجعة من غير إشهاد، والإشهاد أولى، وإن قال: قد راجعتك، كان حسنا، وإن لم يقل ذلك، ووطأها أو قبلها بشهوة كان ذلك رجعة، بدليل إجماع الطائفة وقوله تعالى: {بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} فسمى المطلق طلاقا رجعيا بعلا...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 374، 375: في الطلاق:
وأما الخلع فيكون مع كراهة الزوجة خاصة الرجل، وهو مخير في فراقها إذا دعته إليه حتى تقول له: لئن لم تفعل لأعصين الله بترك طاعتك، ولأوطئن فراشك غيرك، أو يعلم منها العصيان في شيء من ذلك فيجب عليه -والحال هذه- طلاقها.
ويحل له أخذ العوض على ذلك -سواء بذلته له ابتداء، أو بعد طلبه منها، وسواء كان مثل المهر الذي دفعه إليها أو أكثر- بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 375: في الطلاق:
ولا يقع الخلع بمجرده، بل لابد من التلفظ معه بالطلاق، فيقول مريده: قد خلعتك على كذا وكذا فأنت طالق، والدليل على ذلك إجماع الطائفة، لأن من قال من أصحابنا: لفظ الخلع كاف في الفرقة، لا يؤثر خلافه في دلالة الإجماع، وأيضا فلا خلاف بين الأمة في حصول الفرقة بما ذكرناه، وليس على حصولها بمجرد لفظ الخلع دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 375: في الطلاق:
وأما طلاق المباراة فيكون مع كراهة كل واحد من الزوجين صاحبه، ويجوز للزوج أخذ البذل عليه إذا لم يزد على ما أعطاها من المهر، ولا يحل له أخذ الزيادة عليه، ويقول من يريد ذلك: قد بارئتك على كذا وكذا فأنت طالق، وذلك لفظه بدليل الإجماع المشار إليه([18]).
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 375، 376: في الطلاق:
فإذا تلفظ بالطلاق في الخلع والمباراة، بانت الزوجة منه بواحدة، ولم يملك رجعتها في العدة بالعقد الأول، إلا أن تعود فيما بذلت له أو في بعضه فيها، ولا خيار لها في العود بشيء من ذلك بعد العدة في التطليقتين.
وإذا كمل هذا الطلاق ثلاث مرات، على الوجه الذي بيناه فيما مضى، حرمت المطلقة على الأول، حتى تنكح زوجا غيره، على ما قدمناه، وذلك بدليل إجماع الطائفة، وتسقط السكنى والنفقة في الطلاق البائن، بدليل الإجماع المشار إليه، ولأن الأصل براءة الذمة، وشغلها بإيجاب شيء من ذلك، يفتقر إلى دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 376، 377: في الطلاق:
ومن طلق ثلاثا بلفظ واحد كان مبدعا في قوله (ثلاثا)، ووقعت واحدة إذا تكاملت الشروط، على الصحيح من المذهب...
ويدل على أن قوله (ثلاثا) بدعة بعد إجماع الطائفة قوله تعالى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ}...
فإن قيل: ليس فيما ذكرتموه أكثر من وجوب التفريق، فلم قلتم: إنه لابد أن يكون في طهرين مع تحلل المراجعة؟ قلنا: لإجماع الطائفة على ذلك، ولأنه إذا ثبت وجوب التفريق فكل من أوجبه قال بما ذكرناه، والقول بأحد الأمرين دون الآخر، خروج عن إجماع الأمة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 378، 379: في اللعان:
تقف صحة اللعان بين الزوجين على أمور:
منها أن يكونا مكلفين، سواء كانا أو أحدهما من أهل الشهادة أم لا.
ومنها: أن يكون النكاح دواما.
ومنها: أن تكون الزوجة مدخولا بها، وحكم المطلقة طلاقا رجعيا إذا كانت في العدة كذلك.
ومنها: أن لا تكون صماء ولا خرساء.
ومنها: أن يقذفها الزوج بزنا يضيفه إلى مشاهدته، بأن يقول: رأيتك تزنين، ولو قال: يا زانية، لم يثبت بينهما لعان، أو ينكر حملها، أو يجحد ولدها، ولا يقيم أربعة من الشهود بما قذفها به.
وأن تكون منكرة لذلك، ويدل على هذا كله إجماع الطائفة، وأيضا فلا خلاف في صحة اللعان مع تكامل ما ذكرناه، وليس على صحته مع اختلال بعضه دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 379: في اللعان:
ولفظ الشهادة وعدد الشهادات والترتيب واجب في اللعان، فلو قال: أحلف بالله، أو أقسم بالله، أو نقص شيئا من العدد، أو بدأ الحاكم بالمرأة أولا، لم يعتد باللعان، ولم تحصل الفرقة، وإن حكم الحاكم بذلك، لأن ما قلناه مجمع على صحته وليس على صحة ما خالفه دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 379، 380: في اللعان:
ولأن ما عدا ما ذكرناه مخالف لظاهر القرآن، لأنه تعالى ذكر لفظ الشهادة والعدد والترتيب، من حيث أخبر أنها تدرأ عن نفسها العذاب بلعانها، والمراد بالعذاب عندنا الحد...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 380: في الردة:
متى أظهر المرء الكفر بالله تعالى، أو برسوله عليه السلام، أو الجحد بما يعم فرضه والعلم به من دينه صلى الله عليه وآله، كوجوب الصلاة، أو الزكاة، أو ما جرى مجرى ذلك، بعد إظهاره التصديق به، كان مرتدا.
وهو على ضربين: أحدهما أن يكون مولودا على فطرة الإسلام، والثاني أن يكون إسلامه بعد كفر.
فالأول تبين زوجته منه في الحال، ويقسم ماله بين ورثته، ويجب قتله من غير أن يستتاب، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 381: في الردة:
ولا تقتل المرتدة، بل تحبس حتى تسلم أو تموت في الحبس، بدليل إجماع الطائفة، ويحتج على المخالف بما رووه من نهيه صلى الله عليه وآله عن قتل المرتدة، ونهيه عن قتل النساء والولدان ولم يفصل...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 381: في العدة:
والمطلقة على ضربين مدخول بها وغير مدخول بها، وغير المدخول بها لا عدة عليها بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 381، 382: في العدة:
والمدخول بها لا تخلو إما أن تكون حاملا أو حائلا. فإن كانت حاملا، فعدتها أن تضع الحمل، حرة كانت أو أمة، بلا خلاف يعتد به، وقوله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، يدل على ذلك، ولا يعارض هذه الآية قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ}، لأن آية وضع الحمل عامة في المطلقة وغيرها وناسخة لما تقدمها بلا خلاف...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 382: في العدة:
والقرء المعتبر، الطهر بين الحيضتين، بدليل إجماع الطائفة، وإن كانت لا تحيض ومثلها تحيض، فعدتها إن كانت حرة ثلاثة أشهر بلا خلاف، وإن كانت أمة فخمسة وأربعون يوما.
وإن كانت لا تحيض لصغر أو كبر وليس في سنها من تحيض، فقد اختلف أصحابنا في وجوب العدة عليها، فمنهم من قال: لا تجب، ومنهم من قال: يجب أن تعتد بالشهور، وهو اختيار المرتضى رضي الله عنه وبه قال جميع المخالفين، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك، وأيضا قوله تعالى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ}، وهذا نص، وقوله تعالى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} معناه على ما ذكره جمهور المفسرين: إن كنتم مرتابين في عدة هؤلاء النساء، وغير عالمين...
ولا يجوز أن يكون الارتياب بمن تحيض أو لا تحيض ممن هو في سنها، لأنه لا ريب في ذلك. من حيث كان المرجع فيه إلى العادة، على أنه لابد فيما علقنا به الشرط وجعلنا الريبة واقعة فيه من مقدار عدة من تضمنته الآية، من أن يكون مرادا، من حيث لم يكن معلوما لنا قبل الآية، وإذا كانت الريبة حاصلة فيه بلا خلاف تعلق الشرط به، واستقل بذلك الكلام، ومع استقلاله يتعلق الشرط بما ذكرناه، ولا يجوز أن يعلق بشيء آخر، كما لا يجوز فيه لو كان مستقلا اشتراطه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 383: في العدة:
وأما ما يقوم مقام الطلاق:
فانقضاء أجل المتمتع بها، وعدتها قرءان إن كانت ممن تحيض، وخمسة وأربعون يوما، إن كانت ممن لا تحيض، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 383، 384: في العدة:
والمتوفى عنها زوجها إن كانت حرة حائلا، فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مدخولا بها، أو غير مدخول بها، بلا خلاف، وقد دخل في هذا الحكم، المطلقة طلاقا رجعيا، إذا توفي زوجها وهي في العدة، لأنها زوجته على ما بيناه فيما مضى، وهذه عدة المتمتع بها، إذا توفي عنها زوجها قبل انقضاء أيامها، وعدة أم الولد لوفاة سيدها، وعدتها لو زوجها سيدها وتوفي زوجها.
وإن كانت الوفاة بعد ما انقضت أيام المتمتع بها، فعدتها شهران وخمسة أيام، سواء كانت في العدة أم لا، وهذه عدة الزوجة إذا كانت أمة، فإن عتقت وهي في العدة فعليها أن تكمل عدة الحرة، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 384: في العدة:
وإن كان المتوفي عنها زوجها حاملا، فعليها أن تعتد عندنا خاصة بأبعد الأجلين، فإن وضعت قبل انقضاء الأيام المعينة لها لم تنقض عدتها حتى تكمل تلك المدة، وإن كملت قبل وضع الحمل لم تنقض عدتها حتى تضع الحمل، بدليل الإجماع المشار إليه، وطريقة الاحتياط...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 384، 385: في العدة:
وأما ما يجرى مجرى الموت فشيئان:...
والثاني: الارتداد عن الإسلام على الوجه الذي لا يقبل التوبة منه، بدليل الإجماع المشار إليه، فأما ما تصح التوبة منه، فقد روي أن عدتها ثلاثة أشهر.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 385: في العدة:
وتجب النفقة في عدة الطلاق الرجعي بلا خلاف، ولا تجب في عدة البائن بدليل إجماع الطائفة، ولأن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل، إلا أن تكون حاملا، فإن النفقة تجب لها بلا خلاف، لقوله تعالى: {وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، ولا نفقة للمتوفى عنها زوجها إذا كانت حائلا بلا خلاف، وإن كانت حاملا أنفق عليها عندنا خاصة من مال ولدها، حتى تضع الحمل.
وتبيت المتوفى عنها زوجها حيث شاءت، ويلزمها الحداد بلا خلاف، وهو اجتناب الزينة في الهيئة ومس الطيب واللباس، ولا يلزم المطلقة وإن كانت بائنة، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه، ودلالة الأصل وقوله تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 386: في العدة:
وتلزم عدة الوفاة للغائب عنها زوجها من يوم يبلغها الخبر، بلا خلاف بين أصحابنا...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 386: في أحكام الأولاد:
السنة في المولود أن يحنك عند وضعه بماء الفرات إن وجد أو بماء عذب، فإن لم يوجد إلا ملحا، جعل فيه عسل أو تمر، وأن يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى، وأن يحلق رأسه في اليوم السابع، ويتصدق بزنة شعره ذهبا أو فضة، وأن يختن ويسمى بأحسن الأسماء، وأفضلها اسم النبي صلى الله عليه وآله أو أحد الأئمة من أهل بيته عليهم السلام.
وأن يعق في هذا اليوم عن الذكر بذكر من الضأن، وعن الأنثى بأنثى، ويعطي القابلة ربع العقيقة، ويكون ذلك الورك بالرجل، إلا أن تكون ذمية، فإنها لا تعطى من اللحم شيئا، بل تعطى قيمته.
ويطبخ الباقي من اللحم، ويدعى إلى تناوله جماعة من فقراء المؤمنين، وإن فرق اللحم عليهم جاز، والأول أفضل، ولا يأكل الأبوان من العقيقة شيئا، ولا خلاف بين أصحابنا في ذلك كله إلا في العقيقة، فإن منهم من يقول: إنها واجبة ومنهم من يقول: سنة مؤكدة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 387: في أحكام الأولاد:
ولا تجير الحرة على رضاع ولدها، وتستحق أجرة على أبيه، فإن كان قد مات استحقته من مال الولد، وهي أحق برضاعه، إلا أن تطلب من الأجر برضاعه، أكثر مما قد رضى به غيرها.
والمطلقة أحق بالذكر من الأب مدة الرضاع، وبعدها الأب أحق به، فإن كان أنثى، فالأم أحق بها إلى سبع سنين، إلا أن تتزوج، فيكون الأب أحق على كل حال، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 387: في أحكام الأولاد:
واعلم أن أقل الحمل ستة أشهر، لقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} وقوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، وأكثره في غالب العادة تسعة أشهر، بلا خلاف، وينضاف إلى ذلك أشهر الريب، وهي ثلاثة أشهر، وهي أكثر أيام الطهر بين الحيضتين، فتصير أكثر مدة الحمل سنة، بدليل إجماع الطائفة، ولأن ما ذهبنا إليه من أكثر مدة الحمل مجمع عليه، وليس على قول من ذهب إلى أن أكثره سنتان، أو أربع، أو سبع، دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 388: فصل في العتق والتدبير والمكاتبة:
لا يصح العتق إلا من كامل العقل غير مولى على مثله، مختار له قاصد إليه، متلفظ بصريحه، مطلق له من الشروط -إلا بالنذر- موجه به إلى مسلم أو من هو في حكمه، متقرب به إلى الله تعالى.
فلا يقع العتق من طفل، ولا مجنون، ولا سكران، ولا محجور عليه، ولا مكره، ولا ساه، ولا حالف، ولا بالكتابة أو الإشارة، مع القدرة على النطق باللسان، ولا بكنايات العتق كقوله: أنت سائبة، أو: لا سبيل لي عليك، ولا بقوله: إن فعلت كذا فعبدي حر، ولا بكافر ولا للأغراض الدنيوية من نفع أو دفع ضرر أو إضرار بالغير، ويدل على وجوب اعتبار هذه الشروط إجماع الطائفة، وأيضا فلا خلاف في صحة العتق مع تكاملها، ولم يقم بصحته مع اختلال بعضها دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 388: فصل في العتق والتدبير والمكاتبة:
وإن كان العبد مشتركا، فأعتق أحد الشريكين نصيبه، انعتق ملكه خاصة، إلا أنه إن كان موسرا، طولب بابتياع الباقي، فإذا ابتاعه انعتق الجميع، وإن كان معسرا استسعى العبد في قيمة باقيه، فإذا أداها عتق جميعه، فإن عجز عن ذلك كان بعضه عتيقا، وبعضه رقيقا، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 389: فصل في العتق والتدبير والمكاتبة:
والعتق في مرض الموت من أصل التركة إن كان واجبا، وإن كان متبرعا به، فهو من الثلث، فإن كان المتبرع به لجماعة عبيده، ولا مال له غيرهم، استخرج ثلثهم بالقرعة، وإن كان لواحد ولا مال له غيره، عتق ثلثه واستسعى في باقيه، وإن كان على الميت دين، فإن كان ثمن العبد مثل الدين مرتين، صح العتق واستسعى العبد في قضائه، وإن كان أقل من ذلك لم يصح العتق.
ولا يجوز أن يعتق في الكفارة الأعمى ولا الأعرج ولا الأشل ولا المجذوم.
وإذا أعتق مملوكه وله مال يعلم به فهو للمعتق، وإن لم يعلم به، أو علم فاشترطه لنفسه فهو له، وينبغي أن يقول: مالك لي وأنت حر، فإن قال: أنت حر ومالك لي، لم يكن له على المال سبيل، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 389: فصل في العتق والتدبير والمكاتبة:
وأما المكاتبة فهي أن يشترط المالك على عبده أو أمته تأدية شيء معلوم يعتق بالخروج منه إليه، وهي بيع العبد من نفسه، وقد بينا في باب البيع أيضا أنها على ضربين: مشروطة وغير مشروطة، [وبينا جواز بيعه على وجه] ويدل على ذلك إجماع الطائفة، ولأن الكتابة عقد يتعلق بالشرط الذي يتراضيانه فيجب أن يكون بحسب ذلك الشرط، وقوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم يدل على ذلك.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 389: فصل في العتق والتدبير والمكاتبة:
وإذا أدى المكاتب من غير شرط شيئا من مال الكتابة، عتق منه بحسابه، بدليل الإجماع المشار إليه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 390: فصل في العتق والتدبير والمكاتبة:
ولا يجوز للرجل وطئ أمته المكاتبة، سواء كانت الكتابة مطلقة أو مشروطة بلا خلاف، فإن وطئها وكانت مشروطا عليها لم يحد، لأن هناك شبهة يسقط بها الحد، وإن كانت غير مشروط عليها، وقد أدت من مال الكتابة شيئا، كان عليه الحد بمقدار ما تحرر منها، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 390: فصل في العتق والتدبير والمكاتبة:
ولا يجوز مكاتبة الكافر للإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 391: فصل في اليمين والعهد والنذر:
لا يمين شرعية إلا بالله تعالى، أو اسم من أسمائه الحسنى، دون غيرها من كل مقسوم به، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 391: فصل في اليمين والعهد والنذر:
واليمين المنعقدة الموجبة للكفارة بالحنث، هي أن يحلف العاقل المالك لاختياره أن لا يفعل في المستقبل قبيحا أو مباحا لا ضرر عليه في تركه، أو أن يفعل طاعة أو مباحا لا ضرر عليه في فعله مع عقد اليمين بالنية، وإطلاقها من الاستثناء بالمشيئة فيخالف ما عقد اليمين عليه، مع العمد والاختيار، بدليل الإجماع المشار إليه، لأنه لا خلاف في انعقاد اليمين في المواضع التي ذكرناها، وليس على انعقادها فيما سواها دليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 391، 393: فصل في اليمين والعهد والنذر:
ويخص النية قوله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ}، وعقد اليمين لا يكون إلا بالنية، ويحتج على المخالف في سقوط الكفارة بالسهو والإكراه بقوله عليه السلام: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
واليمين التي لا تنعقد، ولا كفارة فيها، ما عدا ما ذكرناه، مثل أن يحلف الإنسان على يمين هو كاذب فيه، أو يقول: لا والله، وبلى والله، من غير أن يعقد ذلك بنية، وهذه يمين اللغو، أو يحلف أن يفعل، أو يترك ما يكون خلافه طاعة لله تعالى، واجبة أو مندوبا إليها، أو يكون أصلح له في دنياه.
ويحتج على المخالف في هذا بقوله عليه السلام: من حلف على شيء فرأى ما هو خير منه فليأت الذي هو خير منه وتركه كفارته، ويخص اليمين على المعصية، أن معنى انعقاد اليمين، أن يجب على الحالف، أن يفعل أو يترك ما علق اليمين به، وهذا لا يصح في المعصية، لأن الواجب تركها، وليس لأحد أن يقول: معنى انعقاد اليمين لزوم الكفارة بالمخالفة، لأن ذلك تابع لانعقاد اليمين وموجب عنه، فكيف يفسر الانعقاد به؟.
وكفارة اليمين عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام، والكسوة على الموسر ثوبان، وعلى المعسر ثوب، والإطعام شبع المسكين في يومه. ولا كفارة قبل الحنث، ولا يمين للولد مع والده، ولا للعبد مع سيده، ولا للمرأة مع زوجها، فيما يكرهونه من المباح.
ولا يجوز اليمين بالبراءة من الله، أو من رسوله، أو أحد الأئمة عليهم السلام، فإن فعل أثم، ولزمه -إن خالف ما علق البراءة به- كفارة ظهار، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 393: فصل في اليمين والعهد والنذر:
ومن قال: علي عهد الله أن أفعل كذا من الطاعات، أو أترك كذا من المقبحات، كان عليه الوفاء، ومتى خالف لزمه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، مخير في ذلك، بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 393: فصل في اليمين والعهد والنذر:
وأما النذر فهو أن يقول: لله علي كذا إن كان كذا، ويلزم الوفاء متى حصل ما نذر فيه، -وقد دللنا على وجوب ذلك فيما تقدم من الكتاب في باب الصلاة- فإن لم يفعل لزمه كفارة نقض العهد، بدليل الإجماع المشار إليه.
ومتى قال: علي كذا إن كان كذا، ولم يقل: لله، أو قال: لله علي كذا، ولم يقل: إن كان كذا، لم يكن ناذرا، ولم يلزمه بالمخالفة كفارة، لأن ما اعتبرناه مجمع على انعقاد النذر به...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 393: فصل في اليمين والعهد والنذر:
ولا ينعقد نذر المعصية، ولا النذر فيها، بدليل ما قدمناه من الإجماع ونفي الدليل الشرعي على انعقاده، وأيضا فمعنى انعقاد النذر أن يجب على الناذر فعل ما أوجبه على نفسه، وإذا انتفى بالإجماع أن تجب المعصية على حال، ثبت أن النذر لا ينعقد فيها...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 394: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
لا يجوز الصيد عندنا إلا بالكلب المعلم، دون غيره من سباع الوحش والطير، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}...
ولا يجوز حمل لفظة {مُكَلِّبِينَ} في الآية على أن المراد بها التضرية للجوارح، والتمرين لها، حتى يدخل في ذلك غير الكلاب، لأن (مكلبا) عند أهل اللغة، هو صاحب الكلاب بلا خلاف بينهم...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 395: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
والكلب يعتبر في كونه معلما، أن يرسله صاحبه فيسترسل، ويزجره فينزجر، ولا يأكل مما يمسكه، ويتكرر هذا منه، حتى يقال في العادة: إنه معلم، وما هذا حاله، يحل أكل ما قتله، بلا خلاف إذا سمى صاحبه المسلم عند إرساله، وفي ذلك خلاف.
والتسمية شرط عند إرسال الكلب والسهم وعند الذبح، بدليل إجماع الطائفة، وطريق الاحتياط وقوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}، وإنما أخرجنا من هذا الظاهر ما تركت التسمية عليه سهوا أو نسيانا، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 395، 396: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
ولا يحل أكل الصيد إذا أكل منه الكلب، وكان أكله معتادا، لأن ذلك يخرجه عن كونه معلما، على ما قلناه، ولقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}، وما هذه حاله ممسك على نفسه دون صاحبه، فإن كان أكله نادرا لم يخرجه عن كونه معلما، لأن العاقل إذا لم يخرجه السهو والغلط فيما كان عالما به، عن كونه عالما بذلك بالإطلاق، فالبهيمة مع فقد العقل بذلك أولى.
وكل صيد أخذ حيا ولم تدرك ذكاته، لا يحل أكله، ولا يحل أكل ما قتله غير كلب المسلم المعلم من الجوارح، ولا ما قتله الكلب إذا انفلت من صاحبه ولم يرسله، أو كان المسمي عند إرساله غير صاحبه الذي أرسله، أو شاركه في القتل غير واحد من الكلاب المعلمة، ولم يسم أحد أصحابها، وكذا حكم كل صيد وجد مقتولا، بعد ما غاب عن العين، أو سقط في ماء، أو من موضع عال، أو ضرب بسيف فانقطع نصفين ولم يتحرك واحد منهما، ولا سال منه دم، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه، وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 396: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
ولا يحل أكل ما قتل من مصيد الطير بغير النشاب، ولا به إذا لم يكن فيه حديد، بدليل ما قدمناه، وما عدا الطير من صيد البر يحل أكل ما قتل منه بسائر السلاح -وإن كان قتله بالعقر في غير الحلق واللبة من بدنه- بلا خلاف، بشرط كون المتصيد مسلما، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 396: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
وحكم ما استعصى من الأنعام أو وقع في زبية وتعذر نحره أو ذبحه، حكم الوحش في صحة ذكاته بسائر السلاح، على أي وجه كان، وفي ذلك خلاف، ويدل عليه إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 396، 397: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
والنحر في الإبل، والذبح فيما عداها، هو السنة بلا خلاف، ولا يجوز في الإبل الذبح وفيما عداها النحر، فإن ذبح الإبل مع القدرة والتمكين من نحرها، أو نحر ما عداها فكذلك لم يحل الأكل بدليل إجماع الطائفة.
وإذا أراد نحر شيء من الإبل، عقل يديه، وطعنه في لبته وهو بارك، و يذبح ويضجع ما عدا الإبل ; فإن كان من الغنم، عقل يديه وأحد رجليه، وإن كان من البقر، عقل يديه ورجليه.
ولا تكون الذكاة صحيحة مبيحة للأكل إلا بقطع الحلقوم والودجين والمري على الوجه الذي قدمناه، مع التمكن من ذلك بالحديد، أو ما يقوم مقامه في القطع عند فقده، من زجاج، أو حجر أو قصب، مع كون المذكي مسلما، ومع التسمية، واستقبال القبلة، بدليل ما قدمناه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 397: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
ولا تحل التذكية بالسن والظفر المتصلين بلا خلاف ولا بالمنفصلين، وفي ذلك خلاف، وطريقة الاحتياط تمنع من ذلك بعد إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 397: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
ولا تحل ذبائح الكفار، لأنهم لا يرون التسمية فرضا ولا سنة، ولأنهم لو سموا لما كانوا مسمين لله تعالى، لأنهم غير عارفين به سبحانه، ولا في حكم العارفين، ولا يلزم على ذلك تحريم ما يذبحه الصبي الذي يحسن الذبح، لأنه غير كافر، وفي حكم العارف، ولأنا نخرجه من ظاهر الآية بدليل([19]).
ولا يحل أكل كل ذبيحة تعمد فيها قلب السكين والذبح من أسفل إلى فوق، أو فصل الرأس منها، أو سلخ جلدها قبل أن تبرد بالموت، أو لم تتحرك، أو تحركت ولم يسل منها دم، بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 397: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
وذكاة ما أشعر أو أوبر من الأجنة ذكاة أمه، إن خرج ميتا حل أكله، وإن خرج حيا فأدركت ذكاته أكل وإلا فلا، وإن لم يكن أشعر أو أوبر لم يحل أكله إذا خرج ميتا، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 397، 398: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
ولا يحل من السمك إلا ما كان له فلس، ولا يحل الدبا من الجراد، ولا يحل من السمك ما مات في الماء، ولا من الجراد ما مات في الصحراء، وكذا حكم ما مات من السمك لذهاب الماء عنه، وما مات من الجراد لوقوعه في ماء أو نار، بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 398، 399: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
ويحرم أكل الكلب والخنزير والثعلب والأرنب والضبع والضب واليربوع والسلحف والقنفذ والفأر والسنور والقرد والدب والفيل وكل ذي ناب ومخلب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، وما لا حوصلة له منه ولا قانصة، ودواب البحر ما عدا ما قدمناه من السمك، وحشرات الأرض، والميتة، والدم المسفوح، والطحال، والقضيب، والأنثيين، والغدد، والمشيمة، والمثانة، والطين، إلا اليسير من تربة الحسين عليه السلام، وبيض ما لا يؤكل لحمه ولبنه، وما اتفق طرفاه من مجهول البيض، والسموم القواتل، وما قطع من الحيوان قبل الذكاة وبعدها، قبل أن يبرد بالموت، وما كان في بطن ما شرب خمرا من ذلك وإن غسل، والذي في بطن ما شرب بولا حتى يغسل، وما وطئه الإنسان من الأنعام، وما شرب من لبن خنزيرة واشتد به، وما كان من ولد ذلك ونسله، وما أدمن شرب النجاسات حتى يمتنع منه عشرا، وجلالة الغائط إذا كان غذاؤه كله من ذلك، حتى تحبس الإبل أربعين يوما، والبقر عشرين يوما، والشاة عشرة أيام، وروي سبعة، والبط والدجاج خمسة أيام، وروي في الدجاج ثلاثة أيام، والسمك يوما وليلة، والطعام النجس، والمغصوب، والطعام في آنية الذهب والفضة.
ويحرم شرب قليل المسكر وكثيره -من عنب كان أو من غيره، مطبوخا كان أو غير مطبوخ- والفقاع وكل ما ليس بطاهر من المياه وغيرها من المائعات.
وثمن كل ما يحرم أكله وشربه من المسوخ والأنجاس -إلا ما استثنيناه في كتاب البيع- وأجر عمل المحرمات من الملاهي وآلات القمار وغير ذلك من كل محرم حرام، وكذا الأجر على العبادات التي أمر بها المكلف لا بسبب الاستئجار، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة وطريق الاحتياط.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 401: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
ولحوم الحمر الأهلية والبغال غير محرمة بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 401: فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة:
ويجوز أن ينتفع من ميتة ما يقع الذكاة عليه بالصوف والشعر والوبر والقرن والظلف والخف والمخلب والسن واللبن والأنفحة والريش.
ومتى وجد لحم ولم يعلم أذكي هو أو ميت طرح على النار، فإن تقلص فهو ذكي، وإن انبسط فهو ميتة.
ويعتبر السمك بطرحه في الماء، فإن رسب فهو ذكي، وإن طفا فهو ميت، كل ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 402: كتاب الجنايات:
وما توجبه الجنايات على ضربين: قتل وغير قتل، فالقتل على ضروب ثلاثة: عمد محض، وخطأ محض، وخطأ شبيه العمد.
فالعمد المحض هو ما وقع من كامل العقل عن قصد إليه بلا خلاف، سواء كان بمحدد، أو مثقل، أو سم، أو خنق، أو تغريق، أو تحريق، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 402: كتاب الجنايات:
والخطأ المحض، هو ما وقع من غير قصد إليه، ولا إيقاع سببه بالمقتول، نحو أن يقصد المرء رمي طائر مثلا فيصيب إنسانا فيقتله، بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 402: كتاب الجنايات:
والخطأ شبيه العمد، هو ما وقع من غير قصد إليه، بل إلى إيقاع ما يحصل القتل عنده مما لم تجر العادة بانتفاء الحياة بمثله بالمقتول، نحو أن يقصد المرء تأديب من له تأديبه، أو معالجة غيره بما جرت العادة بحصول النفع عنده، من مشروب، أو فصد أو غيرهما، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 403، 404: كتاب الجنايات:
والضرب الأول من القتل موجبه القود بشروط: منها: أن يكون غير مستحق بلا خلاف. ومنها: أن يكون القاتل بالغا كامل العقل، فإن حكم العمد ممن ليست هذه حاله، حكم الخطأ، بدليل إجماع الطائفة، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليه السلام: رفع القلم عن ثلاثة. ومنها: أن لا يكون المقتول مجنونا، بلا خلاف بين أصحابنا. ومنها: أن لا يكون صغيرا، على خلاف بينهم فيه، وظاهر القرآن يقتضي الاستقادة به. ومنها: أن لا يكون القاتل والد المقتول، بدليل الإجماع المشار إليه، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليه السلام: لا يقتل الوالد بولده. ومنها: أن لا يكون القاتل حرا والمقتول عبدا، سواء كان عبد نفسه، أو عبد غيره، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}، يدل على ما قلناه، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليه السلام: لا يقتل حر بعبد. ومنها: أن لا يكون القاتل مسلما والمقتول كافرا، سواء كان معاهدا أو مستأمنا أو حربيا، بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليه السلام: “لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده”...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 404: كتاب الجنايات:
ويقتل الحر بالحرة بشرط أن يؤدي أوليائها إلى ورثته الفاضل عن ديتها من ديته، وهو النصف، بدليل إجماع الطائفة وقوله تعالى: {وَالأُنثَى بِالأُنثَى} [يدل على أن الذكر لا يقتل بالأنثى]، وإنما أخرجنا من ذلك قتله بها مع الشرط الذي ذكرناه، بدليل الإجماع.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 404: كتاب الجنايات:
وتقتل الجماعة بالواحد بشرط أن يؤدي ولي الدم إلى ورثتهم الفاضل عن دية صاحبه، فإن أختار ولي الدم قتل واحد منهم، كان له ذلك، ويؤدي المستبقون ما يجب عليهم من أقساط الدية إلى ورثة المقاد منه، ويدل على ذلك إجماع الطائفة، وأيضا فما اشترطناه أشبه بالعدل وأليق به.
ويدل على جواز قتل الجماعة بالواحد بعد الإجماع المشار إليه قوله تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}، لأنه لم يفرق بين الواحد والجماعة وأيضا قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 405: كتاب الجنايات:
ولا تجب الدية في قتل العمد مع تكامل الشروط الموجبة للقود، فإن بذلها القاتل ورضى بها ولي الدم جاز ذلك، وسقط حقه من القصاص، بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 405: كتاب الجنايات:
ومتى هرب قاتل العمد، ولم يقدر عليه حتى مات، أخذت الدية من ماله، فإن لم يكن له مال، أخذت الدية من الأقرب فالأقرب من أوليائه الذين يرثون ديته، بدليل الإجماع المتكرر.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 406: كتاب الجنايات:
ولو كان المقتول واحدا، وأولياؤه جماعة، فاختار بعضهم القود، والبعض الآخر الدية والعفو، جاز قتله بشرط أن يؤدي من أراده إلى مريدي الدية أقساطهم منها، أو إلى ورثة المقاد منه أقساط من عفا، بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}…
ويجوز لأحد الأولياء استيفاء القصاص من غير استئذان لشركائه فيه، بشرط أن يضمن نصيبهم من الدية، بدليل إجماع الطائفة وظاهر الآية، لأنه ولي فيجب أن يكون له سلطان.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 406: كتاب الجنايات:
وإذا قتل العبد الحر، وجب تسليمه إلى ولي الدم وما معه من مال وولد، إن شاء قتله، وتملك ماله وولده، وإن شاء استرقه أيضا، بدليل إجماع الطائفة.
فإن كان العبد شريكا للحر في هذا القتل، واختار الأولياء قتل الحر، فعلى سيد العبد لورثته نصف ديته، أو تسليم العبد إليهم يكون رقا لهم، بدليل الإجماع المشار إليه، وإن اختاروا قتل العبد، كان ذلك لهم، بلا خلاف بين أصحابنا.
وليس لسيد العبد على الحر سبيل عند الأكثر منهم، وهو الظاهر في الروايات، ومنهم من قال: يؤدي الحر إلى سيد العبد نصف قيمته، وإن اختاروا قتلهما جميعا، كان لهم ذلك بلا خلاف بين أصحابنا…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 407: كتاب الجنايات:
وإذا قامت البينة بالقتل على إنسان، وأقر آخر بذلك القتل، وبرأ المشهود عليه منه، فأوليائه مخيرون بين قبول الدية منهما نصفين، وبين قتلهما، ورد نصف ديته على ورثة المشهود عليه، دون المقر، ولا شيء لورثته على المشهود عليه، وإذا لم يبرء المقر المشهود عليه، كانا شريكين في القتل، متساويين فيما يقتضيه.
وإذا أقر إنسان بقتل يوجب القود، وأقر آخر بذلك القتل خطأ، كان ولي الدم بالخيار بين قتل المقر بالعمد، ولا شيء لهم على الآخر، وبين أخذ الدية منهما نصفين، والقود على المباشر للقتل، دون الآمر به أو المكره عليه، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 407: كتاب الجنايات:
وإذا اجتمع ثلاثة في قتل، فأمسك أحدهم، وضرب الآخر، وكان الثالث عينا لهم، قتل القاتل، وخلد الممسك [في] الحبس، وسملت عين الرقيب، بدليل إجماع الطائفة…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 408: كتاب الجنايات:
وتجب الكفارة في ضروب القتل كلها إلا أنها في العمد عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا على الجمع، ولا تجب إلا مع التراضي بالدية، وفي الخطأ على التخير، بدليل إجماع الطائفة على ذلك، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 409، 410: كتاب الجنايات:
وأما ما عدا القتل من الجناية على الآدمي في بدنه بالجروح وغيرها، وفي القصاص مع حصول الشروط التي اعتبرناها في القصاص بالقتل، وينضاف إلى ذلك شرطان آخران: أحدهما أن يكون ما فعله الجاني مما لا يرجى صلاحه كقطع اليد مثلا، أو عطبها وقلع العين أو ذهاب ضوئها، وما أشبه ذلك، والثاني أن لا يخاف بالاقتصاص به تلف نفس المقتص منه، كالجائفة والمأمومة وما جرى مجراهما، فإنها يخاف منها تلف النفس ولا يصح فيها ولا في مثلها القصاص.
ومتى اقتص بجرح أو كسر أو قلع قبل اليأس من صلاحه، فبرأ أحدهما، ولم يبرأ الآخر، أعيد القصاص عليه إن كان بإذنه، وإن كان بغير إذنه، رجع المقتص منه على المعتدي دون المجني عليه.
وإذا لم يتعد المقتص المشروع له ومات المقتص منه، لم يكن عليه شيء، فإن تعدى بما لا يقصد معه تلف النفس، كان ضامنا لما يفضل عن أرش الجناية عليه من ديته، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 410: كتاب الجنايات:
ومن قطع أصابع غيره، أو واحدة منها، وقطع آخر يده من الزند، أو المرفق، أو الإبط، فعلى الأول دية ما جناه، وعلى الثاني دية ما بقي بعده، وإن شاء اقتص منهما، ورد على الثاني دية ما جناه الأول، أو أخذ من الأول دية ما جناه، فدفعها إلى الثاني، بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} يدل على جواز القصاص.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 410: كتاب الجنايات:
ومن قطع يمين غيره، ولا يمين له، قطعت يساره، فإن لم يكن له يسار، قطعت رجله اليمنى، فإن لم يكن له، قطعت اليسرى، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 411: كتاب الجنايات:
ويضمن ما تجنيه دابته بيدها إذا كان راكبا لها أو قائدا، ولا يضمن ما تجنيه برجلها إلا أن يؤلمها بسوط أو مهماز أو لجام، ويضمن كل ذلك إذا كان سائقا، ولم يحذر، أو حاملا عليها من لا يعقل على كل حال، ويضمن ما تفسده إذا نفرها إلا أن يكون قصد بذلك دفع أذاها عنه، أو عمن يجري مجراه، ويضمن جناية الخطأ عن رقيقه وعمن هو في حجره، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة عليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 412: فصل في الديات:
دية الحر المسلم في قتل العمد مائة من مسان الإبل أو مائتا بقرة، أو مائتا حلة، أو ألف شاة، أو ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم فضة جيادا، على حسب ما يملكه من يؤخذ منه في الموضع الذي ذكرناه، يدل على ذلك إجماع الطائفة وأيضا فالأصل براءة الذمة.
ومن قال: إنها من الغنم ألفان، ومن الدراهم اثنا عشر ألفا، فعليه الدليل.
وتجب هذه الدية في مال القاتل بلا خلاف، وتستأدى في سنة، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 412، 413: فصل في الديات:
ودية قتل الخطأ شبيه العمد على أهل الإبل ثلاثة وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون جذعة وأربعة وثلاثون ثنية، كلها طروقة الفحل، وقد روى: ثلاث وثلاثون بنت لبون وثلاث وثلاثون حقة وأربع وثلاثون خلفة، وروي: أنها ثلاثون بنت مخاض وثلاثون بنت لبون وأربعون خلفة، وما ذكرناه أولا تقتضيه طريقة الاحتياط، لأن الأسنان فيه الأعلى، وتجب هذه الدية في مال القاتل.
فإن لم يكن له مال استسعى فيها، وأنظر إلى حين اليسر، فإن مات أو هرب أخذت من أوليائه الذين يرثون ديته الأقرب فالأقرب، فإن لم يكن له أولياء، أخذت من بيت المال، يدل على ذلك إجماع الطائفة، وأيضا فذمة العاقلة في الأصل بريئة وشغلها بإيجاب الدية مع قدرة القاتل عليها، يفتقر إلى دليل، وتستأدى هذه الدية في سنتين، بلا خلاف من أصحابنا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 413: فصل في الديات:
ودية قتل الخطأ المحض على أهل الإبل ثلاثون حقة، وثلاثون بنت لبون، وعشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكرا، وروي: أنها خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة. والأول أظهر في الروايات.
وتجب هذه الدية على العاقلة، بلا خلاف إلا من (الأصم) وتستأدى في ثلاث سنين، بلا خلاف إلا من (ربيعة) فإنه قال: في خمس، وإذا لم يكن للعاقلة مال، أو لم يكن له عاقلة، وجبت الدية في ماله، فإن لم يكن له مال، وجبت في بيت المال، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 414: فصل في الديات:
ودية اليهودي والنصراني والمجوسي ثمانمائة درهم، بدليل إجماع الطائفة وأيضا فالأصل براءة الذمة، وشغلها بما زاد على ذلك يفتقر إلى دليل، ودية رقيقهم قيمته ما لم يتجاوز قيمة العبد دية الحر الذمي، وقيمة الأمة دية الحرة الذمية، فإن تجاوزت ذلك فترد إليها، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 414: فصل في الديات:
ودية المرأة نصف دية الرجل، بلا خلاف إلا من (ابن علية) و (الأصم)…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 414، 415: فصل في الديات:
ويجب على القاتل في الحرم أو في شهر حرام دية وثلث.
ومن أخرج غيره من منزله ليلا، ضمن ديته في ماله حتى يرده، أو يقيم البينة بسلامته أو براءته من هلاكه، وكذا حكم الظئر مع الصبي الذي تحضنه.
وإذا وجد صبي في بئر لقوم وكانوا متهمين على أهله، فعليهم الدية، وإن كانوا مأمونين فلا شيء عليهم، والقتيل إذا وجد في قرية، ولم يعرف من قتله، فديته على أهلها، فإن وجد بين القريتين، فالدية على أهل الأقرب إليه منهما، فإن كان وسطا فالدية نصفان، وحكم القبيلة والمحلة والدرب والدار حكم القرية.
ودية كل قتيل لا يعرف قاتله ولا يمكن إضافته إلى أحد، على بيت المال، كقتيل الزحام، والموجود بالأرض التي لا مالك لها، كالبراري والجبال، كل ذلك بطريق إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 415: فصل في الديات:
وفي قطع رأس الميت عشر ديته، وفي قطع أعضائه بحساب ذلك، ولا يورث ذلك، بل يتصدق به عنه، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 416: فصل في الديات:
واعلم أن في ذهاب العقل الدية كاملة بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 416: فصل في الديات:
وفي شعر الرأس واللحية إذا لم ينبت الدية كاملة، فإن نبت كان في شعر رأس الرجل أو لحيته عشر الدية، وفي شعر المرأة مهر مثلها، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 416: فصل في الديات:
وفي قلع العينين أو ذهاب ضوئهما الدية كاملة، وفي إحداهما نصف الدية بلا خلاف…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 416: فصل في الديات:
وفي قلع عين الأعور -إذا كان عوره خلقة أو بآفة من قبل الله تعالى- الدية كاملة، بدليل إجماع الطائفة، فإن كان عوره بغير ما ذكرناه فنصف الدية.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 416: فصل في الديات:
وفي بعض البصر بحساب ما ذكرناه، وتقاس إحدى العينين بالأخرى بلا خلاف، والعينان بعيني من هو من أبناء سنه عندنا، ويعتبر مدى ما يبصر بها من أربع جهات، فإن استوى ذلك صدق، وإن اختلف كذب بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 417: فصل في الديات:
وفي قطع الأذنين أو ذهاب السمع جملة، الدية كاملة، وفي إحديهما نصف الدية، وفي نقصان السمع بحساب ذلك، يقاس بالصوت في الجهات، كالقياس في العين بالبصر، وفي قطع شحمة الأذنين ثلث ديتها، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 417: فصل في الديات:
وفي ذهاب الشم، الدية كاملة بلا خلاف…
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 417: فصل في الديات:
وفي استئصال الأنف بالقطع الدية كاملة، وفي قطع الأرنبة نصف الدية، وفي إحدى المنخرين الربع منها، وفي النافذة في المنخرين ثلث الدية، وإن كانت في إحداهما فالسدس، فإن صلحت الأولى والتأمت كان فيها خمس الدية، وإن التأمت الثانية كان فيها العشر، وفي كسره وجبره من غير عيب ولا عثم عشر الدية أيضا، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 417: فصل في الديات:
وفي استئصال اللسان بالقطع، أو ذهاب النطق به جملة، الدية كاملة، ويعتبر بالإبرة، فإن لم يخرج دم أو خرج وكان أسود فهو أخرس، وإن خرج أحمر فهو صحيح، وفي قطع بعضه بحساب الواجب في جميعه، ويقاس بالميل، وكذا الحكم في ذهاب بعض اللسان، ويعتبر بحروف المعجم، فما ذهب من المنطق به منها فعلى الجاني من الدية بعدده، وفي لسان الأخرس إذا قطع ثلث دية الصحيح، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 417: فصل في الديات:
وفي الشفتين الدية كاملة بلا خلاف، وفي العليا الثلث منها، وفي السفلى الثلثان، وفي البعض منها بحساب ذلك، وفي شق إحديهما ثلث ديتها، فإن التأمت فالخمس، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 418، 419: فصل في الديات:
وفي الأسنان الدية كاملة بلا خلاف، وفي كل واحدة مما في مقاديم الفم، وهي اثنتا عشرة، نصف عشر الدية، وفي كل واحدة مما في مآخيره، وهي ست عشرة، ربع عشر الدية، وفي السن الزائدة على هذا العدد الأرش. وفي سن الصبي قبل أن يثغر فيها عشر عشر الدية، وفي بعض السن بحساب ديتها، وفي اسودادها ثلثا دية سقوطها، وفي قلعها بعد الاسوداد ثلث ديتها صحيحة.
وفي الثديين الدية كاملة، وفي أحدهما نصف الدية.
وفي اليدين الدية كاملة، وفي إحداهما النصف منها، وفي كل واحد من الساعدين أو العضدين نصف الدية، وفي كل إصبع عشر الدية إلا الإبهام، فإن فيها ثلث دية اليد، وفي أنملة كل إصبع ثلث ديتها إلا الإبهام، فإن في الأنملة منها نصف ديتها، وحكم الفخذين والساقين والقدمين وأصابعهما حكم اليدين، وفي كل إصبع زائدة ثلث دية الأصابع الأصلية.
وفي الصلب إذا كسر الدية كاملة، فإن جبر وصلح من غير عيب، فعشر الدية.
وفي قطع الحشفة فما زاد من الذكر، الدية كاملة، وفي الأنثيين الدية كاملة، وفي إحديهما نصف الدية، وروي: أن في اليسرى منهما الثلثين، وفي اليمنى الثلث. وفي إفضاء الحرة ديتها.
وفي كسر عظام العضو خمس دية ذلك العضو، فإن جبر وصلح من غير عيب، فأربعة أخماس ديته، وفي موضحة كل عضو من اليدين ربع دية كسره، وفي رضه ثلث ديته، فإن جبر فصلح من غير عيب، فأربعة أخماس رضه، وكل عضو فيه مقدر إذا جني عليه، فصار أشل، وجب فيه ثلثا ديته، كل ذلك([20]) بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 419: فصل في الديات:
وحكم الشجاج في الوجه حكمها في الرأس وهي ثمانية.
فأولها الحارصة: وهي الدامية، وهي التي تقشر الجلد وتسيل الدم، ففيها عشر عشر دية المشجوج.
ثم الباضعة: وهي التي تبضع اللحم، وفيها خمس عشر ديته. ثم النافذة وتسمى المتلاحمة: وهي التي تنفذ في اللحم، وفيها خمس عشر وعشر عشر. ثم السمحاق: وهي التي تبلغ القشرة التي بين اللحم والعظم، وفيها خمسا عشر ديته.
ويثبت في هذه الأربع أيضا القصاص، بدليل إجماع الطائفة، وقال جميع الفقهاء: فيها حكومة وليس فيها شيء مقدر ولا قصاص.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 419: فصل في الديات:
ثم الموضحة: وهي التي توضح عن العظم، وفيها نصف عشر الدية بلا خلاف، وفيها القصاص أيضا بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 419، 420: فصل في الديات:
ثم الهاشمة: وهي التي تهشم العظم، وفيها عشر الدية.
ثم المنقلة: وهي التي تحوج مع كسر العظم إلى نقله من موضع إلى آخر، وفيها عشر ونصف عشر.
ثم المأمومة: وهي التي تصل إلى أم الدماغ، وفيها ثلث الدية، وفي هذه الثلاث ما ذكرناه من المقدر بلا خلاف، وليس فيها قصاص بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 420: فصل في الديات:
وأما الجائفة فليست من الشجاج، لأنها في البدن وهي التي تبلغ الجوف، ولا قصاص فيها، وفيها ثلث الدية أيضا بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 420: فصل في الديات:
وفي لطمة وجه الحر إذا أحمر موضعها دينار ونصف، فإن أخضر أو اسود فثلاثة دنانير، وفي لطمة الجسد، النصف من لطمة الوجه.
والمرأة تساوي الرجل في ديات الأعضاء والجراح حتى تبلغ ثلث الدية، فإذا بلغت ذلك، رجعت إلى النصف من ديات الرجال، وديات ذلك في العبيد بحساب قيمتهم ما لم تزد على دية الحر فإن زادت ترد إلى ذلك على ما قدمناه، وديات ذلك في أهل الذمة بحساب ديات أنفسهم.
ولا دية للمستأجر بما يحدث عليه في إجارته بفعله أو عند فعله.
ولا دية لمقتول الحدود والآداب المشروعة، ولا للمدافعة عن النفس أو المال، وما تسقط الدية فيه تسقط قيمة المتلف وأرش الجناية، ودليل ذلك كله إجماع الطائفة عليه، وفيه الحجة على ما بيناه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 421: كتاب الحدود/ في حد الزنا:
متى ثبت الجماع في الفرج على عاقلين مختارين، من غير عقد، ولا شبهة عقد، ولا ملك يمين، ولا شبهة ملك، ثبوتا شرعيا، فهما زانيان، يجب عليهما الحد بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 421: كتاب الحدود/ في حد الزنا:
والزناة على ضروب: منهم من يجب عليه القتل، حرا كان أو عبدا، محصنا أو غير محصن، وعلى كل حال، وهو من زنى بذات محرم له، أو وطئها مع العقد عليها، والعلم برحمها منه، أو زنى بامرأة أبيه، أو غصب امرأة على نفسها، أو زنى وهو ذمي بمسلمة، أو زنى وهو حر بكر رابعة، وقد جلد في الثلاثة قبلها، أو زنى وهو عبد ثامنة، وقد جلد فيما قبلها من المرات، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 422: كتاب الحدود/ في حد الزنا:
وفي زنا الذمي بالمسلمة خرق للذمة، ومن خرق الذمة فهو مباح القتل بلا خلاف، وليس لأحد أن يقول: كيف يقتل من ليس بقاتل؟ لأن المحصن والمرتد يقتلان بلا خلاف وليسا بقاتلين.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 422: كتاب الحدود/ في حد الزنا:
ومن الزناة من يجب عليه الجلد ثم الرجم، وهو المحصن إذا كان شيخا أو شيخة، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا فالرجم لا خلاف فيه إلا من الخوارج، وخلافهم غير معتد به، وقد انقرض وحصل الإجماع على خلافه...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 422، 423: كتاب الحدود/ في حد الزنا:
ومن الزناة من يجب عليه الرجم فقط، وهو كل محصن ليس بشيخ ولا شيخة، بلا خلاف إلا من الخوارج، فإنهم أوجبوا الجلد، ونفوا أن يجب الرجم في موضع من المواضع، وقد بينا انعقاد الإجماع على خلافه، ومن أصحابنا من قال بوجوب الجلد هاهنا أيضا مع الرجم، والظاهر من المذهب هو الأول.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 423: كتاب الحدود/ في حد الزنا:
ومن الزناة من يجب عليه الجلد ثم النفي عاما إلى مصر آخر، وهو الرجل إذا كان بكرا، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 423: كتاب الحدود/ في حد الزنا:
ومن الزناة من يجب عليه الجلد فقط، وهو كل من زنى وليس بمحصن ولا بكر، والمرأة إذا زنت بكرة، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 423: كتاب الحدود/ في حد الزنا:
ومن الزناة من يجب عليه جلد خمسين فقط، وهو العبد أو الأمة، سواء كانا محصنين أو غير محصنين، شيخين أو غير شيخين، وعلى كل حال. ومن الزناة من يجب عليه من حد الحر ومن حد العبد بحساب ما تحرر منه وبقي رقا، وهو المكاتب الذي قد تحرر بعضه.
ومن الزناة من يجب عليه التعزير، وهو الأب إذا زنى بجارية ابنه، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 423، 424: كتاب الحدود/ في حد الزنا:
والإحصان الموجب للرجم هو أن يكون الزاني بالغا كامل العقل، له زوجة دوام، أو ملك يمين، سواء كانت الزوجة حرة أو أمة، مسلمة أو ذمية -عند من أجاز نكاح الذمية- ويكون قد وطأها، ولا يمنعه من وطئها مستقبلا مانع، من سفر أو حبس أو مرض منها، ويعتبر عمن هذه حاله بالثيب أيضا.
والبكر هو الذي ليس بمحصن، وقد أملك على امرأة ولم يدخل بها، وحكم المرأة في ذلك كله حكم الرجل، ويدل على ما قلناه الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 424، 425: كتاب الحدود/ في حد الزنا:
ويثبت حكم الزنا إذا كان الزاني ممن يصح منه القصد إليه سواء كان مكرها أو سكران، وإن كان مجنونا مطبقا لا يفيق فلا شيء عليه، وإن كان يصح منه القصد إليه جلد مائة جلدة، محصنا كان أو غير محصن، إذا ثبت فعله ببينة أو علمه الإمام، ولا يعتد بإقراره وإن كان ممن يفيق ويعقل، كان حكمه في حال الإفاقة حكم العقلاء.
وسواء في ثبوت الحكم على الزاني كون المزني بها صغيرة أو مجنونة أو ميتة، ويسقط الحد عنها إن كانت مكرهة أو مجنونة لا تفيق، وإن كانت ممن تفيق فحكمها في حال الإفاقة حكم العاقلة.
وإذا تاب أحد الزانيين قبل قيام البينة عليه، وظهرت توبته وصلاحه، سقط الحد عنه، وكذا إن رجع عن إقراره بالزنا قبل إقامة الحد، أو في حاله، أو فر منه، ولا تأثير لفراره إذا كان بعد ثبوت الزنا عليه لا بإقراره.
وإن تاب بعد ثبوت الزنا عليه، فللإمام العفو عنه، وليس ذلك لغيره، ويحفر للمرجوم حفيرة يجعل فيها، ويرد التراب عليه إلى صدره، ولا يرد التراب عليه إن كان رجمه بإقراره.
وإذا اجتمع الجلد والرجم بدئ بالجلد، وأمهل حتى يبرأ من الضرب، ثم رجم، ويبدأ الإمام بالرجم فيما يثبت بعلمه أو بإقراره، ويبدأ الشهود فيما ثبت بشهادتهم، وبعدهم الإمام، وبعده من حضره من عدول المسلمين وأخيارهم دون فساقهم، ويتولى الإمام أو من يأذن له في الجلد إذا ثبت موجبه بعلمه أو بإقراره، وإن كان ثبوته بالبينة، تولاه الشهود.
ويقام الحد على الرجل على الهيئة التي رؤي زانيا عليها من عرى أو لباس، ولا يقام الحد في زمان القيظ في الهواجر ولا في زمان القر في السوابر، ويضرب أشد الضرب على سائر بدنه، سوى رأسه وفرجه، ويجلد الرجل قائما والمرأة جالسة، قد شدت عليها ثيابها.
ويجوز للسيد إقامة الحد على من ملكت يمينه بغير إذن الإمام، ولا يجوز لغير السيد ذلك إلا بإذنه، وكل ذلك بدليل إجماع الطائفة عليه، وفيه الحجة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 425، 426: في حد اللواط والسحق:
اللواط هو فجور الذكران بالذكران وهو على ضربين: إيقاب وما دونه من التفخيذ.
ففي الأول إذا ثبت الثبوت الشرعي، قتل الفاعل والمفعول به.
وفي الثاني جلد كل واحد منهما مائة جلدة، بشرط كونهما بالغين عاقلين مختارين، ولا فرق في ذلك بين المحصن والبكر، والحر والعبد، والمسلم والذمي.
والإمام مخير في قتله إن شاء صبرا أو رجما أو تردية من علو أو إلقاء جدار عليه أو إحراقا له بالنار، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 426: في حد اللواط والسحق:
وحكم ذلك كله مع الإكراه أو الجنون أو التوبة قبل ثبوت الفاحشة وبعدها، وفي الرجوع عن الإقرار، وفي كيفية الجلد ووقته، وفي القتل في المرة الرابعة، مثل الذي ذكرناه في الزنا، فلا نطول بإعادته، وذلك بدليل الإجماع المشار إليه([21]).
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 427: في حد القيادة:
من جمع بين رجل وامرأة أو غلام، أو بين امرأتين للفجور، فعليه جلد خمسة وسبعين سوطا، رجلا كان أو امرأة، حرا أو عبدا، مسلما أو ذميا، ويحلق رأس الرجل، ويشهر في المصر، ولا يفعل ذلك بالمرأة.
وحكم الرجوع عن الإقرار، وحكم الفرار والتوبة قبل ثبوت ذلك وبعده، وكيفية إقامة الحدود ووقته، ما قدمناه([22]).
ومن عاد ثانية جلد ونفي عن المصر، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 427: في حد القذف:
من قذف -وهو كامل العقل- حرا أو حرة بزنا أو لواط -حرا كان القاذف أو مملوكا- رجلا أو امرأة، فهو مخير بين العفو عنه وبين مطالبته بحق القذف، وهو جلد ثمانين سوطا، بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 428: في حد القذف:
ومن قال لغيره: زنيت بفلانة، فهو قاذف لاثنين، وعليه لهما حدان، وكذا لو قذف جماعة، وأفرد كل واحد منهم بلفظ، سواء جاؤوا به على الاجتماع أو الانفراد، ولو قذفهم بلفظ واحد وجاء به كل واحد منهم على الانفراد، فإن جاؤوا به مجتمعين حد لجميعهم حدا واحدا.
وحد القذف موروث يرثه كل من يرث المال من ذوي الأنساب دون الأسباب، وإذا طالب أحدهم بالحد وأقيم له، سقط حق الباقين، وإذا عفا بعضهم كان لمن لم يعف المطالبة باستيفاء الحد، وإذا لم يكن للمقذوف المتوفى ولي، أخذ بحقه سلطان الإسلام، ولم يجز له العفو.
ولا يسقط حد القذف بالتوبة على حال، وإنما يسقط بعفو المقذوف، أو وليه من ذوي الأنساب خاصة، ويقتل القاذف في المرة الرابعة إذا حد فيما قبلها من المرات.
ويقتل من سب النبي صلى الله عليه وآله وغيره من الأنبياء أو أحد الأئمة عليهم السلام، وليس على من سمعه فسبق إلى قتله من غير استئذان لصاحب الأمر سبيل، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 429: في حد شرب الخمر:
والحد في شرب قليل المسكر وكثيره، وإن اختلفت أجناسه، إذا كان شاربه كامل العقل، حرا كان أو عبدا، رجلا كان أو امرأة، مسلما أو كافرا، متظاهرا بذلك بين المسلمين، ثمانون جلدة بدليل إجماع الطائفة.
وقد روي من طرق المخالف: أن النبي صلى الله عليه وآله جلد شارب الخمر ثمانين، ورووا عن علي عليه السلام أنه قال في شارب الخمر: إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى فيجب أن يحد حد المفتري، ولا مخالف له من الصحابة في ذلك.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 429: في حد شرب الخمر:
ويقتل المعتاد لشرب المسكر في الثالثة، وقد حد فيما قبلها، بدليل الإجماع المشار إليه، وحكم شارب الفقاع حكم شارب الخمر بدليل هذا الإجماع، وأيضا فقد ثبت تحريم شربه بما قدمناه فيما مضى، وكل من قال بذلك أوجب فيه حكم حد الخمر، والقول بأحد الأمرين دون الآخر خروج عن الإجماع.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 430: في حد السرقة:
يجب القطع على من ثبت كونه سارقا بشروط:
منها: أن يكون مكلفا.
ومنها: أن لا يكون والدا من ولده، وإن كان غنيا عن ماله، ولا عبدا من سيده بلا خلاف.
ومنها: أن يكون مقدار المسروق، ربع دينار فصاعدا، أو قيمة ذلك مما يتمول عادة وشرعا، سواء كان محرزا بنفسه، وهو الذي إذا ترك لم يفسد، كالثياب والحبوب اليابسة، أو لم يكن كذلك، كالفواكه واللحوم، وسواء كان أصله الإباحة، كالخشب والقصب والطين، وما يعمل من الأواني، وما يستخرج من المعادن أو لم يكن كذلك، كالثياب والأثاث.
ومنها: أن يكون المسروق لاحظ ولا شبهة للسارق فيه.
ومنها: أن يكون مخرجا من حرز، وروى أصحابنا: أن الحرز في المكان هو الذي لا يجوز لغير مالكه أو مالك التصرف فيه دخوله إلا بإذن، ويدل على جميع ذلك إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 430، 431: في حد السرقة:
والسارق هو الآخذ على جهة الاستخفاء والتفزع، وعلى هذا ليس على المنتهب والمختلس والخائن في وديعة أو عارية قطع -خلافا لأحمد- بدليل الإجماع المشار إليه، وأيضا فما اعتبرناه مجمع على وجوب القطع به...
ويحتج على المخالف بما روي من طرقهم عن جابر من قوله صلى الله عليه وآله: ليس على المنتهب ولا على المختلس ولا على الخائن قطع، وهذا نص.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 430: في حد السرقة:
ونحتج على المخالف بما اعتبرناه من النصاب بما رووه عن عائشة من قوله عليه السلام: القطع في ربع دينار فصاعدا، وهذا أيضا نص، وأيضا فالأصل براءة الذمة، ومن أوجب القطع فيما نقص عما ذكرناه احتاج إلى دليل.
ونحتج على أبي حنيفة في إسقاط القطع بسرقة ما ليس بمحرز بنفسه، وما كان أصله الإباحة، سوى الذهب والفضة والياقوت الفيروزج فإنه لم يسقط القطع بسرقته، بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}، لأنه لم يفصل، ولا يجوز أن يخرج من ذلك إلا ما أخرجه دليل قاطع، وبقوله عليه السلام: القطع في ربع دينار. وإنما أراد ما قيمته ذلك بلا خلاف، ولم يفرق.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 431، 432: في حد السرقة:
وإذا تكاملت شروط القطع، قطعت يمين السارق أول مرة، فإن سرق ثانية، قطعت رجله اليسرى، بلا خلاف إلا من عطاء، فإنه قال: يده اليسرى، وقد روي من طرق المخالف عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله أتي بسارق فقطع يده، ثم أتي به وقد سرق ثانية فقطع رجله اليسرى.
فإن سرق ثالثة خلد الحبس إلى أن يموت أو يرى ولي الأمر فيه رأيه، فإن سرق في الحبس ضربت عنقه، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 432: في حد السرقة:
وإذا كانت يمين من وجب عليه القطع لها شلاء قطعت، ولم تقطع يساره، وكذلك من وجب قطع رجله اليسرى وكانت شلاء، تقطع دون رجله اليمنى، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 432، 433: في حد السرقة:
وموضع القطع في اليدين من أصول الأصابع ويترك له الإبهام، وفي الرجل عند معقد الشراك، ويترك له مؤخر القدم والعقب، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا فما اعتبرناه مجمع على وجوب قطعه، وليس على قطع ما زاد عليه دليل.
وقد روى الناس كلهم عن علي عليه السلام: أنه قطع السارق من الموضع الذي ذكرناه بمشهد من الصحابة ولم ينكر أحد منهم ذلك عليه، وهذا يقتضي على أصل المخالف الإجماع على ذلك في تلك الحال.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 433: في حد السرقة:
وإذا سرق اثنان فما زاد عليهما شيئا، فبلغ نصيب كل واحد منهم المقدار الذي يجب فيه القطع، قطعوا جميعا بلا خلاف، سواء كانوا مشتركين في السرقة، أو كان كل واحد منهم يسرق لنفسه، وإن لم يبلغ نصيب كل واحد منهم ذلك المقدار، ولم يكونوا مشتركين، فلا قطع على واحد منهم بلا خلاف.
وإن كانوا مشتركين في ذلك، ففي إخراجه من الحرز قطعوا جميعا بربع دينار، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}، لأن ظاهره يقتضي أن وجوب القطع إنما كان بالسرقة المخصوصة، وإذا استحق كل واحد منهم هذا الاسم، وجب أن يستحق القطع.
ويحتج على المخالف بما رووه من الخبر المقدم لأنه عليه السلام أوجب القطع في ربع دينار فصاعدا، ولم يفصل بين الواحد وبين ما زاد عليه، ومن أصحابنا من أختار القول: بأنه لا قطع على واحد من الجماعة حتى يبلغ نصيبه المقدار الذي يجب فيه القطع على كل حال، والمذهب هو الأول.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 433: في حد السرقة:
وتقطع الأم بالسرقة من مال ولدها، والولد بالسرقة من مال أحد الوالدين، وكل واحد من الزوجين بالسرقة من مال الآخر، بشرط أن يكون المال المسروق محرزا ممن سرقه، ولا قطع على من سرق [منهم] من هؤلاء بدل ما يجب من النفقة لمن يستحق الإنفاق، بدليل الإجماع المشار إليه وظاهر الآية والخبر.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 434: في حد السرقة:
ويقطع الطرار من الجيب والكم من الثوب التحتاني، ويقطع النباش إذا أخذ كل واحد منهما ما قيمته ربع دينار فصاعدا، بدليل إجماع الطائفة، وأيضا فظاهر الآية والخبر يدلان على ذلك، لأن السارق هو الآخذ للشيء على جهة الاستخفاء والتفزع، فيدخل من ذكرناه في ظاهر الآية.
وقد روى المخالف عن عائشة وعمر بن عبد العزيز أنهما قالا: سارق موتانا كسارق أحيائنا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 434: في حد السرقة:
والغرم لازم للسارق وإن قطع، بدليل الإجماع المشار إليه وظاهر الآية والخبر، لأنه يقتضي إيجاب القطع على كل حال، فمن منع منه مع الغرم فعليه الدليل.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 434: في حد السرقة:
ومن أقر أو قامت عليه البينة بسرقات كثيرة، قطع بأولها وأغرم الباقي، وإذا رجع المقر بالسرقة عن إقراره، لم يقطع، وكذلك إن تاب وظهر صلاحه قبل أن يرفع خبره إلى ولي الأمر، فإن تاب بعد ما ارتفع خبره إليه، كان مخيرا بين قطعه والعفو عنه، وليس لغيره في ذلك خيار، وعليه رد ما سرقه إن كانت عينه باقية، وغرم قيمته إن كانت تالفة على كل حال، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 435: في التعزير:
واعلم أن التعزير يجب بفعل القبيح، أو الإخلال بالواجب الذي لم يرد الشرع بتوظيف حد عليه، أو ورد بذلك فيه ولم تتكامل شروط إقامته، فيعزر على مقدمات الزنا واللواط من النوم في إزار واحد والضم والتقبيل إلى غير ذلك، على حسب ما يراه ولي الأمر، من عشرة أسواط إلى تسعة وتسعين سوطا.
ويعزر من وطئ بهيمة، أو استمنى بيده، ويعزر العبد إذا سرق من مال سيده، والوالد إذا سرق من مال ولده، ومن سرق أقل من ربع دينار، ومن سرقه أو أكثر منه من غير حرز، ومن قذف -وهو حر مسلم- ولدا له، أو عبدا له، أو لغيره، أو ذميا، أو صغيرا، أو مجنونا، ويعزر العبيد والإماء وأهل الذمة إذا تقاذفوا.
ومن قذف غيره بما هو مشهور به، ومعترف بفعله من سائر القبائح، لم يستحق حدا ولا تعزيرا، ويعزر المسلم إذا عير مسلما بعمى أو عرج أو جنون أو جذام أو برص، فإن كان كافرا فلا شيء عليه.
والتعزير لما يناسب القذف من التعريض بما لا يفيد زنا، ولا لواطا، والنبز بالألقاب من ثلاثة أسواط إلى تسعة وسبعين سوطا، وإذا تقاذف اثنان بما يوجب الحد، سقط عنهما، ووجب تعزيرهما، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة([23])...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 436: كتاب القضاء وما يتعلق به:
يجب في متولي القضاء أن يكون عالما بالحق في الحكم المردود إليه بدليل إجماع الطائفة، وأيضا فتولية المرء مالا يعرفه قبيحة عقلا، ولا يجوز فعلها، وأيضا فالحاكم مخبر في الحكم عن الله تعالى، ونائب عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا شبهة في قبح ذلك من دون العلم، وأيضا قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 436: كتاب القضاء وما يتعلق به:
ومن حكم بالتقليد لم يقطع على الحكم بما أنزل الله، ويحتج على المخالف بما رووه في خبر تقسيم القضاة: “ورجل قضى بين الناس على جهل فهو في النار” ومن قضى بالفتيا فقد قضى على جهل، ويجب فيه أن يكون عدلا بلا خلاف إلا من الأصم وخلافه غير معتد به.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 436: كتاب القضاء وما يتعلق به:
وينبغي أن يكون كامل العقل، حسن الرأي، ذا علم وورع، وقوة على القيام بما فوض إليه، ويجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في جميع الأشياء من الأموال والحدود والقصاص وغير ذلك.
وسواء في ذلك ما علمه في حال الولاية أو قبلها، بدليل إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 438: كتاب القضاء وما يتعلق به:
ويقضى بشهادة المسلمين بشرط: الحرية والذكورة والبلوغ وكمال العقل والعدالة في جميع الأشياء بلا خلاف، غير أنه لا يقبل في الزنى إلا شهادة أربعة رجال بمعاينة الفرج في الفرج، مع اتحاد اللفظ والوقت، ومتى اختلفوا في الرؤية، أو نقص عددهم أو لم يأتوا بها في وقت واحد، حدوا حد الافتراء بلا خلاف، أو شهادة ثلاثة رجال وامرأتين، وكذا حكم اللواط، والسحق، بدليل إجماع الطائفة، ويقبل فيما عدا ذلك شهادة عدلين، ويعتبر في صحتها اتفاق المعنى ومطابقة الدعوة دون الوقت بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 438: كتاب القضاء وما يتعلق به:
ولا يقبل شهادة النساء فيما يوجب حدا، لا على الانفراد من الرجال ولا معهم، بلا خلاف إلا في الزنى عندنا على ما قدمناه، ولا تقبل شهادتهن على كل حال في الطلاق، ولا في رؤية الهلال، بدليل إجماع الطائفة.
وتقبل شهادتهن على حال الانفراد من الرجال في الولادة والاستهلال والعيوب التي لا يطلع عليها الرجال، كالرتق والإفضاء بلا خلاف.
وتقبل شهادة القابلة وحدها إذا كانت مأمونة في الولادة والاستهلال، ويحكم لأجلها بربع الدية أو الميراث، وتقبل شهادتهن فيما عدا ما ذكرناه مع الرجال بدليل إجماع الطائفة، ويقوم كل امرأتين مقام رجل بلا خلاف.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 439: كتاب القضاء وما يتعلق به:
ويقضى بشهادة الواحد مع يمين المدعي في الديون خاصة، بدليل إجماع الطائفة، ويحتج على المخالف بما رووه من طرق كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله من أنه قضى باليمين مع الشاهد، وعلى المسألة إجماع الصحابة أيضا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 439: كتاب القضاء وما يتعلق به:
وتقبل شهادة كل واحد من الولد والوالدين والزوجين للآخر، وتقبل شهادة العبيد لكل واحد وعليه إلا في موضع نذكره، كل ذلك بإجماع الطائفة وظاهر القرآن، لأنه على عمومه إلا ما أخرجه دليل قاطع، ويقبل شهادة الأخ لأخيه بلا خلاف إلا من الأوزاعي مطلقا ومن مالك في النسب، وتقبل شهادة الصديق لصديقه وإن كان بينهما ملاطفة ومهاداة بلا خلاف إلا من مالك فإنه قال: لا تقبل إذا كان ذلك بينهما.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 440: كتاب القضاء وما يتعلق به:
وتقبل شهادة الصبيان في الشجاج والجراح خاصة، إذا كانوا يعقلون ذلك، ويؤخذ بأول أقوالهم، ولا يؤخذ بآخرها، بدليل إجماع الطائفة، وقد اشتهر عند الناس عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قضى في ستة غلمان دخلوا الماء فغرق أحدهم فشهد ثلاثة منهم على اثنين أنهما غرقاه، وشهد الاثنان على الثلاثة أنهم غرقوه: أن على الاثنين ثلاثة أخماس الدية، وعلى الثلاثة الخمسان، وقد ذكرنا هذه في فصل الديات، ولا يمتنع قبول شهادة الصبيان في بعض الأشياء دون بعض، كما نقوله كلنا في شهادة النساء.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 440: كتاب القضاء وما يتعلق به:
وتقبل شهادة القاذف إذا تاب وأصلح عمله، ومن شرط التوبة أن يكذب نفسه بدليل إجماع الطائفة، ولا تقبل شهادة الولد على والده، ولا العبد على سيده فيما ينكرانه، وتقبل عليهما بعد الوفاة بإجماع الطائفة، ولا تقبل شهادة ولد الزنا، بدليل هذا الإجماع.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 440: كتاب القضاء وما يتعلق به:
ولا تقبل شهادة العدو على عدوه، ولا الشريك لشريكه فيما هو شريك له، ولا الأجير لمستأجره، ولا شهادة ذمي على مسلم إلا في الوصية في السفر خاصة عندنا، بشرط عدم أهل الإيمان.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 441: كتاب القضاء وما يتعلق به:
والقسامة لا تكون إلا مع التهمة بأمارات ظاهرة، ويدل على ذلك إجماع الطائفة...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 441: كتاب القضاء وما يتعلق به:
والقسامة فيما فيه دية كاملة من الأعضاء ستة نفر، وفيما نقص من العضو بحسابه، وأدنى ذلك رجل واحد في سدس العضو، بدليل الإجماع المشار إليه، وروى أصحابنا: أن القسامة في قتل الخطأ خمسة وعشرون رجلا.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 442: كتاب القضاء وما يتعلق به:
وتثبت شهادة الأصل بشهادة عدلين، وتقوم مقامهما إذا تعذر حضور الأصل بموت أو مرض أو سفر، ولا يجوز ذلك إلا في الديون والأموال والعقود، ولا يجوز في الحدود، ولا يجوز شهادة على شهادة على شهادة في شيء من الأشياء، بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 442: كتاب القضاء وما يتعلق به:
وإذا شهد اثنان على شهادة واحد، ثم شهدا على شهادة آخر، تثبت شهادة الأول بلا خلاف، وتثبت أيضا شهادة الثاني عندنا...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 442، 443: كتاب القضاء وما يتعلق به:
ولا يحكم ببينة المدعي بعد استحلاف المدعى عليه، بدليل إجماع الطائفة، ويحتج على المخالف بما روى من طرقهم من قوله عليه السلام: من حلف فليصدق ومن حلف له فليرض، ومن لم يفعل، فليس من الله في شيء، وللمدعى عليه رد اليمين على المدعي بدليل إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: {أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ}، والمراد وجوب أيمانهم للإجماع على أن اليمين لا ترد بعد حصول يمين أخرى، وهذا يبطل قول من لم يجز رد اليمين على حال.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 443: كتاب القضاء وما يتعلق به:
ولا يجوز الحكم إلا بما قدمناه من علم الحاكم أو ثبوت البينة على الوجه الذي قرره الشرع، أو إقرار المدعى عليه، أو يمينه، أو يمين المدعي، دون ما سوى ذلك، مما لم يرد التعبد بالعمل به، من قياس أو رأي واجتهاد أو كتاب حاكم آخر إليه، وإن ثبت بالبينة كتابه أو قوله مشافهة له: ثبت عندي كذا، بدليل إجماع الطائفة وقوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}...
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 443، 444: كتاب القضاء وما يتعلق به:
وتسمع بينة الخارج وهو المدعي، دون بينة الداخل وهو صاحب اليد، لقوله عليه السلام: “البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه”.
وإن كان مع كل واحد منهما بينة ولا يد لأحدهما، حكم لأعدلهما شهودا، فإن استويا في ذلك، حكم لأكثرهما شهودا مع يمينه، فإن استويا أقرع بينهما، فمن خرج اسمه حلف وحكم له.
وإن كان لكل واحد منهما يد ولا بينة لأحدهما، كان الشيء بينهما نصفين، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 444: كتاب القضاء وما يتعلق به:
وإذا ثبت أن الشاهد شهد بالزور، عزر وأشهر وأبطل الحاكم حكمه بها إن كان حكم ورجع على المحكوم له بما أخذ، إن أمكن، وإلا على شاهد الزور، وإن كان ما شهد به قتلا أو جرحا أو حدا اقتص منه، وإذا رجع عن الشهادة بشبهة دخلت عليه، لزمه دية القتل، أو الجرح، ومثل العين المستهلكة بشهادته، أو قيمتها إن يرضى المحدود بما يتفقان عليه، بدليل الإجماع المشار إليه.
- غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 444، 446: كتاب القضاء وما يتعلق به:
واعلم أنه ينبغي للحاكم أن يفرد الوقت الذي يجلس فيه للحكم له خاصة، ولا يشوبه بأمر آخر سواه، وأن لا يجلس وهو غضبان ولا جائع ولا عطشان ولا مشغول القلب بشيء من الأشياء، ويجلس مستدبر القبلة وعليه السكينة والوقار، وينزله مجلسه عن الدعابة والمجون، ويوطن نفسه على إقامة الحق والقوة في طاعة الله تعالى.
وينبغي له أن يسوي بين الخصمين في المجلس واللحظ والإشارة، ولا يبدأهما بخطاب إلا أن يطيلا الصمت، فحينئذ يقول لهما: إن كنتما حضرتما لأمر فاذكراه، فإن أمسكا أقامهما، وإن ادعى أحدهما على الآخر لم تسمع دعواه إلا أن تكون مستندة إلى علم، مثل أن يقول: أستحق عليه، أو ما أفاد هذا المعنى، ولو قال: أدعي عليه كذا، أو أتهمه بكذا، لم يصح، وأن يكون ما ادعاه معلوما متميزا بنفسه أو بقيمته، فلو قال: أستحق عليه دارا أو ثوبا، لم يصح للجهالة.
وإذا صحت الدعوى أقبل الحاكم على الخصم وقال: ما تقول فيما ادعاه؟ فإن أقربه وكان ممن يقبل إقراره، للحرية، والبلوغ، وكمال العقل، والإيثار للإقرار، ألزمه الخروج إلى خصمه منه، فإن أبى أمر بملازمته، فإن آثر صاحب الحق حبسه حبسه، وإن آثر إثبات اسمه ونسبه في ديوان الحكم أثبته، إذا كان عارفا بعين المقر واسمه ونسبه، أو قامت عليه البينة العادلة له عنده بذلك.
وإن أنكر ما ادعى عليه فقال للمدعي: قد أنكر دعواك، فإن قال: لي بينة، أمرة بإحضارها، فإن ادعى أنها غائبة ضرب له أجلا لإحضارها، وفرق بينه وبين خصمه، وله أن يطلب كفيلا بإحضاره إذا أحضر بينته.
ويبرأ الكفيل من الضمان إذا انقضت المدة ولم يحضرها، فإن أحضرها وكانت مرضية حكم بها، وإلا ردها.
وإن أحضر شاهدا واحدا أو امرأتين قال له الحاكم: تحلف مع ذلك على دعواك، فإن حلف ألزم خصمه ما ادعاه، وإن أبى أقامهما، وإن لم يكن له بينة قال له: ما تريد؟ فإن أمسك أقامهما، وإن قال: أريد يمينه، قال: أتحلف؟ فإن قال: نعم، خوفه الله تعالى من عاقبة اليمين الفاجرة في الدنيا والآخرة.
فإن أقر بما ادعاه عليه ألزمه به، وإن أصر على اليمين عرض عليهما الصلح، فإن أجابا أمر بعض أمنائه أن يتوسط ذلك بينهما، ولم يجز أن يلي هو ذلك بنفسه، لأنه منصوب لبت الحكم وإلزام الحق -ويستعمل الوسيط في إصلاح ما يحرم على الحاكم فعله- وإن لم يجيبا إليه أعلم المدعي أن استحلاف خصمه يسقط حق دعواه، ويمنع من سماع بينة بها عليه.
وإن نزل عن استحلافه أقامهما وإن لم ينزل واستحلفه سقط حق دعواه، وإن نكل المدعى عليه عن اليمين ألزمه الخروج إلى خصمه مما ادعاه، وإن قال: يحلف ويأخذ ما ادعاه، قال له الحاكم: أتحلف؟ فإن قال: لا، أقامهما، وإن قال: نعم، خوفه الله تعالى، فإن رجع عن اليمين أقامهما، وإن حلف استحق ما ادعاه، والأكثر من هذا لا خلاف فيه([24])، وما فيه منه الخلاف فقد قدمنا الدلالة عليه([25])، فاعرف ذلك إن شاء الله تعالى.
([1]) ملاحظة حول عناوين إجماعات كتاب غنية النزوع: يكثر المصنف قدس سره في هذا الكتاب من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة مسائل والتي تبلغ أحيانا فصلا كاملا؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر العنونة لجميع المسائل أو تعذر معرفة مساحة الدليل- على ذكر عنوان واحد جامع يشير إلى موضوع المسائل فقط دون تفصيلها أو ذكر أحكامها. و مما يجدر الإشارة إليه في هذا الباب قوله في الصفحة 115 "بدليل الإجماع الماضي ذكره في كل المسائل".
([2]) في كل مسألة كان الدليل غير تام في الإجماع وفي نسبة المسألة إلى المذهب بلفظ دال على العموم أو القطع كنا نكتفي في العنوان بعرض موضوع المسألة دون الإشارة إلى الحكم الوارد في النص.
([3]) يكثر المصنف قدس سره في هذا الكتاب من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة مسائل؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر العنونة لجميع المسائل أو تعذر معرفة مساحة الدليل- على ذكر عنوان واحد جامع يشير إلى موضوع المسائل فقط دون تفصيلها أو ذكر أحكامها.
([4]) الإجماع المتقدم ذكره.
([5]) "إِنَِّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ".
([6]) إجماع الفرقة المتقدم ذكره.
([7]) إجماع الفرقة المتقدم ذكره.
([8]) يكثر المصنف قدس سره في هذا الكتاب من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة من المسائل؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر معرفة مساحة الدليل- على ذكر عنوان واحد جامع يشير إلى موضوع المسائل فقط دون تفصيلها أو ذكر أحكامها.
([9]) المصنف قدس سره في هذا الكتاب يكثر من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة من المسائل؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر معرفة مساحة الدليل- على ذكر عنوان واحد جامع يشير إلى موضوع المسائل فقط دون تفصيلها أو ذكر أحكامها.و مما يجدر الإشارة إليه في هذا الباب قوله في الصفحة 115 "بدليل الإجماع الماضي ذكره في كل المسائل".
([10]) المصنف قدس سره في هذا الكتاب يكثر من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة من المسائل؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر معرفة مساحة الدليل- على ذكر عنوان واحد جامع يشير إلى موضوع المسائل فقط دون تفصيلها أو ذكر أحكامها.و مما يجدر الإشارة إليه في هذا الباب قوله في الصفحة 115 "بدليل الإجماع الماضي ذكره في كل المسائل".
([11]) راجع الإجماع في المسألة السابقة.
([12]) راجع الإجماع في المسألة السابقة.
([13]) ملاحظة: يقول محقق كتاب الغنية في الهامش "في (ج )جاز كل ذلك" وهذا يعني شمول الدليل لجميع ما تقدم. ومما يذكر في هذا المقام أن المصنف قدس سره في هذا الكتاب يكثر من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة من المسائل؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر معرفة مساحة الدليل- على ذكر عنوان واحد جامع يشير إلى موضوع المسائل فقط دون تفصيلها أو ذكر أحكامها.و مما يجب الإشارة إليه أيضا قوله في الصفحة 115 "بدليل الإجماع الماضي ذكره في كل المسائل".
([14]) يكثر المصنف قدس سره من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة مسائل؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر العنونة لجميع المسائل- على ذكر عنوان واحد جامع يشير إلى موضوع المسائل فقط دون تفصيلها أو ذكر أحكامها.
([15]) النساء: 11.
[16] يكثر المصنف قدس سره في هذا الكتاب من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة مسائل والتي تبلغ أحيانا فصلا كاملا؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر العنونة لجميع المسائل أو تعذر معرفة مساحة الدليل- على ذكر عنوان واحد جامع يشير إلى موضوع المسائل فقط دون تفصيلها أو ذكر أحكامها. و مما يجدر الإشارة إليه في هذا الباب قوله في الصفحة 115 "بدليل الإجماع الماضي ذكره في كل المسائل".
([17]) راجع الإجماع في الصفحة 364 من كتاب المصنف.
([18]) يقول محقق كتاب الغنية في الهامش: "في الأصل: وذلك بدليل الإجماع".
([19]) يكثر المصنف قدس سره من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة مسائل؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر معرفة مساحة الدليل- على ذكر عنوان واحد جامع يشير إلى موضوع المسائل فقط دون تفصيلها أو ذكر أحكامها. و مما يجدر الإشارة إليه في هذا الباب قوله في الصفحة 115 "بدليل الإجماع الماضي ذكره في كل المسائل".
([20]) يكثر المصنف قدس سره من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة مسائل؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر معرفة مساحة الدليل- على ذكر عناوين تشير إلى موضوع المسائل فقط دون ذكر أحكامها.
([21]) راجع الفصل الأول من كتاب الحدود؛ في حد الزنا.
([22]) راجع الفصل الأول من كتاب الحدود؛ في حد الزنا.
([23]) يكثر المصنف قدس سره في هذا الكتاب من ذكر دليل الإجماع في آخر جملة مسائل والتي تبلغ أحيانا فصلا كاملا؛ لذا قد نقتصر -وعند تعذر العنونة لجميع المسائل أو تعذر معرفة مساحة الدليل- على ذكر عنوان واحد جامع يشير إلى موضوع المسائل فقط دون تفصيلها أو ذكر أحكامها. و مما يجدر الإشارة إليه في هذا الباب قوله في الصفحة115 "بدليل الإجماع الماضي ذكره في كل المسائل".
([24]) غالبا ما يستعمل المصنف قدس سره هذه العبارة للإشارة إلى الخلاف بين الفريقين.
([25]) وكأنه يشير إلى إجماع الإمامية؛ ومما يجدر الإشارة إليه في هذا المقام قوله في الصفحة 115 "بدليل الإجماع الماضي ذكره في كل المسائل".