عقائد الشيعة الإمامية
>>
القاضي الكراجكي
(رسالة
البيان عن جمل اعتقاد أهل الإيمان)
من
كتاب كنز الفوائد لفقيه الأصحاب أبي الفتح محمد بن علي الكراجكي المتوفى
449 هـ
ويجب
أن يعتقد أن الله سبحانه، يميت العباد ويحييهم بعد الممات ليوم المعاد
وأن
المحاسبة حق والقصاص
وكذلك
الجنة والنار والعقاب
وأن
مرتكبي المعاصي من العارفين بالله ورسوله، والأئمة الطاهرين، المعتقدين لتحريمها مع
ارتكابها، المسوفين التوبة منها، عصاة فساق، وأن ذلك لا يسلبهم اسم الإيمان كما لم
يسلبهم اسم الإسلام
وأنهم
يستحقون العقاب على معاصيهم، والثواب على معرفتهم بالله تعالى، ورسوله، والأئمة من
بعده صلى الله عليه وآله، وما بعد ذلك من طاعتهم، وأمرهم مردود إلى خالقهم، وإن عفا
عنهم فبفضله ورحمته، وإن عاقبهم فبعدله وحكمته، قال الله سبحانه: {وَآخَرُونَ
مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ
عَلَيْهِمْ}
وأن
عقوبة هؤلاء العصاة إذا شاءها الله تعالى لا تكون مؤبدة، ولها آخر، يكون بعده
دخولهم الجنة، وليس من جملة من توجه إليهم الوعيد بالتخليد، والعفو من الله تعالى
يرجى للعصاة المؤمنين
وقد
غلطت المعتزلة فسمت من يرجو العفو مرجئا، وإنما يجب أن يسمى راجيا، ولا طريق إلى
القطع على العفو، وإنما هو الرجاء فقط
ويعتقد
أن لرسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة من بعده عليهم السلام شفاعة مقبولة يوم
القيامة، ترجى للمؤمنين من مرتكبي الآثام
ولا
يجوز أن يقطع الإنسان على أنه مشفوع فيه على كل حال، ولا سبيل له إلى العلم بحقيقة
هذه الحال، وإنما يجب أن يكون المؤمن واقفا بين الخوف والرجاء
ويعتقد
أن المؤمنين الذين مضوا من الدنيا وهم غير عاصين، يؤمر بهم يوم القيامة إلى الجنة
بغير حساب
وأن
جميع الكفار والمشركين، ومن لم تصح له الأصول من المؤمنين يؤمر بهم يوم القيامة إلى
الجحيم بغير حساب، وإنما يحاسب من خلط عملا صالحا وآخر سيئا، وهم العارفون العصاة
وأن
أنبياء الله تعالى وحججه عليهم السلام هم في القيامة المسؤولون للحساب بإذن الله
تعالى، وأن حجة أهل كل زمان يتولى أمر رعيته الذين كانوا في وقته
وأن
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة الاثني عشر من بعده عليهم السلام هم
أصحاب الأعراف الذين هم لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من
أنكرهم وأنكروه
وأن
رسول الله صلى الله عليه وآله يحاسب أهل وقته وعصره، وكذلك كل إمام بعده
وأن
المهدي عليه السلام هو المواقف لأهل زمانه، والمسائل للذين في
وقته
أن
الموازين ( التي ) توضع في القيامة، هي إقامة العدل في الحساب، والإنصاف في الحكم
والمجازاة، وليست في الحقيقة موازين بكفات وخيوط كما يظن العوام
وأن
الصراط المستقيم في الدنيا دين محمد وآل محمد -عليه وعليهم السلام- وهو في الآخرة
طريق الجنان
وأن
الأطفال والمجانين والبله من الناس، يتفضل عليهم في القيامة بأن تكمل عقولهم،
ويدخلون الجنان
وأن
نعيم أهل الجنة متصل أبدا بغير نفاد، وأن عذاب المشركين والكفار متصل في النار بغير
نفاد
ويجب
أن تؤخذ معالم الدين في الغيبة من أدلة العقل، وكتاب الله عز وجل، والأخبار
المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن الأئمة عليهم السلام وما أجمعت عليه
الطائفة الإمامية، وإجماعها حجة
فأما
عند ظهور الإمام عليه السلام فإنه المفزع عند المشكلات، وهو المنبه على العقليات،
والمعرف بالسمعيات، كما كان النبي صلى الله عليه وآله
ولا
يجوز استخراج الأحكام في السمعيات بقياس ولا اجتهاد
أما
العقليات فيدخلها القياس والاجتهاد
ويجب
على العاقل مع هذا كله ألا يقنع بالتقليد في الاعتقاد، وأن يسلك طريق التأمل
والاعتبار، ولا يكون نظره لنفسه في دينه أقل من نظره لنفسه في دنياه، فإنه في أمور
الدنيا يحتاط ويحترز، ويفكر ويتأمل، ويعتبر بذهنه، ويستدل بعقله، فيجب أن يكون في
أمر دينه على أضعاف هذه الحال، فالغرر في أمر الدين أعظم من الغرر في أمر الدنيا
فيجب
أن لا يعتقد في العقليات إلا ما صح عنده حقه، ولا يسلم في السمعيات إلا لمن ثبت له
صدقه. نسأل الله حسن التوفيق برحمته، وألا يحرمنا ثواب المجتهدين في طاعته
قد
أثبت لك يا أخي -أيدك الله- ما سألت، اقتصرت وما أطلت
والذي
ذكرت أصل لما تركت، والحمد لله وصلواته على سيدنا محمد وآله
وسلم