كتاب المزارعة والمساقاة
والمزارعة بالربع والثلث والنصف جائزة، كما يجوز بالذهب والفضة. ولا يجوز بغير أجل مذكور. ومتى سمى المزارع شيئا بعينه، أو أشياء مذكورة محصورة فيما يزرع، لم يكن له زراعة غيرها. وإن اشترط زراعة ما شاء وأحب كان ذلك له. وإذا انقضت المدة المذكورة في المزارعة كان على المزارع قلع زرعه منها. فإن لم يفعل ذلك كان لرب الأرض قلعه. وتكره إجارة الأرض بأكثر مما استأجرها الإنسان به، إلا أن يكون قد أحدث فيها عملا أصلحها به، ككري نهر، أو حفر ساقية، أو إصلاح دالية، أو كراب أرض، وأشباه ذلك. ولا بأس أن يؤجرها بأكثر قيمة مما استأجرها به إذا اختلف النوعان، فكان مال الإجارة عينا وورقا، وإجارتها بحنطة أو شعير وإن لم يحدث فيها شيئا. وإنما يكره ذلك فيما يتفق نوعه، أو يكون عينا وورقا دون غيرهما من العروض. وإذا استأجر الإنسان أرضا فغرقت قبل أن يقبضها انفسخت الإجارة. وإن غرق بعضها كان مخيرا بين فسخ الإجارة، في جميعها وبين فسخها، فيما غرق منها وأخذ الباقي بحساب الإجارة في جميعها. وإذا استأجر أرضا، فلم يمكنه صاحبها منها حتى تمضي سنة و أكثر من ذلك و أقل، سقط عنه أجر تلك المدة، وإن كان رب الضيعة قد استسلفه رجع عليه به. ومال الإجارة لازم للمستأجر وإن تلفت الغلة بالآفات السماوية والأرضية. ومن غصب إنسانا على أرضه فزرع فيها كان صاحب الأرض بالخيار: إن شاء قلع الزرع، وطالب الزارع بقيمة ما نقص من الأرض به، وإن شاء أخذ الزرع، وكان عليه خراجه.
المساقاة جائزة بالنصف والثلث والربع. والمؤنة على المساقي، وليس على رب الضيعة منها شئ. وإذا كان لإنسان نخل وشجر، فساقي غيره عليه، واشترط من الثمرة شيئا معلوما، فله شرطه فيها. وإن لم يشترط فلا مساقاة بينهما، والثمرة لرب الأرض، وعليه للذي سقى وأصلح أجرة مثله فيما عمل في الأرض. ويكره أن يشترط مع الارتفاع شئ من ذهب أو فضة أو غيرهما من الأعراض. فإن اشترطه رب الضيعة كان مكروها. وعلى المزارع الخروج منه إذا كان قد رضي به، وأوجبه على نفسه، إلا أن تخيس الثمرة، أو تهلك بآفة، فيبطل حينئذ ما شرطه المزارع على نفسه مما سوى الارتفاع. وخراج الثمرة على رب الأرض دون المساقي، إلا أن يشترط ذلك على المساقي في عقد المساقاة، فيجب عليه ما اشترطه على نفسه.