كتاب النحلة والهبة
والهبة على ضربين: أحدهما ماض لا رجوع فيه، وهو الهبة لذي الرحم إذا كان مقبوضا. والضرب الآخر الهبة للأجنبي، وهو على ضربين: أحدهما: أن تكون هبة لم يتعوض الواهب من الموهوب بها شيئا، فله الرجوع فيه ما كانت عينه قائمة. والآخر: أن يتعوض الواهب من الموهوب عنه، فليس له رجوع فيه. وإذا استهلكت الهبة لم يكن للواهب سبيل إلى الرجوع فيها. وكذلك إن أحدث الموهوب له فيها حدثا لم يكن للواهب ارتجاعها. و إذا نحل الوالد ولده شيئا، ولم يقبضه الولد وكان كبيرا، لم تستقر الهبة، و كان للأب الرجوع فيها. وكذلك القول فيما يهبه لذوي أرحامه كلهم. فإن كان الولد صغيرا مضت الهبة، وكان قبض الوالد قبضا للولد. وإن وهب لصغير من ذوي أرحامه شيئا، فلم يقبضه وليه له، كان له الرجوع فيه. فإن قبضه الولي مضت الهبة، ولم يجز له الرجوع فيها. ولا بأس أن يفضل الإنسان بعض ولده على بعض، وينحله ما أحب. وإذا نحل الرجل ولده شيئا في صحة من عقله وجواز من أمره لم يكن لباقي ولده وسائر ورثته معارضته فيه. وإن كان نحله إياه في مرضه، فإن كتب له به كتاب ابتياع ليستظهر له بذلك، فطالبه باقي الورثة باليمين أنه دفع ثمنه، وخاف إن لم يحلف خروجه عن يده بحكم جائر عليه، فليحلف، ويوري في نفسه ما يخرجه بالنية عن الكذب، ولا شئ عليه في يمينه.