موقع عقائد الشيعة الإمامية >> كتاب إجماعات فقهاء الإمامية >> المجلد الخامس
إجماعات فقهاء الإمامية
المجلد الخامس: إجماعات ابن ادريس الحلي
السرائر ج2
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 5: كتاب الجهاد وسيرة الإمام/ باب فرض الجهاد و:
والذي يقوى عندي، وتقتضيه الأدلة، لزوم الإجارة في الحالين معا، غير أنه لا يجاهد العدو إلا على ما قلناه من الدفاع عن النفس والإسلام، لأن عندنا بغير خلاف أنه إذا نذر المرابطة في حال استتار الإمام، وجب عليه الوفاء به، غير أنه لا يجاهد العدو إلا على ما قلناه، وقد قدمنا ذلك. فإن كان في حال ظهور الإمام، لزمه الوفاء به، على كل حال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 7: باب أصناف الكفار ومن يجب قتالهم منهم:
ويجوز قتال الكفار بسائر أنواع القتل وأسبابه، إلا بتغريق المساكن، ورميهم بالنيران، وإلقاء السم في بلادهم، فإنه لا يجوز أن يلقى السم في بلادهم.
قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: وكره أصحابنا إلقاء السم([1]).
وقال في نهايته: لا يجوز إلقاء السم في بلادهم وما ذكره في نهايته، به نطقت الأخبار عن الأئمة الأطهار.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 10: باب قسمة الفيء وأحكام الأسارى:
ولا يسهم لشيء من المركوب من الإبل، والبغال، والحمير، والبقر، والفيلة، إلا للخيل خاصة، بلا خلاف، سواء كان الفرس عتيقا كريما، أو برذونا، أو هجينا، أو مقرفا، أو حطما، أو قحما، أو ضرعا، أو أعجف، أو رازحا، فإنه يسهم له.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 11: باب قسمة الفيء وأحكام الأسارى:
ومتى أغار المشركون على المسلمين، فأخذوا منهم ذراريهم، وعبيدهم، وأموالهم، ثم ظفر بهم المسلمون، فأخذوا منهم ما كانوا أخذوه، فإن أولادهم يردون إليهم بعد أن يقيموا البينة، ولا يسترقون بغير خلاف في ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 12: باب قسمة الفيء وأحكام الأسارى:
والأسارى، فعندنا على ضربين، أحدهما أخذ قبل أن تضع الحرب أوزارها، وينقضي الحرب والقتال، فإنه لا يجوز للإمام استبقاؤه، بل يقتله، بأن يضرب رقبته، أو يقطع يديه ورجليه، ويتركه حتى ينزف ويموت، إلا أن يسلم، فيسقط عنه القتل. والضرب الآخر، هو كل أسير يؤخذ بعد أن تضع الحرب أوزارها، فإنه يكون الإمام مخيرا فيه، بين أن يمن عليه، فيطلقه، وبين أن يسترقه، وبين أن يفاديه، وليس له قتله بحال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 13: باب قسمة الفيء وأحكام الأسارى:
وأما التفرقة بينه وبين الوالد، فإنه جائز بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 16: باب قتال أهل البغي والمحاربين وكيفية قتالهم والسيرة فيهم:
وأهل البغي عند أصحابنا على ضربين، ضرب منهم يقاتلون، ولا يكون لهم رئيس يرجعون إليه، والضرب الآخر، يكون لهم أمير ورئيس يرجعون في أمورهم إليه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 17: باب قتال أهل البغي والمحاربين وكيفية قتالهم والسيرة فيهم:
وذكر أيضا في مبسوطه، فقال: إذا وقع أسير من أهل البغي في أيدي أهل العدل، فإن كان شابا من أهل القتال، وهو الجلد الذي يقاتل، كان له حبسه، ولم يكن له قتله، قال: وقال بعضهم: له قتله، قال رحمه الله: والأول مذهبنا([2]).
فقد اعتمد رحمه الله، وأقر بأن الأول مذهبنا، وهو أنه لا يقتل الأسير.
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص18، 19: باب قتال أهل البغي والمحاربين وكيفية قتالهم والسيرة فيهم:
فأما السيد المرتضى فقد ذكر في المسائل الناصريات، المسألة السادسة والمائتان: يغنم ما حوت عليه عساكر أهل البغي، يصرف للفارس بفرس عتيق ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه، ويسهم للبرذون سهم واحد، قال السيد المرتضى رحمه الله: هذا غير صحيح، لأن أهل البغي لا يجوز غنيمة أموالهم، وقسمتها كما تقسم أموال أهل الحرب، ولا أعلم خلافا بين الفقهاء في ذلك، ويرجع الناس كلهم في هذا الموضع، إلى ما قضى به أمير المؤمنين عليه السلام في محاربي أهل البصرة، فإنه منع من غنيمة أموالهم، فلما روجع عليه السلام في ذلك، قال أيكم يأخذ عايشة في سهمه([3])...
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: الصحيح ما ذهب السيد المرتضى رضي الله عنه إليه، وهو الذي أختاره، وأفتي به، والذي يدل على صحة ذلك، ما استدل به رضي الله عنه، وأيضا فإجماع المسلمين على ذلك، وإجماع أصحابنا منعقد على ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 20: كتاب الجهاد وسيرة الإمام/ باب الزيادات:
لأن كل أمر مشكل عندنا فيه القرعة بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 21: كتاب الجهاد وسيرة الإمام/ باب الزيادات:
وقال بعض أصحابنا: إنه ليس للأعراب من الغنيمة شيء، وإن قاتلوا مع المهاجرين، وهذه رواية شاذة، مخالفة لأصول مذهب أصحابنا، أوردها شيخنا أبو جعفر في نهايته في باب الزيادات، وهذا يدل على وهنها عنده، لأنه لا خلاف بين المسلمين أن كل من قاتل من المسلمين، فإنه من جملة المقاتلة، وإن الغنيمة للمقاتلة، وسهمه ثابت في ذلك، فلا يخرج من هذا الإجماع، إلا بإجماع مثله، أو دليل مكاف له، ولا يرجع فيه إلى أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 21، 22: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان بلا خلاف بين الأمة، وإنما الخلاف في أنهما هل يجبان عقلا أو سمعا؟ فقال الجمهور من المتكلمين والمحصلين من الفقهاء: إنهما يجبان سمعا، وأنه ليس في العقل ما يدل على وجوبهما، وإنما علمناه بدليل الإجماع من الأمة، وبآي من القرآن والأخبار المتواترة.
فأما ما يقع منه على وجه المدافعة، فإنه يعلم وجوبه عقلا لما علمناه بالعقل، من وجوب دفع المضار عن النفس، وذلك لا خلاف فيه، وإنما الخلاف فيما عداه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 25: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و:
قال محمد بن إدريس رحمه الله مصنف هذا الكتاب: والرواية أوردها شيخنا أبو جعفر في نهايته، وقد اعتذرنا له فيما يورده في هذا الكتاب، أعني النهاية، في عدة مواضع، وقلنا أنه يورده إيرادا، من طريق الخبر، لا اعتقادا من جهة الفتيا والنظر، لأن الإجماع حاصل منعقد من أصحابنا، ومن المسلمين جميعا، أنه لا يجوز إقامة الحدود، ولا المخاطب بها إلا الأئمة، والحكام القائمون بإذنهم في ذلك، فأما غيرهم فلا يجوز له التعرض بها على حال، ولا يرجع عن هذا الإجماع، بأخبار الآحاد، بل بإجماع مثله، أو كتاب الله تعالى، أو سنة متواترة مقطوع بها.
فإن خاف الإنسان على نفسه من ترك إقامتها، فإنه يجوز له أن يفعل في حال التقية، ما لم يبلغ قتل النفوس فلا يجوز فيه التقية، عند أصحابنا بلا خلاف بينهم.
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج2 ص30: كتاب الديون والكفالات والحوالات والوكالات/ باب كراهية الدين و:
الولي لا يجب عليه قضاء دين من هو ولي له، بغير خلاف...
-السرائر- ابن إدريس ج2 ص 31، 32: كتاب الديون والكفالات والحوالات والوكالات/ باب كراهية الدين و:
وقد روي أنه إذا رأى صاحب الدين المدين...
في الحرم لم يجز له مطالبته فيه، ولا ملازمته، بل ينبغي أن يتركه حتى يخرج من الحرم، ثم يطالبه كيف شاء، ذكر ذلك، وأورده شيخنا أبو جعفر في نهايته.
وقال ابن بابويه في رسالته: وإذا كان لك على رجل حق فوجدته بمكة، أو في الحرم، فلا تطالبه، ولا تسلم عليه، فتفرعه، إلا أن تكون أعطيته حقك في الحرم، فلا بأس بأن تطالبه به في الحرم.
قال محمد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: الذي يقوى عندي، في تحرير هذا القول، وما ذكره وأورده شيخنا أبو جعفر في نهايته، أن يحمل الخبر، على أن صاحب الدين، طالب المدين خارج الحرم، ثم هرب منه والتجأ إلى الحرم، فلا يجوز لصاحب الدين مطالبته، ولا إفزاعه، فأما إذا لم يهرب إلى الحرم، ولا التجأ إليه خوفا من المطالبة، بل وجده في الحرم، وهو ملي بماله، موسر بدينه، فله مطالبته وملازمته، وقول ابن بابويه: إلا أن يكون أعطيته حقك في الحرم، فلك أن تطالبه في الحرم، يلوح بما ذكرناه، على ما حررناه، ولو كان ما روي صحيحا، لورد ورود أمثاله متواترا، والصحابة، والتابعون، والمسلمون في جميع الأعصار، يتحاكمون إلى الحكام في الحرم، ويطالبون الغرماء بالديون، ويحبس الحاكم على الامتناع من الأداء إلى عصرنا هذا، من غير تناكر بينهم في ذلك، وإجماع المسلمين على خلاف ذلك، ووفاق ما اخترناه وحررناه، وهذا معلوم ضرورة، أو كالضرورة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 33: باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت:
كل من كان عليه دين، وجب عليه قضاؤه حسب ما يجب عليه فإن كان حالا وجب عليه، قضاؤه عند المطالبة في الحال، إذا كان قادرا على أدائه، لا يجوز له تأخيره بعد المطالبة له، فإن كان في أول وقت الصلاة وصلى بعد المطالبة، فإن صلاته غير صحيحة، لأن قضاء الدين بعد المطالبة واجب مضيق، وأداء الصلاة في أول وقتها واجب موسع، وكل شيء منع من الواجب المضيق فهو قبيح، بغير خلاف من محصل، وإن كان الدين مؤجلا وجب عليه قضاؤه عند حلول الأجل مع المطالبة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 35: باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت:
ودليل الخطاب عند المحققين لأصول الفقه من أصحابنا غير معمول عليه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 35: باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت:
ولا يجوز أن تباع دار الإنسان التي يسكنها، ولا خادمه الذي يخدمه في الدين، إذا كان مقدار ما فيها كفايته، فإن كانت دار غلة، وكذلك إن كانت كبيرة واسعة، وله في دونها كفاية، ألزم بيعها، والاقتصار على كفايته منها، على ما قدمناه.
والمنع من بيع الدار والخادم في الدين، على ما روي في بعض الأخبار فإن تحقق إجماع من أصحابنا نرجع إليه، لا دليل عليه سوى الإجماع منهم.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 35، 36: باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت:
ومتى كان للإنسان على غيره دين فحلفه على ذلك، لم يجز له مطالبته بعد ذلك بشيء منه ظاهرا، فإن جاء الحالف تائبا، ورد عليه ماله، جاز له أخذه، فإن أعطاه مع رأس المال ربحا أخذ رأس ماله، ونصف الربح، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته.
وتحرير الفتيا بذلك، إن المال المحلف عليه إن كان قرضا، أو دينا، أو غصبا، فالربح للحالف، لا يستحق صاحب الدين منه، قليلا ولا كثيرا في الدين والقرض، لأن هذا ربح مال الحالف، لأن القرض والدين في ذمته، والربح له، دون القارض وصاحب الدين، بغير خلاف.
فأما إن كان المال غصبا، واشترى الغاصب المتاع بثمن في ذمته، ونقد الشيء المغصوب عوضا عما لزمه في ذمته، فالربح أيضا للغاصب، لأنه نماء ملكه وأرباحه.
وإن كان الشراء لا في الذمة، بل بعين المال المغصوب، فالصحيح من أقوال أصحابنا، وعند المحصلين منهم، أن البيع غير منعقد، ولا صحيح، والأمتعة لأصحابها، والأرباح والأثمان لأصحابها...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 37: باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت:
ومن وجب عليه دين، وغاب عنه صاحبه، غيبة لم يقدر عليه معها، وجب عليه أن ينوي قضاءه، على ما قدمناه، فإن حضرته الوفاة، سلمه إلى من يثق بديانته، وجعله وصيه في تسليمه إلى صاحبه، فإن مات من له الدين، سلمه إلى ورثته، فإن لم يعلم له وارثا، اجتهد في طلبه، فإن لم يجده، سلمه إلى الحاكم، فإن قطع على أنه لا وارث له، كان لإمام المسلمين، وقد روي أنه إذا لم يظفر بوارث له، تصدق به عنه، وليس عليه شيء، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته من طريق الخبر إيرادا، لا اعتقادا، لأن الصدقة لا دليل عليها، من كتاب، ولا سنة مقطوع بها، ولا إجماع، بل الإجماع والأصول المقررة لمذهبنا، تشهد بأن الإمام يستحق ميراث من لا وارث له.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 37: باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت:
وقال شيخنا أيضا في نهايته، في صدر السؤال: ومن وجب عليه دين، وغاب عنه صاحبه، غيبة لم يقدر عليه معها، وجب عليه أن ينوي قضاءه، ويعزل ما له من ملكه.
وهذا غير واجب، أعني عزل المال، بغير خلاف بين المسلمين، فضلا عن طائفتنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 38، 41: باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت:
ومن له على غيره مال، لم يجز له أن يجعله مضاربة، إلا بعد أن يقبضه، ثم يدفعه إليه، إن شاء للمضاربة والمضاربة لا تكون إلا بالأموال المعينة، ولا تكون بما في الذمم، لأن ما في الذمة غير معين ولا يتعين إلا بعد قبضه وتعيينه، لأن الإنسان مخير في جهات القضاء من سائر أمواله، وهذا إجماع منعقد من أصحابنا.
فعلى هذا التحرير الذي لا خلاف فيه، بيع الدين على غير من هو عليه، لا يصح، لأن البيوع على ضربين، بيوع الأعيان، وبيوع ما في الذمم، وبيوع الأعيان على ضربين، بيع عين مرئية مشاهدة، فلا يحتاج إلى وصفها، وبيع عين غير مشاهدة، يحتاج إلى وصفها، وذكر جنسها، وهذا البيع يسميه الفقهاء بيع خيار الرؤية، ولا بد أن يكون ملك جنسها في ملك البائع في حال عقد البيع، إلا أنها غير مشاهدة، فيصفها ليقوم وصفها مقام مشاهدتها، وهي غير مضمونة، إن هلكت قبل التسليم على البائع.
فبيع الدين بيع عين غير مشاهدة مرئية بغير خلاف...
فأما الضرب الآخر من البيوع الذي هو في الذمة، هو المسمى بالسلم، بفتح السين واللام، والسلف، فهذا مضمون على بايعه، يحتاج إلى الأوصاف، والآجال المحروسة من الزيادة والنقصان، إما بالسنين والأعوام، أو بالشهور والأيام، ومن شرط صحته قبض رأس المال الذي هو الثمن، قبل الافتراق من مجلس العقد، وبيع الدين ليس كذلك بغير خلاف.
فإن قيل: هذا خلاف إجماع الإمامية، وذلك أن إجماعهم منعقد بغير خلاف على صحة بيع الدين وإمضائه، وعموم أخبارهم على ذلك، وكذلك أقوالهم، وتصنيفاتهم، ومسطوراتهم، وفتاويهم.
قلنا: نحن ما دفعنا ذلك أجمع، وأبطلناه، بل نحن عاملون بمقتضاه، ومخصصون لما ناقض الدليل ونفاه، لأنه لا خلاف بين المحصلين لأصول الفقه، أن العموم قد يخص بالأدلة، وقد قلنا إن بيع الدين على من هو عليه جائز، صحيح، لا خلاف فيه، فقد عملنا بالإجماع، واتبعنا ظواهر الأقوال، والأخبار، والفتاوى، وما في التصنيفات، وأعطينا الظاهر حقه، وخصصنا ما عدا بيع من عليه الدين، بالأدلة المجمع عليها، المقررة المحررة عند أصحابنا، المقدم ذكرها، وهذا تحقيق لا يبلغه إلا محصل لأصول الفقه، ضابط لفروع المذهب، عالم بأحكامه محكم لمداره، وتقريراته، وتقسيماته، ومما يشيد ما حررناه، إجماع أصحابنا الذي لا خلاف فيه، وانعقاده على أن من كان له على غيره مال دينا، لم يجز له أن يجعله مضاربة، إلا بعد أن يقبضه، ويتعين في ملكه، ثم يدفع إليه إن شاء للمضاربة...
قولهم في باب بيع الديون والأرزاق: ومن كان له على غيره دين، جاز له بيعه نقدا، ويكره ذلك نسية، وأطلقوا القول بكراهية النسية، وهذا لا يجوز بالإجماع، لأنه إن كان الدين ذهبا، فلا يحل بيعه بذهب نسية، بغير خلاف...
قال محمد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: إن كان البيع للدين صحيحا ماضيا، لزم المدين أن يؤدي جميع الدين إلى المشتري، وإن كان قد اشتراه بأقل من الدين بأقل قليل، لأن الثمن قد يكون عندنا أقل قيمة من السلعة، مع علم البائع بغير خلاف، فدل هذا أجمع على فساد هذا البيع، وإبطال ما خالف ما ذكرناه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 42: باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت:
قال محمد بن إدريس رحمه الله: عند أصحابنا إن البيع المضمون، هو بيع السلف، فهو المضمون الذي هو في الذمة، لا بيع الأعيان، لأن البيع عندهم على الضربين، المقدم ذكرهما...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 43: باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت:
وأخبار الآحاد عندنا لا يعمل عليها، ولا يرجع في الأدلة إليها، لأنها لا تثمر علما، ولا توجب عملا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 43، 44: باب وجوب قضاء الدين إلى الحي والميت:
ومن شاهد مدينا له بفتح الميم، على ما قدمناه، قد باع ما لا يحل تملكه للمسلمين، من خمر، أو لحم خنزير، وغير ذلك، وأخذ ثمنه، جاز له أن يأخذ منه، فيكون حلالا له، ويكون ذنب ذلك على من باع، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته مطلقا، غير مقيد، والمراد بذلك أن يكون البائع الذي هو المدين، ممن أقرته الشريعة على ما يراه، من تحليل بيع الخمر، وهو أهل الكتاب، لأن ذلك حلال عندهم، ويجوز للمسلم قبض دينه منهم، إذا كان ثمن خمورهم، وخنازيرهم، وليس المراد بذلك، أن يكون الدين على مسلم، فيبيع المسلم الخمر، ويقبض المسلم من المسلم دينه منه، لأن بيع الخمر للمسلم حرام، وثمنه حرام، وجميع أنواع التصرفات فيها حرام على المسلمين، بغير خلاف بينهم، وعندنا أن الخمر ليست بمملوكة للمسلم، فكيف يجوز بيع غير المملوك، والبيع لغير المملوك لا ينعقد، ولا يملك الثمن، فكيف يكون حلالا له...
وأيضا قول الرسول عليه السلام: إن الله إذا حرم شيئا، حرم ثمنه، والخمر محرمة بالإجماع...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 45، 46: باب قضاء الدين عن الميت:
يجب أن يقضى الدين عن الميت من أصل التركة، وهو أول ما يبدأ به بعد الكفن المفروض، ثم تليه الوصية، ثم الميراث بعد ذلك أجمع، فإن أقيم بينة على ميت بمال، وكانت عادلة، وجب معها على من أقامها اليمين بالله، أن له ذلك المال حقا، ولم يكن الميت قد خرج إليه منه، فإذا حلف، كان له ما أقام عليه البينة، وحلف عليه، فإن امتنع عن اليمين، انصرف، ولم يكن له في ظاهر الحكم شيء، ولم تنفعه بينته، ولم يلزم الورثة اليمين، لأنه ما ادعى عليهم شيئا، فإن ادعى عليهم العلم بذلك، لزمهم أن يحلفوا أنهم لا يعلمون أن له حقا على ميتهم. فإن لم يكن للمدعي على الميت، إلا شاهد واحد، وكان عدلا، لزم المدعي أيضا اليمين معه، لأن الشاهد واليمين عندنا في المال جائز...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 47، 48: باب قضاء الدين عن الميت:
وإن لم يكن الشاهدان، أو شاهد الدين من الورثة عدولا، ألزموا في حصصهم بمقدار ما يصيبهم حسب ما روي ولا يلزمهم الدين على الكمال، مثال ذلك، إذا مات إنسان وخلف ابنين وتركة، فادعى أجنبي دينا على الميت، فأقر أحدهما بما ادعاه المدعي، وكان المقر غير مرضي، كان له نصف الدين في حصة المقر، وبذلك قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يأخذ من نصيب المقر جميع الدين، وقد استدل بعض أصحابنا، وهو شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله، على صحة مقالتنا، بأن قال:
دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وقال: وأيضا فإن المدعي وأحد الابنين قد اعترف بالدين على الميت، وإن الدين يتعلق بالتركة في حقه، وحق أخيه، بدليل أن البينة لو قامت به، استوفى منهما، فإذا كان كذلك كان تحقيق الكلام، لك علي وعلى أخي، ولو قال هذا لم يجب عليه من حقه، إلا نصف الدين([4])...
وإلحاق ذلك بإقرار بعض الورثة بوارث، قياس وهو عندنا باطل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 48، 50: باب قضاء الدين عن الميت:
وإن قتل إنسان وعليه دين، وجب أن يقضي ما عليه من ديته، سواء كان قتله عمدا أو خطاءا، فإن كان ما عليه محيطا بديته، وكان قد قتل عمدا، لم يكن لأوليائه القود، إلا بعد أن يضمنوا الدين عن صاحبهم، فإن لم يفعلوا ذلك، لم يكن لهم القود على حال، وجاز لهم العفو بمقدار ما يصيبهم، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته.
والذي تقتضيه أصول مذهبنا، وما عليه إجماع طائفتنا، إن قتل العمد المحض موجبه القود فحسب، دون التملك، والله تعالى قال في محكم التنزيل: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} وقال تعالى: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} ولا يرجع عن هذه الأدلة بأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا. والأولى أن يخص ما ورد من الأخبار بقتل الخطأ، لأن قتل الخطأ يوجب المال بغير خلاف، دون القود، وكأنما الميت خلف مالا، أو استحق بسببه مال، فيقضي به دينه...
وأيضا فصاحب الدين لا يستحق إلا ما يخلف الميت من الأموال، وكان مملوكا له في حياته، أو مالا مستحقا بسببه، على ما قلناه في قتل الخطأ، لأجل الإجماع، والأخبار على قتل الخطأ، لأن موجبه المال...
فإن قيل: قد قال في الخبر، فأخذ أهله الدية من قاتله، ولو كان القتل خطأ محضا، ما أخذوا الدية من قاتله، بل كانوا يأخذونها من عاقلته دونه، بغير خلاف.
قلنا: يأخذونها أيضا عندنا من القاتل، في القتل العمد شبيه الخطأ، دون العاقلة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 52: باب قضاء الدين عن الميت:
ثم قال شيخنا أيضا في مبسوطه: وإذا وجد الرجل قتيلا في داره، وفي الدار عبد المقتول، كان لوثا على العبد، وللورثة أن يقسموا، أو يثبتوا القتل على العبد، ويكون فائدته، أن يملكوا قتله عندنا، إن كان عمدا([5])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 52: باب قضاء الدين عن الميت:
قال محمد بن إدريس: فإذا مات، ورث وارثه ما كان يستحقه من القصاص، لأنه لا خلاف في أن الوارث يستحق ما كان يستحقه مورثه، من جميع الحقوق، فمن منع ذلك يحتاج إلى دليل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 53: باب قضاء الدين عن الميت:
وقال في مسائل الخلاف: مسألة، من مات وعليه دين مؤجل، حل عليه بموته، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، ومالك، وأكثر الفقهاء، إلا الحسن البصري، فإنه قال: لا تصير المؤجلة حالة بالموت، فأما إذا كانت له ديون مؤجلة، فلا تحل بموته، بلا خلاف، إلا رواية شاذة، رواها أصحابنا أنها تصير حالة، ثم قال: دليلنا على بطلان مذهب الحسن البصري إجماع الفرقة، بل إجماع المسلمين، لأن خلافه قد انقرض، وهو واحد لا يعتد لشذوذه([6]).
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 55: باب بيع الديون والأرزاق:
الدين لا يخلو إما أن يكون مؤجلا، أو حالا، فإن كان مؤجلا، فلا يجوز بيعه بغير خلاف على غير من هو في ذمته، فأما إن كان حالا فلا يجوز بيعه بدين آخر، لا ممن هو عليه، ولا من غيره بغير خلاف أيضا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 56: باب بيع الديون والأرزاق:
قال محمد بن إدريس: قوله رحمه الله، ومن باع الدين بأقل مما له على المدين، لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشتري من المال، طريف عجيب، يضحك الثكلى، وهو أنه إذا كان الدين ذهبا، كيف يجوز أن يبيعه بذهب أقل منه، أو إن كان فضة، فكيف يجوز أن يبيعه بفضة أقل منه أو إن كان ذهبا فباعه بفضة، أو فضة فباعه بذهب، كيف يجوز انفصالهما من مجلس البيع، إلا بعد أن يتقابضا بالمبيع والثمن، يقبض البايع الثمن والمشتري المثمن، فإن هذا لا خلاف فيه بين طائفتنا، بل لا خلاف فيه بين المسلمين.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 57: باب المملوك يقع عليه الدين ما حكمه:
المملوك إذا لم يكن مأذونا له في الاستدانة، ولا في التجارة، فكل دين يقع عليه، لم يلزم مولاه شيء منه، ولا يستسعى المملوك أيضا في شيء منه، بغير خلاف، بل يتبع به إذا لحقه العتاق.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 57: باب المملوك يقع عليه الدين ما حكمه:
وقال في مبسوطه: إذا كان العبد مأذونا له في التجارة نظر، فإن أقر بما يوجب حقا على بدنه، قبل عندهم، وعندنا لا يقبل([7])…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 60: باب القرض وأحكامه:
لأن المستقرض عندنا يملك القرض بالقبض، بغير خلاف بيننا…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 60: باب القرض وأحكامه:
وقال في مبسوطه: لا يجوز إقراض ما لا يضبط بالصفة.
والصحيح إن ذلك يجوز، لأنه لا خلاف بين أصحابنا، في جواز إقراض الخبز، وإن كان لا يضبط بالصفة، لأنهم أجمعوا أن السلم لا يجوز في الخبز، لأن السلف لا يجوز فيما لا يمكن ضبطه بالصفة، والخبز لا يضبط بالصفة.
وقال شيخنا رحمه الله أيضا في مبسوطه: يجوز استقراض الخبز إن شاء وزنا، وإن شاء عددا، لأن أحدا من المسلمين لم ينكره، ومن أنكره من الفقهاء، خالف الإجماع، هذا آخر قول شيخنا في مبسوطه…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 61: باب القرض وأحكامه:
ولا خلاف أن الزكاة تجب على أرباب الأموال، دون غيرهم…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 62: باب القرض وأحكامه:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإن أعطاه الغلة، يريد بذلك مكسرة الدراهم، وأخذ منه الصحاح، شرط ذلك، أو لم يشرط، لم يكن به بأس.
وهذا غير واضح، لأنه لا خلاف بين أصحابنا، أنه متى اشترط زيادة في العين والصفة، كان باطلا، والإجماع حاصل منعقد على هذا…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 64: باب الصلح:
وروي عن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال: الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا وعليه إجماع المسلمين.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 65: باب الصلح:
ولأجل ذلك ذكر شيخنا أبو جعفر رحمه الله في مسائل الخلاف، في الجزء الثاني في كتاب الصلح: مسألة، إذا أتلف رجل على غيره ثوبا يساوي دينارا، فأقر له به، وصالحه على دينارين، لم يصح ذلك، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة يجوز ذلك، قال شيخنا: دليلنا، أنه إذا أتلف عليه الثوب، وجبت في ذمته قيمته، بدلالة أن له مطالبته بقيمته، فالقيمة هاهنا دينار واحد، فلو أجزنا أن يصالحه على أكثر من دينار، كان بيعا للدينار بأكثر منه، وذلك ربا لا يجوز.
قال محمد بن إدريس رحمه الله مصنف هذا الكتاب: هذه المسألة بناها شيخنا على مذهب الشافعي، لأن الشافعي يقول أن الصلح فرع البيع، فذهب إلى قول الشافعي في هذه المسألة، والصحيح خلاف ذلك، وأنه يجوز الصلح على الثوب المذكور بالدينارين، بغير خلاف، بين أصحابنا الإمامية.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 67: باب الصلح:
ولا خلاف أن من كان بيده شيء، حكم له بالملك، ولا يخرج من يده بمجرد دعوى غيره عليه، إلا بالبينة العدول.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 69: باب الصلح:
لأن الإجماع منعقد على أن كل أمر ملتبس مشكل، فيه القرعة…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 69، 70: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
الضمان جائز، للكتاب والسنة والإجماع وهو عقد قائم بنفسه، ومن شرطه، رضا المضمون له، ورضا الضامن، فأما رضا المضمون عنه، فليس من شرط صحة انعقاده، بل من شرط استقراره ولزومه، لأن المضمون عنه إذا لم يرض بالضمان لم يصح على ما رواه وأورده بعض أصحابنا.
والصحيح أنه يستقر ويلزم لأن بالضمان ينتقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن بلا خلاف بينهم، وكذلك لو سلمه إليه وقضاه إياه لزم واستقر بلا خلاف فبرئ المضمون عنه بالإجماع ولم يبق للمضمون له مطالبة المضمون عنه، ويلزم من قال بالأول المصير إلى مذهب المخالفين، من أن الضمان لا ينقل المال، بل المضمون له مخير بين مطالبة المضمون عنه، ومطالبة الضامن والضمان عند أصحابنا بغير خلاف بينهم ينقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن ولا يكون للمضمون له أن يطالب أحدا غير الضامن، ولا يصح ضمان ما لم يجب في ذمة المضمون عنه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 71: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
ومتى أدى الضامن الدين، سقط عنه الضمان، وهل يرجع على المضمون عنه أم لا؟ فيه أربع مسائل:
إحداها أن يكون قد ضمن بأمر من عليه الدين، وأدى بأمره. والثانية أنه لم يضمن بأمره، ولم يؤد بأمره. الثالثة أن يكون ضمن بأمره، وأدى بغير أمره. الرابعة أن يكون ضمن بغير أمره، وأدى بأمره.
فإذا ضمن بأمره، وقضى بأمره، فإنه يرجع عليه به بلا خلاف. وأما إذا ضمن بغير إذنه، وأدى بغير إذنه، وأمره، فإنه يكون متبرعا بذلك، فلا يرجع عليه بغير خلاف بين أصحابنا…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 71، 72: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
وأما إذا ضمن عنه بإذنه، وأدى بغير إذنه، فإنه يلزمه، لأنا قد بينا أنه بنفس الضمان انتقل الدين إلى ذمته، فلا يحتاج في قضائه إلى إذنه، بمقدار ما أدى الضامن، إن كان بمقدار الحق، وإن كان ما أدى أنقص من الحق، فلا يلزمه إلا بمقدار المؤدى فحسب، وبه وردت الأخبار عن الأئمة الأطهار.
فمن ذلك ما أورده شيخنا أبو جعفر في كتاب تهذيب الأحكام في باب الصلح، محمد بن خالد، عن ابن بكير، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ضمن ضمانا، ثم صالح على بعض ما صالح عليه، قال: ليس له إلا الذي صالح عليه.
وأيضا فشيخنا أبو جعفر قد حققه في مبسوطه، وذهب إليه.
وأيضا فالمضمون عنه أمر الضامن بالضمان عنه، فقد جعله كالوكيل له في قضاء دينه، وإن لم يكن وكيلا بماله على الحقيقة، فهو كالوكيل، فيده نائبة عن يد موكله، ولا يرجع الوكيل على موكله، إلا بما غرمه وصالح عليه فحسب، فأما إذا كان زائدا على مقدار الدين، فلا يلزمه بغير خلاف، وإن كان على مذهبنا، المال قد انتقل بالضمان من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن، فهو المطالب به بسبب المضمون عنه، فما أدى عنه رجع عليه به.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 72: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
لأن النفقة تجب عندنا بالتمكين من الاستمتاع، لا بمجرد العقد...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 72: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
لأن ضمان المجهول على الصحيح من المذهب، وعند المحصلين من الأصحاب، لا يصح...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 74: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
لأنا قد بينا إن بالضمان عند أصحابنا، ينتقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن، فليس له مطالبة المضمون عنه بحال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 74: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
وأصحابنا يعتبرون في صحة الضمان، أن يكون الضامن مليا بما ضمن وقت الضمان، أو غير ملي مع علم المضمون له بذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 77: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
كفالة الأبدان عندنا تصح إلا أنه لا تصح إلا بإذن من تكفل عنه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 78: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
والحوالة عقد من العقود، يجب الوفاء به، لقوله تعالى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} ووجوب الوفاء به يدل على جوازه، وأجمعت الأمة على جواز الحوالة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 79: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
فإذا ثبت ذلك، فالحوالة متعلقة بثلاثة أشخاص، محيل، ومحتال، ومحال عليه، والثلاثة يعتبر رضاهم في صحة عقد الحوالة، لأنه إذا حصل رضا هؤلاء أجمع، صحت الحوالة بلا خلاف، وإذا لم يحصل، فيه خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 79: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
إذا أحاله بدينه على من له عليه دين، فلا خلاف في صحة الحوالة، فأما إذا أحاله على من ليس له عليه دين، فإن ذلك لا يصح عند المخالف، ولا خلاف في صحة ذلك عند أصحابنا معشر الإمامية، فإذا ثبت ذلك، تحول الحق من ذمة المحيل، إلى ذمة المحال عليه، إجماعا إلا زفر...
إلا أن أصحابنا يعتبرون ملاءة المحال عليه، وقت الإحالة، الملاءة، بفتح الميم، والمد، أو علم المحال له، بإعساره، كما اعتبروا ذلك في الضامن على ما قدمناه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 80: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
وقوله رضي الله عنه في آخر الكلام والباب: ومتى لم يبرء المحال له، بالمال المحيل، في حال ما يحيله، كان له أيضا الرجوع عليه، أي وقت شاء، لا وجه له، لأن الحوالة عقد قائم بنفسه، عند أصحابنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 81: باب الكفالات والضمانات والحوالات:
إذا أحال رجلا على رجل بالحق، وقبل الحوالة، وصحت، تحول الحق من ذمة المحيل، إلى ذمة المحال عليه، وبه قال جميع الفقهاء([8])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 81: باب الوكالة:
الوكالة جائزة، بغير خلاف بين الأمة، فإذا ثبت جواز الوكالة، فالكلام بعده، في بيان ما يجوز التوكيل فيه، وما لا يجوز.
أما الطهارة، فلا يجوز التوكيل فيها، وإنما يستعين بغيره، في صب الماء عليه، على كراهية فيه عند أصحابنا، فأما غسل أعضائه، فعندنا لا يجوز ذلك، مع القدرة، فأما مع العجز، فإنه يجوز، وينوي عند هذا الحال هو بنفسه رفع الحدث، وذلك ليس بتوكيل، وإنما هو استعانة على فعل عبادة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 81، 82: باب الوكالة:
وأما الزكاة، فيصح التوكيل في إخراجها عنه، بغير خلاف، وفي تسليمها إلى أهل السهمان وقال بعض أصحابنا: ويجوز من أهل السهمان التوكيل في قبضها، وقال ابن البراج من أصحابنا: لا يجوز ذلك، وهو الذي يقوى في نفسي، لأنه لا دليل عليه، فمن ادعاه، فقد أثبت حكما شرعيا، يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي، ولا دلالة له، وأيضا فالذمة مرتهنة بالزكاة، ولا خلاف بين الأمة أن بتسليمها إلى مستحقها، تبرأ الذمة بيقين، وليس كذلك، إذا سلمت إلى الوكيل، لأن الوكيل ليس هو من الثمانية الأصناف، بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 83، 84: باب الوكالة:
والطلاق يصح التوكيل فيه كما قلناه، سواء كان الموكل حاضرا، أو غائبا، بغير خلاف بين المسلمين، إلا رواية شاذة رويت من جهة أصحابنا، لا يلتفت إليها، ولا يعرج عليها، لأنه لا خلاف بينهم، أنه إذا خيف شقاق بنيهما، بعث الحاكم رجلا من أهل الزوج، ورجلا من أهل المرأة، يدبران الأمر في الإصلاح بينهما، وليس لهما الفراق، إلا أن يكون الزوج، قد وكل فيه من بعثه، فحينئذ يصح طلاقه ووكالته فيه، مع حضور موكله بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 85: باب الوكالة:
وأما الشهادات، فتصح الاستنابة فيها، على وجه مخصوص، وتكون شهادة على شهادة، وذلك عندنا ليس بتوكيل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 85: باب الوكالة:
فإذا ثبت ذلك فجملة الأمر، من يحصل في يده مال الغير، ويتلف فيها، على ثلاثة أضرب، ضرب لا ضمان عليهم، بلا خلاف، وضرب عليهم الضمان، وضرب فيه خلاف.
فالذين لا ضمان عليهم، فهم الوكيل، والمرتهن، والمودع، والشريك، والمضارب، والوصي، والحاكم، وأمينه، والمستأجر، والمستعير، عندنا، فإذا تلف مال الغير في أيديهم، من غير تفريط، وتعد منهم، فلا ضمان عليهم...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 86: باب الوكالة:
والذي تقتضيه أصولنا، أن المستام لا ضمان عليه، إذا لم يفرط، لأنه أخذه بإذن صاحبه، وعن أمره، ولأن الأصل، براءة الذمة فمن شغلها بشيء يحتاج إلى دليل قاهر، فأما إن ادعى الرد، فيحتاج إلى بينة.
فأما ما أورده شيخنا في مبسوطه، فهو مذهب المخالفين، بناءا منه أن المستعير ضامن، بنفس العارية، من غير شرط، قاسوا المستام على المستعير، والمستعير عندنا لا ضمان عليه، إلا بالشرط، ثم القياس عندنا باطل غير معمول عليه، والمستام أخذ الشيء بإذن صاحبه واختياره، فهو أمين، وسبيله سبيل الأمناء، لا ضمان عليه إلا بالتفريط، فليلحظ ذلك، فأما في الرد، فأنه يحتاج إلى بينة، على ما قدمناه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 86: باب الوكالة:
وأما المختلف فيه فهو الصناع الذين يتقبلون الأعمال، مثل القصار، والصباغ، والحائك، وغيرهم، فإذا تلف المال الذي تسلموه للعمل في أيديهم، فهل عليهم الضمان، أم لا؟ قيل: فيه قولان، أحدهما يلزمهم، تعدوا فيه، أو لم يتعدوا، الثاني لا ضمان عليهم، إلا أن يتعدوا. وكلا الوجهين رواه أصحابنا والأخير هو الأظهر بين الطائفة، والأصح من القولين، والمعمول عليه عند المحصلين، لأن هؤلاء سبيلهم سبيل الأمناء، لأن الإنسان يستأمن الصانع، ويسلم ماله إليه، ولا خلاف أن الأمين لا ضمان عليه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 86، 87: باب الوكالة:
وجميع من يحصل بيده مال من وكيل، سواء كان بجعل، أم غير جعل، ومضارب، ومستام، وأجير، مشتركا كان، أو غير مشترك، ومرتهن، ومستعير، وراع، وأمين، وملتقط، إذا ادعوا رد الشيء الذي حصل بأيديهم، إلى مالكه وصاحبه، فلا يقبل قولهم في ذلك إلا ببينة، وإن كان يقبل قولهم في التلف، على ما قدمناه، إلا المودع فحسب، فإنه يقبل قوله في التلف، وفي الرد، بلا خلاف، للإجماع، والباقون يحتاجون في الرد إلى بينة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 87: باب الوكالة:
والذي يقوى في نفسي، أنه لا يمنع من وكالة الكافر مانع، في التزويج المذكور، لأنا لا نعتبر العدالة في الوكيل، بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 88: باب الوكالة:
ولهذا أجمع المسلمون، على أن الغائب إذا وكل رجلا، ثم بلغ الوكيل ذلك بعد مدة، فقبل الوكالة، انعقدت...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 89، 90: باب الوكالة:
والوكالة يعتبر فيها شرط الموكل، فإن شرط أن يكون في خاص من الأشياء، لم تجز فيما عداه، وإن شرط أن تكون عامة، قام الوكيل مقام الموكل على العموم، حسب ما قدمناه، بغير خلاف بين أصحابنا، وبذلك تواترت الأخبار عن الأئمة الأطهار، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته.
وقال في مبسوطه ومسائل خلافه:
مسألة، إذا وكل رجل رجلا، في كل قليل وكثير، لم يصح ذلك، ثم قال: دليلنا أن في ذلك غررا عظيما، لأنه ربما لزمه بالعقود، ما لا يمكنه الوفاء به وما يؤدي إلى ذهاب ماله، مثل أن يزوجه بأربع حراير، ثم يطلقهن قبل الدخول، فيلزمه نصف مهورهن، ثم يتزوج بأربع آخر، ثم على هذا أبدا ويشتري له من الأرضين، والعقارات، وغيرها، ما لا يحتاج إليه وفي ذلك غرر عظيم، فما يودي إليه فهو باطل، ثم قال: وأيضا، فلا دلالة على صحة هذه الوكالة في الشرع هذا آخر كلامه رحمه الله في مسائل الخلاف.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: لا دلالة فيما أحتج به رحمه الله، لأن الوكيل لا يصح فعله إلا فيما فيه صلاح لموكله، وكل ما لا صلاح فيه لموكله، فلا يلزمه منه شيء، وأنه باطل غير صحيح، بغير خلاف، فعلى هذا التحرير لا غرر فيما أورده.
وقوله رحمه الله: لا دليل على صحة هذه الوكالة في الشرع، باطل، لأن الدليل حاصل، وهو إجماع أصحابنا المنعقد على صحة ذلك، وهو أيضا قائل به في نهايته، والأخبار المتواترة أيضا دليل على صحة ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 90، 91: باب الوكالة:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وللمسلم أن يتوكل للمسلم على أهل الإسلام، وأهل الذمة، ولأهل الذمة على أهل الذمة خاصة، ولا يتوكل للذمي على المسلم.
وقال بكراهة ذلك في مبسوطه، قال: يكره أن يتوكل المسلم لكافر على مسلم، وليس بمفسد للوكالة، هذا آخر كلامه رحمه الله.
وكذلك قال في مسائل خلافه، وهو الأظهر، لأنه لا دليل على تحريمه. فإن تمسك متمسك بقوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}.
قلنا: المسلم الذي هو الوكيل ليس بكافر. وأيضا لا خلاف أن للذمي الذي هو الموكل، المطالبة للمسلم، بما له عليه من الحق، فله عليه سبيل، لأنه الذي جعل له عليه سبيلا، أعني المسلم الذي عليه الحق، فللوكيل المسلم، ما لموكله من المطالبة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 94: باب الوكالة:
فأما إذا لم يدع الوكالة، ولا قال للمرأة إنه وكيل فلان، بل عقد للرجل عليها، فالنكاح موقوف عندنا على الإجازة، فإن رضي الذي عقد له على المرأة، كان النكاح ماضيا، ولزم المعقود له النكاح، والمهر جميعا، وإن لم يرض بالعقد، كان النكاح مفسوخا، ولم يلزم العاقد شيء من المهر، لأنه ما غر المرأة، ولا ادعى الوكالة في العقد...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 94، 95: باب الوكالة:
فإن عقد له على التي أمره بالعقد عليها، ثم أنكر الموكل أن يكون أمره بذلك، ولم يقم للوكيل بينة بوكالته بالعقد، لزم الوكيل أيضا نصف المهر المسمى...
ولو قيل في ذلك أن الوكيل يلزمه المهر المسمى كملا، لأنه يجب بالعقد جميعه، ويسقط نصفه بالطلاق، قبل الدخول، بغير خلاف بين الأمة، لكان قويا ظاهرا، وهذا لم يطلق قبل دخوله، فيسقط عنه نصفه، وبهذا أفتي، وعليه أعتمد، لأنه الذي يقتضيه أصولنا، وتشهد به أخبارنا، وأدلتنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 95، 96: باب الوكالة:
ومن وكل غيره في أن يطلق عنه امرأته، جاز طلاق الوكيل، سواء كان الموكل حاضرا أو غائبا، على الصحيح من المذهب، لأنه لا خلاف بين المسلمين في جواز الوكالة للحاضر والغائب، في جميع ما يجوز الوكالة فيه، فمن خصص ذلك، يحتاج إلى دليل.
وقال شيخنا في نهايته: ومن وكل غيره في أن يطلق عنه امرأته، وكان غائبا جاز طلاق الوكيل، وإن كان شاهدا، لم يجز طلاق الوكيل. وهذا خبر واحد، أورده في نهايته إيرادا، لا اعتقادا، على ما كررنا القول في ذلك، وهو من أضعف أخبار الآحاد رواية جعفر بن سماعة وهو فطحي المذهب لم يورد شيخنا في الاستبصار غيره، مخالفا لجميع الأخبار التي أوردها في الكتاب المذكور، فإن جميع الأخبار مطلقة عامة، في جواز الوكالة في الطلاق، متواترة بذلك...
قال محمد بن إدريس: الخبر الذي أورده عن ابن سماعة، عن جعفر بن سماعة، ليس فيه هذا التفصيل، وإنما هو مطلق، في أنه لا يجوز الوكالة في الطلاق، وظاهره مخالف لإجماع المسلمين قاطبة، وما هذا حاله، لا يلتفت إليه، ولا يعرج عليه.
مع إنا قد بينا، أن أخبار الآحاد، لا يلتفت إليها، ولا يعرج عليها، لأنها لا توجب علما ولا عملا، وأصحابنا قديما وحديثا لا يعملون بها، ويزرون ويعيبون أشد عيب على العاملين بها، من أهل الخلاف.
وأيضا فلا خلاف بيننا معشر الشيعة الإمامية، أن حال الشقاق، وبعث الحكمين، إن الرجل إذا وكل الحكم الذي هو من أهله في الطلاق، وطلق، مضى طلاقه، وجاز، وإن كان الموكل حاضرا في البلد، بغير خلاف بين أصحابنا في ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 96، 97: باب الوكالة:
وتخصيص العموم عند المحصلين لأصول الفقه، لا يكون إلا بأدلة قاطعة للأعذار، إما من كتاب، أو سنة متواترة، أو أدلة العقول، أو إجماع...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 97: باب الوكالة:
وقال شيخنا في مسائل خلافه: البكر البالغة الرشيدة، يجوز لأبيها أن يقبض مهرها، بغير أمرها، ما لم تنهه عن ذلك.
وهذا ليس بواضح، لأن الزوج لا تبرأ ذمته بتسليمه، ولا يجبر على ذلك، لأنه يكون قد سلمه إلى غير من وكلته في القبض، ولا إلى من ولته في قبض أموالها، ولا له عليها ولاية في أموالها، بغير خلاف بين أصحابنا في ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 98: باب الوكالة:
وإذا كان لرجل على غيره دين، فجاء آخر، فادعى أنه وكيله في المطالبة، وأنكر ذلك الذي عليه الدين، فإن كان مع الوكيل بينة، أقامها، وحكم له بها، وإن لم يكن معه بينة، وطالب من عليه الدين باليمين، لا يجب عليه، فإن ادعى عليه علمه بذلك، لزمته اليمين، فإن نكل عنها، ردت على المدعي، فإذا حلف ثبت وكالته، لأن عندنا اليمين مع النكول، بمنزلة البينة...
لأن إقرار العقلاء جائز على نفوسهم، فيما يوجب حكما في شريعة الإسلام، بغير خلاف بيننا، إلا ما خرج بالدليل، من إقرار العبيد.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 99: باب الوكالة:
وإذا اشترى الوكيل السلعة بثمن مثلها، فإن ملكها يقع للموكل، من غير أن يدخل في ملك الوكيل، بدليل أنه لو وكله في شراء من ينعتق عليه، لم يعتق على الوكيل، فلو كان الملك، قد انتقل إلى الوكيل، لوجب أن يعتق عليه، فلما أجمعنا على أنه لا يعتق على الوكيل لو اشترى من ينعتق عليه إذا اشتراه لنفسه، دل على أنه لا ينتقل الملك إلى الوكيل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 102، 103: باب اللقطة:
وجميع النماء المنفصل والمتصل بعد الحول في هذا الضرب يكون لمن وجدها، دون صاحبها، لأنه بعد الحول صارت كسبيل ماله، ولصاحبها قيمتها فحسب، فهو في هذا الضرب بين خيرتين، بين أن يتصدق بها بعد السنة وتعريفها، ويكون ضامنا لقيمتها بعد الحول، إذا جاء صاحبها ولم يرض بفعله، وبين أن يجعلها كسبيل ماله، ويضمن قيمتها لصاحبها بعد السنة والتعريف.
وإلى هذا يذهب شيخنا في نهايته وهو مذهب أصحابنا أجمع، وبه تواترت أخبارهم.
وذهب شيخنا في مسائل خلافه، إلى أن لقطة غير الحرم، يعرفها سنة، ثم هو مخير بعد السنة، بين ثلاثة أشياء، بين أن يحفظها على صاحبها، وبين أن يتصدق بها عنه، ويكون ضامنا إن لم يرض صاحبها بذلك، وبين أن يتملكها ويتصرف فيها، وعليه ضمانها إذا جاء صاحبها. فهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة، اختاره هاهنا، لأن بينهما خلافا في لقطة الفقير والغني، والصحيح الحق اليقين، إجماع أصحابنا، على أنه بعد السنة يكون كسبيل ماله، أو يتصدق بها بشرط الضمان...
ولا خلاف بين أصحابنا في وجوب التعريف في مدة السنة، فدل هذا أجمع، على أن الذي اختاره شيخنا في الجزء الثاني، مذهب الشافعي، وأن مذهبنا، وقول أصحابنا ورواياتهم، بخلاف ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 104: باب اللقطة:
ولا يجوز التصرف في اللقط قبل مضي السنة، فإن تصرف كان مأثوما ضامنا إن هلكت، بغير خلاف، في أي موضع التقطها، حرما كان أو غيره.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 105: باب اللقطة:
ومتى اشترى بمال اللقطة جارية، ثم جاء صاحبها، فوجدها بنته، لم يلزمه أخذها، وكان له أن يطالبه بالمال الذي اشترى به ابنته، لأنه ما وكله في شرائها، فلا تحصل هذه البنت في ملكه، فتكون قد انعتقت عليه، بل هي حاصلة في ملك الغير، وهو ضامن لما له الذي وجده، لأنه إن كان اشتراها بالمال قبل السنة وتعريفه، فإن الشراء غير صحيح، لأنه بعين المال الذي لا يجوز له التصرف فيه، فإن كان اشتراها في الذمة، ونقده، فالشراء صحيح، ويقع ملك الجارية للمشتري، دون صاحب المال، فلا تنعتق على صاحب المال الذي هو أبوها، لأنها ما دخلت في ملكه بحال، وإن كان اشتراها بعد السنة، وتعريف المال بعينه، أو في الذمة، فالشراء صحيح، والملك يقع أيضا للمشتري، دون الأب الذي هو صاحب المال، فعلى جميع الأحوال، ما دخلت في ملك الأب، حتى تنعتق عليه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: فإن أجاز شراءه، انعتقت بعد ذلك، ولم يجز له بيعها.
وهذا غير واضح، ولا مستقيم، لأن البيع على الصحيح من المذهب لا يقف عندنا على الإجازة، وهذا مذهب شيخنا في مسائل الخلاف، وهو الحق اليقين، وإن كان قد جوزه في نهايته، فقد رجع عنه في مسائل خلافه.
فإن أراد الأب عتقها وملكها، فيحتاج أن يشتريها منه بما له في ذمته، فعند الشراء تنعتق على الأب بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 108: باب اللقطة:
لأنا بغير خلاف بيننا مجمعون على أن ميراث من لا وارث له، لإمام المسلمين، وكذلك ولاؤه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 110: باب اللقطة:
ولا تدخل الأمة في العبد، بل لو وجد إنسان أمة، لم يكن حكمها حكم العبد، لأن القياس عندنا باطل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 112: باب اللقطة:
وأخذ اللقطة عند أصحابنا على الجملة مكروه، لأنه قد روي في الأخبار أنه لا يأخذ الضالة إلا الضالون.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 115: كتاب الشهادات:
فأما حقوق الله تعالى فجميعها لا مدخل لشهادة النساء، ولا للشاهد مع اليمين فيها، وهي على ثلاثة أضرب، ما لا يثبت إلا بأربعة، وهو الزنا، واللواط، والسحق، وقد روى أصحابنا، أن الزنا يثبت بثلاثة رجال وامرأتين، وبرجلين وأربع نسوة، ونشرح ذلك عند المصير إليه إن شاء الله.
والثاني ما لا يثبت إلا بشاهدين، وهو الردة، والسرقة، وحد الحر في شرب المسكر، وكذا العبد فيه سواء عندنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 116: كتاب الشهادات:
وليس عندنا عقد من العقود، من شرطه الشهادة، وعند مخالفينا كذلك إلا النكاح وحده عندهم، وعندنا ليس من شرطه الشهادة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 116: كتاب الشهادات:
يحكم بالشاهد واليمين في الأموال عندنا، سواء كان المال دينا أو عينا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 116، 117: كتاب الشهادات:
تقبل عندنا شهادة القاذف، إذا تاب وأصلح...
ويجوز للحاكم عندنا أن يقول لإنسان: تب أقبل شهادتك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 117، 118: كتاب الشهادات:
وقال رحمه الله: وإنما اعتبرنا الأغلب في الصغائر، لأنا لو قلنا أنه لا تقبل شهادة من واقع اليسير من الصغائر أدى ذلك إلى أن لا تقبل شهادة أحد، لأنه لا أحد ينفك من مواقعة بعض المعاصي.
قال محمد بن إدريس، رحمه الله: وهذا القول لم يذهب إليه رحمه الله، إلا في هذا الكتاب، أعني المبسوط، ولا ذهب إليه أحد من أصحابنا، لأنه لا صغائر عندنا في المعاصي، إلا بالإضافة إلى غيرها...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 118: كتاب الشهادات:
فأما شهادة أهل الصنايع الدنية، كالحارس، والحجام، والحايك، والزبال، وما أشبه ذلك، فعندنا أن شهادتهم مقبولة، إذا كانوا عدولا في أديانهم...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 120: كتاب الشهادات:
الغناء من الصوت ممدود، ومن المال مقصور، فإذا ثبت هذا، فالغناء عندنا محرم، يفسق فاعله، وترد شهادته، فأما ثمن المغنيات، فليس بحرام إجماعا، لأنها تصلح لغير الغناء.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 120: كتاب الشهادات:
فأما شهادة المختبي فمقبولة عندنا، وهو إذا كان على رجل دين، يعترف به سرا ويجحده جهرا، فاحتال صاحب الدين، فخبا له شاهدين، يسمعانه، ولا يراهما، ثم جاراه، فاعترف به، وسمعاه، وشهدا به، صحت الشهادة عندنا، وخالف في ذلك شريح فقط.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 121: كتاب الشهادات:
ولا يجوز شهادة من يبتغي على الأذان الأجر، فأما أخذ الرزق عليه دون الإجارة فجائز، ويكون ذلك من بيت المال، وكذلك على القضاء. ولا يحل لأحد الأجرة عليهما بحال، فأما الجهاد فيجوز عندنا أخذ الأجرة عليه، لما رواه أصحابنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 122: كتاب الشهادات:
ولا يجوز شهادة ولد الزنا، لأنه عند أصحابنا كافر، بإجماعهم عليه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 126: كتاب الشهادات:
إذا كان هناك خلق قد تحملوا الشهادة، فالأداء واجب عليهم. فكل من دعي منهم لإقامتها، وجب عليه ذلك لقوله تعالى: {وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ} فإذا حضر الشاهد، فلا يجوز له أن يشهد إلا على من يعرفه، فإن أراد أن يشهد على من لا يعرفه، فليشهد بتعريف من يثق إلى ديانته، من رجلين عدلين عند أصحابنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 127: كتاب الشهادات:
ولا خلاف أن الفرع يثبت بشهادة الأصل بلا شبهة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 128: كتاب الشهادات:
وأيضا الحاكم إذا رجع الشاهد، قبل الحكم بشهادته، لم يحكم بها بغير خلاف.
وأيضا الأصل أن لا حكم ولا شهادة، وبقاء الأموال على أربابها، وهذا حكم شرعي، فمن ادعى إثباته، يحتاج إلى دليل شرعي ولا دليل على ذلك من كتاب الله تعالى، ولا سنة مقطوع بها، ولا إجماع، والأصل معنا، وهو نفي الأحكام الغير المعلومة بأدلة العقول، إلى أن يقوم دليل سمعي على إثباتها. وأيضا قوله: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} يشيد ذلك، ويعضده.
وأيضا فالصحيح من أقوال أصحابنا المحصلين، أن شهادة الفرع ما يجوز، إلا بعد تعذر حضور شاهد الأصل، وفي هذه المواضع شاهد الأصل حاضر، فلا يجوز قبول شهادة الفرع، فليلحظ ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 130: كتاب الشهادات:
وقد روي أنه يكره للمؤمن أن يشهد لمخالف له في الاعتقاد، لئلا تلزمه إقامتها، فربما ردت شهادته، فيكون قد أذل نفسه وفقه هذا الرواية، أنه إنما يكره له أن يتحمل له شهادة ابتداءا، فأما إن تحملها، فالواجب عليه أداؤها وإقامتها، إذا دعي إلى ذلك، عند من دعي إلى إقامتها عنده، سواء ردها أو لم يردها، قبلها أو لم يقبلها، بغير خلاف، لقوله تعالى: {وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 131: كتاب الشهادات:
وإذا أراد إقامة شهادة، لم يجز له أن يقيم إلا على ما يعلمه ويتيقنه، ويقطع عليه، ولا يعول على ما يجد خطه به مكتوبا، أو خاتمه مختوما، لما قدمناه من قوله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وقول الرسول عليه السلام، لما سئل عن الشهادة، فقال للسائل: فهل ترى الشمس، على مثلها فاشهد أو دع، وما روي عن الأئمة الأطهار، في مثل هذا المعنى أكثر من أن تحصى، قد أورد بعضه شيخنا أبو جعفر في استبصاره.
وقال شيخنا في نهايته: وإذا أراد إقامة الشهادة، لم يجز له أن يقيم إلا على ما يعلم، ولا يعول على ما يجد خطه به مكتوبا، فإن وجد خطه مكتوبا، ولم يذكر الشهادة، لم يجزله إقامتها، فإن لم يذكر، وشهد معه آخر ثقة، جاز له حينئذ إقامة الشهادة.
وهذا غير صحيح ولا مستقيم، لما قدمناه من القرآن والأخبار والإجماع، ولا يلتفت إلى خبر ضعيف قد أورده إيرادا لا اعتقادا…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 134، 135: باب شهادة الولد لوالده وعليه وبالعكس:
ولا بأس بشهادة الولد لوالده، ولا يجوز شهادته عليه.
وقال السيد المرتضى في انتصاره يجوز أيضا شهادته عليه، والأول هو المذهب، وعليه العمل، والإجماع منعقد عليه، ولا اعتبار بخلاف من يعرف باسمه ونسبه...
فإن قيل: وما بالكم استثنيتم.
قلنا: قد دللنا على أن الإجماع منعقد على ذلك. فإن قيل: فأين أنتم من قوله تعالى {وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ}.
قلنا: قد يخص العموم بالأدلة، وإجماعنا من أعظم الأدلة، وأقواها، ويمكن...
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج2 ص 135، 136: باب شهادة العبيد والإماء والمكاتبين والصبيان وأحكامهم:
لا بأس بشهادة العبيد إذا كانوا عدولا، لساداتهم، ولغير ساداتهم، وعلى غير ساداتهم، ولا يجوز شهادتهم على ساداتهم.
وذهب أبو علي بن الجنيد من أصحابنا إلى المنع من شهادة العبيد على كل حال.
وذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في استبصاره إلى أن العبد لا تقبل شهادته لسيده ولا عليه، وإن كان قائلا بما اخترناه في نهايته، وهو الصحيح، والإجماع منعقد من أصحابنا على ما قلناه أولا، ولا اعتبار بخلاف ابن الجنيد لما قدمناه...
وقد بينا أنه لا يجوز شهادة العبيد على ساداتهم، بغير خلاف بين أصحابنا، وإن كان قد ذهب شيخنا أبو جعفر في استبصاره متأولا للأخبار، إلى أن شهادة العبيد لا تقبل لساداتهم، وهذا أيضا غير مستقيم ولا واضح، بل الإجماع منعقد على جواز شهاداتهم لساداتهم، وهو موافق لهذا القول في نهايته، فلا يلتفت إلى قوله الذي يخالف فيه الإجماع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 138: باب شهادة النساء:
وتقبل شهادتهن في الديون مع الرجال، بغير خلاف، على ما نطق به القرآن...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 138: باب شهادة النساء:
وتقبل شهادة القابلة وحدها، إذا كانت بشرائط العدالة، في استهلال الصبي، في ربع ميراثه بغير يمين.
وتقبل شهادة امرأة واحدة في ربع الوصية، وشهادة امرأتين، في نصف ميراث المستهل، ونصف الوصية، ثم على هذا الحساب، وذلك لا يجوز إلا عند عدم الرجال، وعلى المسألتين إجماع أصحابنا، فلأجله قلنا بذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 139، 140: باب شهادة من خالف الإسلام:
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه خلاف ما ذهب إليه في نهايته، وهو أن قال: لا خلاف أن شهادة أهل الذمة لا تقبل على المسلمين، إلا ما ينفرد به أصحابنا في الوصية خاصة، في حال السفر عند عدم المسلم، قال: فأما قبول شهادة بعضهم على بعض، فقال قوم: لا تقبل بحال، لا على مسلم ولا على مشرك، اتفقت ملتهم، أو اختلفت، وفيه خلاف، قال رحمه الله: ويقوى في
نفسي أنه لا تقبل بحال، لأنهم كفار فساق. ومن شرط الشاهد أن يكون عدلا([9]).
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: وهذا الذي يقوى أيضا في نفسي، وأعتقده مذهبا، أدين الله تعالى به، وأعمل عليه، وأفتي به، لأن الإجماع من المسلمين منعقد عليه، وهو قبول شهادة العدول، وقد بينا أن العدل من لا يخل بواجب، ولا يرتكب قبيحا، وقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} وفيما عدا هذا خلاف، ودليل الاحتياط يقتضيه، فلو اقتصرنا عليه لكفى، وأيضا فليس على خلاف ما اخترناه دليل من إجماع، ولا سنة مقطوع بها، ولا كتاب، وعلى ما اخترناه الإجماع، والكتاب، والسنة، فلا يرجع عن المعلوم إلى المظنون، ولا يلتفت إلى أخبار الآحاد، فإنها لا توجب علما ولا عملا على ما ذكرنا القول في ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 140، 141: باب الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين وحكم القسامة:
يقبل الشاهد الواحد، مع يمين المدعي في كل ما كان مالا، أو المقصود منه المال، وقول شيخنا في نهايته: إذا شهد لصاحب الدين شاهد واحد، قبلت شهادته، وحلف مع ذلك، وقضي له به، وذلك في الدين خاصة. ورجع عن هذا القول في استبصاره، ومسائل خلافه، ومبسوطه وهو الصحيح الحق اليقين، لأنه مذهب جميع أصحابنا.
ولا بد في ذلك من الترتيب، وهو أن يشهد الشاهد أولا، ثم يحلف المدعي بعد ذلك، فإن حلف قبل شهادة الشاهد لا يعتد بذلك.
فإن قال من أقام الشاهد: لست أختار اليمين مع الشاهد، ولا أضم إليه شاهدا آخر، واختار مطالبة المدعي عليه باليمين، كان له ذلك، فإن اختار الاستحلاف، نظرت، فإن اختار أن يسترد ما بذله، ويحلف هو، لم يكن له ذلك، لأن من بذل اليمين لخصمه، لم يكن له أن يستردها إلى نفسه بغير رضاه وإن اختار أن يقيم على ذلك، ويستحلف المدعى عليه، كان له، فإذا فعل هذا، لم يخل المدعى عليه من أحد أمرين، إما أن يحلف، أو ينكل، بضم الكاف، فإن حلف أسقط دعوى المدعي، وإن لم يحلف فقد نكل، وحصل مع المدعي نكول وشاهد، وهل يقضي بنكوله مع شاهد المدعي؟ فعندنا أنه لا يحكم به عليه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 141، 142: باب الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين وحكم القسامة:
إذا ادعى على رجل أنه سرق نصابا من حرز، وأقام به شاهدا واحدا، حلف مع شاهده، ولزم الغرم، دون القطع، لأن السرقة توجب شيئين، غرما وقطعا، والغرم يثبت بالشاهد واليمين، دون القطع.
وأما القتل، فإن كان يوجب مالا، فإنه يثبت بالشاهد واليمين عمدا كان أو خطأ وإن كان عمدا يوجب القود، فإذا كان له شاهد واحد، كان لوثا. وكان له أن يحلف مع شاهده خمسين يمينا، إذا لم يكن له من يحلف من قومه، فإذا حلف، ثبت القتل، وعندنا يوجب القود.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 143: باب الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين وحكم القسامة:
إذا ادعى الرجل دما على قوم، لم يخل من أحد أمرين، إما أن يكون معه أمارة تدل على صدق ما يدعيه، أو لا تكون، فإن لم يكن معه ذلك، فالقول قول المدعى عليه مع يمينه، فإن حلف برئ، وإن لم يحلف، رددنا اليمين على المدعي، فيحلف، ويستحق ما ادعاه، إن كان قتلا عمدا استحق القود عندنا، وإن كان غير عمد استحق الدية…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 143: باب الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين وحكم القسامة:
فمتى كان مع المدعي لوث، فالقول قوله، يبدأ به باليمين، ويحلف خمسين يمينا، إن كان القتل عمدا، وخمسا وعشرين يمينا، إن كان خطأ، فإن حلف على قتل عمد محض، عندنا يقاد المدعى عليه به.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 146، 148: باب شهادات الزور:
وقال رحمه الله في نهايته: وإن شهد رجلان على رجل، بطلاق امرأته، فاعتدت وتزوجت، ودخل بها، ثم رجعا، وجب عليهما الحد، وضمنا المهر للزوج الثاني، وترجع المرأة إلى الأول بعد الاستبراء بعدة من الثاني.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: قوله ويضربان الحد، يريد بذلك التعزير، فسماه حدا، لأنه لا يجب على كل واحد منهما حد كامل، لكنهما شاهدا زور، فيعزران بحسب ما يراه الإمام عليه السلام، أو الحاكم من قبله.
وقوله: يرجع إلى الأول فيه نظر، لأنهما إذا شهدا بالطلاق عند الحاكم، كانا عنده وقت شهادتهما بشرائط العدالة، وحكم بشهادتهما، وأمضى الحكم، وتزوجت المرأة بحكمه.
وقوله: فلا تأثير لرجوعهما، ولا ينقض الحكم برجوعهما، بل يغرمان ما اتلفا وضيعا، بشهادتهما من الأموال، ولا ينقض الحاكم ما حكم به، ولا يرجع على المشهود له بشيء مما شهدا له به.
هذا حكم سائر في جميع الأشياء، مجمع عليه عند أصحابنا، وإليه يذهب شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه، ومبسوطه…
قال محمد بن إدريس: وطلاق هذه المرأة مقطوع عليه، وتزويجها مأمور به، محكوم بصحة العقد، بغير خلاف، فلا يرجع عن هذا المقطوع عليه، المحكوم، بصحته شرعا، بأمر مظنون، وهو رجوعهما إليه، لأنه يحتمل الصدق والكذب، والحق والباطل، فلا ينقض به ما قد قطع عليه وحكم بصحته شرعا. وما أورده في نهايته رحمه الله، خبر واحد، لا يوجب علما ولا عملا، ذكره في استبصاره، وأورد خبرا آخر، وتأوله، والخبر الذي أورده ليقضي به، على ما اختلف عليه من الأخبار، ليس فيه أنهما رجعا جميعا، أعني الشاهدين على ما أورده في نهايته، بل فيه: وأكذب نفسه أحد الشاهدين، فإذا كان هذا الاختلاف والتأويل في الخبر، ولا إجماع معنا، ولا كتاب الله سبحانه، ولا أخبار متواترة، ولا سنة مقطوع بها، بل إجماعنا منعقد على ما قررناه، من أن الحاكم لا ينقض حكمه إذا حكم برجوع الشهود، فلا يعدل عن الدليل إلى غيره، لأنه حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي…
وقد دللنا على صحة ما ذهبنا إليه قبل هذا بلا فصل، حين قلنا إن إجماع أصحابنا منعقد على أنه إن رجع الشهود بعد حكم الحاكم فلا يلتفت إلى رجوعهما، فيما حكم به، ولا ينقض حكمه، لأن حكمه مقطوع من جهة الشرع على صحته، ورجوعهما يحتمل الصدق والكذب، فلا يرجع عن أمر مقطوع على صحته، بأمر مشكوك فيه محتمل…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 148: باب شهادات الزور:
فقال في مبسوطه: فصل، في الرجوع عن الشهادة، إذا شهد الشهود عند الحاكم بحق، فعرف عدالتهم، ثم رجعوا، لم يخل من ثلاثة أحوال، إما أن يرجعوا قبل الحكم أو بعده وقبل القبض، أو بعد الحكم والقبض معا، فإن رجعوا قبل الحكم لم يحكم بلا خلاف إلا أبا ثور، فإنه قال: يحكم به، والأول أصح، وإن رجعوا بعد الحكم وقبل القبض، نظرت، فإن كان الحق حدا لله، كالزنا والسرقة، وحد الخمر، لم يحكم بها، لأنها حدود تدرأ بالشبهات، ورجوعهم شبهة، وإن كان حقا لآدمي، سقط بالشبهة، كالقصاص، وحد القذف، لم يستوف لمثل ذلك، وأما إن رجعوا بعد الحكم وبعد الاستيفاء أيضا، لم ينقض حكمه، بلا خلاف، إلا سعيد بن المسيب، والأوزاعي، فإنهما قالا: ينقض، والأول أصح([10])…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 149: باب شهادات الزور:
إذا حكم الحاكم بشهادة شاهدين، ثم بان له أنه حكم بشهادة من لا يجوز الحكم بشهادته، نقض الحكم بلا خلاف…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 152، 153: كتاب القضايا والأحكام/ باب آداب القضاء و:
القضاء بين المسلمين جائز، وربما كان واجبا، فإن لم يكن واجبا، ربما كان مستحبا، قال الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} وقال: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} وقال: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ}. وقد ذم الله تعالى من دعي إلى الحكم، فأعرض عنه، فقال: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ} ومدح قوما دعوا إليه، أجابوا، فقال: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. وروي عن ابن مسعود أنه قال: والله لأن أجلس يوما، فأقضي بين الناس، أحب إلي من عبادة سنة.
وعليه إجماع الأمة، إلا أبا قلابة فإنه طلب للقضاء، فلحق بالشام، فأقام زمانا، ثم جاء، فلقيه أيوب السختياني، وقال له: لو أنك وليت القضاء، وعدلت بين الناس، رجوت لك في ذلك أجرا، فقال: يا أبا أيوب، السابح إذا وقع في البحر، كم عسى أن يسبح، إلا أن أبا قلابة رجل من التابعين، لا يقدح خلافه في إجماع الصحابة، وقد بينا أنهم أجمعوا، ولا يمتنع أن يكون امتناعه، كان لأجل أنه أحس من نفسه بالعجز، لأنه كان من أصحاب الحديث، ولم يكن فقيها.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 156: كتاب القضايا والأحكام/ باب آداب القضاء و:
وإذا أراد أن يجلس للقضاء، ينبغي ويستحب له أن ينجز حوائجه التي تتعلق نفسه بها، ليتخلى ويفرغ للحكم، ولا يشتغل قلبه بغيره.
ثم يستحب له أن يتوضأ وضوء الصلاة، ويلبس أحسن ثيابه وأطهرها، ويخرج إلى المسجد الأعظم الذي يصلي الجمعة فيه، في البلد الذي يحكم فيه، فإذا دخله، صلى ركعتين، ويجلس مستدبر القبلة، ولا يجلس وهو غضبان، ولا جايع، ولا عطشان، ولا مشغول القلب بتجارة، ولا خوف، ولا حزن، ولا فكر في شيء من الأشياء، فإن خالف ذلك، وجلس، وقضى بالحق، نفذ حكمه بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 156، 157: كتاب القضايا والأحكام/ باب آداب القضاء و:
وقد كره قوم القضاء في المساجد، وأجازه آخرون، وهو الأليق بمذهبنا، لأنه لا خلاف أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقضي في المسجد الجامع بالكوفة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 157: كتاب القضايا والأحكام/ باب آداب القضاء و:
وقال المخالف: ليس لأحد أن يرد عليه، وإن حكم بالباطل عنده، لأنه إذا كان باجتهاده، وجب عليه العمل به، ولا يعترض عليه بما هو فرضه، ولا اجتهاد عندنا، ولا قياس، وليس كل مجتهد مصيبا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 160: كتاب القضايا والأحكام/ باب آداب القضاء و:
وما هو خير، فللإنسان فعله بغير خلاف من محصل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 161، 162: كتاب القضايا والأحكام/ باب آداب القضاء و:
وإذا أقر الإنسان لغيره بمال عند حاكم، فسأل المقر له الحاكم أن يثبت إقراره عنده...
وأيضا هذا مصير، إلى أن للإنسان، أن يعمل ويشهد بما يجد به خطه مكتوبا، من غير ذكر الشهادة، وقطع على من شهد عليه، وهذا عندنا لا يجوز، أو رجوع إلى العمل بكتاب قاض إلى قاض، وجميع ذلك باطل عندنا...
وكذلك إن أخذ كتابه الذي فيه تثبيت إقراره إلى غيره من الحكام، لا يحل للحاكم الثاني، أن يعمل به بغير خلاف بيننا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 166: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
والذي يقتضيه مذهبنا، أن الحاكم يجب أن يكون عالما بالكتابة، والنبي عليه السلام عندنا، كان يحسن الكتابة بعد النبوة، وإنما لم يحسنها قبل البعثة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 168، 169: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
ومتى كان مع واحد منهما يد متصرفة، قال شيخنا أبو جعفر في نهايته: فإن كانت البينة تشهد بأن الحق، ملك له فقط (خفيفة الطاء، ساكنه وهي بمعنى حسب) وتشهد للآخر بالملك أيضا، انتزع الحق من اليد المتصرفة، وأعطي اليد الخارجة.
وإن شهدت البينة لليد المتصرفة، بسبب الملك، من بيع، أو هبة، أو معاوضة، كانت أولى من اليد الخارجة.
قال محمد بن إدريس: والذي يقوى في نفسي، وأعمل عليه، وأفتي به، أن اليد الخارجة في المسألتين معا، يسلم الشيء إليها، وهي أحق من اليد المتصرفة، والبينة بينتها، كيف ما دارت القصة، هذا الذي يقتضيه أصول مذهب أصحابنا، بغير خلاف بين المحققين منهم، ولقوله عليه السلام: البينة على المدعي، وعلى الجاحد اليمين، فجعل عليه السلام البينة بينة المدعي، وفي جنبته، فلا يجوز أن يسمع بينة الجاحد، سواء كان معه سبب ملك، أو غيره، وهذا مذهب شيخنا أبي جعفر في مسائل خلافه، في الجزء الثاني، في كتاب البيوع.
وجملة القول في ذلك، وعقد الباب، أن نقول: إذا تنازعا عينا، وهي في يد أحدهما، وأقام كل واحد منهما بينة، بما يدعيه من الملكية، انتزعت العين من يد الداخل، وأعطيت الخارج، وكانت بينة الخارج أولى، وهي المسموعة، سواء شهدت بينة الداخل بالملك بالإطلاق، أو بالأسباب، بقديمه، أو بحديثه، كيف ما دارت القصة، فإن بينة الخارج أولى على الصحيح من المذهب، وأقوال أصحابنا، ولقوله عليه السلام المجمع عليه من الفريقين، المخالف والمؤالف، المتلقى عند الجميع بالقبول، وهو: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، فقد جعل عليه السلام، البينة في جنبة المدعي بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 169، 171: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
فأما إن كانت العين المتنازع فيها خارجة من يدي المتنازعين، وهي في يد ثالث غيرهما، ثم أقام كل واحد منهما بينة بها، فإن أصحابنا يرجحون بكثرة الشهود، فإن استويا في الكثرة، رجحنا بالتفاضل في عدالة البينتين، فيحكم في المال المتنازع فيه، ويقدم بينة صاحب الترجيح مع يمينه، فإن استويا في جميع الوجوه، فالحكم عند أصحابنا المحصلين القرعة، على أيهما خرجت، أعطي، وحلف للآخر أنه يستحقه، وهو له، فإن لم يكن ترجيح، وهو في يد ثالث، وأقام أحدهما بينة بقديم الملك، والآخر بحديثه، وكل منهما يدعي أنه ملكي الآن، وبينة كل واحد منهما تشهد بأنه ملكه الآن، غير أن إحدى البينتين، تشهد بالملكية الآن، وبقديم الملك، والأخرى تشهد بالملكية الآن، وبحديث الملك، مثاله إن إحدى البينتين تشهد بالملك منذ سنتين، والأخرى منذ سنة، فالبينة بينة قديم الملك، وهي المسموعة، والمحكوم بها، دون بينة حديث الملك، لأن حديث الملك، لا يملكه، إلا عن يد قديمة، فهو مدعي الملكية عنه، ولا خلاف أنا لا نحكم بأنه ملك عنه.
وكذلك تكون بينة صاحب السبب، أولى في هذه المسألة، إذا كانت العين المتنازع فيها في يد ثالث، وخارجة من أيديهما، عند بعض أصحابنا، والأقوى عندي استعمال القرعة هاهنا، وإن لا يجعل لصاحب السبب هاهنا ترجيح، لأن الترجيح عندنا ما ورد إلا بكثرة الشهود، فإن تساووا في العدد، فأعدلهما شهودا، والمراد بأعدلهما في هذا المواضع، أن البينتين جميعا شرائط العدالة فيهما، إلا أن إحداهما أكثر مواظبة على الأعمال الصالحات المندوبات، وإن كانت الأخرى غير مخلة بواجب، ولا مرتكبة لقبيح.
وليس المراد أن إحداهما فاسقة، والأخرى عادلة، لأن لفظة أفعل في لسان العرب، للمشاركة في الشيء، والزيادة عليه، فمن ظن أن المراد بأعدلهما شهودا غير ما قلناه، فقد أخطأ خطأ فاحشا.
وبقديم الملك على ما دللنا عليه، ولا ترجيح بغير ذلك عند أصحابنا، والقياس والاستحسان والاجتهاد باطل عندنا، فلم يبق إلا استعمال القرعة، لإجماعهم على أن كل أمر مشكل فيه القرعة، إلا أن يكون مع ذلك الآخر مرجح، من المرجحات المجمع عليها، وهي المقدم ذكرها، من كثرة العدد، أو أعدلهما شهودا، أو بقديم الملك.
ولو قلنا: نرجح بالسبب، إذا كان في يد ثالث، لكان قويا، وبه أفتي، لأن فيه جمعا بين الأحاديث والروايات، وعليه الإجماع، فإن المحصلين من الأصحاب، مجمعون عليه، قائلون به، ولأن السبب أولى من قديم الملك، وقد رجحنا بقديم الملك، لأن من شهد بالنتاج والبيع والهبة، نفى أن يكون ملكا قبله لأحد، أعني النتاج، وكان أقوى، فليتأمل ذلك.
فهذا تحقيق المسائل المختلفة، الموضوعة في الجزء الثالث من مسائل الخلاف، لشيخنا أبي جعفر فإنها مختلفة الألفاظ، وتحريرها ما ذكرناه.
والذي أعتمده وأعتقده وأعمل عليه، بعد هذه التفاصيل جميعها أن لا ترجيح إلا بالعدد، وبالتفاضل في عدالة البينتين فحسب، دون الأسباب، وقدم الأملاك، لأن القياس عندنا باطل، على ما قدمناه، وإنما فصلنا ما فصلناه على وضع شيخنا في مسائل خلافه([11])، وهي من فروع المخالفين، ومذاهبهم، فحكاها، واختارها، دون أن يكون مذهبا لنا، أو لبعض مشيختنا، ولا وردت به أخبارنا، ولم يذهب إليه أحد من أصحابنا، سوى شيخنا أبي جعفر في كتابيه الفروع، مبسوطه ومسائل خلافه، وعادته في هذين الكتابين، وضع أقوال المخالفين، واختيار بعضها، فليلحظ.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 171، 172: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
ومتى كانت جارية بين شركاء، فوطأوها كلهم في طهر واحد، وحملت، وولدت، فادعى كل واحد منهم أن الولد له، أقرع بينهم، فمن خرج اسمه، ألحق الولد به، وغرم الباقين قيمة الولد، على قدر ما لهم من الجارية، ورد مع ذلك أيضا ثمن الجارية على قدر حصصهم.
قال محمد بن إدريس: وهذا يكون على التقريب، وأنهم في يوم واحد، أو لا يعرف المتقدم من المتأخر، واشتبه الأمر وأشكل، وإلا إذا كان الطهر مثلا شهرا أو شهرين، لأن الطهر لا حد لأكثره عندنا، فوطئها واحد منهم في أول الشهر، والثاني في آخره، ثم وضعت الولد لستة أشهر، منذ يوم وطئ الأول، فهو للأول دون الباقين، بغير خلاف، فليلحظ ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 173: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
وإذا ولد مولود ليس له ما للرجال، ولا ما للنساء، أقرع عليه، فإن خرج سهم الرجال ألحق بهم، وورث ميراثهم، وإن خرج سهم النساء، ألحق بهن، وورث ميراثهن، وكل أمر مشكل مجهول يشتبه الحكم فيه، فينبغي أن يستعمل فيه القرعة، لما روي عن الأئمة الأطهار عليهم السلام، وتواترت به الآثار، وأجمعت عليه الشيعة الإمامية.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 173، 174: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
وقال شيخنا في مبسوطه: إذا قال لعبده: إن قتلت فأنت حر، فهلك السيد، واختلف الوارث والعبد، فأقام الوارث البينة أنه مات حتف أنفه، وأقام العبد البينة أنه مات بالقتل، قال قوم: يتعارضان، ويسقطان، ويسترق العبد، وقال قوم: بينة العبد أولى، لأن موته قتلا يزيد على موت حتف أنفه، لأن كل مقتول ميت، وليس كل ميت مقتولا، فكان الزائد أولى، ويعتق العبد، وعندنا يستعمل فيه القرعة، فمن خرج اسمه، حكم ببينته([12])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 174: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
ومن نكح المتعة في الناس من فسقه، وعندنا أن ذلك لا يوجب التفسيق، بل هو مباح طلق، وربما كان مستحبا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 175: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
وينبغي للقاضي، أن يتخذ كاتبا يكتب بين يديه، وصفة الكاتب أن يكون عدلا عاقلا، ولا يجوز له أن يتخذ كافرا بلا خلاف، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} وكاتب الرجل بطانته، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ} وكاتب الرجل وليه وصاحب سره، وعليه إجماع الصحابة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 176: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
ولا يقبل عندنا كتاب قاض، إلى قاض، بغير خلاف بيننا، وإجماعنا منعقد على ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 176: باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
وفي الوصايا فإنه لو أوصى بوصية، وأدرج الكتاب، وأظهر للشهود مكان الشهادة، وقال: قد أوصيت بما أردته في هذا الكتاب، ولست أختار أن يقف أحد على حالي، وتركتي، قد أشهدتكما علي بما فيه، لم يصح هذا التحمل بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 179: كتاب القضايا والأحكام:
عندنا للحاكم أن يقضي بعلمه في جميع الأشياء...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 180: كتاب القضايا والأحكام:
من ادعى مالا أو غيره، ولا بينة له، فتوجهت اليمين على المدعى عليه، فنكل عنها، فإنه يحكم عليه بالنكول، بل يلزم اليمين المدعي، فيحلف، ويحكم له بما ادعاه، هذا هو مذهب أصحابنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 181: كتاب القضايا والأحكام:
ومتى حدثت حادثه، فأراد أن يحكم فيها، فإن كان عليها دليل من نص كتاب، أو سنة مقطوع بها، أو إجماع، عمل عليه، قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: وعندنا إن جميع الحوادث هذا حكمها، فلا يخرج عنها شيء، قال رحمه الله: فإن شذت، كانت مبقاة على الأصل.
وهذا هو الصحيح الذي يقتضيه مذهبنا، الذي لا يجوز العدول عنه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 182: باب كيفية الاستحلاف:
ولا تنعقد اليمين عند أهل البيت عليهم السلام بشيء من المحدثات من الكتب المنزلة، ولا المواضع المشرفة، ولا الرسل المعظمة ولا الأئمة، المنتجبة، فإن اليمين بجميع ذلك بدعة في شريعة الإسلام.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 187، 188: باب النوادر في القضاء والأحكام:
محمد بن إسماعيل، عن جعفر بن عيسى، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام، جعلت فداك، المرأة تموت، فيدعي أبوها، أنه أعارها بعض ما كان عندها من متاع، وخدم، أيقبل دعواه بلا بينة، أم لا تقبل دعواه إلا ببينة؟ فكتب إليه يجوز بلا بينة.
قال محمد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: أول ما أقول في هذا الحديث، أنه خبر واحد، لا يوجب علما ولا عملا، وفيه ما يضعفه، وهو أن الكاتب الراوي للحديث، ما سمع الإمام يقول هذا، ولا شهد عنده شهود، أنه قاله، وأفتى به، ولا يجوز أن يرجع إلى ما يوجد في الكتب، فقد يزور على الخطوط، ولا يجوز للمستفتي أن يرجع إلا إلى قول المفتي، دون ما يجده بخطه، بغير خلاف، من محصل ضابط لأصول الفقه. ولقد شاهدت جميعة من متفقهة، المقلدين لسواد الكتب، يطلقون القول بذلك، وأن أبا الميتة، لو ادعى كل المتاع، وجميع المال، كان قوله مقبولا بغير بينة، وهذا خطأ عظيم، في هذا الأمر الجسيم، لأنه إن كانوا عاملين بهذا الحديث، فقد أخطأوا من وجوه، أحدها أنه لا يجوز العمل عند محصلي أصحابنا بأخبار الآحاد، على ما كررنا القول فيه، وأطلناه.
والثاني، من يعمل بأخبار الآحاد، لا يقول بذلك، ولا يعمل به، إلا إذا سمعه الراوي من الشارع.
والثالث أن الحديث ما فيه أنه ادعى أبوها جميع متاعها وخدمها، وإنما قال بعض ما كان عندها، ولم يقل جميع ما كان عندها. ثم إنه مخالف لأصول المذهب، ولما عليه إجماع المسلمين، أن المدعي لا يعطى بمجرد دعواه، والأصل براءة الذمة، وخروج المال من مستحقه، يحتاج إلى دليل، والزوج يستحق سهمه، بعد موتها بنص القرآن، فكيف يرجع عن ظاهر التنزيل، بأخبار الآحاد، وهذا من أضعفها، ولا يعضده كتاب ولا سنة مقطوع بها، ولا إجماع منعقد، فإذا خلا من هذه الوجوه، بقي في أيدينا من الأدلة، أن الأصل براءة الذمة، والعمل بكتاب الله، وإجماع الأمة، على أن المدعي لا يعطى بمجرد دعواه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 190: باب النوادر في القضاء والأحكام:
وروى محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قضى أمير المؤمنين عليه السلام، برد الحبيس، وإنفاذ المواريث.
قال محمد بن إدريس: سألني شيخنا محمود بن علي بن الحسين الحمصي المتكلم الرازي، رحمه الله، عن معنى هذا الحديث، وكيف القول فيه؟ فقلت: الحبيس معناه، الملك المحبوس على بني آدم، من بعضنا على بعض، مدة حياة الحابس، دون حياة المحبوس عليه، فإذا مات الحابس، فإن الملك المحبوس، يكون ميراثا لورثة الحابس، وينحل حبسه على المحبوس عليه، فقضى عليه السلام، برده إلى ملك الورثة، لأنه ملك مورثهم، وإنما جعل منافعه مدة حياته للمحبوس عليه، دون رقبته، فلما مات بطل ما كان جعله له، وزال الحبس عنه، فهو ملك من أملاكه، فترثه ورثته عنه، بعد موته، كما ترث سائر أملاكه، فأنفذ الموارث عليه السلام فيه، على ما تقتضيه شريعة الإسلام.
فأما إذا كان الحبيس، على مواضع قرب العبادات، مثل الكعبة والمشاهد، والمساجد، فلا يعاد إلى الأملاك، ولا ينفذ فيه المواريث، لأنه بحبسه على هذه المواضع، خرج عن ملكه، عند أصحابنا، غير خلاف بينهم فيه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 191، 192: باب النوادر في القضاء والأحكام:
وروى محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن الحسن بن مسكين، عن رفاعة النخاس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا طلق الرجل امرأته، وفي بيتها متاع، فلهما ما يكون للنساء، وما يكون للرجل والنساء، قسم بينهما، وإذا طلق الرجل المرأة، فادعت أن المتاع لها، وادعى أن المتاع له، كان له ما للرجال، ولها ما للنساء.
قال محمد بن إدريس: هكذا أورده شيخنا في نهايته، وليس بين المسألتين تناف، ولا تضاد، أما القول في صدر الخبر: وفي بيتها متاع: فلها ما يكون للنساء، أي ما يصلح للنساء ولا يصلح للرجال، فهو عند أصحابنا للمرأة، من غير مشاركة الرجال فيه، بل تعطاه بمجرد دعواها، مع يمينها...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 193، 194: باب النوادر في القضاء والأحكام:
قال محمد بن إدريس: وخبر رفاعة هو مذهب شيخنا في نهايته، وفي مسائل خلافه، في الجزء الثالث، فإنه قال:
مسألة، إذا اختلف الزوجان في متاع البيت، فقال كل واحد منهما كله لي، ولم يكن مع واحد منهما بينة، نظر فيه، فما يصلح للرجال، القول قوله، مع يمينه، وما يصلح للنساء، فالقول قولها مع يمينها، وما يصلح لهما، كان بينهما، وقد روي، أن القول في جميع ذلك، قول المرأة مع يمينها، والأول أحوط، ثم قال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد أوردناها في الكتابين المقدم ذكرهما([13]).
فجعل رحمه الله: ما أورده في الاستبصار، في الأخبار الكثيرة، وجعله مذهبا له، واختاره رواية في مسائل خلافه، وما اختاره في مسائل خلافه، رواية في استبصاره، ثم دل على صحته بإجماع الفرقة، وكذلك يذهب في مبسوطه، إلى ما يذهب إليه في مسائل خلافه، من مقالة أصحابنا ورواياتهم، ويحكي الرواية الشاذة التي اختارها، مذهبا في استبصاره.
والذي يقوى عندي، ما ذهب إليه في مسائل خلافه، لأن عليه الإجماع، وتعضده الأدلة، لأن ما يصلح للنساء، الظاهر أنه لهن، وكذلك ما يصلح للرجال، فأما ما يصلح للجميع، فيداهما معا عليه، فيقسم بينهما، لأنه ليس أحدهما أولى به من الآخر، ولا يترجح أحدهما على الآخر، ولا يقرع هاهنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 194، 195: باب النوادر في القضاء والأحكام:
وروى عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، عن أبيه، عن علي عليهم السلام، أنه قضى في رجلين، اختصما في خص، فقال: إن الخص، للذي إليه القمط. وقالوا: القمط، هو الحبل، والخص الطن، الذي يكون في السواد، بين الدور، فكان من إليه الحبل، هو أولى من صاحبه، وهذا هو الصحيح، لأن عليه إجماع أصحابنا.
وروى الحسن بن علي بن يقطين، عن أمية بن عمرو، عن الشعيري، قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام، عن سفينة انكسرت في البحر، فأخرج بعضه بالغوص، وأخرج البحر بعض ما غرق فيها، فقال: أما ما أخرجه البحر، فهو لأهله، الله أخرجه، وأما ما أخرج بالغوص، فهو لهم، وهم أحق به.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: وجه الفقه في هذا الحديث، أن ما أخرجه البحر، فهو لأصحابه وما تركه أصحابه، آيسين منه، فهو لمن وجده، وغاص عليه، لأنه صار بمنزلة المباح، ومثله من ترك بعيره من جهد، في غير كلاء ولا ماء، فهو لمن أخذه، لأنه حلاه آيسا منه ورفع يده عنه، فصار مباحا، وليس هذا قياسا، لأن مذهبنا ترك القياس، وإنما هذا على جهة المثال، والمرجع فيه إلى الإجماع، وتواتر النصوص، دون القياس والاجتهاد، وعلى الخبرين إجماع أصحابنا منعقد.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 197: باب النوادر في القضاء والأحكام:
وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام، قال: إن الحاكم إذا أتاه أهل التوراة، وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه، كان ذلك إليه، إن شاء حاكم بينهم، وإن شاء تركهم.
هذا الخبر صحيح، وعليه إجماع أصحابنا منعقد...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 197: باب النوادر في القضاء والأحكام:
وروى طلحة بن زيد، والسكوني جميعا، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليه السلام، أنه كان لا يجير كتاب قاض إلى قاض، في حد، ولا غيره، حتى وليت بنو أمية، فأجازوا بالبينات.
قوله: فأجازوا بالبينات يريد بذلك، أن هذا كتاب فلان القاضي، لا أن المقصود أجازوا الأحكام بالبينات، وقد بينا، أنه لا خلاف بين أصحابنا، سلفهم وخلفهم، بل إجماعهم منعقد، على أنه لا يجوز كتاب قاض إلى قاض، ولا يعمل به، ولا يحكم...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 198، 199: باب النوادر في القضاء والأحكام:
وروى عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، أبي جعفر عليه السلام، قال: قلت له جعلت فداك، في كم تجري الأحكام على الصبيان؟ قال: في ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة، قلت: فإنه لم يحتلم، فيها، قال: وإن لم يحتلم، فإن الأحكام تجري عليه.
قال محمد بن إدريس: قد ورد هذا الحديث، وهو من أخبار الآحاد، والاعتماد عند أصحابنا على البلوغ في الرجال، هو إما الاحتلام، أو الإنبات في العانة، أو خمس عشرة سنة، وفي النساء الحيض، أو الحمل، أو تسع سنين...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 199: باب النوادر في القضاء والأحكام:
وروى أبو بصير، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن رجل، دبر غلامه، وعليه دين، فرارا من الدين، قال: لا تدبير له، وإن كان دبره في صحة منه وسلامة، فلا سبيل للديان عليه.
قال محمد بن إدريس: قد أورد هذا الحديث شيخنا أبو جعفر في نهايته، والذي عندي أن التدبير الذي لا عن نذر، عند أصحابنا بمنزلة الوصية، لا خلاف بينهم في ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 200: باب النوادر في القضاء والأحكام:
وروى غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه أن عليا عليه السلام، كان يقول: لا ضمان على صاحب الحمام، فيما ذهب من الثياب، لأنه إنما أخذ الجعل على الحمام، ولم يأخذ على الثياب.
قال محمد بن إدريس: هذا خبر صحيح، لأن الإجماع منعقد من أصحابنا عليه، هذا إذا لم يستحفظه الثياب...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 203: باب عمل السلطان وأخذ جوائزهم:
والأحكام التي لا تبلغ إلى قتل النفوس، وسفك الدماء المحرمة، لأن ذلك ليس فيه تقية عند أصحابنا، لا خلاف بينهم، أن لا تقية في قتل النفس، وسفك الدماء...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 206: كتاب المكاسب/ باب التصرف في مال الولد ومال الوالد و:
لا يجوز للولد أن يأخذ من مال والده شيئا، قليلا كان أو كثيرا، إلا بإذنه، لا مختارا ولا مضطرا، فإن اضطر ضرورة يخاف معها على تلف نفسه، أخذ من ماله ما يمسك به رمقه، كما يتناول من الميتة والدم، هذا إذا كان الوالد ينفق عليه، ويقيم بواجب حقه، لأن نفقة الولد تجب عندنا على الوالد، إذا كان الولد معسرا، سواء كان بالغا، أو غير بالغ، ويجبر الوالد على ذلك، فأما إذا كان الولد موسرا، فلا تجب نفقته على والده، سواء كان صغيرا أو كبيرا، بالغا، بلا خلاف بيننا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 206: كتاب المكاسب/ باب التصرف في مال الولد ومال الوالد و:
لأن نفقة الوالد لا تجب على الولد عندنا، إلا مع الإعسار، فأما مع الاستغناء، فلا تجب النفقة على ولده...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 208: كتاب المكاسب/ باب التصرف في مال الولد ومال الوالد و:
غير أنه ما ورد عند أصحابنا، إلا أن للوالد أن يشتري من مال ابنه الصغير، من نفسه بالقيمة العدل، ولم يرد بأن له، أن يستقرض المال.
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج2 ص208، 209: كتاب المكاسب/ باب التصرف في مال الولد ومال الوالد و:
وإذا كان للولد جارية، لم يكن وطئها، ولا مسها بشهوة، جاز للوالد أن يأخذها، ويطأها، بعد أن يقومها على نفسه، قيمة عادلة، ويضمن قيمتها في ذمته، هكذا أورده شيخنا في نهايته، وقد بينا أنه رجع في استبصاره([14]) عن إطلاق هذا القول، وقيده بأن تكون للولد الصغير، وهذا هو الصحيح الذي عليه الإجماع، فأما إذا كان الولد بالغا كبيرا، فلا يجوز للوالد وطئ جاريته، إلا بإذنه على كل حال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 210: كتاب المكاسب/ باب التصرف في مال الولد ومال الوالد و:
ويجبر الإنسان على نفقة ولده، ووالديه، وجده، وجدته، وزوجته، ومملوكه، وإن اختصرت القول في ذلك، فقلت يجبر الإنسان على نفقة العمودين، الآباء والأبناء، صعد هؤلاء، أو نزل هؤلاء، والزوجة، والمملوك، كان جيدا حسنا.
ولا يجبر على نفقة أحد غير من سميناه بحال من الأحوال، بغير خلاف بين فقهاء أهل البيت عليهم السلام...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 212: باب التصرف في أموال اليتامى:
لأنه أمين، والأمين لا يجوز أن يتصرف لنفسه في أمانته، بغير خلاف بيننا معشر الإمامية...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 219: باب ضروب المكاسب:
وكل شراب مسكر، حكمه حكم الخمر، على السواء، قليلا كان أو كثيرا، نيا كان أو مطبوخا، وكذلك حكم الفقاع حكمه، شربه، وعمله، والتجارة فيه، والتكسب به حرام، محظور، بغير خلاف بين فقهاء أهل البيت عليهم السلام، فإن إجماعهم منعقد على ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 219: باب ضروب المكاسب:
وقال شيخنا أبو جعفر، في نهايته: والأبوال وغيرها، إلا أبوال الإبل خاصة، فإنه لا بأس بشربه والاستشفاء به عند الضرورة. والصحيح من المذهب، أن بول الإبل، وبول غيرها مما يؤكل لحمه، سواء، لا بأس بذلك، لأنه طاهر عندنا، بلا خلاف بيننا، سواء كان لضرورة، أو غير ضرورة، وإنما أورد شيخنا هذا الخبر، إيرادا، لا اعتقادا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 220: باب ضروب المكاسب:
وعظام الفيل، لا خلاف في جواز استعمالها، مداهن، وأمشاطا وغير ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 220: باب ضروب المكاسب:
وقال شيخنا في نهايته: الرشا في الأحكام سحت، وكذلك ثمن الكلب، إلا ما كان سلوقيا للصيد. فاستثنى السلوقي فحسب، والأظهر ما ذكرناه، لأنه لا خلاف بيننا، أن لهذه الكلاب الأربعة، ديات، وأنه تجب على قاتلها...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 220، 222: باب ضروب المكاسب:
ثم قال في نهايته: وبيع جميع السباع، والتصرف فيها، والتكسب بها، محظور، إلا بيع الفهود، خاصة، فإنه لا بأس بالتكسب بها، والتجارة فيها، لأنها تصلح للصيد.
وقد قلنا ما عندنا، في السباع وجلودها، وهو أنه يجوز بيعها، لأخذ جلدها، لأن جلود السباع، لا خلاف أنها مع الذكاة الشرعية، يجوز بيعها، وهي طاهرة، وبمجرد الذكاة، يجوز بيع الجلود، بلا خلاف، وبانضمام الدباغ، يصح التصرف فيها، في جميع الأشياء: من لبس، وفرش، ودثار، وخزن المايعات، لأنها طاهرة، إلا الصلاة، فإنها لا تجوز فيها، فحسب، وما عدا الصلاة، فلا بأس بالتصرف فيها...
وقال شيخنا في مبسوطه: وما لا يؤكل لحمه، مثل الفهد، والنمر، والفيل، وجوارح الطير، مثل البزاة، والصقور، والشواهين، والعقبان، والأرنب، والثعلب، وما أشبه ذلك، وقد ذكرناه في النهاية، فهذا كله، يجوز بيعه، وإن كان مما لا ينتفع به، فلا يجوز بيعه، بلا خلاف، مثل الأسد، والذئب، وسائر الحشرات، من الحيات، و العقارب، والفأر، والخنافس، والجعلان، والحدأة، والنسر، والرخمة، و بغاث الطير، وكذلك الغربان، سواء كان أبقع، أو أسود([15])...
قال محمد بن إدريس: والذي ذكره رحمه الله في مبسوطه، رجوع منه عما ذكره في نهايته، لأن في النهاية، حرم بيع جميع السباع، إلا الفهود، والصحيح ما ذكره في مبسوطه، إلا ما استثناه، من الأسد و الذئب، لأنه جعل ذلك، في قسم ما لا ينتفع به، وقد قلنا أنه لا خلاف في الانتفاع بجلد ذلك، بعد الذكاة في البيع، وبانضمام الدباغ في التصرف فيه، بأنواع التصرفات، إلا الصلاة، فلا فرق بين الذئب والأسد، وبين الأرنب والثعلب...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 222: باب ضروب المكاسب:
وبيع الجري، والمارماهي، والطافي، وكل سمك لا يحل أكله، مثل الجريث، وهو الجري (والجيم من الاسمين، مكسورة، وكذلك الراء مكسورة أيضا، مشددة) وكذلك الضفادع، والسلاحف، وجميع ما لا يحل أكله، حرام بيعه، إلا ما استثناه أصحابنا من بيع الدهن النجس، لمن يستصبح به تحت السماء، بهذا الشرط، فإنه يصح بيعه، بهذا التقييد، لإجماعهم على ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 223: باب ضروب المكاسب:
فأما المكروه، فجميع ما كره، من المآكل، والمشارب، وكسب الحجام، إذا شارط، والرزق على القضاء وتنفيذ الأحكام، من قبل الإمام العادل، والأجر على تعليم القرآن، ونسخ المصاحف، مع الشرط في ذلك، ومع ارتفاعه فهو حلال طلق، وهذا مذهب جميع أصحابنا، وعليه إجماعهم منعقد، ومذهب شيخنا أبي جعفر، في نهايته، وفي جميع كتبه، إلا في استبصاره، فإنه ذهب إلى حظره مع الشرط، وإلى كراهته مع ارتفاع الشرط، معتمدا على خبر روته رجال الزيدية، فأراد أن يجمع بينه، وبين ما رواه أصحابنا من الأخبار الواردة بالكراهة مع الشرط وليس في أخبارنا التي أوردها رحمه الله في استبصاره، ما يدل على الحظر والتحريم، ولا يلتفت إلى خبر شاذ، يرويه رجال الزيدية، وأيضا أخبار الآحاد، وإن كانت رجالها عدولا، لا يلتفت إليها، ولا يعرج عليها، بل المرجع في ذلك إلى الأدلة القاطعة للأعذار، ولا خلاف بيننا في أن تعليم القرآن يجعل مهورا للنساء، ويستباح به الفروج، فكيف يصح أن يجعل الأجرة المحرمة مهرا، وما قاله شيخنا في هذا الكتاب المشار إليه، أعني الاستبصار، فعلى طريق التأويل، والوساطة، والجمع، دون الاعتقاد لكونه محرما محظورا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 224: باب ضروب المكاسب:
وكسب صاحب الفحل، من الإبل، والبقر، والغنم، إذا أقامه للنكاح مكروه، وليس بمحظور عند أصحابنا، بل إجماعهم منعقد، على أن ذلك حلال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 225: باب ضروب المكاسب:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومن وجده عنده سرقة، كان ضامنا لها، إلا أن يأتي على شرائها ببينة.
قال محمد بن إدريس: هو ضامن، سواء، أتى على شرائها ببينة، أو لم يأت بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 226: باب ضروب المكاسب:
وإذا مر الإنسان بالثمرة، جاز له أن يأكل منها قدر كفايته، ولا يحمل شيئا منها على حال، من غير قصد إلى المضي إلى الثمرة للأكل، بل كان الإنسان مجتازا في حاجة، ثم مر بالثمار، سواء كان أكله منها لأجل الضرورة، أو غير ذلك، على ما رواه أصحابنا، وأجمعوا عليه، لأن الأخبار في ذلك متواترة، والإجماع منعقد منهم، ولا يعتد بخبر شاذ، أو خلاف من يعرف اسمه ونسبه، لأن الحق مع غيره.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 226، 227: باب ضروب المكاسب:
قال شيخنا في نهايته: من آجر مملوكا له، فأفسد المملوك، لم يكن على مولاه ضمان ما أفسده، لكنه يستسعى العبد في مقدار ما أفسده.
وقال رحمه الله، في الجزء الثاني من نهايته، في باب الإجارات: ومن استأجر مملوك غيره من مولاه فأفسد المملوك شيئا، أو أبق قبل أن يفرغ من عمله، كان مولاه ضامنا لذلك.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: ووجه الجمع بين قوليه رحمه الله، وتحرير ذلك، والفتوى به، أن المسألة الأولى في التي ذكرها في آخر الجزء الأول من نهايته، من قوله: لم يكن على مولاه ضمان ما أفسده، يريد بذلك ما عدا الأجرة، لأن المملوك لا يضمن سيده جنايته التي على غير بني آدم، ولا يستسعى فيها، ولا يباع على الصحيح من أقوال أصحابنا، لأن بيعه يحتاج إلى دليل، وانتقال ملكه إلى ملك غير سيده، يحتاج إلى شرع، وقوله رحمه الله: لكنه يستسعى العبد في مقدار ما أفسده، غير واضح، لأنه مخالف للإجماع، وإنما ورد بعض أخبار الآحاد بذلك، فأورده إيرادا، لا اعتقادا، فأما المسألة التي أوردها في الجزء الثاني، في كتاب الإجارات، من قوله: “ضامنا لذلك” يريد به ضامنا للأجرة الباقية، وهذا صحيح، يرجع على السيد بها، بغير خلاف.
فأما ضمان ما أفسده، فلا ضمان على السيد، بغير خلاف، لأن الإنسان بغير خلاف لا يضمن ما يجنيه عبده، على ما عدا بني آدم، وكذلك إن جنى على بني آدم، لا يكون سيده عاقلة له، ولا يودي إلا إذا تبرع...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 231: كتاب المتاجر والبيوع/ باب آداب التجارة:
كتمان العيوب مع العلم بها، فحرام محظور بغير خلاف، والربا فكذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 234: كتاب المتاجر والبيوع/ باب آداب التجارة:
ومن باع لغيره شيئا، فلا يجوز له أن يشتريه لنفسه، وإن زاد في ثمنه على ما يطلب في الحال، إلا بعلم من صاحبه، وإذن من جهته.
وفقه ذلك، أن الوكيل لا يجوز له أن يشتري السلعة الموكل في بيعها من نفسه، لأن البيع يحتاج إلى إيجاب وقبول، فكيف يكون موجبا قابلا! فأما الأب والجد من الولد الأصغر، فقد خرج بدليل، وهو إجماع أصحابنا على ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 236: كتاب المتاجر والبيوع/ باب آداب التجارة:
ولا يجوز أن يبيع حاضر لباد، ومعناه أن يكون سمسارا له، بل يتركه أن يتولى لنفسه، ليرزق الله بعضهم من بعض، فإن خالف أثم، وكان بيعه صحيحا، وينبغي أن يتركه في المستقبل، هذا إذا كان ما معهم، يحتاج أهل الحضر إليه، وفي فقده إضرار بهم، فأما إذا لم يكن بهم حاجة ماسة إليه، فلا بأس أن يبيع لهم، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر في مبسوطه وكذلك الفقيه ابن البراج في مهذبه. وهذا هو الصحيح الذي لا خلاف فيه بين العلماء، من الخاص والعام، وبين مصنفي غريب الأحاديث، من أهل اللغة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 238: كتاب المتاجر والبيوع/ باب آداب التجارة:
وقال شيخنا في نهايته: وأما التلقي، فهو أن يستقبل الإنسان الأمتعة والمتاجر، على اختلاف أجناسها، خارج البلد، فيشتريها من أربابها، وهم لا يعلمون بسعر البلد، فمن فعل ذلك، فقد ارتكب مكروها، لما في ذلك من المغالطات، والمغابنات، وكذلك أيضا يكره أن يبيع حاضر لباد، لقلة بصيرته، بما يباع في البلاد، وإن لم يكن شيء من ذلك محظورا، لكن ذلك من المسنونات.
وما ذكره في مبسوطه، في المسألتين معا، من أن ذلك محرم، هو الصحيح، لأنه نهى عليه السلام عن ذلك والنهي عندنا بمجرده، يقتضي التحريم، في عرف الشريعة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 238: كتاب المتاجر والبيوع/ باب آداب التجارة:
والاحتكار عند أصحابنا، هو حبس الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والسمن، من البيع، ولا يكون الاحتكار المنهي عنه، في شيء من الأقوات، سوى هذه الأجناس، وإنما يكون الاحتكار منهيا عنه، إذا كان بالناس حاجة شديدة إلى شيء منها، ولا يوجد في البلد غيره...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 239: كتاب المتاجر والبيوع/ باب آداب التجارة:
ومتى ضاق على الناس الطعام، ولم يوجد إلا عند من احتكره، كان على السلطان، والحكام من قبله، أن يجبره على بيعه، ويكرهه عليه، ولا يجوز أن يجبره على سعر بعينه، ولا أن يسعر عليه، بل يبيعه بما يرزقه الله تعالى، ولا يمكنه من حبسه، أكثر من ذلك.
وقال شيخنا المفيد، في مقنعته: وللسلطان أن يكره المحتكر على إخراج غلته، وبيعها في أسواق المسلمين، إذا كانت بالناس حاجة ظاهرة إليها، وله أن يسعرها على ما يراه من المصلحة، ولا يسعرها بما يخسر أربابها فيها.
والأول مذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته، ومسائل خلافه، ومبسوطه، وجميع كتبه، وهو الصحيح الذي يقوى في نفسي، لأن عليه الإجماع، وبه تواترت الأخبار، عن الأئمة الأطهار، وأيضا الأصل براءة الذمة، من إلزام هذا المكلف التسعير، وأيضا إثبات ذلك، حكم شرعي، يحتاج فيه إلى دليل شرعي.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 240: كتاب المتاجر والبيوع/ باب آداب التجارة:
وقال شيخنا أبو جعفر، في مبسوطه: لا يجوز للإمام، ولا للنائب عنه، أن يسعر على أهل الأسواق، متاعهم من الطعام وغيره، سواء كان في حال الغلاء، أو في حال الرخص، بلا خلاف([16]).
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج2 ص240، 241: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
وإن شئت قلت: البيع على ضربين، بيوع الأعيان، وبيوع الموصوف في الذمة.
وبيع الأعيان على ضربين، بيع عين مشاهدة مرئية، وبيع خيار الرؤية. فأما بيع الأعيان المشاهدة المرئية، فهو أن يبيع الإنسان عبدا حاضرا، أو ثوبا مشاهدا، أو عينا من الأعيان، مشاهدة حاضرة مرئية، فيشاهد البايع والمشتري ذلك، فهذا بيع صحيح، بلا خلاف...
- السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 242: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
فأما بيع الموصوف في الذمة، فهو بيوع السلم، بفتح السين واللام، ويقال السلف، فهو أن يسلم في شيء موصوف، إلى أجل معلوم، محروس من الزيادة والنقصان، إما بالسنين والأعوام، أو الشهور والأيام. ويذكر الصفات المقصودة، فهذا أيضا بيع صحيح، بلا خلاف...
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج2 ص243، 244: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
فأما الحيوان، فإنه يثبت فيه الخيار ثلاثا، بمجرد العقد، شرطا أم لم يشرطا، على ما قدمناه، للمشتري خاصة، على الصحيح من أقوال أصحابنا ومذهبهم.
وقال السيد المرتضى: يثبت للبايع والمشتري معا، والأول مذهب شيخنا المفيد، وشيخنا أبي جعفر، وجلة أصحابنا. وأيضا فالعقد يثبت بالإيجاب والقبول، وقال الله تعالى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} فمن أثبت الخيار لأحدهما، يحتاج إلى دليل شرعي، قاطع للأعذار، وإجماعنا منعقد على أن الخيار للمشتري، فمن أثبته للبايع، يحتاج إلى دليل.
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 244: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
فأما الصرف، فيدخله خيار المجلس، لعموم الخبر، فأما خيار الشرط، فلا يدخله أصلا، إجماعا، لأن من شرط صحة هذا العقد، القبض قبل التفرق.
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج2 ص245، 245: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
فأما الرهن، فإنه يلزم بالإيجاب والقبول، دون الاقباض، وبعض أصحابنا، يذهب إلى أنه لا يلزم، ولا ينعقد إلا بالإقباض، والأول هو الأظهر في المذهب، ويعضده قوله تعالى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} فأما قوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} فهذا دليل الخطاب، ودليل الخطاب عندنا غير صحيح، وقد يرجع عن ظاهره بدليل، والآية المتقدمة دليل عليه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 245: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
وعقد الصلح لا يدخله خيار المجلس، لأن خيار المجلس يختص عقد البيع، والصلح عندنا ليس ببيع، ولا هو فرع البيع...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 246: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
وأما عقد النكاح، فلا يدخله الخياران، للإجماع على ذلك.
- السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 246: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
وأما الكتابة، فعلى ضربين، عندنا، مشروطة، ومطلقة...
-السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 246: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
وأما الطلاق، فليس بعقد، فلا يدخله الخياران معا. وكذلك العتق، لا يدخله الخياران معا، بغير خلاف بيننا.
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج2 ص247، 248: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
ومتى وطأ المشتري في مدة الخيار لزمه البيع، واستقر عليه، وبطل خياره، ولم يجب عليه شيء، ويلحق به الولد، ما لم يفسخ البايع، فإن فسخ، كان الولد لاحقا بأبيه، ويلزمه للبايع قيمته، إن لو كان عبيدا، وعشر قيمة الجارية، إن كانت بكرا، أو نصف العشر، إن كانت ثيبا، وإن لم يكن هناك ولد، لزمه عشر قيمتها، إن كانت بكرا، وإن كانت ثيبا، نصف عشر قيمتها، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه، ومبسوطه.
والذي يقتضيه أصول مذهبنا، أن المشتري لا يلزمه قيمة الولد، ولا عشر قيمة الجارية بحال، وسواء فسخ البايع البيع، أو لم يفسخ لأنه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة، ولا إجماع، لأن الولد انعقد حرا، ولا قيمة للحر، فأما عشر القيمة لأجل وطئها، فما ورد، إلا فيمن اشترى جارية، ووطأها، فظهر بها حمل، ردها، ورد معها عشر القيمة، إن كانت بكرا، وإن كانت ثيبا، نصف العشر، ولم يرد في هذا نص، والقياس عندنا باطل.
وإنما ذكر ذلك شيخنا في مسائل خلافه على رأي بعض المخالفين، في أن المبيع لا ينتقل إلى المشتري، إلا بشرطين، بالعقد، وبانقضاء الشرط، وعند أصحابنا أنه ينتقل إلى ملك المشتري، بمجرد العقد.
- السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 248: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
ومتى وطأ البايع في مدة الخيار، كان ذلك فسخا للبيع، إجماعا([17]).
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 249: باب حقيقة البيع وبيان أقسامه وعقوده وجمل من أحكامه:
خيار المجلس، والشرط، موروث عندنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 251، 252: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
فأما قوله تعالى: {فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ} المراد به والله أعلم، فله ما سلف من الوزر، وغفران الذنب، وحق القديم سبحانه بعد انتهائه، وتوبته، لأن إسقاط الذنب عند التوبة، تفضل عندنا، بخلاف ما يذهب إليه المعتزلة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 252: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
ولا ربا بين الولد ووالده، ولا بين العبد وسيده، لأن مال العبد لسيده، ولا بين الرجل وأهله، المراد بأهله هاهنا امرأته، دون قراباته من الأهل، والدليل على أن المراد بأهله امرأته هاهنا، قول تعالى في قصة موسى: {وَسَارَ بِأَهْلِهِ} ولا خلاف أن المراد بذلك، امرأته بنت شعيب، لأنه ما كان معه غيرها من قراباته.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 252، 253: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
والربا يثبت بين المسلم وأهل الذمة، كثبوته بينه وبين مسلم مثله، وهذا هو الصحيح من أقوال أصحابنا، وإليه يذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي في جميع كتبه.
وذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا ربا بين المسلم وأهل الذمة، وجعلهم كالحربيين، ذهب إلى ذلك شيخنا المفيد، وابن بابويه، وغيرهما. والأول هو المعتمد ويعضده ظاهر التنزيل، وهو قوله تعالى: {وأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} فخرج من ذلك أهل الحرب، بالإجماع المنعقد من أصحابنا، وبقي من عداهم داخلا في عموم الآية، فلا يجوز التخصيص للعموم، إلا بأدلة موجبة للعلم، قاطعة للأعذار...
وجميع ما ذكرناه أنه لا ربا بينه وبين غيره، لكل واحد مهما أن يأخذ الفضل والزيادة، ويعطي الفضل والزيادة، إلا أهل الحرب على ما حررناه، للإجماع على ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 253: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
ولا يكون الربا المنهي عنه المحرم في شريعة الإسلام، عند أهل البيت عليهم السلام، إلا فيما يكال أو يوزن، فأما ما عداهما من جميع المبيعات، فلا ربا فيها بحال...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 253، 255: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
وإذا اختلف الجنسان فلا بأس بالتفاضل فيهما نقدا ونسيئة، إلا الدراهم والدنانير، فلا يجوز النسيئة فيهما، لا متماثلا ولا متفاضلا، ويجوز ذلك نقدا متفاضلا، ومتماثلا بغير خلاف بين أصحابنا، لقوله عليه السلام المجمع عليه.
إذا اختلف الجنس فبيعوا كيف شئتم ولو لا الإجماع المنعقد على تحريم بيع الدنانير والدراهم نسيئة، لجاز ذلك، لأنه داخل في عموم قوله عليه السلام، فخصصناهما بالإجماع، وبقي الباقي وما عداهما على أصل الإباحة...
وأيضا قوله عليه السلام المجمع عليه: إذا اختلف الجنس فبيعوا كيف شئتم...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 254، 256: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
قال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا اختلف الجنسان، فلا بأس بالتفاضل فيهما نقدا ونسيئة، إلا الدراهم والدنانير، والحنطة والشعير، فإنه لا يجوز بيع دينار بالدراهم نسيئة ويجوز ذلك نقدا، بأي سعر كان، وكذلك الحكم في الحنطة والشعير، فأنه لا يجوز التفاضل فيهما، لا نقدا ولا نسيئة لأنهما كالجنس الواحد، هذا آخر كلام شيخنا رحمه الله.
قال محمد بن إدريس: لا خلاف بين المسلمين، العامة والخاصة، أن الحنطة والشعير جنسان مختلفان، أحدهما غير الآخر، حسا ونطقا، ولا خلاف بين أهل اللغة واللسان العربي في ذلك، فمن ادعى أنهما جنس واحد، أو كالجنس الواحد، يحتاج إلى أدلة قاطعة للأعذار، من إجماع منعقد، أو كتاب، أو سنة متواترة، ولا إجماع على ذلك، ولا نص في كتاب الله تعالى، ولا سنة مقطوعا بها متواترة، وقد قلنا إن أخبار الآحاد، لا توجب علما ولا عملا، ولا يخص بها الإجماع، ولا الأدلة...
وكذلك ابن أبي عقيل، من كبار مصنفي أصحابنا، ذكر في كتابه، فقال: وإن اختلف الجنسان، فلا بأس ببيع الواحد بأكثر منه، وقد قيل: لا يجوز الحنطة بالشعير، إلا مثلا بمثل سواء، لأنهما من جنس واحد، بذلك جاءت بعض الأخبار، والقول والعمل على الأول، هذا آخر كلامه.
وأيضا قوله عليه السلام المجمع عليه: إذا اختلف الجنس فبيعوا كيف شئتم، وقد اختلف الجنس في الحنطة والشعير، صورة وشكلا، ولونا وطعما، ونطقا وإدراكا وحسا، فإذا كان لا إجماع على المسألة، ولا كتاب الله تعالى، ولا سنة متواترة، بل الكتاب المنزل على الرسول عليه السلام يخالفها، والإجماع من الفرقة المحقة يضادها، ودليل العقل يأباها، فما بقي إلا تقليد الواضع لها في كتابه، ولا خلاف أنه لا يجوز تقليد ما يوجد في سواد الكتب إذا لم تقم على صحته الأدلة الواضحة، والبراهين اللايحة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 256: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
ولا بأس ببيع قفيز من الذرة، أو غيرها من الحبوب، بقفيزين من الحنطة أو الشعير، أو غيرهما من الحبوب، يدا ونسيئة بغير خلاف على ما أصلناه، وحررناه، فيما تقدم، وقوله عليه السلام: “إذا اختلف الجنس فبيعوا كيف شئتم” وإنما روي كراهية بيع ذلك نسيئة دون أن يكون ذلك محرما محظورا، وهذا مقالة جميع أصحابنا بغير خلاف بينهم...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 257: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
وأيضا فقد بينا أن حقيقة الربا في عرف الشرع بيع المثل بالمثل متفاضلا، من المكيل والموزون، وأنه لا ربا عندنا إلا في المكيل والموزون، بغير خلاف بيننا، وبيع البعير بالبعيرين، والدار بالدارين، وما أشبه ذلك، ليس بمكيل ولا موزون، فخرج ذلك من حقيقة الربا المنهي عنه في شريعة الإسلام، ودخل ذلك في عموم قوله تعالى: {وأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} وهذا بيع بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 258: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
قال محمد بن إدريس: أما قوله رحمه الله: “ولا يجوز بيع الغنم باللحم لا وزنا ولا جزافا”، إن أراد الجزاف، فلا يجوز، لأن ما يباع بالوزن، لا يجوز بيعه ولا شراؤه جزافا، بلا خلاف بيننا، وأما قوله: “لا وزنا” فهذا فيه كلام، إن أراد بذلك أنه ربا، فقد قال في مبسوطه ما حكيناه عنه، من أنه إذا باع عينا بعين، فإن كان في إحداهما الربا، والأخرى لا ربا فيها، فإن بيع ذلك جائز، وهذا من ذاك.
وأيضا كان يفسد عليه إطلاق كلامه في نهايته، من قوله: “لا يجوز بيع الغنم باللحم” ولم يقل أي اللحمان هو، لأنه إذا كان لحم غير الغنم، فلا بأس على ما ذكره في مسائل خلافه ومبسوطه، لأنه قد اختلف الجنس.
وأيضا الإجماع منعقد، على أنه لا ربا إلا فيما يكال ويوزن، إذا بيع المثل بالمثل وزيادة...
فإن قيل: فعلى هذا التقرير والتحرير، يجوز بيع الغنم باللحم، يدا بيد، فهل يجوز ذلك نسيئة قلنا: إن أسلف الغنم في اللحم، لا يجوز بغير خلاف، لأن السلم في اللحم عندنا لا يجوز...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 258، 259: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
ثم قال شيخنا في نهايته: ولا يجوز أيضا بيع الرطب بالتمر، مثلا بمثل، لأنه إذا جف نقص.
قال محمد بن إدريس: وهذا غير واضح، بل يجوز ذلك، ومذهبنا ترك التعليل والقياس، لأنه كان يلزم عليه، أن يجوز بيع رطل من العنب، برطل من الزبيب وهذا لا يقول به أحد من أصحابنا، بغير خلاف.
وأيضا فلا خلاف أن بيع الجنس بالجنس مثلا بمثل، جائز سايغ، والمنع منه يحتاج إلى دليل، وقوله تعالى: {وأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} يدل على جوازه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 261: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
ولا يجوز بيع البسر بالتمر، متفاضلا، ويجوز متماثلا، لأنهما جنس واحد، بغير خلاف، فلو كان التعليل في المنع، من جواز بيع الرطب بالتمر صحيحا، لما جاز بيع البسر بالتمر، مثلا بمثل، ولا خلاف بين أصحابنا في ذلك، من أنه لا يجوز بيع البسر بالتمر متفاضلا، وإن اختلف جنسه، ولا بيع نوع من تمر بأكثر منه، من غير ذلك، لأن ما يكون من النخل، في حكم النوع الواحد، بغير خلاف بين أصحابنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 262: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
لأنا قد بينا أن الربا عندنا في المكيل والموزون مع التفاضل، والجنس واحد...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 263: باب الربا وأحكامه وما يصح فيه وما لا يصح:
قال رحمه الله في مسائل الخلاف: مسألة، لا ربا في المعدودات، ويجوز بيع بعضه ببعض متماثلا، متفاضلا، نقدا ونسيئة، وللشافعي فيه قولان، ثم قال رحمه الله: دليلنا الآية، وأيضا الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل، وأيضا عليه إجماع الفرقة، وأخبارهم تدل على ذلك، هذا آخر كلام شيخنا في مسائل خلافه([18]).
وهو الحق اليقين، فقد رجع عما ذكره في نهايته، واستدل بالآية وإجماع الفرقة وبأخبارهم، فليت شعري، والذي ذكره في نهايته من أين قاله...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 265، 266: باب الصرف وأحكامه:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا كان لإنسان على صيرفي دراهم، أو دنانير، فيقول له: حول الدنانير إلى الدراهم، أو الدراهم إلى الدنانير، وساعره على ذلك، كان ذلك جائزا، وإن لم يوازنه في الحال، ولا يناقده، لأن النقدين جميعا من عنده.
قال محمد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: إن أراد بذلك، أنهما افترقا قبل التقابض من المجلس، فلا يصح ذلك، ولا يجوز بغير خلاف، لأن الصرف لا يصح أن يفترقا من المجلس، إلا بعد التقابض، فإن افترقا قبل أن يتقابضا، بطل البيع والصرف، وإن أراد أنهما تقاولا على السعر، وعينا الدراهم المبتاعة، أو الدنانير المبيعة، وتعاقدا البيع، ولم يوازنه، ولا ناقده، بل نطق البايع بمبلغ المبيع، ثم تقابضا قبل التفرق والانفصال من المجلس، كان ذلك جائزا صحيحا، وإن أراد الأول فذلك باطل، بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 268: باب الصرف وأحكامه:
ولا بأس أن يبيع الإنسان ماله على غيره، من الدراهم والدنانير، بدراهم معينة ودنانير معينة، ويقبضها قبل التفرق من المجلس، من الذي هي عليه، على ما أسلفنا القول فيه، وحررناه، ولا يجوز له أن يبيعها إياه بدراهم، أو دنانير غير معينة، لأنها إذا كانت غير معينة، فإنها تكون في ذمته، وإذا كانت في ذمته، فهي دين عليه، فيصير بيع دين بدين، لأن الأثمان عندنا تتعين...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 275: باب الشرط في العقود:
إلا أنه رحمه الله رجع عن هذا في الجزء الثاني من مسائل خلافه، فقال: مسألة، إذا باع إنسان ملك غيره بغير إذنه، كان البيع باطلا، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: ينعقد البيع ويقف على إجازة صاحبه، وبه قال قوم من أصحابنا، قال رحمه الله: دليلنا إجماع الفرقة ومن خالف منهم لا يعتد بقوله، وأنه لا خلاف أنه ممنوع من التصرف في ملك غيره، والبيع تصرف، وأيضا روى حكيم عن النبي عليه السلام، أنه نهى عن بيع ما ليس عنده، وهذا نص، وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي عليه السلام، أنه قال: لا طلاق إلا فيما يملك، ولا عتق إلا فيما يملك، ولا بيع إلا فيما يملك، فنفى عليه السلام البيع من غير الملك، ولم يفرق، هذا آخر كلام شيخنا([19]).
فانظر يرحمك الله، إلى قوله رحمه الله: دليلنا إجماع الفرقة، ومن خالف منهم لا يعتد بقوله...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 277، 279: باب الشرط في العقود:
وإذا باع الإنسان شيئا، ولم يقبض المتاع، ولا قبض الثمن، ومضى المشتري، ولم يشترطا خيارا لهما، ولا لأحدهما، ولا ضربا للثمن أجلا، ولا قبض أحدهما شيئا من المعوضين، لا الثمن ولا المثمن، ففي هذه الصورة يكون العقد موقوفا، عند أصحابنا إلى ثلاثة أيام، فإن جاء المبتاع في مدة الثلاثة الأيام، كان البيع له، وإن مضى ثلاثة أيام، كان البايع أولى بالمتاع، إن شاء فسخ البيع، وإن شاء لم يفسخه، وطالب المشتري بالثمن، لا يجبر على أحد الأمرين، بل الخيرة له في ذلك.
فإن هلك المتاع في مدة هذه الثلاثة الأيام، ولم يكن قبضه إياه، ولا قبض ثمنه، ولا مكنه من قبضه، على ما حررناه، فقد اختلف قول أصحابنا في ذلك، فذهب شيخنا المفيد، والسيد المرتضى، وغيرهما، إلى أن هلاكه من مال المشتري، وذهب شيخنا أبو جعفر، وجماعة من أصحابنا، إلى أن هلاكه من مال البايع، دون مال المبتاع، إن هلك بعد الثلاثة الأيام، كان من مال البايع، دون مال المبتاع على كل حال عند الجميع، وعلى الأقوال كلها بغير خلاف.
والذي يقوى في نفسي، ما ذهب إليه شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله، لأن الإجماع حاصل منعقد في غير هذه الصورة، أن المبيع إذا هلك قبل أن يقبضه بايعه، للمشتري، أو قبل تمكين البايع للمشتري من قبضه فإنه يهلك من مال بايعه وهذا من ذاك وأيضا فلا خلاف أن بعد الثلاثة الأيام يهلك من مال بايعه، والخيرة له، ولا خيرة للمشتري، بل العقد لزمه، واستقر عليه، ولا خيار له، وإنما هلك من ماله، لأنه ما مكن المشتري من قبضه، ولا قبضه إياه، وفي قبل انقضاء المدة التي هي الثلاثة الأيام، هذا حكمه، والدليل قائم فيه، ثابت، لأن القبض ما حصل، ولا التمكين من القبض حصل...
واحتج شيخنا المفيد، لمقالته في مقنعته، بأن قال: ولو هلك المبيع في مدة هذه الثلاثة الأيام، كان من مال المبتاع، دون البايع، لثبوت العقد بينهما عن تراض، وإن هلك بعد الثلاثة الأيام، كان من مال البايع، لأنه أحق به، وأملك، على ما بيناه، هذا آخر كلام شيخنا المفيد رحمه الله. فعلل رحمه الله، واستدل، بأن قال “كان من مال المبتاع، دون البايع، لثبوت العقد بينهما” وهذا التعليل والاستدلال يلزمه بعد الثلاثة الأيام، لأن العقد ثابت بينهما بغير خلاف، إذا لم يختر فسخه البايع، وعنده رحمه الله، أنه إذا هلك بعد الثلاثة الأيام، فإنه من مال بايعه، وإن لم يفسخ البيع، والثبوت الذي استدل به قبل مضي الثلاثة الأيام، قائم بعد الثلاثة الأيام، بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 282، 284: باب الشرط في العقود:
وإذا اختلف البايع والمشتري في ثمن المبيع، وكان الشيء قائما بعينه، كان القول قول البايع، مع يمينه بالله، وإن لم يكن قائما بعينه، كان القول قول المبتاع، مع يمينه بالله تعالى.
وقال بعض أصحابنا، وهو أبو علي بن الجنيد، وأبو الصلاح، صاحب كتاب الكافي، في كتابه، وغيرهما من أصحابنا: إن كان الشيء في يد بايعه فالقول قوله مع يمينه في ثمنه، وإن كان في يد مشتريه، فالقول قول المشتري، واحتج لذلك، بأنه إذا كان في يد بايعه بعد، فالمشتري يريد انتزاعه من يده، فالقول قول من ينتزع الشيء من يده، وإن كان في يد مشتريه فصاحبه يعني بايعه، يدعي زيادة على ما أقر به المشتري، فلا تقبل دعواه، إلا ببينة.
والآخر من أصحابنا، لم يفرق بهذا الفرق، بل قال: متى كانت العين قائمة باقية، فالقول قول البايع في مقدار الثمن، مع يمينه، سواء كانت العين في يد بايعه، أو مشتريه، فأما إذا اختلف ورثة البايع والمشتري، في قدر الثمن، فلا خلاف بين أصحابنا، أن القول قول ورثة المشتري، في قدره، سواء كانت العين قائمة، أو تالفة، لأن حمل هذا على ذاك قياس، ولو لا ما بيناه، لما جاز ذلك، وقول ابن الجنيد قوي، لأن إجماع الأمة منعقد على أن على المدعي البينة، وعلى الجاحد اليمين، ولا خلاف أن البايع مدع، في الحالين، فأما إذا كان الشيء في يده، فالمشتري يدعي انتزاعه من يده، فيكون القول قول البايع هاهنا، لأنه مدعى عليه، وإطلاق قول الآخر من أصحابنا، يخص بالأدلة، لأن العموم قد يخص بالدليل، وشيخنا أورد في تفصيل ذلك، خبر واحد مرسلا، في تهذيب الأحكام لم يورد غيره، وأخبار الآحاد المسانيد، لا توجب علما ولا عملا، فكيف الآحاد المراسيل، ويمكن حمله على ما قاله ابن الجنيد، وغيره من أصحابنا، وحررناه نحن، واخترناه، لما قدمناه، من قيام الأدلة بمقتضاه، ولم يذهب إلى القول الأول، سوى شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله، ومن اتبعه، وقلده، في تصنيفه. ثم إنه استدل في مسائل خلافه، بإجماع الفرقة والأخبار([20]).
ومن أجمع معه، وأي أخبار وردت له، وإنما هو خبر واحد مرسل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 284، 285: باب الشرط في العقود:
ومتى باعها بشرط المواضعة، لم يبطل البيع، وإن باعها مطلقا، ثم اتفقا على المواضعة، جاز أيضا، فإن هلكت، أو عابت، نظر، فإن كان المشتري قبضها ثم جعلت عند عدل، فالعدل وكيل المشتري، ويده كيده، إن هلكت، فمن ضمان المشتري، وإن عابت فلا خيار له، وإن كان البايع سلمها إلى العدل، قبل القبض، فهلكت في يده، بطل البيع، وإن عابت، كان المشتري بالخيار.
قال محمد بن إدريس وهذا الذي ذكره في معنى المواضعة والهلاك، وهل قبضها أو لم يقبضها، هو الصحيح، ومسألة النهاية، لا تصح إلا على هذا التحرير، وإلا إذا تسلمها المشتري، واستبرأها في يده، بعد قبضها، فمتى هلكت قبل مضي الثلاثة الأيام، وقبل التصرف فيها، فإنها تهلك من مال بايعها، دون مشتريها، وإن هلكت بعد مضي الثلاثة الأيام، التي هي شرط في الحيوان، أو بعد التصرف فيها، فإنها تهلك من مال المشتري، بغير خلاف، للإجماع المنعقد من أصحابنا، أن الحيوان إذا هلك في مدة الثلاثة الأيام، قبل تصرف المشتري فيه، فإنه يهلك من مال بايعه، فإن هلك بعد ذلك، فمن مال المشتري، فعلى هذا يجب أن يكون الفتوى والعمل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 285: باب الشرط في العقود:
وقال رحمه الله في نهايته: ومن اشترى شيئا بحكم نفسه، ولم يذكر الثمن بعينه، كان البيع باطلا فإن هلك الشيء في يد المبتاع، كان عليه قيمته يوم ابتاعه، هكذا قال شيخنا أبو جعفر في نهايته.
والذي تقتضيه أصول المذهب، أن الشيء المبيع، إن كان له مثل، فعليه مثله، لا قيمته، وإن اعوز المثل، فعليه ثمن المثل، يوم الإعواز، وإن كان المبيع مما لا مثل له، فإنه يجب عليه قيمته، أكثر ما كانت إلى يوم الهلاك، لأن هذا بيع فاسد، والبيع الفاسد عند المحصلين، يجري مجرى الغصب، في الضمان.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 286: باب الشرط في العقود:
والأولى أن يقال: البيع باطل، لأن كل مبيع لم يذكر فيه الثمن، يكون باطلا، بلا خلاف بين المسلمين...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 286: باب الشرط في العقود:
ومن ابتاع شيئا بدراهم، أو دنانير، وذكر النقد بعينه، كان له من النقد ما شرط، فإن لم يذكر نقدا بعينه، كان له ما يجوز بين الناس في الغالب، فإن اختلفا في الشرط والذكر، فالقول قول البايع، مع بقاء السلعة، لإجماع الطائفة، لأنهما إذا اختلفا في الثمن، كان القول قول البايع، مع بقاء السلعة والقول قول المشتري مع عدمها.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 287: باب البيع بالنقد والنسية والمرابحة:
فإن ذكر المتاع بأجلين ونقدين مختلفين، بأن يقول: ثمن هذا المتاع كذا عاجلا، وكذا آجلا، ثم أمضى البيع، كان له أقل الثمنين، وأبعد الأجلين هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته.
والصحيح من المذهب، أن هذا البيع باطل، لأن الثمن مجهول في حال العقد، وكل بيع كان الثمن مجهولا في حال عقده، فهو باطل بغير خلاف، بين الأمة، وسلار من أصحابنا يذهب إلى ما اخترناه، في رسالته.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 289: باب البيع بالنقد والنسية والمرابحة:
ولا بأس أن يبيع الإنسان متاعا حاضرا إلى أجل، ثم يبتاعه منه في الحال، ويزن الثمن بزيادة مما باعه، أو نقصان، وإن اشتراه منه نسية أيضا، كان جائزا، ولا يجوز تأخير الثمن عن وقت وجوبه بزيادة فيه، ولا بأس بتعجيله بنقصان شيء منه، بغير خلاف بين أصحابنا، فإن اتفقا على تأجيل ما قد حل، فإنه لا يصير موجلا، ويجوز لمن أجله أن يطالب به في الحال، سواء كان ذلك ثمنا، أو أجرة، أو صداقا، أو كان قراضا، أو أرش جناية، بغير خلاف بين أصحابنا. وشيخنا أبو جعفر، قد ذكر ذلك في مسائل خلافه، وأشبع القول فيه، واستدل بإجماع الفرقة على صحته.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 291، 292: باب البيع بالنقد والنسية والمرابحة:
ومن اشترى شيئا بنسية، فلا يبيعه مرابحة، فإن باعه كذلك، كان للمبتاع من الأجل، مثل ما له، هكذا أورده شيخنا في نهايته...
قال محمد بن إدريس: الذي يقوى عندي، وأفتي به، أن بيع المرابحة، مكروه غير محظور، وأن البيع صحيح، غير باطل، وهو الذي ذهب إليه شيخنا أبو جعفر، في مسائل خلافه، ومبسوطه، لأن بطلانه يحتاج إلى دليل، والله تعالى قال: {وأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} وهذا بيع بغير خلاف، فمن أبطله يحتاج إلى دليل، وما ورد في ذلك من الأخبار فحمله على الكراهة هو الأولى.
إلا أن جملة الأمر، وعقد الباب، أن المكروه من بيع المرابحة، أن يكون الربح محمولا على المال، ولا بأس أن يكون الربح محمولا على المتاع، مثال ذلك، أن يقول: هذا المبيع، اشتريته بمائة دينار، ويذكر نقدها، وبعتك إياه بمائة وعشرة دنانير، فهذا لا مكروه، ولا محظور على القولين معا، لأن الربح هيهنا محمول على المتاع، فأما المكروه على الصحيح من المذهب، على ما اخترناه، أو المحظور على القول الآخر، فمثاله أن يقول: هذا المبيع اشتريته بمائة دينار، ويذكر نقدها، وبعتك إياه بمائة، وبربح كل عشرة دينارا فهذا هو المكروه أو المحظور...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 293، 294: باب البيع بالنقد والنسية والمرابحة:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا قوم التاجر، متاعا على الواسطة بشيء معلوم، وقال له: بعه، فما زدت على رأس المال، فهو لك، والقيمة لي، كان ذلك جائزا...
قال محمد بن إدريس: وأي شراء جرى بين التاجر وبين الواسطة، حتى يخبر بالثمن، وليس هذا موضوع بيع المرابحة في الشريعة، بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 298: باب العيوب الموجبة للرد:
وإذا حدث بالمبيع عيب في يد البايع بعد عقده البيع، ولم يكن به عيب قبل عقدة البيع، كان للمشتري الرد والإمساك، وليس له إجازة البيع مع الأرش، ولا يجبر البايع على بذل الأرش، بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 298: باب العيوب الموجبة للرد:
ومن ابتاع أمة، فظهر له فيها عيب، لم يكن علم به حال ابتياعه إياها، كان له ردها، واسترجاع ثمنها، أو أرش العيب دون الرد، لا يجبر على واحد من الأمرين، فإن وجد بها عيبا بعد أن وطأها، لم يكن له ردها، وكان له أرش العيب خاصة، اللهم إلا أن يكون العيب من حبل، فله ردها على كل حال، وطأها أو لم يطأها، ويرد معها إذا وطأها نصف عشر قيمتها، إن كانت ثيبا، وإن كانت بكرا فعشر قيمتها بلا خلاف بيننا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 298، 299: باب العيوب الموجبة للرد:
ومتى وجد عيبا فيها بعد أن يعتقها، لم يكن له ردها، وكان له أرش العيب فإن وجد العيب بعد تدبيرها، أو هبتها، كان مخيرا بين الرد وأرش العيب، أيهما اختار كان له ذلك، لأن التدبير والهبة، له أن يرجع فيهما، وليس كذلك العتق، لأنه لا يجوز له الرجوع فيه، على حال، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر في نهايته.
والذي تقتضيه أصول المذهب، أن المشتري إذا تصرف في المبيع، فإنه لا يجوز له رده بعد ذلك، وله الأرش، ولا خلاف أن التدبير والهبة تصرف، وقوله رحمه الله: “لأن التدبير والهبة له أن يرجع فيهما” ليس كل تدبير ولا كل هبة له الرجوع فيهما، بل التدبير على ضربين، تدبير عن نذر، فلا يجوز له الرجوع فيه، على حال، وهبة لولده الأصغر، أو لولده الأكبر، بعد قبضه إياها، أو هبة الأجنبي بعد القبض، والتصرف فيها، أو التعويض عنها، فلا يجوز الرجوع فيها على حال، بغير خلاف، فإطلاق قوله رحمه الله ما يستقيم له.
وأيضا فالراهن، لا يجوز له تدبير عبده المرهون، لأنه ممنوع من التصرف في الرهن، وكان يلزم على ما اعتل به شيخنا أبو جعفر، من أن للمدبر أن يرجع في التدبير، وللواهب أن يرجع في الهبة، وإن المشتري إذا باع الجارية، وجعل لنفسه الخيار شهرا مثلا، أو أكثر من ذلك وقبضها المشتري، وتسلمها، وصارت عنده، أن يردها البايع الثاني، على البايع الأول، لأن له أن يرجع في هذا المبيع، على قود الاعتلال الذي اعتل به شيخنا، وهذا لا يقوله أحد منا بغير خلاف، ولا يتجاسر عليه أحد من الأمة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 299، 300: باب العيوب الموجبة للرد:
وترد الشاة المصراة، وهي التي جمع بايعها في ضرعها اللبن، يومين وأكثر من ذلك، ولم يحلبها، ليدلسها به على المشتري، فيظن إذا رأى ضرعها، وحلب لبنها، أنه لبن يومها، لعادة لها، وكذلك حكم البقرة والناقة، ولا تصرية عندنا في غير ذلك، فإذا أراد ردها، رد اللبن الذي احتلبه، إن كان موجودا، وإن كان هالكا معدوما، رد مثله، لأن اللبن له مثل، ويضمن بالمثلية، فإن اعوز المثل، رد قيمة ما احتلب من لبنها، بعد إسقاط ما أنفق عليها، إلى أن عرف حالها.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: عوض اللبن الذي يحلبه من المصراة، إذا أراد ردها، صاع من تمر، أو صاع من بر، وإن أتى على قيمة الشاة، واستدل على ذلك بإجماع الفرقة، وأخبارهم.
قال محمد بن إدريس: والأول هو الصحيح، وإليه يذهب رحمه الله في نهايته، وهو أيضا قول شيخنا المفيد في مقنعته وأصول المذهب دالة عليه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 301، 303: باب العيوب الموجبة للرد:
قلنا: جميع ما يظهر بالرقيق، من العيوب بعد الثلاث، وقبل التصرف، لا يرد منه إلا ثلاثة عيوب، البرص، والجذام، والجنون، فإنه يرد عند أصحابنا، من هذه الثلاثة عيوب، إذا وجدت فيه، ما لم يمض سنة من وقت الشراء، فأما إن تصرف فيه، فلا يجوز له الرد، ولم يبق فرق بين الثلاثة العيوب وغيرها من العيوب بعد التصرف، بل له الأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا، ويسقط الرد.
فإن قيل: فما بقي فرق بين الثلاثة عيوب وغيرها، وأصحابنا كلهم يفرقون بين ذلك، ويردون من العيوب الثلاثة، ما بين الشراء وسنة.
قلنا: الفرق بين العيوب الثلاثة وغيرها ظاهر، وهو أن ما يظهر من العيوب بعد الثلاثة الأيام، وقبل التصرف لا يرد به الرقيق، لأنه ظهر بعد تقضي الثلاثة الأيام، التي له الخيار فيها، ولم يدل دليل على أنها كانت فيه وقت ابتياعه إياه، ولا في مدة الخيار التي هي الثلاثة الأيام، فأما العيوب الثلاثة، فإنها متى ظهرت بعد الثلاثة الأيام، إلى مدة السنة من وقت البيع، وقبل التصرف في الرقيق، فإنها ترد بها، لأن الدليل، وهو الإجماع، قد دل على ذلك، فقلنا به كما أن كل عيب يحدث بعد الشراء في مدة الثلاثة الأيام، يرد به الرقيق، إذا لم يكن تصرف فيه مشتريه، في الثلاثة الأيام...
ولئن خطر بالبال، وقيل: الفرق بينها وبين غيرها من العيوب، هو أن غيرها بعد التصرف، ليس للمشتري الرد، والعيوب الثلاثة له الرد بعد التصرف، فافترقت العيوب من هذا الوجه لا من الوجه، الذي ذكرتموه.
قلنا له: هذا خلاف إجماع أصحابنا، ومناف لأصول المذهب، لأن الإجماع حاصل، على أن بعد التصرف في المبيع، يسقط الرد، بغير خلاف بينهم، والأصول مبنية، مستقرة على هذا الحكم.
فإن قيل: فما بقي لاستثناءهم العيوب الثلاثة، وأنها ترد بها الرقيق، ما بين الشراء وبين سنة معنى، ولا فائدة.
قلنا: الفائدة والمعنى، هو الوجه الذي قدمناه، ليسلم هذا الإجماع، والأصول الممهدة المقررة، لأن الكلام والأخبار، في الرد إلى سنة من الثلاثة العيوب مطلق، لم يذكر فيه تصرف أو لم يتصرف، والشارع إذا خاطبنا بخطاب مطلق، يجب علينا أن نحمله على إطلاقه وعمومه، إلا أن يكون له تخصيص وتقييد، لغوي أو عرفي، أو شرعي فيرجع في إطلاقه إليه، لأن المطلق يحمل على المقيد، إذا كان الجنس واحدا، والعين واحدة، والحكم واحدا كما قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} فإذا سئلنا عن دم السمك، هل هو نجس أم لا؟ فجوابنا بأجمعنا أنه طاهر، فإن استدل علينا بالآية المتقدمة، التي أطلق الدم فيها، ودم السمك دم بغير خلاف، قلنا: فقد قال تعالى في آية أخرى: {أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} فقيده بالسفح، ودم السمك غير مسفوح، فيجب أن يحمل المطلق على المقيد، لأنه حكم واحد، وعين واحدة، وجنس واحد،
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 303، 304: باب العيوب الموجبة للرد:
ومن اشترى جارية، على أنها بكر، فوجدها ثيبا، قال شيخنا أبو جعفر، في نهايته: لم يكن له ردها، ولا الرجوع على البايع بشيء من الأرش، لأن ذلك قد يذهب من العلة والنزوة، ورجع في استبصاره، قال: يرجع عليه بالأرش، ما بين قيمتها بكرا وثيبا، وهذا هو الصحيح الذي يقتضيه أصول المذهب...
والذي يقوى عندي، أن ذلك، تدليس يجب به الرد، إن اختار المشتري، لأن الإجماع حاصل منعقد، على أن التدليس يجب به الرد، ولا إجماع على أن من اشترى جارية، على أنها بكر، فخرجت ثيبا، لا يردها، وإنما أورد ذلك شيخنا في نهايته، واختاره في باقي كتبه، ولم يورد فيه غير خبرين...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 308: باب السلف:
وقد قلنا: لا يجوز السلف فيما لا يتحدد بالوصف، مثل الخبز واللحم، وروايا الماء، فأما السلف في الماء نفسه أرطالا، إذا ضبطه بالوصف، فلا بأس به، وإنما منع أصحابنا من السلف في الخبز واللحم وروايا الماء، لاختلافها في الكبر والصغر...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 309، 310: باب السلف:
وإن حضر الأجل، وقال البايع: خذ مني قيمته الآن، جاز له أن يأخذ منه في الحال، ما لم يزد ثمنه على ما كان أعطاه إياه، فإن زاد على ذلك، لم يجز بيعه إياه، هذا إذا باعه بمثل ما كان اشتراه من النقد، فإن اختلف النقدان، بأن يكون قد اشتراه بالدراهم والدنانير، وباعه إياه في الحال بشيء من العروض، والمتاع، أو الغلات، أو الرقيق، والحيوان، لم يكن بذلك بأس، وإن كان لو قوم ما يعطيه في الحال، زاد على ما كان أعطاه إياه، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر في نهايته.
وقال غيره من أصحابنا: يجوز أن يبيعه من الذي هو عليه، إذا حضر الأجل وحل، بمثل ما باعه إياه، وأكثر منه، وأقل، إذا عين الثمن وقبضه قبل التفرق من المجلس، لئلا يصير بيع دين بدين، سواء كان من جنس الثمن الأول، أو من غير جنسه. وهذا هو الصحيح من الأقوال، والذي تقتضيه أصول المذهب، لأنه باع حنطة مثلا، أو شعيرا أو ثيابا، أو حيوانا بدراهم، أو دنانير، ولم يبع دنانير بدنانير، بأزيد منها وأكثر، لأنه بلا خلاف بيننا، ما يستحق في ذمة المسلم إليه، إلا المسلم فيه، دون الدنانير التي هي الأثمان، فما يبيعه إلا المسلم فيه، دون الثمن الأول، لأن الثمن الأول ما يستحقه، بل الذي يستحقه هو السلعة المسلم فيها، بغير خلاف، فإذا كان كذلك فله أن يبيعها بما شاء من الأثمان، ويلزم من ذهب إلى القول الأول من أصحابنا، أنه ما يستحق عليه إلا الثمن، دون المثمن، فيعقد معه، ويبيعه ذهبا بذهب، ولا خلاف أنه لا يستحق عليه ذهبا.
وأيضا فإنه يهرب من الربا، والربا يكون في الجنس الواحد، بعضه ببعض، وزيادة وهذا بيع جنس بغيره، وهذا ليس هو ربا. وأيضا فإن الله تعالى قال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} وهذا بيع بلا خلاف، فمن أبطله، يحتاج إلى دليل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 311، 312: باب السلف:
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: مسألة إذا باع طعاما، قفيزا بعشرة دراهم مؤجلة، فلما حل الأجل أخذ بها طعاما، جاز ذلك، إذا أخذ مثله، فإن زاد عليه لم يجز، وقال الشافعي: يجوز على القول المشهور، ولم يفصل، وبه قال بعض أصحابنا، وقال مالك: لا يجوز، ولم يفصل، دليلنا إجماع الفرقة، وأخبارهم ولأن ذلك يؤدي إلى بيع طعام بطعام، فالتفاضل فيه لا يجوز، والقول الآخر الذي لأصحابنا قوي، وذلك أنه بيع طعام بدراهم، في القفيزين معا، لا بيع طعام بطعام، فلا يحتاج إلى اعتبار المثلية، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر([21]).
فانظر أرشدك الله، إلى استدلال شيخنا، فإنه قال: وأقر، أن بعض أصحابنا يذهب في المسألة إلى خلاف ما اختاره رحمه الله ثم استدل بإجماع الفرقة، إلا أنه عاد في آخر الاستدلال إلى الحق، ورجع عما صدره، ونقض ما بناه أولا، ولم ينقض ما استدل به آخرا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 312: باب السلف:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: “ولا بأس بالسلم في مسوك الغنم -وأراد بمسوك الغنم، جلود الغنم، لأن المسك، بفتح الميم، وسكون السين، الجلد- إذا عين الغنم، وشوهد الجلود، ولم يجز ذلك مجهولا”.
قال محمد بن إدريس: هذا غير واضح، ولا مستقيم، من وجوه، أحدها إنه لا يمكن ضبطها بالوصف، لاختلاف ذلك وتباينه، والثاني قوله إذا شوهد الجلود، وعين الغنم، لأن السلم يكون في ذمة البايع، بحيث يكون مضمونا عليه، ولا يجوز أن يكون معينا في سلعة بعينها، أو ينسب إلى شجرة بعينها، أو غزل امرأة معينة، أو الحنطة من أرض معينة، وإذا عين الغنم، وشوهد الجلود، بطل السلف بغير خلاف، لأن الغنم إذا هلكت بطل السلم...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 314: باب السلف:
فأما الجلجلان، فهو السمسم بغير خلاف بين أهل اللغة، وقال بعضهم: إنه الكزبرة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 316: باب السلف:
ولا يجوز أن يسلف السمسم بالشيرج، ولا حب الكتان بدهنه.
وقال شيخنا في نهايته: ولا الكتان بالبزر.
ومقصوده بذلك، ما ذكرناه، لأنه حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، وذلك كثير في كلام العرب، وإلا أن أراد الكتان الذي هو الشعر الذي يغزل، فلا بأس بأن يسلفه بالبزر، بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 316، 317: باب السلف:
مسألة: إذا انقطع المسلم فيه، لم ينفسخ البيع، وبقي في الذمة، وللشافعي فيه قولان، أحدهما أنه ينفسخ، والآخر له الخيار، إن شاء رضي بتأخيره إلى قابل، وإن شاء فسخه، دليلنا إن هذا عقد ثابت، وفسخه يحتاج إلى دليل، وليس في الشرع ما يدل عليه، هذا آخر المسألة.
وقال رحمه الله أيضا، في الجزء الثاني من كتاب السلم: مسألة: إذا أسلم في رطب إلى أجل، فلما حل الأجل لم يتمكن من مطالبته، لغيبة المسلم إليه، أو غيبته، أو هرب منه، أو توارى من سلطان، وما أشبه ذلك، ثم قدر عليه، وقد انقطع الرطب، كان المسلف بالخيار، بين أن يفسخ العقد، وبين أن يصبر إلى عام القابل.
قال محمد بن إدريس: والمسألة الأولى، القول فيها هو الصحيح، دون الأخيرة، لأن الأخيرة اختار شيخنا رحمه الله فيها أحد قولي الشافعي، دليلنا على أن العقد لا ينفسخ، ولا يكون للمشتري الخيار في الفسخ، ما دل عليه رحمه الله، وهو أن العقد ثابت بالإجماع، وقوله تعالى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} وفسخه يحتاج إلى دليل، وليس في الشرع ما يدل عليه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 317، 318: باب السلف:
وليس من شرط صحة السلم، ذكر موضع التسليم، بغير خلاف بين أصحابنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 318: باب السلف:
الإقالة فسخ في عقد المتعاقدين، وليست ببيع، وإذا أقاله بأكثر من الثمن، أو بأقل كانت الإقالة فاسدة، دليلنا إن كل من قال بأن الإقالة فسخ على كل حال، قال بهذه المسألة، فالفرق بين الأمرين خارج عن الإجماع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 321: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
قد بينا أن ما يباع كيلا أو وزنا، فلا يجوز بيعه جزافا، فإن بيع كذلك، كان البيع باطلا، وكذلك ما يباع كيلا، فلا يجوز بيع الجنس منه ببعض وزنا، لأنا أخذ علينا التساوي فيما يباع كيلا بالمكيال، فإذا بيع بالوزن، ربما رد إلى الكيل، فيزيد أحدهما على الآخر، فيؤدي إلى الربا، فإن بيع بغير جنسه، جاز بيعه وزنا، فأما ما يباع وزنا، فلا يجوز بيعه كيلا، سواء بيع بجنسه، أو بغير جنسه، بغير خلاف، فإن كان ما يباع وزنا، يتعذر وزنه، جاز أن يكال، ثم يعتبر مكيال منه، ويؤخذ الباقي على ذلك الحساب.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 322: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
وقد بينا أن أخبار الآحاد عند أصحابنا، لا توجب علما ولا عملا، والواجب على المفتي الرجوع في صحة الفتوى، إلى الأدلة القاطعة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 323: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
وروي أنه لا بأس أن يشتري الإنسان تبن البيدر، لكل كر من الطعام تبنه، يعني تبن الكر، -فالهاء ضمير الكر- بشيء معلوم، وإن لم يكل بعد الطعام.
أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر في نهايته في باب الغرر. والأولى ترك العمل بها، لأنه شراء مجهول، ومبيع غير معلوم وقت العقد، والبيع يحتاج في صحته إلى أن يكون معلوم المقدار، وقت العقد عليه، وهذا غير معلوم ولا محصل، فالبيع باطل، لأنه لا فرق بين ذلك، وبين من قال بعتك هذه الصبرة الطعام، كل قفيز بدينار، ولم يخبر كم فيها وقت البيع والعقد، ولا كالها ذلك الوقت، ويكون العقد والصحة موقوفا على كيلها، فإذا كالها، صح البيع المتقدم، وهذا باطل بالإجماع.
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 325، 326: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
ومن غصب غيره متاعا، وباعه من غيره، ثم وجده صاحب المتاع عند المشتري، كان له انتزاعه من يده، فإن لم يجده حتى هلك في يد المبتاع، كان المغصوب منه مخيرا، في الرجوع على من شاء منهما، فإن رجع على الغصب، رجع عليه بأكثر القيم إلى يوم الهلاك، وإن رجع على المشتري، رجع عليه بأكثر القيمة من وقت شرائه إلى وقت هلاكه، ويرجع المشتري على الغاصب، بما غرمه من المنافع، التي لم يحصل له في مقابلتها نفع، إلا أن يكون المشتري علم أنه مغصوب، واشتراه، فيلزمه القيمة وغيرها لصاحبه، ولا درك له على الغاصب، من رجوع بالثمن، ولا غيره، لأنه ما غره، بل دخل مع العلم.
فإن اختلف في قيمة المتاع، كان القول قول الغارم، لأنه الجاحد لزيادة القيمة المدعاة، وصاحب السلعة هو المدعي. وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: فإن لم يجده حتى هلك في يد المبتاع، رجع على الغاصب بقيمته يوم غصبه إياه. وهذا القول غير واضح، والمعتمد([22]) على ما قلناه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 326: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
ومتى ابتاع بيعا فاسدا، فهلك المبيع في يده، أو حدث فيه فساد، كان ضامنا لقيمته، أكثر ما كانت إلى يوم التلف والهلاك، والأرش ما نقص من قيمته بفساده، لأنه باق على ملك صاحبه، ما انتقل عنه، فهو عند أصحابنا بمنزلة الشيء المغصوب، إلا في ارتفاع الإثم بإمساكه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 326: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
ولا بأس أن يشترط الإنسان على البايع، فيما يشتريه منه شيئا من أفعاله، إذا كان مقدورا له، فأما إذا لم تكن مقدورا له، فلا يجوز اشتراطه.
فما هو في مقدوره، مثل أن يشتري ثوبا على أن يقصره أو يخيطه، وما أشبه ذلك، وكان البيع ماضيا، ويلزمه ما شرط له، بغير خلاف في ذلك عند أصحابنا، وإجماعهم الحجة على صحة ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 329: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
وأهل الذمة سواء كانوا يهودا أو نصارى أو مجوسا، إذا باعوا ما لا يجوز للمسلم بيعه، من الخمر، والخنزير، وغير ذلك، ثم أسلم كان له المطالبة بالثمن، وكان حلالا له، وإذا أسلم وفي ملكه شيء من ذلك، لم يجز له بيعه على حال.
وقد روي أنه إذا كان عليه دين، جاز أن يتولى بيع ذلك غيره، ممن ليس بمسلم، ويقضي بذلك دينه، ولا يجوز له أن يتولاه بنفسه، ولا أن يتولى عنه غيره من المسلمين.
والذي يقتضيه أصول مذهبنا، ترك العمل بهذه الرواية الضعيفة، لأنها مخالفة للأدلة القاهرة، وهو أن ثمن الخمر حرام على المسلمين، ولأنها عندنا غير مملوكة، ولا يجوز قضاء الدين بمال حرام، وأيضا فيد الوكيل يد موكله.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 332: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
وإجماع أصحابنا أن المشتري، متى تصرف في المبيع، ثم وجد العيب، فليس له الرد، وله الأرش، ما بين قيمته صحيحا ومعيبا...
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 333، 334: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
وإذا ابتاع الإنسان أرضا، فبنى فيها، أو غرس، وأنفق عليها، فاستحقها عليه إنسان آخر، كان للمستحق قلع البناء، والغرس، وأجرتها مدة ما كانت في يده، ويرجع المبتاع على البايع، إن كان غره بقيمة ما ذهب منه، وغرمه، وأنفق عليها، فإن كان ما غرسه قد أثمر، وأينع، فالثمرة، والزرع، لصاحب الغرس والبذر، ولصاحب الأرض قلعه، لقوله عليه السلام: الزرع لمن زرعه وإن كان غاصبا المراد به، نماؤه، وقوله عليه السلام في قلعه: ليس لعرق ظالم حق.
وقد روي في بعض الأخبار، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته، أنه إن كان ما غرسه، قد أثمر، كان ذلك لرب الأرض، وعليه للغارس ما أنفقه، وأجرة مثله في عمله.
وهذا غير واضح ولا مستقيم، لأنه مناف لأصول المذهب، ولما عليه كافة المسلمين، لأن نفس الغراس، ملك للغارس، فكيف يستحقها رب الأرض، ومن أي وجه صارت له، وأي دليل دل على ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 334: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
وإذا كان له على غيره مال بأجل، فسأله تأخيره عنه إلى أجل ثان، فأجابه إلى ذلك، كان بالخيار، إن شاء أمضى الأجل الثاني، وإن شاء لم يمضه، بغير خلاف بين أصحابنا فيه، لأنه بمنزلة الهبة الغير مقبوضة، فللإنسان أن يرجع فيها.
-السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 335« 336: باب بيع الغرر والمجازفة وما يجوز بيعه وما لا يجوز:
إذا باع الإنسان بهيمة، أو جارية حاملا، واستثنى حملها لنفسه، كان جائزا، فإن استثنى يدها، أو رجلها، أو عضوا منها، كان استثناؤه باطلا.
وقال شيخنا في مبسوطه في باب الغرر، وإن باع بهيمة أو جارية حاملا، واستثنى حملها لنفسه، لم يجز، لأن الحمل يجري مجرى عضو من أعضائها.
وقال رضي الله عنه أيضا: وإن باع جارية حبلى بولد حر، لم يجز، لأن الحمل يكون مستثنى، وهذا يمنع صحة البيع.
وما قدمناه من صحة استثناء الحمل للبايع، هو الصحيح الذي لا خلاف فيه، بين أصحابنا، أن الحمل بمجرد العقد من الحامل للبايع فكيف إذا اشترطه، إلا أن يشترطه المشتري، وهذا قول شيخنا في نهايته، وجميع كتبه، إلا فيما أشرنا إليه، لكون هذا الكتاب مجمع مذهب المخالف له، وقد ذكر فيه مذهبنا، ومذهب غيرنا، وما ذكره فيه مذهب الشافعي، لأن في أحد قوليه، أن الحمل لا يتقسط الثمن عليه، ويجريه مجرى عضو من أعضاء الحامل، ومذهبنا بغير خلاف بيننا، يخالف مذهب الشافعي في هذه المسألة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 340: باب أجرة السمسار والدلال والناقد والمنادي:
لقوله عليه السلام المتفق عليه “على الجاحد اليمين وعلى المدعي البينة”
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 342« 343: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
ولا يصح أن يملك الإنسان أحد والديه، ولا واحدا من أولاده، ذكرا كان أو أنثى، ولا واحدة من المحرمات عليه من جهة النسب، مثل الأخت، وبناتها، وبنات الأخ، والعمة، والخالة، ويصح أن يملك من الرجال، ما عدا الوالد والولد، من الأخ، والعم، والخال، ومتى حصل واحدة من المحرمات الآتي ذكرنا هن في ملكه، فإنهن ينعتقن في الحال.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وكل من ذكرناه، ممن لا يصح ملكه، من جهة النسب، فكذلك لا يصح ملكه من جهة الرضاع. والصحيح من المذهب، أنه يصح أن يملكهن، إذا كن أو كانوا من جهة الرضاع، وهو مذهب شيخنا المفيد في مقنعته، وهو الحق اليقين، لأن الإجماع على من اتفقنا على إعتاقه، والأصل بقاء الرق وثبوته...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 343« 344: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
وكل من اشترى شيئا من الحيوان، وكان حاملا، من الأناسي وغيره، ولم يشترط الحمل، كان ما في بطنه للبايع، دون المبتاع، بمجرد العقد، فإن اشترط المبتاع ذلك كان له.
وقد ذكرنا أن شيخنا أبا جعفر قال في مبسوطه، أن البايع لا يجوز له أن يشترط الحمل، لأنه كعضو من أعضاء الحامل، وكذلك قال ابن البراج في جواهر فقهه.
وبينا أن هذا مذهب الشافعي، لا اعتقاد شيخنا أبي جعفر، لأنه يذكر في كتابه المشار إليه، مذهبنا، ومذهب غيرنا، فابن البراج ظن على أنه اعتقاد شيخنا أبي جعفر، ومذهبه، فقلده ونقله، وضمنه كتاب جواهر الفقه، وإنما قلنا ذلك، لأن إجماع أصحابنا بغير خلاف بينهم، منعقد على أن بمجرد العقد يكون الحمل للبايع، إلا أن يشترطه المبتاع، وهذا مذهب شيخنا أبي جعفر، في جميع تصنيفاته، وكتبه، ما عدا ما ذكرناه، واعتذرنا له به، من ذكره مذهب المخالف لنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 344: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
ولا يجوز أن يشتري الإنسان عبدا آبقا، على الانفراد، فإن اشتراه لم ينعقد البيع.
وقال السيد المرتضى: إذا كان بحيث يقدر عليه، ويعلم موضعه، جاز شراؤه منفردا، ولا يمنع مما قاله رحمه الله مانع، لأن الغرر زال، وهو داخل في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، فأما إذا كان بحيث لا يقدر عليه، فلا خلاف أنه لا يجوز بيعه منفردا، إلا إذا اشتراه مع شيء آخر، من متاع أو غيره، منضم إلى العقد، فيكون العقد ماضيا والشراء صحيحا بغير خلاف أيضا، لأنه أمن الغرر في ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 344، 345: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
ومن ابتاع عبدا، أو أمة، وكان لهما مال، كان مالهما للبايع، دون المبتاع، اللهم إلا أن يشترط المبتاع ماله، فيكون حينئذ له، دون البايع، سواء كان ما معه أكثر من ثمنه، أو أقل منه، هكذا أورده شيخنا في نهايته مطلقا.
والأولى تحرير ذلك، وتقييده، وهو أن يقال: إن كان ما مع العبد من جنس الثمن، فلا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يكون أقل من الثمن، أو مثله، أو أكثر منه، فإن كان ما معه أقل من الثمن، كان البيع صحيحا، وإن كان مثله، أو أكثر، فالبيع غير صحيح، بغير خلاف، لأنه ربا، مثلا إذا كان مع العبد عشرون دينارا، وباعه بعشرين دينارا، أو بتسعة عشر دينارا، فالبيع باطل، لأن هذا هو الربا المنهي عنه بغير خلاف، فأما إذا كان الثمن من غير الجنس الذي مع العبد، فالبيع صحيح، لأنه آمن فيه الربا، لاختلاف الجنس، فليلحظ ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 346، 347: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
ومن اشترى جارية، لم يجز له وطؤها في القبل، إلا بعد أن يستبرئها بحيضة، إن كانت ممن تحيض، وإن كانت ممن لا تحيض، فخمسة وأربعون يوما، وإن كانت آيسة من المحيض، ومثلها لا تحيض، لم يكن عليها استبراء.
ويجب على البايع أن يستبرئ الأمة، قبل بيعها، إذا كان يطأها، وإن كان لم يطأها، لم يجب عليه استبراء، ومتى استبرأها، وكان عدلا مرضيا، وأخبر بذلك، جاز للمبتاع أن يعول على قوله، ولا يستبرئها، على ما روي في بعض الأخبار والواجب على المشتري، استبراؤها على كل حال.
وقال شيخنا أبو جعفر، في مسائل خلافه: إذا ملك أمه بابتياع، أو هبة، أو إرث، أو استغنام، فلا يجوز له وطؤها، إلا بعد الاستبراء، إلا إذا كانت في سن من لا تحيض، من صغر، أو كبر، فلا استبراء عليها.
قال محمد بن إدريس: الذي رواه أصحابنا في تصانيفهم، الخالية من فروع المخالفين وقياساتهم، ونطقت به أخبار الأئمة عليهم السلام، أن الاستبراء لا يجب إلا على البايع، والمشتري، ولم يذكروا غير البايع و المشتري، فيجب عليهما الاستبراء فأما من عداهما لم يرووا فيه شيئا، والأصل براءة الذمة من الأمور الشرعية بغير أدلة قاطعة للأعذار، والتمسك بقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وهذه مما ملكت أيماننا إلا ما أخرجه الدليل القاطع من الأمة المشتراة إذا أراد المشتري وطيها وأراد البايع بيعها وكان يطأها وبقي الباقي على حكم الآية والأصل وإنما هذه فروع أبي حنيفة والشافعي، وغيرهما يوردها شيخنا في هذا الكتاب، أعني مسائل خلافه، ويقوى عنده ما يقوى منها ويتحدث عليه معهم، ولأجل هذا كثيرا ما يرجع عن أقواله معهم في غير ذلك الموضع، فالأولى التمسك بأخبار أصحابنا المتواترة، وتصانيفهم المجمع عليها، الخالية من الفروع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 348: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
ولا بأس أن يشتري الإنسان ما يسبيه الظالمون، إذا كانوا مستحقين للسبي، ولا بأس بوطء من هذه صفتها، وإن كانت حقا للإمام، لم يصل إليه، لأن ذلك قد جعله لشيعته، من ذلك في حل، وسعة، لإجماع أصحابنا على ذلك.
وفقه ذلك، أن كل سرية، غزت بغير إذن الإمام، فما غنمت من أهل الحرب، فهو فيء، جميعه لإمام المسلمين، فلأجل هذا، قلنا وإن كانت حقا للإمام...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 349: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
ومن قال لغيره: اشتر حيوانا أو غيره بشركتي، والربح بيني وبينك، فاشتراه، ثم هلك الحيوان، كان الثمن بينهما، كما لو زاد في ثمنه، كان أيضا بينهما على ما اشترطا عليه، فإن اشترط عليه أنه يكون له الربح إن ربح، وليس عليه من الخسران شيء، كان على ما اشترطا عليه، هكذا أورده شيخنا في نهايته.
قال محمد بن إدريس: معنى أنه “إذا قال لغيره: اشتر حيوانا بشركتي” المراد به انقد عني نصف الثمن، أو ما يختاره، ويجعله قرضا عليه، وإلا فما تصح الشركة، إلا هكذا، فأما قول شيخنا رحمه الله “فإن اشترط عليه أن يكون له الربح إن ربح، وليس عليه من الخسران شيء كان على ما اشترطا عليه” فليس بواضح ولا مستقيم، لأنه مخالف لأصول المذهب، لأن الخسران على رؤوس الأموال، بغير خلاف، فإذا شرط أنه على واحد من الشريكين، كان هذا شرطا يخالف الكتاب والسنة، لأن السنة جعلت الخسران على قدر رؤوس الأموال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 350: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
وروي في بعض الأخبار، أن من اشترى من رجل عبدا، وكان عند البايع عبدان، فقال للمبتاع: اِذهب بهما، فاختر أيهما شئت، ورد الآخر، وقبض المال، فذهب بهما المشتري، فأبق أحدهما من عنده، فليرد الذي عنده منهما، ويقبض نصف الثمن مما أعطى، ويذهب في طلب الغلام، فإن وجده، اختار حينئذ أيهما شاء، ورد النصف الذي أخذه، وإن لم يجد، كان العبد بينهما نصفين.
أورد ذلك شيخنا في نهايته وهذا خبر واحد لا يصح، ولا يجوز العمل به، لأنه مخالف لما عليه الأمة بأسرها، مناف لأصول مذهب جميع أصحابنا، وفتاويهم، وتصانيفهم، وإجماعهم، لأن المبيع إذا كان مجهولا، كان البيع باطلا، بغير خلاف…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 353: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
لأن العبد عندنا لا يملك شيئا، لقوله تعالى: {عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} فنفى تعالى، أن يقدر العبد على شيء، فلا يصح القول بذلك، فأما على قول بعض أصحابنا، أنه يملك فضل الضريبة، وأروش الجنايات، يصح ذلك.
والصحيح من المذهب، أنه لا يملك ذلك أيضا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 353، 354: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
ويجتنب وطء من ولد من الزنا، مخافة العار، لا أنه حرام، بل ذلك على جهة الكراهة، بالعقد والملك معا، فإن كان لا بد فاعلا فليطأهن بالملك، دون العقد، وليعزل عنهن، هكذا ذكره شيخنا في نهايته.
والذي تقتضيه الأدلة وأصول المذهب، إن وطء الكافرة حرام، لقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} وقوله: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} ولا خلاف بين أصحابنا، أن ولد الزنا كافر، وإنما أجمعنا على وطء اليهودية والنصرانية بالملك، والاستدامة، والباقيات من الكافرات على ما هن عليه من الآيات، والتخصيص يحتاج إلى دليل، وليس العموم إذا خص، يصير مجازا، بل الصحيح من قول محصلي أصول الفقه، أنه يصح التمسك بالعموم، إذا خص بعضه، فليلحظ ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 354: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
واللقيط لا يجوز بيعه، ولا شراؤه، لأنه حر، وحكمه حكم الأحرار، حتى أن محصلي أصحابنا قالوا أنه إذا كبر، وأقر على نفسه بالعبودية، لا يقبل إقراره، وقال بعضهم: إنه يقبل إقراره، لأن إقرار العقلاء جائز على نفوسهم، إلا الأحرار المشهوري الأنساب إذا أقروا بالعبودية، فلا يقبل إقرارهم، وهذا ما هو مشهور بنسب. والصحيح أنه لا يقبل إقراره بالعبودية، لأن الشارع حكم عليه بالحرية.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 355: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
ولا يجوز عندنا القضاء بمجرد النكول، بل لا بد بعد النكول من انضمام اليمين إليه، لأن النكول كالشاهد الواحد، أو اليد المتصرفة، لأن الأموال لا تنتقل عن ملاكها إلى الغير، إلا إما بإقرار أو شاهدين، أو شاهد ويمين، أو نكول ويمين، وهذا مذهب شيخنا في مسائل خلافه، ومبسوطه، ومذهب جميع أصحابنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 357: باب ابتياع الحيوان وأحكامه:
لأن إجماع أصحابنا على أن جميع ما بيد العبد فهو من مال سيده...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 358، 361: باب بيع الثمار:
إذا باع الإنسان ثمرة منفردة عن الأصل، مثل ثمرة النخل، والكرم، وسائر الفواكه، فلا يخلو من أحد أمرين، إما أن يكون قبل بدو الصلاح، أو بعده، فإن كان قبل بدو الصلاح، فلا يخلو البيع من أحد أمرين، إما أن يكون سنتين فصاعدا، أو سنة واحدة، فإن كان سنتين فصاعدا، فإنه يجوز عندنا معشر الإمامية القائلين بمذهب أهل البيت عليهم السلام، وإن كان سنة واحدة، فلا يخلو البيع من ثلاثة أقسام، إما أن يبيع بشرط القطع، أو مطلقا أو بشرط التبقية، فإن باع بشرط القطع في الحال، جاز إجماعا...
فأما بيع ثمرة النخل وغيره سنة واحدة، من قبل أن يخلق فيها شيء من الطلع، ولا ظهر، فلا يجوز عندنا إجماعا، وكذلك عند المخالف، وكذلك لا يجوز بيعها قبل أن تطلع سنتين، بغير خلاف بيننا وبين المخالفين، وإنما يجوز عندنا خاصة، بيعها إذا اطلعت قبل بدو الصلاح سنتين، وعند المخالفين لمذهب أهل البيت عليهم السلام لا يجوز.
وقد يشتبه على كثير من أصحابنا ذلك، ويظنون أنه يجوز بيعها سنتين، وإن كانت فارغة ولم تطلع بعد وقت العقد، وهذا بخلاف ما يجدونه في تصانيف أصحابنا، وخلاف إجماعهم، وأخبار أئمتهم، وفتاويهم، لأنهم أجمعوا على أن الثمرة إذا لم يبد صلاحها، فلا بأس ببيعها سنتين من غير كراهة، ولا انضمام إلى العقد غيره، وهذا الذي تنطق به أخبارنا، ويودعه مشايخنا تصانيفهم، لأنها إذا اطلعت قبل بدو الصلاح، فلا يجوز بيعها عند بعضهم سنة واحدة بانفرادها، على ما حكيناه عنهم، من غير انضمام إلى العقد غيرها، فأما إذا باعها حينئذ سنتين، من غير انضمام إلى العقد غيرها، زال الخلاف، وجاز عندنا جميعا، من غير كراهة ولا حظر، على جميع الأقوال، وكذلك إذا باعها سنة واحدة بانضمام إلى العقد غيرها زال الخلاف حينئذ أيضا، فقامت السنة الثانية، مقام انضمام الشيء إلى العقد عليها، قبل بدو صلاحها وبعد خروجها وطلوعها، سنة واحدة عند من منع من بيعها منفردة بعد طلوعها وقبل بدو صلاحها سنة واحدة.
ولا خلاف أنه إذا باعها سنة واحدة قبل خروجها، من غير انضمام إليها غيرها في العقد، لا يصح هذا البيع، لأنه غرر، وبيع الغرر لا يصح بغير خلاف، وكذلك بيعها سنتين قبل خروجها، فإنه غرر بغير خلاف، لأنه بمنزلة السنة الواحدة قبل خروجها من غير انضمام، إلى العقد غيره، ولولا إجماعنا على أنه يجوز بيعها سنتين، بعد خروجها وقبل بدو صلاحها، لما جاز ذلك عند من قال من أصحابنا لا يجوز بيعها سنة واحدة بعد خروجها وقبل بدو صلاحها من غير انضمام شيء إليها في العقد.
فأما إذا باعها ومعها شيء آخر منضما إلى العقد سنة واحدة قبل خروجها، فالأولى أن يقال لا بأس بذلك، فإن قيل: هذا غرر، قلنا الشيء المنظم إلى العقد، يخرجه من كونه غررا.
والذي اعتمده، وأعمل عليه وأفتي به، أنه لا يصح بيعها قبل أن تطلع ومعها شيء آخر، لأن البيع حكم شرعي، يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي، ولا دليل على ذلك، ولولا الإجماع المنعقد على صحة بيعها إذا أطلعت سنتين، لما جاز ذلك، وإلحاق غيره به قياس، لا نقوله به، ولو ساغ ذلك، لساغ أن يباع ما تحمل الناقة معه شيء آخر.
فأما إذا كان البيع بعد بدو الصلاح، فإنه جائز على سائر الأحوال، وجميع الأقوال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 361: باب بيع الثمار:
وبدو الصلاح يختلف بحسب اختلاف الثمار، فإن كانت ثمرة النخل وكانت مما تحمر، أو تسود، أو تصفر، فبدو الصلاح فيها ذلك، وإن كانت بخلاف ذلك، فحين يتموه فيها الماء الحلو، ويصفو لونها، ولا يعتبر التلون، والتموه، والحلاوة، عند أصحابنا، إلا في ثمرة النخل خاصة، وإن كانت الثمرة مما يتورد، فبدو صلاحها، أن ينتثر الورد وينعقد، وفي الكرم أن ينعقد الحصرم، وإن كانت غير ذلك، فحين يخلق ويشاهد.
وقال بعض المخالفين إن كان مثل القثا والخيار الذي لا يتغير طعمه، ولا لونه، فبدو صلاحه أن يتناهى عظم بعضه، وقد قلنا أن أصحابنا لم يعتبروا بدو الصلاح، إلا فيما اعتبروه من النخل، والكرم، وانتثار الورد في الذي يتورد.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 362، 365: باب بيع الثمار:
ومتى باع الإنسان نخلا قد أبر، كانت ثمرته للبايع، دون المبتاع، إلا أن يشترطها المبتاع، فإن شرطها في حال العقد، كانت له على ما شرط، فأما إن باعها قبل التأبير، فهي للمبتاع، إلا أن يشترطها البايع، ولا اعتبار عند أصحابنا بالتأبير، إلا في النخل...
وإلحاق ذلك واعتباره بالتأبير بالنخل، قياس لا نقول به، لأنه عندنا باطل، فليلحظ ذلك.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومتى باع الإنسان نخلا، قد أبر ولقح، كانت ثمرته للبايع، دون المبتاع، إلا أن يشرط المبتاع الثمرة، فإن شرط، كان له على ما شرط، وكذلك الحكم فيما عدا النخل، من شجر الفواكه.
قوله رحمه الله: وكذلك الحكم فيما عدا النخل من شجر الفواكه، المراد به ومقصوده، أن الثمرة للبايع، كما قال ذلك في النخل، لأنه رحمه الله لم يذكر في النخل إلا أنها أعني ثمرتها، إذا أبرت ولقحت للبايع، ولم يذكر المسألة الأخرى التي تكون الثمرة للمبتاع، وهي إذا لم تؤبر وتلقح تكون للمبتاع، إلا من حيث دليل الخطاب، ودليل الخطاب متروك، غير معمول به، عند المحققين من أصحابنا إلا أن يقوم دليل غيره، وبالإجماع عرفنا أنها إذا لم تؤبر الثمرة وباع الأصول فإن الثمرة للمبتاع في النخل، بقي المعطوف عليه في قوله رحمه الله:
“وكذلك الحكم فيما عدا النخل من شجر الفواكه” في أن الثمرة للبايع، لأنه ما ذكر إلا ما يختص بالبايع، وأنها له، ثم عطف ما عدا النخل على النخل، بعد التأبير، بقي ما عدا النخل لا إجماع منا عليه، ودليل الخطاب باطل عندنا، على ما قدمناه، وقد قلنا فيما مضى أن الأصل والفرع -أعني الثمرة- جميعا للبايع، فبالعقد يخرج الأصل، وينتقل إلى ملك المبتاع، ولا دليل على انتقال الثمرة إلى ملكه، إلا ما أجمعنا عليه، من الطلع الذي لم يؤبر، وما عداه من سائر الثمار، مبقاة على الأصل المقرر، والأدلة الممهدة من أنها ملك للبايع، هي والأصل، فينتقل الأصل إلى ملك المشتري بالعقد، وتبقى الثمرة على ملك صاحبها، لا دليل على انتقالها، ولا استدراك على شيخنا أبي جعفر في نهايته، على ما حررناه، ولا اشتباه في قوله على ما قررناه، وبيناه...
ألا ترى أرشدك الله إلى قوله رحمه الله: إن الثمرة في جميع الأربع مسائل، جعلها للبايع، وحكم له بها بنفس الظهور والبروز والخروج، فلو كان حكمها حكم النخل، ما جعلها للبايع، لأن البايع لا تكون الثمرة له إذا باع الأصول، عند أصحابنا، إلا إذا كانت مؤبرة، ملقحة، فأما إذا كانت طالعة مخلوقة، قد خرجت ووبرت من نفس النخلة قبل تأبيرها، فهي بإجماعهم للمبتاع، إلا أن يشترطها البايع...
قال محمد بن إدريس، مصنف هذا الكتاب: وهذا الذي ذكره رحمه الله، مذهب المخالفين لأهل البيت عليهم السلام، لأن جميع هذه العقود، الثمرة فيها للمالك الأول، سواء أبرت، أو لم تؤبر، بغير خلاف بين أصحابنا، والمخالف حمل باقي العقود على عقد البيع، وقاسها عليه، ونحن القياس عندنا باطل، بغير خلاف بيننا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 366: باب بيع الثمار:
وروي أنه إذا اشترى الإنسان نخلا، على أن يقطعه أجذاعا فتركه حتى أثمر، كانت الثمرة له، دون صاحب الأرض، فإن كان صاحب الأرض ممن قام بسقيه ومراعاته، كان له أجرة المثل.
قال محمد بن إدريس: أما الثمرة فإنها لصاحب النخل، دون صاحب الأرض، بلا خلاف، وأما صاحب الأرض، فلا يستحق أجرة السقي...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 368: باب بيع الثمار:
وإلى هذا القول يذهب في مسائل خلافه، إلا أنه رجع عن ذلك كله وعاد إلى القول الصحيح الذي اخترناه، في مبسوطه، فقال: بيع المحاقلة والمزابنة محرم بلا خلاف، وإن اختلفوا في تأويله، فعندنا أن المحاقلة بيع السنابل التي انعقد فيها الحب أو اشتد بحب من ذلك السنبل([23])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 371: كتاب المتاجر والبيوع:
ويجوز للإنسان أن يبيع ثمرة بستان، ويستثني منها أرطالا معلومة، ولا مانع منه، وإن استثنى ربعه أو ثلثه أو نخلات بأعيانها جاز بلا خلاف، وهو أحوط...
- السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 372: باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين:
إذا كان لإنسان شرب في قناة، فاستغنى عنه، جاز أن يبيعه بذهب، أو فضة، أو حنطة، أو شعير، أو غير ذلك من الأعراض والسلع، وكذلك إن أخذ الماء من نهر عظيم في ساقية يعملها ولزم عليها مؤنة ثم استغنى عن الماء جاز له بيعه، والمعنى في هذا وأمثاله أنه إن أريد نفس الملك فلا خلاف ولا مسألة، وإنما المقصود والمراد في ذلك منفعة الشرب، والساقية أياما معلومة فسماه بيعا، وإن كان إجارة، لا مانع يمنع من تسمية ذلك بيعا في هذا الموضع، للإجماع عليه، والأفضل في ذلك أن يعطيه لمن يحتاج إليه من غير بيع عليه، وهذه هي النطاف والأربعاء التي نهى النبي صلى الله عليه وآله عنهما.
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج2 ص375، 377: باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين:
وروي أنه إذا اشترى الإنسان من غيره جربانا معلومة من الأرض، ووزن الثمن، ثم مسح الأرض فنقص عن المقدار الذي اشتراه، كان بالخيار بين أن يرد الأرض ويسترجع الثمن بالكلية، وبين أن يطالب برد ثمن ما نقص من الأرض، وإن كان للبايع أرض بجنب تلك الأرض، وجب عليه أن يوفيه تمام ما باعه إياه.
قال محمد بن إدريس: هذا خبر فيه نظر، أما قوله: “وإن كان للبايع أرض بجنب تلك الأرض وجب عليه أن يوفيه تمام ما باعه إياه” فغير واضح، لأن العقد قد وقع على شيء معين، فانتقاله إلى عين أخرى يحتاج إلى دليل، وأما قوله: “كان بالخيار بين أن يرد الأرض ويسترجع الثمن بالكلية، وبين أن يطالب برد ثمن ما نقص”، أما الخيار بين الرد والإمساك فله ذلك بغير خلاف، بل يبقى بأي شيء يرجع من الثمن إن لم يرد وأمسك الأرض، فيه قول ذكر شيخنا أبو جعفر في مبسوطه، قال: إذا قال: بعتك هذه الأرض على أنها مائة ذراع فكانت تسعين، فالمشتري بالخيار إن شاء فسخ البيع، وإن شاء أجازه بجميع الثمن، لأن العقد وقع عليه، وإن كانت أكثر من مائة ذراع قيل فيه وجهان: أحدهما يكون البايع بالخيار بين الفسخ وبين الإجازة بجميع الثمن، وهو الأظهر والثاني أن البيع باطل، لأنه لا يجبر على ذلك، وكذلك الثياب والخشب وجميع ما لا يتساوى قيمة أجزائه، وهو الذي لا مثل له، بل يضمن بالقيمة، فحكمه حكم الأرض في البيع، وهو ما مضى ذكره من الزيادة والنقصان، فأما ما يتساوى قيمة أجزائه، وهو الذي له مثل ويضمن بالمثلية، فإنه إذا اشترى صبرة طعام على أنها مائة كر فأصاب خمسين كرا، كان المشتري بالخيار، إن شاء أخذها بحصتها من الثمن، وإن شاء فسخ البيع، وإن وجدها أكثر من مائة كر أخذ المائة بالثمن، وترك الزيادة، ويخالف الأرض والثياب والخشب على ما تقدم، والفرق بين المسألتين أن الثمن ينقسم هاهنا، أعني في ما يتساوى أجزاؤه على أجزاء الطعام لتساوي قيمتها، وليس كذلك الأرض والثياب والخشب، فإن أجزاءها مختلفة القيمة، فلا يمكن قسمة الثمن على الأجزاء، لأنه لا يعلم أن الناقص من الذراع لو وجدكم كانت تكون قيمته، فإذا كان كذلك خير البايع في الزيادة بجميع الثمن، وخير المشتري في النقصان بجميع الثمن ، ولأجل هذا الاعتبار لو باع ذراعا من خشب أو من دار أو ثوب ويكون الذراع غير معين من الثوب أو الدار أو الخشبة لم يجز ، وكان البيع باطلا ، لأنه مجهول ، ولأن قيمته مختلفة، ولو باع قفيزا غير معين من صبرة معينة لكان البيع صحيحا بلا خلاف([24])، فهذا جملة ما أورده ومعانيه وتفاصيله وخلاصته.
قال محمد بن إدريس: لا خلاف أن الخيار يثبت في هذه المسائل، فيما وجده ناقصا، مما لا مثل له، أو مما له مثل، للمشتري خاصة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 381: باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين:
وأما لائمة عليهم السلام، فإن حموا كان لهم ذلك، لأن أفعالهم حجة عندنا. فأما الذي يحمى له، فإنه يحمى للخيل المعدة لسبيل الله، وتعم الجزية والصدقة والضوال. وأما قدر ما يحميه، فهو ما لا يعود بضرر على المسلمين، أو بضيق مراعيهم، لأن الإمام عندنا لا يفعل إلا ما هو من مصالح المسلمين...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 382: باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين:
وأما ما به يكون الإحياء، فلم يرد الشرع ببيان ما يكون إحياء دون ما لا يكون، غير أنه إذا قال النبي عليه السلام: من أحيا أرضا فهي له، ولم يوجد في اللغة معنى ذلك، فالمرجع فيه إلى العرف والعادة، فما عرفه الناس إحياء في العادة، كان إحياء وملك به الموات، كما أنه لما قال: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، رجع في ذلك إلى العادة، هذا مذهبنا، فأما المخالف لنا فله تفاصيل في الإحياء، يطول شرحها.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 382: باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين:
فإذا أحياها وملكها، فإنه يملك مرافقها التي لا صلاح للأرض إلا بها. وإذا حفر بئرا أو شق نهرا، أو ساقية، فإنه يملك حريمها.
وجملته أن ما لا بد منه في استقاء الماء، ومطرح الطين، إذا نضب الماء، فكريت الساقية والنهر، ويكون ذلك على حسب الحاجة، قل أم كثر.
وأما إن أراد أن يحفر بئرا في داره، أو ملكه، وأراد جاره أن يحفر لنفسه بئرا بقرب تلك البئر، لم يمنع منه، بلا خلاف في جميع ذلك، وإن كان ينقص بذلك ماء البئر الأولى…
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج2 ص382، 383: باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين:
وإن حفر رجل بئرا في داره، وأراد جاره أن يحفر بالوعة، أو بئر كنيف، بقرب هذه البئر، لم يمنع منه، وإن أدى ذلك إلى تغير ماء البئر، لا، مسلط على التصرف في ملكه بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 383: باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين:
وأما المعادن فعلى ضربين: ظاهرة وباطنة، فالباطنة لها أحكام مذكورة في مواضعها، وأما الظاهرة فهي الماء، والقير، والنفط، والموميا، والكبريت، والملح، وما أشبه ذلك، فهذا لا يملك بالإحياء، ولا يصير أخد أولى به بالتحجر من غيره، وليس للسلطان أن يقطعه، بل الناس كلهم فيه سواء، يأخذون منه قدر حاجتهم، بل يجب عندنا فيه الخمس، ما عدا الماء، ولا خلاف في أن ذلك لا يملك، وليس للسلطان أن يقطع مشارع الماء بغير خلاف، وكذلك المعادن الظاهرة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 383: باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين:
وأما المعادن الباطنة مثل الذهب والفضة والنحاس، والرصاص، وحجارة البرام، والفيروزج، وغير ذلك مما يكون في بطون الأرض والجبال، ولا يظهر إلا بالعمل فيها، والمؤونة عليها، فهل تملك بالإحياء، أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما أنه يملك، وهو مذهبنا، والثاني لا يملك، وهو مذهب مخالفينا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 383: باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين:
إذا أحيا أرضا من الموات، فظهر فيها معدن، ملكها بالإحياء، وملك المعدن الذي ظهر فيها، بلا خلاف، لأن المعدن مخلوق، خلقة الأرض، فهو جزء من أجزائها.
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج2 ص383، 384: باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين:
الآبار على ثلاثة أضرب: ضرب يحفره في ملكه، وضرب يحفره في الموات لتملكها، وضرب يحفره في الموات لا للتملك، فما يحفره في ملكه، فإنما هو نقل ملكه من ملكه، لأنه ملك المحل قبل الحفر، والثاني إذا حفر في الموات ليتملكها، فإنه يملكها بالإحياء. فإذا ثبت هذا، فالماء الذي يحصل في هذين الضربين، هل يملك أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما أنه يملك، وهو مذهبنا…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 386: باب الشفعة وأحكامها:
اشترطنا تقدم عقد البيع، لأن الشفعة لا تستحق قبله بلا خلاف ولا تستحق بما ليس ببيع، من هبة، أو صدقة، أو مهر، أو مصالحة، أو ما أشبه ذلك، بدليل إجماع أصحابنا عليه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 386: باب الشفعة وأحكامها:
والذي يقتضيه المذهب، وتشهد بصحته أصوله، أن الشفعة يستحقها الشفيع على المشتري بانتقال الملك إليه، والملك عند جميع أصحابنا ينتقل من البايع إلى المشتري بمجرد العقد، لا بمضي الخيار ومدته، وتقضي الشرط، بل بمجرد العقد...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 386: باب الشفعة وأحكامها:
واشترطنا أن يكون شريكا للبايع، تحرزا من القول باستحقاقها بالجوار، فإنها لا تستحق بذلك عندنا، بدليل إجماعنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 387: باب الشفعة وأحكامها:
واشترطنا أن يكون واحدا، لأن الشيء إذا كان مشتركا بين أكثر من اثنين، فباع أحدهم، لم يستحق شريكه الشفعة، بدليل الإجماع من أصحابنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 387، 388: باب الشفعة وأحكامها:
واشترطنا أن يكون مسلما، إذا كان المشتري كذلك، تحرزا من الذمي، لأنه لا يستحق على مسلم شفعة، بدليل إجماع أصحابنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 389: باب الشفعة وأحكامها:
وإذا تكاملت شروط استحقاق الشفعة، استحقت في كل مبيع، من الأرضين، والحيوان، والعروض، سواء كان ذلك مما يحتمل القسمة، أو لم يكن على الأظهر من أقوال أصحابنا، وهذا مذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته في أول باب الشفعة، لأنه قال: كل شيء كان بين شريكين من ضباع، أو عقار، أو حيوان، أو متاع، ثم باع أحدهما نصيبه، كان لشريكه المطالبة بالشفعة، ثم عاد في أثناء الباب المذكور، وقال: فلا شفعة فيما لا تصح قسمته، مثل الحمام والارحية، وما أشبهما.
وإلى هذا ذهب في مسائل خلافه، واستدل بأدلة، فيها طعون واعتراضات كثيرة. والدليل على صحة ما اخترناه، الإجماع من المسلمين، على وجوب الشفعة لأحد الشريكين، إذا باع شريكه ما هو بينهما، وعموم الأخبار في ذلك، والأقوال، والمخصص يحتاج إلى دليل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 390: باب الشفعة وأحكامها:
لأن ذلك دليل الخطاب، وهو عندنا لا يجوز العمل به...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 390: باب الشفعة وأحكامها:
والشفعة مستحقة على المشتري دون البايع، وعليه الدرك للشفيع، بدليل إجماع الطائفة على ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 391: باب الشفعة وأحكامها:
وإذا غرس المشتري، وبنى، ثم علم الشفيع بالشراء وطالب بالشفعة، كان له إجباره على قلع الغرس والبناء، إذا رد عليه ما نقص من ذلك بالقلع، لأن المشتري فعل ذلك في ملكه، فلم يكن متعديا، فاستحق ما نقص بالقلع، ولأنه لا خلاف في أن له المطالبة بالقلع، إذا رد ما ينقص به، ولا دليل على وجوب المطالبة، إذا لم يرد.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 392: باب الشفعة وأحكامها:
وحق الشفعة موروث، على الأظهر من أقوال أصحابنا، لعموم آيات الميراث، لأنه إذا كان حقا للميت، يستحقه وارثه مثل سائر الحقوق، لعموم الآيات، ومن أخرج شيئا منها، فعليه الدلالة، وهو مذهب المرتضى، وشيخنا المفيد في مقنعته، وجلة أصحابنا وذهب شيخنا أبو جعفر في نهايته إلى أنها لا تورث.
وكذلك ذهب في مسائل خلافه، في كتاب الشفعة، إلا أنه رجع في مسائل خلافه في الجزء الثاني، في كتاب البيوع، إلى أنها تورث، كسائر الحقوق، فقال:...
هذا آخر كلامه رحمه الله في المسألة.
ومن ذهب من أصحابنا إلى أنها لا تورث، لا حجة له، وإنما يتمسك بأخبار آحاد ضعيفة، لا توجب علما ولا عملا، فكيف يترك لها الأدلة، والإجماع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 395: باب الشفعة وأحكامها:
إذا اشترى شقصا، وقبض منه بالشفعة، وظهر بعد ذلك أن الدنانير التي. دفعها المشتري إلى البايع ثمنا للشقص، ليست للمشتري، بل هي لغيره، فإنه لا يخلو الشراء من أن يكون بثمن معين، أو بثمن في الذمة، فإن كان بثمن معين، مثل أن يقول المشتري للبايع بعني بهذه الدنانير، فالشراء لا يصح، لأن الأثمان عندنا تتعين...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 397: باب الشفعة وأحكامها:
إذا أخذ الشفيع الشقص، فلا خيار للمشتري خيار المجلس، بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 397: باب الشركة:
الشركة جائزة لقوله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الآية، فجعل الغنيمة مشتركة بين الغانمين، وبين أهل الخمس، وجعل الخمس مشتركا بين أهله، وقال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} فجعل التركة مشتركة بين الورثة، وقال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} فجعل الصدقات مشتركة بين أهلها، لأن اللام للتمليك، والواو للتشريك، وعليه إجماع المسلمين، لأنه لا خلاف بينهم في جواز الشركة، وإن اختلفوا في مسائل من تفصيلها وفروعها.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 398: باب الشركة:
وأما الشركة بالحيازة، فهو أن يشتركوا في الاحتطاب، والاحتشاش، والاصطياد، والاستقاء بعد خلطه وحيازته، فأما قبل خلطه فلا شركة عندنا بينهم، لأن الشركة بالأعمال والأبدان باطلة عندنا، لأنها لا تصح إلا بالأموال المتجانسة المتفقة الصفات، بعد خلطها خلطا لا يتميز.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 399: باب الشركة:
وإذا كانت دار، هي وقف على جماعة، أو غير الدار، وأرادوا قسمتها، لم يجز لهم، لأن الحق لهم ولمن بعدهم، إذا كانت على الأعقاب، فلا يجوز لهم تمييز حقوق غيرهم.
وإذا كانت نصفها طلقا، ونصفها وقفا، فطلب صاحب الطلق المقاسمة، فعندنا يجوز ذلك، لأن القسمة عندنا ليست ببيع، ومن قال أنها بيع، وهو الشافعي، فلا يجوز قسمة ذلك، لأن بيع الوقف لا يجوز.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 399: باب الشركة:
وقد قلنا أن من شرط صحة الشركة أن تكون في مالين متجانسين، متفقي الصفتين، إذا خلطا، اشتبه أحدهما بالآخر، وأن يخلطا حتى يصيرا مالا واحدا، وأن يحصل الإذن في التصرف في ذلك، بدليل إجماع الطائفة على ذلك كله.
وأيضا فلا خلاف في انعقاد الشركة بتكامل ما ذكرناه، وليس على انعقادها مع عدمه، أو اختلال بعضه دليل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 399، 400: باب الشركة:
وعلى ما قلناه، وأصلناه، لا يصح شركة المفاوضة، وهي أن يشتركا في كل ما لهما وعليهما، ومالاهما متميزان، ولا شركة الأبدان، وهي الاشتراك في أجرة العمل، ولا شركة الوجوه، وهي أن يشتركا على أن يتصرف كل واحد منهما بجاهه، لا برأس مال، على أن يكون ما يحصل من فائدة، بينهما.
والذي يدل على فساد ذلك كله، نهيه عليه السلام عن الغرر وفي هذه غرر عظيم، وهو حاصل وداخل فيها، لأن كل واحد من الشريكين لا يعلم أيكسب الآخر شيئا أم لا؟ ولا يعلم مقدار ما يكسبه، ويدخل في شركة المفاوضة، على أن يشاركه فيما يلزمه بعدوان، وغصب، وضمان، وذلك غرر عظيم، وإجماعنا منعقد على فساد ذلك أجمع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 400: باب الشركة:
وإذا انعقدت الشركة الشرعية، اقتضت أن يكون لكل واحد من الشريكين، من الربح بمقدار رأس ماله، وعليه من الوضيعة بحسب ذلك، فإن شرطا تفاضلا في الربح، أو الوضيعة، مع التساوي في رأس المال، أو تساويا في ذلك، مع التفاضل في رأس المال، لم يلزم الشرط على الصحيح من أقوال أصحابنا، والأكثرين من المحصلين، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر. وقال المرتضى، في انتصاره: الشرط جائز لازم، والشركة صحيحة. وما اخترناه هو الصحيح...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 402: باب الشركة:
وإذا باع من له التصرف في الشركة، وأقر على شريكه الآخر بقبض الثمن، مع دعوى المشتري ذلك، وهو جاحد، لم يبرء المشتري من شيء منه، أما ما يخص البايع، فلأنه ما اعترف بتسليمه إليه، ولا إلى من وكله على قبضه، فلا يبرء منه، وأما ما يخص الذي لم يبع، فلأنه منكر لقبضه، وإقرار شريكه البايع عليه لا يقبل، لأنه وكيله، وإقرار الوكيل على الموكل بقبض الحق الذي وكله في استيفائه، غير مقبول، لأنه لا دليل على ذلك، ولو أقر الذي لم يبع ولا أذن له في التصرف، أن البايع قبض الثمن، برئ المشتري من نصيب المقر منه بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 402: باب الشركة:
ويكره شركة المسلم للكافر بلا خلاف، إلا من الحسن البصري...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 402، 403: باب الشركة:
والذي يقتضيه أصول مذهبنا، أن كل واحد من الشريكين، يستحق على المدين، قدرا محصوصا، وحقا غير حق شريكه، وله هبة الغريم وإبراؤه منه، فمتى أبرأه أحدهما من حقه، برئ منه وبقي حق الآخر الذي لم يبرء منه بلا خلاف، فإذا استوفاه وتقاضاه منه، لم يشاركه شريكه الذي وهب، وأبرء، أو صالح منه على شيء، بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 407: باب المضاربة:
وعلى جواز ذلك، إجماع الأمة، والكتاب.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 407: باب المضاربة:
وتصرف المضارب، موقوف على إذن صاحب المال، إن أذن له في السفر، به أو في البيع نسية، جاز له ذلك، ولا ضمان عليه لما يهلك، أو يحصل من خسران، وإذا لم يأذن في البيع بالنسية، أو في السفر، أو أذن فيه إلى بلد معين، أو شرط أن لا يتجر إلا في شيء معين، ولا يعامل إلا إنسانا معينا فخالف، لزمه الضمان، بدليل إجماع أصحابنا، على جميع ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 408: باب المضاربة:
وإذا سافر بإذن رب المال، كانت نفقة السفر من المأكول، والمشروب، والملبوس، والمركوب، من غير إسراف، من مال القراض، على الأظهر الصحيح بين أصحابنا المحصلين، ولا نفقة للمضارب منه في الحضر، واختار شيخنا أبو جعفر في مبسوطه، القول بأنه لا نفقة له حضرا ولا سفرا، وبما اخترناه قال في نهايته وجميع كتبه، ما عدا ما ذكرناه عنه في مبسوطه، وهو أحد أقوال الشافعي، الثلاثة في المسألة، اختاره ها هنا شيخنا أبو جعفر رحمه الله، وقال في مسائل خلافه بمقالته في نهايته، ورجع إلى قول أهل نحلته، وإجماع عصابته، فقال: مسألة إذا سافر بإذن رب المال، كان نفقة السفر، من المأكول، والمشروب، والملبوس، من مال القراض، ثم قال: دليلنا إجماع الفرقة، وأخبارهم.
هذا آخر كلامه، في مسائل خلافه، فهو في مبسوطه محجوج بقوله في مسائل خلافه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 408، 409: باب المضاربة:
وإذا اشترى المضارب، من يعتق عليه، قوم، فإن زاد ثمنه على ما اشتراه، انعتق منه بحساب نصيبه من الربح، واستسعى في الباقي لرب المال، وإن لم يزد ثمنه على ذلك، أو نقص عنه، فهو رق بدليل إجماع الطائفة على ذلك...
والذي يدل على صحة ذلك، إجماع أصحابنا المخالف في المسألة والمؤالف، وتواتر أخبارهم، في أن المضارب إذا اشترى أباه، أو ولده بالمال، وكان فيه ربح على ما قدمناه، فإنه ينعتق عليه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 412، 413: باب المضاربة:
ذكر شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه، مسألة فقال: إذا دفع إليه ألفا للقراض، واشترى به عبدا للقراض، فهلك الألف قبل أن يدفعه في ثمنه، اختلف الناس فيه على ثلاثة مذاهب...
قال محمد بن إدريس: الذي عندي في ذلك، أنه لا يخلو إما أن يكون اشترى المضارب العبد بثمن في الذمة، لا معين، أو ثمن معين، فإن كان الأول، فالعبد للمضارب دون رب مال المضاربة، ويجب على العامل الذي هو المضارب، أن يدفع من ماله خاصة ألفا، ثمن العبد، والبيع لا ينفسخ، لأن الأثمان إذا كانت في الذمة، لا ينفسخ البيع بهلاكها، لأنها غير معينة، وإن كان الثاني، فإن البيع ينفسخ، ويكون العبد ملكا لبايعه، على ما كان، دون العامل، ودون رب مال المضاربة، لأن الثمن إذا كان معينا، وهلك قبل القبض، انفسخ البيع، وكان الملك المبيع باقيا وعائدا إلى ملك بايعه، بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 414، 415: باب المضاربة:
إذا غصب رجل مالا فاتجر به، فربح، أو كان في يده مال أمانة، أو وديعة، أو نحوهما، فتعدى فيها، واتجر، وربح، فلمن يكون الربح؟ قيل: فيه قولان. أحدهما أن الربح كله لرب المال، ولا شيء للغاصب، لأنا لو جعلنا الربح للغاصب، كان ذلك ذريعة إلى غصب الأموال، والخيانة في الودايع، فجعل الربح لرب المال، صيانة للأموال.
والقول الثاني، أن الربح كله للغاصب، لا حق لرب المال فيه، لأنه إن كان قد اشترى بعين المال، فالشراء باطل بغير خلاف، وإن كان الشراء في الذمة، ملك المشتري المبيع، وكان الثمن في ذمته بغير خلاف، فإذا دفع مال غيره، فقد قضى دين نفسه بمال غيره، فكان عليه ضمان المال فقط، والمبيع ملكه، حلال له، طلق، فإذا اتجر فيه، وربح، كان متصرفا في مال نفسه، فلهذا كان الربح له، دون غيره، ولا يكون ذريعة إلى أخذ الأموال، لأن حسم ذلك بالخوف من الله تعالى، والحذر مما يرتكبه من المعصية ويحذره من الإثم، وهذا القول هو الصحيح الذي تقتضيه الأدلة وأصول المذهب.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 416: باب الرهون وأحكامها:
وهو جائز بالإجماع...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 416، 407: باب الرهون وأحكامها:
وشروط صحته ستة، حصول الإيجاب والقبول من جائزي التصرف. وأن يكون المرهون عينا لا دينا، لأنا قد بينا أنه وثيقة عين في دين. وأن يكون مما يجوز بيعه، لأن كونه بخلاف ذلك، ينافي المقصود به. وأن يكون المرهون به، دينا لا عينا مضمونة، كالمغصوب مثلا، لأن الرهن إن كان على قيمة العين إذا تلفت، لم يصح، لأن ذلك حق لم يثبت بعد، وإن كان على نفس العين، فكذلك، لأن استيفاء نفس العين من الرهن لا يصح. وأن يكون الدين ثابتا، فلو قال: رهنتك كذا بعشرة دنانير تقرضنيها غدا، لم يصح. وأن يكون لازما، كعوض القرض، والثمن، والأجرة وقيمة المتلف، وأرش الجناية، ولا يجوز أخذ الرهن على مال الكتابة المشروطة، لأنه عندنا غير لازم.
وإذا تكامل ما ذكرناه من هذه الشروط، صح الرهن بلا خلاف، وليس على صحته مع اختلال بعضها دليل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 417 : باب الرهون وأحكامها:
فهذا دليل الخطاب، وهو متروك عند المحصلين من أصحابنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 418: باب الرهون وأحكامها:
فإن وطأها بإذن المرتهن، لم ينفسخ الرهن، حملت أو لم تحمل، لأن ملكه ثابت، وإذا كان ثابتا، كان الرهن على حاله، وجاز بيعها في الدين أيضا، لأنه في الأول ما رهن أم ولده، بل رهن رهنا يصح بيعه في حال ما رهنه على كل حال، وبلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 418: باب الرهون وأحكامها:
فإن وطأها المرتهن بغير إذن الراهن، فهو زان، وولده منها رق لسيدها، ورهن معها، ويجب عليه الحد.
فإن كان الوطء بإذن الراهن، كان الولد حرا لا حقا بأبيه المرتهن، لا قيمة عليه للراهن فيه، ولا يلزمه مهر، لأن الأصل براءة الذمة، ويصح بيعها بعد ذلك أيضا في الدين بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 419: باب الرهون وأحكامها:
والرهن أمانة في يد المرتهن، إن هلك من غير تفريط، فهو من مال الراهن، ولم يسقط بهلاكه شيء من الدين، بدليل إجماعنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 420: باب الرهون وأحكامها:
ويحتج على المخالف بقوله عليه السلام: “الخراج بالضمان” وخراجه إذا كان للراهن بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 420: باب الرهون وأحكامها:
وإذا ادعى المرتهن هلاك الرهن، كان القول قوله مع يمينه، سواء ادعى ذلك بأمر ظاهر، أو خفي، والدليل عليه إجماع أصحابنا بغير خلاف بينهم...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 421: باب الرهون وأحكامها:
وإذا اختلفا في مبلغ الرهن، أو في مقدار قيمته بعد الإقرار من المرتهن بالتفريط، أو إقامة البينة عليه بذلك، فالقول قول المرتهن أيضا في ذلك، على الصحيح من المذهب، لأنه غارم، ومدعى عليه، ولا خلاف أن القول قول الجاحد المنكر المدعى عليه، إذا عدم المدعي البينة، وقال بعض أصحابنا: القول قول الراهن في ذلك، وهذا مخالف لما عليه الإجماع، وضد الأصول الشريعة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 421، 422: باب الرهون وأحكامها:
ومتى اختلفا في متاع، فقال الذي عنده: إنه رهن، وقال صاحب المتاع: إنه وديعة، كان القول قول صاحب المتاع مع يمينه، وعلى المدعي لكونه رهنا البينة بأنه رهن عنده، وهذا هو الصحيح الذي عليه العمل، وتقتضيه الأصول، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته.
وذهب في استبصاره إلى أن القول قول من يدعي أنه رهن، وجعله مذهبا له، وجمع بين الأخبار، وتوسطها على هذا القول.
قال محمد بن إدريس: إني لأربأ بشيخنا أبي جعفر، مع جلالة قدره وتبحره ورياسته، من هذا القول المخالف لأصول المذهب...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 423، 424: باب الرهون وأحكامها:
ومتى رهن الإنسان حيوانا حاملا، كان حمله خارجا عن الرهن، إلا أن يشترطه المرتهن، فإن حمل في حال الارتهان، كان مع أمه رهنا، كهيئتها.
وحكم الأرض إذا رهنت وهي مزروعة، كذلك، فإن الزرع يكون خارجا عن الرهن، فأما إذا زرعت بعد الرهن، فيكون الزرع لصاحب البذر، ولا يدخل في الرهن، لأنه غير حمل، بخلاف الشجر والنخل وحملهما، والحيوان وحمله. وإنما عطف شيخنا في نهايته الزرع في الأرض، لأنه لا يدخل في الرهن مع الأرض، ولم يقل إذا زرعت بعد الرهن دخل الزرع في الرهن، مثل ما يدخل الحمل.
وكذلك حكم الشجر والنخل إذا كان فيها الحمل، فإن ثمرتها وحملها يكون خارجا من الرهن، فإن حملت النخيل والأشجار في حال الارتهان، كان ذلك رهنا مثل الحامل، وهذا مذهب أهل البيت عليهم السلام، وإجماعهم عليه، وهو الذي ذكره شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في مقنعته، واختاره شيخنا أبو جعفر في نهايته ثم اختار بعد ذلك، مقالة المخالفين، في مسائل خلافه، ومبسوطه، وذهب إلى أن الحمل يكون خارجا من الرهن، وإن حمل الحامل في حال الارتهان.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 424: باب الرهون وأحكامها:
وإذا كان عند إنسان رهن بشيء مخصوص، فمات الراهن، وعليه دين لغيره من الغرماء، لم يكن لأحد منهم أن يطالبه بالرهن، إلا بعد أن يستوفي المرتهن ما له على الراهن، فإن فضل بعد ذلك شيء، كان لباقي الغرماء.
وقد روي في شواذ الأخبار الضعيفة، أنه يكون مع غيره من الديان سواء، يتحاصصون بالرهن.
والصحيح ما انعقد عليه الإجماع، دون ما روي في شواذ الروايات.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 425: باب الرهون وأحكامها:
لأنا قد أجمعنا بغير خلاف، أن الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرف في الرهن.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 426: باب الرهون وأحكامها:
لا يجوز أخذ الرهن من العاقلة على الدية، إلا بعد حؤول الحول، فأما قبله فلا يجوز، وعندنا تستأدى منهم في ثلاث سنين، وأما بعد حؤول الحول، فإنه يجوز، لأنه يثبت قسط منها في ذمتهم.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 427: باب الرهون وأحكامها:
إذا رهن رجل عند غيره شيئا بدين إلى شهر، على أنه إن لم يقض إلى محله كان مبيعا منه بالدين الذي عليه، لم يصح الرهن، ولا البيع إجماعا، لأن الرهن موقت، والبيع متعلق بزمان مستقبل، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطه. وهو صحيح، والأدلة على صحته ما قدمناه نحن في هذا الباب، من قوله عليه السلام المجمع عليه: “لا يغلق الرهن”...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 428: باب الرهون وأحكامها:
لأن التدبير عندنا بمنزلة الوصية...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 428: باب الرهون وأحكامها:
إذا رهن عند إنسان شيئا، وشرط أن يكون موضوعا على يد عدل، صح شرطه، فإذا ثبت هذا فإن شرطا أن يبيعه الموضوع على يده، صح الشرط، وكان ذلك توكيلا في البيع، فإذا ثبت هذا، فإن عزل الراهن العدل عن البيع، الأقوى والأصح أنه لا ينعزل عن الوكالة، ويجوز له بيعه، لأنه لا دلالة على عزله، وذهب بعض المخالفين إلى أنه ينعزل، لأن الوكالة من العقود الجائزة، هذا إذا كانت الوكالة شرطا في عقد الرهن، فلا ينعزل على ما اخترناه، لأنه شرط ذلك، وعقد الرهن عليه، وهو شرط لا يمنع منه كتاب، ولا سنة، وقد قال عليه السلام: “المؤمنون عند شروطهم” وقال: “الصلح جايز بين المسلمين” وهذا صلح، لا يمنع منه كتاب ولا سنة، فأما إذا شرطه بعد لزوم العقد، فإن الوكالة تنفسخ بعزل الراهن للعدل الذي هو الوكيل، بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 430: باب الرهون وأحكامها:
إذا أقرضه ألف درهم، على أن يرهنه بالألف داره، ويكون منفعة الدار للمرتهن، لم يصح القرض، لأنه قرض يجر منفعة، ولا يصح الرهن، لأنه تابع له، ولا خلاف فيه أيضا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 430، 431: باب العارية:
وإذا اختلفا في مبلغ العارية، أو قيمتها، أخذ ما أقر به المستعير، وكان القول قول المالك مع يمينه، فيما زاد على ذلك، عند بعض أصحابنا، وهو الذي أورده شيخنا في نهايته.
والذي تقتضيه الأدلة، وأصول المذهب أن القول قول المدعى عليه، وهو المستعير مع يمينه بالله تعالى، لأن الأصل براءة ذمته، ويعضد ذلك قول الرسول عليه السلام المجمع عليه، وهو قوله: “على المدعي البينة، وعلى الجاحد اليمين” ومالكها مدع بغير خلاف، والمستعير الجاحد، فعليه اليمين، ولا يرجع عن الأدلة بأخبار الآحاد، ولا بما يوجد في سواد الكتب مطلقا من الأدلة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 432: باب العارية:
أولا إجماع الفرقة على أن كل مجهول يشتبه، ففيه القرعة، وهذا من ذاك([25])...
أما رجوع شيخنا إلى القرعة في هذا، ليس بواضح، لأن هذا أمر غير مجهول، ولا مشكل، بل هذا بين، والشارع والإجماع بينه، وهو مثل الدعاوى في سائر الأحكام، من أن على المدعي البينة وعلى الجاحد اليمين...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 432: باب العارية:
وإذا استعار من غيره دابة ليحمل عليها وزنا معينا، فحمل عليها أكثر منه، أو ليركبها إلى موضع معين، فتعداه، كان متعديا، ولزمه الضمان، ولو ردها إلى المكان المعين بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 435: باب الوديعة:
ولو تعدى المودع، ثم أزال التعدي، مثل أن يردها إلى الحرز بعد إخراجها منه، لم يزل الضمان، لأنه كان لازما له قبل الرد، ومن ادعى سقوطه عنه، فعليه الدلالة، ولو أبرأه صاحبها من الضمان بعد التعدي، وقال: قد جعلتها وديعة عندك من الآن، برئ لأن ذلك حق له، فله التصرف فيه بالإبراء والإسقاط، ويزول الضمان بردها إلى صاحبها أو وكيله، سواء أودعه إياها مرة أخرى أم لا، بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 436: باب الوديعة:
وإن كانت الوديعة من حلال وحرام لا يتميز أحدهما من الآخر، لزم رد جميعها إلى المودع متى طلبها، بدليل إجماع أصحابنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 436: باب الوديعة:
ومتى ادعى صاحب الوديعة تفريطا، فعليه البينة، فإن فقدت فالقول قول المودع -لأنه أمين- مع يمينه. فإذا ثبت التفريط، واختلفا في قيمة الوديعة، ولا بينة فالقول قول المودع الأمين -لأنه المدعى عليه- مع يمينه.
ومن أصحابنا من قال: القول قول صاحبها مع يمينه، وهذا مخالف لأصول المذهب، وما عليه الإجماع، والمتواتر من الأخبار، لأن القول بذلك، يؤدي إلى أن القول قول المدعي، وعلى الجاحد البينة، وهذا خلاف ما عليه كافة المسلمين، وأيضا الأصل براءة ذمة الجاحد، فمن شغلها بزيادة على ما يقول ويقر فعليه الدلالة، ولأنه أيضا غارم، والغارم يكون القول قوله مع يمينه، بلا خلاف، وما ذكره شيخنا في نهايته خبر واحد، لا يرجع بمثله عن الأدلة القاهرة، ولا يخص بمثله العموم.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 441، 442: باب المزارعة:
والمعاملة على الأرض ببعض ما يخرج من نمائها، على ثلاثة أضرب مقارضة، ومساقاة، ومزارعة.
فأما المقارضة، فإنها تصح بلا خلاف على ما قدمناه. وأما المساقاة فجائزة عند جميع الفقهاء، إلا عند أبي حنيفة وحده.
فأما المزارعة، فهو أن يزارعه على سهم مشاع، مثل أن يجعل له النصف، أو الثلث، أو أقل، أو أكثر، فإن ذلك عندنا جائز إذا ضربها بالأجل المحروس وعين حق العامل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 442: باب المزارعة:
وشرطه أن يكون جزء مشاعا من الخارج، فلو عامله على وزن معين منه، أو على غلة مكان مخصوص من الأرض، أو على تمر نخلات بعينها، بطل العقد، بلا خلاف بين من أجاز المزارعة والمساقاة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 442، 443: باب المزارعة:
فأما الزكاة، فإن بلغ نصيب كل واحد منهم ما يجب فيه الزكاة، وجبت عليه، لأنه شريك مالك، سواء كان البذر منه، أو لم يكن، وليس ما يأخذه المزارع الذي منه العمل دون البذر، أجرة ولا كالأجرة.
وقال بعض أصحابنا المتأخرين في تصنيف له: كل من كان البذر منه، وجب عليه الزكاة، ولا يجب الزكاة على من لا يكون البذر منه، قال: لأن ما يأخذه كالأجرة.
والقائل بهذا، هو السيد العلوي أبو المكارم بن زهرة الحلبي رحمه الله شاهدته ورأيته، وكاتبته، وكاتبني، وعرفته ما ذكره في تصنيفه من الخطأ، فاعتذر رحمه الله بأعذار غير واضحة، وأبان بها أنه ثقل عليه الرد، ولعمري أن الحق ثقيل كله، ومن جملة معاذيره ومعارضاته لي في جوابه، أن المزارع مثل الغاصب للحب إذا زرعه، فإن الزكاة تجب على رب الحب دون الغاصب، وهذا من أقبح المعارضات، وأعجب التشبيهات، وإنما كانت مشورتي عليه، أن يطالع تصنيفه، وينظر في المسألة، ويغيرها قبل موته، لئلا يستدرك عليه مستدرك بعد موته، فيكون هو المستدرك على نفسه، فعلت ذلك علم الله شفقة وسترة عليه، ونصيحة له، لأن هذا خلاف مذهب أهل البيت عليهم السلام.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 446: باب المزارعة:
ثم قال: وإذا استأجرها بالدراهم والدنانير، لم يجز له أن يؤجرها بأكثر من ذلك، إلا أن يحدث فيها حدثا، من حفر نهر، أو كرى ساقية، وما أشبه ذلك.
والذي يقوى في نفسي، أنه يجوز له أن يؤجرها بأكثر من ذلك الجنس الذي استأجرها به، وإن لم يحدث فيها حدثا، لأن منافعها صارت مستحقة له، يفعل فيها ما شاء، ويؤجرها لمن شاء بما شاء، لا مانع يمنع منه من كتاب ولا سنة مقطوع بها، ولا إجماع، لأن بينهم خلافا في ذلك، وما روي في ذلك أخبار آحاد تحمل على الكراهة، دون الحظر، فأما إذا اختلف الجنس فلا خلاف بينهم في جواز ذلك، من غير حظر ولا كراهة، بأكثر أو أقل، سواء أحدث فيها حدثا، أو لم يحدث، مثال ذلك أن يستأجرها بدنانير، فيؤجرها بدراهم، أو يستأجرها بخبطه في ذمته، لا مما تخرج الأرض، ويؤجرها بدنانير أو دراهم وأشباه ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 453: باب المساقاة:
إذا ظهرت الثمرة، وبلغت الأوساق التي تجب فيها الزكاة، كانت الزكاة واجبة على رب النخل والعامل معا، إذا بلغ نصيب كل واحد منهما ما تجب فيه الزكاة، فإن لم يبلغ نصيب واحد منهما النصاب، فلا تجب الزكاة على كل واحد منهما، فإن بلغ نصيب أحدهما نصاب الزكاة، وجب عليه دون من لم يبلغ حصته، لأن الثمرة ملك لهما، وهذا مذهب أصحابنا بغير خلاف بينهم في ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 455: باب المساقاة:
إذا اختلف رب النخل والمساقي في مقدار ما شرط له من الحصة عند المقاسمة، فالقول قول رب النخل مع يمينه، لأن ثمرة النخل كلها لصاحبها، وإنما يستحق العامل بالشرط، ورب النخل أعرف بما قال، فإن أقام العامل بينة، سمعت، وسلم إليه ما شهدت به البينة، فإن أقام كل واحد منهما بينة بما يقوله، قدمنا بينة العامل، لأنه المدعي، والرسول عليه السلام جعلها في جنبته، دون جنبة الجاحد.
وقال شيخنا أبو جعفر في المزارعة هكذا وهو الصحيح وقال في آخر كتاب المساقاة في مبسوطه: وإن كان مع كل واحد منهما بينة تعارضتا، ورجعنا على مذهبنا إلى القرعة([26])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 456: باب الإجارات:
كل ما يستباح بعقد العارية يجوز أن يستباح بعقد الإجارة، من إجارة الإنسان نفسه، وعبيده، وثيابه، وداره وعقاره بلا خلاف، بل الإجماع منعقد على ذلك، والكتاب ناطق به.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 458: باب الإجارات:
ولا تخلو الأجرة من ثلاثة أحوال، إما أن يشترطا فيها التأجيل، أو التعجيل، أو يطلقا ذلك، فإن شرطا التأجيل إلى سنة أو إلى شهر، فإنه لا يلزمه تسليم الأجرة إلى تلك المدة بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 459: باب الإجارات:
ومتى عقدا الإجارة، ثم أسقط المؤجر مال الإجارة، وأبرأ صاحبه منها، سقط بلا خلاف، وإن أسقط المستأجر المنافع المعقود عليها، لم تسقط بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 459: باب الإجارات:
قال شيخنا أبو جعفر، في مبسوطه: إذا باع شيئا بثمن جزاف، جاز، إذا كان معلوما مشاهدا، وإن لم يعلم وزنه، ولا يجوز أن يكون مال القراض جزافا، والثمن في السلم أيضا يجوز أن يكون جزافا، وقيل: لا يجوز كالقراض، ومال الإجارة يصح أن يكون جزافا، وفي الناس من قال: لا يجوز، والأول أصح، إلى هاهنا كلام شيخنا أبي جعفر في مبسوطه، في كتاب الإجارة.
قال محمد بن إدريس: الأظهر من المذهب بلا خلاف فيه إلا من السيد المرتضى في الناصريات، أن البيع إذا كان الثمن جزافا بطل، وكذلك القراض والسلم، لأنه بيع، فأما مال الإجارة التي هي الأجرة، فالأظهر من المذهب أنه لا يجوز، إلا أن يكون معلوما، ولا تصح ولا تنعقد الإجارة إذا كان مجهولا جزافا، لأنه لا خلاف في أن ذلك عقد شرعي، يحتاج في ثبوته إلى أدلة شرعية، والإجماع منعقد على صحته إذا كانت الأجرة معلومة غير مجهولة، ولا جزاف، وفي غير ذلك خلاف، وأيضا نهي النبي عليه السلام عن الغرر والجزاف، وهذا غرر وجزاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 461: باب الإجارات:
كما أن مدة خيار الثلاث، أو ما زاد عليها في البيع موروثة، بلا خلاف بيننا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 462، 463: باب الإجارات:
ومتى تعدى المستأجر ما اتفقا عليه، من المدة أو المسافة، أو الطريق، أو مقدار المحمول، أو عينه، إلى ما هو أشق في الحمل، أو المعهود في السير، أو في وقته، أو في ضرب الدابة، ضمن الهلاك أو النقص، ويلزمه أجرة الزائد على الشرط، بدليل الإجماع من أهل البيت عليهم السلام على ذلك، ولأنه لا خلاف في براءة ذمته، إذا أدى ذلك، وليس على براءتها إذا لم يؤده دليل، ولو رد الدابة إلى المكان الذي اتفقا عليه بعد التعدي بتجاوزه، لم يزل الضمان، بدليل الإجماع الماضي ذكره، وأيضا فقد ثبت الضمان بلا خلاف، فمن ادعى زواله بالرد إلى ذلك المكان، فعليه الدلالة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 464: باب الإجارات:
وقال شيخنا في مسائل الخلاف، في كتاب المزارعة: إذا اختلف المكري والمكتري في قدر المنفعة، أو قدر الأجرة، فالذي يليق بمذهبنا، أن يستعمل فيه القرعة، فمن خرج اسمه حلف، وحكم له به، لإجماع الفرقة على أن كل مشتبه يرد إلى القرعة([27]).
قال محمد بن إدريس: وأي اشتباه في هذا، إنما هو مدعي ومدعى عليه، وهذا فقه سهل، وليس هو من القرعة بسبيل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 470: باب الإجارات:
واختلف أصحابنا في تضمين الصناع والملاحين والمكارين بتخفيف الياء.
فقال بعضهم: هم ضامنون لجميع الأمتعة، وعليهم البينة، إلا أن يظهر هلاكه، ويشتهر بما لا يمكن دفاعه، مثل الحريق العام، والغرق والنهب كذلك، فأما ما تجنيه أيديهم على السلع، فلا خلاف بين أصحابنا أنهم ضامنون له.
وقال الفريق الآخر من أصحابنا وهم الأكثرون المحصلون: أن الصناع لا يضمنون إلا ما جنته أيديهم على الأمتعة، أو فرطوا في حفاظه، وكذلك الملاحون والمكارون والرعاة، وهو الأظهر من المذهب، والعمل عليه، لأنهم أمناء، سواء كان الصانع منفردا، أو مشتركا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 471: باب الإجارات:
إذا استأجر امرأة لترضع ولده، فمات واحد من الثلاثة، بطلت الإجارة على المذهبين والقولين اللذين لأصحابنا معا، لأن الصبي إذا مات، بطلت الإجارة، وكذلك الامرأة المرضعة، إذا كانت الإجارة معينة بنفسها، وكذلك موت الأب، لأنه المستأجر، ولا خلاف أن موت المستأجر يبطل الإجارة، هذا إذا كان الصبي معسرا لا مال له.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 471: باب الإجارات:
إذا آجرت المرأة نفسها للرضاع أو لغيره بإذن زوجها، صحت الإجارة بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 471: باب الإجارات:
إذا رزق الرجل من امرأته ولدا، لم يكن له أن يجبرها على إرضاعه، لأن ذلك من نفقه الابن، ونفقته على الأب، وله أن يجبر الأمة، وأم الولد، والمدبرة، بلا خلاف في ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 473: باب الإجارات:
إذا آجر عبده سنة معلومة، فمات العبد بعد استيفاء منافعه ستة أشهر، فلا خلاف أن العقد فيما بقي بطل، وفيما مضى لا يبطل عندنا، وفي المخالفين من قال يبطل، مبنيا على تفريق الصفقة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 475: باب الإجارات:
يجوز إجارة الدراهم والدنانير...
وأيضا فلا خلاف أنه لا يصح وقفهما...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 477: باب الإجارات:
وهذا الذي اخترناه، وهو الصحيح، فأما ما تمسك به شيخنا أبو جعفر رحمه الله في نصرة ما ذهب إليه واختاره، بما ذكره فبعيد، ويعارض بالرهن، إذا قضى الراهن الدين، ولم يطالب برد الرهن، وهلك، فلا خلاف أن المرتهن لا يكون ضامنا، وإن كان قال للمرتهن: أمسك هذا الرهن إلى أن أسلم إليك حقك، فقد أذن له في إمساكه هذه المدة، ولم يأذن فيما بعدها نطقا، بل بقي على أمانته على ما كان أولا فكذلك في مسألتنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 478، 479: باب الإجارات:
قال محمد بن إدريس: ما ذكره شيخنا في المسألتين غير واضح، والذي تقتضيه أصول مذهبنا، أن الإجارة باطلة...
وإن قلنا: هذه جعالة كان قويا، فإذا فعل الفعل المجعول عليه، استحق الجعل، كرجل قال: من حج عني فله دينار، فهذه جعالة بلا خلاف...
فأما قوله: “وفي أخبارهم ما يجري مثل هذه المسألة بعينها منصوصة” فمذهبنا ترك القياس...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 479: باب الإجارات:
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: يجوز إجارة الدراهم والدنانير.
قال محمد بن إدريس: وهذا غير واضح، لأنه بلا خلاف بيننا لا يجوز وقف الدراهم والدنانير، لأن الوقف لا يصح إلا في الأعيان التي يصح الانتفاع بها، مع بقاء أعيانها، على ما نبينه في كتاب الوقوف إن شاء الله، فإذا جاز عنده رضي الله عنه إجارتها جاز وقفها، وهو لا يجوزه، وأيضا كان يلزم من هذا أن من غصب رجلا مائة دينار، وبقيت في يد الغاصب سنة، ثم ردها على المغصوب منه، أن يلزمه الحاكم بأجرتها مدة السنة، لأن المنافع عندنا تضمن بالغصب، وهذا لا يقوله أحد منا، ولا من الأمة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 480: باب الغصب:
تحريم الغصب معلوم بأدلة العقل، والكتاب، والسنة، والإجماع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 482: باب الغصب:
ومن غصب حبا فزرعه، أو بيضا فاحتضنها، فالزرع والفرخ لصاحبهما، دون الغاصب، لأنا قد بينا أن المغصوب لا يدخل في ملك الغاصب بتغيره، خلافا لأبي حنيفة، لأنه لا يخرج بالغصب عن ملك المغصوب منه، وإذا كان باقيا على ملك صاحبه، فنماؤه المنفصل والمتصل جميعا لصاحبه، وهذا لا خلاف فيه بين أصحابنا، لأنه الذي تقتضيه أصولهم، ويحكم به عدل أهل البيت عليهم السلام.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 484: باب الغصب:
وقال السيد المرتضى، في مسائل الناصريات، ويعرف أيضا بالطبريات، في المسألة الثانية والثمانين والمائة:
من اغتصب بيضة فحضنها، فأفرخت فرخا أو حنطة، فزرعها فنبتت، فالفرخ والزرع لصاحبهما، دون الغاصب، هذا صحيح، وإليه يذهب أصحابنا، والدليل عليه الإجماع المتكرر، وأيضا فإن منافع الشيء المغصوب لمالكه، دون الغاصب، لأنه بالغصب لم يملكه، فما تولد من الشيء المغصوب، فهو للمالك دون الغاصب، وهذا واضح، هذا آخر المسألة من كلام السيد المرتضى رضي الله عنه([28]).
ألا ترى أرشدك الله إلى قوله: وإليه يذهب أصحابنا، ثم قال: والإجماع المتكرر...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 485: باب الغصب:
ومن حل دابة...
ولا خلاف أنه لو حل رأس الزق، فخرج ما فيه، وهو مطروح، لا يمسك ما فيه من غير الشد، لزمه الضمان...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 486: باب الغصب:
ومن غصب عبدا فأبق، أو بعيرا فشرد، فعليه قيمة ذلك، فإذا أخذها صاحب العبد أو البعير ملكها بلا خلاف، ولا يملك الغاصب العبد، فإن عاد انفسخ الملك عن القيمة، ووجب ردها، وأخذ العبد، لأن أخذ القيمة إنما كان لتعذر العبد والحيلولة بين مالكه وبينه، ولم تكن عوضا عنه على وجه البيع، لأنا قد بينا أن ملك القيمة يتعجل هاهنا، وملك القيمة بدلا عن العين الفائتة بالإباق لا يصح على وجه البيع، لأن ذلك يكون فاسدا عندنا على ما قدمناه، وعند المخالف أيضا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 490: باب الغصب:
لأن المنافع تضمن بالغصب عندنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 492: باب الغصب:
إذا غصب شاة فأنزى عليها فحل نفسه فأتت بولد، كان لصاحب الشاة، لا حق لصحاب الفحل في الولد، لأن الولد يتبع الأم وجزء منها ونماؤها، فإن كان غصب فحلا فأنزاه على شاة نفسه، فالولد لصاحب الشاة، وعليه أجرة الفحل عندنا، وإن كان الفحل قد نقص بالضراب، فعلى الغاصب أرش النقصان بتعديه.
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: فأما أجرة الفحل فلا تجب على الغاصب: لأن النبي عليه السلام نهى عن كسب الفحل. وما ذهبنا إليه هو مذهب أهل البيت عليهم السلام...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 492: باب الغصب:
إذا كان في يد مسلم خمر أو خنزير فأتلفه متلف، فلا ضمان عليه، مسلما كان المتلف أو مشركا، فإن كان ذلك في يد ذمي وقد أخرجه وأظهره في دروب المسلمين، فلا ضمان على المتلف أيضا، وإن أتلفه في بيته أو في بيعته وكنيسته، فالضمان عليه عندنا، مسلما كان المتلف أو مشركا، والضمان هو قيمة الخمر والخنزير عند مستحليه، ولا يضمن بالمثلية على حال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 493: باب الغصب:
إذا غصب أمة فباعها، فأحبلها المشتري، فإن السيد يرجع على المشتري، وهل يرجع المشتري على البايع أم لا؟ نظرت فكل ما دخل على أنه له بعوض، وهو قيمة الرقبة، لم يرجع به على أحد، وكل ما دخل على أنه له بغير عوض، فإن لم يحصل له في مقابلته نفع وهو قيمة الولد، رجع به على البايع، قولا واحدا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 495، 496: باب الغصب:
فإن غصب عبدا ومات العبد واختلفا، فقال الغاصب: رددته حيا فمات في يدك أيها المالك، وقال المالك: بل مات في يدك أيها الغاصب من قبل أن ترده إلي، وما رددته إلي إلا ميتا، وقال الغاصب: رددته حيا.
فالذي عندي ويقوى في نفسي، أن القول قول المالك مع يمينه، وعلى الغاصب البينة، لأنه المدعي لرد الملك بعد إقراره بغصبه، وكونه في يده حيا، والمالك منكر للرد وجاحد له، ومدعى عليه، فالقول قوله، لأن الإجماع منعقد على أن على المدعي البينة، وعلى الجاحد اليمين، وهذا داخل تحت ذلك، فإن أقام كل واحد منهما بينة، سمعت بينة المدعي للموت، لأن الرسول عليه السلام جعلها في جنبته، ولأن بينته تشهد بشيء ربما خفي على بينة الغاصب، وهو الموت، فهذا تحرير الفتيا في هذا السؤال.
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: فإن غصب عبدا ومات العبد فاختلفا، فقال: رددته حيا ومات في يدك، وقال المالك: بل مات في يدك أيها الغاصب، وأقام كل واحد منهما البينة بما ادعاه، عمل على ما نذكره في تقابل البينتين، فإن قلنا إن البينتين إذا تقابلتا سقطتا، عدنا إلى الأصل وهو بقاء العبد عنده حتى يعلم رده، كان قويا هذا آخر كلامه رحمه الله، لم يذكر في المسألة غير ما ذكره وحكيناه عنه.
والذي قواه وقال: كان قويا، مذهب الشافعي في تقابل البينتين لا مذهب أصحابنا، وإنما مذهب أصحابنا بغير خلاف بينهم، الرجوع إلى القرعة لأنه أمر مشكل، وهذا ليس من ذلك بقبيل، ولا هو منه بسبيل، ولا في هذا إشكال، فنرجع فيه إلى القرعة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 496، 497: باب الغصب:
الذي تقتضيه أخبارنا وأصول مذهبنا، أنه إذا جنى على عبد جناية تحيط بقيمة العبد، كان بالخيار بين أن يسلمه إلى الجاني، ويأخذ قيمته، وبين أن يمسكه ولا شيء له، وما عدا ذلك فله الأرش، إما مقدرا، إن كان له في الحر مقدر، أو حكومة، إن لم يكن له في الحر مقدر، وهو ما بين قيمته صحيحا ومعيبا.
وما عدا الرقيق من بني آدم، من سائر الحيوانات المملوكات، ما عدا بني آدم المملوكين، إذا جنى عليه جان، فليس لصاحبه إلا أرش الجناية.
وهذا مذهب شيخنا أبي جعفر وتحريره في مسائل خلافه في الجزء الثاني في كتاب الغصب، في المسألة التاسعة،فإنه رجع عما قاله في المسألة الرابعة، ورجوعه هو الصحيح الذي تقتضيه الأدلة، على ما قاله رحمه الله، فإنه قال في المسألة التاسعة، والذي تقتضيه أخبارنا ومذهبنا، أنه إذا جنى على عبد جناية تحيط بقيمة العبد، كان بالخيار بين أن يسلمه ويأخذ قيمته، وبين أن يمسكه ولا شيء له، وما عدا ذلك فله الأرش، إما مقدرا أو حكومة، على ما مضى القول فيه، وما عدا المملوك من الأملاك إذا جنى عليه، فليس لصاحبه إلا أرش الجناية، ثم قال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم وقد ذكرناها في الكتاب المقدم ذكره، هذا آخر كلام شيخنا في المسألة([29]).
ثم قال في مسائل خلافه: مسألة، إذا قلع عين دابة، كان عليه نصف قيمتها، وفي العينين جميع القيمة، وكذلك كل ما كان في البدن منه اثنان، ففي الاثنين جميع القيمة، وفي الواحد نصفها، وقال أبو حنيفة: في العين الواحد ربع القيمة، وفي العينين نصف القيمة، وكذلك في كل ما ينتفع بظهره ولحمه، وقال الشافعي ومالك: عليه الأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وروي عن عمر، أنه قضى في عين الدابة ربع قيمتها، ورووا ذلك عن علي عليه السلام، وهذا يدل على بطلان قول من يدعي الأرش، فأما قولنا، فدليله إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط هذا آخر كلامه رحمه الله([30]).
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 498: باب الغصب:
لأن القياس عندنا باطل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 498: باب الإقرار:
إقرار الحر البالغ الثابت العقل غير المولى عليه جائز على نفسه، للكتاب والسنة والإجماع...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 499: باب الإقرار:
فأما إن كان محجورا عليه لرق، فإنه لا يقبل إقراره عند أصحابنا، لا في مال في يديه ولا على بدنه، سواء أقر بقتل العمد، أو بقتل الخطأ، لأن ذلك إقرار على الغير، لكنه يتبع به إذا لحقه العتاق، ومتى صدقه السيد، قبل إقراره في جميع ذلك بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 499: باب الإقرار:
ويصح إقرار المريض الثابت العقل، للوارث وغيره، سواء كان بالثلث أو أكثر منه، وإجماع أصحابنا منعقد على ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 500، 501: باب الإقرار:
وإذا قال له علي مال كثير، كان إقرارا بثمانين، لما رواه أصحابنا وأجمعوا عليه.
وروي في تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} أنها كانت ثمانين موطنا.
والأولى عندي أنه يرجع في التفسير إليه، لأن هذا قول مبهم محتمل، ولا نعلق على الذمم شيئا بأمر محتمل، وانما ورد في أخبار أصحابنا، وأجمعوا عليه في النذر فحسب، ولم يذهب أحد منهم إلى تعديته إلى الإقرار والوصية، سوى شيخنا أبي جعفر رحمه الله في فروع المخالفين في المبسوط، ومسائل خلافه، والقياس عندنا باطل، فمن عداه إلى غير النذر الذي ورد فيه، يحتاج إلى دليل.
ثم لا خلاف بين أصحابنا بل بين المسلمين، أنه إذا باع دارا بمال كثير، يكون البيع باطلا، لأن الثمن مجهول المقدار، فلو كان الشارع قد جعل حد الكثير ثمانين في كل شيء، لما كان البيع باطلا، وكذلك إذا باع الدار بجزء من ما له، وكان ما له معلوم المقدار، يكون البيع باطلا بلا خلاف، وإن كان الجزء هو السبع في الوصية فحسب، ولا نعديه إلى غيرها بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 502: باب الإقرار:
ويجوز استثناء الأكثر من الأقل بلا خلاف، إلا من ابن درستويه النحوي، وابن حنبل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 506: باب الإقرار:
وتصح الوصية عندنا للحمل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 508: باب الإقرار:
إذا قال: هذه الدار لفلان، لا بل لفلان، أو قال غصبتها من زيد، لا بل من عمرو، فإن إقراره الأول لازم، ويكون الدار للأول، ويغرم قيمتها للثاني، لأنه حال بينه وبين ما أقر له به، فهو كما لو ذبح شاة له، وأكلها، ثم أقر له بها، أو أتلف مالا، ثم أقر به لفلان، فإنه يلزمه غرامته، فكذلك هذا، وهذا كما نقول في الشاهدين: إذا شهدا على رجل بإعتاق عبده، أو طلاق امرأته غير المدخول بها، وحكم الحاكم بذلك، ثم رجعا عن الشهادة، كان عليهما غرامة قيمة العبد، وغرامة المهر، لأنهما حالا بينه وبين ملكه، فلا ينقض حكم الحاكم بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 512: باب الإقرار:
وأنه لا يجوز له الرجوع عنه، ولا إسقاطه، ولا إسقاط شيء منه، إلا بما قد أجمعنا عليه من إسقاط بعضه بالاستثناء فحسب، لما دللنا عليه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 512، 513: باب الإقرار:
ولم يذهب أحد من أصحابنا إلى هذا المقال، ولا أودعه في كتاب، سوى شيخنا أبي جعفر في هذين الكتابين المشار إليهما، وهما المبسوط ومسائل الخلاف، لأنهما فروع المخالفين، وما عداهما من سائر كتبه، لم يتعرض لذلك بقول.
وقلده ونقل من مسطورة ابن البراج، كما قلده في غير ذلك مما أجمعنا على خلافه، من أن الإنسان إذا باع جارية حاملا، لا يجوز له أن يستثني الحمل، لأنه يجري مجرى بعض أعضائها. وقد دللنا على فساد ذلك فيما مضى.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 515، 516: باب الإقرار:
قال شيخنا أبو جعفر، في مبسوطه في كتاب الإقرار: إذا أعتق رجل عبدين في حال صحته، فادعى عليه رجل أنه غصبهما منه، وأنهما مملوكان له، فأنكر ذلك المعتق، فشهد له المعتقان بذلك، لم تقبل شهادتهما، لأن إثبات شهادتهما يؤدي إلى إسقاطها، لأنه إذا حكم بشهادتهما، لم ينفذ العتق، وإذا لم ينفذ العتق، بقيا على رقهما، وإذا بقيا على رقهما، لم تصح شهادتهما، فلما كان إثباتها يؤدي إلى إسقاطها، لم يحكم بها، قال رحمه الله، وهذا على مذهبنا أيضا، لا تقبل شهادتهما، لأنا لو قبلناها، لرجعا رقين، وتكون شهادتهما على المولى، وشهادة العبد لا تقبل على مولاه، فلذلك بطل، لا لما قالوا هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطه.
قال محمد بن إدريس: ما ذهب إليه شيخنا رحمه الله في ذلك. غير واضح، بل هو ضد لما عليه إجماعنا وتواتر أخبارنا بغير خلاف، وقد أورد ذلك في نهايته، إن شهادتهما مقبولة. وما اعتل به غير مستقيم، لأنهما في حال شهادتهما وإقامتها وسماع الحاكم لها لم يكونا عبدين، بل كانا حرين على ظاهر الحال، بغير خلاف، فما شهدا في حال ما شهدا وأقاما، إلا على غير سيدهما، فلا يؤثر بعد ذلك ما يتعقب الشهادة، لأن المؤثرات في وجوه الأحكام، لا يكون لها حكم، إلا أن تكون مقارنة غير متأخرة، بل إن قيل: إن شهادتهما لسيدهما الحقيقي لا عليه، كان صحيحا، ومثل هذه المسألة بل هي بعينها من الحكم منصوصة لأصحابنا، الرواية بها متواترة، لا يتعاجم في ذلك اثنان من أصحابنا.
وأيضا فالشاهد إذا شهد عند الحاكم، وكان وقت شهادته مقبول الشهادة، لا يؤثر بعد ذلك ما يطرأ عليه من تجدد فسق، بل يجب على الحاكم الحكم بشهادته، فلو شرب بعد إقامة شهادته بلا فصل خمرا، وقبل الحكم بها، فإن الحاكم يحكم بها، ولا يطرحها بغير خلاف بيننا، إلا أن يرجع الشاهد عنها قبل الحكم بها، فيطرحها الحاكم إذا كان رجوعه قبل الحكم بها، فأما إذا كان رجوعه عنها بعد الحكم بها، فلا يرجع الحاكم عن الحكم بها، ولا ينقض حكمه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 518: كتاب النكاح:
و أجمع المسلمون على أن التزويج مندوب إليه، وإن اختلفوا في وجوبه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 519: كتاب النكاح:
فالضرب الأول المحرمات بالنسب، وهن ست، الأم وإن علت، والبنت وإن نزلت، والأخت، وبنت الأخ، والأخت، وإن نزلتا، والعمة، والخالة وإن علتا، بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 519، 520: كتاب النكاح:
لأن المرأة إذا كان بها ولادة حلال، ومضى لها أكثر من حولين، ثم أرضعت من له أقل من حولين الرضاع المحرم، انتشرت الحرمة، ويتعلق عليه وعليها أحكام الرضاع بغير خلاف من محصل.
واعتبارنا الحولين في المرتضع لدليل إجماع الطائفة...
ومن شرط تحريم الرضاع أن يكون لبن ولادة من عقد أو شبهة عقد، لا لبن در أو لبن نكاح حرام، بدليل إجماعنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 520: كتاب النكاح:
ومنها أن يكون ما ينبت اللحم ويشد العظم، فإن لم يحصل ذلك فيوما وليلة، أو عشر رضعات متواليات، على الصحيح من المذهب، وذهب بعض أصحابنا إلى خمس عشرة رضعة، معتمدا على خبر واحد، رواية عمار بن موسى الساباطي وهو فطحي المذهب، ومخالف للحق، مع أنا قدمنا أن أخبار الآحاد لا يعمل بها، ولو رواها العدل، فالأول مذهب السيد المرتضى وخيرته، وشيخنا المفيد، والثاني خيرة شيخنا أبي جعفر الطوسي، والأول هو الأظهر الذي تقتضيه أصول المذهب، لأن الرضاع يتناول القليل والكثير، فالإجماع حاصل على العشرة، وتخصصها، ولأن بعض أصحابنا يحرم بالقليل من الرضاع والكثير، ويتعلق بالعموم، فالأظهر ما اخترناه ففيه الاحتياط.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 520: كتاب النكاح:
ولا يفصل بينها برضاع امرأة أخرى، فأما إن فصل بين العشر رضعات بشرب لبن من غير رضاع، فلا تأثير له في الفصل، بل حكم التوالي باق بلا خلاف بين أصحابنا في جميع ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 521: كتاب النكاح:
وجملة الأمر وعقد الباب، أنه لا يحرم من الرضاع عندنا إلا ما وصل إلى الجوف من الثدي، من المجرى المعتاد الذي هو الفم، فأما ما يوجر به، أو يسعط، أو ينشق، أو يحقن به، أو يحلب في عينه، فلا يحرم بحال. ولبن الميتة فلا حرمة له في التحريم.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 521: كتاب النكاح:
ومن هذا الضرب أيضا بنت المدخول بها، سواء كانت في حجر الزوج أو لم تكن، بلا خلاف إلا من داود...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 521، 522: كتاب النكاح:
ويحرم تحريم جمع، أربع: وهما الأختان، والمرأة وعمتها، إلا برضاها عندنا، فأما بين الأختين، فلا يعتبر الرضا، والمحرم من الجمع بين المرأة وعمتها، إن التحريم، إذا ارتفع الرضا، وكانت الداخلة بنت الأخ، أو بنت الأخت، فأما إن كانت الداخلة العمة والخالة فلا تحريم، عند أصحابنا، سواء رضيت المدخول عليها، أو لم ترض، ومن تحريم الجمع المرأة وخالتها، وجميع ما قلناه من الأحكام بين المرأة وعمتها، هو بعينه ثابت بين المرأة وخالتها، حرفا فحرفا، والمرأة وبنتها قبل الدخول، فمتى طلق الأم قبل الدخول حل له نكاح البنت، إلا أن يدخل بالأم، فتحرم الربيبة على التأبيد.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 522: كتاب النكاح:
وقد بينا أن الجمع بين الأختين في النكاح لا يجوز بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 522، 523 و426: كتاب النكاح:
وقال بعض أصحابنا: تحرم أم المزني بها وابنتها.
والأظهر والأصح من المذهب، أن المزني بها لا تحرم أمها ولا ابنتها، للأدلة القاهرة من الكتاب والسنة والإجماع، وهذا المذهب الأخير، مذهب شيخنا المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، والسيد المرتضى، والأول مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي في نهايته ومسائل خلافه، وإن كان قد رجع عنه في التبيان، في تفسير قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}...
قال محمد بن إدريس: لم تحرم عليه هذه البنت، من حيث ذهب شيخنا إليه، لأن عند المحصلين من أصحابنا إذا زنى بامرأة لم تحرم عليه بنتها، وقد دللنا على ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 524: كتاب النكاح:
وقال بعض أصحابنا: يحرم على كل واحد منهما العقد على من زنى بها الآخر، وتمسك في التحريم على الابن، بقوله تعالى: {لاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} وقال: لأن لفظ النكاح يقع على العقد والوطء معا.
قال محمد بن إدريس: وهذا تمسك ببيت العنكبوت، لأنه لا خلاف أنه إذا كان في الكلمة عرفان، عرف اللغة وعرف الشرع، كان الحكم لعرف الشرع، دون عرف اللغة، ولا خلاف أن النكاح في عرف الشرع هو العقد حقيقة، وهو الطاري على عرف اللغة، وكان ناسخا له، والوطء الحرام لا ينطلق عليه في عرف الشرع اسم النكاح، بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 525، 526: كتاب النكاح:
ويحرم العقد على الزانية، وهي ذات بعل، أو في عدة رجعية، ممن زنا بها سواء علم في حال زناه بها أنها ذات بعل، أو لم يعلم تحريم أبد.
ومن أوقب غلاما أو رجلا حرم على اللايط الموقب بنت المفعول به، وأمه، وأخته تحريم أبد، ويدخل في تحريم الأم تحريم الجدة، وإن علت، لأنها أم عندنا حقيقة، وكذلك بنت البنت، وكذلك بنت ابن بنته، وإن سفلن لأنهن بناته حقيقة، وأما بنت أخته، فإنها لا تحرم، لأن بنت الأخت ليست أختا.
وحد الإيقاب المحرم لذلك، إدخال بعض الحشفة ولو قليلا، وإن لم يجب عليه الغسل، لأن الغسل لا يجب إلا بغيبوبة الحشفة جميعها، والتحريم لهؤلاء المذكورات، يتعلق بإدخال بعضها، لأن الإيقاب هو الدخول.
فأما المفعول به فلا يحرم عليه من جهة الفاعل شيء.
ويحرم أيضا على التأبيد، المعقود عليها في عدة معلومة، أي عدة كانت، أو إحرام معلوم، والمدخول بها فيهما على كل حال، سواء كان عن علم أو جهل.
والمطلقة تسع تطليقات للعدة، ينكحها بينها رجلان، تحرم تحريم أبد على مطلقها هذا الطلاق.
وتحرم أيضا تحريم أبد الملاعنة. ومن قذف زوجته، وهي صماء أو خرساء، تحرم عليه تحريم أبد.
ويدل على تحريم ذلك أجمع، إجماع أصحابنا عليه، فهو الدليل القاطع على ذلك، واستدلال المخالف علينا في تحليل هؤلاء بأن الأصل الإباحة، وبظواهر القرآن، كقوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء} وقوله: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} غير لازم، لأنا نعدل عن ذلك بالدليل الذي هو إجماعنا، كما عدلوا عنه في تحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها بغير خلاف بينهم، فإذا ساغ لهم العدول، ساغ لغيرهم العدول عن العموم بالدليل، لأنه لا خلاف أن العموم قد يخص بالأدلة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 526: كتاب النكاح:
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: مسألة إذا زنى بامرأة، فأتت ببنت، يمكن أن تكون منه، لم تلحق به، بلا خلاف، ولا يجوز له أن يتزوجها([31])...
وقوله: هي بنته لغة، فعرف الشرع، هو الطارئ على عرف اللغة، وإنما تحرم عليه إذا كان الزاني مؤمنا، لأن البنت المذكورة كافرة على ما يذهب إليه أصحابنا من أن ولد الزنا كافر...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 526، 427: كتاب النكاح:
وأما من يحرم العقد عليه في حال دون حال، فأخت المعقود عليها بلا خلاف، أو الموطوءة بالملك بلا خلاف، إلا من داود بن علي الأصفهاني، ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} لأنه لم يفصل.
والخامسة حتى تبين إحدى الأربع، بما يوجب البينونة.
والمطلقة ثلاثا سواء كان ذلك طلاق العدة، أو طلاق السنة، على ما نبينه، حتى تنكح زوجا غيره مخصوصا، نكاحا مخصوصا، ويدخل بها دخولا مخصوصا، وتبين منه، وتنقضي العدة.
والمطلقة التي تلزمها العدة حتى تخرج من عدتها. ومن عليها عدة وإن لم تكن مطلقة، حتى تخرج من العدة، كل هذا بدليل إجماعنا.
وبنت الأخ على عمتها، وبنت الأخت على خالتها، بغير إذن ورضاء منهما عندنا. والأمة على الحرة بغير إذنها ورضاها.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 527: كتاب النكاح:
ويحرم عقد الدوام على الكافرة، وإن اختلفت جهات كفرها، حتى تتوب من الكفر، إلا على وجه نذكره بدليل إجماع الطائفة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 528: كتاب النكاح:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ويحرم وطء جارية قد ملكها الأب أو الابن، إذا جامعاها، أو نظرا منها إلى ما يحرم على غير مالكها النظر إليه، أو قبلاها بشهوة.
قال محمد بن إدريس: أما إذا جامعاها، فلا خلاف في ذلك من جهة الإجماع، ولولا الإجماع لما كان على حظر ذلك دليل من جهة الكتاب أو السنة المتواترة، فأما إذا قبلاها، أو نظرا إليها على ما قال رحمه الله، فلا إجماع على حظر ذلك، بل الأصل الإباحة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 530: كتاب النكاح:
لأن وجه كون الإجماع حجة عندنا، دخول قول معصوم من الخطأ في جملة القائلين بذلك، فإذا علمنا في جماعة قائلين بقول أن المعصوم ليس هو في جملتهم، لا نقطع على صحة قولهم إلا بدليل غير قولهم، وإذا تعين المخالف من أصحابنا باسمه ونسبه، لم يؤثر خلافه في دلالة الإجماع، لأنه إنما كان حجة لدخول قول المعصوم فيه، لا لأجل الإجماع، ولما ذكرناه يستدل المحصل من أصحابنا على المسألة بالإجماع، وإن كان فيها خلاف من بعض أصحابنا المعروفين بالأسامي والأنساب، فليلحظ ذلك وليحقق.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 530، 532: كتاب النكاح:
لأن الإجماع منعقد منه رحمه الله ومن أصحابنا بأجمعهم، أن من دخل بامرأة ووطأها ولها دون تسع سنين، وأراد طلاقها، طلقها على كل حال، ولا عدة عليها منه بعد الطلاق، على الأظهر من أقوال أصحابنا...
وقد كنا أملينا مسألة قبل تصنيفنا لهذا الكتاب بسنين عدة، في هذا المعنى، فأحببنا إيرادها هاهنا، وها هي.
إن سأل سائل فقال: أرى في معظم كتبكم مسألة ظاهرها متضاد متناف، وهي من وطأ زوجته ولها دون تسع سنين، حرمت عليه أبدا، وفرق بينهما بغير خلاف بينكم في ذلك، هذا في أبواب النكاح من تصانيف أصحابكم، ثم في أبواب الطلاق وأقسامه يذكر هؤلاء أصحاب الكتب والتصانيف من أصحابكم بغير خلاف بينهم، أقسام الطلاق، ومن تجب عليها عدة، ومن لا تجب، فيقولون:
من دخل بامرأته ولها دون تسع سنين، وأراد طلاقها، فليطلقها على كل حال، وليس له عليها بعد طلاقه لها عدة، وإن كانت مدخولا بها على الأظهر من أقوال أصحابنا...
قلنا:...
ولا خلاف في صحة عقدها أولا وأنها زوجته، فطريان التحريم، وإن وطئها لا يحل له أبدا، لا يخرجها من كونها زوجة له، وإن عقدها الأول غير صحيح، أو قد انفسخ، إذ لا تنافي بين الحكمين، لأن الأصل صحة العقد واستدامته، فمن ادعى بطلانه بوطئه لها قبل بلوغها تسع سنين يحتاج إلى دليل.
فإن قيل: كيف يكون عقدها ثابتا على ما كان عليه أولا، وهو لا يحل له وطؤها أبدا؟
قلنا: هذا غير مستبعد من الأحكام الشرعية والمصالح الدينية، لأنا نثبتها بحسب الأدلة، إذ لا تنافي بينهما على ما مضى ذكره ألا ترى أن من ظاهر من امرأته أو آلى منها ولم يكفر عن ظهاره ولا عن إيلائه، ولا رافعته إلى الحاكم، واستمر ذلك منها مائة سنة، فإن نكاحها محرم عليه، ولا يحل له وطؤها بغير خلاف، وهي زوجته وعقدها باق، ويصح طلاقها بغير خلاف، إذا لا تنافي بينهما، وكذلك من كان في فرجها قرح أو ألم يضرها الوطء، ويخشى على نفسها من الوطء في الموضع، واستمر ذلك تقديرا مائة سنة، فإن وطيها لا يحل لزوجها، وعقدها باق، ويصح طلاقها بغير خلاف، إذا لا تضاد بين الحكمين، أعني تحريم الوطء، وبقاء العقد على ما كان، وصحة الطلاق...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 535: كتاب النكاح:
فإن قيل: كيف يكون عليه النفقة، والنفقة لا تجب إلا بتمكين الاستمتاع بها والوطء، وهذا ممنوع من ذلك؟.
قلنا: المرأة غير مانعة له، وإنما المنع من جهة الشارع دونها، لأن المنع لو كان منها سقطت نفقتها، وهذا ليس هو منعا منها، كما أنها لو كانت مريضة فإنه ممنوع من وطئها، ويجب عليه النفقة عليها، وأيضا فهي زوجة، والنفقة تجب على الزوجات من الأزواج بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 535: كتاب النكاح:
الوطء المباح بعقد غير عقد الشبهة، والوطء بملك اليمين، ينشر تحريم المصاهرة، ويثبت به حرمة المحرم، فأما الوطء الحرام، فعلى الصحيح من المذهب لا ينشر تحريم المصاهرة، ولا خلاف أنه لا يثبت به حرمة المحرم...
فأما عقد الشبهة ووطء الشبهة، فعندنا لا ينشر الحرمة، ولا يثبت به تحريم...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 536: كتاب النكاح:
وقد قلنا أنه لا يجوز أن يجمع بين الأختين في نكاح الدوام ولا النكاح المؤجل. فإن عقد عليهما في حالة واحدة، كان مخيرا في أن يمسك أيتهما شاء، على ما روي في بعض الأخبار، أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته.
والذي تقتضيه أصول المذهب، أن العقد باطل، يحتاج أن يستأنف عقدا على أيهما شاء، على ما قدمناه، لأنه منهي عنه، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، بلا خلاف بين محققي أصحاب أصول الفقه، ومحصلي هذا الشأن...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 537: كتاب النكاح:
ومتى طلق الرجل امرأته طلاقا يملك فيه الرجعة، لم يجز له العقد على أختها، حتى تنقضي عدتها، فإن كانت التطليقة لا رجعة له عليها في تلك العدة، فبعد تلك التطليقة، جاز له العقد على أختها في الحال، وكذلك كل عدة لا رجعة للزوج على الزوجة فيها، يجوز له العقد على أخت المعتدة في الحال، متمتعة كانت أو مفسوخا نكاحها، أو مطلقة مبارية أو مختلعة.
وقد روي في المتمتعة، إذا انقضى أجلها أنه لا يجوز العقد على أختها، حتى تنقضي عدتها وهذه رواية شاذة، مخالفة لأصول المذهب، لا يلتفت إليها، ولا يجوز التعريج عليها.
فإن قيل: لا يجوز العقد على أختها، لأنه يجوز له أن يعقد عليها قبل خروجها من عدتها، وغيره لا يجوز له أن يعقد عليها، ولا أن يطأها إلا بعد خروجها من عدتها، والعقد عليها، فقد صارت كأنها في عدته.
قلنا: هذا قول بعيد من الصواب، لأن المختلعة يجوز له العقد على أختها في الحال، بغير خلاف، وإن كان يجوز له العقد عليها قبل الخروج من عدتها، إذا تراضيا بذلك، وإن غيره لا يجوز له ذلك بحال، فلا فرق بينهما من هذا الوجه، وأيضا هذه عدة لا رجعة للزوج على الزوجة فيها بغير خلاف، فخرجت من أن تكون زوجة له، فلم يكن جامعا في حباله بين الأختين بحال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 538: كتاب النكاح:
وقد روي أنه إن وطأ الأخرى بعد وطئه الأولى، وكان عالما بتحريم ذلك عليه، حرمت عليه الأولى حتى تموت الثانية، فإن أخرج الثانية عن ملكه، ليرجع إلى الأولى، لم يجز له الرجوع إليها، وإن أخرجها من ملكه لا لذلك، جاز له الرجوع إلى الأولى، وإن لم يعلم تحريم ذلك عليه، جاز له الرجوع إلى الأولى على كل حال، إذا أخرج الثانية من ملكه.
والرواية بهذا الذي سطرناه قليلة لم يوردها في كتابه وتصنيفاته إلا القليل من أصحابنا.
والذي تقتضيه أصول المذهب([32]) ويقوى في نفسي، أنه إذا أخرج إحداهما من ملكه، حلت الأخرى، سواء أخرجها ليعود إلى من هي باقية في ملكه، أو لا ليعود، عالما كان بالتحريم، أو غير عالم، لأنه إذا أخرج إحداهما، لم يبق جامعا بين الأختين بلا خلاف، فأما تحريم الأولى إذا وطأ الثانية، ففيه نظر، فإن كان على ذلك إجماع منعقد، أو كتاب أو سنة متواترة، رجع إليه وإلا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 539: كتاب النكاح:
فإن كان الرجل عنده ثلاث نسوة، وعقد على اثنين، في عقد واحد أمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الأخرى، على ما روي في بعض الأخبار، وقد قلنا ما عندنا في ذلك، وأن العقد باطل، لأنه منهي عنه بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 540: كتاب النكاح:
ولا بأس بأن ترضع امرأة الرجل بنته بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 541: كتاب النكاح:
وكل فسخ جاء من قبل النساء قبل الدخول بهن، أبطل مهورهن بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 542: كتاب النكاح:
فإنه قال: فأما المجوسية فلا يجوز نكاحها إجماعا([33])، وشيخنا المفيد في مقنعته يحرم ذلك، ولا يجوزه. وهو الصحيح الذي لا خلاف فيه، ويقتضيه أصول المذهب، وقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} وقوله: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 542، 543: كتاب النكاح:
وإذا أسلم اليهودي والنصراني، ولم تسلم امرأته، جاز له أن يمسكها بالعقد الأول، ويطأها على ما قدمناه، فإن أسلمت المرأة ولم يسلم الرجل، فإنه ينتظر به عدتها، فإن أسلم قبل انقضاء عدتها، فإنه يملك عقدها، وإن أسلم بعد انقضاء العدة، فلا سبيل له عليها، سواء كان بشرايط الذمة، أو لم يكن لا يختلف الحكم فيه بحال على الصحيح من الأقوال، وكذلك الحكم فيمن لا ذمة له من سائر أصناف الكفار، فإنه ينتظر به انقضاء العدة، فإن أسلم كان مالكا للعقد، وإن لم يسلم إلا بعد ذلك فقد بانت منه، وملكت نفسها...
فقال في مسائل خلافه: مسألة إذا كانا وثنيين، أو مجوسيين، أو أحدهما مجوسيا والآخر وثنيا، فأيهما أسلم، فإن كان قبل الدخول بها، وقع الفسخ في الحال، وإن كان بعده وقف على انقضاء العدة، فإن أسلما قبل انقضاءها، فهما على النكاح، وإن انقضت العدة انفسخ النكاح، وهكذا إذا كانا كتابيين، فأسلمت الزوجة، سواء كان في دار الحرب، أو في دار الإسلام، ثم قال رحمه الله: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم هذا آخر كلامه رحمه الله في مسائل خلافه في الجزء الثاني وهو الذي اخترناه، ويقوى عندنا، لأن الأدلة تعضده من الكتاب والسنة والإجماع، وليس على ما أورده من الرواية الشاذة في نهايته دليل...
لأن النفقة عندنا في مقابلة الاستمتاع...
والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} ومن ملكه عقدها فقد جعل له من أعظم السبل عليها، والله تعالى نفى ذلك على طريق الأبد بقوله: {وَلَن}، وأيضا فالإجماع منعقد على تحريم إمساكها، وأن يجعل للكافر عليها السبيل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 544: كتاب النكاح:
وقد قلنا: إن شيخنا أبا جعفر ذكر في نهايته أن الرجل إذا فجر بامرأة غير ذات بعل، فلا يجوز له العقد عليها ما دامت مصرة على مثل ذلك الفعل، فإن ظهر له منها التوبة، جاز له العقد عليها...
إلا أنه رجع عن ذلك في مسائل خلافه، فقال: مسألة، إذا زنى بامرأة جاز له نكاحها فيما بعد، وبه قال عامة أهل العلم، وقال الحسن البصري: لا يجوز، وقال قتادة وأحمد: إن تابا جاز، وإلا لم يجز، وروي ذلك في أخبارنا، دليلنا إجماع الفرقة وأيضا الأصل الإباحة، وأيضا قوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء} ولم يفصل، وقال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} ولم يفصل، وروت عائشة أن النبي عليه السلام قال: “الحرام لا يحرم الحلال” وعليه إجماع الصحابة، وروي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وابن عباس، ولا مخالف لهم. هذا آخر كلامه رحمه الله في المسألة([34]). وهو الذي اخترناه فيما مضى.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 545: كتاب النكاح:
ولا يجوز للرجل أن يعقد على أمة وعنده حرة إلا برضاها، فإن عقد عليها من غير رضاها كان العقد باطلا بغير خلاف، فإن أمضت الحرة العقد مضى...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 545: كتاب النكاح:
وقال شيخنا أبو جعفر في التبيان: من شرط صحة العقد على الأمة عند أكثر الفقهاء أن لا يكون عنده حرة، وهكذا عندنا إلا أن ترضى الحرة بأن يتزوج عليها أمة، فإن أذنت كان العقد صحيحا عندنا([35])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 546: كتاب النكاح:
ثم قال: فأما تزويج الحرة على الأمة فجائز، وبه قال الجبائي، وفي الفقهاء من منع منه، غير أن عندنا لا يجوز ذلك إلا بإذن الحرة، فإن لم تعلم الحرة بذلك، كان لها أن تفسخ نكاحها أو نكاح الأمة، هذا آخر كلامه رحمه الله([36]).
قال محمد بن إدريس: ليس لها أن تفسخ نكاح الأمة إذا كان عقد الأمة متقدما على عقدها، بل لها أن تفسخ عقد نفسها فحسب، دون عقد الأمة المتقدم على عقدها بغير خلاف بيننا في ذلك...
والذي أعتمد عليه، وأفتي به، أن الحرة إذا كان عقدها متقدما، فالعقد على الأمة باطل...
وقال في مبسوطه: ونكاح الأمة باطل إجماعا([37])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 547، 548: كتاب النكاح:
وقال في كتاب التبيان في تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ} قال رحمه الله: وهذه الآية على عمومها عندنا في تحريم مناكحة جميع الكفار، وليست منسوخة ولا مخصوصة، فأما المجوسية فلا يجوز نكاحها إجماعا([38])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 548: كتاب النكاح:
ولا بأس للمريض أن يتزوج في حال مرضه، فإن تزوج ودخل بها ثم مات، كان العقد ماضيا، وتوارثا، وإن مات قبل الدخول بها والبرء، كان العقد باطلا، على ما رواه أصحابنا وأجمعوا عليه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 549: كتاب النكاح:
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطه: وإن تزوج أمة وعنده حرة، فنكاح الأمة باطل إجماعا هذا آخر كلامه([39]).
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 549: كتاب النكاح:
وقد قلنا إن نكاح بنات المرأة المدخول بها حرام محظور بغير خلاف، سواء كن ربائب في حجره، أو لم يكن، وكذلك بنات البنت وإن نزل، ونكاح بنات ابن البنت وإن نزلن محرم أيضا بلا خلاف، لتناول الظاهر لهن، ولمكان الإجماع على ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 550: باب أقسام النكاح:
وليست الشهادة عند أهل البيت عليهم السلام شرطا في صحته، بل من مستحباته، وبه تجب الموارثة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 550، 551: باب أقسام النكاح:
وإن سمى ونطق عند العقد بالمتعة، كان النكاح دائما، هكذا ذكره شيخنا في نهايته. والذي يقوى في نفسي، ويقتضيه أصول المذهب، أن النكاح غير صحيح، لأن العقد الدائم لا ينعقد إلا بلفظتين، زوجت وأنكحت، وما عداهما لا ينعقد به...
وأيضا لا خلاف بيننا في أنه إذا لم يذكر المهر والآجل في لفظ عقد المتعة، كان العقد باطلا، ولم يبطل إلا من حيث التلفظ بالتمتع في الإيجاب، فلو ذكر التزويج أو النكاح مثلا، بأن قالت: زوجتك أو أنكحتك ولم يذكر المهر والآجل، أو تلفظ الرجل في إيجابه بلفظ النكاح أو التزويج، ولم يذكر المهر والآجل، فإن العقد يكون صحيحا بغير خلاف بين أصحابنا، فما المؤثر في فساد العقد، إلا التلفظ بالتمتع، والإخلال بالمهر أو الأجل أو بهما. وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أن عقد الدوام ينعقد بثلاثة ألفاظ، زوجتك، وأنكحتك، وأمتعتك، فعلى هذا المذهب يصح ما قاله شيخنا رحمة الله والأول هو الأظهر بين الأصحاب.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 551: باب الرضاع ومقدار ما يحرم من ذلك وأحكامه:
الذي يحرم من الرضاع ما أنبت اللحم وشد العظم، على ما قدمناه، فإن علم ذلك، وإلا كان الاعتبار بخمس عشرة رضعة، على الأظهر من الأقوال، وقد حكينا الخلاف في ذلك فيما مضى، فلا وجه لإعادته إلا أنا اخترنا هناك التحريم بعشر رضعات، وقويناه.
والذي أفتي به وأعمل عليه الخمس عشرة رضعة، لأن العموم قد خصصه جميع أصحابنا المحصلين، والأصل الإباحة والتحريم طارئ، فبالإجماع من الكل يحرم الخمس عشرة رضعة، فالتمسك بالإجماع أولى وأظهر، فإن الحق أحق أن يتبع. وحد الرضعة ما يروي الصبي، دون المصة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 552: باب الرضاع ومقدار ما يحرم من ذلك وأحكامه:
وكذلك إن در لبن امرأة لست مرضعة، فأرضعت صبيا أو صبية، فإن ذلك لا تأثير له في التحريم. وإنما التأثير للبن الولادة من النكاح المشروع فحسب، دون النكاح الحرام والفاسد، ووطء الشبهة، لأن نكاح الشبهة عند أصحابنا لا يفصلون بينه وبين الفاسد إلا في إلحاق الولد ورفع الحد، فحسب، وإن قلنا في وطء الشبهة بالتحريم، كان قويا، لأن نسبه عندنا نسب صحيح شرعي...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 553: باب الرضاع ومقدار ما يحرم من ذلك وأحكامه:
وإن كان لأمه من الرضاع بنت من غير أبيه من الرضاع، فهي أخته لأمه عند المخالفين من العامة، لا يجوز له أن يتزوجها، وقال أصحابنا الإمامية بأجمعهم: يحل له تزويجها، لأن الفحل غير الأب، وبهذا فسروا قول الأئمة عليهم السلام في ظواهر النصوص، وألفاظ الأخبار المتواترة، “إن اللبن للفحل” يريدون بذلك لبن فحل واحد. فأما إذا كان فحلان ولبنان، فلا تحريم.
فأما إذا كانت لها بنت من غير هذا الفحل ولادة، فلا خلاف أنها تحرم.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 556: باب الرضاع ومقدار ما يحرم من ذلك وأحكامه:
إذا كان له أربع زوجات، إحداهن صغيرة لها دون الحولين، وثلاث كبار لهن لبن، فأرضعت إحدى الكبار هذه الصغيرة، انفسخ نكاحهما معا، فإذا أرضعتها الثانية من الكبار، انفسخ نكاحها، لأنها أم من كانت زوجته، فإن أرضعتها الثالثة، انفسخ نكاحها، لأنها أم من كانت زوجته.
وروي في أخبارنا أن هذه لا تحرم، لأنها ليست زوجته في هذه الحال، وإنما هي بنته والذي قدمناه هو الذي يقتضيه أصولنا، لأنها من أمهات نسائه، وقد حرم الله تعالى أمهات النساء، وهذه كانت زوجته بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 557: باب الكفاءة في النكاح واختيار الأزواج:
فعندنا أن الكفاءة المعتبرة في النكاح أمران، الإيمان، واليسار بقدر ما يقوم بأمرها، والإنفاق عليها، ولا يراعى ما وراء ذلك من الأنساب والصنايع.
والأولى أن يقال: إن اليسار ليس بشرط في صحة العقد، وإنما للمرأة الخيار إذا لم يكن موسرا بنفقتها، ولا يكون العقد باطلا، بل الخيار إليها، وليس كذلك خلاف الإيمان الذي هو الكفر إذا بان كافرا، فإن العقد باطل، ولا يكون للمرأة الخيار كما كان لها في اليسار، فليلحظ ذلك ويتأمل، فقد يوجد في كثير من الكتب المصنفة إطلاق ذلك، وإن الكفاءة المعتبرة في صحة النكاح عندنا أمران، الإيمان والنفقة، وتحريره ما ذكرناه وبيناه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 557، 558: باب الكفاءة في النكاح واختيار الأزواج:
فعلى هذا التحرير، يجوز للعجمي أن يتزوج بالعربية، وللعامي أن يتزوج بالهاشمية، لأن الرسول عليه السلام زوج ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وهي بنت عمه عليه السلام المقداد بن عمرو وهو عامي النسب، بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 560، 561: باب من يتولى العقد على النساء:
عندنا أنه لا ولاية على النساء الصغار اللاتي لم يبلغن تسع سنين إلا للأب والجد من قبله، إلا أن لولاية الجد رجحانا وأولوية هنا بغير خلاف بين أصحابنا، إلا من شيخنا أبي جعفر في نهايته، فإنه يجعل ولاية الجد مرتبطة بحياة الأب في هذه الحال.
والصحيح أن ولايته بعد الأب باقية ثابتة في مالها وغيره، والأصل بقاؤها، فمن أزالها يحتاج إلى دليل قاهر.
والجد له مزية في هذه الحال، بأن يختار هو رجلا، ويختار أبوها رجلا، فالأولى أن يقدم من اختاره الجد، فإن بادر الأب في هذه الحال، وعقد على من اختاره، فعقده ماض، فأما إن عقدا معا لرجلين في حالة واحدة، فإن العقد عقد الجد، ويبطل عقد الأب بغير خلاف في ذلك أجمع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 561، 563: باب من يتولى العقد على النساء:
فأما عقدهما عليها بعد بلوغها التسع سنين، وهي رشيدة مالكة لأمرها وهي بكر غير ثيب، فإن أصحابنا مختلفون في ذلك على قولين.
منهم من يقول عقدهما ماض...
ومنهم من يفرق بين الحالين، ويزيل ولايتهما في هذه الحال، وهم الأكثرون المحصلون من أصحابنا، ويجعلون أمرها بيدها، ولا يمضون عقدهما عليها...
وإلى هذا القول أذهب وعليه أعتمد، وبه أفتي، لوضوحه عندي...
وأيضا فلا خلاف بين أصحابنا المخالف في المسألة والمؤالف، أن الأب بعد البلوغ والرشد تخرج الولاية منه عن المال، ويجب تسليمه إليها، والاتفاق على أن العاقل لا يحجر عليه في ماله ونفسه إلا ما خرج بالدليل من المفلس، ولا خلاف بينهم أن بالبلوغ يكمل عقلها، ويجب تسليم مالها إليها، ويصح عقود بيوعها ونذرها وأيمانها…
لأن العقد عندنا في النكاح يقف على الإجازة بغير خلاف بيننا، إلا ممن شذ وعرف اسمه ونسبه، وسنذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وأيضا فلا خلاف بين المخالف والمؤالف من أصحابنا في المسألة، أن ولاية الأب تزول عن البكر البالغ في عقد النكاح المؤجل، فبالإجماع قد زالت ولايته هاهنا في النكاح المؤجل، فلو كانت ولايته ثابتة في النكاح بعد البلوغ، لم تزل في أحد قسميه، وتثبت في الآخر...
لأن ولي الصغيرة من الأب والجد، إذا غابا لا تسقط ولايتهما عنها بحال، ولا يجوز تزويجها إلا بإذنهما، لأن لهما عليها الولاية بغير خلاف...
فقال في تفسير قوله تعالى: {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} فإنه قال: لا ولاية لأحد عندنا، إلا للأب والجد، على البكر غير البالغ، فأما من عداهما فلا ولاية له فهذا قوله في كتاب التبيان المشتمل على تفسير القرآن، وإذا كان لا إجماع في المسألة من أصحابنا، والأصول من الأدلة شاهدة لما ذهبنا إليه واخترناه، فلا معدل عنه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 564: باب من يتولى العقد على النساء:
وقال السيد المرتضى في كتابه الانتصار: مسألة، ومما يظن قبل الاختبار، أن الإمامية تنفرد به القول، بأنه ليس للأب أن يزوج بنته البكر البالغة إلا بإذنها، وأبو حنيفة يوافق في ذلك، وقال مالك والشافعي:
للأب أن يزوجها بغير إذنها، ثم قال رحمه الله في استدلاله: دليلنا الإجماع المتردد([40])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 564، 566: باب من يتولى العقد على النساء:
النكاح عندنا يقف على الإجازة، مثل أن يزوج رجل امرأة من غير أمر وليها لرجل، ولم يأذن له في ذلك، يقف العقد على إجازة الزوج والولي، ولو زوج رجل بنت غيره -وهي غير بالغ- من رجل، فقبل الزوج، وقف العقد على إجازة الولي، وكذلك لو زوج الرجل بنته الثيب الكبيرة الرشيدة، أو أخته الكبيرة الرشيدة، أو غير الكبيرة، وقف على إجازتها، وكذلك لو تزوج العبد بغير إذن سيده، والأمة بغير إذن سيدها وقف العقد على إجازتهما بغير خلاف في ذلك كله عند أصحابنا، ما خلا العبد والأمة، فإن بعضهم يوقف العقد على إجازة الموليين، وبعضهم يبطله ويفسده، ويحتج بأنه عقد منهي عنه، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، وما عداهما لا خلاف بينهم فيه...
إلا ما ذهب شيخنا أبو جعفر إليه في مسائل خلافه...
دليلنا: إجماع أصحابنا المنعقد على ما اخترناه، فإن من ذكرناه معروف الاسم والنسب، وإن كان محجوجا بقوله في غير مسائل الخلاف. والأخبار متواترة عن الأئمة الأطهار بوقوف عقود النكاح على الإجازة.
وقال السيد المرتضى في الناصريات، في المسألة الرابعة والخمسين والمائة: ويقف النكاح على الفسخ والإجازة في أحد القولين، ولا يقف في القول الآخر، هذا صحيح، ويجوز أن يقف النكاح عندنا على الإجازة...
وقال في استدلاله: دليلنا على صحة مذهبنا، الإجماع المتردد([41])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 566: باب من يتولى العقد على النساء:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومتى عقد الأبوان على ولديهما قبل أن يبلغا، ثم ماتا، فإنهما يتوارثان، ترث الجارية الصبي، والصبي الجارية.
قال محمد بن إدريس: هذا صحيح بغير خلاف بين أصحابنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 567: باب من يتولى العقد على النساء:
وحمل ذلك على الأب والجد قياس، ونحن لا نقول به...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 569، 570: باب من يتولى العقد على النساء:
وإذا عقد الرجل على ابنه وهو صغير، وسمى مهرا ثم مات الأب، كان المهر من أصل تركته قبل القسمة، سواء رضي الابن بالعقد بعد بلوغه، أو لم يرض، لأنه لما عقد عليه ولا مال للابن، فقد ضمن الأب المهر، فانتقاله إلى الابن بعد بلوغه ورضاه يحتاج إلى دليل، إلا أن يكون للصبي مال في حال العقد، فيكون المهر من مال الابن دون الأب، لأنه الناظر في مصالحه، والوالي عليه في تلك الحال، فأما الموضع الذي أوجبنا المهر في مال الأب، فدليله إجماع الفرقة وأخبارهم...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 570: باب من يتولى العقد على النساء:
ومتى عقدت الأم لابن لها على امرأة، كان مخيرا في قبول العقد والامتناع منه، فإن قبل لزمه المهر، وإن أبى ذلك لزمها هي المهر، على ما روي في بعض الأخبار أورده شيخنا في نهايته.
قال محمد بن إدريس: حمل ذلك على الأب قياس، فإن الأم غير والية على الابن، وإنما هذا النكاح موقوف على الإجازة والفسخ، فإن بلغ الابن ورضي لزمه المهر، وإن أبى انفسخ النكاح، ولا يلزم الأم من المهر شيء بحال، إذ هي والأجانب سواء، ولو عقد عليه أجنبي كان الحكم ما ذكرناه بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 571: باب من يتولى العقد على النساء:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: والذي بيده عقدة النكاح، الأب أو الجد مع وجود الأب، أو الأخ إذا جعلت الأخت أمرها إليه، أو من وكلته في أمرها، فأي هؤلاء كان جاز له أن يعفو عن بعض المهر، وليس له أن يعفو عن جميعه.
وقال في مسائل خلافه: الذي بيده عقدة النكاح عندنا، هو الولي الذي هو الأب، أو الجد، ثم قال: إلا أن عندنا له أن يعفو عن بعضه، وليس له أن يعفو عن جميعه([42]).
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 571، 573: باب من يتولى العقد على النساء:
وقال في كتاب التبيان في تفسير قوله تعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} قال رحمه الله: قوله {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ} معناه من يصح عفوها من الحرائر البالغات غير المولى عليها لفساد عقلها، فتترك ما يجب لها من نصف الصداق، وهو قول ابن عباس ومجاهد، وجميع أهل العلم.
وقوله {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} قال مجاهد، والحسن، وعلقمة، أنه الولي، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، غير أنه لا ولاية لأحد عندنا إلا للأب والجد على البكر غير البالغ، فأما من عداهما فلا ولاية له إلا بتولية منها، وروي عن علي عليه السلام، وسعيد بن المسيب، وشريح، وحماد، وإبراهيم، وأبي حذيفة، وابن شبرمة، أنه الزوج، وروي ذلك أيضا في أخبارنا، غير أن الأول أظهر، وهو المذهب، وفيه خلاف بين الفقهاء.
ومن جعل العفو للزوج، قال: له أن يعفو عن جميع نصفه، ومن جعله للولي قال أصحابنا: له أن يعفو عن بعضه، وليس له أن يعفو عن جميعه([43])...
والذي يقوى في نفسي ويقتضيه أصول المذهب، ويشهد بصحته النظر والاعتبار، والأدلة القاهرة، والآثار، أن الأب أو الجد من قبله مع حياته أو موته، إذا عقدا على غير البالغ، فلهما أن يعفوا عما تستحقه من نصف المهر بعد الطلاق، إذا رأيا ذلك مصلحة لها، وتكون المرأة وقت عفوهما غير بالغ، فأما من عداهما، أو هما مع بلوغها ورشدها، فلا يجوز لهما العفو عن النصف، وصارا كالأجانب، لأنهما في هذه الحال لا ولاية لهما عليها، وهي الوالية على نفسها، ولا يجوز لأحد التصرف في مالها بالهبة والعفو وغير ذلك إلا عن إذنها، لأن التصرف في مال الغير لا يجوز عقلا وسمعا، إلا بإذنه، وليس في الآية إن تعلق بها متعلق سوى ما ذكرناه، لأنه تعالى قال: {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ} فدل بهذا القول أنهن ممن لهن العفو، وهن الحرائر البالغات الواليات على أنفسهن في العقد والعفو والبيع والشرى وغير ذلك، ثم قال: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} معناه إن لم يكن بالغات ولا واليات على أنفسهن، فعند هذه الحال لا يلي عليهن عندنا سوى الأب والجد بغير خلاف بيننا، وهما الواليان عليهن والناظران في عقد نكاحهن، فلهما العفو بعد الطلاق عما تستحقه، ولأن الإجماع حاصل منعقد على ما ذكرناه، وفيما عداه خلاف، فالاحتياط يقتضي ما ذكرناه، ودليل العقل يعضد ما اخترناه، إذا لا إجماع من أصحابنا على خلاف ما شرحناه، ولا تواتر من الأخبار على ضد ما بيناه، وقول شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله مختلف على ما بيناه في كتبه وحكيناه، وأقوال المفسرين مختلفة على ما سطرناه. ولو لا الإجماع من أصحابنا على أن الذي بيده عقدة النكاح، الأب والجد على غير البالغ، لكان قول الجبائي قويا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 573: باب من يتولى العقد على النساء:
وروي أنه إذا كان لرجل عدة بنات، فعقد لرجل على واحدة منهن، ولم يسمها بعينها...
العقد حكم شرعي، يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي، ومن شرط صحته تمييز المعقود عليها، ولأنه إذا ميزها من غيرها، صح العقد بلا خلاف، وإذا لم يميزها ليس على صحته دليل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 573، 574: باب من يتولى العقد على النساء:
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: لا يصح نكاح الثيب إلا بإذنها، وإذنها نطقها بلا خلاف، وأما البكر، فإن كان لها ولي، له الإجبار، مثل الأب والجد، فلا يفتقر نكاحها إلى إذنها، ولا إلى نطقها، فإن لم يكن له الإجبار كالأخ وابن الأخ والعم، فلا بد من إذنها، والأحوط أن يراعي نطقها وهو الأقوى عند الجميع، وقال قوم: يكفي سكوتها، لعموم الخبر، وهو قوي هذا آخر كلامه رحمه الله([44]).
والذي يقوى في نفسي أنه لا بد من نطقها على ما قدمناه، لأنا قد بينا أنه لا ولاية لأحد بعد البلوغ عليها بحال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 574: باب من يتولى العقد على النساء:
إلا أن عقد النكاح الدائم ليس من شرط صحته ذكر المهر، بل ينعقد من دونه بغير خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 574: باب من يتولى العقد على النساء:
وإذا قال رجل في عقد الدوام: أنكحتك أو زوجتك بنتي، فقال الزوج: قبلت ولم يزد على ذلك، فعندنا يصح العقد، لأن معنى قوله قبلت، أي قبلت هذا الإيجاب، أو هذا العقد.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 574: باب من يتولى العقد على النساء:
ولا بأس أن يتقدم القبول على الإيجاب في عقد النكاح عندنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 574، 575: باب من يتولى العقد على النساء:
ولا بد أن يأتي بلفظ الأخبار في الإيجاب، ولا يجوز أن يأتي بلفظ الأمر أو الاستفهام، لأنه لا خلاف في صحته أن يأتي به على ما قلناه، وفيما عداه خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 576: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
ومتى تولى عن ذكر المهر، وعقد النكاح بغير ذكره، فالنكاح صحيح إجماعا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 576: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
والصداق ما تراضى عليه الزوجان، مما له قيمة في شرع الإسلام، ويحل تملكه، قليلا كان أو كثيرا، بلا خلاف بين المسلمين، إلا ما ذهب إليه السيد المرتضى في انتصاره، فإنه قال: إذا زاد على خمسين دينارا لا يلزم إلا الخمسون والصحيح ما قدمناه، لأن هذا خلاف لظاهر القرآن، والمتواتر من الأخبار، وإجماع أهل الأعصار، لأنه لا خلاف في أن الأئمة الأطهار عليهم السلام، والصحابة والتابعين، وتابعي التابعين تزوجوا بأكثر من خمسين دينارا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 578، 579: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
وقال في مسائل خلافه: مسألة، يجوز أن يكون منافع الحر مهرا، مثل تعليم قرآن، أو شعر مباح، أو بناء أو خياطة ثوب، وغير ذلك مما له أجرة، واستثنى أصحابنا من جملة ذلك الإجارة، وقالوا: لا يجوز، لأنه كان يختص بموسى عليه السلام، ثم قال في استدلاله: دليلنا إجماع الفرقة([45])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 580: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
ولا يجوز نكاح الشغار بالشين والغين المعجمتين، وهو أن يزوج الرجل بنته أو أخته بغيره، ويتزوج بنت المزوج أو أخته، ولا يكون بينهما سوى تزويج هذا من هذه، وهذه من ذاك، ويجعلان المهر التزويج فحسب، ومتى عقد على هذا كان العقد باطلا، بغير خلاف بيننا، لأنه عقد منهي عنه، والنهي بمجرده يقتضي فساد المنهي عنه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 581: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
وروي أنه يستحب للرجل أن لا يدخل بامرأته حتى يقدم لها مهرها، فإن لم يفعل، قدم لها شيئا من ذلك، أو من غيره من الهدية، يستبيح به فرجها، ويجعل الباقي دينا عليه، هكذا ذكره شيخنا في نهايته.
قال محمد بن إدريس: قوله رحمه الله، يستبيح به فرجها، غير واضح، وإنما الذي يستبيح به الفرج، وهو العقد من الإيجاب والقبول، دون ما يقدمه من المال المذكور، فإن تقديمه كتأخيره بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 581: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
ومتى سمى المهر حال العقد، ودخل بها، كان في ذمته، وإن لم يكن سمى لها مهرا وأعطاها شيئا قبل دخوله بها، ثم دخل بها بعد ذلك، لم تستحق عليه شيئا سوى ما أخذته منه قبل الدخول، سواء كان ذلك قليلا أو كثيرا، على ما رواه أصحابنا، وأجمعوا عليه، فإن دليل هذه المسألة هو الإجماع المنعقد منهم بغير خلاف، وفيه الحجة، لا وجه لذلك إلا الإجماع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 582: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
وكذلك إن كان قد زاد ثمنه بنماء متصل وكان حدوث النماء عندها، فالأولى أن لا يرجع عليها إلا بمثل قيمة العين وقت التسليم، لأن هذا النماء حدث على ملكها دون ملكه، لأن ملكه ما تجدد إلا بعد الطلاق، مثل إن كان الصداق حملا فصار كبشا، أو فصيلا فصار جملا كبيرا، وما أشبه ذلك، فأما إن كان الزائد في ثمنه لزيادة السوق، فإنه يرجع في العين بغير خلاف، لأنه لا أثر لهذه الزيادة إلا العين.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 584: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
إذا طلق الرجل زوجته بعد أن خلا بها وقبل أن يطأها، فالذي يقتضيه أصول مذهبنا، والمعتمد عند محصلي أصحابنا، أن وجود هذه الخلوة وعدمها سواء وترجع عليه بنصف الصداق إن كان مسمى، أو المتعة إن لم يكن مسمى، ولا عدة عليها.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 584، 585: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
ثم قال في استدلاله على ما اختاره رضي الله عنه في صدر المسألة: دليلنا قوله تعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} ولم يستثن الخلوة، فوجب حملها على عمومها، قال: ووجه الدلالة من الآية أنه لا يخلو من أن يكون المسيس عبارة عن اللمس باليد، أو الخلوة أو الوطء، فبطل أن يراد بها اللمس باليد، لأن ذلك لم يقل به أحد، ولا اعتبره، وبطل أن يراد به الخلوة، لأنه لا يعبر به عن الخلوة لا حقيقة ولا مجازا، ويعبر به عن الجماع بلا خلاف، فوجب حمله عليه، على أنه أجمعت الصحابة على أن المراد بالمس في الآية الجماع([46])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 585، 586: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
ومتى مات أحد الزوجين قبل الدخول، استقر جميع المهر كاملا، لأن الموت عند محصلي أصحابنا يجري مجرى الدخول في استقرار المهر جميعه، وهو اختيار شيخنا المفيد في أحكام النساء، وهو الصحيح، لأنا قد بينا، بغير خلاف بيننا، أن بالعقد تستحق المرأة جميع المهر المسمى، ويسقط الطلاق قبل الدخول نصفه، فالطلاق غير حاصل إذا مات، فبقينا على ما كنا عليه من استحقاقه، فمن ادعى سقوط شيء منه، يحتاج إلى دليل، ولا دليل على ذلك من إجماع لأن أصحابنا مختلفون في ذلك، ولا من كتاب الله تعالى، ولا تواتر أخبار، ولا دليل عقل، بل الكتاب قاض بما قلناه، والعقل حاكم بما اخترناه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 586: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
فإن تزوج الرجل امرأة على حكمها، فحكمت بدرهم إلى خمسمائة درهم، كان حكمها ماضيا، فإن حكمت بأكثر من ذلك، رد إلى الخمسمائة درهم، لأنه حكمها، فلا تتعدى السنة، وهذا إجماع من أصحابنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 586، 587: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
وقد روي أنه إذا مات الرجل، أو ماتت المرأة قبل أن يحكما في ذلك بشيء، لم يكن لها مهر، وكان لها المتعة. وهذه رواية شاذة، أوردها شيخنا في نهايته، إيرادا لا اعتقادا. والصحيح ما ذهب إليه في مسائل خلافه فإنه يقول في مسائل الخلاف: إن المتعة لا يستحقها إلا المطلقة قبل الدخول بها، التي لم يسم لها مهر فحسب، دون جميع المفارقات، بفسخ أو طلاق أو غير ذلك.
وأيضا فلا خلاف في ذلك، وإلحاق غير المطلقة المذكورة بها قياس، ونحن لا نقول به بغير خلاف بيننا، لأن ذلك حكم شرعي، يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي، والإجماع فغير منعقد على ذلك، ولا به سنة متواترة، ولا كتاب الله تعالى، والأصل براءة الذمة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 587: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
لأن بيع العبد الآبق منفردا غير صحيح عند أصحابنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 588: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
وقد روي أيضا أنه إذا عقد لها على جارية له مدبرة، ورضيت المرأة بذلك، ثم طلقها قبل الدخول بها، كان لها يوم من خدمتها، وله يوم، فإذا مات المدبر، صارت حرة، ولم يكن لها عليها سبيل، وإن ماتت المدبرة، وكان لها مال، كان نصفه للرجل ونصفه للمرأة، أورد ذلك شيخنا في نهايته من طريق أخبار الآحاد.
والذي يقتضيه أصول مذهبنا، أن يقال في هذه الرواية، أن العقد على المدبرة صحيح، وتخرج من كونها مدبرة، وتستحقها المرأة، لأن التدبير بغير خلاف بيننا بمنزلة الوصية، بل هو وصية حقيقة، ومن أوصى ببعض من أملاكه، ثم أخرجه من ملكه قبل موته فلا خلاف أن الوصية تبطل بذلك الشيء عند إخراجه من ملكه، والمدبرة قد أخرجها بجعلها مهرا عن ملكه.
ومما يضعف هذه الرواية قوله: وإذا مات المدبر، صارت حرة، وأطلق ذلك، وإنما تصير حرة إذا خرجت من الثلث، بغير خلاف.
ويزيد الرواية ضعفا آخر قوله: “وإن ماتت المدبرة وكان لها مال كان نصفه للرجل ونصفه للمرأة” ولا خلاف بيننا وعند المحصلين من أصحابنا أن العبد المدبر لا يملك شيئا بحال، فأي مال للمدبر مع قوله تعالى: {عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} فنفى تعالى قدرته على شيء، ومن جملة، ذلك المال ولا خلاف أن المدبر عبد، اللهم إلا أن يكون التدبير المذكور واجبا على وجه النذر، لا رجوع للمدبر فيه، فحينئذ يصح ما قاله شيخنا رحمه الله.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 590: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
وإن كان قد ذكرها وأوردها شيخنا أبو جعفر في نهايته، فقد رجع عنها في مسائل خلافه فقال: مسألة، إذا أصدقها ألفا، وشرط أن لا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها، أو لا يتسرى عليها، كان النكاح والصداق صحيحا، والشرط باطلا، وقال الشافعي: المهر فاسد، ويجب مهر المثل، فأما النكاح فصحيح، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم([47])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 590، 591 : باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
وروي أنه لا يجوز للمرأة أن تبرئ زوجها من صداقها في حال مرضها، إذا لم تملك غيره، فإن أبرأته سقط عن الزوج ثلث المهر، وكان الباقي لورثتها...
والصحيح من المذهب أن العطاء المنجز في حال مرض الموت يخرج من أصل المال، لا أنه من الثلث، لأنه قد أبانها من ماله، وتسلمها المعطى له، وخرجت من ملك المعطي، لأنه لا خلاف أن له أن ينفق جميع ماله في حال مرضه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 591: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
وللمرأة أن تمتنع من زوجها حتى تقبض منه المهر إذا كان غير مؤجل، والزوج موسرا به، قادرا على أدائه، وطالبته به قبل الدخول بها، فإذا قبضته لم يكن لها الامتناع بعد ذلك، فإن امتنعت بعد استيفاء مهرها كانت ناشزا، ولم يكن لها عليه نفقة، ولا سكنى، ولا كسوة، فأما إذا دخل بها فلها المطالبة بالمهر، وليس لها الامتناع حتى تقبضه.
وشيخنا أبو جعفر في نهايته أطلق ذلك إطلاقا، ولم يفرق بين قبل الدخول أو بعده. والصحيح ما ذكرناه، لأن الإجماع منعقد على ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 592: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
ومتى لم يقم الرجل بنفقة زوجته وكسوتها وسكناها، وكان متمكنا من ذلك، ألزمه الإمام النفقة والقيام بجميع ذلك، أو الطلاق، فإن لم يكن متمكنا انظر، حتى يوسع الله عليه، على الأظهر من أقوال أصحابنا، وقال بعضهم: يبينها الحاكم منه، والأول هو المذهب، لأن الله تعالى قال: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 592: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
إذا أصدقها تعليم سورة، فلا بد أن يعينها، وكذلك الآية لا بد من تعيينها، فإن لم يعين السورة والآية، كان لها مهر المثل بعد الدخول.
فإذا ثبت وجوب تعيين السورة والآية، فلقنها فلم تحفظها منه، أو حفظتها من غيره، فالحكم واحد.
وكذلك إن أصدقها عبدا، فهلك قبل القبض، فالكل واحد، فإن لها عندنا بدل الصداق، وهو أجرة مثل تعليم السورة، وقيمة العبد...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 593: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
وعندنا لا يجب بالعقد مهر المثل، إلا بالدخول.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 593: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
مفوضة المهر، وهو أن يذكر مهرا ولا يذكر مبلغه، فيقول تزوجتك على أن يكون المهر ما شئنا أو شاء أحدنا، فإذا تزوجها على ذلك، فإن قال على أن يكون المهر ما شئت أنا، فإنه مهما يحكم به وجب عليها الرضا به، قليلا كان أو كثيرا، وإن قال على أن يكون المهر ما شئت أنت، فإنه يلزمه أن يعطيها ما تحكم المرأة به، ما لم تتجاوز خمسمائة درهم، على ما قدمناه القول في معناه، لأن إجماعنا منعقد على ذلك، وأخبارنا متواترة به.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 594: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
إذا تزوج الإنسان أمة من سيدها، ولم يسم لها مهرا، فاشتراها من سيدها، انفسخ النكاح، ولا متعة لها عندنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 594: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
إذا أصدقها صداقا، فأصابت به عيبا، كان لها رده بالعيب، سواء كان العيب يسيرا أو كثيرا، بغير خلاف بين أصحابنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 594: باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد:
لا يجب بمجرد العقد مهر المثل، وأيهما مات قبل الفرض وقبل الدخول، فلا مهر لها بغير خلاف بين أصحابنا، وإن كان قد اختلف فقهاء العامة فيها، والصحابة...
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 595، 596: باب العقد على الإماء والعبيد وما في ذلك من الأحكام:
فمتى عقد عليها بإذن المولى، وجب عليه أن يعطيه المهر قليلا كان المهر أم كثيرا، فإن رزق منها أولادا كانوا أحرارا لا حقين به لا سبيل لأحد عليهم، لأن عندنا يلحق الولد بالحرية من أي الزوجين كانت، مع تعري العقد من الاشتراط لرق الولد، فإن اشتراط المولى استرقاق الولد كانوا رقا، لا سبيل لأبيهم عليهم، ولا يبطل هذا العقد إلا بطلاق الزوج لها، أو بيع مولاها لها، أو عتقها، سواء عتقت تحت حر أو عبد على الصحيح من المذهب.
وقال بعض أصحابنا: إن عتقت تحت عبد، كان لها الخيار، وإن عتقت تحت حر، لم يكن لها الخيار، والأول هو الأظهر من الأقوال، لأن هذا تخصيص من غير دليل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 596، 597: باب العقد على الإماء والعبيد وما في ذلك من الأحكام:
وإن عقد عليها على ظاهر الأمر بشهادة شاهدين لها بالحرية، ورزق منها أولادا، كانوا أحرارا، ويجب على الشاهدين ضمان المهر، إن كان الزوج سلمه إليها، وقيمة الأولاد يوم وضعهم أحياء، لأن شهود الزور يضمنون ما يتلفون بشهاداتهم بغير خلاف بيننا، بل الإجماع منعقد على ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 598: باب العقد على الإماء والعبيد وما في ذلك من الأحكام:
والحرة لا يجوز لها أن تتزوج بمملوك إلا بإذن مولاه، فإن تزوجت به بإذن مولاه، ورزق منها أولادا، كانوا أحرارا على ما قدمناه، من أن الولد يلحق بالحرية، من أي الطرفين كان أحد الزوجين، بغير اختلاف بين أصحابنا، والمخالف يلحقه من طرف واحد، اللهم إلا أن يشترط مولى العبد استرقاق الولد، فيكون الولد رقا مع الاشتراط، ومع تعري العقد من الشرط يكون الولد حرا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 598، 599: باب العقد على الإماء والعبيد وما في ذلك من الأحكام:
وقد رجع شيخنا في مبسوطه، فقال: وإن كان للعبد زوجة فباعه مولاه، فالنكاح باق بالإجماع هذا آخر كلامه([48])...
فإن عقد العبد على حرة بغير إذن مولاه، كان العقد موقوفا على رضى مولاه، فإن أمضاه كان ماضيا، ولم يكن له بعد ذلك فسخه، إلا أن يطلق العبد، أو يبيع هو عبده.
وقد قلنا ما عندنا في ذلك، ولولا الإجماع من أصحابنا على الجارية، وأن في بيعها يكون المشتري مخيرا، لما قلنا به، ولم يوافقنا عليه أحد سوى ابن عباس، فكيف يلحق العبد بغير دليل، وهل هذا إلا محض القياس، ولم يذهب أحد من مصنفي أصحابنا إلى ذلك، سوى الرواية التي أوردها شيخنا في نهايته إيرادا، وعاد عنها في مبسوطه، على ما حكيناه عنه، فإنه قال: وإن كان للعبد زوجة فباعه مولاه، فالنكاح باق بالإجماع، فليلحظ ذلك ويتأمل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 604، 605: باب ما يستحب فعله:
ولا يجوز للرجل أن يطأ امرأته قبل أن يأتي لها تسع سنين، فإن دخل بها قبل ذلك فعابت، كان ضامنا لعيبها، ولا يحل له وطؤها أبدا، فإن أفضاها وجب عليه ديتها ومهرها ونفقتها ما داما حيين، فإن مات أحدهما سقطت النفقة، ومعنى الإفضاء لها أن صير مدخل الذكر ومخرج البول شيئا واحدا أفضى ما بينهما. وقال شيخنا في مسائل خلافه: هذا إذا كان في عقد صحيح، أو عقد شبهة، فأما إذا كان مكرها لها، فإنه يلزمه ديتها على كل حال ولا مهر لها.
قال محمد بن إدريس: عقد الشبهة لا يلزمه النفقة، وإنما أوجب النفقة أصحابنا على من فعل ذلك بزوجته، وهذه ليست زوجته، فلا ينبغي أن يتعدى ما أجمعوا عليه، لأن الأصل براءة الذمة، وثبوت ذلك يحتاج إلى دليل، ولم يذهب أحد من أصحابنا إلى ما قاله رحمه الله، فأما قوله: “إذا كان مكرها لها فإنه يلزمه ديتها ولا مهر لها” فغير واضح، لأنا نجمع عليه الأمرين معا، المهر والدية، لأن أحدهما لا يدخل في الآخر، لأنه قد دخل بها، فيجب عليه المهر لأجل دخوله، والدية، لأنه إجماع، وهذه ليست ببغي، وإنما نهي عن مهر البغي فليلحظ ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 606، 607: باب ما يستحب فعله:
وبكره للرجل أن يأتي النساء في غير الفروج المعتادة للجماع، وهي أحشاشهن من غير حظر ولا تحريم، عند فقهاء أهل البيت عليهم السلام، لقوله تعالى: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ومن قال أراد بذلك موضع النسل فهو مبعد، -لأنه لا يمتنع أن يسمي النساء حرثا، لأنه يكون منهن الولد- ثم يبيح الوطء فيما لا يكون منه الولد، يدل على ذلك أنه لا خلاف أنه يجوز الوطء بين الفخذين، وإن لم يكن هناك ولد.
وثاني متمسكات المخالف قالوا: قال الله تعالى: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} وهو الفرج، والإجماع على أن الآية الثانية ليست بناسخة للأولى...
وثالثها قالوا: إن معناه من أين شئتم، أي ائتوا الفرج من أين شئتم، وليس في ذلك إباحة لغير الفرج.
وهذا أيضا ضعيف، لأنا لا نسلم أن معناه ائتوا الفرج، بل عندنا معناه ائتوا النساء وائتوا الحرث من حيث شئتم، ويدخل فيه جميع ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 609: باب ما يستحب فعله:
فأما إذا نظر إلى جملتها يريد أن يتزوجها فعندنا يجوز أن ينظر إلى وجهها وكفيها فحسب، وله أن يكرر النظر إليها، سواء أذنت أو لم تأذن، إذا كانت استجابت إلى النكاح، فأما إذا لم توافق على التزويج فلا يجوز له النظر إلى ما كان يجوز له النظر إليه عند استجابتها وظهور العلم بموافقتها.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 609، 610: باب ما يستحب فعله:
فأما إذا ملكت المرأة فحلا أو خصيا فهل يكون محرما لها، حتى يجوز له أن يخلو بها ويسافر معها؟ قيل: فيه وجهان: أحدهما، وهو مذهبنا، أنه لا يكون محرما لها، ولا يجوز له النظر إلى ما يجوز لذوي محارمها النظر إليه والقول الآخر يكون محرما، ويحل له النظر إليها، وهو مذهب المخالف...
وأخبار الآحاد عندنا لا توجب علما ولا عملا، ولو صح لما كان فيه ما ينافي مذهبنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 614: باب العيوب والتدليس في النكاح:
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مسائل خلافه: مسألة، إذا عقد الحر على امرأة على أنها حرة، فبانت أمة، كان العقد باطلا، ثم استدل فقال: دليلنا إجماع على بطلانه أنه عقد على من يعتقد أنه لا ينعقد نكاحها، فكان باطلا([49]).
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: العقد صحيح، إلا أنه له الخيار بين فسخه وإمضائه، بلا خلاف بين أصحابنا، وما استدل به فمرغوب عنه، لأن العقد على الأمة عندنا جائز صحيح، ينعقد نكاحها، وليس هي كالكافرة الأصلية، فليلحظ ذلك ويتأمل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 618، 619: باب النكاح المؤجل وما في ذلك من الأحكام:
النكاح المؤجل مباح في شريعة الإسلام، مأذون فيه، مشروع بالكتاب والسنة المتواترة وبإجماع المسلمين، إلا أن بعضهم ادعى نسخه، فيحتاج في دعواه إلى تصحيحها، ودون ذلك خرط القتاد...
وأيضا، فقد قلنا: إنه لا خلاف في إباحتها، من حيث أنه قد ثبت بإجماع المسلمين أنه لا خلاف في إباحة هذا النكاح في عهد النبي عليه السلام بغير شبهة، ثم ادعى تحريمها من بعد ونسخها، ولم يثبت النسخ، وقد ثبتت الإباحة بإجماع...
ما يروونه من هذه الأخبار، إذا سلمت من المطاعن والتضعيف، أخبار آحاد، وقد ثبت أنها لا توجب علما ولا عملا في الشريعة، ولا يرجع بمثلها عما علم وقطع عليه.
ولفظة {اسْتَمْتَعْتُم} لا تعدو وجهين: إما أن يراد بها الانتفاع والالتذاذ الذي هو أصل موضوع اللفظة، أو العقد المؤجل المخصوص الذي اقتضاه عرف الشرع. ولا يجوز أن يكون المراد هو الوجه الأول لأمرين:
أحدهما أنه لا خلاف بين محصلي من تكلم في أصول الفقه في أن لفظ القرآن إذا ورد وهو محتمل لأمرين أحدهما وضع أصل اللغة، والآخر عرف الشريعة أنه يجب حمله على عرف الشريعة، ولهذا حملوا كلهم لفظ صلاة وزكاة، وصيام، وحج، على العرف الشرعي، دون الوضع اللغوي، والأمر الآخر أنه لا خلاف في أن المهر لا يجب بالالتذاذ...
فإنهم كانوا يفتون بها فادعاء الخصم الاتفاق على حظر النكاح المؤجل باطل.
وأيضا فإجماع أصحابنا حجة على إباحة هذا النكاح.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 620، 621: باب النكاح المؤجل وما في ذلك من الأحكام:
والمستحب له إذا أراد هذا العقد أن يطلب امرأة عفيفة مؤمنة مستبصرة، فإن لم يجد بهذه الصفة ووجد مستضعفة جاز أن يعقد عليها، ولا بأس أن يعقد على اليهودية والنصرانية هذا النكاح في حال الاختيار، فأما من عدا هذين الجنسين من سائر الكفار، سواء كانت مجوسية أو غيرها، كافرة أصل أو مرتدة أو كافرة ملة، فلا يجوز العقد عليها ولا وطؤها حتى تتوب من كفرها.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ويكره التمتع بالمجوسية، وليس ذلك بمحظور وهذا خبر أورده إيرادا لا اعتقادا، لأن إجماع أصحابنا بخلافه، وشيخنا المفيد رحمه الله في مقنعته يقول: لا يجوز العقد على المجوسية وقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} وقوله: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} وهذا عام، وخصصنا اليهودية والنصرانية بدليل الإجماع، وبقي الباقي على عمومه، ورجع شيخنا عما ذكره في تبيانه.
بعض أصحابنا يحظر العقد على اليهودية والنصرانية، سواء كان العقد مؤجلا أو دائما، وهو الأظهر والأقوى عندي، لعموم الآيتين، فمن خصصهما يحتاج إلى دليل، من إجماع، أو تواتر، وكلاهما غير موجودين. إلا أنه متى عقد على أحد الجنسين منعهما من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، على ما روي.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 621، 622: باب النكاح المؤجل وما في ذلك من الأحكام:
ولا بأس أن يتمتع الرجل بأمة غيره بإذنه، وإن كانت الأمة لامرأة فكذلك، ولا يجوز له نكاحها ولا العقد عليها إلا بإذن مولاتها، بغير خلاف، إلا رواية شاذة رواها سيف بن عميرة أوردها شيخنا في نهايته ورجع عنها في جواب المسائل الحائريات على ما قدمناه.
وقد سئل الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان رحمه الله في جملة المسائل التي سأله عنها محمد بن محمد بن الرملي الحائري رحمه الله وهي معروفة مشهورة عند الأصحاب، سؤال: وعن الرجل يتمتع بجارية غيره بغير علم منه، هل يجوز له ذلك أم لا؟ فأجاب: لا يجوز له ذلك، وإن فعله كان عاصيا آثما، ووجب عليه بذلك الحد، وقد ظن قوم لا بصيرة لهم ممن يعتزى إلى الشيعة، ويميل إلى الإمامية، أن ذلك جائز بحديث رووه: “ولا بأس أن يستمتع الرجل من جارية امرأة بغير إذنها” وهذا حديث شاذ، والوجه: أنه يطأها بعد العقد عليها بغير إذنها، من غير أن يستأذنها في الوطء، لموضع الاستبراء لها، فأما جارية الرجل فلم يأت فيه حديث، ومن جوزه فقد خالف حكم الشرع، وفارق الحق، وقال ما يرده عليه كافة العلماء، ويضلله جماعة الفقهاء([50]).
قال محمد بن إدريس: فانظر أرشدك الله إلى فتوى هذا الشيخ المجمع على فضله ورياسته ومعرفته، وهل رجع إلى حديث يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 622، 623: باب النكاح المؤجل وما في ذلك من الأحكام:
فإذا أراد العقد فليذكر من المهر والأجل ما تراضيا عليه، قليلا كان أو كثيرا، بعد أن يكون معلوما غير مجهول، كل واحد منهما، ويكون المهر ما يجوز تمليكه للمسلمين.
فإن ذكر لها مهرا معلوما وأجلا معلوما، ثم أراد مفارقتها قبل الدخول بها، فليهب لها أيامها، ويلزمه نصف المهر، على ما رواه أصحابنا وأجمعوا عليه قولا وعملا، لأنهم يجرون هبة الأجل قبل الدخول بها مجرى الطلاق قبل الدخول…
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 623: باب النكاح المؤجل وما في ذلك من الأحكام:
فإن كان قد سمى الشهر بعينه كان له شهره الذي عينه، فإذا ثبت ذلك فلا يجوز لهذه المرأة أن تعقد على نفسها لأحد من عالم الله، وإن لم يحضر ذلك الشهر المعين، لأن عليها عقدا، ولها زوج، فلا يجوز أن يكون للمرأة زوجان، ولا يكون عليها عقدان، فإجماع المسلمين.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 624: باب النكاح المؤجل وما في ذلك من الأحكام:
وقد أجمعنا على تخصيص عموم آيات توارث الأزواج في النكاح الدائم، واختلف أصحابنا في توريث الأزواج في النكاح المؤجل، والأصل براءة الذمة ولا خلاف أنه لا يتعلق بها حكم الإيلاء، ولا يقع بها طلاق، ولا يصح بينها وبين الزوج لعان، ويصح الظهار منها عند بعض أصحابنا، وكذلك اللعان عند السيد المرتضى، والأظهر أنه لا يصح ذلك بينهما في هذا العقد.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 624: باب النكاح المؤجل وما في ذلك من الأحكام:
وانقضاء الأجل يقوم في الفراق مقام الطلاق، ولا سكنى لها، ولا نفقة، ويجوز الجمع بغير خلاف بين أصحابنا في هذا النكاح بين أكثر من أربع، لأنهن بمنزلة الإماء عندنا، ولا يلزم العدل بينهن في المبيت.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 625: باب النكاح المؤجل وما في ذلك من الأحكام:
إذا انقضى أجلها، أو وهب لها زوجها أيامها -على ما قدمناه وقلنا إنه عند أصحابنا بمنزلة الطلاق في هذا النكاح بغير خلاف بينهم...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 626: باب النكاح المؤجل وما في ذلك من الأحكام:
قال محمد بن إدريس: يروى في بعض أخبارنا في باب المتعة عن أمير المؤمنين عليه السلام: لولا ما سبقني إليه بني الخطاب ما زنى إلا شفا -بالشين المعجمة والفاء- ومعناه إلا قليل، والدليل عليه حديث ابن عباس، ذكره الهروي في الغريبين: “ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد صلى الله عليه وآله ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شفا” قد أورده الهروي في باب الشين والفاء، لأن الشفا عند أهل اللغة القليل، بلا خلاف بينهم، وبعض أصحابنا ربما صحف ذلك...
-السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 627، 632: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
وجملة الأمر وعقد الباب في ذلك أن تحليل الإنسان جاريته لغيره من غير عقد فهو جائز عند أكثر أصحابنا المحصلين، وبه تواترت الأخبار، وهو الأظهر بين الطائفة، والعمل عليه، والفتوى به، وفيهم من منع منه...
إلا أن شيخنا أبا جعفر في مبسوطه يجعل من شروطه أن تكون المدة معلومة. ويكون الولد لا حقا بأمه، ويكون رقا، إلا أن يشترط الرجل الحرية.
والصحيح من المذهب والأقوال والذي تقتضيه الأدلة أن الولد بمجرد العقد في المعقود عليها من الإماء، أو المباحة المحللة بمجرد الإباحة والتحليل يكون الولد حرا، إلا أن يشترطه المولى، لأن إجماع أصحابنا منعقد على أن كل وطء مباح حلال يلحق الولد بالحرية، من أي طرفي العاقدين الزوجين كانت، سواء كان بعقد، أو إباحة، أو نكاح فاسد، أو وطء شبهة.
والمخالف يلحقه بأمه، ولا يلحقه بأبيه، فإن كانت حرة كان حرا، ولا يعتد بأبيه، وإن كانت أمة كان رقا، ولا يلتفت إلى أبيه وإن كان أبوه حرا، وأصحابنا على خلاف مذهب المخالف، ومما يتفردون به من القوم.
وقد سأل السيد المرتضى نفسه فقال:...
وقد قامت الدلالة وأجمعت الفرقة المحقة على كفر من خالفنا في الأصول، كالتوحيد، والعدل والنبوة، والإمامة، فأما خلاف بعض أصحابنا لبعض في فروع الشرعيات فمما لم يقم دليل على كفر المخطئ، ولو كان كفرا لقامت الدلالة على ذلك من حاله، وكونه معصية وذنبا لا يوجب عندنا الرجوع عن الموالاة، كما نقول ذلك في معصية ليست بكفر.
فإن قيل: فلو خالف بعض أصحابكم في مسح الرجلين، وذهب إلى غسلهما، وفي أن الطلاق الثلاث يقع جميعه، أكنتم تقيمون على موالاته؟
قلنا: هذا مما لا يجوز أن يخالف فيه إمامي، لأن هذه الأحكام وما أشبهها معلوم ضرورة أنه مذهب الأئمة عليهم السلام، وعليه إجماع الفرقة المحقة، فلا يخالف فيها من وافق في أصول الإمامية، ومن خالف في أصولهم كفر بذلك...
هذا آخر كلام السيد المرتضى([51])، احتجنا أن نورد المسألة والجواب على وجههما لنبين مقصودنا من ذلك، وهو قوله:
“مثال ذلك أن من خالف من أصحابنا وقال: إن ولد الحر من المملوكة مملوك إذا لم يشترط، لم يكن بذلك كافرا، وكان هذا القول باطلا”
فدل على أن الولد حر إذا كان أبوه حرا، وأمه مملوكة، وكان الوطء حلالا مباحا، وارتفع الشرط، سواء كان هذا الوطء بعقد أو إباحة المولى، لأن إطلاق كلام السيد المرتضى يقتضي ذلك ويدل عليه، فدل على أنه إجماع منعقد من أصحابنا...
مقصودي منه قوله([52]): “فإن عرف أنه حر مثل أن علم أن أحد أبويه حر عندنا([53])” ولم يشرط في الوطء بعقد أو إباحة، بل أطلق القول بذلك، وأنه متى كان أحد أبويه حرا فهو حر عندنا، يعني عند أصحابنا الإمامية.
وقال -في الجزء الخامس أيضا، في فصل في دية الجنين-: ديته مأة دينار، ويجب ذلك في الجنين الكامل، وكماله بالإسلام والحرية، أما إسلامه بأبويه أو بأحدهما، وأما الحرية فمن وجوه، أن تكون أمه حرة، أو تحبل الأمة في ملكه، أو يتزوج امرأة على أنها حرة فإذا هي أمة، أو يطأ على فراشه امرأة يعتقدها زوجته الحرة، فإذا هي أمة، ففي كل هذا يكون حرا، بلا خلاف عندنا، إذا كان أبوه أيضا حرا وإن كانت الأم مملوكة، فإن الولد يلحق بالحرية عندنا([54])...
وقال أيضا شيخنا أبو جعفر الطوسي في الجزء الثاني من مسائل خلافه، في كتاب الرهن:
مسألة: إذا أتت هذه الجارية الموطوئة بإذن الراهن بولد كان حرا لاحقا بالمرتهن، بالإجماع، ولا يلزمه عندنا قيمته، وللشافعي فيه قولان: أحدهما يجب عليه قيمته، وبه قال المروزي والآخر لا تجب، دليلنا ما قدمناه، من أن الأصل براءة الذمة، ووجوب القيمة يحتاج إلى دليل، هذا آخر كلام شيخنا([55]).
ألا ترى إلى قوله: “كان حرا لا حقا بالمرتهن بالإجماع، ولا يلزمه عندنا قيمته”، ولم يتعرض للشرط، ولا ذكره جملة...
وأصول المذهب تقتضي أن الولد يلحق بأبيه إلا ما قام عليه الدليل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 632: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
ومتى جعله في حل من وطئها، وأتت بولد كان لمولاها، وعلى أبيه أن يشتريه بماله إن كان له مال، وإن لم يكن له مال استسعى في ثمنه.
قال محمد بن إدريس: وقد قلنا ما عندنا في ذلك، وحكينا رجوعه في مسائل خلافه، وأيضا فلا يجب على الإنسان أن يشتري ولده إذا كان الولد مملوكا، بغير خلاف، فكيف أوجب عليه شرائه ولا يجب عليه أن يستسعى في فك رقبة ولده من الرق، بغير خلاف بين أصحابنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 633: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
وقد ذهب شيخنا في مبسوطه في باب العارية إلى ما اخترناه، فقال: ولا يجوز إعارة الجارية للاستمتاع بها، لأن البضع لا يستباح بالإعارة، وحكي عن مالك جواز ذلك، وعندنا يجوز ذلك بلفظ الإباحة، ولا يجوز بلفظ العارية هذا آخر كلامه في مبسوطه([56]).
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 635: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
إلا أن شيخنا أبا جعفر رجع في مسائل خلافه عما ذكره في نهايته، فقال: مسألة: إذا اشترى أمة حاملا كره له وطؤها قبل أن يصير لها أربعة أشهر، فإذا مضى لها ذلك لم يكره له وطؤها حتى تضع، وقال الشافعي غيره: لا يجوز وطؤها في الفرج، دليلنا إجماع الفرقة، والأصل الإباحة وعدم المانع هذا آخر كلامه رحمه الله([57])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 636: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
إذا باع جارية فظهر بها حمل، فادعى البايع أنه منه، ولم يكن أقر بوطئها عند البيع، ولم يصدقه المشتري، لا خلاف أن إقراره لا يقبل فيما يؤدي إلى فساد البيع، وهل يقبل إقراره في إلحاق هذا النسب أم لا؟ عندنا أنه يقبل إقراره، لأن إقرار العاقل على نفسه مقبول، ما لم يؤد إلى ضرر على غيره، وليس في هذا ضرر على غيره، فوجب قبوله وجوازه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 638، 640: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
وإذا كان للرجل جارية، وأراد أن يعتقها، ويجعل عتقها مهرها، جاز له ذلك، إلا أنه متى أراده ينبغي أن يقدم لفظ العقد على لفظ العتق، بأن يقول: تزوجتك وجعلت مهرك عتقك فإن قدم العتق على التزويج، بأن يقول: أعتقتك وتزوجتك وجعلت مهرك عتقك، مضى العتق، وكانت مخيرة بين الرضا بالعقد، والامتناع من قبوله، فإن قبلته مضى، وكان لها عليه إذا دخل بها مهر المثل، وهذا جميعه حكم شرعي، دليل صحته انعقاد الإجماع من أصحابنا عليه، وإلا فكيف يصح تزويج الإنسان نفسه جاريته قبل عتقها.
فإن طلق التي جعل عتقها مهرها قبل الدخول بها، رجع نصفها رقا، واستسعيت في ذلك النصف، فإن لم تسع فيه، كان له منها يوم ولها من نفسها يوم في الخدمة، ويجوز أن تشترى من سهم الرقاب، هكذا أورده شيخنا في نهايته، من طريق أخبار الآحاد، إيرادا لا اعتقادا.
والذي يقتضيه أصول المذهب، أنه إذا طلقها قبل الدخول بها، يكون له عليها نصف قيمتها وقت العقد عليها، لأن عندنا بلا خلاف بيننا أن المهر يستحق بنفس العقد جميعه، وتملكه الزوجة...
وقد روي أنه إذا جعل عتقها صداقها، ولم يكن أدى ثمنها، ثم مات، فإن كان له مال يحيط بثمن رقبتها، أدي عنه، وكان العتق والنكاح ماضيين، وإن لم يترك غيرها، كان العتق والنكاح فاسدين، وترجع الأمة إلى مولاها الأول، وإن كانت قد علقت منه، كان حكم ولدها حكمها في كونه رقا.
والذي يقتضيه أصول المذهب، ترك العمل بهذه الرواية، والعدول عنها، لأنها مخالفة للأدلة القاهرة، لا يعضدها إجماع ولا كتاب ولا سنة، بل الكتاب مخالف لها، والسنة تضادها، والإجماع ينافيها، لأن الحر لا يعود رقا، والعتق صحيح بالإجماع، وكذلك النكاح، والولد انعقد حرا بالإجماع، فكيف يعود رقا.
فإن قيل: البايع يعود في عين سلعته إذا مات المشتري، ولم يترك وفاء للأثمان؟ قلنا: إذا مات والسلع على ملكه، وهذه الأمة قد خرجت من ملكه بالعتق، كما لو باعها من آخر، ثم مات، فبالإجماع لا يرجع فيها البايع، ثم الولد كيف يرجع فيه، وهو نماء منفصل، وإنما البايع يرجع في عين السلعة، دون نمائها المنفصل بلا خلاف، فلا يعدل عن الأدلة بأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا، وإنما أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته إيرادا من طريق أخبار الآحاد ، دون العمل والاعتقاد .
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 640: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
وإذا كان للرجل ولد كبير، وله جارية، لم يجز له وطؤها، إلا بإذن ولده في نكاحها، أو العقد عليها، فإن عقد له عليها، أو أذن له في وطئها، وأتت بولد من أبيه، فإنها لا تنعتق على مولاها، فإن كان الولد ذكرا، فهو ملك لأخيه، لأن الإنسان إذا ملك أخاه، لا ينعتق عليه، وإن كان الولد أنثى، فإنها تنعتق على أخيها الذي هو مولى أمها، لأن الإنسان إذا ملك من يحرم عليه وطؤها من الأنساب، فإنه ينعتق عليه بلا خلاف، هذا إذا شرط مولى الجارية في حال العقد على والده كون الولد رقا، فأما إذا لم يشترط على أبيه كون الولد رقا، فالولد خر بلا خلاف بيننا.
- السرائر- ابن إدريس الحلي ج 2 ص 642: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
وقال في مبسوطه: وإذا زوج الرجل أمته، كان له بيعها، فإذا باعها، كان بيعها طلاقها عندنا، وخالف الجميع في ذلك، وقالوا: العقد باق بحاله([58])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 643، 644: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
وإذا زوج الرجل مملوكا له بامرأة حرة، كان المهر لازما في ذمة المولى، فإن باع العبد قبل الدخول بها، وجب على المولى كمال المهر، وروي نصف المهر أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته.
والذي يقتضيه أصول المذهب، وجوب المهر كملا على المولى، لأن عندنا يجب المهر كملا بمجرد العقد، ويسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول، وما عدا الطلاق فلا يسقط منه شيئا، وهذا ما طلق، وحمل ذلك على الطلاق قياس وأيضا حقوق الآدميين إذا وجبت، لا تسقط إلا بدليل، وأجمعنا على سقوط نصفه بالطلاق، فأما غيره فلا إجماع عليه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 644: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
وإذا زوج الرجل جاريته من رجل حر، ثم أعتقها، فإن مات زوجها ورثته، ولزمتها عدة الحرة المتوفى عنها زوجها.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإن علق عتقها بموت زوجها، ثم مات الزوج، لم يكن لها ميراث، وكان عليها عدة الحرة المتوفى عنها زوجها.
قال محمد بن إدريس: هذه رواية شاذة، أوردها إيرادا، لا اعتقادا.
والذي يقتضيه أصول مذهبنا([59])، أن العتق باطل، لأن العتق بشرط، بإجماعنا غير صحيح، وليس هذا تدبيرا، لأن حقيقة التدبير تعليق عتق المملوك بموت سيده، دون موت غيره، لأنه بغير خلاف عندنا بمنزلة الوصية، وإلا ما كان يصح ذلك أيضا لولا الإجماع المنعقد عليه، فإذا لم ينعتق، كان يلزمه على مذهبه أن تكون عدتها شهرين وخمسة أيام، على ما ذهب إليه في نهايته، والأظهر أن عدة الأمة المتوفى عنها زوجها، عدة الحرة سواء، على ما سنبينه فيما بعد إن شاء الله.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 644: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
وقال أيضا في نهايته: فإن أعتق الرجل أم ولده، فارتدت بعد ذلك، وتزوجت رجلا ذميا، ورزقت منه أولادا، كان أولادها من الذمي رقا للذي أعتقها، فإن لم يكن حيا، كانوا رقا لأولاده، ويعرض عليها الإسلام، فإن رجعت، وإلا وجب عليها ما يجب على المرتدة عن الإسلام.
قال محمد بن إدريس: الذي يقتضي مذهبنا، أن أولادها لا يكونون رقا، لأنه لا دليل على ذلك من كتاب، أو سنة، أو إجماع، بل الإجماع بخلافه، لأن ولد الحرين حر بلا خلاف، وإنما هذه رواية شاذة، أوردها شيخنا إيرادا لا اعتقادا، كما أورد أمثالها مما لا يعمل عليه، ولا يلتفت إليه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 645: باب السراري وملك الأيمان وما في ذلك من الأحكام:
وإذا كان لرجل جارية ورزق منها ولدا، لم يجز له بيعها ما دام الولد باقيا، فإن مات الولد جاز له بيعها، ويجوز بيعها مع وجود الولد في ثمن رقبتها، إذا لم يكن مع المولى غيرها، وكان ثمنها بعينه دينا عليه، فحينئذ يجوز بيعها عند أصحابنا، ودليل ذلك إجماعهم عليه، وأيضا الأصل الملكية، فمن أخرجها من الملك، يحتاج إلى دليل، وأيضا لا خلاف أن ديتها، لو قتلت دية المماليك، وهي قيمتها ما لم تتجاوز دية الحرائر، وأيضا لا خلاف في جواز وطئها للسيد، والوطء لا يحل إلا بعقد أو بملك يمين، فإن كان ولدها أعتقها، فلا يحل لمولاها وطؤها إلا بعقد، والإجماع حاصل منعقد على أنه يحل له وطؤها من غير عقد، وأيضا يصح كتابتها بإجماع المسلمين، وجميع أحكامها أحكام المماليك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 647: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
ولا ينبغي أن يكسر العظم فيها، بل يفصل الأعضاء تفألا بالسلامة. ويستحب أن يختن الصبي يوم السابع، ولا يؤخره، فإن أخر لم يكن فيه حرج إلى وقت بلوغه، فإذا بلغ وجب عندنا ختانه، ولا يجوز تركه على حال.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 648: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
وفقه ذلك، أن أقل الحمل عندنا ستة أشهر، وأكثره على الصحيح من المذهب تسعة أشهر...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 649: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
وقال في مسائل خلافه، في الجزء الثالث في كتاب الرضاع: مسألة، ليس للرجل أن يجبر زوجته على الرضاع لولدها، شريفة كانت أو مشروفة، موسرة أو معسرة، دنية أو نبيلة، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك: له إجبارها إذا كانت معسرة دنية، وليس له ذلك إذا كانت شريفة موسرة، وقال أبو ثور: له إجبارها عليه على كل حال، لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} وهذا خبر معناه الأمر، فإذا ثبت وجوبه عليها، ثبت أنه يملك إجبارها، لأنه إجبار على واجب، دليلنا أن الأصل براءة الذمة، والإجبار يحتاج إلى دليل، والآية محمولة على الاستحباب، وعليه إجماع الفرقة، وأخبارهم، تشهد بذلك([60])...
-السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 650: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
ثم قال بعد هذه المسألة: مسألة، الباين إذا كان لها ولد يرضع، ووجد الزوج من يرضعه تطوعا...
واستدل أبو حامد بقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فأوجب لها الأجرة إذا أرضعته، ولم يفصل، وهذا ليس بصحيح، لأن الآية تفيد لزوم الأجرة إن أرضعته، وذلك لا خلاف فيه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 651: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
ولا خلاف أيضا في أن المعتدة عدة رجعية لها السكنى على الزوج، ولا يحل له إخراجها من المنزل، إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، فإذا أتت بها أخرجها، فإذا أقيم عليها الحد، لا يعود حقها من السكنى بلا خلاف.
وكذلك إذا آذت أهل الزوج، فله إخراجها، فإذا تركت أذاهم لا يعود حقها إليها من السكنى بلا خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 652: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
وإن كان الوالد قد مات كانت الأم أحق بحضانته من الوصي، إلى أن يبلغ، ذكرا كان أو أنثى، تزوجت أو لم تتزوج، لقوله تعالى: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} ولا خلاف أن الأم أقرب إليه بعد الأب من كل أحد.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 653: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
وقال في مسائل خلافه: مسألة، إذا بانت المرأة من الرجل، ولها ولد منه، فإن كان طفلا لا يميز، فهي أحق به بلا خلاف، وإن كان طفلا يميز، وهو إذا بلغ سبع سنين، أو ثمان سنين فما فوقها إلى حد البلوغ، فإن كان ذكرا فالأب أحق به، وإن كان أنثى فالأم أحق بها ما لم تتزوج، فإن تزوجت فالأب أحق بها، ثم قال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم هذا آخر كلامه رضي الله عنه([61]).
قال محمد بن إدريس: ما ذكره شيخنا في مسائل خلافه، بعضه قول بعض المخالفين، وما اخترناه هو الصحيح، لأنه لا خلاف أن الأب أحق بالولد في جميع الأحوال، وهو الوالي عليه والقيم بأموره، فأخرجنا بالإجماع الحولين في الذكر، وفي الأنثى السبع، فمن ادعى أكثر من ذلك يحتاج فيه إلى دليل قاطع، وهو مذهب شيخنا في نهايته، والعجب قوله في آخر المسألة: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وهذا مما يضحك الثكلى، من أجمع منهم معه؟ وأي أخبار لهم في ذلك؟ بل أخبارنا بخلافه واردة، وإجماعنا بضد ما قاله رحمه الله.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 654: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
والعمة والخالة إذا اجتمعتا تساويتا بلا خلاف، وإن كانت العمة أكثر من الخالة في الميراث...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 654: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
وبناؤهم على القول بالعصبة، وذلك عندنا باطل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج2 ص 654: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
ولا حضانة عندنا إلا للأم نفسها، وللأب، فأما غيرهما فليس لأحد ولاية عليه، سوى الجد من قبل الأب خاصة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 654: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
وإذا مرض المملوك مرضا يرجى زواله، فعلى مالكه نفقته بلا خلاف، فأما إذا زمن زمانة مقعدة، أو عمي، أو جذم فعند أصحابنا أنه يصير حرا، وينعتق على مولاه من غير اختياره، فحينئذ لا يلزم المولى نفقته، لأنه ليس بعبده.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 655: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
نفقة الزوجات عندنا غير مقدرة بلا خلاف، إلا من شيخنا أبي جعفر في مسائل خلافه، فأنه ذهب إلى أنها مقدرة، ومبلغها مد، وقدره رطلان وربع، ثم استدل رحمه الله بإجماع الفرقة وأخبارهم([62])، وهذا عجيب منه رضي الله عنه، والسبر بيننا وبينه، فإن أخبارنا لم يرد منها خبر بتقدير نفقة، وأما أصحابنا المصنفون فما يوجد لأحد منهم في تصنيف له تقدير النفقة، إلا من قلده وتابعه أخيرا، والدليل على أصل المسألة قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أي بما يتعارف الناس، وأيضا الأصل براءة الذمة من التقدير، فمن ادعى شيئا بعينه فإنه يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع، والأصل براءة الذمة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 655: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
والأولى عندي أن على الكبير النفقة لزوجته الصغيرة، لعموم وجوب النفقة على الزوجة، ودخوله مع العلم بحالها، وهذه ليست ناشزة، والإجماع منعقد على وجوب نفقة الزوجات، فليتأمل ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 656: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
المطلقة الباين لا نفقة لها في عدتها، فإن كانت حاملا فلها النفقة بلا خلاف، لقوله تعالى: {وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} والأمر يقتضي الفور.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 656: باب أحكام الولادة والعقيقة والسنة فيهما وحكم الرضاع:
والأب أولى بالنفقة على ولده من الأم بالاتفاق.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 659: باب إلحاق الأولاد بالآباء وأحكامهم وما في ذلك:
فأما إن أكذب شهود الطلاق أنفسهم، عزروا، ولا ينقض الحاكم حكمه، ولا تعود الزوجة إلى زوجها الأول، على ما شرحناه وحررناه في باب شهادات الزور، فلينظر من هناك، ويحقق، فليس بين المسألتين تضاد ولا تناف، لأنه إذا أكذب الشهود أنفسهم، وأقروا على أنفسهم بالكذب في شهادتهم، لا يرد الحكم المشهود به، بل يرجع عليهم بدرك ما شهدوا به.
فأما إذا بان أنهم كذبة من غير إقرارهم، فإن الحاكم يرد الحكم المشهود به بغير خلاف، فليلحظ الفرق بين الأمرين، فإنه غامض على غير المتأمل المحصل، والله الموفق للصواب.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 660: باب إلحاق الأولاد بالآباء وأحكامهم وما في ذلك:
وقد روي أنه إذا اشترى الرجل جارية حبلى، فوطأها قبل أن يمضي لها أربعة أشهر وعشرة أيام، فلا يبيع ذلك الولد...
والذي يقتضيه أصول مذهبنا، أن له بيعه على كل حال، لأنه ليس بولد له بغير خلاف، وهذه الرواية لا يلتفت إليها، ولا يعرج عليها، ولا يترك لها الأدلة القاهرة، والبراهين الظاهرة، لأنا قد بينا أن أخبار الآحاد لا توجب علما ولا عملا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 662: كتاب الطلاق:
واختلف الناس في الثالثة، فقال ابن عباس: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} الثالثة، وقال غيره: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الثالثة وهذا مذهبنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 662: كتاب الطلاق:
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} أي لاستقبال عدتهن في طهر، لم يجامعها فيه إذا كانت مدخولا بها، بلا خلاف، والأولى أن تكون (اللام) بمعنى (في)، لأنه عندنا لا يجوز طلاق الطاهر التي وطأها زوجها في طهرها، بل في طهر لم يطأها فيه...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 663: كتاب الطلاق:
هذا آخر كلام المرتضى، فأحببت إيراده ليعلم القول في معنى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فإذا ثبت ذلك من جواز الطلاق، فإنه يجوز طلاق الصغيرة التي لم تحض، والكبيرة التي يئست من المحيض، وليس في سنها من تحيض، والتي يئست من المحيض، وفي سنها من تحيض، والحايل، والحامل، والمدخول بها، وغير المدخول بها، بلا خلاف، لعموم آيات الطلاق.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 663: كتاب الطلاق:
فالواجب طلاق المولي بعد التربص، لأن عليه أن يفي، أو يطلق، أيهما فعل فهو واجب، فإن امتنع منهما حبسه الحاكم، ولا يطلق عليه عندنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 663: كتاب الطلاق:
والمحظور طلاق الحائض بعد الدخول، أو في طهر قربها فيه قبل أن يظهر بها حمل، بلا خلاف، وإنما الخلاف في وقوعه، فعندنا لا يقع، وعند المخالف يقع مع كونه بدعة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 664: كتاب الطلاق:
فأما أقسام النكاح فثلاثة، محظور، ومستحب، ومكروه، لأنه لا واجب فيه عندنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 664: كتاب الطلاق:
فالرجعة إذا طلقها بعد الدخول دون الثلاث بغير عوض، فالمراجعة، أن يقول: راجعتك، أو يلمسها بشهوة، أو يقبلها، أو يطأها، أو ينكر طلاقها، هذا كله قبل خروجها من العدة، ولا يفتقر مراجعتها إلى رضاها، ولا ولي، ولا عقد بلا خلاف، ولا إلى إشهاد عندنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 666: كتاب الطلاق:
ويخص اعتبار الشهادة، قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} إلى قوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} لأن ظاهر الأمر في الشرع يقتضي الوجوب، وهذا يوجب عود ذلك إلى الطلاق، وإن بعد عنه، لأنه لا يليق إلا به، دون الرجعة التي عبر عنها بالإمساك، لأنه لا خلاف في أن الإشهاد عليها غير واجب...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 666: كتاب الطلاق:
ويخص اعتبار الطهر، أنه لا خلاف في أن الطلاق في الحيض بدعة ومعصية...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 667: كتاب الطلاق:
والبائن على ضروب أربعة، طلاق غير المدخول بها، وطلاق من لم تبلغ المحيض، ومن جاوزت خمسين سنة مع تغير عادتها، سواء كانت قرشية أو عامية أو نبطية، على الصحيح من الأقوال، لأن في بعض الأخبار اعتبار القرشية والنبطية بستين سنة، ومن عداهما بخمسين سنة، والأول هو المذهب المعمول عليه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 667: كتاب الطلاق:
فأما الطلاق الرجعي، فهو أن يطلق المدخول بها واحدة، ويدعها تعتد، ويجب عليه السكنى لها، والنفقة، والكسوة، ولا يحرم عليه النظر إليها، ووطؤها، ويحرم عليه العقد على أختها، وعلى خامسة، إذا كانت هي رابعة.
وجملة الأمر وعقد الباب أنها عندنا زوجة، وقال المخالف: حكمها حكم الزوجة، وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: بل هي عندنا زوجة، لأن المخالف قال حكمها حكم الزوجات، قال: هو ردا عليه، بل هي عندنا زوجة ونعم ما قال رحمه الله.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 668: كتاب الطلاق:
وله مراجعتها ما دامت في العدة، وإن لم تؤثر هي ذلك، وليس لها عليه في ذلك خيار. وتجوز المراجعة من غير إشهاد، والإشهاد أولى.
وتصح عندنا المراجعة بالقول، أو بالفعل، فالقول أن يقول: قد راجعتك، فإن لم يقل ذلك، ووطأها أو قبلها، أو لامسها، أو ضمها بشهوة، فقد راجعها. وروى أصحابنا أو ينكر طلاقها، والدليل على ذلك أجمع إجماعنا، وقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 668، 669: كتاب الطلاق:
وتبيح المرأة بالعقد المستأنف، وكذا إن تزوجت فيما بين الأولى والثانية، أو الثانية والثالثة، هدم ذلك ما تقدم من الطلاق، على الأظهر الأكثر المعمول عليه من أقوال أصحابنا ورواياتهم، لأن في بعضها لا يهدم الزوج الثاني ما دون الثلاث، وتمسك به بعضهم، وقال: متى رجعت إلى الأول كانت معه على ما بقي من تمام الثلاث، وظاهر قوله تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} منعه، لأنه يدل على تحريمها عليه بالثالثة حتى تنكح زوجا غيره، من غير تفصيل، إلا أن الإجماع من المحصلين على ما اخترناه، والأخبار المتواترة مخصصة لما قدمناه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 673: كتاب الطلاق:
وذهب في مسائل خلافه في كتاب الخلع، إلى غير ما ذهب إليه في نهايته، فقال: مسألة، ليس للولي أن يطلق عمن له عليه ولاية، لا بعوض ولا بغير عوض، ثم استدل، فقال: دليلنا إجماع الفرقة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 673: كتاب الطلاق:
فإن قيل: هذا وال عليه، ناظر في مصالحه، فله أن يفعل ما شاء مما هو راجع إلى مصالحه.
قلنا: لا خلاف أن الصبي لا يطلق عليه وليه، وهو ناظر في أموره...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 674، 675: كتاب الطلاق:
وقال شيخنا في نهايته أيضا: وإذا طلق الرجل امرأته وهو مريض، فإنهما يتوارثان ما دامت في العدة، فإذا انقضت عدتها ورثته ما بينه وبين سنة ما لم تتزوج، فإن تزوجت فلا ميراث لها، وإن زاد على السنة يوم واحد، لم يكن لها ميراث، ولا فرق في جميع هذه الأحكام، بين أن يكون التطليقة هي الأولة، أو الثانية، أو الثالثة، وسواء كان له عليها رجعة، أو لم يكن، فإن الموارثة ثابتة بينهما على ما قدمناه، هذا إذا كان المرض يستمر به إلى أن يتوفى، فإن صح من مرضه ذلك، ثم مات لم يكن لها ميراث، إلا إذا كان طلاقا يملك فيه رجعتها، فإنها ترثه ما لم تخرج من العدة هذا آخر كلامه رحمه الله في نهايته.
قال محمد بن إدريس: والذي يقتضيه أصول مذهبنا، أن الطلاق إذا كان رجعيا، ورثها الرجل ما دامت في العدة، فإذا خرجت من العدة لا يرثها، وهي ترثه بعد خروجها من العدة إلى سنة ما لم تتزوج، أو يبرأ من مرضه ذلك، فأما إذا كان الطلاق غير رجعي، وهو الطلاق الباين، فإنه لا يرثها ساعة طلقها، وإن كانت في العدة، وهي ترثه مدة السنة على ما قدمناه، لأنها بعد الطلاق الباين غير زوجة له، والعصمة انقطعت بينهما، ولولا الإجماع لما ورثته، ولا إجماع معنا على أنه يرثها بعد الطلاق...
وشيخنا أبو جعفر، فقد رجع عما قاله في نهايته، في مسائل خلافه، فقال: مسألة، المطلقة التطليقة الثالثة في حال المرض، ترث ما بينها وبين سنة، إذا لم يصح من ذلك المرض، ما لم تتزوج، فإن تزوجت فلا ميراث لها، والرجل يرثها ما دامت في العدة الرجعية، فأما في الباينة فلا يرثها على حال، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم وقد ذكرناها في الكتاب الكبير هذا آخر كلامه في الجزء الثاني من مسائل خلافه في كتاب المواريث([63])، وقال أيضا في الجزء الثالث في كتاب الطلاق: مسألة، المريض إذا طلقها طلقة لا يملك رجعتها، فإن ماتت لم يرثها بلا خلاف([64])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 675، 676: كتاب الطلاق:
قال محمد بن إدريس: الصحيح ما ذهب إليه في مسائل خلافه، من قوله إذا سألته أن يطلقها في مرضه، فطلقها، لم يقطع ذلك الميراث منه، والدليل عليه ما استدل به رحمه الله، من قوله عموم الأخبار يقتضي ذلك، ولم يفصلوا، فوجب حملها على عمومها. ومن العجب أنه يخصص العموم في استبصاره بخبر سماعة الذي رواه زرعة، وهما فطحيان، فإن كان يعمل بأخبار الآحاد فلا خلاف بين من يعمل بها، إن من شرط العمل بذلك، أن يكون راوي الخبر عدلا، والفطحي كافر، فكيف يعمل بخبره، ويخصص بخبره العموم المعلوم، والمخصص يكون دليلا معلوما، فهذا لا يجوز عند الجميع. لا عند من يعمل بأخبار الآحاد، ولا عند من لا يعمل بها...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 676: كتاب الطلاق:
ومتى جعل إليها الخيار، فاختارت نفسها، فقد اختلف أصحابنا في ذلك، فبعض يوقع الفرقة بذلك، وبعض لا يوقعها، ولا يعتد بهذا القول، ويخص هذا الحكم بالرسول صلى الله عليه وآله، وهذا هو الأظهر الأكثر المعمول عليه بين الطائفة، وهو خيرة شيخنا أبي جعفر، والأول خيرة السيد المرتضى، دليلنا: أن الأصل بقاء العقد.
وقال شيخنا أيضا: إجماع الفرقة على هذا وأخبارهم([65])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 676: كتاب الطلاق:
وإذا قال: أنت علي حرام، لا يحصل بذلك طلاق، ولا ظهار، ولا إيلاء، ولا يمين بلا خلاف بين أصحابنا في ذلك، ولا تحرم عليه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 677: كتاب الطلاق:
قال شيخنا أبو جعفر في نهايته:...
قال محمد بن إدريس: لا يقع الطلاق إذا كتب بخطه أن فلانة طالق، وإن كان غائبا بغير خلاف من محصل، لأنا نراعي لفظا مخصوصا يتلفظ به المطلق، ومن كتب فما تلفظ بغير خلاف...
وشيخنا أبو جعفر فقد رجع عما قاله في نهايته في مسائل خلافه، فقال: مسألة، إذا كتب بطلاق زوجته ولم يقصد الطلاق، لا يقع بلا خلاف، فإن قصد به الطلاق فعندنا أنه لا يقع به شيء، ثم قال: دليلنا إجماع الفرقة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 677: كتاب الطلاق:
وقال في نهايته: وإذا وكل الرجل غيره بأن يطلق عنه، لم يقع طلاقه، إذا كان حاضرا في البلد، فإن كان غائبا جاز توكيله في الطلاق.
قال محمد بن إدريس: يصح التوكيل في الطلاق حاضرا كان الموكل أو غائبا، بغير خلاف بين المسلمين...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 678: كتاب الطلاق:
ومن شرائط الطلاق العامة أن يطلقها تطليقة واحدة، فإن طلقها ثنتين أو ثلاثا بأن يقول: أنت طالق ثلاثا لغير المدخول بها، أو قال ذلك للمدخول بها، لم يقع على الصحيح من المذهب، إلا واحدة، وقال بعض أصحابنا: لا يقع من ذلك شيء، والأول هو الأظهر من المذهب.
فإن قال لغير المدخول بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، بانت منه بالأولى، وبطل الطلاق الثاني والثالث بغير خلاف.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 678، 684: كتاب الطلاق:
وقد كتب إلي بعض الفقهاء الشافعية، وكان بيني وبينه مؤانسة ومكاتبة، هل يقع الطلاق الثلاث عندكم؟ وما القول في ذلك عند فقهاء أهل البيت عليهم السلام؟ فأجبته أما مذهب أهل البيت، فإنهم يرون أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد في مجلس واحد وحالة واحدة من دون تخلل المراجعة، لا يقع منه إلا واحدة، ومن طلق امرأته تطليقة واحدة وكانت مدخولا بها، كان له مراجعتها بغير خلاف بين المسلمين.
وقد روي أن ابن عباس وطاووسا يذهبان إلى ما يقوله الشيعة...
ودليل الشيعة على ما ذهبت إليه بعد إجماع أهل البيت عليهم السلام...
ولقول الرسول عليه السلام المتفق عليه: “خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا” فقرن عليه السلام العترة إلى الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وجعل حكمها حكمه...
ولا شبهة في أن من طلق امرأته ثلاثا في ثلاثة أطهار، أنه يسمى مطلقا ثلاثا...
ودليل آخر على أصل المسألة، وهو أن يقال الطلاق الثلاث بلفظ واحد في حالة واحدة من غير أن يتخلله مراجعة، لا يقع منه إلا واحدة، والدليل على ذلك من كتاب الله تعالى، ومن سنة نبيه صلى الله عليه وآله، ومن إجماع المسلمين...
وأما إجماع الأمة فإنهم مطبقون على أن كل ما خالف القرآن والسنة فهو باطل، وقد تقدم وصف خلاف الطلاق الثلاث للقرآن والسنة، فحصل الإجماع على إبطاله...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 684، 685: كتاب الطلاق:
وأما قول عمر بن الخطاب، فلا خلاف أنه رفع إليه رجل قد طلق امرأته ثلاثا، فأوجع ظهره وردها عليه...
على أنه لا خلاف بين أهل اللسان العربي وأهل الإسلام، أن المصلي لو قال في ركوعه: سبحان ربي العظيم فقط، ثم قال في عقيبه: ثلاثا، لم يكن مسبحا ثلاثا، ولو قرأ الحمد مرة، ثم قال في آخرها بلفظه: عشرا لم يكن قارئا لها عشرا.
وقد أجمعت الأمة على أن الملاعن لو قال في شهادته أشهد بالله أربعا: أني لمن الصادقين، لم يكن شاهدا أربع مرات على الحقيقة، حتى يفصلها.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 685: كتاب الطلاق:
وقد روى أصحابنا روايات متظاهرة بينهم، متناصرة، وأجمعوا عليها قولا وعملا، أنه إن كان المطلق مخالفا، وكان ممن يعتقد وقوع الطلاق الثلاث، لزمه ذلك، ووقعت الفرقة به، وإنما لا يقع الفرقة إذا كان الرجل معتقدا للحق.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 685، 687: كتاب الطلاق:
فأما الشرائط الخاصة، فهو الحيض، لأن الحائض لا يقع طلاقها إذا كان الرجل حاضرا، ويكون قد دخل بها، فإن طلقها وهي حائض، كان طلاقه باطلا...
وكذلك إن كان عنها غائبا بمقدار ما يعرف من حالها وعادتها، وقع طلاقه...
ومتى عاد من غيبته، وصادف امرأته حائضا، وإن لم يكن واقعها لم يجز له طلاقها حتى تطهر، لأنه صار حاضرا، ولا يجوز للحاضر أن يطلق امرأته وهي حائض بغير خلاف بيننا، فهذا فقه المسألة.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومتى كان للرجل زوجة معه في البلد، غير أنه لا يصل إليها، فهو بمنزلة الغائب عن زوجته، فإذا أراد طلاقها، فليصبر إلى أن يمضي ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر، ثم يطلقها إن شاء.
قال محمد بن إدريس: الذي يقتضيه أصول مذهبنا، وإجماعنا منعقد عليه، أنه لا يجوز للحاضر أن يطلق زوجته المدخول بها وهي وحائض، بغير خلاف بيننا على ما قدمناه...
وحمل الحاضر والحاضرة في البلد على تلك قياس، وهو باطل عندنا، والأصل الزوجية، فمن أوقع الطلاق، يحتاج إلى دليل قاهر، وما ذكره شيخنا خبر واحد، أورده إيرادا لا اعتقادا، كما أورد أمثاله مما لا يعمل عليه ولا يعرج عليه ولو لا إجماعنا على طلاق الغائب، وإن كانت زوجته حائضا لما صح، فلا نتعداه ونتخطاه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 688: كتاب الطلاق:
وإذا أراد أن يطلق امرأة قد دخل بها، ولم تكن قد بلغت مبلغ النساء، ولا مثلها في السن قد بلغ، وحد ذلك دون تسع سنين، فليطلقها أي وقت شاء، فإذا طلقها فقد بانت منه في الحال، على الصحيح من المذهب.
وقال بعض أصحابنا: يجب عليها العدة ثلاثة أشهر، وهو اختيار السيد المرتضى. والأول أظهر بين الطائفة، وعملهم عليه، وفتاويهم به، وصائرة إليه، وقد تكلمنا في باب النكاح في هذه المسألة وبلغنا فيها أبعد الغايات، وأقصى النهايات...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 688: كتاب الطلاق:
وإذا أراد أن يطلق امرأته، وهي حبلى مستبين حملها، فليطلقها، أي وقت شاء، بغير خلاف بين أصحابنا، على خلاف بينهم، هل الحبلى المستبين حملها تحيض أم لا؟ وأدل دليل، وأوضح قيل، على أنها لا تحيض، إجماعهم على صحة طلاقها، سواء كان ذلك في حال رؤية دم، أو حال نقاء، فلو كانت تحيض، ما صح طلاقها في حال رؤية الدم، لأن إجماعهم منعقد على أن طلاق الحائض لا يقع، ولا يصح، فيحقق به ما قلناه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 689، 690: كتاب الطلاق:
إلا أن شيخنا أبا جعفر رجع عما ذكره في نهايته، في الجزء الثالث من مسائل خلافه، فقال: مسألة، إذا طلقها وهي حامل، فولدت توأمين بينهما أقل من ستة أشهر، فإن عدتها لا تنقضي حتى تضع الثاني منهما، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، ومالك، والشافعي، وعامة أهل العلم، وقال عكرمة: ينقضي عدتها بوضع الأول، وقد روى أصحابنا أنها تبين بوضع الأول، غير أنها لا تحل للأزواج حتى تضع الثاني، والمعتمد الأول، دليلنا: قوله {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وهذه ما وضعت حملها، هذا آخر كلامه رحمه الله([66]).
وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أن الحامل عدتها أقرب الأجلين...
والصحيح من الأقوال، والأظهر بين الطائفة، أن عدتها بوضع الحمل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 690، 691: كتاب الطلاق:
وإذا أراد الرجل طلاق زوجته وهو غائب عنها...
قلنا: الاستبراء غير العدة، لأن الإجماع منعقد على أن من وطأ زوجته في طهرها، فلا يجوز له أن يطلقها فيه حتى تحيض وتطهر، ثم يطلقها في الطهر الذي لم يقربها فيه بجماع...
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ويكون هو أملك برجعتها ما لم يمض لها ثلاثة أشهر، وهي عدتها إذا كانت من ذوات الحيض.
ولا أرى لقوله هذا وجها يستند إليه، ولا دليلا يعول عليه، وكيف صارت هذه على كل حال تعتد بالأشهر الثلاثة، مع قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} ولا خلاف بيننا أنها إذا شهد لها شهود بالطلاق وتاريخه، وكان قد مضى لها من يوم طلقها ثلاثة قروء، فإنها تحل للأزواج.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 692: كتاب الطلاق:
لأن القياس عندنا باطل، وكذلك التعليل...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 693: كتاب الطلاق:
والصحيح أن من كان حاضرا في البلد، لا يجوز له أن يطلق زوجته وهي حائض، بلا خلاف بين أصحابنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 695: كتاب الطلاق:
وقد قلنا أن طلاق المكره لا يقع، وكذلك سائر عقوده بغير خلاف بين أصحابنا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 695، 696: كتاب الطلاق:
قال شيخنا أبو جعفر الطوسي في مسائل خلافه، في الجزء الثالث في كتاب الطلاق: مسألة، الاستثناء بمشية الله تعالى يدخل في الطلاق والعتاق، سواء كانا مباشرين، أو معلقين بصفة، وفي اليمين بهما، وفي الإقرار، وفي اليمين بالله...
قال محمد بن إدريس: لا يدخل الاستثناء بمشية الله تعالى عندنا بغير خلاف بين أصحابنا معشر الشيعة الإمامية، إلا في اليمين بالله حسب، لأنه لا أحد من أصحابنا قديما وحديثا يتجاسر، ويقدم على أن رجلا أقر عند الحاكم بمال لرجل آخر، وقال بعد إقراره إن شاء الله، لا يلزمه ما أقر به:...
فأما شيخنا أبو جعفر، فهو محجوج بقوله، فإنه رجع عما حكيناه عنه في الجزء الثالث أيضا في كتاب الأيمان، فقال: مسألة، لا يدخل الاستثناء بمشية الله تعالى إلا في اليمين فحسب، وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة: يدخل في اليمين بالله، وبالطلاق وبالعتاق، وفي الطلاق والعتاق، وفي النذور والإقرارات، دليلنا أن ما ذكرناه مجمع على دخوله فيه، وما قالوه ليس عليه دليل([67])، هذا آخر كلامه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 696: باب اللعان والارتداد:
اللعان مشتق من اللعن، وهو الإبعاد والطرد، يقال: لعن الله فلانا، يعني أبعده وطرده، فسمي المتلاعنان بهذا الاسم، لما يتعقب اللعن من المأثم والإبعاد والطرد، فإن أحدهما لا بد أن يكون كاذبا فيلحقه المأثم، ويتعلق عليه الإبعاد والطرد من رحمة الله تعالى ورضاه.
فإذا ثبت هذا فثبوت حكمه في الشرع بالكتاب والسنة والإجماع...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 697: باب اللعان والارتداد:
فموجب القذف عندنا في حق الزوج الحد، وله إسقاطه باللعان، وموجب القذف في حق المرأة الحد، ولها إسقاطه باللعان.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 698: باب اللعان والارتداد:
والأظهر الأصح أن اللعان يقع بالمدخول بها وغير المدخول بها لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء} الآية.
هذا إذا كان بقذف يدعي فيها المشاهدة، فأما إذا كان بنفي الولد والحمل، فلا يقع اللعان بينهما بذلك قبل الدخول، القول قول الزوج مع يمينه، ولا يلحق الولد به بلا خلاف بين أصحابنا في ذلك، ولا يحتاج في نفيه إلى لعان...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 699: باب اللعان والارتداد:
فإن رجع عن قوله في قذفه جلده حد المفتري. وإن أصر على ما ادعاه قال له قل، إن لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين. فإذا قالها أقبل على المرأة، وأقامها، لأنها تكون قاعدة عند لعان زوجها، وقال بعض أصحابنا تكون قائمة عند لعان الزوج.
والأول الأظهر، وهو الذي اختاره شيخنا في مبسوطه.
وقال لها ما تقولين فيما رماك به. فإن اعترفت، رجمها، لأنها بتصديقها له في أربع شهاداته، كأنها قد أقرت أربع مرات بالزنا، وإجماع أصحابنا أيضا عليه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 700: باب اللعان والارتداد:
ولفظ الشهادة وعدد الشهادات، والترتيب واجب في اللعان وشرط فيه، على ما قدمناه، فلو قال أحلف بالله أو أقسم بالله، أو نقص شيئا من العدد، أو بدأ الحاكم بالمرأة أولا، لم يعتد باللعان، ولم يحصل الفرقة به، وإن حكم الحاكم بذلك، لأن ما قلناه مجمع على صحته، وليس على صحة ما خالفه دليل...
والمراد بالعذاب عندنا الحد، وعند أبي حنيفة الحبس، ولا يثبت واحد منهما إلا بعد لعان الزوج، فصح ما قلناه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 701، 702: باب اللعان والارتداد:
فأما إن كان الزوج أخرس والمرأة غير خرساء، فقد قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: مسألة، الأخرس إذا كان له إشارة معقولة، أو كناية مفهومة، يصح قذفه، ولعانه، ونكاحه، وطلاقه، ويمينه، وسائر عقوده، ثم استدل، فقال: دليلنا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية، ولم يفرق، وأيضا إجماع الفرقة وأخبارهم على ذلك هذا آخر كلامه([68]).
ولا أقدم على أن الأخرس المذكور يصح لعانه، لأن أحدا من أصحابنا غير من ذكرناه لم يوردها في كتابه، ولا وقفت على خبر بذلك، ولا إجماع عليه، والقائل بهذا غير معلوم، فأما الآية التي استشهد شيخنا بها، فالتمسك بها بعيد، لأنه لا خلاف أنه غير قاذف ولا رام على الحقيقة...
ومن المعلوم أن في إيمائه وإشارته بالقذف شبهة أنه هل أراد به القذف أو غيره؟ وذلك غير معلوم يقينا، كالناطق به بلا خلاف، وإن قلنا يصح منه اللعان كان قويا معتمدا، لأنه يصح منه الإقرار، والأيمان، وأداء الشهادات، وغير ذلك من الأحكام.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 702، 703: باب اللعان والارتداد:
وإذا قذف الرجل امرأته فترافعا إلى الحاكم، فماتت المرأة قبل أن يتلاعنا فقد ماتت على حكم الزوجية، ويرثها الزوج، ويرث وارثها من جهة النسب الحد على الزوج، لأن حد القذف عندنا موروث...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 703، 705: باب اللعان والارتداد:
وقد روي أنه إذا قذف الرجل امرأته، فترافعا إلى الحاكم، فماتت المرأة قبل أن يتلاعنا، فإن قام رجل من أهلها مقامها ولاعنه، فلا ميراث له، وإن أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها، أخذ الزوج الميراث، وكان عليه الحد ثمانين سوطا أورد هذه الرواية شيخنا أبو جعفر في نهايته...
فقال في مبسوطه:...
وقال قوم -وهو الذي يقتضيه مذهبنا-: إن هذه الأحكام لا تتعلق إلا بلعان الزوجين معا، فما لم يحصل اللعان بينهما، فإنه لا يثبت شيء من ذلك هذا آخر كلامه رحمه الله في مبسوطه.
وقال أيضا: مسألة، إذا لاعن الزوج، تعلق بلعانه سقوط الحد عنه، وانتفاء النسب، وزوال الفراش، وحرمت المرأة على التأبيد، ويجب على المرأة الحد، ولعان المرأة لا يتعلق به أكثر من سقوط حد الزنا عنها، وحكم الحاكم لا تأثير له في إلحاق شيء من هذه الأحكام، فإذا حكم بالفرقة، فإنما تنفذ الفرقة التي كانت وقعت بلعان الزوج، لا أنه يبتدئ إيقاع فرقة، وبهذا قال الشافعي، وذهبت طائفة إلى أن هذه الأحكام تتعلق بلعان الزوجين معا، فما لم يوجد اللعان بينهما لم يثبت شيء منها، ذهب إليه مالك، وأحمد وداود، وهو الذي يقتضيه مذهبنا، ثم استدل فقال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم([69])...
هذا آخر استدلاله في مسألته رحمه الله، وهذا مثل ما ذكره في مبسوطه. وأيضا الرواية التي أوردها في نهايته مخالفة لأصول المذهب، وقد بينا أن أخبار الآحاد لا يعمل بها، لأنها لا توجب علما ولا عملا...
وأيضا فعندنا أنها أيمان، وليس شهادات لقول الرسول عليه السلام: “لولا الأيمان لكان لي ولها شأن” فسمى اللعان يمينا، والأيمان عندنا لا يدخلها النيابة بغير خلاف، فكيف يحلف وليها عنها.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 707: باب اللعان والارتداد:
والزنديق من يبطن الكفر، ويظهر الأيمان، يقتل ولا تقبل توبته، على ما رواه أصحابنا وأجمعوا عليه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 707، 711: باب الظهار والإيلاء:
يفتقر صحة الظهار الشرعي إلى شروط: منها أن يكون المظاهر بالغا كامل العقل، لأنه لا يصح من صبي، ولا مجنون، ولا سكران.
وفي صحته من الكافر خلاف، فقال شيخنا أبو جعفر...
ومنها أن يكون مؤثرا له، فلا يصح من مكره ولا غضبان لا يملك نفسه.
ومنها أن يكون قاصدا به التحريم، فلا يقع بيمين ولا مع السهو واللغو.
ومنها أن يكون متلفظا بقوله: أنت علي كظهر أمي، على الصحيح من أقوال أصحابنا...
وقال بعض أصحابنا إذا ذكر لفظة الظهر وقع، إذا أضافه إلى بعض محرمات النسب، كان يقول: أنت علي كظهر بنتي، أو عمتي، أو أختي، فإن لم يذكر لفظة الظهر، بل ذكر الأم، كأن يقول: أنت علي كبطن أمي، وقع الظهار. وإن يعرى من ذكر اللفظتين معا فلا يقع الظهار، ولا يتعلق بذلك أحكامه. والأول هو الذي يقتضيه الأدلة، وأصول مذهبنا، وهو اختيار السيد المرتضى، والثاني اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسي ومذهبه.
ومنها أن يكون ذلك مطلقا من الاشتراط على الأظهر من المذهب، لأن بعض أصحابنا يوقعه مشروطا...
والأول هو المذهب والأظهر بين أصحابنا الذي يقتضيه أصول مذهبهم، لأنه لا خلاف بينهم أن حكمه حكم الطلاق، ولا خلاف بينهم أن الطلاق لا يقع إذا كان مشروطا...
وإجماعنا منعقد على الموضع الذي أجمعنا عليه...
ومنها أن يكون ذلك موجها إلى معقود عليها، سواء كانت حرة أو أمة دائما نكاحها، وقال بعض أصحابنا: أو مؤجلا، ولا يقع بملك اليمين على الصحيح من المذهب...
ومنها أن يكون معينا لها، فلو قال -وله عدة أزواج-: زوجتي أو إحدى زوجاتي علي كظهر أمي، من غير تعيين لها بنية أو إشارة أو تسمية، لم يصح.
ومنها أن تكون طاهرا من الحيض والنفاس، طهرا لم يقربها فيه بجماع، إلا أن تكون حاملا، أو ليست ممن تحيض ولا في سنها من تحيض، أو غير مدخول بها على الصحيح من مذهب أصحابنا، والأظهر من أقوالهم. وقد ذهب بعض أصحابنا وهو شيخنا أبو جعفر في نهايته إلى أن الظهار لا يقع بغير المدخول بها.
والقرآن قاض بصحة ما اخترناه، لأن الآية على عمومها، وهو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ} وهي قبل الدخول بها يتناولها هذا الاسم بغير خلاف، وما اخترناه اختيار السيد المرتضى، وشيخنا المفيد.
أو مدخولا بها وهي غايبة عن زوجها غيبة مخصوصة، على ما قدمناه في أحكام الطلاق، لأنا قد بينا أن أحكام الظهار أحكام الطلاق، وشرائطه شرائطه في جميع الأشياء، إلا ما أخرجه الدليل.
ومنها أن يكون الظهار منها بمحضر من شاهدي عدل.
يدل على ذلك كله إجماع أصحابنا، ونفى الدليل الشرعي على وقوعه مع اختلال بعض الشروط، ولا يقدح فيما اعتمدناه من الإجماع خلاف من خالف من أصحابنا بوقوع الظهار مع الشرط، وثبوت حكمه مع تعلق اللفظ بغير الظهر، وإضافته إلى غير الأم من المحرمات، ونفي وقوعه بغير المدخول بها، ووقوعه بملك اليمين، لتميزه من جملة المجمعين باسمه ونسبه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 711: باب الظهار والإيلاء:
فإذا تكاملت شروط الظهار حرمت الزوجة عليه، فإن عاد لما قال بأن يريد استباحة الوطء، لزمه أن يكفر قبله بعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا، لأن هذه الكفارة عندنا على الترتيب.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 711: باب الظهار والإيلاء:
ولا يحرم عليه تقبيلها، ولا ضمها، ولا عناقها. وقال بعض أصحابنا: يحرم عليه تقبيلها قبل أن يكفر، كما يحرم وطؤها، واستدل بقوله تعالى: {مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا}. وهذا لا دلالة فيه، لأن المسيس هاهنا بلا خلاف بيننا المراد به الوطي.
ويستدل على أن العود شرط في وجوب الكفارة، بظاهر القرآن، لأنه لا خلاف أن المظاهر لو طلق قبل الوطء لا يلزمه الكفارة، وهذا يدل على أن الكفارة لا تجب بنفس الظهار.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 712: باب الظهار والإيلاء:
وإذا جامع المظاهر قبل التكفير، فعليه كفارتان: إحداهما كفارة العود، والأخرى عقوبة الوطء قبل التكفير، بدليل إجماعنا، ولأن بذلك يحصل اليقين لبراءة الذمة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 713: باب الظهار والإيلاء:
إذا قال: أنت علي حرام، لم يتعلق بذلك عند أصحابنا حكم من الأحكام، لا ظهار، ولا طلاق، ولا إيلاء، ولا يمين، ولا غير ذلك، على ما قدمناه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 713، 714: كتاب الطلاق:
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه، في كتاب الظهار: مسألة، المكفر بالصوم، إذا وطأ زوجته التي ظاهر منها في حال الصوم عامدا، نهارا كان أو ليلا، بطل صومه، ولزمه استئناف الكفارتين، فإن كان وطؤه ناسيا، مضى في صومه، ولم يلزمه شيء، ثم استدل فقال: دليلنا إجماع الفرقة، وطريقة الاحتياط، وأيضا فإن الله تعالى قال: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} وهذا قد وطأ قبل الشهرين، فيلزمه كفارتان على ما مضى القول فيه هذا آخر استدلاله رحمه الله([70]).
قال محمد بن إدريس: أما وجوب الكفارة الأخرى فصحيح، وأما استئناف الكفارة المأخوذ فيها بالصوم إذا وطأ ليلا فبعيد لا وجه له، ولا دليل على استئناف الصيام، لأن الاستئناف ما جاءنا إلا في المواضع المعروفة المجمع عليها، وهي إن وطأ بالنهار عامدا من غير عذر المرض، قبل أن يصوم من الشهر الثاني شيئا، فيجب عليه الاستئناف للكفارة التي موجبها الظهار، وكفارة أخرى للوطء، عقوبة على ما قدمناه، فأما إذا وطأ ليلا فعليه كفارة الوطء، ولا يجب عليه استئناف ما أخذ فيه، لأنه لا دليل عليه من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، والأصل براءة الذمة، فأما إذا وطأ بالنهار عامدا بعد أن صام من الشهر الثاني شيئا، فعليه كفارة الوطء فحسب، ويبني على ما صام، ولا يجب عليه الاستئناف، فليلحظ ذلك، فهذا الذي يقتضيه أصول مذهبنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 714، 705: باب الظهار والإيلاء:
وقال شيخنا في مسائل خلافه: مسألة، إذا وجبت عليه الكفارة بعتق رقبة في كفارة ظهار، أو قتل، أو جماع، أو يمين، أو يكون قد نذر عتق رقبة، فإنه يجزي في جميع ذلك أن لا تكون مؤمنة إلا في القتل خاصة.
قال محمد بن إدريس: اختلف أصحابنا في ذلك، والأظهر الذي يقتضيه أصول المذهب، أن جميع الرقاب في الكفارات وغيرها لا تجزي إلا المؤمنة، أو بحكم المؤمنة، ولا تجزي الكافرة، لأن الله تعالى قال: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} والكافر خبيث بغير خلاف، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، والإعتاق يسمى إنفاقا.
وأيضا طريقة الاحتياط تقتضيه، لأن الذمة مشغولة بالكفارة بغير خلاف، ولا تبرأ بيقين إلا إذا كفر بالمؤمنة، لأن غيرها فيه خلاف.
وهذا اختيار السيد المرتضى وغيره من المشيخة، والأول اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسي. إلا أنه رجع عنه في التبيان...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 715: باب الظهار والإيلاء:
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: مسألة، عتق المكاتب لا يجزي في الكفارة، سواء أدى من مكاتبته شيئا أو لم يؤد.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: الصحيح أنه إذا لم يؤد شيئا من مكاتبته، يجوز عتقه، ويجزي في الكفارة، لأنه بعد عبد لم يتحرر منه شيء بغير خلاف، وبهذا قال في نهايته...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 716: باب الظهار والإيلاء:
وعتق أم الولد عندنا جائز في الكفارات، وكذلك عتق المدبر الذي يبتدأ بتدبيره...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 716: باب الظهار والإيلاء:
وقال رحمه الله في مسائل خلافه: مسألة، إذا أعتق عبدا مرهونا، وكان موسرا أجزأه، وإن كان معسرا لا يجزيه.
قال محمد بن إدريس: لا يجزي عتق العبد المرهون قبل فكه من الرهن، سواء كان الراهن موسرا أو معسرا، لأن العتق تصرف بغير خلاف، وإجماع أصحابنا على أن تصرف الراهن في الرهن غير صحيح ولا ماض، وأنه لا يجوز له التصرف فيه بغير خلاف بينهم، وأنه منهي عن التصرف فيه، وكل تصرف يتصرف فيه فإنه باطل، والنهي يدل على فساد المنهي عنه...
ثم استدل رحمه الله على ما ذهب إليه في صدر المسألة، فقال: دليلنا على أن عتق الموسر جائز، قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}، ولم يفصل، وعلى أن عتق المعسر لا يجزي، أن ذلك يؤدي إلى إبطال حق الغير، فلا يجوز ذلك، وعليه إجماع الفرقة، لأنهم أجمعوا على أنه لا يجوز من الراهن التصرف في الرهن، وذلك عام في جميع ذلك. هذا آخر استدلاله([71])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 717: باب الظهار والإيلاء:
ثم قال رحمه الله في مسائل خلافه: إذا كان له عبد قد جنى جناية عمد، فإنه لا يجزي إعتاقه في الكفارة، وإن كان خطأ جاز ذلك، ثم قال في استدلاله: دليلنا إجماع الفرقة، لأنه لا خلاف بينهم إذا كانت جناية عمد أنه ينتقل ملكه إلى المجني عليه، وإن كان خطأ، فدية ما جناه على مولاه، لأنه عاقلته، وعلى هذا لا بد مما قلناه، هذا آخر استدلاله([72]).
قال محمد بن إدريس: ما قاله رحمه الله في صدر المسألة غير واضح، وكذلك ما قاله في استدلاله، لأنه قال: “وإن كان خطأ جاز” وأطلق الكلام، والصحيح أنه لا يجزي إلا إذا ضمن دية الجناية، فأما قبل التزامه وضمانه، فلا يجوز، لأنه قد تعلق برقبة العبد الجاني حق الغير، فلا يجوز إبطاله. وما قاله في استدلاله أن مولاه عاقلته، فغير صحيح، لأنه لا خلاف بين أصحابنا، أن السيد غير عاقلة العبد، وإجماعهم منعقد على هذا، وشيخنا قائل به أيضا في غير كتابه هذا، في هذا الموضع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 718: باب الظهار والإيلاء:
وقال أيضا في مسائل خلافه: مسألة، إذا كان له عبد غائب يعرف خبره وحياته، فإن إعتاقه جائز في الكفارة بلا خلاف، وإن لم يعرف خبره ولا حياته لا يجزيه([73]).
قال محمد بن إدريس: وأخبار أصحابنا المتواترة عن الأئمة الأطهار، وإجماعهم منعقد على أن العبد الغائب يجوز عتقه في الكفارة، إذا لم يعلم منه موت، لأن الأصل الحياة، وهو موافق في نهايته على ذلك، وقائل به، ولا يلتفت إلى خلاف ما عليه الإجماع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 718: باب الظهار والإيلاء:
إذا كان عليه كفارتان من جنس واحد، فأعتق عنها، أو صام بنيه التكفير دون التعيين، أجزأه بلا خلاف، وإن كانت من أجناس مختلفة فلا بد فيها من نية التعيين عن كل كفارة، وإن لم يعين لم يجزه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 718: باب الظهار والإيلاء:
إذا أدخل الطعام أو الشراب في حلقه بالإكراه، لم يفطر بلا خلاف، وإن ضرب حتى أكل أو شرب، فعندنا لا يفطر، ولا يقطع التتابع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 718: باب الظهار والإيلاء:
ولا يجوز إخراج القيم في الكفارات، ويجوز إخراج القيم عندنا في الزكوات.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 719: باب الظهار والإيلاء:
وقال شيخنا أبو جعفر في التبيان، في تفسير آية الظهار: والرقبة ينبغي أن تكون مؤمنة، سواء كانت ذكرا أو أنثى، صغيرة أو كبيرة، إذا كانت صحيحة الأعضاء، فإن الإجماع واقع على أنه يقع الإجزاء بها وقال الحسن وكثير من الفقهاء: إن كانت كافرة أجزأت([74])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 719: باب الإيلاء:
يفتقر الإيلاء الشرعي الذي يتعلق به إلزام الزوج بالفئة -بفتح الفاء- أو الطلاق بعد مطالبة الزوجة بذلك، إلى شروط. منها أن يكون الحالف بالغا كامل العقل. ومنها أن يكون المولى منها زوجة دوام. ومنها أن يكون الحلف بما ينعقد به الأيمان عند أهل البيت عليهم السلام، لأنه لا ينعقد اليمين عندهم إلا بأسماء الله تعالى، دون أسماء المحدثات.
ومنها أن يكون ذلك مطلقا من الشروط. ومنها أن يكون مع النية والاختيار، من غير غضب ولا إكراه، ولا إجبار. ومنها أن تكون المدة التي حلف أن لا يطأ الزوجة فيها أكثر من أربعة أشهر. ومنها أن تكون الزوجة مدخولا بها. ومنها أن لا يكون إيلاؤه في صلاحه لمرض يضر به الجماع، أو في صلاح الزوجة لمرض، أو حمل، أو رضاع. لأنه لا خلاف في ثبوت ذلك مع تكامل ما ذكرناه، ليس على ثبوته مع اختلال بعضها دليل، فوجب نفيه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 721: باب الإيلاء:
ويخص كونها مدخولا بها قوله تعالى: {فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} لأن المراد بالفئة العود إلى الجماع بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 722: باب الإيلاء:
وعندنا أن الإيلاء لا يقع بشرط، لأن ثبوت الإيلاء بشرط يحتاج إلى دليل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 722: باب الإيلاء:
الإيلاء يقع بالرجعية، لأنها زوجة عندنا، ويحتسب من مدتها زمان العدة.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 724: باب الخلع والمباراة والنشوز والشقاق:
فأما إذا كانت الحال بين الزوجين عامرة، والأخلاق ملتئمة، واتفقا على الخلع، فبذلت له شيئا على طلاقها، لم يحل له ذلك، وكان محظورا، لإجماع أصحابنا على أنه لا يجوز له خلعها، إلا بعد أن يسمع منها ما لا يحل ذكره...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 724، 725: باب الخلع والمباراة والنشوز والشقاق:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإنما يجب الخلع، إذا قالت المرأة لزوجها إني لا أطيع لك أمرا، ولا أقيم لك حدا، ولا اغتسل لك من جنابة، ولأوطئن فراشك من تكرهه، إن لم تطلقني، فمتى سمع منها هذا القول، أو علم من حالها منها عصيانه في شيء من ذلك، وإن لم تنطق به، وجب عليه خلعها.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: قوله رضي الله عنه: “وجب عليه خلعها”، على طريق تأكيد الاستحباب دون الفرض والإيجاب، لأن الشيء إذا كان عندهم شديد الاستحباب، أتوا به بلفظ الوجوب على ما بيناه في غير موضع، وإلا فهو مخير بين خلعها وطلاقها، وإن سمع منها ما سمع، بغير خلاف، لأن الطلاق بيده، ولا أحد يجبره على ذلك...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 726: باب الخلع والمباراة والنشوز والشقاق:
وحمله على ذلك قياس، ونحن لا نقول به، فليلحظ ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 726، 727: باب الخلع والمباراة والنشوز والشقاق:
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه: مسألة، الصحيح من مذهب أصحابنا أن الخلع بمجرده لا يقع، ولا بد معه من التلفظ بالطلاق، وفي أصحابنا من قال: لا يحتاج معه إلى ذلك، بل نفس الخلع كاف، إلا أنهم لم يبينوا أنه طلاق أو فسخ هذا آخر كلامه رحمه الله.
قال محمد بن إدريس: من ذهب من أصحابنا إلى أنه لا يحتاج معه إلى طلاق، بل نفس الخلع كاف، قالوا إنه يجري مجرى الطلاق، وإنها تبقى معه إذا تزوجها على طلقتين. من جمله من ذهب إلى ذلك السيد المرتضى، ذكر في الناصريات في المسألة الخامسة والستين والمائة، فقال: “الخلع فرقة باينة، وليست كل فرقة طلاقا، كفرقة الردة واللعان” قال السيد المرتضى:
عندنا أن الخلع إذا تجرد عن لفظ الطلاق، بانت به المرأة، وجرى مجرى الطلاق، في أنه ينقص من عدد الطلاق، فهذه فائدة اختلاف الفقهاء في أنه طلاق أو فسخ، لأن من جعله فسخا لا ينقص به عن عدد الطلاق شيئا، فتحل وإن خالعها ثلاثا، وقال أبو حنيفة وأصحابه، ومالك، والثوري، والأوزاعي والبتي، والشافعي في أحد قوليه: إن الخلع تطليقة باينة، وللشافعي قول آخر: أنه فسخ، وروي ذلك عن ابن عباس، وهو قول أحمد وإسحاق الدليل على صحة ما ذهبنا إليه الإجماع المتقدم ذكره([75])...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 728، 729: باب الخلع والمباراة والنشوز والشقاق:
ويحل للزوج ضربها بنفس النشوز عندنا، بعد الوعظ لها، والهجران في المضجع، لظاهر التنزيل وهو قوله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} فاقتضى ظاهره، متى خاف النشوز منها حل له الموعظة، والهجران، والضرب...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 730: باب الخلع والمباراة والنشوز والشقاق:
وأما الشقاق فاشتقاقه من الشق، وهو الناحية والجانب فكأن كل واحد من الزوجين في ناحية من الآخر وجانب، وفي عرف الشرع فهو أنه إذا كره كل واحد من الزوجين الآخر، ووقع بينهما الخصومة، ولا يصطلحان لا على المقام، ولا على الفراق والطلاق، فالواجب على الحاكم أن يبعث حكما من أهل الزوج، وحكما من أهل المرأة، وبعثهما على طريق التحكيم عندنا، لا على طريق التوكيل على ما يذهب إليه بعض المخالفين...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 731، 732: باب العدد:
والمطلقة على ضربين مدخول بها، وغير مدخول بها.
فغير المدخول بها لا عدة عليها بلا خلاف على ما قدمناه. والمدخول بها لا تخلو إما أن يكون حاملا أو حائلا، فإن كانت حاملا فعدتها أن تضع جميع حملها، على ما بيناه في أبواب الطلاق وشرحناه وحكينا مقالة بعض أصحابنا في ذلك، حرة كانت أو أمة، بغير خلاف يعتد به، وقوله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} يدل على ذلك، ولا يعارض هذه الآية قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} لأن آية وضع الحمل عامة في المطلقة وغيرها، وناسخة لما تقدمها بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 732: باب العدد:
وإن كانت حائلا، فلا تخلو أن تكون ممن تحيض، أو لا تحيض. فإن كانت ممن تحيض، فعدتها إن كانت حرة ثلاثة قروء بلا خلاف، وإن كانت أمة فعدتها قرءان بلا خلاف عندنا، وعند باقي الفقهاء، إلا من داود...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 732: باب العدد:
والقرء -بفتح القاف- عندنا هو الطهر بين الحيضتين.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 732، 733: باب العدد:
وإن كانت لا تحيض ومثلها تحيض، فعدتها إن كانت حرة ثلاثة أشهر بلا خلاف، وإن كانت أمة فخمسة وأربعون يوما، وإن كانت لا تحيض لصغر لم تبلغ تسع سنين، أو لكبر بلغ خمسين سنة، مع تغير عادتها، وهما اللتان ليس في سنهما من تحيض، فقد اختلف أصحابنا في وجوب العدة عليهما، فمنهم من قال لا تجب، ومنهم من قال تجب أو تعتد بالشهور، وهي ثلاثة أشهر، وهو اختيار السيد المرتضى، وبه قال جميع المخالفين، ويحتج بصحة ما ذهب إليه، بأن قال: طريقة الاحتياط تقتضي ذلك، وأيضا قوله تعالى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ} وهذا نص...
على أنه لا بد فيما علقنا به الشرط، وجعلنا الريبة واقعية فيه، من مقدار عدة من تضمنته الآية، من أن يكون مرادا، من حيث لم يكن معلوما لنا قبل الآية، وإذا كانت الريبة حاصلة بلا خلاف، تعلق الشرط به، واستقل بذلك الكلام، ومع استقلاله يتعلق الشرط بما ذكرناه، ولا يجوز أن يتعلق بشيء آخر، كما لا يجوز فيه لو كان مستقلا اشتراطه، فهذا جملة ما يتمسك به من نصر اختيار المرتضى والقول الآخر أكثر وأظهر بين أصحابنا، وعليه يعمل العامل منهم، وبه يفتي المفتي، والروايات بذلك متظاهرة متواترة، وأيضا الأصل براء الذمة من هذا التكليف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 734: باب العدد:
فأما عدة المتوفى عنها زوجها، إن كانت حرة حائلا، فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مدخولا بها أو غير مدخول بها، بلا خلاف، وقد دخل في هذا الحكم المطلقة طلاقا رجعيا إذا توفي زوجها، وهي في العدة، لأنها زوجة على ما بيناه، ولا تتمم على ما مضى لها من عدتها قبل موت الزوج، بل يجب عليها استئناف عدة الوفاة، وهي أربعة أشهر وعشرة أيام من وقت موته، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} أراد تعالى يتربصن بعد الموت، لا قبل الموت.
وهذه عدة المتمتع بها، إذا توفي عنها زوجها قبل انقضاء أيامها على الصحيح من المذهب...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 735: باب العدد:
فأما عدة الأمة المتوفى عنها زوجها، سواء كانت أم ولد، أو لم تكن فأربعة أشهر وعشرة أيام، على الصحيح من المذهب. والذي يقتضيه أصول أصحابنا، ويعضده ظاهر القرآن، لأن الله تعالى قال: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} وهذه زوجة بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 736: باب العدد:
وإن كانت المتوفى عنها زوجها حاملا، فعليها أن تعتد عندنا خاصة بأبعد الأجلين، فإن وضعت قبل انقضاء أربعة أشهر وعشرة أيام، لم تنقض عدتها حتى تكمل تلك المدة، وإن كملت المدة قبل وضع الحمل، لم تنقض عدتها حتى تضع حملها، لإجماع أصحابنا على ذلك، وطريقة الاحتياط، لأن العدة عبادة وتكليف تستحق عليها الثواب...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 736، 737: باب العدد:
وأما ما يجري مجرى الموت فشيئان. أحدهما غيبة الزوج التي لا تعرف الزوجة معها له خبرا، ولا لها نفقة...
وهذا الذي يقوى في نفسي، لأنها قد خرجت من العدة خروجا شرعيا، من عدة شرعية، فقد بانت منه، وحلت للأزواج بغير خلاف...
فأما إذا تزوجت فلا خلاف بينهم، في أن الثاني أحق بها من الأول...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 738: باب العدد:
ويجب عليه النفقة في عدة الطلاق الرجعي، ولا يجب في عدة الباين، إلا أن تكون حاملا، فإن النفقة تجب على الزوج لها بلا خلاف، لقوله تعالى: {وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، ولا نفقة لباين حامل غير المطلقة الحامل فحسب، لدليل الآية، وإلحاق غيرها بها قياس، ونحن لا نقول به، لا لمتمتع بها، ولا لمفسوخ نكاحها، وغير ذلك.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 738: باب العدد:
ولا نفقة للمتوفى عنها زوجها إذا كانت حائلا بلا خلاف، وإن كانت حاملا أنفق عليها عندنا خاصة من مال ولدها الذي يعزل له، حتى تضع، على ما روي في الأخبار، وذهب إليه شيخنا أبو جعفر، في جميع كتبه. والذي يقوى في نفسي، ويقتضيه أصول مذهبنا، أن لا ينفق عليها من المال المعزول، لأن الإنفاق حكم شرعي يحتاج إلى دليل شرعي، والأصل أن لا إنفاق، وأيضا النفقة لا تجب للوالدة الموسرة، وهذه الأم لها مال، فكيف تجب النفقة عليها، فإن كان على المسألة إجماع منعقد من أصحابنا، قلنا به، وإلا بقينا على نفي الأحكام الشرعية إلا بأدلة شرعية.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 739: باب العدد:
وتبيت المتوفى عنها زوجها حيث شاءت. ويلزمها الإحداد بلا خلاف إذا كانت حرة، صغيرة كانت أو كبيرة.
قال محمد بن إدريس: ولي في الصغيرة نظر، لأن لزوم الحداد حكم شرعي، وتكليف سمعي، والتكاليف لا تتوجه إلا إلى العقلاء. وإنما ذهب شيخنا في مسائل خلافه إلى أن الصغيرة يلزمها الحداد، ولم يدل بإجماع الفرقة ولا بالأخبار. وهذه المسألة لا نص لأصحابنا عليها، ولا إجماع.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 739: باب العدد:
والحداد هو اجتناب الزينة في الهيئة، ومس الطيب، واللباس، وكل ما تدعو النفس إليه، سواء كان طيبا أو غيره، ولا يلزم المطلقة وإن كانت باينا، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة، ودلالة الأصل، وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 739: باب العدد:
ويلزم عدة الوفاة للغائب عنها زوجها، من يوم يبلغها الخبر، لا من يوم الوفاة بغير خلاف بين أصحابنا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 742: باب العدد:
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومتى كانت المرأة لها عادة بالحيض في حال الاستقامة، ثم اضطربت أيامها، فصارت مثلا بعد أن كانت تحيض كل شهر، لا تحيض إلا في شهرين، أو ثلاثة، أو ما زاد عليه، فلتعتد بالأقراء على ما جرت به عادتها في حال الاستقامة، وقد بانت منه.
قال محمد بن إدريس:...
فأما ما زاد على الثلاثة الأشهر فصارت لا ترى الدم إلا بعد ثلاثة أشهر، فإن هذه تعتد بالأشهر الثلاثة البيض بغير خلاف، لقولهم عليهم السلام: أمران أيهما سبق فقد بانت منه، وكان ذلك عدة لها وقد سبقت الثلاثة الأشهر البيض، فهذا تحرير الحديث وفقهه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 745: باب العدد:
لأن الرجعية عندنا زوجة...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 746: باب العدد:
ولا حداد على مطلقة عندنا سواء كان بائنا طلاقها أو رجعيا.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 746: باب العدد:
الأقراء عندنا الأطهار، دون الحيض...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 747: باب العدد:
لأنه اللحظة التي ترى فيها الدم الثالث، ليست من جملة العدة التي هي الأطهار بلا خلاف بيننا...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 747: باب العدد:
المعتدة بالأشهر إذا طلقت في آخر الشهر، اعتدت بالأهلة، بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 747: باب العدد:
الأمة إذا كانت تحت عبد وطلقها طلقة، ثم أعتقت، ثبت له عليها رجعة بلا خلاف، ولها اختيار الفسخ، فإن اختارت الفسخ، بطل حق الرجعة بلا خلاف. وعندنا أنها تتم عدة الحرة ثلاثة أقراء على ما قدمناه.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 748: باب العدد:
وإذا طلقها طلقة رجعية، ثم راجعها، ثم طلقها بعد الدخول بها، فعليها استئناف العدة بلا خلاف...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 748: باب العدد:
أقل الحمل ستة أشهر بلا خلاف، وأكثره عند المحصلين من أصحابنا تسعة أشهر...
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 748، 749: باب العدد:
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: إذا طلقها في آخر الطهر، وبقي بعد التلفظ بالطلاق جزء، وقع فيه الطلاق، وهو مباح، وتعتد بالجزء الذي بقي طهرا، إذا كان طهرا لم يجامعها فيه، فإن قال لها: أنت طالق، ثم حاضت عقيب هذا اللفظ، قال رحمه الله: يقوى في نفسي، أن الطلاق يقع، لأنه وقع في حال الطهر، إلا أنها لا تعتد بالطهر الذي يلي الحيض، لأنه ما بقي هناك جزء تعتد به.
قال محمد بن إدريس: قوله رحمه الله: “إلا أنها لا تعتد بالطهر الذي يلي الحيض”، عجيب، وكيف لا تعتد بالطهر الذي يتعقب هذا الحيض، بل هذا الطهر الذي يأتي بعد حيضتها، هذا هو أول أقرائها. ثم قال رحمه الله: “لأنه ما بقي هناك جزء تعتد به” مناقضة لما قاله، لأنه قال: “لا تعتد بالطهر الذي يلي الحيض” فأي طهر بقي؟ وأي جزء من الطهر الذي طلقها فيه؟ لأنه قال: “أنه بعد التلفظ بالطلاق بلا فصل، حاضت”، فلا يتقدر جزء من ذلك الطهر يلي حيضها، بل طهر غير ذلك وإذا كان طهر غير ذلك، فإنها تعتد به بلا خلاف، فليلحظ ما نبهنا عليه ويتأمل.
- السرائر - ابن إدريس الحلي ج 2 ص 749: باب العدد:
وإذا طلقها واختلفا، فقالت: طلقتني وقد بقي من الطهر جزءان، فاعتدت بذلك قرء، وقال الزوج: لم يبق شيء تعتدين به، فالقول قول المرأة، لأن قولها يقبل في الحيض والطهر عندنا.
([1]) راجع المبسوط ج 2، الصفحة 11.
([2]) راجع المبسوط ج 7، الصفحة 271.
([3]) راجع الناصريات، الصفحة 443.
([4]) راجع الخلاف ج 6، المسألة صفحة 312.
([5]) راجع المبسوط ج 7، الصفحة 217.
([6]) راجع الخلاف ج 3، المسألة صفحة 271.
([7]) راجع المبسوط ج 3، الصفحة 19.
([8]) يشير الشيخ الطوسي قدس سره رضوان الله تعالى عليه إلى فقهاء العامة بهذا التعبير عادة. وجاءت المسألة في كتابه الخلاف ج3، المسألة صفحة 306، والشيخ وعلى الرغم من نسبة الفتوى للمذهب نراه قد سكت وتوقف عن التصريح بإجماع فقهاء الإمامية كما هي عادته في هذا الكتاب. لكن اشتراك الفتوى بين الفريقين، وتذييل الفتوى بعبارة "جميع الفقهاء" وهي عبارة مجملة جعلتنا نعنون للمسألة ونكتفي بذكر الموضوع دون التصريح بالحكم.
([9]) راجع المبسوط ج 8، الصفحة 187.
([10]) راجع المبسوط ج 8، الصفحة 246.
([11]) يلاحظ أن ماجاء في هذه المسائل إنما حكاية عن أقوال لشيخ الطائفة الطوسي قدس سره وقال المصنف مبررا هذا الإيراد: "وعادته في هذين الكتابين، وضع أقوال المخالفين، واختيار بعضها، فليلحظ".
([12]) راجع المبسوط ج 8، الصفحة 173.
([13]) راجع الخلاف ج 6، المسألة صفحة 352.
([14]) الاستبصار: كتاب المكاسب، ص51.
([15]) راجع المبسوط ج 2، الصفحة 166.
([16]) راجع المبسوط ج 2، الصفحة 195.
([17]) راجع المبسوط ج 2، الصفحة 83.
([18]) راجع الخلاف ج 3، المسألة صفحة 50.
([19]) راجع الخلاف ج 3، المسألة صفحة 168.
([20]) راجع الخلاف ج 3، المسألة صفحة 147.
([21]) راجع الخلاف ج 3، المسألة صفحة 101.
([22])في كل مسألة كان الدليل غير تام في الإجماع وفي نسبة المسألة إلى المذهب بلفظ دال على العموم أو القطع كنا نكتفي في العنوان بعرض موضوع المسألة دون الإشارة إلى الحكم الوارد في النص.
([23]) راجع المبسوط ج 2، الصفحة 117.
([24]) راجع المبسوط ج 2، الصفحة 155. قال: "ولو باع قفيزا من صبرة صح "ولم نجد عبارة "بلا خلاف" في نص نسخة المبسوط المطبوعة ولعلها هكذا في نسخة ابن ادريس قدس سره.
([25]) راجع الخلاف ج 3، المسألة صفحة 521.
([26]) راجع المبسوط ج 3، الصفحة 219.
([27]) راجع الخلاف ج 3، المسألة صفحة 521.
([28]) راجع الناصريات، المسألة صفحة 387.
([29]) راجع الخلاف ج 3، المسألة صفحة 400.
([30]) راجع الخلاف ج 3، المسألة صفحة 397.
([31]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 310.
([32]) يكثر ابن إدريس قدس سره من التمسك بأصول المذهب كدليل على المسألة ونحن في هذا الكتاب نشير إلى المسألة إذا اجتمع في التمسك بأصول المذهب شروط ثلاثة؛ الأول: أن يذكر الأصل صراحة، والثاني: أن لا يذكر قولا مخالفا يعتد به على المسألة، والثالث: أن يدعي على الأصل الإجماع أو ما يشبهه.
([33]) التبيان ج 2، الصفحة 218.
([34]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 300.
([35]) التبيان ج 3، الصفحة 168.
([36]) التبيان ج 3، الصفحة 170.
([37]) راجع المبسوط ج 4، الصفحة 215.
([38]) التبيان ج 2، الصفحة 217، 218.
([39]) راجع المبسوط ج 4، الصفحة 215.
([40]) راجع الانتصار، المسألة صفحة 288.
([41]) راجع الناصريات، المسألة صفحة 330.
([42]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 389.
([43]) التبيان ج 2، الصفحة 273 و274.
([44]) راجع المبسوط ج 4، الصفحة 183.
([45]) راجع الخلاف ج4، المسألة صفحة 366.
([46]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 397.
([47]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 388.
([48]) راجع المبسوط ج 4، الصفحة 257.
([49]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 352 والمسألة صفحة 351.
([50]) لم نعثر عليه.
([51]) راجع الرسائل ج 3، المسألة صفحة 269.
([52]) قول الشيخ الطوسي قدس سره.
([53]) راجع المبسوط ج 8، الصفحة 17.
([54]) راجع المبسوط ج 7، الصفحة 193.
([55]) راجع الخلاف ج 3، المسألة صفحة 232.
([56]) راجع المبسوط ج 3، الصفحة 57.
([57]) راجع الخلاف ج 5، المسألة صفحة 85.
([58]) راجع المبسوط ج 4، الصفحة 197.
([59]) يكثر ابن إدريس قدس سره من التمسك بأصول المذهب كدليل على المسألة ونحن في هذا الكتاب نشير إلى المسألة إذا اجتمع في التمسك بأصول المذهب شروط ثلاثة؛ الأول: أن يذكر الأصل صراحة، والثاني: أن لا يذكر قولا مخالفا يعتد به على المسألة، والثالث: أن يدعي على الأصل الإجماع أو ما يشبهه.
([60]) راجع الخلاف ج 5، المسألة صفحة 129.
([61]) راجع الخلاف ج 5، المسألة صفحة 131.
([62]) راجع الخلاف ج 5، المسألة صفحة 112.
([63]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 101.
([64]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 484.
([65]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 470.
([66]) راجع الخلاف ج 5، المسألة صفحة 60.
([67]) راجع الخلاف ج 6، المسألة صفحة 132.
([68]) راجع الخلاف ج 5، المسألة صفحة 12.
([69]) راجع الخلاف ج 5، المسألة صفحة 23.
([70]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 540.
([71]) راجع الخلاف ج 4، المسألة صفحة 545.
([72]) راجع الخلاف ج 4 المسألة صفحة 546
([73]) راجع الخلاف ج 4 المسألة صفحة 546
([74]) راجع التبيان ج 9، الصفحة 543.
([75]) راجع الناصريات، المسألة صفحة 351.