موقع عقائد الشيعة الإمامية >> الصحيفة السجادية
اللَّهُمَّ يَا مَنْ لَا يَصِفُهُ نَعْتُ
الْوَاصِفِينَ ويَا مَنْ لَا
يُجَاوِزُهُ رَجَاءُ الرَّاجِينَ ويَا
مَنْ لَا يَضِيعُ لَدَيْهِ أَجْرُ الْمُحْسِنِينَ ، ويَا مَنْ هُوَ مُنْتَهَى
خَوْفِ الْعَابِدِينَ. ويَا مَنْ هُوَ غَايَةُ خَشْيَةِ الْمُتَّقِينَ هَذَا مَقَامُ مَنْ تَدَاوَلَتْهُ أَيْدِي
الذُّنُوبِ، وقَادَتْهُ أَزِمَّةُ الْخَطَايَا، واسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ
الشَّيْطَانُ، فَقَصَّرَ عَمَّا أَمَرْتَ بِهِ تَفْرِيطاً، وتَعَاطَى مَا نَهَيْتَ
عَنْهُ تَغْرِيراً. كَالْجَاهِلِ بِقُدْرَتِكَ عَلَيْهِ، أَوْ كَالْمُنْكِرِ فَضْلَ
إِحْسَانِكَ إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا انْفَتَحَ لَهُ بَصَرُ الْهُدَى، وتَقَشَّعَتْ
عَنْهُ سَحَائِبُ الْعَمَى، أَحْصَى مَا ظَلَمَ بِهِ نَفْسَهُ، وفَكَّرَ فِيمَا
خَالَفَ بِهِ رَبَّهُ، فَرَأَى كَبِيرَ عِصْيَانِهِ كَبِيراً وجَلِيلَ
مُخَالَفَتِهِ جَلِيلًا. فَأَقْبَلَ نَحْوَكَ مُؤَمِّلًا لَكَ مُسْتَحْيِياً
مِنْكَ، ووَجَّهَ رَغْبَتَهُ إِلَيْكَ ثِقَةً بِكَ، فَأَمَّكَ بِطَمَعِهِ يَقِيناً،
وقَصَدَكَ بِخَوْفِهِ إِخْلَاصاً، قَدْ خَلَا طَمَعُهُ مِنْ كُلِّ مَطْمُوعٍ فِيهِ
غَيْرِكَ، وأَفْرَخَ رَوْعُهُ مِنْ كُلِّ مَحْذُورٍ مِنْهُ سِوَاكَ. فَمَثَلَ
بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَضَرِّعاً، وغَمَّضَ بَصَرَهُ إِلَى الْأَرْضِ مُتَخَشِّعاً،
وطَأْطَأَ رَأْسَهُ لِعِزَّتِكَ مُتَذَلِّلًا، وأَبَثَّكَ مِنْ سِرِّهِ مَا أَنْتَ
أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ خُضُوعاً، وعَدَّدَ مِنْ ذُنُوبِهِ مَا أَنْتَ أَحْصَى لَهَا
خُشُوعاً، واسْتَغَاثَ بِكَ مِنْ عَظِيمِ مَا وَقَعَ بِهِ فِي عِلْمِكَ وقَبِيحِ
مَا فَضَحَهُ فِي حُكْمِكَ مِنْ ذُنُوبٍ أَدْبَرَتْ لَذَّاتُهَا فَذَهَبَتْ،
وأَقَامَتْ تَبِعَاتُهَا فَلَزِمَتْ. لَا يُنْكِرُ يَا إِلَهِي عَدْلَكَ إِنْ
عَاقَبْتَهُ، ولَا يَسْتَعْظِمُ عَفْوَكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ ورَحِمْتَهُ،
لِأَنَّكَ الرَّبُّ الْكَرِيمُ الَّذِي لَا يَتَعَاظَمُهُ غُفْرَانُ الذَّنْبِ
الْعَظِيمِ.
اللَّهُمَّ فَهَا أَنَا ذَا قَدْ جِئْتُكَ
مُطِيعاً لِأَمْرِكَ فِيمَا أَمَرْتَ بِهِ مِنَ الدُّعَاءِ، مُتَنَجِّزاً وَعْدَكَ
فِيمَا وَعَدْتَ بِهِ مِنَ الْإِجَابَةِ، إِذْ تَقُولُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ
لَكُمْ.
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
والْقَنِي بِمَغْفِرَتِكَ كَمَا لَقِيتُكَ بِإِقْرَارِي، وارْفَعْنِي عَنْ
مَصَارِعِ الذُّنُوبِ كَمَا وَضَعْتُ لَكَ نَفْسِي، واسْتُرْنِي بِسِتْرِكَ كَمَا
تَأَنَّيْتَنِي عَنِ الِانْتِقَامِ مِنِّي.
اللَّهُمَّ وثَبِّتْ فِي طَاعَتِكَ نِيَّتِي،
وأَحْكِمْ فِي عِبَادَتِكَ بَصِيرَتِي، ووَفِّقْنِي مِنَ الْأَعْمَالِ لِمَا
تَغْسِلُ بِهِ دَنَسَ الْخَطَايَا عَنِّي، وتَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِكَ ومِلَّةِ
نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا تَوَفَّيْتَنِي.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ فِي
مَقَامِي هَذَا مِنْ كَبَائِرِ ذُنُوبِي وصَغَائِرِهَا، وبَوَاطِنِ سَيِّئَاتِي
وظَوَاهِرِهَا، وسَوَالِفِ زَلَّاتِي وحَوَادِثِهَا، تَوْبَةَ مَنْ لَا يُحَدِّثُ
نَفْسَهُ بِمَعْصِيَةٍ، ولَا يُضْمِرُ أَنْ يَعُودَ فِي خَطِيئَةٍ وقَدْ قُلْتَ يَا إِلَهِي فِي مُحْكَمِ
كِتَابِكَ إِنَّكَ تَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِكَ، وتَعْفُو عَنِ
السَّيِّئَاتِ، وتُحِبُّ التَّوَّابِينَ، فَاقْبَلْ تَوْبَتِي كَمَا وَعَدْتَ،
واعْفُ عَنْ سَيِّئَاتِي كَمَا ضَمِنْتَ، وأَوْجِبْ لِي مَحَبَّتَكَ كَمَا شَرَطْتَ
ولَكَ يَا رَبِّ شَرْطِي أَلَّا أَعُودَ فِي مَكْرُوهِكَ، وضَمَانِي أَنْ لَا
أَرْجِعَ فِي مَذْمُومِكَ، وعَهْدِي أَنْ أَهْجُرَ جَمِيعَ مَعَاصِيكَ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِمَا عَمِلْتُ
فَاغْفِرْ لِي مَا عَلِمْتَ، واصْرِفْنِي بِقُدْرَتِكَ إِلَى مَا أَحْبَبْتَ.
اللَّهُمَّ وعَلَيَّ تَبِعَاتٌ قَدْ
حَفِظْتُهُنَّ، وتَبِعَاتٌ قَدْ نَسِيتُهُنَّ، وكُلُّهُنَّ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا
تَنَامُ، وعِلْمِكَ الَّذِي لَا يَنْسَى، فَعَوِّضْ مِنْهَا أَهْلَهَا، واحْطُطْ
عَنِّي وِزْرَهَا، وخَفِّفْ عَنِّي ثِقْلَهَا، واعْصِمْنِي مِنْ أَنْ أُقَارِفَ
مِثْلَهَا.
اللَّهُمَّ وإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِي
بِالتَّوْبَةِ إِلَّا بِعِصْمَتِكَ، ولَا اسْتِمْسَاكَ بِي عَنِ الْخَطَايَا إِلَّا
عَنْ قُوَّتِكَ، فَقَوِّنِي بِقُوَّةٍ كَافِيَةٍ، وتَوَلَّنِي بِعِصْمَةٍ
مَانِعَةٍ.
اللَّهُمَّ أَيُّمَا عَبْدٍ تَابَ إِلَيْكَ
وهُوَ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ فَاسِخٌ لِتَوْبَتِهِ، وعَائِدٌ فِي ذَنْبِهِ
وخَطِيئَتِهِ، فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَكُونَ كَذَلِكَ، فَاجْعَلْ تَوْبَتِي
هَذِهِ تَوْبَةً لَا أَحْتَاجُ بَعْدَهَا إِلَى تَوْبَةٍ، تَوْبَةً مُوجِبَةً
لِمَحْوِ مَا سَلَفَ، والسَّلَامَةِ فِيمَا بَقِيَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ
جَهْلِي، وأَسْتَوْهِبُكَ سُوءَ فِعْلِي، فَاضْمُمْنِي إِلَى كَنَفِ رَحْمَتِكَ
تَطَوُّلًا، واسْتُرْنِي بِسِتْرِ عَافِيَتِكَ تَفَضُّلًا.
اللَّهُمَّ وإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ مِنْ
كُلِّ مَا خَالَفَ إِرَادَتَكَ، أَوْ زَالَ عَنْ مَحَبَّتِكَ مِنْ خَطَرَاتِ
قَلْبِي، ولَحَظَاتِ عَيْنِي، وحِكَايَاتِ لِسَانِي، تَوْبَةً تَسْلَمُ بِهَا كُلُّ
جَارِحَةٍ عَلَى حِيَالِهَا مِنْ تَبِعَاتِكَ، وتَأْمَنُ مِمَا يَخَافُ
الْمُعْتَدُونَ مِنْ أَلِيمِ سَطَوَاتِكَ.
اللَّهُمَّ فَارْحَمْ وَحْدَتِي بَيْنَ
يَدَيْكَ، ووَجِيبَ قَلْبِي مِنْ خَشْيَتِكَ، واضْطِرَابَ أَرْكَانِي مِنْ
هَيْبَتِكَ، فَقَدْ أَقَامَتْنِي يَا رَبِّ ذُنُوبِي مَقَامَ الْخِزْيِ
بِفِنَائِكَ، فَإِنْ سَكَتُّ لَمْ يَنْطِقْ عَنِّي أَحَدٌ، وإِنْ شَفَعْتُ فَلَسْتُ
بِأَهْلِ الشَّفَاعَةِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وشَفِّعْ فِي خَطَايَايَ كَرَمَكَ، وعُدْ عَلَى سَيِّئَاتِي بِعَفْوِكَ، ولَا
تَجْزِنِي جَزَائِي مِنْ عُقُوبَتِكَ، وابْسُطْ عَلَيَّ طَوْلَكَ، وجَلِّلْنِي
بِسِتْرِكَ، وافْعَلْ بِي فِعْلَ عَزِيزٍ تَضَرَّعَ إِلَيْهِ عَبْدٌ ذَلِيلٌ
فَرَحِمَهُ، أَوْ غَنِيٍّ تَعَرَّضَ لَهُ عَبْدٌ فَقِيرٌ فَنَعَشَهُ.
اللَّهُمَّ لَا خَفِيرَ لِي مِنْكَ
فَلْيَخْفُرْنِي عِزُّكَ، ولَا شَفِيعَ لِي إِلَيْكَ فَلْيَشْفَعْ لِي فَضْلُكَ،
وقَدْ أَوْجَلَتْنِي خَطَايَايَ فَلْيُؤْمِنِّي عَفْوُكَ. فَمَا كُلُّ مَا نَطَقْتُ
بِهِ عَنْ جَهْلٍ مِنِّي بِسُوءِ أَثَرِي، ولَا نِسْيَانٍ لِمَا سَبَقَ مِنْ
ذَمِيمِ فِعْلِي، لَكِنْ لِتَسْمَعَ سَمَاؤُكَ ومَنْ فِيهَا وأَرْضُكَ ومَنْ
عَلَيْهَا مَا أَظْهَرْتُ لَكَ مِنَ النَّدَمِ، ولَجَأْتُ إِلَيْكَ فِيهِ مِنَ
التَّوْبَةِ. فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَرْحَمُنِي لِسُوءِ مَوْقِفِي،
أَوْ تُدْرِكُهُ الرِّقَّةُ عَلَيَّ لِسُوءِ حَالِي فَيَنَالَنِي مِنْهُ بِدَعْوَةٍ
هِيَ أَسْمَعُ لَدَيْكَ مِنْ دُعَائِي، أَوْ شَفَاعَةٍ أَوْكَدُ عِنْدَكَ مِنْ
شَفَاعَتِي تَكُونُ بِهَا نَجَاتِي مِنْ غَضَبِكَ وفَوْزَتِي بِرِضَاكَ.
اللَّهُمَّ إِنْ يَكُنِ النَّدَمُ تَوْبَةً
إِلَيْكَ فَأَنَا أَنْدَمُ النَّادِمِينَ، وإِنْ يَكُنِ التَّرْكُ لِمَعْصِيَتِكَ
إِنَابَةً فَأَنَا أَوَّلُ الْمُنِيبِينَ، وإِنْ يَكُنِ الِاسْتِغْفَارُ حِطَّةً
لِلذُّنُوبِ فَإِنِّي لَكَ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ.
اللَّهُمَّ فَكَمَا أَمَرْتَ بِالتَّوْبَةِ،
وضَمِنْتَ الْقَبُولَ، وحَثَثْتَ عَلَى الدُّعَاءِ، ووَعَدْتَ الْإِجَابَةَ،
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واقْبَلْ تَوْبَتِي، ولَا تَرْجِعْنِي مَرْجِعَ
الْخَيْبَةِ مِنْ رَحْمَتِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ عَلَى الْمُذْنِبِينَ،
والرَّحِيمُ لِلْخَاطِئِينَ الْمُنِيبِينَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، كَمَا هَدَيْتَنَا بِهِ، وصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، كَمَا اسْتَنْقَذْتَنَا بِهِ، وصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، صَلَاةً تَشْفَعُ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ويَوْمَ الْفَاقَةِ إِلَيْكَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وهُوَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ.
اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمُلْكِ الْمُتَأَبِّدِ
بِالْخُلُودِ
والسُّلْطَانِ الْمُمْتَنِعِ بِغَيْرِ جُنُودٍ ولَا أَعْوَانٍ. والْعِزِّ
الْبَاقِي عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ وخَوَالِي الْأَعْوَامِ ومَوَاضِي الْأَزمَانِ
والْأَيَّامِ عَزَّ سُلْطَانُكَ
عِزّاً لَا حَدَّ لَهُ بِأَوَّلِيَّةٍ، ولَا مُنْتَهَى لَهُ بِآخِرِيَّةٍ واسْتَعْلَى مُلْكُكَ عَلُوّاً سَقَطَتِ
الْأَشْيَاءُ دُونَ بُلُوغِ أَمَدِهِ
ولَا يَبْلُغُ أَدْنَى مَا اسْتَأْثَرْتَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ أَقْصَى نَعْتِ
النَّاعِتِينَ. ضَلَّتْ فِيكَ الصِّفَاتُ، وتَفَسَّخَتْ دُونَكَ النُّعُوتُ،
وحَارَتْ فِي كِبْرِيَائِكَ لَطَائِفُ الْأَوْهَامِ كَذَلِكَ أَنْتَ اللَّهُ الْأَوَّلُ فِي
أَوَّلِيَّتِكَ، وعَلَى ذَلِكَ أَنْتَ دَائِمٌ لَا تَزُولُ وأَنَا الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَمَلًا،
الْجَسِيمُ أَمَلًا، خَرَجَتْ مِنْ يَدِي أَسْبَابُ الْوُصُلَاتِ إِلَّا مَا
وَصَلَهُ رَحْمَتُكَ، وتَقَطَّعَتْ عَنِّي عِصَمُ الْآمَالِ إِلَّا مَا أَنَا
مُعْتَصِمٌ بِهِ مِنْ عَفْوِكَ قَلَّ
عِنْدِي مَا أَعْتَدُّ بِهِ مِنْ طَاعَتِكَ، وكَثُرَ عَلَيَّ مَا أَبُوءُ بِهِ مِنْ
مَعْصِيَتِكَ ولَنْ يَضِيقَ عَلَيْكَ عَفْوٌ عَنْ عَبْدِكَ وإِنْ أَسَاءَ، فَاعْفُ
عَنِّي.
اللَّهُمَّ وقَدْ أَشْرَفَ عَلَى خَفَايَا
الْأَعْمَالِ عِلْمُكَ، وانْكَشَفَ كُلُّ مَسْتُورٍ دُونَ خُبْرِكَ، ولَا تَنْطَوِي
عَنْكَ دَقَائِقُ الْأُمُورِ، ولَا تَعْزُبُ عَنْكَ غَيِّبَاتُ السَّرَائِرِ
وقَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيَّ عَدُوُّكَ الَّذِي اسْتَنْظَرَكَ لِغَوَايَتِي
فَأَنْظَرْتَهُ، واسْتَمْهَلَكَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ لِإِضْلَالِي
فَأَمْهَلْتَهُ. فَأَوْقَعَنِي وقَدْ هَرَبْتُ إِلَيْكَ مِنْ صَغَائِرِ ذُنُوبٍ
مُوبِقَةٍ، وكَبَائِرِ أَعْمَالٍ مُرْدِيَةٍ حَتَّى إِذَا قَارَفْتُ مَعْصِيَتَكَ،
واسْتَوْجَبْتُ بِسُوءِ سَعْيِي سَخْطَتَكَ، فَتَلَ عَنِّي عِذَارَ غَدْرِهِ،
وتَلَقَّانِي بِكَلِمَةِ كُفْرِهِ، وتَوَلَّى الْبَرَاءَةَ مِنِّي، وأَدْبَرَ
مُوَلِّياً عَنِّي، فَأَصْحَرَنِي لِغَضَبِكَ فَرِيداً، وأَخْرَجَنِي إِلَى فِنَاءِ
نَقِمَتِكَ طَرِيداً. لَا شَفِيعٌ يَشْفَعُ لِي إِلَيْكَ، ولَا خَفِيرٌ يُؤْمِنُنِي
عَلَيْكَ، ولَا حِصْنٌ يَحْجُبُنِي عَنْكَ، ولَا مَلَاذٌ أَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنْكَ.
فَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ، ومَحَلُّ الْمُعْتَرِفِ لَكَ، فَلَا يَضِيقَنَّ
عَنِّي فَضْلُكَ، ولَا يَقْصُرَنَّ دُونِي عَفْوُكَ، ولَا أَكُنْ أَخْيَبَ
عِبَادِكَ التَّائِبِينَ، ولَا أَقْنَطَ وُفُودِكَ الْآمِلِينَ، واغْفِرْ لِي،
إِنَّكَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي فَتَرَكْتُ،
ونَهَيْتَنِي فَرَكِبْتُ، وسَوَّلَ لِيَ الْخَطَاءَ خَاطِرُ السُّوءِ فَفَرَّطْتُ.
ولَا أَسْتَشْهِدُ عَلَى صِيَامِي نَهَاراً، ولَا أَسْتَجِيرُ بِتَهَجُّدِي
لَيْلًا، ولَا تُثْنِي عَلَيَّ بِإِحْيَائِهَا سُنَّةٌ حَاشَا فُرُوضِكَ الَّتِي
مَنْ ضَيَّعَهَا هَلَكَ. ولَسْتُ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَضْلِ نَافِلَةٍ مَعَ
كَثِيرِ مَا أَغْفَلْتُ مِنْ وَظَائِفِ فُرُوضِكَ، وتَعَدَّيْتُ عَنْ مَقَامَاتِ
حُدُودِكَ إِلَى حُرُمَاتٍ انْتَهَكْتُهَا، وكَبَائِرِ ذُنُوبٍ اجْتَرَحْتُهَا،
كَانَتْ عَافِيَتُكَ لِي مِنْ فَضَائِحِهَا سِتْراً. وهَذَا مَقَامُ مَنِ
اسْتَحْيَا لِنَفْسِهِ مِنْكَ، وسَخِطَ عَلَيْهَا، ورَضِيَ عَنْكَ، فَتَلَقَّاكَ
بِنَفْسٍ خَاشِعَةٍ، ورَقَبَةٍ خَاضِعَةٍ، وظَهْرٍ مُثْقَلٍ مِنَ الْخَطَايَا
وَاقِفاً بَيْنَ الرَّغْبَةِ إِلَيْكَ والرَّهْبَةِ مِنْكَ. وأَنْتَ أَوْلَى مَنْ
رَجَاهُ، وأَحَقُّ مَنْ خَشِيَهُ واتَّقَاهُ، فَأَعْطِنِي يَا رَبِّ مَا رَجَوْتُ،
وآمِنِّي مَا حَذِرْتُ، وعُدْ عَلَيَّ بِعَائِدَةِ رَحْمَتِكَ، إِنَّكَ أَكْرَمُ
الْمَسْئُولِينَ.
اللَّهُمَّ وإِذْ سَتَرْتَنِي بِعَفْوِكَ،
وتَغَمَّدْتَنِي بِفَضْلِكَ فِي دَارِ الْفَنَاءِ بِحَضْرَةِ الْأَكْفَاءِ،
فَأَجِرْنِي مِنْ فَضِيحَاتِ دَارِ الْبَقَاءِ عِنْدَ مَوَاقِفِ الْأَشْهَادِ مِنَ
الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، والرُّسُلِ الْمُكَرَّمِينَ، والشُّهَدَاءِ
والصَّالِحِينَ، مِنْ جَارٍ كُنْتُ أُكَاتِمُهُ سَيِّئَاتِي، ومِنْ ذِي رَحِمٍ
كُنْتُ أَحْتَشِمُ مِنْهُ فِي سَرِيرَاتِي. لَمْ أَثِقْ بِهِمْ رَبِّ فِي السِّتْرِ
عَلَيَّ، ووَثِقْتُ بِكَ رَبِّ فِي الْمَغْفِرَةِ لِي، وأَنْتَ أَوْلَى مَنْ وُثِقَ
بِهِ، وأَعْطَى مَنْ رُغِبَ إِلَيْهِ، وأَرْأَفُ مَنِ اسْتُرْحِمَ، فَارْحَمْنِي.
اللَّهُمَّ وأَنْتَ حَدَرْتَنِي مَاءً
مَهِيناً مِنْ صُلْبٍ مُتَضَايِقِ الْعِظَامِ، حَرِجِ الْمَسَالِكِ إِلَى رَحِمٍ
ضَيِّقَةٍ سَتَرْتَهَا بِالْحُجُبِ، تُصَرِّفُنِي حَالًا عَنْ حَالٍ حَتَّى
انْتَهَيْتَ بِي إِلَى تَمَامِ الصُّورَةِ، وأَثْبَتَّ فِيَّ الْجَوَارِحَ كَمَا
نَعَتَّ فِي كِتَابِكَ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عَظْماً ثُمَّ
كَسَوْتَ الْعِظَامَ لَحْماً، ثُمَّ أَنْشَأْتَنِي خَلْقاً آخَرَ كَمَا شِئْتَ.
حَتَّى إِذَا احْتَجْتُ إِلَى رِزْقِكَ، ولَمْ أَسْتَغْنِ عَنْ غِيَاثِ فَضْلِكَ،
جَعَلْتَ لِي قُوتاً مِنْ فَضْلِ طَعَامٍ وشَرَابٍ أَجْرَيْتَهُ لِأَمَتِكَ الَّتِي
أَسْكَنْتَنِي جَوْفَهَا، وأَوْدَعْتَنِي قَرَارَ رَحِمِهَا. ولَوْ تَكِلُنِي يَا
رَبِّ فِي تِلْكَ الْحَالَاتِ إِلَى حَوْلِي، أَوْ تَضْطَرُّنِي إِلَى قُوَّتِي
لَكَانَ الْحَوْلُ عَنِّي مُعْتَزِلًا، ولَكَانَتِ الْقُوَّةُ مِنِّي بَعِيدَةً.
فَغَذَوْتَنِي بِفَضْلِكَ غِذَاءَ الْبَرِّ اللَّطِيفِ، تَفْعَلُ ذَلِكَ بِي
تَطَوُّلًا عَلَيَّ إِلَى غَايَتِي هَذِهِ، لَا أَعْدَمُ بِرَّكَ، ولَا يُبْطِئُ
بِي حُسْنُ صَنِيعِكَ، ولَا تَتَأَكَّدُ مَعَ ذَلِكَ ثِقَتِي فَأَتَفَرَّغَ لِمَا
هُوَ أَحْظَى لِي عِنْدَكَ. قَدْ مَلَكَ الشَّيْطَانُ عِنَانِي فِي سُوءِ الظَّنِّ
وضَعْفِ الْيَقِينِ، فَأَنَا أَشْكُو سُوءَ مُجَاوَرَتِهِ لِي، وطَاعَةَ نَفْسِي
لَهُ، وأَسْتَعْصِمُكَ مِنْ مَلَكَتِهِ، وأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ فِي صَرْفِ كَيْدِهِ
عَنِّي. وأَسْأَلُكَ فِي أَنْ تُسَهِّلَ إِلَى رِزْقِي سَبِيلًا، فَلَكَ الْحَمْدُ
عَلَى ابْتِدَائِكَ بِالنِّعَمِ الْجِسَامِ، وإِلْهَامِكَ الشُّكْرَ عَلَى
الْإِحْسَانِ والْإِنْعَامِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وسَهِّلْ عَلَيَّ
رِزْقِي، وأَنْ تُقَنِّعَنِي بِتَقْدِيرِكَ لِي، وأَنْ تُرْضِيَنِي بِحِصَّتِي
فِيمَا قَسَمْتَ لِي، وأَنْ تَجْعَلَ مَا ذَهَبَ مِنْ جِسْمِي وعُمُرِي فِي سَبِيلِ
طَاعَتِكَ، إِنَّكَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ نَارٍ
تَغَلَّظْتَ بِهَا عَلَى مَنْ عَصَاكَ، وتَوَعَّدْتَ بِهَا مَنْ صَدَفَ عَنْ
رِضَاكَ، ومِنْ نَارٍ نُورُهَا ظُلْمَةٌ، وهَيِّنُهَا أَلِيمٌ، وبَعِيدُهَا
قَرِيبٌ، ومِنْ نَارٍ يَأْكُلُ بَعْضَهَا بَعْضٌ، ويَصُولُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.
ومِنْ نَارٍ تَذَرُ الْعِظَامَ رَمِيماً، وتَسقِي أَهْلَهَا حَمِيماً، ومِنْ نَارٍ
لَا تُبْقِي عَلَى مَنْ تَضَرَّعَ إِلَيْهَا، ولَا تَرْحَمُ مَنِ اسْتَعْطَفَهَا،
ولَا تَقْدِرُ عَلَى التَّخْفِيفِ عَمَّنْ خَشَعَ لَهَا واسْتَسْلَمَ إِلَيْهَا
تَلْقَى سُكَّانَهَا بِأَحَرِّ مَا لَدَيْهَا مِنْ أَلِيمِ النَّكَالِ وشَدِيدِ
الْوَبَالِ وأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَقَارِبِهَا الْفَاغِرَةِ أَفْوَاهُهَا،
وحَيَّاتِهَا الصَّالِقَةِ بِأَنْيَابِهَا، وشَرَابِهَا الَّذِي يُقَطِّعُ
أَمْعَاءَ وأَفْئِدَةَ سُكَّانِهَا، ويَنْزِعُ قُلُوبَهُمْ، وأَسْتَهْدِيكَ لِمَا
بَاعَدَ مِنْهَا، وأَخَّرَ عَنْهَا.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وأَجِرْنِي مِنْهَا بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ، وأَقِلْنِي عَثَرَاتِي بِحُسْنِ
إِقَالَتِكَ، ولَا تَخْذُلْنِي يَا خَيْرَ الْمُجِيرِينَ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَقِي الْكَرِيهَةَ،
وتُعْطِي الْحَسَنَةَ، وتَفْعَلُ مَا تُرِيدُ، وأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، إِذَا ذُكِرَ الْأَبْرَارُ، وصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ والنَّهَارُ، صَلَاةً لَا يَنْقَطِعُ مَدَدُهَا، ولَا يُحْصَى عَدَدُهَا، صَلَاةً تَشْحَنُ الْهَوَاءَ، وتَمْلَأُ الْأَرْضَ والسَّمَاءَ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْضَى، وصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ بَعْدَ الرِّضَا، صَلَاةً لَا حَدَّ لَهَا ولَا مُنْتَهَى، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ إِنِيِّ أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واقْضِ لِي بِالْخِيَرَةِ وأَلْهِمْنَا مَعْرِفَةَ الِاخْتِيَارِ، واجْعَلْ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى الرِّضَا بِمَا قَضَيْتَ لَنَا والتَّسْلِيمِ لِمَا حَكَمْتَ فَأَزِحْ عَنَّا رَيْبَ الِارْتِيَابِ، وأَيِّدْنَا بِيَقِينِ الْمُخْلِصِينَ. ولَا تَسُمْنَا عَجْزَ الْمَعْرِفَةِ عَمَّا تَخَيَّرْتَ فَنَغْمِطَ قَدْرَكَ، ونَكْرَهَ مَوْضِعَ رِضَاكَ، ونَجْنَحَ إِلَى الَّتِي هِيَ أَبْعَدُ مِنْ حُسْنِ الْعَاقِبَةِ، وأَقْرَبُ إِلَى ضِدِّ الْعَافِيَةِ ، حَبِّبْ إِلَيْنَا مَا نَكْرَهُ مِنْ قَضَائِكَ، وسَهِّلْ عَلَيْنَا مَا نَسْتَصْعِبُ مِنْ حُكْمِكَ وأَلْهِمْنَا الِانْقِيَادَ لِمَا أَوْرَدْتَ عَلَيْنَا مِنْ مَشِيَّتِكَ حَتَّى لَا نُحِبَّ تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ، ولَا تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ، ولَا نَكْرَهَ مَا أَحْبَبْتَ، ولَا نَتَخَيَّرَ مَا كَرِهْتَ. واخْتِمْ لَنَا بِالَّتِي هِيَ أَحْمَدُ عَاقِبَةً، وأَكْرَمُ مَصِيراً، إِنَّكَ تُفِيدُ الْكَرِيمَةَ، وتُعْطِي الْجَسِيمَةَ، وتَفْعَلُ مَا تُرِيدُ، وأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سِتْرِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ، ومُعَافَاتِكَ بَعْدَ خُبْرِكَ، فَكُلُّنَا قَدِ اقْتَرَفَ الْعَائِبَةَ فَلَمْ تَشْهَرْهُ، وارْتَكَبَ الْفَاحِشَةَ فَلَمْ تَفْضَحْهُ، وتَسَتَّرَ بِالْمَسَاوِئِ فَلَمْ تَدْلُلْ عَلَيْهِ. كَمْ نَهْيٍ لَكَ قَدْ أَتَيْنَاهُ، وأَمْرٍ قَدْ وَقَفْتَنَا عَلَيْهِ فَتَعَدَّيْنَاهُ، وسَيِّئَةٍ اكْتَسَبْنَاهَا، وخَطِيئَةٍ ارْتَكَبْنَاهَا، كُنْتَ الْمُطَّلِعَ عَلَيْهَا دُونَ النَّاظِرِينَ، والْقَادِرَ عَلَى إِعْلَانِهَا فَوْقَ الْقَادِرِينَ، كَانَتْ عَافِيَتُكَ لَنَا حِجَاباً دُونَ أَبْصَارِهِمْ، ورَدْماً دُونَ أَسْمَاعِهِمْ فَاجْعَلْ مَا سَتَرْتَ مِنَ الْعَوْرَةِ، وأَخْفَيْتَ مِنَ الدَّخِيلَةِ، وَاعِظاً لَنَا، وزَاجِراً عَنْ سُوءِ الْخُلُقِ، واقْتِرَافِ الْخَطِيئَةِ، وسَعْياً إِلَى التَّوْبَةِ الْمَاحِيَةِ، والطَّرِيقِ الْمَحْمُودَةِ وقَرِّبِ الْوَقْتَ فِيهِ، ولَا تَسُمْنَا الْغَفْلَةَ عَنْكَ، إِنَّا إِلَيْكَ رَاغِبُونَ، ومِنَ الذُّنُوبِ تَائِبُونَ. وصَلِّ عَلَى خِيَرَتِكَ اللَّهُمَّ مِنْ خَلْقِكَ مُحَمَّدٍ وعِتْرَتِهِ الصِّفْوَةِ مِنْ بَرِيَّتِكَ الطَّاهِرِينَ، واجْعَلْنَا لَهُمْ سَامِعِينَ ومُطِيعِينَ كَمَا أَمَرْتَ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ رِضًى بِحُكْمِ اللَّهِ،
شَهِدْتُ أَنَّ اللَّهَ قَسَمَ مَعَايِشَ عِبَادِهِ بِالْعَدْلِ، وأَخَذَ عَلَى
جَمِيعِ خَلْقِهِ بِالْفَضْلِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
ولَا تَفْتِنِّي بِمَا أَعْطَيْتَهُمْ، ولَا تَفْتِنْهُمْ بِمَا مَنَعْتَنِي
فَأَحْسُدَ خَلْقَكَ، وأَغْمَطَ حُكْمَكَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وطَيِّبْ بِقَضَائِكَ نَفْسِي، ووَسِّعْ بِمَوَاقِعِ حُكْمِكَ صَدْرِي، وهَبْ لِيَ الثِّقَةَ لِأُقِرَّ مَعَهَا بِأَنَّ قَضَاءَكَ لَمْ يَجْرِ إِلَّا بِالْخِيَرَةِ، واجْعَلْ شُكْرِي لَكَ عَلَى مَا زَوَيْتَ عَنِّي أَوْفَرَ مِنْ شُكْرِي إِيَّاكَ عَلَى مَا خَوَّلْتَنِي واعْصِمْنِي مِنْ أَنْ أَظُنَّ بِذِي عَدَمٍ خَسَاسَةً، أَوْ أَظُنَّ بِصَاحِبِ ثَرْوَةٍ فَضْلًا، فَإِنَّ الشَّرِيفَ مَنْ شَرَّفَتْهُ طَاعَتُكَ، والْعَزِيزَ مَنْ أَعَزَّتْهُ عِبَادَتُكَ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، ومَتِّعْنَا بِثَرْوَةٍ لَا تَنْفَدُ، وأَيِّدْنَا بِعِزٍّ لَا يُفْقَدُ، واسْرَحْنَا فِي مُلْكِ الْأَبَدِ، إِنَّكَ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ تَلِدْ ولَمْ تُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ.
اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَيْنِ آيَتَانِ مِنْ
آيَاتِكَ، وهَذَيْنِ عَوْنَانِ مِنْ أَعْوَانِكَ، يَبْتَدِرَانِ طَاعَتَكَ
بِرَحْمَةٍ نَافِعَةٍ أَوْ نَقِمَةٍ ضَارَّةٍ، فَلَا تُمْطِرْنَا بِهِمَا مَطَرَ
السَّوْءِ، ولَا تُلْبِسْنَا بِهِمَا لِبَاسَ الْبَلَاءِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وأَنْزِلْ عَلَيْنَا نَفْعَ هَذِهِ السَّحَائِبِ وبَرَكَتَهَا، واصْرِفْ عَنَّا
أَذَاهَا ومَضَرَّتَهَا، ولَا تُصِبْنَا فِيهَا بِآفَةٍ، ولَا تُرْسِلْ عَلَى
مَعَايِشِنَا عَاهَةً.
اللَّهُمَّ وإِنْ كُنْتَ بَعَثْتَهَا
نَقِمَةً وأَرْسَلْتَهَا سَخْطَةً فَإِنَّا نَسْتَجِيرُكَ مِنْ غَضَبِكَ،
ونَبْتَهِلُ إِلَيْكَ فِي سُؤَالِ عَفْوِكَ، فَمِلْ بِالْغَضَبِ إِلَى
الْمُشْرِكِينَ، وأَدِرْ رَحَى نَقِمَتِكَ عَلَى الْمُلْحِدِينَ.
اللَّهُمَّ أَذْهِبْ مَحْلَ بِلَادِنَا بِسُقْيَاكَ، وأَخْرِجْ وَحَرَ صُدُورِنَا بِرِزْقِكَ، ولَا تَشْغَلْنَا عَنْكَ بِغَيْرِكَ، ولَا تَقْطَعْ عَنْ كَافَّتِنَا مَادَّةَ بِرِّكَ، فَإِنَّ الْغَنِيَّ مَنْ أَغْنَيْتَ، وإِنَّ السَّالِمَ مَنْ وَقَيْتَ مَا عِنْدَ أَحَدٍ دُونَكَ دِفَاعٌ، ولَا بِأَحَدٍ عَنْ سَطْوَتِكَ امْتِنَاعٌ، تَحْكُمُ بِمَا شِئْتَ عَلَى مَنْ شِئْتَ، وتَقْضِي بِمَا أَرَدْتَ فِيمَنْ أَرَدْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا وَقَيْتَنَا مِنَ الْبَلَاءِ، ولَكَ الشُّكْرُ عَلَى مَا خَوَّلْتَنَا مِنَ النَّعْمَاءِ، حَمْداً يُخَلِّفُ حَمْدَ الْحَامِدِينَ وَرَاءَهُ، حَمْداً يَمْلَأُ أَرْضَهُ وسَمَاءَهُ إِنَّكَ الْمَنَّانُ بِجَسِيمِ الْمِنَنِ، الْوَهَّابُ لِعَظِيمِ النِّعَمِ، الْقَابِلُ يَسِيرَ الْحَمْدِ، الشَّاكِرُ قَلِيلَ الشُّكْرِ، الْمُحْسِنُ الْمُجْمِلُ ذُو الطَّوْلِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، إِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
اللَّهُمَّ إِنَّ أَحَداً لَا يَبْلُغُ مِنْ شُكْرِكَ غَايَةً إِلَّا حَصَلَ عَلَيْهِ مِنْ إِحْسَانِكَ مَا يُلْزِمُهُ شُكْراً. ولَا يَبْلُغُ مَبْلَغاً مِنْ طَاعَتِكَ وإِنِ اجْتَهَدَ إِلَّا كَانَ مُقَصِّراً دُونَ اسْتِحْقَاقِكَ بِفَضْلِكَ فَأَشْكَرُ عِبَادِكَ عَاجِزٌ عَنْ شُكْرِكَ، وأَعْبَدُهُمْ مُقَصِّرٌ عَنْ طَاعَتِكَ لَا يَجِبُ لِأَحَدٍ أَنْ تَغْفِرَ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ، ولَا أَنْ تَرْضَى عَنْهُ بِاسْتِيجَابِهِ فَمَنْ غَفَرْتَ لَهُ فَبِطَوْلِكَ، ومَنْ رَضِيتَ عَنْهُ فَبِفَضْلِكَ تَشْكُرُ يَسِيرَ مَا شَكَرْتَهُ، وتُثِيبُ عَلَى قَلِيلِ مَا تُطَاعُ فِيهِ حَتَّى كَأَنَّ شُكْرَ عِبَادِكَ الَّذِي أَوْجَبْتَ عَلَيْهِ ثَوَابَهُمْ وأَعْظَمْتَ عَنْهُ جَزَاءَهُمْ أَمْرٌ مَلَكُوا اسْتِطَاعَةَ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ دُونَكَ فَكَافَيْتَهُمْ، أَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ بِيَدِكَ فَجَازَيْتَهُمْ بَلْ مَلَكْتَ يَا إِلَهِي أَمْرَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكُوا عِبَادَتَكَ، وأَعْدَدْتَ ثَوَابَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُفِيضُوا فِي طَاعَتِكَ، وذَلِكَ أَنَّ سُنَّتَكَ الْإِفْضَالُ، وعَادَتَكَ الْإِحْسَانُ، وسَبِيلَكَ الْعَفْوُ فَكُلُّ الْبَرِيَّةِ مُعْتَرِفَةٌ بِأَنَّكَ غَيْرُ ظَالِمٍ لِمَنْ عَاقَبْتَ، وشَاهِدَةٌ بِأَنَّكَ مُتَفَضَّلٌ عَلَى مَنْ عَافَيْتَ، وكُلٌّ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّقْصِيرِ عَمَّا اسْتَوْجَبْتَ فَلَوْ لَا أَنَّ الشَّيْطَانَ يَخْتَدِعُهُمْ عَنْ طَاعَتِكَ مَا عَصَاكَ عَاصٍ، ولَوْ لَا أَنَّهُ صَوَّرَ لَهُمُ الْبَاطِلَ فِي مِثَالِ الْحَقِّ مَا ضَلَّ عَنْ طَرِيقِكَ ضَالٌّ فَسُبْحَانَكَ مَا أَبْيَنَ كَرَمَكَ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ أَطَاعَكَ أَوْ عَصَاكَ تَشْكُرُ لِلْمُطِيعِ مَا أَنْتَ تَوَلَّيْتَهُ لَهُ، وتُمْلِي لِلْعَاصِي فِيمَا تَمْلِكُ مُعَاجَلَتَهُ فِيهِ. أَعْطَيْتَ كُلًّا مِنْهُمَا مَا لَمْ يَجِبْ لَهُ، وتَفَضَّلْتَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا يَقْصُرُ عَمَلُهُ عَنْهُ. ولَوْ كَافَأْتَ الْمُطِيعَ عَلَى مَا أَنْتَ تَوَلَّيْتَهُ لَأَوْشَكَ أَنْ يَفْقِدَ ثَوَابَكَ، وأَنْ تَزُولَ عَنْهُ نِعْمَتُكَ، ولَكِنَّكَ بِكَرَمِكَ جَازَيْتَهُ عَلَى الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ الْفَانِيَةِ بِالْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ الْخَالِدَةِ، وعَلَى الْغَايَةِ الْقَرِيبَةِ الزَّائِلَةِ بِالْغَايَةِ الْمَدِيدَةِ الْبَاقِيَةِ. ثُمَّ لَمْ تَسُمْهُ الْقِصَاصَ فِيمَا أَكَلَ مِنْ رِزْقِكَ الَّذِي يَقْوَى بِهِ عَلَى طَاعَتِكَ، ولَمْ تَحْمِلْهُ عَلَى الْمُنَاقَشَاتِ فِي الْآلَاتِ الَّتِي تَسَبَّبَ بِاسْتِعْمَالِهَا إِلَى مَغْفِرَتِكَ، ولَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِهِ لَذَهَبَ بِجَمِيعِ مَا كَدَحَ لَهُ وجُمْلَةِ مَا سَعَى فِيهِ جَزَاءً لِلصُّغْرَى مِنْ أَيَادِيكَ ومِنَنِكَ، ولَبَقِيَ رَهِيناً بَيْنَ يَدَيْكَ بِسَائِرِ نِعَمِكَ، فَمَتَى كَانَ يَسْتَحِقُّ شَيْئاً مِنْ ثَوَابِكَ لَا مَتَى هَذَا يَا إِلَهِي حَالُ مَنْ أَطَاعَكَ، وسَبِيلُ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ، فَأَمَّا الْعَاصِي أَمْرَكَ والْمُوَاقِعُ نَهْيَكَ فَلَمْ تُعَاجِلْهُ بِنَقِمَتِكَ لِكَيْ يَسْتَبْدِلَ بِحَالِهِ فِي مَعْصِيَتِكَ حَالَ الْإِنَابَةِ إِلَى طَاعَتِكَ، ولَقَدْ كَانَ يَسْتَحِقُّ فِي أَوَّلِ مَا هَمَّ بِعِصْيَانِكَ كُلَّ مَا أَعْدَدْتَ لِجَمِيعِ خَلْقِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ. فَجَمِيعُ مَا أَخَّرْتَ عَنْهُ مِنَ الْعَذَابِ وأَبْطَأْتَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ سَطَوَاتِ النَّقِمَةِ والْعِقَابِ تَرْكٌ مِنْ حَقِّكَ، ورِضًى بِدُونِ وَاجِبِكَ ، فَمَنْ أَكْرَمُ يَا إِلَهِي مِنْكَ، ومَنْ أَشْقَى مِمَّنْ هَلَكَ عَلَيْكَ لَا مَنْ فَتَبَارَكْتَ أَنْ تُوصَفَ إِلَّا بِالْإِحْسَانِ، وكَرُمْتَ أَنْ يُخَافَ مِنْكَ إِلَّا الْعَدْلُ، لَا يُخْشَى جَوْرُكَ عَلَى مَنْ عَصَاكَ، ولَا يُخَافُ إِغْفَالُكَ ثَوَابَ مَنْ أَرْضَاكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وهَبْ لِي أَمَلِي، وزِدْنِي مِنْ هُدَاكَ مَا أَصِلُ بِهِ إِلَى التَّوْفِيقِ فِي عَمَلِي، إِنَّكَ مَنَّانٌ كَرِيمٌ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ مَظْلُومٍ ظُلِمَ بِحَضْرَتِي فَلَمْ أَنْصُرْهُ، ومِنْ مَعْرُوفٍ أُسْدِيَ إِلَيَّ فَلَمْ أَشْكُرْهُ، ومِنْ مُسِيءٍ اعْتَذَرَ إِلَيَّ فَلَمْ أَعْذِرْهُ، ومِنْ ذِي فَاقَةٍ سَأَلَنِي فَلَمْ أُوثِرْهُ، ومِنْ حَقِّ ذِي حَقٍّ لَزِمَنِي لِمُؤْمِنٍ فَلَمْ أُوَفِّرْهُ، ومِنْ عَيْبِ مُؤْمِنٍ ظَهَرَ لِي فَلَمْ أَسْتُرْهُ، ومِنْ كُلِّ إِثْمٍ عَرَضَ لِي فَلَمْ أَهْجُرْهُ. أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ يَا إِلَهِي مِنْهُنَّ ومِنْ نَظَائِرِهِنَّ اعْتِذَارَ نَدَامَةٍ يَكُونُ وَاعِظاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ أَشْبَاهِهِنَّ. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واجْعَلْ نَدَامَتِي عَلَى مَا وَقَعْتُ فِيهِ مِنَ الزَّلَّاتِ، وعَزْمِي عَلَى تَرْكِ مَا يَعْرِضُ لِي مِنَ السَّيِّئَاتِ، تَوْبَةً تُوجِبُ لِي مَحَبَّتَكَ، يَا مُحِبَّ التَّوَّابِينَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
واكْسِرْ شَهْوَتِي عَنْ كُلِّ مَحْرَمٍ، وازْوِ حِرْصِي عَنْ كُلِّ مَأْثَمٍ،
وامْنَعْنِي عَنْ أَذَى كُلِّ مُؤْمِنٍ ومُؤْمِنَةٍ، ومُسْلِمٍ ومُسْلِمَةٍ.
اللَّهُمَّ وأَيُّمَا عَبْدٍ نَالَ مِنِّي
مَا حَظَرْتَ عَلَيْهِ، وانْتَهَكَ مِنِّي مَا حَجَزْتَ عَلَيْهِ، فَمَضَى
بِظُلَامَتِي مَيِّتاً، أَوْ حَصَلَتْ لِي قِبَلَهُ حَيّاً فَاغْفِرْ لَهُ مَا
أَلَمَّ بِهِ مِنِّي، واعْفُ لَهُ عَمَّا أَدْبَرَ بِهِ عَنِّي، ولَا تَقِفْهُ
عَلَى مَا ارْتَكَبَ فِيَّ، ولَا تَكْشِفْهُ عَمَّا اكْتَسَبَ بِي، واجْعَلْ مَا
سَمَحْتُ بِهِ مِنَ الْعَفْوِ عَنْهُمْ، وتَبَرَّعْتُ بِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ
عَلَيْهِمْ أَزْكَى صَدَقَاتِ الْمُتَصَدِّقِينَ، وأَعْلَى صِلَاتِ
الْمُتَقَرِّبِينَ وعَوِّضْنِي مِنْ
عَفْوِي عَنْهُمْ عَفْوَكَ، ومِنْ دُعَائِي لَهُمْ رَحْمَتَكَ حَتَّى يَسْعَدَ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِفَضْلِكَ، ويَنْجُوَ كُلٌّ مِنَّا بِمَنِّكَ.
اللَّهُمَّ وأَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِكَ
أَدْرَكَهُ مِنِّي دَرَكٌ، أَوْ مَسَّهُ مِنْ نَاحِيَتِي أَذًى، أَوْ لَحِقَهُ بِي
أَوْ بِسَبَبِي ظُلْمٌ فَفُتُّهُ بِحَقِّهِ، أَوْ سَبَقْتُهُ بِمَظْلِمَتِهِ،
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وأَرْضِهِ عَنِّي مِنْ وُجْدِكَ، وأَوْفِهِ
حَقَّهُ مِنْ عِنْدِكَ ثُمَّ قِنِي
مَا يُوجِبُ لَهُ حُكْمُكَ، وخَلِّصْنِي مِمَّا يَحْكُمُ بِهِ عَدْلُكَ، فَإِنَّ
قُوَّتِي لَا تَسْتَقِلُّ بِنَقِمَتِكَ، وإِنَّ طَاقَتِي لَا تَنْهَضُ بِسُخْطِكَ،
فَإِنَّكَ إِنْ تُكَافِنِي بِالْحَقِّ تُهْلِكْنِي، وإِلَّا تَغَمَّدْنِي
بِرَحْمَتِكَ تُوبِقْنِي.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْهِبُكَ يَا إِلَهِي مَا لَا يُنْقِصُكَ بَذْلُهُ، وأَسْتَحْمِلُكَ، مَا لَا يَبْهَظُكَ حَمْلُهُ. أَسْتَوْهِبُكَ يَا إِلَهِي نَفْسِيَ الَّتِي لَمْ تَخْلُقْهَا لِتَمْتَنِعَ بِهَا مِنْ سُوءٍ، أَوْ لِتَطَرَّقَ بِهَا إِلَى نَفْعٍ، ولَكِنْ أَنْشَأْتَهَا إِثْبَاتاً لِقُدْرَتِكَ عَلَى مِثْلِهَا، واحْتِجَاجاً بِهَا عَلَى شَكْلِهَا. وأَسْتَحْمِلُكَ مِنْ ذُنُوبِي مَا قَدْ بَهَظَنِي حَمْلُهُ، وأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى مَا قَدْ فَدَحَنِي ثِقْلُهُ. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وهَبْ لِنَفْسِي عَلَى ظُلْمِهَا نَفْسِي، ووَكِّلْ رَحْمَتَكَ بِاحْتِمَالِ إِصْرِي، فَكَمْ قَدْ لَحِقَتْ رَحْمَتُكَ بِالْمُسِيئِينَ، وكَمْ قَدْ شَمِلَ عَفْوُكَ الظَّالِمِينَ. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واجْعَلْنِي أُسْوَةَ مَنْ قَدْ أَنْهَضْتَهُ بِتَجَاوُزِكَ عَنْ مَصَارِعِ الْخَاطِئِينَ، وخَلَّصْتَهُ بِتَوْفِيقِكَ مِنْ وَرَطَاتِ الْمُجْرِمِينَ، فَأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ مِنْ إِسَارِ سُخْطِكَ، وعَتِيقَ صُنْعِكَ مِنْ وَثَاقِ عَدْلِكَ. إِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ ذَلِكَ يَا إِلَهِي تَفْعَلْهُ بِمَنْ لَا يَجْحَدُ اسْتِحْقَاقَ عُقُوبَتِكَ، ولَا يُبَرِّئُ نَفْسَهُ مِنِ اسْتِيجَابِ نَقِمَتِكَ تَفْعَلْ ذَلِكَ يَا إِلَهِي بِمَنْ خَوْفُهُ مِنْكَ أَكْثَرُ مِنْ طَمَعِهِ فِيكَ، وبِمَنْ يَأْسُهُ مِنَ النَّجَاةِ أَوْكَدُ مِنْ رَجَائِهِ لِلْخَلَاصِ، لَا أَنْ يَكُونَ يَأْسُهُ قُنُوطاً، أَوْ أَنْ يَكُونَ طَمَعُهُ اغْتِرَاراً، بَلْ لِقِلَّةِ حَسَنَاتِهِ بَيْنَ سَيِّئَاتِهِ، وضَعْفِ حُجَجِهِ فِي جَمِيعِ تَبِعَاتِهِ فَأَمَّا أَنْتَ يَا إِلَهِي فَأَهْلٌ أَنْ لَا يَغْتَرَّ بِكَ الصِّدِّيقُونَ، ولَا يَيْأَسَ مِنْكَ الْمُجْرِمُونَ، لِأَنَّكَ الرَّبُّ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا يَمْنَعُ أَحَداً فَضْلَهُ، ولَا يَسْتَقْصِي مِنْ أَحَدٍ حَقَّهُ. تَعَالَى ذِكْرُكَ عَنِ الْمَذْكُورِينَ، وتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ عَنِ الْمَنْسُوبِينَ، وفَشَتْ نِعْمَتُكَ فِي جَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
واكْفِنَا طُولَ الْأَمَلِ، وقَصِّرْهُ عَنَّا بِصِدْقِ الْعَمَلِ حَتَّى لَا
نُؤَمِّلَ اسْتِتْمَامَ سَاعَةٍ بَعْدَ سَاعَةٍ، ولَا اسْتِيفَاءَ يَوْمٍ بَعْدَ
يَوْمٍ، ولَا اتِّصَالَ نَفَسٍ بِنَفَسٍ، ولَا لُحُوقَ قَدَمٍ بِقَدَمٍ وسَلِّمْنَا مِنْ غُرُورِهِ، وآمِنَّا مِنْ
شُرُورِهِ، وانْصِبِ الْمَوْتَ بَيْنَ أَيْدِينَا نَصْباً، ولَا تَجْعَلْ ذِكْرَنَا
لَهُ غِبّاً واجْعَلْ لَنَا مِنْ
صَالِحِ الْأَعْمَالِ عَمَلًا نَسْتَبْطِئُ مَعَهُ الْمَصِيرَ إِلَيْكَ، ونَحْرِصُ
لَهُ عَلَى وَشْكِ اللَّحَاقِ بِكَ حَتَّى يَكُونَ الْمَوْتُ مَأْنَسَنَا الَّذِي
نَأْنَسُ بِهِ، ومَأْلَفَنَا الَّذِي نَشْتَاقُ إِلَيْهِ، وحَامَّتَنَا الَّتِي
نُحِبُّ الدُّنُوَّ مِنْهَا
فَإِذَا أَوْرَدْتَهُ عَلَيْنَا وأَنْزَلْتَهُ بِنَا فَأَسْعِدْنَا بِهِ
زَائِراً، وآنِسْنَا بِهِ قَادِماً، ولَا تُشْقِنَا بِضِيَافَتِهِ، ولَا تُخْزِنَا
بِزِيَارَتِهِ، واجْعَلْهُ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ مَغْفِرَتِكَ، ومِفْتَاحاً مِنْ
مَفَاتِيحِ رَحْمَتِكَ أَمِتْنَا
مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ، طَائِعِينَ غَيْرَ مُسْتَكْرِهِينَ، تَائِبِينَ
غَيْرَ عَاصِينَ ولَا مُصِرِّينَ، يَا ضَامِنَ جَزَاءِ الْمُحْسِنِينَ،
ومُسْتَصْلِحَ عَمَلِ الْمُفْسِدِينَ.