- كنزالفوائد- أبو الفتح الكراجكي ص 98 :
إن سئل سائل عن أول ما فرض الله عليك فقل النظر المؤدي الى معرفته فإن قال لم زعمت ذلك فقل لانه سبحانه قد اوجب معرفته ولا سبيل الى معرفته الا بالنظر في الادلة المؤدية إليها فإن قال فإذا كانت المعرفة بالله عزوجل لا تدرك إلا بالنظر فقد حصل المقلد غير عارف بالله فقل هو ذاك فإن قال فيجب ان يكون جميع المقلدين في النار فقل ان العاقل المستطيع إذا اهمل النظر والاعتبار واقتصر على تقليد الناس فقد خالف الله تعالى وانصرف عن امره ومراده ولم يكفه تقليده في اداء فرضه واستحق العقاب على مخالفته وتفريطه غير انا نرجو العفو عمن قلد الحق والتفضيل عليه ولا نرجوه لمن قلد المبطل ولا نعتقده فيه وكل مكلف يلزمه من النظر بحسب طاقته ونهاية ادراكه وفطنته فاما المقصر الضعيف الذي ليس له استنباط صحيح فانه يجزيه التمسك في الجملة بظاهر ما عليه المسلمون فإن قال كيف يكون التقليد قبيحا من العقلاء المميزين وقد قلد الناس رسول الله صلى الله عليه واله فيما اخبر به عن رب العالمين ورضي بذلك عنهم ولم يكلفهم ما تدعون فقل معاذ الله ان نقول ذلك أو نذهب إليه ورسول الله صلى الله عليه واله لم يرض من الناس التقليد دون الاعتبار وما دعاهم الا الى الاستدلال ونبههم عليه بايات القرآن من قوله سبحانه وتعالى * (أو لم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شيء) * الاعراف وقوله * (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) * آل عمران وقوله * (وفي الأرض آيات للموقنين وفي انفسكم افلا تبصرون) * الذاريات وقوله * (أفلا ينظرون الى الابل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت) * الغاشية ونحن نعلم انه ما اراد بذلك إلا نظر الاعتبار فلو كان عليه السلام انما دعى الناس الى التقليد ولم يرد منهم الاستدلال لم يكن معنى لنزول هذه الايات ولو اراد ان يصدقوه ويقبلوا قوله تقليدا بغير تأمل واعتبار لم يحتج الى ان يكون على يده ما ظهر من الآيات والمعجزات فاما قبول قوله صلى الله عليه واله بعد قيام الدلالة على صدقه فهو تسليم وليس بتقليد وكذلك قبولنا لما اتت به ائمتنا عليهم السلام ورجوعنا الى فتاويهم في شريعة الاسلام فإن قال فابن لنا ما التقليد في الحقيقة وما التسليم ليقع الفرق والبيان فقل التقليد هو قبول قول من لم يثبت صدقه وهذا معنى التقليد لا يكون إلا عن بينة وحجة.
- كنزالفوائد- أبو الفتح الكراجكي ص 99 :
(فصل من كلام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام مما حفظ عنه في وجوب المعرفة بالله عزوجل وبدينه)
قوله وجدت علم الناس في أربع أحدها ان تعرف ربك والثاني أن تعرف ما صنع بك والثالث ان تعرف ما اراد منك والرابع ان تعرف ما يخرجك عن دينك.
قال شيخنا المفيد رحمه الله هذه اقسام تحيط با لمفروض من المعارف لانه اول ما يجب على العبد معرفة ربه جل جلاله فإذا علم ان له الها وجب ان يعرف صنعه وإذا عرف صنعه عرف نعمته فإذا عرف نعمته وجب عليه شكره فإذا اراد تادية شكره وجب عليه معرفة مراده ليطيعه بفعله وإذا وجب عليه طاعته وجب عليه معرفة ما يخرجه من دينه ليتجنبه فتخلص له به طاعة ربه وشكر انعامه انشد في بعض اهل هذا العصر لنفسه * والزم من الدين ما قام الدليل به * فإن اكثر دين الناس تقليد * فكلما وافق التقليد مختلق * زور وان كثرت فيه الاسانيد * وكل ما نقل الاحاد من خبر * مخالف لكتاب الله مردود.