موقع عقائد الشيعة الإمامية >> كتاب إجماعات فقهاء الإمامية >> المجلد الخامس
إجماعات فقهاء الإمامية
المجلد الخامس: إجماعات أبو مجد الحلبي
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 25، 32: الكلام في ركن العدل:
ويعتبر في قيام المكلف به، معرفته بمكلفه سبحانه على صفاته جملة وتفصيلا، وبالتكليف على صفته وبكيفية ترتيبه وإيقاعه، وإلا لم يفد قيامه به، ولابد من فاصل بين التكليف وبين ما يستحق عليه، لانه لو اتصل به ممازجا أو معاقبا لزم الالجاء المنافي له، وحصول المستحق على الوجه المنافي لما به يستحق محال، فكان انقطاعه واجبا لذلك، وهو إما بالفناء أو بغيره مما تتعلق به المصلحة، وتقتضيه الحكمة، ولا ضد للجواهر إلا الفناء وبوجوده إلا في محل ينتفى وجودها جملة، ووجود ما يتبعها ويختص بها تبعا لانتفائها، وطريق إثباته السمع، وهو إجماع الأمة وظواهر الآيات وما هو معلوم من الملة الاسلامية والشريعة النبوية...
فما به يستحق المدح، إما فعل الواجب لوجه وجوبه، أو الندب لوجه ندبيته، أو اجتناب القبيح لوجه قبحه، أو إسقاط الحقوق لوجهها لا يستحق على ما سوى ذلك، وعلى ما به يثبت استحقاقه ثبت استحقاق الثواب بشرط حصول المشقة في الفعل والترك، أو في سببهما وما به يتوصل إليهما.
وطريق العلم باستحقاقه العقل، لثبوت إلزام المشاق التي لولا ما في مقابلتها من الاستحقاق لم يحسن إلزامها، ولا كان له وجه فبوجوهها تعين اللطف فيها، وبما يقابلها من الاستحقاق تعين فيها وجه الحكمة، ولزم احتمالها والصبر عليها.
وبدوامه السمع لحسن تحمل المشاق للمنافع المنقطعة عقلا، إذ ليس فيه ما يقتضي اشتراط دوامها، فيكون القطع على دوامه وصفاته سمعا بإجماع جميع الامة، ولا يلزم حمله على المدح، لاشتراكهما في جهة الاستحقاق، لانهما وإن اشتركا في ذلك فقد اختلفا في غيره، ويثبت أحدهما في موضع يستحيل ثبوت الآخر فيه.
وما به يستحق الذم أما فعل القبيح أو الاخلال بالواجب لا يستحق بغيرهما، ومما به يثبت استحقاقه ثبت استحقاق العقاب بشرط اختيار المكلف ذلك على ما فيه مصلحته. وطريق العلم به السمع، لان العقل وإن أجازه ولم يمتنع منه إلا أنه لا قطع به على ثبوت استحقاق، لخلوه من دلالة قطعية على ذلك، ضرورة واستدلالا، فالمرجع بإثباته قطعا إلى السمع المقطوع على صحته، وهو الإجماع والنصوص القرآنية، ولا يلزم عليه الاغراء لان تجويزه عقلا، والقطع عليه سمعا زاجر لا إغراء معه.
وإذا كان الاصل الذي هو ثبوت استحقاقه لا يعلم إلا سمعا، فالفرع الذي هو دوامه وانقطاعه أولى بذلك. وقد أجمعت الامة على دوام عقاب من مات من العصاة، كافرا، ولا إجماع على دوام عقاب من عداهم من عصاة المؤمنين، فهم على ما كانوا عليه، من ثبوت استحقاق الثواب الدائم وإن استحقوا معه بعصيانهم العقاب، لان انقطاع عقابهم ممكن بتقديمه، ودوام ثوابهم المجمع عليه مانع من انقطاعه، لامكان حصوله معاقبا للاستيفاء منهم، ولا مانع من ذلك كما لا مانع من استحقاقهم المدح في حالهم فيها مستحقون الذم، لوجوب مدحهم بإيمانهم وذمهم بفسقهم، وما تعذر ذلك من فاعل واحد إلا لفقد الآلة لا لفقد الاستحقاق، فإنه لو كان له لسانان لمدح بأحدهما وذم بالآخر، ولو مدح بلسانه وذم بما يكتب بيده وبالعكس من ذلك لصح، وكان جامعا بينهما في حال واحدة، فكما لا تنافي بين ثبوت استحقاقهما إلا على أمر واحد بل على أمرين مختلفين، فكذلك لا تنافي أيضا بين ثبوت استحقاق ما يتبعهما من ثواب وعقاب، وكما أجمعت الامة على دوام عقاب الكفار، أجمعوا أيضا عدا الوعيدية على إنقطاع عقاب من وصفنا حالهم. ولاستحالة الجمع بين دائمي الثواب والعقاب، وجب كون المنقطع متقدما على الدائم الذي يحصل بدلا منه ومعاقبا له.
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 33، 35: الكلام في بطلان التكفير:
ومسقط العقاب على الحقيقة عفو الله أما عند التوبة التي هي تذم التائب على ما مضى منه من القبيح وعلى أن لا يعود إلى مثله مستقبلا مع الخروج من حق ثبت في الذمة إن كان لله تعالى، فبتلافيه وأدائه إن كان مما يؤدي، وقضائه إن كان مما يقضي، وإن كان لبعض العباد فبتأديته وفعل ما يجب في مثله.
وإذا صحت التوبة كانت مقبولة إجماعا...
وأما عند الشفاعة التي هي قبولها، لا نزاع فيه، كثبوتها ولا وجه لحقيقتها إذا كانت في زيادة المنافع للاستغناء عنها، ولجواز العكس فيها بأن يعود الشفيع مشفوعا فيه، فتكون حقيقة في إسقاط المضار، وهو الذي يقتضيه العقل، ويؤكده السمع، ومع فقد جميع ذلك، وخلو المرجى له منه، لابد من إنتهائه إلى الثواب الدائم بعد الاقتصاص منه بالعقاب المنقطع كما بيناه...
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 36: الكلام في بطلان التكفير:
وجميع ما أشرنا إليه من أحكام الايمان والكفر معلومة مقطوع عليها بالسمع خاصة، وهو إجماع الطائفة المحقة، لخلو العقل من طريق يقطع به على كل واحد منهما.
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 36: الكلام في سؤال القبر:
وسؤال القبر وما يتبعه -من نعيم أو عذاب- والبعث والنشور والموافقة والحساب والميزان والصراط وتطائر الكتب وشهادة الاعضاء والانتهاء بحسب الاستحقاق إلى جنة يختص نعيمها بالملاذ والمسار، وإلى نار يختص عذابها بالايلام والمضار وما يتبع ذلك ويترتب عليه، حق يجب إعتقاده والقطع عليه، لانه مما لا يتم الايمان إلا به وطريق العلم به إجماع الامة والنصوص القرآنية والنبوية ولا اعتداد بمخالفة من خالف في شيء منه، لسبق الإجماع وتقدمه على خلافه.
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 46، 47: الكلام في ركن الإمامة:
والإجماع ولا حجة به إلا بوجود المعصوم وتعيينه فيه، وإلا مع خلوه منه، وجواز الخطأ على كل واحد من المجمعين لا حجة في إجماعهم، ولا فرق بينه وبين إنفرادهم، كما لا حجة في إجماع أهل الكفر على ما أجمعوا عليه من كفرهم الذي كل واحد منهم عليه بإجماعه أو إنفراده. ولو كان مجرد إجماع أهل الخطاء علة في كونه حجة، لزم مثله في إجماع كل فرقة من فرق الكفار، بل لو قامت الحجة بإجماع أهل الزلل والعصيان قياما يفيد ارتفاع ذلك عنهم، وارتفعت بانفصالهم وانفرادهم إرتفاعا يقتضي عود ذلك إليهم، لزم مثله في الكفار، بل في السودان حتى يصح أن يقال: إن كل واحد من الزنج أسود، فإذا أجمعوا على أمر ما، أو اجتمعوا له زالت السوادية عنهم واختصوا بالبياضية بدلا منها، فإذا انفصلوا وانفرد كل واحد منهم عن الآخر عادت إليهم، وبسقوط ذلك واستحالته يعلم قطعا أنه لا حجة في الإجماع إلا بتعيين من في قوله بانفراده الحجة...
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 51: الكلام في ركن الإمامة:
منها: آية مدحه لما تصدق بخاتمه في حال ركوعه، قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}...
مع أن المذكور فيها من إيتاء الزكاة في حال الركوع لم يثبت إلا له ولم يكن إلا منه، وعليه إجماع المحققين من المفسرين وبالنصوص النبوية.
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 51، 52: الكلام في ركن الإمامة:
منها: الجلية التي لا تحتمل التأويل: لدلالتها بظاهر لفظها على المعنى المراد بها، وهي كثيرة مع اختلاف ألفاظها وإتفاق معانيها كأمره: أن يسلموا عليه -صلوات الله عليه- بإمرة المؤمنين، وتصريحه بأنه بعده الإمام والخليفة والوصي.
وهذا الضرب من النص وإن لم يظهر بين مخالفي الشيعة، كظهور غيره من النصوص فلا غراض أوجبت إعراضهم عن التواتر بنقله. ودعتهم إلى كتمانه، فلذلك جاء في نقلهم آحادا وفي نقل الشيعة متواترا، لانهم مع اختلافهم وتباين آرائهم، وبلوغهم في الكثرة حدا يستحيل معه حصول التواطؤ وما يجري مجراه، وتساوي طبقاتهم في ذلك، وكون المنقول مدركا في الاصل لا شبهة في مثله قد أطبقوا على نقله وقد بنوا بروايته خلفا عن سلف، فهو بينهم شائع ذائع لا يرتاب فيه منهم بعيد ولا قريب، ولا يزال إجماعهم منعقدا عليه من لدن النبي صلى الله عليه وآله إلى الآن بل إلى انقضاء التكليف، فلولا أنه حق وأنهم صادقون في روايته...
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 55: الكلام في ركن الإمامة:
وإذا ثبتت إمامته -عليه السلام- فكل ما يعترض به من أقواله وأفعاله للقدح في كونه منصوصا عليه بها ساقط على رأي الخاصة والعامة، لانه من المطهرين المعصومين.
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 57: الكلام في ركن الإمامة:
وإخباره أن حربه كحربه بقوله: “حربك حربي، وسلمك سلمي”. لكفى وأغنى عن غيره، فإن عدو الله ومبغض رسول الله صلى الله عليه وآله أو محاربه كافر إجماعا...
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 58: الكلام في ركن الإمامة:
فيكون الإجماع الكلي والوفاق القطع والعلم اليقيني مفردا حاصلا أنه لا عصمة ولا مزايا كمال لكل من عدا أئمتنا الاثني عشر -عليهم السلام- من جميع من ادعيت لهم الامامة على اختلاف طرقها وجهاتها في الادعاء...
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 60، 61: الكلام في ركن الإمامة:
والتصريح فيها بثوبت إمامتهم ولزوم خلافتهم وفرض طاعتهم وإيجاب ولايتهم، والتنبيه على عددهم وغيبة قائمهم وما يكون لهم ومنهم إلى قيام الساعة، فإنها أكثر من أن تحصى، وأعظم من أن تستقصى، لظهورها وشياعها في نقل كل مؤالف ومخالف، فتواتر نقلها واتفاق الفريقين على روايتها أشهر من كل مشهور، وأظهر من كل ظهور...
- إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 61، 62: الكلام في ركن الإمامة:
ويكفي في ثبوتها نص كل واحد منهم على الذي يليه بالامامة والاشارة إليه بالوصية، وايداعه من الذخائر النبوية والعلوم الباهرة الحقية ما لا يقوم به إلا المخصوص بالعصمة، وتميزه بالعهد إليه والتعويل عليه عن باقي الاهل والاولاد والذرية.
وهذه وإن كانت حجة قاطعة وطريقة معتمدة في إثبات إمامتهم - عليهم السلام - إلا أنها تختص بنقل الطائفة المحقة، فهم متدينون بروايتها، متواترون بنقلها، مجمعون على صحتها، وفي بعضهم ما تقوم بنقله الحجة فكيف في جميعهم؟ ولو كان في هذا الضرب من النص ما هو من خبر الآحاد كان بكثرته وإتفاق دلالته على المدلول الواحد مع انضمام بعضه إلى بعض ما يبلغ درجة المتواتر ويقتضي مقتضاه. كيف وإجماع الفرقة الناجية منعقد عليه، مع كون المعصوم في جملة إجماعهم...