كتاب اللقطة
ومن وجد شيئا في الحرم فليعرفه سنة كاملة. فإن جاء صاحبه دفعه إليه. وإن لم يجد له صاحبا فليتصدق به على الفقراء والمساكين. وليس عليه بعد السنة والتعريف فيها ضمان لصاحبه إذا تصدق به عنه. فإن تصرف فيه، واحتسبه من غير تعريف، فهو ضامن له. وإن كان الموجود في غير الحرم، و عرف عنه سنة، فإن جاء صاحبه، وإلا تصرف فيه الذي وجده، وهو ضامن له. فإن كسب بالتصرف فيه كان الفضل له دون صاحبه. وإن كان الموجود متاعا وشبهه، فاستهلكه الواجد له بعد السنة من تعريفه، كان في ذمته قيمته يوم استهلكه لصاحبه. وإن تصرف فيه قبل السنة فأفاد به فضلا كان الفضل لصاحبه دونه. ومن وجد كنزا في دار انتقلت إليه بميراث عن أهله كان له ولشركائه في الميراث إن كان له شريك فيه. فإن كانت الدار منتقلة إليه بابتياع من قوم عرفه الباعة فإن عرفوه، وإلا أخرج خمسه إلى مستحقيه - ممن تقدم ذكرهم فيما مضى من هذا الكتاب - وتملك الباقي، وانتفع به. وإن ابتاع شاة، أو بعيرا، أو بقرة، فذبح شيئا من ذلك، فوجد في جوفه شيئا له قيمة، عرفه من ابتاع ذلك الحيوان منه، فإن عرفه أعطاه إياه، وإن لم يعرفه أخرج منه الخمس، وكان أحق بالباقي. فإن ابتاع سمكة، فوجد في جوفها درة، أو سبيكة، أو ما أشبه ذلك، أخرج منها الخمس، وتملك الباقي. ومن وجد في مفازة طعاما قومه على نفسه، وأكله. فإن جاء صاحبه رد عليه قيمته. وإن وجد فيها شاة فليأخذها، وهو ضامن لقيمتها. ويترك البعير إذا وجده في الفلاة، فإنه يصبر على المشي والجوع والعطش، وربما كان صاحبه في طلبه، فيجده إذا ترك، ولم يذهب به. ولا بأس أن ينتفع الإنسان بما يجده مما لا تبلغ قيمته درهما واحدا، ولا يعرفه. ويكره أخذ السوط، والإداوة، والحذاء. وينبغي لمن وجد شيئا من هذه الثلاثة الأشياء أن يتركه، ليرجع صاحبه إليه، فيأخذه، فربما طلبه صاحبه، وقد أخذه غيره، فيؤديه فقده إلى العطب والهلاك بذلك، لأن الإداوة تحفظ ما يقوم به الرمق من الماء، والحذاء يحفظ رجل الماشي من الزمانة والآفات، والسوط يسير البعير، فإذا فقده الإنسان خيف عليه العطب بفقده. وإذا تلفت اللقطة في مدة زمان التعريف لم يكن على واجدها ضمان، إلا أن يفرط في حفظها، أو يتصرف فيها. وإذا لقط المسلم لقيطا فهو حر غير مملوك. وينبغي له أن يرفع خبره إلى سلطان الإسلام، ليطلق النفقة عليه من بيت المال. فإن لم يوجد سلطان ينفق عليه استعان واجده بالمسلمين في النفقة عليه. فإن لم يجد من يعينه على ذلك أنفق عليه، وكان له الرجوع بنفقته عليه إذا بلغ وأيسر، إلا أن يتبرع بما أنفقه عليه. وإذا أنفق عليه، وهو يجد من يعينه في النفقة فلم يستعن به، فليس له رجوع عليه بشئ من النفقة. وإذا بلغ اللقيط تولى من شاء من المسلمين، ولم يكن للذي أنفق عليه ولاء. وإن لم يتول أحدا حتى مات كان ولاؤه للمسلمين، وإن ترك مالا ولم يترك ولدا ولا قرابة له من المسلمين كان ما ترك لبيت مال المسلمين. وإذا ترك الإنسان بعيره من جهد في كلاء وماء لم يكن لأحد تملكه. وإن تركه في مفازة لا كلاء فيها ولا ماء فهو لمن أخذه. وكذلك إن ترك دابته فالحكم فيها كالحكم في البعير سواء.
وإذا وجد الإنسان عبدا آبقا، أو بعيرا شاردا، فرده على صاحبه، كان له على ذلك جعل: إن كان وجده في المصر فدينار - قيمته عشرة دراهم جيادا - وإن كان وجده في غير المصر فأربعة دنانير - قيمتها أربعون درهما جيادا - بذلك ثبتت السنة عن النبي صلى الله عليه وآله. وإن كانت الضالة غير العبد والبعير فليس، في جعل ردها شئ موظف، لكنه يرجع فيه إلى عادة القوم فيما يبذلونه لمن وجدها ونحو ذلك. وإذا جعل صاحب الضالة لمن ردها جعلا فواجب عليه الخروج إليه منه على ما سماه من قدره، وشرطه فيه على نفسه. وينبغي لمن وجد عبدا آبقا، أو بعيرا شاردا، وغير ذلك من الحيوان، أن يرفع خبره إلى سلطان الإسلام ليطلق، النفقة عليه من بيت المال. فإن لم يوجد سلطان عادل أنفق عليه الواجد له من ماله. فإذا حضر صاحبه استرجع منه النفقة عليه، وسلمه إليه.