عقائد الشيعة الإمامية / الشيخ الصدوق
- الاعتقادات - الشيخ المفيد ص 97 :
قال الشيخ أبو جعفر رضي الله عنه: اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله تعالى، وأنهم أشر من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية ومن جميع أهل البدع والأهواء المضلة، وأنه ما صغر الله جل جلاله تصغيرهم شيء. وقال الله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ}. وقال الله تعالى: {لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ}.
واعتقادنا في النبي صلى الله عليه وآله أنه سم في غزوة خيبر، فما زالت هذه الأكلة تعاده حتى قطعت أبهره فمات منها.
وأمير المؤمنين عليه السلام قتله عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله، ودفن بالغري.
والحسن بن علي عليهما السلام سمته امرأته جعدة بنت الأشعث الكندي، مات في ذلك.
والحسين بن علي عليهما السلام قتل بكربلاء، وقاتله سنان بن أنس لعنه الله.
وعلي بن الحسين سيد العابدين عليه السلام سمه الوليد بن عبد الملك فقتله.
والباقر محمد بن علي عليهما السلام سمه إبراهيم بن وليد فقتله.
والصادق عليه السلام سمه المنصور فقتله.
وموسى بن جعفر عليهما السلام سمه هارون الرشيد فقتله.
والرضا علي بن موسى عليهما السلام قتله المأمون بالسم.
وأبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام قتله المعتصم بالسم.
وعلي بن محمد عليه السلام قتله المعتضد بالسم.
والحسن بن علي العسكري عليه السلام قتله المعتمد بالسم.
واعتقادنا في ذلك أنه جرى عليهم على الحقيقة، وأنه ما شبه للناس أمرهم كما يزعمه من يتجاوز الحد فيهم، بل شاهدوا قتلهم على الحقيقة والصحة، لا على الحسبان والخيلولة، ولا على الشك والشبهة. فمن زعم أنهم شبهوا، أو واحد منهم، فليس من ديننا على شيء، ونحن منه برآء.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام أنهم مقتولون، فمن قال إنهم لم يقتلوا فقد كذبهم، ومن كذبهم كذب الله وكفر به وخرج من الإسلام، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
وكان الرضا عليه السلام يقول في دعائه: "اللهم إني أبرأ إليك من الحول والقوة، فلا حول ولا قوة إلا بك. اللهم إني أبرأ إليك من الذين ادعوا لنا ما ليس لنا بحق. اللهم إني أبرأ إليك من الذين قالوا فينا ما لم نقله في أنفسنا. اللهم لك الخلق ومنك الأمر، وإياك نعبد وإياك نستعين. اللهم أنت خالقنا وخالق آبائنا الأولين وآبائنا الآخرين. اللهم لا تليق الربوبية إلا بك، ولا تصلح الإلهية إلا لك، فالعن النصارى الذين صغروا عظمتك، والعن المضاهين لقولهم من بريتك. اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك، لا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. اللهم من زعم أننا أرباب فنحن إليك منه براء، ومن زعم أن إلينا الخلق وعلينا الرزق فنحن إليك منه براء كبراءة عيسى عليه السلام من النصارى. اللهم إنا لم ندعهم إلى ما يزعمون، فلا تؤاخذنا بما يقولون واغفر لنا ما يزعمون. {رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا}."
وروي عن زرارة أنه قال، قلت للصادق عليه السلام: إن رجلا من ولد عبد الله بن سبأ يقول بالتفويض. قال عليه السلام: "وما التفويض"؟ قلت: يقول: إن الله عز وجل خلق محمدا صلى الله عليه وآله وعليا عليه السلام ثم فوض الأمر إليهما، فخلقا، ورزقا، وأحييا، وأماتا. فقال: "كذب عدو الله، إذا رجعت إليه فاقرأ عليه الآية التي في سورة الرعد {أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}."
فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بما قال الصادق عليه السلام فكأنما ألقمته حجرا، أو قال: فكأنما خرس.
وقد فوض الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وآله أمر دينه، فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وقد فوض ذلك إلى الأئمة صلى الله عليه وآله.
وعلامة المفوضة والغلاة وأصنافهم نسبتهم مشايخ قم وعلماءهم إلى القول بالتقصير. وعلامة الحلاجية من الغلاة دعوى التجلي بالعبادة مع تدينهم بترك الصلاة وجميع الفرائض، ودعوى المعرفة بأسماء الله العظمى، ودعوى اتباع الجن لهم، وأن الولي إذا خلص وعرف مذهبهم فهو عندهم أفضل من الأنبياء عليهم السلام. ومن علاماتهم أيضا دعوى علم الكيمياء ولا يعلمون منه إلا الدغل وتنفيق الشبه والرصاص على المسلمين.