موقع عقائد الشيعة الإمامية >> الصحيفة السجادية
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وأَفْرِشْنِي مِهَادَ كَرَامَتِكَ، وأَوْرِدْنِي مَشَارِعَ رَحْمَتِكَ، وأَحْلِلْنِي بُحْبُوحَةَ جَنَّتِكَ، ولَا تَسُمْنِي بِالرَّدِّ عَنْكَ، ولَا تَحْرِمْنِي بِالْخَيْبَةِ مِنْكَ. ولَا تُقَاصَّنِي بِمَا اجْتَرَحْتُ ولَا تُنَاقِشْنِي بِمَا اكْتَسَبْتُ، ولَا تُبْرِزْ مَكْتُومِي، ولَا تَكْشِفْ مَسْتُورِي، ولَا تَحْمِلْ عَلَى مِيزَانِ الْإِنْصَافِ عَمَلِي، ولَا تُعْلِنْ عَلَى عُيُونِ الْمَلَإِ خَبَرِي أَخْفِ عَنْهُمْ مَا يَكونُ نَشْرُهُ عَلَيَّ عَاراً، واطْوِ عَنْهُمْ مَا يُلْحِقُنِي عِنْدَكَ شَنَاراً شَرِّفْ دَرَجَتِي بِرِضْوَانِكَ، وأَكْمِلْ كَرَامَتِي بِغُفْرَانِكَ، وانْظِمْنِي فِي أَصْحَابِ الْيَمِينِ، ووَجِّهْنِي فِي مَسَالِكِ الْآمِنِينَ، واجْعَلْنِي فِي فَوْجِ الْفَائِزِينَ، واعْمُرْ بِي مَجَالِسَ الصَّالِحِينَ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعَنْتَنِي عَلَى خَتْمِ
كِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَهُ نُوراً، وجَعَلْتَهُ مُهَيْمِناً عَلَى كُلِّ
كِتَابٍ أَنْزَلْتَهُ، وفَضَّلْتَهُ عَلَى كُلِّ حَدِيثٍ قَصَصْتَهُ. وفُرْقَاناً
فَرَقْتَ بِهِ بَيْنَ حَلَالِكَ وحَرَامِكَ، وقُرْآناً أَعْرَبْتَ بِهِ عَنْ
شَرَائِعِ أَحْكَامِكَ وكِتَاباً فَصَّلْتَهُ لِعِبَادِكَ تَفْصِيلًا، ووَحْياً
أَنْزَلْتَهُ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ تَنْزِيلًا.
وجَعَلْتَهُ نُوراً نَهْتَدِي مِنْ ظُلَمِ الضَّلَالَةِ والْجَهَالَةِ
بِاتِّبَاعِهِ، وشِفَاءً لِمَنْ أَنْصَتَ بِفَهَمِ التَّصْدِيقِ إِلَى
اسْتِمَاعِهِ، ومِيزَانَ قِسْطٍ لَا يَحِيفُ عَنِ الْحَقِّ لِسَانُهُ، ونُورَ هُدًى
لَا يَطْفَأُ عَنِ الشَّاهِدِينَ بُرْهَانُهُ، وعَلَمَ نَجَاةٍ لَا يَضِلُّ مَنْ
أَمَّ قَصْدَ سُنَّتِهِ، ولا تَنَالُ أَيْدِي الْهَلَكَاتِ مَنْ تَعَلَّقَ
بِعُرْوَةِ عِصْمَتِهِ.
اللَّهُمَّ فَإِذْ أَفَدْتَنَا الْمَعُونَةَ
عَلَى تِلَاوَتِهِ، وسَهَّلْتَ جَوَاسِيَ أَلْسِنَتِنَا بِحُسْنِ عِبَارَتِهِ،
فَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَرْعَاهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ، ويَدِينُ لَكَ بِاعْتِقَادِ
التَّسْلِيمِ لِمُحْكَمِ آيَاتِهِ، ويَفْزَعُ إِلَى الْإِقْرَارِ بِمُتَشَابِهِهِ،
ومُوضَحَاتِ بَيِّنَاتِهِ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَنْزَلْتَهُ عَلَى
نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ مُجْمَلًا، وأَلْهَمْتَهُ
عِلْمَ عَجَائِبِهِ مُكَمَّلًا، ووَرَّثْتَنَا عِلْمَهُ مُفَسَّراً، وفَضَّلْتَنَا
عَلَى مَنْ جَهِلَ عِلْمَهُ، وقَوَّيْتَنَا عَلَيْهِ لِتَرْفَعَنَا فَوْقَ مَنْ
لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُ.
اللَّهُمَّ فَكَمَا جَعَلْتَ قُلُوبَنَا لَهُ
حَمَلَةً، وعَرَّفْتَنَا بِرَحْمَتِكَ شَرَفَهُ وفَضْلَهُ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ
الْخَطِيبِ بِهِ، وعَلَى آلِهِ الْخُزَّانِ لَهُ، واجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْتَرِفُ
بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِكَ حَتَّى لَا يُعَارِضَنَا الشَّكُّ فِي تَصْدِيقِهِ، ولَا
يَخْتَلِجَنَا الزَّيْغُ عَنْ قَصْدِ طَرِيقِهِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
واجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْتَصِمُ بِحَبْلِهِ، ويَأْوِي مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ إِلَى
حِرْزِ مَعْقِلِهِ، ويَسْكُنُ فِي ظِلِّ جَنَاحِهِ، ويَهْتَدِي بِضَوْءِ صَبَاحِهِ،
ويَقْتَدِي بِتَبَلُّجِ أَسْفَارِهِ، ويَسْتَصْبِحُ بِمِصْبَاحِهِ، ولَا يَلْتَمِسُ
الْهُدَى فِي غَيْرِهِ.
اللَّهُمَّ وكَمَا نَصَبْتَ بِهِ مُحَمَّداً
عَلَماً لِلدَّلَالَةِ عَلَيْكَ، وأَنْهَجْتَ بِآلِهِ سُبُلَ الرِّضَا إِلَيْكَ،
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واجْعَلِ الْقُرْآنَ وَسِيلَةً لَنَا إِلَى
أَشْرَفِ مَنَازِلِ الْكَرَامَةِ، وسُلَّماً نَعْرُجُ فِيهِ إِلَى مَحَلِّ
السَّلَامَةِ، وسَبَباً نُجْزَى بِهِ النَّجَاةَ فِي عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ،
وذَرِيعَةً نَقْدَمُ بِهَا عَلَى نَعِيمِ دَارِ الْمُقَامَةِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
واحْطُطْ بِالْقُرْآنِ عَنَّا ثِقْلَ الْأَوْزَارِ، وهَبْ لَنَا حُسْنَ شَمَائِلِ
الْأَبْرَارِ، واقْفُ بِنَا آثَارَ الَّذِينَ قَامُوا لَكَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ
وأَطْرَافَ النَّهَارِ حَتَّى تُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ دَنَسٍ بِتَطْهِيرِهِ،
وتَقْفُوَ بِنَا آثَارَ الَّذِينَ اسْتَضَاءُوا بِنُورِهِ، ولَمْ يُلْهِهِمُ
الْأَمَلُ عَنِ الْعَمَلِ فَيَقْطَعَهُمْ بِخُدَعِ غُرُورِهِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
واجْعَلِ الْقُرْآنَ لَنَا فِي ظُلَمِ اللَّيَالِي مُونِساً، ومِنْ نَزَغَاتِ
الشَّيْطَانِ وخَطَرَاتِ الْوَسَاوِسِ حَارِساً، ولِأَقْدَامِنَا عَنْ نَقْلِهَا
إِلَى الْمَعَاصِي حَابِساً، ولِأَلْسِنَتِنَا عَنِ الْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ مِنْ
غَيْرِ مَا آفَةٍ مُخْرِساً، ولِجَوَارِحِنَا عَنِ اقْتِرَافِ الْآثَامِ زَاجِراً،
ولِمَا طَوَتِ الْغَفْلَةُ عَنَّا مِنْ تَصَفُّحِ الِاعْتِبَارِ نَاشِراً، حَتَّى
تُوصِلَ إِلَى قُلُوبِنَا فَهْمَ عَجَائِبِهِ، وزَوَاجِرَ أَمْثَالِهِ الَّتِي
ضَعُفَتِ الْجِبَالُ الرَّوَاسِي عَلَى صَلَابَتِهَا عَنِ احْتِمَالِهِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وأَدِمْ بِالْقُرْآنِ صَلَاحَ ظَاهِرِنَا، واحْجُبْ بِهِ خَطَرَاتِ الْوَسَاوِسِ
عَنْ صِحَّةِ ضَمَائِرِنَا، واغْسِلْ بِهِ دَرَنَ قُلُوبِنَا وعَلَائِقَ
أَوْزَارِنَا، واجْمَعْ بِهِ مُنْتَشَرَ أُمُورِنَا، وأَرْوِ بِهِ فِي مَوْقِفِ
الْعَرْضِ عَلَيْكَ ظَمَأَ هَوَاجِرِنَا، واكْسُنَا بِهِ حُلَلَ الْأَمَانِ يَوْمَ
الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ فِي نُشُورِنَا.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
واجْبُرْ بِالْقُرْآنِ خَلَّتَنَا مِنْ عَدَمِ الْإِمْلَاقِ، وسُقْ إِلَيْنَا بِهِ
رَغَدَ الْعَيْشِ وخِصْبَ سَعَةِ الْأَرْزَاقِ، وجَنِّبْنَا بِهِ الضَّرَائِبَ
الْمَذْمُومَةَ ومَدَانِيَ الْأَخْلَاقِ، واعْصِمْنَا بِهِ مِنْ هُوَّةِ الْكُفْرِ
ودَوَاعِي النِّفَاقِ حَتَّى يَكُونَ لَنَا فِي الْقِيَامَةِ إِلَى رِضْوَانِكَ
وجِنَانِكَ قَائِداً، ولَنَا فِي الدُّنْيَا عَنْ سُخْطِكَ وتَعَدِّي حُدُودِكَ
ذَائِداً، ولِمَا عِنْدَكَ بِتَحْلِيلِ حَلَالِهِ وتَحْرِيمِ حَرَامِهِ شَاهِداً.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وهَوِّنْ بِالْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى أَنْفُسِنَا كَرْبَ السِّيَاقِ،
وجَهْدَ الْأَنِينِ، وتَرَادُفَ الْحَشَارِجِ إِذَا بَلَغَتِ النُّفُوسُ
التَّرَاقِيَ، وقِيلَ مَنْ رَاقٍ وتَجَلَّى مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِهَا مِنْ
حُجُبِ الْغُيُوبِ، ورَمَاهَا عَنْ قَوْسِ الْمَنَايَا بِأَسْهُمِ وَحْشَةِ
الْفِرَاقِ، ودَافَ لَهَا مِنْ ذُعَافِ الْمَوْتِ كَأْساً مَسْمُومَةَ الْمَذَاقِ،
ودَنَا مِنَّا إِلَى الْآخِرَةِ رَحِيلٌ وانْطِلَاقٌ، وصَارَتِ الْأَعْمَالُ
قَلَائِدَ فِي الْأَعْنَاقِ، وكَانَتِ الْقُبُورُ هِيَ الْمَأْوَى إِلَى مِيقَاتِ
يَوْمِ التَّلَاقِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وبَارِكْ لَنَا فِي حُلُولِ دَارِ الْبِلَى، وطُولِ الْمُقَامَةِ بَيْنَ أَطْبَاقِ
الثَّرَى، واجْعَلِ الْقُبُورَ بَعْدَ فِرَاقِ الدُّنْيَا خَيْرَ مَنَازِلِنَا،
وافْسَحْ لَنَا بِرَحْمَتِكَ فِي ضِيقِ مَلَاحِدِنَا، ولَا تَفْضَحْنَا فِي
حَاضِرِي الْقِيَامَةِ بِمُوبِقَاتِ آثَامِنَا. وارْحَمْ بِالْقُرْآنِ فِي مَوْقِفِ
الْعَرْضِ عَلَيْكَ ذُلَّ مَقَامِنَا، وثَبِّتْ بِهِ عِنْدَ اضْطِرَابِ جِسْرِ
جَهَنَّمَ يَوْمَ الْمَجَازِ عَلَيْهَا زَلَلَ أَقْدَامِنَا، ونَوِّرْ بِهِ قَبْلَ
الْبَعْثِ سُدَفَ قُبُورِنَا، ونَجِّنَا بِهِ مِنْ كُلِّ كَرْبٍ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وشَدَائِدِ أَهْوَالِ يَوْمِ الطَّامَّةِ وبَيِّضْ وُجُوهَنَا يَوْمَ تَسْوَدُّ
وُجُوهُ الظَّلَمَةِ فِي يَوْمِ الْحَسْرَةِ والنَّدَامَةِ، واجْعَلْ لَنَا فِي
صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ وُدّاً، ولَا تَجْعَلِ الْحَيَاةَ عَلَيْنَا نَكَداً.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ
ورَسُولِكَ كَمَا بَلَّغَ رِسَالَتَكَ، وصَدَعَ بِأَمْرِكَ، ونَصَحَ لِعِبَادِكَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ نَبِيَّنَا صَلَوَاتُكَ
عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَقْرَبَ الْنَّبِيِّينَ مِنْكَ
مَجْلِساً، وأَمْكَنَهُمْ مِنْكَ شَفَاعَةً، وأَجَلَّهُمْ عِنْدَكَ قَدْراً،
وأَوْجَهَهُمْ عِنْدَكَ جَاهاً.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ
مُحَمَّدٍ، وشَرِّفْ بُنْيَانَهُ، وعَظِّمْ بُرْهَانَهُ، وثَقِّلْ مِيزَانَهُ،
وتَقَبَّلْ شَفَاعَتَهُ، وقَرِّبْ وَسِيلَتَهُ، وبَيِّضْ وَجْهَهُ، وأَتِمَّ
نُورَهُ، وارْفَعْ دَرَجَتَهُ
وأَحْيِنَا عَلَى سُنَّتِهِ، وتَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ وخُذْ بِنَا مِنْهَاجَهُ،
واسْلُكْ بِنَا سَبِيلَهُ، واجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ، واحْشُرْنَا فِي
زُمْرَتِهِ، وأَوْرِدْنَا حَوْضَهُ، واسْقِنَا بِكَأْسِهِ
وصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، صَلَاةً تُبَلِّغُهُ بِهَا
أَفْضَلَ مَا يَأْمُلُ مِنْ خَيْرِكَ وفَضْلِكَ وكَرَامَتِكَ، إِنَّكَ ذُو رَحْمَةٍ
وَاسِعَةٍ، وفَضْلٍ كَرِيمٍ.
اللَّهُمَّ اجْزِهِ بِمَا بَلَّغَ مِنْ رِسَالَاتِكَ، وأَدَّى مِنْ آيَاتِكَ، ونَصَحَ لِعِبَادِكَ، وجَاهَدَ فِي سَبِيلِكَ، أَفْضَلَ مَا جَزَيْتَ أَحَداً مِنْ مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ، وأَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ الْمُصْطَفَيْنَ، والسَّلَامُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ.
أَيُّهَا الْخَلْقُ الْمُطِيعُ، الدَّائِبُ
السَّرِيعُ، الْمُتَرَدِّدُ فِي مَنَازِلِ التَّقْدِيرِ، الْمُتَصَرِّفُ فِي فَلَكِ
التَّدْبِيرِ. آمَنْتُ بِمَنْ نَوَّرَ بِكَ الظُّلَمَ، وأَوْضَحَ بِكَ الْبُهَمَ،
وجَعَلَكَ آيَةً مِنْ آيَاتِ مُلْكِهِ، وعَلَامَةً مِنْ عَلَامَاتِ سُلْطَانِهِ،
وامْتَهَنَكَ بِالزِّيَادَةِ والنُّقْصَانِ، والطُّلُوعِ والْأُفُولِ،
والْإِنَارَةِ والْكُسُوفِ، فِي كُلِّ ذَلِكَ أَنْتَ لَهُ مُطِيعٌ، وإِلَى
إِرَادَتِهِ سَرِيعٌ سُبْحَانَهُ مَا
أَعْجَبَ مَا دَبَّرَ فِي أَمْرِكَ وأَلْطَفَ مَا صَنَعَ فِي شَأْنِكَ جَعَلَكَ
مِفْتَاحَ شَهْرٍ حَادِثٍ لِأَمْرٍ حَادِثٍ
فَأَسْأَلُ اللَّهَ رَبِّي ورَبَّكَ، وخَالِقِي وخَالِقَكَ، ومُقَدِّرِي
ومُقَدِّرَكَ، ومُصَوِّرِي ومُصَوِّرَكَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وأَنْ يَجْعَلَكَ هِلَالَ بَرَكَةٍ لَا تَمْحَقُهَا الْأَيَّامُ، وطَهَارَةٍ لَا
تُدَنِّسُهَا الْآثَامُ هِلَالَ
أَمْنٍ مِنَ الْآفَاتِ، وسَلَامَةٍ مِنَ السَّيِّئَاتِ، هِلَالَ سَعْدٍ لَا نَحْسَ
فِيهِ، ويُمْنٍ لَا نَكَدَ مَعَهُ، ويُسْرٍ لَا يُمَازِجُهُ عُسْرٌ، وخَيْرٍ لَا
يَشُوبُهُ شَرٌّ، هِلَالَ أَمْنٍ وإِيمَانٍ ونِعْمَةٍ وإِحْسَانٍ وسَلَامَةٍ
وإِسْلَامٍ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واجْعَلْنَا مِنْ أَرْضَى مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ، وأَزْكَى مَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ، وأَسْعَدَ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ، ووَفِّقْنَا فِيهِ لِلتَّوْبَةِ، واعْصِمْنَا فِيهِ مِنَ الْحَوْبَةِ، واحْفَظْنَا فِيهِ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَعْصِيَتِكَ وأَوْزِعْنَا فِيهِ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وأَلْبِسْنَا فِيهِ جُنَنَ الْعَافِيَةِ، وأَتْمِمْ عَلَيْنَا بِاسْتِكْمَالِ طَاعَتِكَ فِيهِ الْمِنَّةَ، إِنَّكَ الْمَنَّانُ الْحَمِيدُ، وصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا
لِحَمْدِهِ، وجَعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِ لِنَكُونَ لِإِحْسَانِهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ،
ولِيَجْزِيَنَا عَلَى ذَلِكَ جَزَاءَ الْمُحْسِنِينَ .
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَبَانَا
بِدِينِهِ، واخْتَصَّنَا بِمِلَّتِهِ، وسَبَّلَنَا فِي سُبُلِ إِحْسَانِهِ
لِنَسْلُكَهَا بِمَنِّهِ إِلَى رِضْوَانِهِ، حَمْداً يَتَقَبَّلُهُ مِنَّا،
ويَرْضَى بِهِ عَنَّا .
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ
تِلْكَ السُّبُلِ شَهْرَهُ شَهْرَ رَمَضَانَ، شَهْرَ الصِّيَامِ، وشَهْرَ
الْإِسْلَامِ، وشَهْرَ الطَّهُورِ، وشَهْرَ التَّمْحِيصِ، وشَهْرَ الْقِيَامِ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ، هُدًى لِلنَّاسِ، وبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى
والْفُرْقَانِ فَأَبَانَ فَضِيلَتَهُ
عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ بِمَا جَعَلَ لَهُ مِنَ الْحُرُمَاتِ الْمَوْفُورَةِ،
والْفَضَائِلِ الْمَشْهُورَةِ، فَحَرَّمَ فِيهِ مَا أَحَلَّ فِي غَيْرِهِ
إِعْظَاماً، وحَجَرَ فِيهِ الْمَطَاعِمَ والْمَشَارِبَ إِكْرَاماً، وجَعَلَ لَهُ
وَقْتاً بَيِّناً لَا يُجِيزُ جَلَّ وعَزَّ أَنْ يُقَدَّمَ قَبْلَهُ، ولَا يَقْبَلُ
أَنْ يُؤَخَّرَ عَنْهُ. ثُمَّ فَضَّلَ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْ لَيَالِيهِ عَلَى
لَيَالِي أَلْفِ شَهْرٍ، وسَمَّاهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ
والرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ، دَائِمُ
الْبَرَكَةِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِمَا
أَحْكَمَ مِنْ قَضَائِهِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وأَلْهِمْنَا مَعْرِفَةَ فَضْلِهِ وإِجْلَالَ حُرْمَتِهِ، والتَّحَفُّظَ مِمَّا
حَظَرْتَ فِيهِ، وأَعِنَّا عَلَى صِيَامِهِ بِكَفِّ الْجَوَارِحِ عَنْ مَعَاصِيكَ،
واسْتِعْمَالِهَا فِيهِ بِمَا يُرْضِيكَ حَتَّى لَا نُصْغِيَ بِأَسْمَاعِنَا إِلَى
لَغْوٍ، ولَا نُسْرِعَ بِأَبْصَارِنَا إِلَى لَهْوٍ وحَتَّى لَا نَبْسُطَ أَيْدِيَنَا إِلَى
مَحْظُورٍ، ولَا نَخْطُوَ بِأَقْدَامِنَا إِلَى مَحْجُورٍ، وحَتَّى لَا تَعِيَ
بُطُونُنَا إِلَّا مَا أَحْلَلْتَ، ولَا تَنْطِقَ أَلْسِنَتُنَا إِلَّا بِمَا
مَثَّلْتَ، ولَا نَتَكَلَّفَ إِلَّا مَا يُدْنِي مِنْ ثَوَابِكَ، ولَا نَتَعَاطَى
إِلَّا الَّذِي يَقِي مِنْ عِقَابِكَ، ثُمَّ خَلِّصْ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ رِئَاءِ
الْمُرَاءِينَ، وسُمْعَةِ الْمُسْمِعِينَ، لَا نُشْرِكُ فِيهِ أَحَداً دُونَكَ،
ولَا نَبْتَغِي فِيهِ مُرَاداً سِوَاكَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وقِفْنَا فِيهِ عَلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِحُدُودِهَا الَّتِي
حَدَّدْتَ، وفُرُوضِهَا الَّتِي فَرَضْتَ، ووَظَائِفِهَا الَّتِي وَظَّفْتَ،
وأَوْقَاتِهَا الَّتِي وَقَّتَّ
وأَنْزِلْنَا فِيهَا مَنْزِلَةَ الْمُصِيبِينَ لِمَنَازِلِهَا،
الْحَافِظِينَ لِأَرْكَانِهَا، الْمُؤَدِّينَ لَهَا فِي أَوْقَاتِهَا عَلَى مَا
سَنَّهُ عَبْدُكَ ورَسُولُكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ فِي رُكُوعِهَا
وسُجُودِهَا وجَمِيعِ فَوَاضِلِهَا عَلَى أَتَمِّ الطَّهُورِ وأَسْبَغِهِ،
وأَبْيَنِ الْخُشُوعِ وأَبْلَغِهِ. ووَفِّقْنَا فِيهِ لِأَنْ نَصِلَ أَرْحَامَنَا
بِالْبِرِّ والصِّلَةِ، وأَنْ نَتَعَاهَدَ جِيرَانَنَا بِالْإِفْضَالِ
والْعَطِيَّةِ، وأَنْ نُخَلِّصَ أَمْوَالَنَا مِنَ التَّبِعَاتِ، وأَنْ
نُطَهِّرَهَا بِإِخْرَاجِ الزَّكَوَاتِ، وأَنْ نُرَاجِعَ مَنْ هَاجَرَنَا، وأَنْ
نُنْصِفَ مَنْ ظَلَمَنَا، وأَنْ نُسَالِمَ مَنْ عَادَانَا حَاشَى مَنْ عُودِيَ
فِيكَ ولَكَ، فَإِنَّهُ الْعَدُوُّ الَّذِي لَا نُوَالِيهِ، والْحِزْبُ الَّذِي لَا
نُصَافِيهِ. وأَنْ نَتَقَرَّبَ إِلَيْكَ فِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ
بِمَا تُطَهِّرُنَا بِهِ مِنَ الذُّنُوبِ، وتَعْصِمُنَا فِيهِ مِمَّا نَسْتَأْنِفُ
مِنَ الْعُيُوبِ، حَتَّى لَا يُورِدَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ مَلَائِكَتِكَ إِلَّا
دُونَ مَا نُورِدُ مِنْ أَبْوَابِ الطَّاعَةِ لَكَ، وأَنْوَاعِ الْقُرْبَةِ
إِلَيْكَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذَا
الشَّهْرِ، وبِحَقِّ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ مِنِ ابْتِدَائِهِ إِلَى وَقْتِ
فَنَائِهِ مِنْ مَلَكٍ قَرَّبْتَهُ، أَوْ نَبِيٍّ أَرْسَلْتَهُ، أَوْ عَبْدٍ
صَالِحٍ اخْتَصَصْتَهُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وأَهِّلْنَا فِيهِ
لِمَا وَعَدْتَ أَوْلِيَاءَكَ مِنْ كَرَامَتِكَ، وأَوْجِبْ لَنَا فِيهِ مَا
أَوْجَبْتَ لِأَهْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي طَاعَتِكَ، واجْعَلْنَا فِي نَظْمِ مَنِ
اسْتَحَقَّ الرَّفِيعَ الْأَعْلَى بِرَحْمَتِكَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وجَنِّبْنَا الْإِلْحَادَ فِي تَوْحِيدِكَ، والْتَّقْصِيرَ فِي تَمْجِيدِكَ،
والشَّكَّ فِي دِينِكَ، والْعَمَى عَنْ سَبِيلِكَ، والْإِغْفَالَ لِحُرْمَتِكَ،
والِانْخِدَاعَ لِعَدُوِّكَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وإِذَا كَانَ لَكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي شَهْرِنَا هَذَا رِقَابٌ
يُعْتِقُهَا عَفْوُكَ، أَوْ يَهَبُهَا صَفْحُكَ فَاجْعَلْ رِقَابَنَا مِنْ تِلْكَ
الرِّقَابِ، واجْعَلْنَا لِشَهْرِنَا مِنْ خَيْرِ أَهْلٍ وأَصْحَابٍ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وامْحَقْ ذُنُوبَنَا مَعَ امِّحَاقِ هِلَالِهِ، واسْلَخْ عَنَّا تَبِعَاتِنَا مَعَ
انْسِلَاخِ أَيَّامِهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ عَنَّا وقَدْ صَفَّيْتَنَا فِيهِ مِنَ
الْخَطِيئَاتِ، وأَخْلَصْتَنَا فِيهِ مِنَ السَّيِّئَاتِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وإِنْ مِلْنَا فِيهِ فَعَدِّلْنَا، وإِنْ زُغْنَا فِيهِ فَقَوِّمْنَا، وإِنِ
اشْتَمَلَ عَلَيْنَا عَدُوُّكَ الشَّيْطَانُ فَاسْتَنْقِذْنَا مِنْهُ.
اللَّهُمَّ اشْحَنْهُ بِعِبَادَتِنَا
إِيَّاكَ، وزَيِّنْ أَوْقَاتَهُ بِطَاعَتِنَا لَكَ، وأَعِنَّا فِي نَهَارِهِ عَلَى
صِيَامِهِ، وفِي لَيْلِهِ عَلَى الصَّلَاةِ والتَّضَرُّعِ إِلَيْكَ، والْخُشُوعِ
لَكَ، والذِّلَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ حَتَّى لَا يَشْهَدَ نَهَارُهُ عَلَيْنَا
بِغَفْلَةٍ، ولَا لَيْلُهُ بِتَفْرِيطٍ.
اللَّهُمَّ واجْعَلْنَا فِي سَائِرِ
الشُّهُورِ والْأَيَّامِ كَذَلِكَ مَا عَمَّرْتَنَا، واجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ
الصَّالِحِينَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ،
والَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ، أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ
رَاجِعُونَ، ومِنَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وهُمْ لَهَا
سَابِقُونَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، فِي كُلِّ وَقْتٍ وكُلِّ أَوَانٍ وعَلَى كُلِّ حَالٍ عَدَدَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى مَنْ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ، وأَضْعَافَ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْأَضْعَافِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا غَيْرُكَ، إِنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تُرِيدُ.
اللَّهُمَّ يَا مَنْ لَا يَرْغَبُ فِي الْجَزَاءِ
ويَا مَنْ لَا يَنْدَمُ عَلَى الْعَطَاءِ
ويَا مَنْ لَا يُكَافِئُ عَبْدَهُ عَلَى السَّوَاءِ. مِنَّتُكَ ابْتِدَاءٌ،
وعَفْوُكَ تَفَضُّلٌ، وعُقُوبَتُكَ عَدْلٌ، وقَضَاؤُكَ خِيَرَةٌ
إِنْ أَعْطَيْتَ لَمْ تَشُبْ عَطَاءَكَ بِمَنٍّ، وإِنْ مَنَعْتَ لَمْ يَكُنْ
مَنْعُكَ تَعَدِّياً. تَشْكُرُ مَنْ شَكَرَكَ وأَنْتَ أَلْهَمْتَهُ شُكْرَكَ.
وتُكَافِئُ مَنْ حَمِدَكَ وأَنْتَ عَلَّمْتَهُ حَمْدَكَ. تَسْتُرُ عَلَى مَنْ لَوْ
شِئْتَ فَضَحْتَهُ، وتَجُودُ عَلَى مَنْ لَوْ شِئْتَ مَنَعْتَهُ، وكِلَاهُمَا
أَهْلٌ مِنْكَ لِلْفَضِيحَةِ والْمَنْعِ غَيْرَ أَنَّكَ بَنَيْتَ أَفْعَالَكَ عَلَى
التَّفَضُّلِ، وأَجْرَيْتَ قُدْرَتَكَ عَلَى التَّجَاوُزِ. وتَلَقَّيْتَ مَنْ
عَصَاكَ بِالْحِلْمِ، وأَمْهَلْتَ مَنْ قَصَدَ لِنَفْسِهِ بِالظُّلْمِ،
تَسْتَنْظِرُهُمْ بِأَنَاتِكَ إِلَى الْإِنَابَةِ، وتَتْرُكُ مُعَاجَلَتَهُمْ إِلَى
التَّوْبَةِ لِكَيْلَا يَهْلِكَ عَلَيْكَ هَالِكُهُمْ، ولَا يَشْقَى بِنِعْمَتِكَ
شَقِيُّهُمْ إِلَّا عَنْ طُولِ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِ، وبَعْدَ تَرَادُفِ
الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، كَرَماً مِنْ عَفْوِكَ يَا كَرِيمُ، وعَائِدَةً مِنْ عَطْفِكَ
يَا حَلِيمُ. أَنْتَ الَّذِي فَتَحْتَ لِعِبَادِكَ بَاباً إِلَى عَفْوِكَ،
وسَمَّيْتَهُ التَّوْبَةَ، وجَعَلْتَ عَلَى ذَلِكَ الْبَابِ دَلِيلًا مِنْ وَحْيِكَ
لِئَلَّا يَضِلُّوا عَنْهُ، فَقُلْتَ تَبَارَكَ اسْمُكَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ
تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ
ويُدْخِلَكُمْ جَنَاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ. يَوْمَ لَا يُخْزِي
اللَّهُ النَّبِيَّ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ، نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وبِأَيْمَانِهِمْ، يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا،
واغْفِرْ لَنَا، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فَمَا عُذْرُ مَنْ أَغْفَلَ
دُخُولَ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ بَعْدَ فَتْحِ الْبَابِ وإِقَامَةِ الدَّلِيلِ
وأَنْتَ الَّذِي زِدْتَ فِي السَّوْمِ عَلَى نَفْسِكَ لِعِبَادِكَ، تُرِيدُ
رِبْحَهُمْ فِي مُتَاجَرَتِهِمْ لَكَ، وفَوْزَهُمْ بِالْوِفَادَةِ عَلَيْكَ،
والزِّيَادَةِ مِنْكَ، فَقُلْتَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وتَعَالَيْتَ مَنْ جَاءَ
بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، ومَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا
يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا. وقُلْتَ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ
سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ، واللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ، وقُلْتَ مَنْ ذَا
الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً
كَثِيرَةً. ومَا أَنْزَلْتَ مِنْ نَظَائِرِهِنَّ فِي الْقُرْآنِ مِنْ تَضَاعِيفِ
الْحَسَنَاتِ. وأَنْتَ الَّذِي دَلَلْتَهُمْ بِقَوْلِكَ مِنْ غَيْبِكَ وتَرْغِيبِكَ
الَّذِي فِيهِ حَظُّهُمْ عَلَى مَا لَوْ سَتَرْتَهُ عَنْهُمْ لَمْ تُدْرِكْهُ
أَبْصَارُهُمْ، ولَمْ تَعِهِ أَسْمَاعُهُمْ، ولَمْ تَلْحَقْهُ أَوْهَامُهُمْ،
فَقُلْتَ اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ، واشْكُرُوا لِي ولَا تَكْفُرُونِ، وقُلْتَ
لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، ولَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ.
وقُلْتَ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ
عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ، فَسَمَّيْتَ دُعَاءَكَ عِبَادَةً،
وتَرْكَهُ اسْتِكْبَاراً، وتَوَعَّدْتَ عَلَى تَرْكِهِ دُخُولَ جَهَنَّمَ
دَاخِرِينَ. فَذَكَرُوكَ بِمَنِّكَ، وشَكَرُوكَ بِفَضْلِكَ، ودَعَوْكَ بِأَمْرِكَ،
وتَصَدَّقُوا لَكَ طَلَباً لِمَزِيدِكَ، وفِيهَا كَانَتْ نَجَاتُهُمْ مِنْ
غَضَبِكَ، وفَوْزُهُمْ بِرِضَاكَ. ولَوْ دَلَّ مَخْلُوقٌ مَخْلُوقاً مِنْ نَفْسِهِ
عَلَى مِثْلِ الَّذِي دَلَلْتَ عَلَيْهِ عِبَادَكَ مِنْكَ كَانَ مَوْصُوفاً
بِالْإِحْسَانِ، ومَنْعُوتاً بِالِامْتِنَانِ، ومَحْمُوداً بِكُلِّ لِسَانٍ، فَلَكَ
الْحَمْدُ مَا وُجِدَ فِي حَمْدِكَ مَذْهَبٌ، ومَا بَقِيَ لِلْحَمْدِ لَفْظٌ
تُحْمَدُ بِهِ، ومَعْنًى يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ.
يَا مَنْ تَحَمَّدَ إِلَى عِبَادِهِ
بِالْإِحْسَانِ والْفَضْلِ، وغَمَرَهُمْ بِالْمَنِّ والطَّوْلِ، مَا أَفْشَى فِينَا
نِعْمَتَكَ، وأَسْبَغَ عَلَيْنَا مِنَّتَكَ، وأَخَصَّنَا بِبِرِّكَ هَدَيْتَنَا لِدِينِكَ الَّذِي
اصْطَفَيْتَ، ومِلَّتِكَ الَّتِي ارْتَضَيْتَ، وسَبِيلِكَ الَّذِي سَهَّلْتَ،
وبَصَّرْتَنَا الزُّلْفَةَ لَدَيْكَ، والْوُصُولَ إِلَى كَرَامَتِكَ.
اللَّهُمَّ وأَنْتَ جَعَلْتَ مِنْ صَفَايَا
تِلْكَ الْوَظَائِفِ، وخَصَائِصِ تِلْكَ الْفُرُوضِ شَهْرَ رَمَضَانَ الَّذِي
اخْتَصَصْتَهُ مِنْ سَائِرِ الشُّهُورِ، وتَخَيَّرْتَهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ
والدُّهُورِ، وآثَرْتَهُ عَلَى كُلِّ أَوْقَاتِ السَّنَةِ بِمَا أَنْزَلْتَ فِيهِ
مِنَ الْقُرْآنِ والنُّورِ، وضَاعَفْتَ فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ، وفَرَضْتَ فِيهِ
مِنَ الصِّيَامِ، ورَغَّبْتَ فِيهِ مِنَ الْقِيَامِ، وأَجْلَلْتَ فِيهِ مِنْ
لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. ثُمَّ آثَرْتَنَا بِهِ
عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، واصْطَفَيْتَنَا بِفَضْلِهِ دُونَ أَهْلِ الْمِلَلِ،
فَصُمْنَا بِأَمْرِكَ نَهَارَهُ، وقُمْنَا بِعَوْنِكَ لَيْلَهُ، مُتَعَرِّضِينَ
بِصِيَامِهِ وقِيَامِهِ لِمَا عَرَّضْتَنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِكَ، وتَسَبَّبْنَا
إِلَيْهِ مِنْ مَثُوبَتِكَ، وأَنْتَ الْمَلِيءُ بِمَا رُغِبَ فِيهِ إِلَيْكَ،
الْجَوَادُ بِمَا سُئِلْتَ مِنْ فَضْلِكَ، الْقَرِيبُ إِلَى مَنْ حَاوَلَ قُرْبَكَ.
وقَدْ أَقَامَ فِينَا هَذَا الشَّهْرُ مُقَامَ حَمْدٍ، وصَحِبَنَا صُحْبَةَ
مَبْرُورٍ، وأَرْبَحَنَا أَفْضَلَ أَرْبَاحِ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ قَدْ فَارَقَنَا
عِنْدَ تَمَامِ وَقْتِهِ، وانْقِطَاعِ مُدَّتِهِ، ووَفَاءِ عَدَدِهِ. فَنَحْنُ
مُوَدِّعُوهُ وِدَاعَ مَنْ عَزَّ فِرَاقُهُ عَلَيْنَا، وغَمَّنَا وأَوْحَشَنَا
انْصِرَافُهُ عَنَّا، ولَزِمَنَا لَهُ الذِّمَامُ الْمَحْفُوظُ، والْحُرْمَةُ
الْمَرْعِيَّةُ، والْحَقُّ الْمَقْضِيُّ، فَنَحْنُ قَائِلُونَ السَّلَامُ عَلَيْكَ
يَا شَهْرَ اللَّهِ الْأَكْبَرَ، ويَا عِيدَ أَوْلِيَائِهِ. السَّلَامُ عَلَيْكَ
يَا أَكْرَمَ مَصْحُوبٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، ويَا خَيْرَ شَهْرٍ فِي الْأَيَّامِ
والسَّاعَاتِ. السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ قَرُبَتْ فِيهِ الْآمَالُ،
ونُشِرَتْ فِيهِ الْأَعْمَالُ. السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ قَرِينٍ جَلَّ قَدْرُهُ
مَوْجُوداً، وأَفْجَعَ فَقْدُهُ مَفْقُوداً، ومَرْجُوٍّ آلَمَ فِرَاقُهُ.
السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ أَلِيفٍ آنَسَ مُقْبِلًا فَسَرَّ، وأَوْحَشَ مُنْقَضِياً
فَمَضَّ
السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ مُجَاوِرٍ رَقَّتْ فِيهِ الْقُلُوبُ، وقَلَّتْ
فِيهِ الذُّنُوبُ. السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ نَاصِرٍ أَعَانَ عَلَى الشَّيْطَانِ،
وصَاحِبٍ سَهَّلَ سُبُلَ الْإِحْسَانِ
السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا أَكْثَرَ عُتَقَاءَ اللَّهِ فِيكَ، ومَا أَسْعَدَ
مَنْ رَعَى حُرْمَتَكَ بِكَ
السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَمْحَاكَ لِلذُّنُوبِ، وأَسْتَرَكَ لِأَنْوَاعِ
الْعُيُوبِ السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَطْوَلَكَ
عَلَى الْمُجْرِمِينَ، وأَهْيَبَكَ فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ لَا
تُنَافِسُهُ الْأَيَّامُ. السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ شَهْرٍ هُوَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
سَلَامٌ السَّلَامُ عَلَيْكَ غَيْرَ
كَرِيهِ الْمُصَاحَبَةِ، ولَا ذَمِيمِ الْمُلَابَسَةِ السَّلَامُ عَلَيْكَ كَمَا وَفَدْتَ
عَلَيْنَا بِالْبَرَكَاتِ، وغَسَلْتَ عَنَّا دَنَسَ الْخَطِيئَاتِ السَّلَامُ عَلَيْكَ غَيْرَ مُوَدَّعٍ
بَرَماً ولَا مَتْرُوكٍ صِيَامُهُ سَأَماً. السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ مَطْلُوبٍ
قَبْلَ وَقْتِهِ، ومَحْزُونٍ عَلَيْهِ قَبْلَ فَوْتِهِ. السَّلَامُ عَلَيْكَ كَمْ
مِنْ سُوءٍ صُرِفَ بِكَ عَنَّا، وكَمْ مِنْ خَيْرٍ أُفِيضَ بِكَ عَلَيْنَا السَّلَامُ عَلَيْكَ وعَلَى لَيْلَةِ
الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
السَّلَامُ عَلَيْكَ مَا كَانَ أَحْرَصَنَا بِالْأَمْسِ عَلَيْكَ، وأَشَدَّ
شَوْقَنَا غَداً إِلَيْكَ. السَّلَامُ عَلَيْكَ وعَلَى فَضْلِكَ الَّذِي
حُرِمْنَاهُ، وعَلَى مَاضٍ مِنْ بَرَكَاتِكَ سُلِبْنَاهُ.
اللَّهُمَّ إِنَّا أَهْلُ هَذَا الشَّهْرِ
الَّذِي شَرَّفْتَنَا بِهِ، ووَفَّقْتَنَا بِمَنِّكَ لَهُ حِينَ جَهِلَ
الْأَشْقِيَاءُ وَقْتَهُ، وحُرِمُوا لِشَقَائِهِمْ فَضْلَهُ. أَنْتَ وَلِيُّ مَا
آثَرْتَنَا بِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، وهَدَيْتَنَا لَهُ مِنْ سُنَّتِهِ، وقَدْ
تَوَلَّيْنَا بِتَوْفِيقِكَ صِيَامَهُ وقِيَامَهُ عَلَى تَقْصِيرٍ، وأَدَّيْنَا
فِيهِ قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ.
اللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ إِقْرَاراً
بِالْإِسَاءَةِ، واعْتِرَافاً بِالْإِضَاعَةِ، ولَكَ مِنْ قُلُوبِنَا عَقْدُ
النَّدَمِ، ومِنْ أَلْسِنَتِنَا صِدْقُ الِاعْتِذَارِ، فَأْجُرْنَا عَلَى مَا
أَصَابَنَا فِيهِ مِنَ التَّفْرِيطِ أَجْراً نَسْتَدْرِكُ بِهِ الْفَضْلَ
الْمَرْغُوبَ فِيهِ، ونَعْتَاضُ بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الذُّخْرِ الْمَحْرُوصِ
عَلَيْهِ. وأَوْجِبْ لَنَا عُذْرَكَ عَلَى مَا قَصَّرْنَا فِيهِ مِنْ حَقِّكَ،
وابْلُغْ بِأَعْمَارِنَا مَا بَيْنَ أَيْدِينَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُقْبِلِ،
فَإِذَا بَلَّغْتَنَاهُ فَأَعِنِّا عَلَى تَنَاوُلِ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ مِنَ
الْعِبَادَةِ، وأَدِّنَا إِلَى الْقِيَامِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الطَّاعَةِ،
وأَجْرِ لَنَا مِنْ صَالِحِ الْعَمَلِ مَا يَكُونُ دَرَكاً لِحَقِّكَ فِي
الشَّهْرَيْنِ مِنْ شُهُورِ الدَّهْرِ.
اللَّهُمَّ ومَا أَلْمَمْنَا بِهِ فِي
شَهْرِنَا هَذَا مِنْ لَمَمٍ أَوْ إِثْمٍ، أَوْ وَاقَعْنَا فِيهِ مِنْ ذَنْبٍ،
واكْتَسَبْنَا فِيهِ مِنْ خَطِيئَةٍ عَلَى تَعَمُّدٍ مِنَّا، أَوْ عَلَى نِسْيَانٍ
ظَلَمْنَا فِيهِ أَنْفُسَنَا، أَوِ انْتَهَكْنَا بِهِ حُرْمَةً مِنْ غَيْرِنَا،
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واسْتُرْنَا بِسِتْرِكَ، واعْفُ عَنَّا
بِعَفْوِكَ، ولَا تَنْصِبْنَا فِيهِ لِأَعْيُنِ الشَّامِتِينَ، ولَا تَبْسُطْ
عَلَيْنَا فِيهِ أَلْسُنَ الطَّاعِنِينَ، واسْتَعْمِلْنَا بِمَا يَكُونُ حِطَّةً
وكَفَّارَةً لِمَا أَنْكَرْتَ مِنَّا فِيهِ بِرَأْفَتِكَ الَّتِي لَا تَنْفَدُ،
وفَضْلِكَ الَّذِي لَا يَنْقُصُ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
واجْبُرْ مُصِيبَتَنَا بِشَهْرِنَا، وبَارِكْ لَنَا فِي يَوْمِ عِيدِنَا
وفِطْرِنَا، واجْعَلْهُ مِنْ خَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْنَا أَجْلَبِهِ لِعَفْوٍ،
وأَمْحَاهُ لِذَنْبٍ، واغْفِرْ لَنَا مَا خَفِيَ مِنْ ذُنُوبِنَا ومَا عَلَنَ.
اللَّهُمَّ اسْلَخْنَا بِانْسِلَاخِ هَذَا
الشَّهْرِ مِنْ خَطَايَانَا، وأَخْرِجْنَا بِخُرُوجِهِ مِنْ سَيِّئَاتِنَا،
واجْعَلْنَا مِنْ أَسْعَدِ أَهْلِهِ بِهِ، وأَجْزَلِهِمْ قِسْماً فِيهِ،
وأَوْفَرِهِمْ حَظّاً مِنْهُ.
اللَّهُمَّ ومَنْ رَعَى هَذَا الشَّهْرَ
حَقَّ رِعَايَتِهِ، وحَفِظَ حُرْمَتَهُ حَقَّ حِفْظِهَا، وقَامَ بِحُدُودِهِ حَقَّ
قِيَامِهَا، واتَّقَى ذُنُوبَهُ حَقَّ تُقَاتِهَا، أَوْ تَقَرَّبَ إِلَيْكَ
بِقُرْبَةٍ أَوْجَبَتْ رِضَاكَ لَهُ، وعَطَفَتْ رَحْمَتَكَ عَلَيْهِ، فَهَبْ لَنَا
مِثْلَهُ مِنْ وُجْدِكَ، وأَعْطِنَا أَضْعَافَهُ مِنْ فَضْلِكَ، فَإِنَّ فَضْلَكَ
لَا يَغِيضُ، وإِنَّ خَزَائِنَكَ لَا تَنْقُصُ بَلْ تَفِيضُ، وإِنَّ مَعَادِنَ
إِحْسَانِكَ لَا تَفْنَى، وإِنَّ عَطَاءَكَ لَلْعَطَاءُ الْمُهَنَّا.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
واكْتُبْ لَنَا مِثْلَ أُجُورِ مَنْ صَامَهُ، أَوْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَتُوبُ إِلَيْكَ فِي
يَوْمِ فِطْرِنَا الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ عِيداً وسُرُوراً، ولِأَهْلِ
مِلَّتِكَ مَجْمَعاً ومُحْتَشَداً مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، أَوْ سُوءٍ
أَسْلَفْنَاهُ، أَوْ خَاطِرِ شَرٍّ أَضْمَرْنَاهُ، تَوْبَةَ مَنْ لَا يَنْطَوِي
عَلَى رُجُوعٍ إِلَى ذَنْبٍ، ولَا يَعُودُ بَعْدَهَا فِي خَطِيئَةٍ، تَوْبَةً
نَصُوحاً خَلَصَتْ مِنَ الشَّكِّ والِارْتِيَابِ، فَتَقَبَّلْهَا مِنَّا، وارْضَ
عَنَّا، وثَبِّتْنَا عَلَيْهَا.
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا خَوْفَ عِقَابِ
الْوَعِيدِ، وشَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ حَتَّى نَجِدَ لَذَّةَ مَا نَدْعُوكَ
بِهِ، وكَأْبَةَ مَا نَسْتَجِيرُكَ مِنْهُ. واجْعَلْنَا عِنْدَكَ مِنَ
التَّوَّابِينَ الَّذِينَ أَوْجَبْتَ لَهُمْ مَحَبَّتَكَ، وقَبِلْتَ مِنْهُمْ
مُرَاجَعَةَ طَاعَتِكَ، يَا أَعْدَلَ الْعَادِلِينَ.
اللَّهُمَّ تَجَاوَزْ عَنْ آبَائِنَا
وأُمَّهَاتِنَا وأَهْلِ دِينِنَا جَمِيعاً مَنْ سَلَفَ مِنْهُمْ ومَنْ غَبَرَ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا وآلِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى مَلَائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ، وصَلِّ عَلَيْهِ وآلِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى أَنْبِيَائِكَ الْمُرْسَلِينَ، وصَلِّ عَلَيْهِ وآلِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، وأَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، صَلَاةً تَبْلُغُنَا بَرَكَتُهَا، ويَنَالُنَا نَفْعُهَا، ويُسْتَجَابُ لَهَا دُعَاؤُنَا، إِنَّكَ أَكْرَمُ مَنْ رُغِبَ إِلَيْهِ، وأَكْفَى مَنْ تُوُكِّلَ عَلَيْهِ، وأَعْطَى مَنْ سُئِلَ مِنْ فَضْلِهِ، وأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
يَا مَنْ يَرْحَمُ مَنْ لَا يَرْحَمُهُ الْعِبَادُ ويَا مَنْ يَقْبَلُ مَنْ لَا تَقْبَلُهُ الْبِلَادُ ويَا مَنْ لَا يَحْتَقِرُ أَهْلَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ويَا مَنْ لَا يُخَيِّبُ الْمُلِحِّينَ عَلَيْهِ. ويَا مَنْ لَا يَجْبَهُ بِالرَّدِّ أَهْلَ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ ويَا مَنْ يَجْتَبِي صَغِيرَ مَا يُتْحَفُ بِهِ، ويَشْكُرُ يَسِيرَ مَا يُعْمَلُ لَهُ. ويَا مَنْ يَشْكُرُ عَلَى الْقَلِيلِ ويُجَازِي بِالْجَلِيلِ ويَا مَنْ يَدْنُو إِلَى مَنْ دَنَا مِنْهُ. ويَا مَنْ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ مَنْ أَدْبَرَ عَنْهُ. ويَا مَنْ لَا يُغَيِّرُ النِّعْمَةَ، ولَا يُبَادِرُ بِالنَّقِمَةِ. ويَا مَنْ يُثْمِرُ الْحَسَنَةَ حَتَّى يُنْمِيَهَا، ويَتَجَاوَزُ عَنِ السَّيِّئَةِ حَتَّى يُعَفِّيَهَا. انْصَرَفَتِ الْآمَالُ دُونَ مَدَى كَرَمِكَ بِالْحَاجَاتِ، وامْتَلَأَتْ بِفَيْضِ جُودِكَ أَوْعِيَةُ الطَّلِبَاتِ، وتَفَسَّخَتْ دُونَ بُلُوغِ نَعْتِكَ الصِّفَاتُ، فَلَكَ الْعُلُوُّ الْأَعْلَى فَوْقَ كُلِّ عَالٍ، والْجَلَالُ الْأَمْجَدُ فَوْقَ كُلِّ جَلَالٍ. كُلُّ جَلِيلٍ عِنْدَكَ صَغِيرٌ، وكُلُّ شَرِيفٍ فِي جَنْبِ شَرَفِكَ حَقِيرٌ، خَابَ الْوَافِدُونَ عَلَى غَيْرِكَ، وخَسِرَ الْمُتَعَرِّضُونَ إِلَّا لَكَ، وضَاعَ الْمُلِمُّونَ إِلَّا بِكَ، وأَجْدَبَ الْمُنْتَجِعُونَ إِلَّا مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ بَابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرَّاغِبِينَ، وجُودُكَ مُبَاحٌ لِلسَّائِلِينَ، وإِغَاثَتُكَ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمُسْتَغِيثِينَ. لَا يَخِيبُ مِنْكَ الْآمِلُونَ، ولَا يَيْأَسُ مِنْ عَطَائِكَ الْمُتَعَرِّضُونَ، ولا يَشْقَى بِنَقِمَتِكَ الْمُسْتَغْفِرُونَ. رِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصَاكَ، وحِلْمُكَ مُعْتَرِضٌ لِمَنْ نَاوَاكَ، عَادَتُكَ الْإِحْسَانُ إِلَى الْمُسِيئِينَ، وسُنَّتُكَ الْإِبْقَاءُ عَلَى الْمُعْتَدِينَ حَتَّى لَقَدْ غَرَّتْهُمْ أَنَاتُكَ عَنِ الرُّجُوعِ، وصَدَّهُمْ إِمْهَالُكَ عَنِ النُّزُوعِ. وإِنَّمَا تَأَنَّيْتَ بِهِمْ لِيَفِيئُوا إِلَى أَمْرِكَ، وأَمْهَلْتَهُمْ ثِقَةً بِدَوَامِ مُلْكِكَ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ خَتَمْتَ لَهُ بِهَا، ومَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ خَذَلْتَهُ لَهَا. كُلُّهُمْ صَائِرُونَ، إِلَى حُكْمِكَ، وأَمُورُهُمْ آئِلَةٌ إِلَى أَمْرِكَ، لَمْ يَهِنْ عَلَى طُولِ مُدَّتِهِمْ سُلْطَانُكَ، ولَمْ يَدْحَضْ لِتَرْكِ مُعَاجَلَتِهِمْ بُرْهَانُكَ. حُجَّتُكَ قَائِمَةٌ لَا تُدْحَضُ، وسُلْطَانُكَ ثَابِتٌ لَا يَزُولُ، فَالْوَيْلُ الدَّائِمُ لِمَنْ جَنَحَ عَنْكَ، والْخَيْبَةُ الْخَاذِلَةُ لِمَنْ خَابَ مِنْكَ، والشَّقَاءُ الْأَشْقَى لِمَنِ اغْتَرَّ بِكَ. مَا أَكْثَرَ تَصَرُّفَهُ فِي عَذَابِكَ، ومَا أَطْوَلَ تَرَدُّدَهُ فِي عِقَابِكَ، ومَا أَبْعَدَ غَايَتَهُ مِنَ الْفَرَجِ، ومَا أَقْنَطَهُ مِنْ سُهُولَةِ الْمَخْرَجِ عَدْلًا مِنْ قَضَائِكَ لَا تَجُورُ فِيهِ، وإِنْصَافاً مِنْ حُكْمِكَ لَا تَحِيفُ عَلَيْهِ. فَقَدْ ظَاهَرْتَ الْحُجَجَ، وأَبْلَيْتَ الْأَعْذَارَ، وقَدْ تَقَدَّمْتَ بِالْوَعِيدِ، وتَلَطَّفْتَ فِي التَّرْغِيبِ، وضَرَبْتَ الْأَمْثَالَ، وأَطَلْتَ الْإِمْهَالَ، وأَخَّرْتَ وأَنْتَ مُسْتَطِيعٌ لِلمُعَاجَلَةِ، وتَأَنَّيْتَ وأَنْتَ مَلِيءٌ بِالْمُبَادَرَةِ لَمْ تَكُنْ أَنَاتُكَ عَجْزاً، ولَا إِمْهَالُكَ وَهْناً، ولَا إِمْسَاكُكَ غَفْلَةً، ولَا انْتِظَارُكَ مُدَارَاةً، بَلْ لِتَكُونَ حُجَّتُكَ أَبْلَغَ، وكَرَمُكَ أَكْمَلَ، وإِحْسَانُكَ أَوْفَى، ونِعْمَتُكَ أَتَمَّ، كُلُّ ذَلِكَ كَانَ ولَمْ تَزَلْ، وهُوَ كَائِنٌ ولَا تَزَالُ. حُجَّتُكَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ تُوصَفَ بِكُلِّهَا، ومَجْدُكَ أَرْفَعُ مِنْ أَنْ يُحَدَّ بِكُنْهِهِ، ونِعْمَتُكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى بِأَسْرِهَا، وإِحْسَانُكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُشْكَرَ عَلَى أَقَلِّهِ وقَدْ قَصَّرَ بِيَ السُّكُوتُ عَنْ تَحْمِيدِكَ، وفَهَّهَنِيَ الْإِمْسَاكُ عَنْ تَمْجِيدِكَ، وقُصَارَايَ الْإِقْرَارُ بِالْحُسُورِ، لَا رَغْبَةً يَا إِلَهِي بَلْ عَجْزاً. فَهَا أَنَا ذَا أَؤُمُّكَ بِالْوِفَادَةِ، وأَسْأَلُكَ حُسْنَ الرِّفَادَةِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واسْمَعْ نَجْوَايَ، واسْتَجِبْ دُعَائِي، ولَا تَخْتِمْ يَوْمِي بِخَيْبَتِي، ولَا تَجْبَهْنِي بِالرَّدِّ فِي مَسْأَلَتِي، وأَكْرِمْ مِنْ عِنْدِكَ مُنْصَرَفِي، وإِلَيْكَ مُنْقَلَبِي، إِنَّكَ غَيْرُ ضَائِقٍ بِمَا تُرِيدُ، ولَا عَاجِزٍ عَمَّا تُسْأَلُ، وأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ بَدِيعَ
السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ، ذَا الْجَلَالِ والْإِكْرَامِ، رَبَّ الْأَرْبَابِ،
وإِلَهَ كُلِّ مَأْلُوهٍ، وخَالِقَ كُلِّ مَخْلُوقٍ، ووَارِثَ كُلِّ شَيْءٍ،
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، ولَا يَعْزُبُ عَنْهُ عِلْمُ شَيْءٍ، وهُوَ بِكُلِّ
شَيْءٍ مُحِيطٌ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبٌ.
أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ،
الْأَحَدُ الْمُتَوَحِّدُ الْفَرْدُ الْمُتَفَرِّدُ وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ،
الْكَرِيمُ الْمُتَكَرِّمُ، الْعَظِيمُ الْمُتَعَظِّمُ، الْكَبِيرُ الْمُتَكَبِّرُ
وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْعَلِيُّ الْمُتَعَالِ، الشَّدِيدُ
الْمِحَالِ وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ،
الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا
أَنْتَ، السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، الْقَدِيمُ الْخَبِيرُ وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ،
الْكَرِيمُ الْأَكْرَمُ، الدَّائِمُ الْأَدْوَمُ،
وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ،
والْآخِرُ بَعْدَ كُلِّ عَدَدٍ
وأَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الدَّانِي فِي عُلُوِّهِ،
والْعَالِي فِي دُنُوِّهِ وأَنْتَ
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، ذُو الْبَهَاءِ والْمَجْدِ، والْكِبْرِيَاءِ
والْحَمْدِ وأَنْتَ اللَّهُ لَا
إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الَّذِي أَنْشَأْتَ الْأَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ سِنْخٍ،
وصَوَّرْتَ مَا صَوَّرْتَ مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ، وابْتَدَعْتَ الْمُبْتَدَعَاتِ
بِلَا احْتِذَاءٍ. أَنْتَ الَّذِي قَدَّرْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَقْدِيراً، ويَسَّرْتَ
كُلَّ شَيْءٍ تَيْسِيراً، ودَبَّرْتَ مَا دُونَكَ تَدْبِيراً أَنْتَ الَّذِي لَمْ يُعِنْكَ عَلَى
خَلْقِكَ شَرِيكٌ، ولَمْ يُوَازِرْكَ فِي أَمْرِكَ وَزِيرٌ، ولَمْ يَكُنْ لَكَ
مُشَاهِدٌ ولَا نَظِيرٌ. أَنْتَ الَّذِي أَرَدْتَ فَكَانَ حَتْماً مَا أَرَدْتَ،
وقَضَيْتَ فَكَانَ عَدْلًا مَا قَضَيْتَ، وحَكَمْتَ فَكَانَ نِصْفاً مَا حَكَمْتَ.
أَنْتَ الَّذِي لَا يَحْوِيكَ مَكَانٌ، ولَمْ يَقُمْ لِسُلْطَانِكَ سُلْطَانٌ،
ولَمْ يُعْيِكَ بُرْهَانٌ ولَا بَيَانٌ. أَنْتَ الَّذِي أَحْصَيْتَ كُلَّ شَيْءٍ
عَدَداً، وجَعَلْتَ لِكُلِّ شَيْءٍ أَمَداً، وقَدَّرْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَقْدِيراً.
أَنْتَ الَّذِي قَصُرَتِ الْأَوْهَامُ عَنْ ذَاتِيَّتِكَ، وعَجَزَتِ الْأَفْهَامُ
عَنْ كَيْفِيَّتِكَ، ولَمْ تُدْرِكِ الْأَبْصَارُ مَوْضِعَ أَيْنِيَّتِكَ. أَنْتَ
الَّذِي لَا تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحْدُوداً، ولَمْ تُمَثَّلْ فَتَكُونَ مَوْجُوداً،
ولَمْ تَلِدْ فَتَكُونَ مَوْلُوداً. أَنْتَ الَّذِي لَا ضِدَّ مَعَكَ
فَيُعَانِدَكَ، ولَا عِدْلَ لَكَ فَيُكَاثِرَكَ، ولَا نِدَّ لَكَ فَيُعَارِضَكَ.
أَنْتَ الَّذِي ابْتَدَأَ، واخْتَرَعَ، واسْتَحْدَثَ، وابْتَدَعَ، وأَحْسَنَ صُنْعَ
مَا صَنَعَ. سُبْحَانَكَ مَا أَجَلَّ شَأْنَكَ، وأَسْنَى فِي الْأَمَاكِنِ
مَكَانَكَ، وأَصْدَعَ بِالْحَقِّ فُرْقَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ لَطِيفٍ مَا أَلْطَفَكَ،
ورَءُوفٍ مَا أَرْأَفَكَ، وحَكِيمٍ مَا أَعْرَفَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ مَلِيكٍ مَا أَمْنَعَكَ،
وجَوَادٍ مَا أَوْسَعَكَ، ورَفِيعٍ مَا أَرْفَعَكَ ذُو الْبَهَاءِ والْمَجْدِ
والْكِبْرِيَاءِ والْحَمْدِ. سُبْحَانَكَ بَسَطْتَ بِالْخَيْرَاتِ يَدَكَ،
وعُرِفَتِ الْهِدَايَةُ مِنْ عِنْدِكَ، فَمَنِ الْتَمَسَكَ لِدِينٍ أَوْ دُنْيَا
وَجَدَكَ سُبْحَانَكَ خَضَعَ لَكَ
مَنْ جَرَى فِي عِلْمِكَ، وخَشَعَ لِعَظَمَتِكَ مَا دُونَ عَرْشِكَ، وانْقَادَ
لِلتَّسْلِيمِ لَكَ كُلُّ خَلْقِكَ سُبْحَانَكَ لَا تُحَسُّ ولَا تُجَسُّ ولَا
تُمَسُّ ولَا تُكَادُ ولَا تُمَاطُ ولَا تُنَازَعُ ولَا تُجَارَى ولَا تُمَارَى
ولَا تُخَادَعُ ولَا تُمَاكَرُ
سُبْحَانَكَ سَبِيلُكَ جَدَدٌ. وأَمْرُكَ رَشَدٌ، وأَنْتَ حَيٌّ صَمَدٌ.
سُبْحَانَكَ قَولُكَ حُكْمٌ، وقَضَاؤُكَ حَتْمٌ، وإِرَادَتُكَ عَزْمٌ. سُبْحَانَكَ
لَا رَادَّ لِمَشِيَّتِكَ، ولَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِكَ. سُبْحَانَكَ بَاهِرَ
الْآيَاتِ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ، بَارِئَ النَّسَمَاتِ لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَدُومُ
بِدَوَامِكَ ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً
خَالِداً بِنِعْمَتِكَ. ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يُوَازِي صُنْعَكَ ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَزِيدُ عَلَى
رِضَاكَ. ولَكَ الْحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ كُلِّ حَامِدٍ، وشُكْراً يَقْصُرُ
عَنْهُ شُكْرُ كُلِّ شَاكِرٍ حَمْداً
لَا يَنْبَغِي إِلَّا لَكَ، ولَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَّا إِلَيْكَ حَمْداً يُسْتَدَامُ بِهِ الْأَوَّلُ،
ويُسْتَدْعَى بِهِ دَوَامُ الْآخِرِ. حَمْداً يَتَضَاعَفُ عَلَى كُرُورِ
الْأَزْمِنَةِ، ويَتَزَايَدُ أَضْعَافاً مُتَرَادِفَةً. حَمْداً يَعْجِزُ عَنْ
إِحْصَائِهِ الْحَفَظَةُ، ويَزِيدُ عَلَى مَا أَحْصَتْهُ فِي كِتَابِكَ الْكَتَبَةُ حَمْداً يُوازِنُ عَرْشَكَ الْمَجِيدَ
ويُعَادِلُ كُرْسِيَّكَ الرَّفِيعَ. حَمْداً يَكْمُلُ لَدَيْكَ ثَوَابُهُ،
ويَسْتَغْرِقُ كُلَّ جَزَاءٍ جَزَاؤُهُ
حَمْداً ظَاهِرُهُ وَفْقٌ لِبَاطِنِهِ، وبَاطِنُهُ وَفْقٌ لِصِدْقِ
النِّيَّةِ حَمْداً لَمْ يَحْمَدْكَ خَلْقٌ مِثْلَهُ،
ولَا يَعْرِفُ أَحَدٌ سِوَاكَ فَضْلَهُ
حَمْداً يُعَانُ مَنِ اجْتَهَدَ فِي تَعْدِيدِهِ، ويُؤَيَّدُ مَنْ أَغْرَقَ نَزْعاً
فِي تَوْفِيَتِهِ. حَمْداً يَجْمَعُ مَا خَلَقْتَ مِنَ الْحَمْدِ، ويَنْتَظِمُ مَا
أَنْتَ خَالِقُهُ مِنْ بَعْدُ. حَمْداً لَا حَمْدَ أَقْرَبُ إِلَى قَوْلِكَ مِنْهُ،
ولَا أَحْمَدَ مِمَّنْ يَحْمَدُكَ بِهِ. حَمْداً يُوجِبُ بِكَرَمِكَ الْمَزِيدَ
بِوُفُورِهِ، وتَصِلُهُ بِمَزِيدٍ بَعْدَ مَزِيدٍ طَوْلًا مِنْكَ ، حَمْداً يَجِبُ
لِكَرَمِ وَجْهِكَ، ويُقَابِلُ عِزَّ جَلَالِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،
الْمُنْتَجَبِ الْمُصْطَفَى الْمُكَرَّمِ الْمُقَرَّبِ، أَفْضَلَ صَلَوَاتِكَ،
وبَارِكْ عَلَيْهِ أَتَمَّ بَرَكَاتِكَ، وتَرَحَّمْ عَلَيْهِ أَمْتَعَ رَحَمَاتِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، صَلَاةً
زَاكِيَةً لَا تَكُونُ صَلَاةٌ أَزْكَى مِنْهَا، وصَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً نَامِيَةً
لَا تَكُونُ صَلَاةٌ أَنْمَى مِنْهَا، وصَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً رَاضِيَةً لَا
تَكُونُ صَلَاةٌ فَوْقَهَا.
رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، صَلَاةً
تُرْضِيهِ وتَزِيدُ عَلَى رِضَاهُ، وصَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً تُرْضِيكَ وتَزِيدُ
عَلَى رِضَاكَ لَهُ وصَلِّ عَلَيْهِ صَلَاةً لَا تَرْضَى لَهُ إِلَّا بِهَا، ولَا
تَرَى غَيْرَهُ لَهَا أَهْلًا.
رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ صَلَاةً
تُجَاوِزُ رِضْوَانَكَ، ويَتَّصِلُ اتِّصَالُهَا بِبَقَائِكَ، ولَا يَنْفَدُ كَمَا
لَا تَنْفَدُ كَلِمَاتُكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، صَلَاةً
تَنْتَظِمُ صَلَوَاتِ مَلَائِكَتِكَ وأَنْبِيَائِكَ ورُسُلِكَ وأَهْلِ طَاعَتِكَ،
وتَشْتَمِلُ عَلَى صَلَوَاتِ عِبَادِكَ مِنْ جِنِّكَ وإِنْسِكَ وأَهْلِ
إِجَابَتِكَ، وتَجْتَمِعُ عَلَى صَلَاةِ كُلِّ مَنْ ذَرَأْتَ وبَرَأْتَ مِنْ
أَصْنَافِ خَلْقِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وآلِهِ، صَلَاةً
تُحِيطُ بِكُلِّ صَلَاةٍ سَالِفَةٍ ومُسْتَأْنَفَةٍ، وصَلِّ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ،
صَلَاةً مَرْضِيَّةً لَكَ ولِمَنْ دُونَكَ، وتُنْشِئُ مَعَ ذَلِكَ صَلَوَاتٍ
تُضَاعِفُ مَعَهَا تِلْكَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَهَا، وتَزِيدُهَا عَلَى كُرُورِ
الْأَيَّامِ زِيَادَةً فِي تَضَاعِيفَ لَا يَعُدُّهَا غَيْرُكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَى أَطَايِبِ أَهْلِ بَيْتِهِ
الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِأَمْرِكَ، وجَعَلْتَهُمْ خَزَنَةَ عِلْمِكَ، وحَفَظَةَ
دِينِكَ، وخُلَفَاءَكَ فِي أَرْضِكَ، وحُجَجَكَ عَلَى عِبَادِكَ، وطَهَّرْتَهُمْ
مِنَ الرِّجْسِ والدَّنَسِ تَطْهِيراً بِإِرَادَتِكَ، وجَعَلْتَهُمُ الْوَسِيلَةَ
إِلَيْكَ، والْمَسْلَكَ إِلَى جَنَّتِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، صَلَاةً
تُجْزِلُ لَهُمْ بِهَا مِنْ نِحَلِكَ وكَرَامَتِكَ، وتُكْمِلُ لَهُمُ الْأَشْيَاءَ
مِنْ عَطَايَاكَ ونَوَافِلِكَ، وتُوَفِّرُ عَلَيْهِمُ الْحَظَّ مِنْ عَوَائِدِكَ
وفَوَائِدِكَ.
رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ صَلَاةً
لَا أَمَدَ فِي أَوَّلِهَا، ولَا غَايَةَ لِأَمَدِهَا، ولَا نِهَايَةَ لِآخِرِهَا.
رَبِّ صَلِّ عَلَيْهِمْ زِنَةَ عَرْشِكَ ومَا
دُونَهُ، ومِلْءَ سَمَاوَاتِكَ ومَا فَوْقَهُنَّ، وعَدَدَ أَرَضِيكَ ومَا
تَحْتَهُنَّ ومَا بَيْنَهُنَّ، صَلَاةً تُقَرِّبُهُمْ مِنْكَ زُلْفَى، وتَكُونُ
لَكَ ولَهُمْ رِضًى، ومُتَّصِلَةً بِنَظَائِرِهِنَّ أَبَداً.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَيَّدْتَ دِينَكَ فِي
كُلِّ أَوَانٍ بِإِمَامٍ أَقَمْتَهُ عَلَماً لِعِبَادِكَ، ومَنَاراً فِي بِلَادِكَ
بَعْدَ أَنْ وَصَلْتَ حَبْلَهُ بِحَبْلِكَ، وجَعَلْتَهُ الذَّرِيعَةَ إِلَى
رِضْوَانِكَ، وافْتَرَضْتَ طَاعَتَهُ، وحَذَّرْتَ مَعْصِيَتَهُ، وأَمَرْتَ
بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، والِانْتِهَاءِ عِنْدَ نَهْيِهِ، وأَلَّا يَتَقَدَّمَهُ
مُتَقَدِّمٌ، ولَا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ مُتَأَخِّرٌ فَهُوَ عِصْمَةُ اللَّائِذِينَ،
وكَهْفُ الْمُؤْمِنِينَ وعُرْوَةُ الْمُتَمَسِّكِينَ، وبَهَاءُ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ فَأَوْزِعْ لِوَلِيِّكَ شُكْرَ
مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وأَوْزِعْنَا مِثْلَهُ فِيهِ، وآتِهِ مِنْ لَدُنْكَ
سُلْطَاناً نَصِيراً، وافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً، وأَعِنْهُ بِرُكْنِكَ
الْأَعَزِّ، واشْدُدْ أَزْرَهُ، وقَوِّ عَضُدَهُ، ورَاعِهِ بِعَيْنِكَ، واحْمِهِ
بِحِفْظِكَ وانْصُرْهُ بِمَلَائِكَتِكَ، وامْدُدْهُ بِجُنْدِكَ الْأَغْلَبِ.
وأَقِمْ بِهِ كِتَابَكَ وحُدُودَكَ وشَرَائِعَكَ وسُنَنَ رَسُولِكَ، صَلَوَاتُكَ
اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وآلِهِ، وأَحْيِ بِهِ مَا أَمَاتَهُ الظَّالِمُونَ مِنْ
مَعَالِمِ دِينِكَ، واجْلُ بِهِ صَدَاءَ الْجَوْرِ عَنْ طَرِيقَتِكَ، وأَبِنْ بِهِ
الضَّرَّاءَ مِنْ سَبِيلِكَ، وأَزِلْ بِهِ النَّاكِبِينَ عَنْ صِرَاطِكَ، وامْحَقْ
بِهِ بُغَاةَ قَصْدِكَ عِوَجاً وأَلِنْ جَانِبَهُ لِأَوْلِيَائِكَ، وابْسُطْ يَدَهُ
عَلَى أَعْدَائِكَ، وهَبْ لَنَا رَأْفَتَهُ، ورَحْمَتَهُ وتَعَطُّفَهُ
وتَحَنُّنَهُ، واجْعَلْنَا لَهُ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، وفِي رِضَاهُ سَاعِينَ،
وإِلَى نُصْرَتِهِ والْمُدَافَعَةِ عَنْهُ مُكْنِفِينَ، وإِلَيْكَ وإِلَى رَسُولِكَ
صَلَوَاتُكَ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وآلِهِ بِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ.
اللَّهُمَّ وصَلِّ عَلَى أَوْلِيَائِهِمُ
الْمُعْتَرِفِينَ بِمَقَامِهِمُ، الْمُتَّبِعِينَ مَنْهَجَهُمُ، الْمُقْتَفِينَ
آثَارَهُمُ، الْمُسْتَمْسِكِينَ بِعُرْوَتِهِمُ، الْمُتَمَسِّكِينَ
بِوِلَايَتِهِمُ، الْمُؤْتَمِّينَ بِإِمَامَتِهِمُ، الْمُسَلِّمِينَ لِأَمْرِهِمُ،
الْمُجْتَهِدِينَ فِي طَاعَتِهِمُ، الْمُنْتَظِرِينَ أَيَّامَهُمُ، الْمَادِّينَ
إِلَيْهِمْ أَعْيُنَهُمُ، الصَّلَوَاتِ الْمُبَارَكَاتِ الزَّاكِيَاتِ
النَّامِيَاتِ الْغَادِيَاتِ الرَّائِحَاتِ. وسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وعَلَى
أَرْوَاحِهِمْ، واجْمَعْ عَلَى التَّقْوَى أَمْرَهُمْ، وأَصْلِحْ لَهُمْ
شُئُونَهُمْ، وتُبْ عَلَيْهِمْ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وخَيْرُ
الْغَافِرِينَ، واجْعَلْنَا مَعَهُمْ فِي دَارِ السَّلَامِ بِرَحْمَتِكَ، يَا
أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمٌ
شَرَّفْتَهُ وكَرَّمْتَهُ وعَظَّمْتَهُ، نَشَرْتَ فِيهِ رَحْمَتَكَ، ومَنَنْتَ
فِيهِ بِعَفْوِكَ، وأَجْزَلْتَ فِيهِ عَطِيَّتَكَ، وتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَى
عِبَادِكَ.
اللَّهُمَّ وأَنَا عَبْدُكَ الَّذِي
أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ خَلْقِكَ لَهُ وبَعْدَ خَلْقِكَ إِيَّاهُ، فَجَعَلْتَهُ
مِمَّنْ هَدَيْتَهُ لِدِينِكَ، ووَفَّقْتَهُ لِحَقِّكَ، وعَصَمْتَهُ بِحَبْلِكَ،
وأَدْخَلْتَهُ فِي حِزْبِكَ، وأَرْشَدْتَهُ لِمُوَالَاةِ أَوْلِيَائِكَ،
ومُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ. ثُمَّ أَمَرْتَهُ فَلَمْ يَأْتَمِرْ، وزَجَرْتَهُ فَلَمْ
يَنْزَجِرْ، ونَهَيْتَهُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، فَخَالَفَ أَمْرَكَ إِلَى نَهْيِكَ،
لَا مُعَانَدَةً لَكَ، ولَا اسْتِكْبَاراً عَلَيْكَ، بَلْ دَعَاهُ هَوَاهُ إِلَى
مَا زَيَّلْتَهُ وإِلَى مَا حَذَّرْتَهُ، وأَعَانَهُ عَلَى ذَلِكَ عَدُوُّكَ
وعَدُوُّهُ، فَأَقْدَمَ عَلَيْهِ عَارِفاً بِوَعِيدِكَ، رَاجِياً لِعَفْوِكَ،
وَاثِقاً بِتَجَاوُزِكَ، وكَانَ أَحَقَّ عِبَادِكَ مَعَ مَا مَنَنْتَ عَلَيْهِ
أَلَّا يَفْعَلَ. وهَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ صَاغِراً ذَلِيلًا خَاضِعاً
خَاشِعاً خَائِفاً، مُعْتَرِفاً بِعَظِيمٍ مِنَ الذُّنُوبِ تَحَمَّلْتُهُ، وجَلِيلٍ
مِنَ الْخَطَايَا اجْتَرَمْتُهُ، مُسْتَجِيراً بِصَفْحِكَ، لَائِذاً بِرَحْمَتِكَ،
مُوقِناً أَنَّهُ لَا يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ، ولَا يَمْنَعُنِي مِنْكَ مَانِعٌ.
فَعُدْ عَلَيَّ بِمَا تَعُودُ بِهِ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ مِنْ تَغَمُّدِكَ، وجُدْ
عَلَيَّ بِمَا تَجُودُ بِهِ عَلَى مَنْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَيْكَ مِنْ عَفْوِكَ،
وامْنُنْ عَلَيَّ بِمَا لَا يَتَعَاظَمُكَ أَنْ تَمُنَّ بِهِ عَلَى مَنْ أَمَّلَكَ
مِنْ غُفْرَانِكَ، واجْعَلْ لِي فِي هَذَا الْيَوْمِ نَصِيباً
أَنَالُ بِهِ حَظّاً مِنْ رِضْوَانِكَ، ولَا تَرُدَّنِي صِفْراً مِمَّا يَنْقَلِبُ
بِهِ الْمُتَعَبِّدُونَ لَكَ مِنْ عِبَادِكَ
وإِنِّي وإِنْ لَمْ أُقَدِّمْ مَا قَدَّمُوهُ مِنَ الصَّالِحَاتِ فَقَدْ
قَدَّمْتُ تَوْحِيدَكَ ونَفْيَ الْأَضْدَادِ والْأَنْدَادِ والْأَشْبَاهِ عَنْكَ،
وأَتَيْتُكَ مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِي أَمَرْتَ أَنْ تُؤْتَى مِنْهَا،
وتَقَرَّبْتُ إِلَيْكَ بِمَا لَا يَقْرُبُ أَحَدٌ مِنْكَ إِلَّا بالتَّقَرُّبِ بِهِ.
ثُمَّ أَتْبَعْتُ ذَلِكَ بِالْإِنَابَةِ إِلَيْكَ، والتَّذَلُّلِ والِاسْتِكَانَةِ
لَكَ، وحُسْنِ الظَّنِّ بِكَ، والثِّقَةِ بِمَا عِنْدَكَ، وشَفَعْتُهُ بِرَجَائِكَ
الَّذِي قَلَّ مَا يَخِيبُ عَلَيْهِ رَاجِيكَ. وسَأَلْتُكَ مَسْأَلَةَ الْحَقِيرِ
الذَّلِيلِ الْبَائِسِ الْفَقِيرِ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ، ومَعَ ذَلِكَ خِيفَةً
وتَضَرُّعاً وتَعَوُّذاً وتَلَوُّذاً، لَا مُسْتَطِيلًا بِتَكَبُّرِ
الْمُتَكَبِّرِينَ، ولَا مُتَعَالِياً بِدَالَّةِ الْمُطِيعِينَ، ولَا مُسْتَطِيلًا
بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ. وأَنَا بَعْدُ أَقَلُّ الْأَقَلِّينَ، وأَذَلُّ
الْأَذَلِّينَ، ومِثْلُ الذَّرَّةِ أَوْ دُونَهَا، فَيَا مَنْ لَمْ يُعَاجِلِ
الْمُسِيئِينَ، ولَا يَنْدَهُ الْمُتْرَفِينَ، ويَا مَنْ يَمُنُّ بِإِقَالَةِ
الْعَاثِرِينَ، ويَتَفَضَّلُ بِإِنْظَارِ الْخَاطِئِينَ. أَنَا الْمُسِيءُ
الْمُعْتَرِفُ الْخَاطِئُ الْعَاثِرُ. أَنَا الَّذِي أَقْدَمَ عَلَيْكَ
مُجْتَرِئاً. أَنَا الَّذِي عَصَاكَ مُتَعَمِّداً. أَنَا الَّذِي اسْتَخْفَى مِنْ
عِبَادِكَ وبَارَزَكَ.
أَنَا الَّذِي هَابَ عِبَادَكَ وأَمِنَكَ.
أَنَا الَّذِي لَمْ يَرْهَبْ سَطْوَتَكَ، ولَمْ يَخَفْ بَأْسَكَ. أَنَا الْجَانِي
عَلَى نَفْسِهِ أَنَا الْمُرْتَهَنُ
بِبَلِيَّتِهِ. أَنَا القَلِيلُ الْحَيَاءِ. أَنَا الطَّوِيلُ الْعَنَاءِ. بِحَقِّ
مَنِ انْتَجَبْتَ مِنْ خَلْقِكَ، وبِمَنِ اصْطَفَيْتَهُ لِنَفْسِكَ، بِحَقِّ مَنِ
اخْتَرْتَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، ومَنِ اجْتَبَيْتَ لِشَأْنِكَ، بِحَقِّ مَنْ وَصَلْتَ
طَاعَتَهُ بِطَاعَتِكَ، ومَنْ جَعَلْتَ مَعْصِيَتَهُ كَمَعْصِيَتِكَ، بِحَقِّ مَنْ
قَرَنْتَ مُوَالَاتَهُ بِمُوَالَاتِكَ، ومَنْ نُطْتَ مُعَادَاتَهُ بِمُعَادَاتِكَ،
تَغَمَّدْنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِمَا تَتَغَمَّدُ بِهِ مَنْ جَارَ إِلَيْكَ
مُتَنَصِّلًا، وعَاذَ بِاسْتِغْفَارِكَ تَائِباً. وتَوَلَّنِي بِمَا تَتَوَلَّى
بِهِ أَهْلَ طَاعَتِكَ والزُّلْفَى لَدَيْكَ والْمَكَانَةِ مِنْكَ. وتَوَحَّدْنِي
بِمَا تَتَوَحَّدُ بِهِ مَنْ وَفَى بِعَهْدِكَ، وأَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِكَ،
وأَجْهَدَهَا فِي مَرْضَاتِكَ. ولَا تُؤَاخِذْنِي بِتَفْرِيطِي فِي جَنْبِكَ،
وتَعَدِّي طَوْرِي فِي حُدُودِكَ، ومُجَاوَزَةِ أَحْكَامِكَ. ولَا تَسْتَدْرِجْنِي
بِإِمْلَائِكَ لِي اسْتِدْرَاجَ مَنْ مَنَعَنِي خَيْرَ مَا عِنْدَهُ ولَمْ
يَشْرَكْكَ فِي حُلُولِ نِعْمَتِهِ بِي. ونَبِّهْنِي مِنْ رَقْدَةِ الْغَافِلِينَ،
وسِنَةِ الْمُسْرِفِينَ، ونَعْسَةِ الْمَخْذُولِينَ وخُذْ بِقَلْبِي إِلَى مَا اسْتَعْمَلْتَ
بِهِ الْقَانِتِينَ، واسْتَعْبَدْتَ بِهِ الْمُتَعَبِّدِينَ، واسْتَنْقَذْتَ بِهِ
الْمُتَهَاوِنِينَ. وأَعِذْنِي مِمَّا يُبَاعِدُنِي عَنْكَ، ويَحُولُ بَيْنِي
وبَيْنَ حَظِّي مِنْكَ، ويَصُدُّنِي عَمَّا أُحَاوِلُ لَدَيْكَ وسَهِّلْ لِي مَسْلَكَ الْخَيْرَاتِ
إِلَيْكَ، والْمُسَابَقَةَ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ أَمَرْتَ، والْمُشَاحَّةَ فِيهَا
عَلَى مَا أَرَدْتَ. ولَا تَمْحَقْنِي فِيمَن تَمْحَقُ مِنَ الْمُسْتَخِفِّينَ
بِمَا أَوْعَدْتَ ولَا تُهْلِكْنِي
مَعَ مَنْ تُهْلِكُ مِنَ الْمُتَعَرِّضِينَ لِمَقْتِكَ
ولَا تُتَبِّرْنِي فِيمَنْ تُتَبِّرُ مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ سُبُلِكَ
وَ نَجِّنِي مِنْ غَمَرَاتِ الْفِتْنَةِ، وخَلِّصْنِي مِنْ لَهَوَاتِ الْبَلْوَى، وأَجِرْنِي مِنْ أَخْذِ الْإِمْلَاءِ. وحُلْ بَيْنِي وبَيْنَ عَدُوٍّ يُضِلُّنِي، وهَوًى يُوبِقُنِي، ومَنْقَصَةٍ تَرْهَقُنِي ولَا تُعْرِضْ عَنِّي إِعْرَاضَ مَنْ لَا تَرْضَى عَنْهُ بَعْدَ غَضَبِكَ ولَا تُؤْيِسْنِي مِنَ الْأَمَلِ فِيكَ فَيَغْلِبَ عَلَيَّ الْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَتِكَ ولَا تَمْنَحْنِي بِمَا لَا طَاقَةَ لِي بِهِ فَتَبْهَظَنِي مِمَّا تُحَمِّلُنِيهِ مِنْ فَضْلِ مَحَبَّتِكَ. ولَا تُرْسِلْنِي مِنْ يَدِكَ إِرْسَالَ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ، ولَا حَاجَةَ بِكَ إِلَيْهِ، ولَا إِنَابَةَ لَهُ ولَا تَرْمِ بِي رَمْيَ مَنْ سَقَطَ مِنْ عَيْنِ رِعَايَتِكَ، ومَنِ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْخِزْيُ مِنْ عِنْدِكَ، بَلْ خُذْ بِيَدِي مِنْ سَقْطَةِ الْمُتَرَدِّينَ، ووَهْلَةِ الْمُتَعَسِّفِينَ، وزَلَّةِ الْمَغْرُورِينَ، ووَرْطَةِ الْهَالِكِينَ. وعَافِنِي مِمَّا ابْتَلَيْتَ بِهِ طَبَقَاتِ عَبِيدِكَ وإِمَائِكَ، وبَلِّغْنِي مَبَالِغَ مَنْ عُنِيتَ بِهِ، وأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ، ورَضِيتَ عَنْهُ، فَأَعَشْتَهُ حَمِيداً، وتَوَفَّيْتَهُ سَعِيداً وطَوِّقْنِي طَوْقَ الْإِقْلَاعِ عَمَّا يُحْبِطُ الْحَسَنَاتِ، ويَذْهَبُ بِالْبَرَكَاتِ وأَشْعِرْ قَلْبِيَ الِازْدِجَارَ عَنْ قَبَائِحِ السَّيِّئَاتِ، وفَوَاضِحِ الْحَوْبَاتِ. ولَا تَشْغَلْنِي بِمَا لَا أُدْرِكُهُ إِلَّا بِكَ عَمَّا لَا يُرْضِيكَ عَنِّي غَيْرُهُ وانْزِعْ مِنْ قَلْبِي حُبَّ دُنْيَا دَنِيَّةٍ تَنْهَى عَمَّا عِنْدَكَ، وتَصُدُّ عَنِ ابْتِغَاءِ الْوَسِيلَةِ إِلَيْكَ، وتُذْهِلُ عَنِ التَّقَرُّبِ مِنْكَ. وزَيِّنْ لِيَ التَّفَرُّدَ بِمُنَاجَاتِكَ بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ وهَبْ لِي عِصْمَةً تُدْنِينِي مِنْ خَشْيَتِكَ، وتَقْطَعُنِي عَنْ رُكُوبِ مَحَارِمِكَ، وتَفُكَّنِي مِنْ أَسْرِ الْعَظَائِمِ. وهَبْ لِيَ التَّطْهِيرَ مِنْ دَنَسِ الْعِصْيَانِ، وأَذْهِبْ عَنِّي دَرَنَ الْخَطَايَا، وسَرْبِلْنِي بِسِرْبَالِ عَافِيَتِكَ، ورَدِّنِي رِدَاءَ مُعَافَاتِكَ، وجَلِّلْنِي سَوَابِغَ نَعْمَائِكَ، وظَاهِرْ لَدَيَّ فَضْلَكَ وطَوْلَكَ وأَيِّدْنِي بِتَوْفِيقِكَ وتَسْدِيدِكَ، وأَعِنِّي عَلَى صَالِحِ النِّيَّةِ، ومَرْضِيِّ الْقَوْلِ، ومُسْتَحْسَنِ الْعَمَلِ، ولَا تَكِلْنِي إِلَى حَوْلِي وقُوَّتِي دُونَ حَوْلِكَ وقُوَّتِكَ. ولَا تُخْزِنِي يَوْمَ تَبْعَثُنِي لِلِقَائِكَ، ولَا تَفْضَحْنِي بَيْنَ يَدَيْ أَوْلِيَائِكَ، ولَا تُنْسِنِي ذِكْرَكَ، ولَا تُذْهِبْ عَنِّي شُكْرَكَ، بَلْ أَلْزِمْنِيهِ فِي أَحْوَالِ السَّهْوِ عِنْدَ غَفَلَاتِ الْجَاهِلِينَ لِآلْائِكَ، وأَوْزِعْنِي أَنْ أُثْنِيَ بِمَا أَوْلَيْتَنِيهِ، وأَعْتَرِفَ بِمَا أَسْدَيْتَهُ إِلَيَّ. واجْعَلْ رَغْبَتِي إِلَيْكَ فَوْقَ رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ، وحَمْدِي إِيَّاكَ فَوْقَ حَمْدِ الْحَامِدِينَ ولَا تَخْذُلْنِي عِنْدَ فَاقَتِي إِلَيْكَ، ولَا تُهْلِكْنِي بِمَا. أَسْدَيْتُهُ إِلَيْكَ، ولَا تَجْبَهْنِي بِمَا جَبَهْتَ بِهِ الْمُعَانِدِينَ لَكَ، فَإِنِّي لَكَ مُسَلِّمٌ، أَعْلَمُ أَنَّ الْحُجَّةَ لَكَ، وأَنَّكَ أَوْلَى بِالْفَضْلِ، وأَعْوَدُ بِالْإِحْسَانِ، وأَهْلُ التَّقْوَى، وأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، وأَنَّكَ بِأَنْ تَعْفُوَ أَوْلَى مِنْكَ بِأَنْ تُعَاقِبَ، وأَنَّكَ بِأَنْ تَسْتُرَ أَقْرَبُ مِنْكَ إِلَى أَنْ تَشْهَرَ. فَأَحْيِنِي حَيَاةً طَيِّبَةً تَنْتَظِمُ بِمَا أُرِيدُ، وتَبْلُغُ مَا أُحِبُّ مِنْ حَيْثُ لَا آتِي مَا تَكْرَهُ، ولَا أَرْتَكِبُ مَا نَهَيْتَ عَنْهُ، وأَمِتْنِي مِيتَةَ مَنْ يَسْعَى نُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وعَنْ يَمِينِهِ. وذَلِّلْنِي بَيْنَ يَدَيْكَ، وأَعِزَّنِي عِنْدَ خَلْقِكَ، وضَعْنِي إِذَا خَلَوْتُ بِكَ، وارْفَعْنِي بَيْنَ عِبَادِكَ، وأَغْنِنِي عَمَّنْ هُوَ غَنِيٌّ عَنِّي، وزِدْنِي إِلَيْكَ فَاقَةً وفَقْراً. وأَعِذْنِي مِنْ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ، ومِنْ حُلُولِ الْبَلَاءِ، ومِنَ الذُّلِّ والْعَنَاءِ، تَغَمَّدْنِي فِيمَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي بِمَا يَتَغَمَّدُ بِهِ الْقَادِرُ عَلَى الْبَطْشِ لَوْ لَا حِلْمُهُ، والْآخِذُ عَلَى الْجَرِيرَةِ لَوْ لَا أَنَاتُهُ وإِذَا أَرَدْتَ بِقَوْمٍ فِتْنَةً أَوْ سُوءاً فَنَجِّنِي مِنْهَا لِوَاذاً بِكَ، وإِذْ لَمْ تُقِمْنِي مَقَامَ فَضِيحَةٍ فِي دُنْيَاكَ فَلَا تُقِمْنِي مِثْلَهُ فِي آخِرَتِكَ واشْفَعْ لِي أَوَائِلَ مِنَنِكَ بِأَوَاخِرِهَا، وقَدِيمَ فَوَائِدِكَ بِحَوَادِثِهَا، ولَا تَمْدُدْ لِي مَدّاً يَقْسُو مَعَهُ قَلْبِي، ولَا تَقْرَعْنِي قَارِعَةً يَذْهَبُ لَهَا بَهَائِي، ولَا تَسُمْنِي خَسِيسَةً يَصْغُرُ لَهَا قَدْرِي ولَا نَقِيصَةً يُجْهَلُ مِنْ أَجْلِهَا مَكَانِي. ولَا تَرُعْنِي رَوْعَةً أُبْلِسُ بِهَا، ولَا خِيفَةً أُوجِسُ دُونَهَا، اجْعَلْ هَيْبَتِي فِي وَعِيدِكَ، وحَذَرِي مِنْ إِعْذَارِكَ وإِنْذَارِكَ، ورَهْبَتِي عِنْد تِلَاوَةِ آيَاتِكَ. واعْمُرْ لَيْلِي بِإِيقَاظِي فِيهِ لِعِبَادَتِكَ، وتَفَرُّدِي بِالتَّهَجُّدِ لَكَ، وتَجَرُّدِي بِسُكُونِي إِلَيْكَ، وإِنْزَالِ حَوَائِجِي بِكَ، ومُنَازَلَتِي إِيَّاكَ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِي مِنْ نَارِكَ، وإِجَارَتِي مِمَّا فِيهِ أَهْلُهَا مِنْ عَذَابِكَ. ولَا تَذَرْنِي فِي طُغْيَانِي عَامِهاً، ولَا فِي غَمْرَتِي سَاهِياً حَتَّى حِينٍ، ولَا تَجْعَلْنِي عِظَةً لِمَنِ اتَّعَظَ، ولَا نَكَالًا لِمَنِ اعْتَبَرَ، ولَا فِتْنَةً لِمَنْ نَظَرَ، ولَا تَمْكُرْ بِي فِيمَنْ تَمْكُرُ بِهِ، ولَا تَسْتَبْدِلْ بِي غَيْرِي، ولَا تُغَيِّرْ لِي اسْماً، ولَا تُبَدِّلْ لِي جِسْماً، ولَا تَتَّخِذْنِي هُزُواً لِخَلْقِكَ، ولَا سُخْرِيّاً لَكَ، ولَا تَبَعاً إِلَّا لِمَرْضَاتِكَ، ولَا مُمْتَهَناً إِلَّا بِالِانْتِقَامِ لَكَ. وأَوْجِدْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ، وحَلَاوَةَ رَحْمَتِكَ ورَوْحِكَ ورَيْحَانِكَ، وجَنَّةِ نَعِيمِكَ، وأَذِقْنِي طَعْمَ الْفَرَاغِ لِمَا تُحِبُّ بِسَعَةٍ مِنْ سَعَتِكَ، والِاجْتِهَادِ فِيمَا يُزْلِفُ لَدَيْكَ وعِنْدَكَ، وأَتْحِفْنِي بِتُحْفَةٍ مِنْ تُحَفَاتِكَ. واجْعَلْ تِجَارَتِي رَابِحَةً، وكَرَّتِي غَيْرَ خَاسِرَةٍ، وأَخِفْنِي مَقَامَكَ، وشَوِّقْنِي لِقَاءَكَ، وتُبْ عَلَيَّ تَوْبَةً نَصُوحاً لَا تُبْقِ مَعَهَا ذُنُوباً صَغِيرَةً ولَا كَبِيرَةً، ولَا تَذَرْ مَعَهَا عَلَانِيَةً ولَا سَرِيرَةً. وانْزِعِ الْغِلَّ مِنْ صَدْرِي لِلْمُؤْمِنِينَ، واعْطِفْ بِقَلْبِي عَلَى الْخَاشِعِينَ، وكُنْ لِي كَمَا تَكُونُ لِلصَّالِحِينَ، وحَلِّنِي حِلْيَةَ الْمُتَّقِينَ، واجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْغَابِرِينَ، وذِكْراً نَامِياً فِي الْآخِرِينَ، ووَافِ بِي عَرْصَةَ الْأَوَّلِينَ. وتَمِّمْ سُبُوغَ نِعْمَتِكَ، عَلَيَّ، وظَاهِرْ كَرَامَاتِهَا لَدَيَّ، امْلَأْ مِنْ فَوَائِدِكَ يَدِي، وسُقْ كَرَائِمَ مَوَاهِبِكَ إِلَيَّ، وجَاوِرْ بِيَ الْأَطْيَبِينَ مِنْ أَوْلِيَائِكَ فِي الْجِنَانِ الَّتِي زَيَّنْتَهَا لِأَصْفِيَائِكَ، وجَلِّلْنِي شَرَائِفَ نِحَلِكَ فِي الْمَقَامَاتِ الْمُعَدَّةِ لِأَحِبَّائِكَ. واجْعَلْ لِي عِنْدَكَ مَقِيلًا آوِي إِلَيْهِ مُطْمَئِنّاً، ومَثَابَةً أَتَبَوَّؤُهَا، وأَقَرُّ عَيْناً، ولَا تُقَايِسْنِي بِعَظِيمَاتِ الْجَرَائِرِ، ولَا تُهْلِكْنِي يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ، وأَزِلْ عَنِّي كُلَّ شَكٍّ وشُبْهَةٍ، واجْعَلْ لِي فِي الْحَقِّ طَرِيقاً مِنْ كُلِّ رَحْمَةٍ، وأَجْزِلْ لِي قِسَمَ الْمَوَاهِبِ مِنْ نَوَالِكَ، ووَفِّرْ عَلَيَّ حُظُوظَ الْإِحْسَانِ مِنْ إِفْضَالِكَ. واجْعَلْ قَلْبِي وَاثِقاً بِمَا عِنْدَكَ، وهَمِّي مُسْتَفْرَغاً لِمَا هُوَ لَكَ، واسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْتَعْمِلُ بِهِ خَالِصَتَكَ، وأَشْرِبْ قَلْبِي عِنْدَ ذُهُولِ الْعُقُولِ طَاعَتَكَ، واجْمَعْ لِيَ الْغِنَى والْعَفَافَ والدَّعَةَ والْمُعَافَاةَ والصِّحَّةَ والسَّعَةَ والطُّمَأْنِينَةَ والْعَافِيَةَ. ولَا تُحْبِطْ حَسَنَاتِي بِمَا يَشُوبُهَا مِنْ مَعْصِيَتِكَ، ولَا خَلَوَاتِي بِمَا يَعْرِضُ لِي مِنْ نَزَغَاتِ فِتْنَتِكَ، وصُنْ وَجْهِي عَنِ الطَّلَبِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، وذُبَّنِي عَنِ الْتِمَاسِ مَا عِنْدَ الْفَاسِقِينَ. ولَا تَجْعَلْنِي لِلظَّالِمِينَ ظَهِيراً، ولَا لَهُمْ عَلَى مَحْوِ كِتَابِكَ يَداً ونَصِيراً، وحُطْنِي مِنْ حَيْثُ لَا أَعْلَمُ حِيَاطَةً تَقِينِي بِهَا، وافْتَحْ لِي أَبْوَابَ تَوْبَتِكَ ورَحْمَتِكَ ورَأْفَتِكَ ورِزْقِكَ الْوَاسِعِ، إِنِّي إِلَيْكَ مِنَ الرَّاغِبِينَ، وأَتْمِمْ لِي إِنْعَامَكَ، إِنَّكَ خَيْرُ الْمُنْعِمِينَ واجْعَلْ بَاقِيَ عُمُرِي فِي الْحَجِّ والْعُمْرَةِ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، والسَّلَامُ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ أَبَدَ الْآبِدِينَ.
اللَّهُمَّ هَذَا يَوْمٌ مُبَارَكٌ
مَيْمُونٌ، والْمُسْلِمُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ فِي أَقْطَارِ أَرْضِكَ، يَشْهَدُ
السَّائِلُ مِنْهُمْ والطَّالِبُ والرَّاغِبُ والرَّاهِبُ وأَنْتَ النَّاظِرُ فِي
حَوَائِجِهِمْ، فَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ وكَرَمِكَ وهَوَانِ مَا سَأَلْتُكَ عَلَيْكَ
أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ.
وَ أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا بِأَنَّ
لَكَ الْمُلْكَ، ولَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ
الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ ذُو الْجَلَالِ والْإِكْرَامِ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ
والْأَرْضِ، مَهْمَا قَسَمْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ
عَافِيَةٍ أَوْ بَرَكَةٍ أَوْ هُدًى أَوْ عَمَلٍ بِطَاعَتِكَ، أَوْ خَيْرٍ تَمُنُّ
بِهِ عَلَيْهِمْ تَهْدِيهِمْ بِهِ إِلَيْكَ، أَوْ تَرْفَعُ لَهُمْ عِنْدَكَ
دَرَجَةً، أَوْ تُعْطِيهِمْ بِهِ خَيْراً مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا والْآخِرَةِ أَنْ
تُوَفِّرَ حَظِّي ونَصِيبِي مِنْهُ.
وَ أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِأَنَّ لَكَ
الْمُلْكَ والْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ
عَبْدِكَ ورَسُولِكَ وحَبِيبِكَ وصِفْوَتِكَ وخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وعَلَى آلِ
مُحَمَّدٍ الْأَبْرَارِ الطَّاهِرِينَ الْأَخْيَارِ صَلَاةً لَا يَقْوَى عَلَى
إِحْصَائِهَا إِلَّا أَنْتَ، وأَنْ تُشْرِكَنَا فِي صَالِحِ مَنْ دَعَاكَ فِي هَذَا
الْيَوْمِ مِنْ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وأَنْ تَغْفِرَ
لَنَا ولَهُمْ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَعَمَّدْتُ بِحَاجَتِي،
وبِكَ أَنْزَلْتُ الْيَوْمَ فَقْرِي وفَاقَتِي ومَسْكَنَتِي، وإِنِّي
بِمَغْفِرَتِكَ ورَحْمَتِكَ أَوْثَقُ مِنِّي بِعَمَلِي، ولَمَغْفِرَتُكَ
ورَحْمَتُكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ،
وتَوَلَّ قَضَاءَ كُلِّ حَاجَةٍ هِيَ لِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيْهَا، وتَيْسِيرِ
ذَلِكَ عَلَيْكَ، وبِفَقْرِي إِلَيْكَ، وغِنَاكَ عَنِّي، فَإِنِّي لَمْ أُصِبْ
خَيْراً قَطُّ إِلَّا مِنْكَ، ولَمْ يَصْرِفْ عَنِّي سُوءاً قَطُّ أَحَدٌ غَيْرُكَ،
ولَا أَرْجُو لِأَمْرِ آخِرَتِي ودُنْيَايَ سِوَاكَ.
اللَّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ وتَعَبَّأَ
وأَعَدَّ واسْتَعَدَّ لِوِفَادَةٍ إِلَى مَخْلُوقٍ رَجَاءَ رِفْدِهِ ونَوَافِلِهِ
وطَلَبَ نَيْلِهِ وجَائِزَتِهِ، فَإِلَيْكَ يَا مَوْلَايَ كَانَتِ الْيَوْمَ
تَهْيِئَتِي وتَعْبِئَتِي وإِعْدَادِي واسْتِعْدَادِي رَجَاءَ عَفْوِكَ ورِفْدِكَ
وطَلَبَ نَيْلِكَ وجَائِزَتِكَ.
اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ
مُحَمَّدٍ، ولَا تُخَيِّبِ الْيَوْمَ ذَلِكَ مِنْ رَجَائِي، يَا مَنْ لَا يُحْفِيهِ
سَائِلٌ ولَا يَنْقُصُهُ نَائِلٌ، فَإِنِّي لَمْ آتِكَ ثِقَةً مِنِّي بِعَمَلٍ
صَالِحٍ قَدَّمْتُهُ، ولَا شَفَاعَةِ مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ إِلَّا شَفَاعَةَ
مُحَمَّدٍ وأَهْلِ بَيْتِهِ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ سَلَامُكَ. أَتَيْتُكَ مُقِرّاً
بِالْجُرْمِ والْإِسَاءَةِ إِلَى نَفْسِي، أَتَيْتُكَ أَرْجُو عَظِيمَ عَفْوِكَ
الَّذِي عَفَوْتَ بِهِ عَنِ الْخَاطِئِينَ، ثُمَّ لَمْ يَمْنَعْكَ طُولُ
عُكُوفِهِمْ عَلَى عَظِيمِ الْجُرْمِ أَنْ عُدْتَ عَلَيْهِمْ بِالرَّحْمَةِ
والْمَغْفِرَةِ. فَيَا مَنْ رَحْمَتُهُ وَاسِعَةٌ، وعَفْوُهُ عَظِيمٌ، يَا عَظِيمُ
يَا عَظِيمُ، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعُدْ
عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ وتَعَطَّفْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ وتَوَسَّعْ عَلَيَّ
بِمَغْفِرَتِكَ.
اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا الْمَقَامَ
لِخُلَفَائِكَ وأَصْفِيَائِكَ ومَوَاضِعَ أُمَنَائِكَ فِي الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ
الَّتِي اخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا قَدِ ابْتَزُّوهَا، وأَنْتَ الْمُقَدِّرُ لِذَلِكَ،
لَا يُغَالَبُ أَمْرُكَ، ولَا يُجَاوَزُ الْمَحْتُومُ مِنْ تَدْبِيرِكَ كَيْفَ
شِئْتَ وأَنَّى شِئْتَ، ولِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَى
خَلْقِكَ ولَا لِإِرَادَتِكَ حَتَّى عَادَ صِفْوَتُكَ وخُلَفَاؤُكَ مَغْلُوبِينَ
مَقْهُورِينَ مُبْتَزِّينَ، يَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلًا، وكِتَابَكَ مَنْبُوذاً،
وفَرَائِضَكَ مُحَرَّفَةً عَنْ جِهَاتِ أَشْرَاعِكَ، وسُنَنَ نَبِيِّكَ
مَتْرُوكَةً.
اللَّهُمَّ الْعَنْ أَعْدَاءَهُمْ مِنَ
الْأَوَّلِينَ والْآخِرِينَ، ومَنْ رَضِيَ بِفِعَالِهِمْ وأَشْيَاعَهُمْ
وأَتْبَاعَهُمْ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ
مُحَمَّدٍ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، كَصَلَوَاتِكَ وبَرَكَاتِكَ وتَحِيَّاتِكَ
عَلَى أَصْفِيَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وآلِ إِبْرَاهِيمَ، وعَجِّلِ الْفَرَجَ
والرَّوْحَ والنُّصْرَةَ والتَّمْكِينَ والتَّأْيِيدَ لَهُمْ.
اللَّهُمَّ واجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ
التَّوْحِيدِ والْإِيمَانِ بِكَ، والتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ، والْأَئِمَّةِ
الَّذِينَ حَتَمْتَ طَاعَتَهُمْ مِمَّنْ يَجْرِي ذَلِكَ بِهِ وعَلَى يَدَيْهِ،
آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلَّا
حِلْمُكَ، ولَا يَرُدُّ سَخَطَكَ إِلَّا عَفْوُكَ، ولا يُجِيرُ مِنْ عِقَابِكَ
إِلَّا رَحْمَتُكَ، ولَا يُنْجِينِي مِنْكَ إِلَّا التَّضَرُّعُ إِلَيْكَ وبَيْنَ
يَدَيْكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وهَبْ لَنَا يَا إِلَهِي مِنْ
لَدُنْكَ فَرَجاً بِالْقُدْرَةِ الَّتِي بِهَا تُحْيِي أَمْوَاتَ الْعِبَادِ،
وبِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ الْبِلَادِ. ولَا تُهْلِكْنِي يَا إِلَهِي غَمّاً حَتَّى
تَسْتَجِيبَ لِي، وتُعَرِّفَنِي الْإِجَابَةَ فِي دُعَائِي، وأَذِقْنِي طَعْمَ
الْعَافِيَةِ إِلَى مُنْتَهَى أَجَلِي، ولَا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي، ولَا
تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي، ولَا تُسَلِّطْهُ عَلَيَّ إِلَهِي إِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا
الَّذِي يَضَعُنِي، وإِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْفَعُنِي، وإِنْ
أَكْرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يُهِينُنِي، وإِنْ أَهَنْتَنِي فَمَنْ ذَا
الَّذِي يُكْرِمُنِي، وإِنْ عَذَّبْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْحَمُنِي، وإِنْ
أَهْلَكْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَعْرِضُ لَكَ فِي عَبْدِكَ، أَوْ يَسْأَلُكَ
عَنْ أَمْرِهِ، وقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ، ولَا فِي
نَقِمَتِكَ عَجَلَةٌ، وإِنَّمَا يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ، وإِنَّمَا
يَحْتَاجُ إِلَى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ، وقَدْ تَعَالَيْتَ يَا إِلَهِي عَنْ ذَلِكَ
عُلُوّاً كَبِيراً.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ
مُحَمَّدٍ، ولَا تَجْعَلْنِي لِلْبَلَاءِ غَرَضاً، ولَا لِنَقِمَتِكَ نَصَباً،
ومَهِّلْنِي، ونَفِّسْنِي، وأَقِلْنِي عَثْرَتِي، ولَا تَبْتَلِيَنِّي بِبَلَاءٍ
عَلَى أَثَرِ بَلَاءٍ، فَقَدْ تَرَى ضَعْفِي وقِلَّةَ حِيلَتِي وتَضَرُّعِي
إِلَيْكَ. أَعُوذُ بِكَ اللَّهُمَّ الْيَوْمَ مِنْ غَضَبِكَ، فَصَلِّ عَلَى
مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وأَعِذْنِي. وأَسْتَجِيرُ بِكَ الْيَوْمَ مِنْ سَخَطِكَ، فَصَلِّ
عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وأَجِرْنِي
وأَسْأَلُكَ أَمْناً مِنْ عَذَابِكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وآمِنِّي. وأَسْتَهْدِيكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واهْدِنِي وأَسْتَنْصِرُكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ
وآلِهِ، وانْصُرْنِي. وأَسْتَرْحِمُكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
وارْحَمْنِي وأَسْتَكْفِيكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ
وآلِهِ، واكْفِنِي وأَسْتَرْزِقُكَ،
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وارْزُقْنِي
وأَسْتَعِينُكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وأَعِنِّي.
وأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ،
واغْفِرْ لِي. وأَسْتَعْصِمُكَ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واعْصِمْنِي،
فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ لِشَيْءٍ كَرِهْتَهُ مِنِّي إِنْ شِئْتَ ذَلِكَ. يَا رَبِّ
يَا رَبِّ، يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، يَا ذَا الْجَلَالِ والْإِكْرَامِ، صَلِّ
عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، واسْتَجِبْ لِي جَمِيعَ مَا سَأَلْتُكَ وطَلَبْتُ إِلَيْكَ
ورَغِبْتُ فِيهِ إِلَيْكَ، وأَرِدْهُ وقَدِّرْهُ واقْضِهِ وأَمْضِهِ، وخِرْ لِي
فِيمَا تَقْضِي مِنْهُ، وبَارِكْ لِي فِي ذَلِكَ، وتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِهِ،
وأَسْعِدْنِي بِمَا تُعْطِينِي مِنْهُ، وزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ وسَعَةِ مَا
عِنْدَكَ، فَإِنَّكَ وَاسِعٌ كَرِيمٌ، وصِلْ ذَلِكَ بِخَيْرِ الْآخِرَةِ
ونَعِيمِهَا، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
ثُمَّ تَدْعُو بِمَا بَدَا لَكَ، وتُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ أَلْفَ مَرَّةٍ هَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
إِلَهِي هَدَيْتَنِي فَلَهَوْتُ، ووَعَظْتَ
فَقَسَوْتُ، وأَبْلَيْتَ الْجَمِيلَ فَعَصَيْتُ، ثُمَّ عَرَفْتُ مَا أَصْدَرْتَ
إِذْ عَرَّفْتَنِيهِ، فَاسْتَغْفَرْتُ فَأَقَلْتَ، فَعُدْتُ فَسَتَرْتَ، فَلَكَ
إِلَهِي الْحَمْدُ. تَقَحَّمْتُ أَوْدِيَةَ الْهَلَاكِ، وحَلَلْتُ شِعَابَ تَلَفٍ،
تَعَرَّضْتُ فِيهَا لِسَطَوَاتِكَ وبِحُلُولِهَا عُقُوبَاتِكَ. ووَسِيلَتِي
إِلَيْكَ التَّوْحِيدُ، وذَرِيعَتِي أَنِّي لَمْ أُشْرِكْ بِكَ شَيْئاً، ولَمْ
أَتَّخِذْ مَعَكَ إِلَهاً، وقَدْ فَرَرْتُ إِلَيْكَ بِنَفْسِي، وإِلَيْكَ مَفَرُّ
الْمُسيءِ، ومَفْزَعُ الْمُضَيِّعِ لِحَظِّ نَفْسِهِ الْمُلْتَجِئِ. فَكَمْ مِنْ
عَدُوٍّ انْتَضَى عَلَيَّ سَيْفَ عَدَاوَتِهِ، وشَحَذَ لِي ظُبَةَ مُدْيَتِهِ،
وأَرْهَفَ لِي شَبَا حَدِّهِ، ودَافَ لِي قَوَاتِلَ سُمُومِهِ، وسَدَّدَ نَحْوِي
صَوَائِبَ سِهَامِهِ، ولَمْ تَنَمْ عَنِّي عَيْنُ حِرَاسَتِهِ، وأَضْمَرَ أَنْ
يَسُومَنِي الْمَكْرُوهَ، ويُجَرِّعَنِي زُعَاقَ مَرَارَتِهِ. فَنَظَرْتَ يَا
إِلَهِي إِلَى ضَعْفِي عَنِ احْتِمَالِ الْفَوَادِحِ، وعَجْزِي عَنِ الِانْتِصَارِ
مِمَّنْ قَصَدَنِي بِمُحَارَبَتِهِ، ووَحْدَتِي فِي كَثِيرِ عَدَدِ مَنْ نَاوَانِي،
وأَرْصَدَ لِي بِالْبَلَاءِ فِيمَا لَمْ أُعْمِلْ فِيهِ فِكْرِي. فَابْتَدَأْتَنِي
بِنَصْرِكَ، وشَدَدْتَ أَزْرِي بِقُوَّتِكَ، ثُمَّ فَلَلْتَ لِي حَدَّهُ،
وصَيَّرْتَهُ مِنْ بَعْدِ جَمْعٍ عَدِيدٍ وَحْدَهُ، وأَعْلَيْتَ كَعْبِي عَلَيْهِ،
وجَعَلْتَ مَا سَدَّدَهُ مَرْدُوداً عَلَيْهِ، فَرَدَدْتَهُ لَمْ يَشْفِ غَيْظَهُ،
ولَمْ يَسْكُنْ غَلِيلُهُ، قَدْ عَضَّ عَلَى شَوَاهُ وأَدْبَرَ مُوَلِّياً قَدْ
أَخْلَفَتْ سَرَايَاهُ. وكَمْ مِنْ بَاغٍ بَغَانِي بِمَكَايِدِهِ، ونَصَبَ لِي
شَرَكَ مَصَايِدِهِ، ووَكَّلَ بِي تَفَقُّدَ رِعَايَتِهِ، وأَضْبَأَ إِلَيَّ
إِضْبَاءَ السَّبُعِ لِطَرِيدَتِهِ انْتِظَاراً لِانْتِهَازِ الْفُرْصَةِ
لِفَرِيسَتِهِ، وهُوَ يُظْهِرُ لِي بَشَاشَةَ الْمَلَقِ، ويَنْظُرُنِي عَلَى
شِدَّةِ الْحَنَقِ. فَلَمَّا رَأَيْتَ يَا إِلَهِي تَبَاركْتَ وتَعَالَيْتَ دَغَلَ
سَرِيرَتِهِ، وقُبْحَ مَا انْطَوَى عَلَيهِ، أَرْكَسْتَهُ لِأُمِّ رَأْسِهِ فِي
زُبْيَتِهِ، ورَدَدْتَهُ فِي مَهْوَى حُفْرَتِهِ، فَانْقَمَعَ بَعْدَ
اسْتِطَالَتِهِ ذَلِيلًا فِي رِبَقِ حِبَالَتِهِ الَّتِي كَانَ يُقَدِّرُ أَنْ
يَرَانِي فِيهَا، وقَدْ كَادَ أَنْ يَحُلَّ بِي لَوْ لَا رَحْمَتُكَ مَا حَلَّ
بِسَاحَتِهِ. وكَمْ مِنْ حَاسِدٍ قَدْ شَرِقَ بِي بِغُصَّتِهِ، وشَجِيَ مِنِّي
بِغَيْظِهِ، وسَلَقَنِي بِحَدِّ لِسَانِهِ، ووَحَرَنِي بِقَرْفِ عُيُوبِهِ، وجَعَلَ
عِرْضِي غَرَضاً لِمَرَامِيهِ، وقَلَّدَنِي خِلَالًا لَمْ تَزَلْ فِيهِ، ووَحَرَنِي
بِكَيْدِهِ، وقَصَدَنِي بِمَكِيدَتِهِ. فَنَادَيْتُكَ يَا إِلَهِي مُسْتَغِيثاً
بِكَ، وَاثِقاً بِسُرْعَةِ إِجَابَتِكَ، عَالِماً أَنَّهُ لَا يُضْطَهَدُ مَنْ
أَوَى إِلَى ظِلِّ كَنَفِكَ، ولَا يَفْزَعُ مَنْ لَجَأَ إِلَى مَعْقِلِ
انْتِصَارِكَ، فَحَصَّنْتَنِي مِنْ بَأْسِهِ بِقُدْرَتِكَ. وكَمْ مِنْ سَحَائِبِ
مَكْرُوهٍ جَلَّيْتَهَا عَنِّي، وسَحَائِبِ نِعَمٍ أَمْطَرْتَهَا عَلَيَّ،
وجَدَاوِلِ رَحْمَةٍ نَشَرْتَهَا، وعَافِيَةٍ أَلْبَسْتَهَا، وأَعْيُنِ أَحْدَاثٍ
طَمَسْتَهَا، وغَوَاشِي كُرُبَاتٍ كَشَفْتَهَا. وكَمْ مِنْ ظَنٍّ حَسَنٍ حَقَّقْتَ،
وعَدَمٍ جَبَرْتَ، وصَرْعَةٍ أَنْعَشْتَ، ومَسْكَنَةٍ حَوَّلْتَ. كُلُّ ذَلِكَ
إِنْعَاماً وتَطَوُّلًا مِنْكَ، وفِي جَمِيعِهِ انْهِمَاكاً مِنِّي عَلَى
مَعَاصِيكَ، لَمْ تَمْنَعْكَ إِسَاءَتِي عَنْ إِتْمَامِ إِحْسَانِكَ، ولَا
حَجَرَنِي ذَلِكَ عَنِ ارْتِكَابِ مَسَاخِطِكَ، لَا تُسْأَلُ عَمَّا تَفْعَلُ.
ولَقَدْ سُئِلْتَ فَأَعْطَيْتَ، ولَمْ تُسْأَلْ فَابْتَدَأْتَ، واسْتُمِيحَ
فَضْلُكَ فَمَا أَكْدَيْتَ، أَبَيْتَ يَا مَوْلَايَ إِلَّا إِحْسَاناً وامْتِنَاناً
وتَطَوُّلًا وإِنْعَاماً، وأَبَيْتُ إِلَّا تَقَحُّماً لِحُرُمَاتِكَ، وتَعَدِّياً
لِحُدُودِكَ، وغَفْلَةً عَنْ وَعِيدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِلَهِي مِنْ مُقْتَدِرٍ
لَا يُغْلَبُ، وذِي أَنَاةٍ لَا يَعْجَلُ. هَذَا مَقَامُ مَنِ اعْتَرَفَ بِسُبُوغِ
النِّعَمِ، وقَابَلَهَا بِالتَّقْصِيرِ، وشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّضْيِيعِ.
اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالْمُحَمَّدِيَّةِ الرَّفِيعَةِ، والْعَلَوِيَّةِ الْبَيْضَاءِ، وأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِهِمَا أَنْ تُعِيذَنِي مِنْ شَرِّ كَذَا وكَذَا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَضِيقُ عَلَيْكَ فِي وُجْدِكَ، ولَا يَتَكَأَّدُكَ فِي قُدْرَتِكَ وأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَهَبْ لِي يَا إِلَهِي مِنْ رَحْمَتِكَ ودَوَامِ تَوْفِيقِكَ مَا أَتَّخِذُهُ سُلَّماً أَعْرُجُ بِهِ إِلَى رِضْوَانِكَ، وآمَنُ بِهِ مِنْ عِقَابِكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَلَقْتَنِي سَوِيّاً،
ورَبَّيْتَنِي صَغِيراً، ورَزَقْتَنِي مَكْفِيّاً
اللَّهُمَّ إِنِّي وَجَدْتُ فِيمَا أَنْزَلْتَ مِنْ كِتَابِكَ، وبَشَّرْتَ بِهِ عِبَادَكَ أَنْ قُلْتَ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، وقَدْ تَقَدَّمَ مِنِّي مَا قَدْ عَلِمْتَ ومَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، فَيَا سَوْأَتَا مِمَّا أَحْصَاهُ عَلَيَّ كِتَابُكَ فَلَوْ لَا الْمَوَاقِفُ الَّتِي أُؤَمِّلُ مِنْ عَفْوِكَ الَّذِي شَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ لَأَلْقَيْتُ بِيَدِي، ولَوْ أَنَّ أَحَداً اسْتَطَاعَ الْهَرَبَ مِنْ رَبِّهِ لَكُنْتُ أَنَا أَحَقَّ بِالْهَرَبِ مِنْكَ، وأَنْتَ لَا تَخْفَى عَلَيْكَ خَافِيَةٌ فِي الْأَرْضِ ولَا فِي السَّمَاءِ إِلَّا أَتَيْتَ بِهَا، وكَفَى بِكَ جَازِياً، وكَفَى بِكَ حَسِيباً. اللَّهُمَّ إِنَّكَ طَالِبِي إِنْ أَنَا هَرَبْتُ، ومُدْرِكِي إِنْ أَنَا فَرَرْتُ، فَهَا أَنَا ذَا بَيْنَ يَدَيْكَ خَاضِعٌ ذَلِيلٌ رَاغِمٌ، إِنْ تُعَذِّبْنِي فَإِنِّي لِذَلِكَ أَهْلٌ، وهُوَ يَا رَبِّ مِنْكَ عَدْلٌ، وإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَقَدِيماً شَمَلَنِي عَفْوُكَ، وأَلْبَسْتَنِي عَافِيَتَكَ. فَأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِالْمَخْزُونِ مِنْ أَسْمَائِكَ، وبِمَا وَارَتْهُ الْحُجُبُ مِنْ بَهَائِكَ، إِلَّا رَحِمْتَ هَذِهِ النَّفْسَ الْجَزُوعَةَ، وهَذِهِ الرِّمَّةَ الْهَلُوعَةَ، الَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ حَرَّ شَمْسِكَ، فَكَيْفَ تَسْتَطِيعُ حَرَّ نَارِكَ، والَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ صَوْتَ رَعْدِكَ، فَكَيْفَ تَسْتَطِيعُ صَوْتَ غَضَبِكَ فَارْحَمْنِيَ اللَّهُمَّ فَإِنِّي امْرُؤٌ حَقِيرٌ، وخَطَرِي يَسِيرٌ، ولَيْسَ عَذَابِي مِمَّا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، ولَوْ أَنَّ عَذَابِي مِمَّا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ لَسَأَلْتُكَ الصَّبْرَ عَلَيْهِ، وأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَكَ، ولَكِنْ سُلْطَانُكَ اللَّهُمَّ أَعْظَمُ، ومُلْكُكَ أَدْوَمُ مِنْ أَنْ تَزِيدَ فِيهِ طَاعَةُ الْمُطِيعِينَ، أَوْ تَنْقُصَ مِنْهُ مَعْصِيَةُ الْمُذْنِبِينَ. فَارْحَمْنِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وتَجَاوَزْ عَنِّي يَا ذَا الْجَلَالِ والْإِكْرَامِ، وتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
إِلَهِي أَحْمَدُكَ وأَنْتَ لِلْحَمْدِ
أَهْلٌ عَلَى حُسْنِ صَنِيعِكَ إِلَيَّ، وسُبُوغِ نَعْمَائِكَ عَلَيَّ، وجَزِيلِ
عَطَائِكَ عِنْدِي، وعَلَى مَا فَضَّلْتَنِي بِهِ مِنْ رَحْمَتِكَ، وأَسْبَغْتَ
عَلَيَّ مِنْ نِعْمَتِكَ، فَقَدِ اصْطَنَعْتَ عِنْدِي مَا يَعْجِزُ عَنْهُ شُكْرِي.
ولَوْ لَا إِحْسَانُكَ إِلَيَّ وسُبُوغُ نَعْمَائِكَ عَلَيَّ مَا بَلَغْتُ
إِحْرَازَ حَظِّي، ولَا إِصْلَاحَ نَفْسِي، ولَكِنَّكَ ابْتَدَأْتَنِي
بِالْإِحْسَانِ، ورَزَقْتَنِي فِي أُمُورِي كُلِّهَا الْكِفَايَةَ، وصَرَفْتَ
عَنِّي جَهْدَ الْبَلَاءِ، ومَنَعْتَ مِنِّي مَحْذُورَ الْقَضَاءِ. إِلَهِي فَكَمْ
مِنْ بَلَاءٍ جَاهِدٍ قَدْ صَرَفْتَ عَنِّي، وكَمْ مِنْ نِعْمَةٍ سَابِغَةٍ
أَقْرَرْتَ بِهَا عَيْنِي، وكَمْ مِنْ صَنِيعَةٍ كَرِيمَةٍ لَكَ عِنْدِي أَنْتَ الَّذِي أَجَبْتَ عِنْدَ
الِاضْطِرَارِ دَعْوَتِي، وأَقَلْتَ عِنْدَ الْعِثَارِ زَلَّتِي، وأَخَذْتَ لِي
مِنَ الْأَعْدَاءِ بِظُلَامَتِي.
إِلَهِي مَا وَجَدْتُكَ بَخِيلًا حِينَ
سَأَلْتُكَ، ولَا مُنْقَبِضاً حِينَ أَرَدْتُكَ، بَلْ وَجَدْتُكَ لِدُعَائِي
سَامِعاً، ولِمَطَالِبِي مُعْطِياً، ووَجَدْتُ نُعْمَاكَ عَلَيَّ سَابِغَةً فِي
كُلِّ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِي وكُلِّ زَمَانٍ مِنْ زَمَانِي، فَأَنْتَ عِنْدِي
مَحْمُودٌ، وصَنِيعُكَ لَدَيَّ مَبْرُورٌ. تَحْمَدُكَ نَفْسِي ولِسَانِي وعَقْلِي،
حَمْداً يَبْلُغُ الْوَفَاءَ وحَقِيقَةَ الشُّكْرِ، حَمْداً يَكُونُ مَبْلَغَ
رِضَاكَ عَنِّي، فَنَجِّنِي مِنْ سُخْطِكَ.
يَا كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ ويَا مُقِيلِي عَثْرَتِي، فَلَوْ لَا سَتْرُكَ عَوْرَتِي لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ، ويَا مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ، فَلَوْ لَا نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ، ويَا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَى أَعْنَاقِهَا، فَهُمْ مِنْ سَطَوَاتِهِ خَائِفُونَ، ويَا أَهْلَ التَّقْوَى، ويَا مَنْ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى، أَسْأَلُكَ أَنْ تَعْفُوَ عَنِّي، وتَغْفِرَ لِي فَلَسْتُ بَرِيئاً فَأَعْتَذِرَ، ولَا بِذِي قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ، ولَا مَفَرَّ لِي فَأَفِرَّ. وأَسْتَقِيلُكَ عَثَرَاتِي، وأَتَنَصَّلُ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِيَ الَّتِي قَدْ أَوْبَقَتْنِي، وأَحَاطَتْ بِي فَأَهْلَكَتْنِي، مِنْهَا فَرَرْتُ إِلَيْكَ رَبِّ تَائِباً فَتُبْ عَلَيَّ، مُتَعَوِّذاً فَأَعِذْنِي، مُسْتَجِيراً فَلَا تَخْذُلْنِي، سَائِلًا فَلَا تَحْرِمْنِي مُعْتَصِماً فَلَا تُسْلِمْنِي، دَاعِياً فَلَا تَرُدَّنِي خَائِباً. دَعَوْتُكَ يَا رَبِّ مِسْكِيناً، مُسْتَكِيناً، مُشْفِقاً، خَائِفاً، وَجِلًا، فَقِيراً، مُضْطَرّاً إِلَيْكَ. أَشْكُو إِلَيْكَ يَا إِلَهِي ضَعْفَ نَفْسِي عَنِ الْمُسَارَعَةِ فِيمَا وَعَدْتَهُ أَوْلِيَاءَكَ، والْمُجَانَبَةِ عَمَّا حَذَّرْتَهُ أَعْدَاءَكَ، وكَثْرَةَ هُمُومِي، ووَسْوَسَةَ نَفْسِي. إِلَهِي لَمْ تَفْضَحْنِي بِسَرِيرَتِي، ولَمْ تُهْلِكْنِي بِجَرِيرَتِي، أَدْعُوكَ فَتُجِيبُنِي وإِنْ كُنْتُ بَطِيئاً حِينَ تَدْعُونِي، وأَسْأَلُكَ كُلَّمَا شِئْتُ مِنْ حَوَائِجِي، وحَيْثُ مَا كُنْتُ وَضَعْتُ عِنْدَكَ سِرِّي، فَلَا أَدْعُو سِوَاكَ، ولَا أَرْجُو غَيْرَكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، تَسْمَعُ مَنْ شَكَا إِلَيْكَ، وتَلْقَى مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ، وتُخَلِّصُ مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ، وتُفَرِّجُ عَمَّنْ لَاذَ بِكَ. إِلَهِي فَلَا تَحْرِمْنِي خَيْرَ الْآخِرَةِ والْأُولَى لِقِلَّةِ شُكْرِي، واغْفِرْ لِي مَا تَعْلَمُ مِنْ ذُنُوبِي. إِنْ تُعَذِّبْ فَأَنَا الظَّالِمُ الْمُفَرِّطُ الْمُضَيِّعُ الْآثِمُ الْمُقَصِّرُ الْمُضَجِّعُ الْمُغْفِلُ حَظَّ نَفْسِي، وإِنْ تَغْفِرْ فَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
يَا اللَّهُ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ
شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ ولَا فِي السَّمَاءِ، وكَيْفَ يَخْفَى عَلَيْكَ يَا إِلَهِي
مَا أَنْتَ خَلَقْتَهُ، وكَيْفَ لَا تُحْصِي مَا أَنْتَ صَنَعْتَهُ، أَوْ كَيْفَ
يَغِيبُ عَنْكَ مَا أَنْتَ تُدَبِّرُهُ، أَوْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهْرُبَ
مِنْكَ مَنْ لَا حَيَاةَ لَهُ إِلَّا بِرِزْقِكَ، أَوْ كَيْفَ يَنْجُو مِنْكَ مَنْ
لَا مَذْهَبَ لَهُ فِي غيْرِ مُلْكِكَ. سُبْحَانَكَ أَخْشَى خَلْقِكَ لَكَ
أَعْلَمُهُمْ بِكَ، وأَخْضَعُهُمْ لَكَ أَعْمَلُهُمْ بِطَاعَتِكَ، وأَهْوَنُهُمْ
عَلَيْكَ مَنْ أَنْتَ تَرْزُقُهُ وهُوَ يَعْبُدُ غَيْرَكَ سُبْحَانَكَ لَا يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ
أَشْرَكَ بِكَ، وكَذَّبَ رُسُلَكَ، ولَيْسَ يَسْتَطِيعُ مَنْ كَرِهَ قَضَاءَكَ أَنْ
يَرُدَّ أَمْرَكَ، ولَا يَمْتَنِعُ مِنْكَ مَنْ كَذَّبَ بِقُدْرَتِكَ، ولَا
يَفُوتُكَ مَنْ عَبَدَ غَيْرَكَ، ولَا يُعَمَّرُ فِي الدُّنْيَا مَنْ كَرِهَ
لِقَاءَكَ.
سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ،
وأَقْهَرَ سُلْطَانَكَ، وأَشَدَّ قُوَّتَكَ، وأَنْفَذَ أَمْرَكَ سُبْحَانَكَ قَضَيْتَ عَلَى جَمِيعِ
خَلْقِكَ الْمَوْتَ مَنْ وَحَّدَكَ ومَنْ كَفَرَ بِكَ، وكُلٌّ ذَائِقُ الْمَوْتِ،
وكُلٌّ صَائِرٌ إِلَيْكَ، فَتَبَارَكْتَ وتَعَالَيْتَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ
وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ. آمَنْتُ بِكَ، وصَدَّقْتُ رُسُلَكَ، وقَبِلْتُ
كِتَابَكَ، وكَفَرْتُ بِكُلِّ مَعْبُودٍ غَيْرِكَ، وبَرِئْتُ مِمَّنْ عَبَدَ
سِوَاكَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أُصْبِحُ وأُمْسِي
مُسْتَقِلًّا لِعَمَلِي، مُعْتَرِفاً بِذَنْبِي، مُقِرّاً بِخَطَايَايَ، أَنَا
بِإِسْرَافِي عَلَى نَفْسِي ذَلِيلٌ، عَمَلِي أَهْلَكَنِي، وهَوَايَ أَرْدَانِي،
وشَهَوَاتِي حَرَمَتْنِي. فَأَسْأَلُكَ يَا مَوْلَايَ سُؤَالَ مَنْ نَفْسُهُ
لَاهِيَةٌ لِطُولِ أَمَلِهِ، وبَدَنُهُ غَافِلٌ لِسُكُونِ عُرُوقِهِ، وقَلْبُهُ
مَفْتُونٌ بِكَثْرَةِ النِّعَمِ عَلَيْهِ، وفِكْرُهُ قَلِيلٌ لِمَا هُوَ صَائِرٌ
إِلَيْهِ. سُؤَالَ مَنْ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْأَمَلُ، وفَتَنَهُ الْهَوَى،
واسْتَمْكَنَتْ مِنْهُ الدُّنْيَا، وأَظَلَّهُ الْأَجَلُ، سُؤَالَ مَنِ اسْتَكْثَرَ
ذُنُوبَهُ، واعْتَرَفَ بِخَطِيئَتِهِ، سُؤَالَ مَنْ لَا رَبَّ لَهُ غَيْرُكَ، ولَا
وَلِيَّ لَهُ دُونَكَ، ولَا مُنْقِذَ لَهُ مِنْكَ، ولَا مَلْجَأَ لَهُ مِنْكَ،
إِلَّا إِلَيْكَ.
إِلَهِي أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ الْوَاجِبِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِكَ، وبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي أَمَرْتَ رَسُولَكَ أَنْ يُسَبِّحَكَ بِهِ، وبِجَلَالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي لَا يَبْلَى ولَا يَتَغَيَّرُ، ولَا يَحُولُ ولَا يَفْنَى، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وأَنْ تُغْنِيَنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ بِعِبَادَتِكَ، وأَنْ تُسَلِّيَ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا بِمَخَافَتِكَ، وأَنْ تُثْنِيَنِي بِالْكَثِيرِ مِنْ كَرَامَتِكَ بِرَحْمَتِكَ. فَإِلَيْكَ أَفِرُّ، ومِنْكَ أَخَافُ، وبِكَ أَسْتَغِيثُ، وإِيَّاكَ أَرْجُو، ولَكَ أَدْعُو، وإِلَيْكَ أَلْجَأُ، وبِكَ أَثِقُ، وإِيَّاكَ أَسْتَعِينُ، وبِكَ أُومِنُ، وعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ، وعَلَى جُودِكَ وكَرَمِكَ أَتَّكِلُ.
رَبِّ أَفْحَمَتْنِي ذُنُوبِي، وانْقَطَعَتْ مَقَالَتِي، فَلَا حُجَّةَ لِي، فَأَنَا الْأَسِيرُ بِبَلِيَّتِي، الْمُرْتَهَنُ بِعَمَلِي، الْمُتَرَدِّدُ فِي خَطِيئَتِي، الْمُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدِي، الْمُنْقَطَعُ بِي. قَدْ أَوْقَفْتُ نَفْسِي مَوْقِفَ الْأَذِلَّاءِ الْمُذْنِبِينَ، مَوْقِفَ الْأَشْقِيَاءِ الْمُتَجَرِّينَ عَلَيْكَ، الْمُسْتَخِفِّينَ بِوَعْدِكَ سُبْحَانَكَ أَيَّ جُرْأَةٍ اجْتَرَأْتُ عَلَيْكَ، وأَيَّ تَغْرِيرٍ غَرَّرْتُ بِنَفْسِي مَوْلَايَ ارْحَمْ كَبْوَتِي لِحُرِّ وَجْهِي وزَلَّةَ قَدَمِي، وعُدْ بِحِلْمِكَ عَلَى جَهْلِي وبِإِحْسَانِكَ عَلَى إِسَاءَتِي، فَأَنَا الْمُقِرُّ بِذَنْبِي، الْمُعْتَرِفُ بِخَطِيئَتِي، وهَذِهِ يَدِي ونَاصِيَتِي، أَسْتَكِينُ بِالْقَوَدِ مِنْ نَفْسِي، ارْحَمْ شَيْبَتِي، ونَفَادَ أَيَّامِي، واقْتِرَابَ أَجَلِي وضَعْفِي ومَسْكَنَتِي وقِلَّةَ حِيلَتِي. مَوْلَايَ وارْحَمْنِي إِذَا انْقَطَعَ مِنَ الدُّنْيَا أَثَرِي، وامَّحَى مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ذِكْرِي، وكُنْتُ مِنَ الْمَنْسِيِّينَ كَمَنْ قَدْ نُسِيَ مَوْلَايَ وارْحَمْنِي عِنْدَ تَغَيُّرِ صُورَتِي وحَالِي إِذَا بَلِيَ جِسْمِي، وتَفَرَّقَتْ أَعْضَائِي، وتَقَطَّعَتْ أَوْصَالِي، يَا غَفْلَتِي عَمَّا يُرَادُ بِي. مَوْلَايَ وارْحَمْنِي فِي حَشْرِي ونَشْرِي، واجْعَلْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَعَ أَوْلِيَائِكَ مَوْقِفِي، وفِي أَحِبَّائِكَ مَصْدَرِي، وفِي جِوَارِكَ مَسْكَنِي، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
يَا فَارِجَ الْهَمِّ، وكَاشِفَ الْغَمِّ،
يَا رَحْمَانَ الدُّنْيَا والْآخِرَةِ ورَحِيمَهُمَا، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ
مُحَمَّدٍ، وافْرُجْ هَمِّي، واكْشِفْ غَمِّي.
يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا مَنْ
لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، اعْصِمْنِي
وطَهِّرْنِي، واذْهَبْ بِبَلِيَّتِي.
وَ اقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ
والْمُعَوِّذَتَيْنِ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وقُلْ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنِ
اشْتَدَّتْ فَاقَتُهُ، وضَعُفَتْ قُوَّتُهُ، وكَثُرَتْ ذُنُوبُهُ، سُؤَالَ مَنْ لَا
يَجِدُ لِفَاقَتِهِ مُغِيثاً، ولَا لِضَعْفِهِ مُقَوِّياً، ولَا لِذَنْبِهِ
غَافِراً غَيْرَكَ، يَا ذَا الْجَلَالِ والْإِكْرَامِ أَسْأَلُكَ عَمَلًا تُحِبُّ
بِهِ مَنْ عَمِلَ بِهِ، ويَقِيناً تَنْفَعُ بِهِ مَنِ اسْتَيْقَنَ بِهِ حَقَّ
الْيَقِينَ فِي نَفَاذِ أَمْرِكَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ
مُحَمَّدٍ، واقْبِضْ عَلَى الصِّدْقِ نَفْسِي، واقْطَعْ مِنَ الدُّنْيَا حَاجَتِي،
واجْعَلْ فِيمَا عِنْدَكَ رَغْبَتِي شَوْقاً إِلَى لِقَائِكَ، وهَبْ لِي صِدْقَ
التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ. أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ كِتَابٍ قَدْ خَلَا، وأَعُوذُ بِكَ
مِنْ شَرِّ كِتَابٍ قَدْ خَلَا، أَسْأَلُكَ خَوْفَ الْعَابِدِينَ لَكَ، وعِبَادَةَ
الْخَاشِعِينَ لَكَ، ويَقِينَ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ، وتَوَكُّلَ
الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْكَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ رَغْبَتِي فِي
مَسْأَلَتِي مِثْلَ رَغْبَةِ أَوْلِيَائِكَ فِي مَسَائِلِهِمْ، ورَهْبَتِي مِثْلَ
رَهْبَةِ أَوْلِيَائِكَ، واسْتَعْمِلْنِي فِي مَرْضَاتِكَ عَمَلًا لَا أَتْرُكُ
مَعَهُ شَيْئاً مِنْ دِينِكَ مَخَافَةَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ.
اللَّهُمَّ هَذِهِ حَاجَتِي فَأَعْظِمْ
فِيهَا رَغْبَتِي، وأَظْهِرْ فِيهَا عُذْرِي، ولَقِّنِّي فِيهَا حُجَّتِي، وعَافِ
فِيهَا جَسَدِي.
اللَّهُمَّ مَنْ أَصْبَحَ لَهُ ثِقَةٌ أَوْ
رَجَاءٌ غَيْرُكَ، فَقَدْ أَصْبَحْتُ وأَنْتَ ثِقَتِي ورَجَائِي فِي الْأُمُورِ
كُلِّهَا، فَاقْضِ لِي بِخَيْرِهَا عَاقِبَةً، ونَجِّنِي مِنْ مَضَلَّاتِ الْفِتَنِ
بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الْمُصْطَفَى وعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ.