الصفحة الرئيسية \ الشريف المرتضى
وخليفته بعد موته لا بد من كونه كذلك، فالنص عليه من الله تعالى واجب.
فأما قول صاحب الكتاب: " إن الاستخلاف إنما يوصف بأنه منزلة متى وجبت لسبب، فأما إذا وقع بالاختيار على وجه كان يجوز أن لا يحصل فلا يكاد يقال: إنه منزلة " فإنه كثيرا ما يدعي في هذه الطريقة بما لا يزيد فيه على الدعوى ويتحجر في قصرها على أمر واحد من غير دليل ولا شبهة، وهذا يشبه ما ذكره متقدما من أن المنزلة لا تستعمل إلا بمعنى المحل والموقع من القلب دون ما يرجع إلى الولايات، وقد بينا بطلان ما ظنه بما يبين أيضا بطلان دعواه هذه، لأنه قد يقال: فلان بمنزلة فلان، وقد أنزلت زيدا منزلة عمرو في الأمور، والولايات التي ليست بواجبة كنحو الوكالة والوصية، والتفضل بالعطية، وغير ذلك مما لا سبب يوجبه فكيف يدعي أن اللفظ يختص بما له سبب وجوب، والعرف يشهد باستعمالها في الكل، وفيما قد أوردناه كفاية في فساد جميع ما تعلق به في هذا الباب.
قال صاحب الكتاب " دليل لهم آخر، وربما استدلوا باستخلافه [ صلى الله عليهما إياه ] (1) بعد الغيبة على المدينة ونصه على من يخلفه على وجوب الاستخلاف والنص بعد الموت، لأن الموت أقوى في ذلك من الغيبة، ولأن الغرض طلب الصلاح والموت بذلك أولى من حال الغيبة " ثم قال " وهذا إنما كان يجب لو ثبت لهم أنه صلى الله عليه وآله استخلف، وكان لا بد أن يستخلف فيقاس حال الموت عليه، فأما إذا قلنا: إنه كان يجوز أن لا يستخلف، وإنما استخلف باختياره، وعلى وجه
____________
(1) التكملة من " المغني ".
|
يقال له: من العجب إيرادك ما حكيته على أنه استدلال لنا على النص على أمير المؤمنين بعينه، وإدخالك ذلك في جملة الأدلة التي نعتمدها في هذا الباب وما نظن أن أحدا يستعمل معنا بعض حسن الظن يتهمنا بمثل هذا، ويظن أنا نستدل على الشئ بما لا تعلق له به على وجه، وما نشك في أن ليس سبب إيرادك هذا إلا لأن تقول ما قلته في آخر كلامك " وأي تعلق لذلك بالنص على فلان وليس ذلك بأن يدل على النص على واحد بأولى من غيره " (3) وهذا مع قولك في أول الفصل " وربما استدلوا بكذا وكذا على وجوب الاستخلاف والنص " وهذا القول يقتضي أن لا تقول ما قلته في آخر الفصل لأنك لم تحك عنا الاستدلال على منصوص عليه معين فتعجب من الطريقة، وعلى كل حال فلا معنى لإيرادك هذه الطريقة في هذا الموضع، لأنها إن حكيت على أنها طريقة في وجوب النص على الجملة فليس هذا موضعه، ولا هو في حكاية الأدلة عليه، وإن حكيت على أنها طريقة في النص على إنسان بعينه فلا أحد يستدل بها على ذلك، ونفس ترتيبه لها وحكايته تدل على خلاف هذا المعنى.
____________
(1) غ " فيجب ".
(2) المغني 20 ق 1 / 181.
(3) بأولى منه على غيره خ ل.
|
قال صاحب الكتاب: " وقد ثبت أن في حال الغيبة يجوز أن يستخلف جماعة وقد كان النبي صلى الله عليه وآله يستخلف على المكان والبلدان التي هو غائب عنها جماعة، ولا يقتصر على واحد فلو قال قائل: إن الموت إذا كان آكد من الغيبة فكان يجب أن يستخلف على كل
____________
(1) قوية، خ ل.
|
وبعد، فكما إنه صلى الله عليه وآله وسلم استخلف في حال الغيبة فقد ثبت في أمرائه أنهم استخلفوا في حال الغيبة وبعد الموت، فيجب أن لا يدل ذلك على أنه المختص بإقامة الإمام، بل قد يجوز لغيره أن يشركه فيه، وذلك يصحح ما نقوله.
وبعد، فإن ذلك ليس بأن يدل على النص على واحد بأولى من أن يدل على غيره فلا يمكنهم أن يتعلقوا بذلك في وجوب النص على أمير المؤمنين، وقد بينا أنه لا يمكنهم أن يقولوا إذا ثبت النص فلا قول إلا ما نذهب إليه، وذلك لأنا قد بينا أن الجمع العظيم قد قالوا بالنص على أبي بكر وبينا القول في ذلك،... " (1).
يقال له: أما المدينة التي تضمن الدليل ذكرها بعينها فلم يستخلف صلى الله عليه وآله عليها عند غيبته عنها إلا الواحد، وبعد فإن المبتغى بهذه الطريقة من الاستدلال وجوب الاستخلاف لا كيفيته ولا عدد المستخلفين، وقد ثبت وجوب الاستخلاف بما رتبناه من الكلام، وليس يجري عدد المستخلفين مجرى الاستخلاف على الجملة في الوجوب، ألا ترى أنه عليه السلام مع الغيبة قد كان يستخلف على البلدان الواحد تارة
____________
(1) المغني 20 ق 1 / 181.
|
فأما تبديله الخلفاء وإن ذلك يدل على أنه كان يفعل ذلك برأيه واجتهاده لا عن نص فليس يعلم من أي وجه يدل بما ذكره على ما ظنه وليس في إبدال الخلفاء ما يقتضي أن استخلافهم صادر عن رأي واجتهاد كما أنه ليس في إبدال الشرائع بغيرها ما يدل على ذلك، وليس يمتنع أن تختلف المصلحة فيختلف المستخلفون وإن كانوا منصوصا عليهم، ولو كان الأمر على ما ظنه وادعاه لم يكن فيه علينا حجة لأن من استدل بهذه الطريقة من أصحابنا لم يرجع إليها في أكثر من أن النص واجب من الرسول صلى الله عليه وآله.
فأما كونه مفعولا بأمر الله تعالى أو باختيار واجتهاد، فالمرجع فيه إلى غير ذلك.
فأما تعلقه باستخلاف أمرائه، وتوصله إلى أن يكون غيره مشاركا له في إقامة الإمام فباطل، لأن أمراءه إنما ساغ لهم الاستخلاف من حيث جعل عليه السلام ذلك إليهم، واستخلفهم فيه كما استخلفهم على
____________
(1) في الاستخلاف، خ ل.
(2) الكورة - بوزن صورة - المدينة، والصقع، والمراد هنا الثاني.
|
فأما قوله: " وبعد، فإن ذلك ليس بأن يدل على النص على واحد بأولى من غيره " فهو على ما ذكره وقد تقدم من كلامنا في هذا المعنى ما فيه كفاية.
قال صاحب الكتاب: " دليل لهم آخر، واحتجوا بما رووا عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لأمير المؤمنين عليه السلام " أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي وقاضي ديني " (1) [ لأنه لا يكون كذلك إلا
____________
(1) هذا الحديث أخرجه بهذا المعنى وتقارب في الألفاظ كثير من حفظة الآثار النبوية، وإثبات السنة وجهابذة الحديث كابن إسحاق، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي، والثعلبي، والطبري في تفسير سورة الشعراء من تفسيرهما، والطبري وابن الأثير في تاريخهما، وصرح أبو عثمان الجاحظ - كما نقل ذلك عنه أبو جعفر الإسكافي في نقض " العثمانية " تعرف ذلك عند مراجعة " المراجعات " لشرف الدين ص 118 في المراجعة 20، وقد أوردت أكثر من ثمانين شاهدا على صحة الوصية لعلي عليه السلام في كتابي " مصادر نهج البلاغة وأسانيده " ج 1 ص 121 - 151 من الكتاب والسنة، والتاريخ والأخبار، والشعر والأدب، وحسبك أن قاضي القضاة أرسله هنا إرسال المسلمات، وإن حاول صرفه على ما يراد به.
|
ثم قال: " واعلم أن عند شيوخنا أن هذا الخبر يجري مجرى أخبار الآحاد، والألفاظ المذكورة فيه مختلفة ففيها ما هو أظهر من بعض لأن قوله: (أنت وصيي) أظهر من غيره ومع تسليم ذلك أنهم قد تكلموا عليه.
فأما قوله: " أنت أخي " فسنذكر القول فيه في باب حديث المؤاخاة * وأما قوله (أنت وصيي) فلا يدخل تحت الوصية إلا ما يختص الموصي من الأحوال دون ما يتعلق بالدين والشرع،... " (3) ثم أطنب من ذلك بما جملته أن الوصية لا يدخل تحتها معنى الإمامة إلى أن قال * (4) فأما قوله: (وقاضي ديني) فهو بعض ما تناولته الوصية، فإذا كانت لا تدل على الإمامة فبأن لا يدل ذلك عليها أولى وإنما الشبهة في الوصية المطلقة، فأما إذا خصت بأمر مخصوص فلا شبهة فيها، فأما من
____________
(1) الزيادة من " المغني ".
(2) ما بين النجمتين ساقط من " المغني " في الموضع.
(3) المغني 20 ق 1 / 181.
(4) ما بين النجمتين ساقط من " المغني " في الموضع.
|
القاضي ديني إلى أمتي، ولا يجوز في هذا الموضع أن يحذف ذكر إلى، لأن ذلك ليس بمختار (2) فهذا الوجه أيضا يضعف الخبر من جهة اللفظ ".
ثم قال: " وقال - يعني أبا هاشم - " أن المراد بذلك إن كان أنه يؤدي عنه ما تحمله من الشرائع غير ما لم يتحمله من الشرائع فحكم غيره من الصحابة حكمه فكيف يدل على الإمامة "،... ") (3) ثم أتبع ذلك بكلام في هذا المعنى لا طائل في حكايته إلى أن قال:
وأما قوله: (خليفتي من بعدي) (4) فغير معروف، والمعروف
____________
(1) الاسراء 4.
(2) غ " بمجاز ".
(3) المغني 20 ق 1 / 184.
(4) أخرج الحمويني في " فرائد السمطين " في السمط الأول من الباب 85. بلفظ (علي أخي، ووزيري، ووصيي، وخليفتي في أمتي، وخير من أترك بعدي)، وأخرج الخوارزمي في المناقب ص 85 من طريق أم سلمة: (علي وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي) وأخرج أحمد بن محمد الطبري المعروف بالخليلي من علماء القرن الرابع في كتاب الرجال - كما نقله عنه السيد ابن طاووس في كتاب " اليقين " ص 117 قال صلى الله عليه وسلم: (إن جبرئيل هبط إلي مرارا ثلاثا يأمرني عن السلام رب السلام أن أقوم في المشهد، وأعلم كل أبيض وأسود، أن علي بن أبي طالب أخي ووصيي، وخليفتي على أمتي، والإمام من بعدي، محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).
|
وبعد، فلو كان ما تعلقوا به حقا لقد كان عليه السلام يدعي به النص ولا يستجيز ترك ذكره عند اختلاف الأحوال في باب الإمامة على ما قدمنا القول فيه (1) وقد بينا أن ما ثبت من إمامة أبي بكر ثم عمر يقتضي صرف ما ظاهره الإمامة عن ظاهره، فبأن يجب لأجل ذلك إبطال التعلق بالمحتمل من القول أولى،...) (2).
يقال له: قد بينا فيما تقدم أن هذا الخبر الذي يتضمن ذكر الاستخلاف قد تواتر النقل به، وورد مورد الحجة، وأنه أحد ألفاظ النص الذي يلقبه أصحابنا بالجلي، ولا معتبر بقول شيوخهم واعتقادهم في الخبر أنه جار مجرى الآحاد لأن ذلك إذا لم يكن مستندا إلى حجة لم يكن قادحا، وهذا الخبر مما قد رواه العامة والخاصة ولم يتفرد به الشيعة، غير أنا لا ندفع أن يكون تواتر النقل به ووروده مورد الحجة وما يقتضي العلم مما يختص طرق الشيعة، والمعتمد من لفظ هذا الخبر في الدلالة على النص بالإمامة على لفظ الاستخلاف دون باقي الألفاظ من وصية وغيرها، فلا معنى لتشاغله بالكلام على أن الوصية تختص في العرف بأمور مخصوصة لا تعلق للإمامة بها، فذلك مسلم لا خلاف فيه، وكذلك قضاء الدين.
فأما الرواية - بكسر الدال - فما نعرفها، وهي إذا كانت معروفة
____________
(1) غ " قدمنا من قبل القول فيه ".
(2) المغني 20 ق 1 / 185.
|
فأما قول أبي هاشم: (إن الكلام يحتاج إلى زيادة، وإنه كان يجب أن يقول القاضي ديني إلى أمتي) فهذا إنما كان يجب لو أراد بلفظ القضاء الأخبار لأن لفظة " إلى " إنما يحتاج إليها من هذا الوجه، فأما إذا أريد بالقضاء الحكم فذلك غير واجب.
فأما ادعاؤه أن (خليفتي من بعدي) غير معروف، وأن المعروف (خليفتي في أهلي) فما فيهما إلا معروف ظاهر في الرواية، وليس في ثبوت قوله (خليفتي في أهلي) نفي لقوله في حال أخرى: (أنت خليفتي من بعدي) ومن عادة صاحب الكتاب أن يضعف كل ما يحس فيه بمكان الحجة، ولهذا قال في أول الفصل أن قوله (أنت وصيي) أظهر من سائر الألفاظ من حيث كان هذا اللفظ أبعد من معنى الإمامة من الجميع، على إنا لو صرنا إلى ما يريد وفرضنا أن الخبر لم يرد إلا بقوله: (أنت خليفتي في أهلي) لكان نصا بالإمامة، لأن من يخلف النبي صلى الله عليه وآله هو من يقوم فيمن كان خليفة عليه بما كان صلى الله عليه وآله يقوم به، ويجب له من امتثال أمره، وفرض طاعته ما وجب للنبي صلى الله عليه وآله، وإذا ثبت هذا المعنى بعد النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام في واحد من الناس فضلا عن جماعة الأهل تثبت له الإمامة، لأن من تجب طاعته، والانتهاء إلى أمره ونهيه لا بد أن يكون إماما أو واليا من قبل الإمام ولأن حكم الأهل في تدبيرهم والقيام بأمورهم حكم غيرهم من الأمة، فمن وجب ذلك له على الأهل وجب له على الكل، ومن لم يجب له أحد الأمرين لم يجب له الآخر، وليس له أن يقول: إنما أراد بالخلافة
|
فأما قوله: (ولو كان ذلك حقا لكان عليه السلام يذكره عند الاختلاف في الإمامة) فقد مضى فيما تقدم من كلامنا في هذا ما فيه كفاية، وبينا السبب المانع من ذكر ذلك، وأنه لا دلالة في ترك ذكره على أنه لم يكن.
فأما قوله في آخر الفصل: (إن ثبوت إمامة فلان وفلان تقتضي صرف ما ظاهره الإمامة عن ظاهره فبأن يجب ذلك في المحتمل أولى) فقد مضى أيضا فيما سلف أن هذا الخبر وأمثاله من ألفاظ النص غير محتمل، وأن ظواهرها وحقائقها تقتضي النص بالإمامة، ولم يثبت ما ادعاه من إمامة من ذكره على وجه فضلا عن ثبوتها على وجه غير محتمل فينصرف لذلك عن ظواهر النصوص، وإنما يحيل على ما يأتي من كلامه في هذا المعنى، وإذا بلغنا إليه بينا ما فيه بعون الله تعالى.
قال صاحب الكتاب: " دليل لهم آخر، ثم قال: " وقد استدل الخلق منهم بحديث المؤاخاة، وإنه صلى الله عليه وآله قصد إلى أمر زائد على ما تقتضيه الأخوة في الدين، لأنه لو أراد ذلك لم يكن ليخص بعضا دون بعض بأخوة غيره، وإذا صح أن المقصد أمر زايد فليس إلا إبانة الاختصاص، والتقارب بين من آخى بينهما فإذا آخى بين علي عليه السلام وبينه صلى الله عليه وآله فقد دل على أنه أخص الناس به، وأقربهم إليه، وأفضلهم بعده، وذلك يقتضي أنه أولى بالإمامة ".
|
يقال له: قد بينا في ابتداء كلامنا في النص أن النص من النبي صلى الله عليه وآله على ضربين، منه ما يدل بلفظه وصريحه على الإمامة، ومنه ما يدل فعلا كان أو قولا عليها بضرب من الترتيب والتنزيل، وقلنا:
إن كل أمر وقع منه عليه السلام من قول أو فعل يدل على تميز أمير المؤمنين عليه السلام واختصاصه من الرتب العالية، والمنازل السامية بما ليس
____________
(1) أي من أبي بكر (رض).
(2) والاستقامة، خ ل وهي أوجه.
(3) الزيادة من " المغني ".
(4) المغني 20 ق؟؟؟.
|
وأما قوله: (لو سلم أن الخبر يدل على الفضل لم يكن فيه دلالة على الإمامة، لأن الأفضل لا يجب أن يكون إماما) فهذا مما قد بينا فساده فيما تقدم، ودللنا على أن الإمام لا بد أن يكون الأفضل، وأنه لا يجوز أن يكون مفضولا فلا حاجة بنا إلى إعادة ما قدمناه في ذلك.
فأما ذكر المؤاخاة بين أبي بكر وعمر وظنه أن ذلك يوجب أن يكون عمر خليفته من غير عهد إليه، فنحن نقول في المؤاخاة بين أبي بكر وعمر مثل ما قلناه في المؤاخاة بين النبي صلى الله عليه وآله وبين أمير المؤمنين عليه السلام، والمؤاخاة بينهما تدل على تقارب منزلتهما، وتداني أحوالهما، وإن ما يصلح له كل واحد منهما يصلح له الآخر، وإن عمر حقيق بمقام أبي بكر، وأولى من غيره به، وهذا هو المعنى الذي أثبتناه في المؤاخاة التي تقدمت.
فأما قوله: (إن المؤاخاة إنما كان الغرض فيها طريقة المعونة والمواساة للشدة التي كان المهاجرون فيها من ابتداء الأمر) فغلط، وذلك لأنا لم
|
____________
(1) هذا الكلام قاله علي عليه السلام في أكثر من موطن، وانظر الاستيعاب بترجمة علي عليه السلام ومستدرك الحاكم 3 / 111 وكنز العمال 6 / 394 وقال:
أخرجه ابن أبي شيبة، والنسائي في الخصائص وابن أبي عاصم في السنة، والعقيلي، والحاكم، وأبو نعيم في المعرفة. وفي الرياض النضرة 2 / 168 إن النبي صلى الله عليه وآله أمره أن يقول ذلك.
(2) هذه الجملة من حديث المناشدة رواه جماعة من علماء أهل السنة باختلاف يسير في بعض الحروف والكلمات وقد خرج جميع تلك الجمل واحدة بعد واحدة العلامة المتتبع المرحوم الشيخ نجم الدين العسكري في كتابه " علي والوصية " وبالمناسبة أذكر أن هذا العالم الباحث الجليل له كتب قيمة حري بمن أراد الاطلاع أن يقف عليها وخصوصا كتابه (الوضوء في الكتاب والسنة).
|
وروى حفص بن عمر بن ميمون قال أخبرنا جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن أبيه عن جده أن عليا عليه السلام قال على المنبر بالكوفة: (يا أيها الناس إنه كانت لي من رسول الله صلى الله عليه وآله عشر خصال لهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس قال: يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأنت أقرب الخلق مني يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار، ومنزلك في الجنة يواجه منزلي كما يتواجه منازل الإخوان في الله، وأنت الوارث مني، وأنت الوصي مني في عداتي وأمري، وفي كل غيبة)، يعني بذلك حفظة في أزواجه.
وروى كثير بن إسماعيل عن جميع بن عمير التيمي قال: أتيت ابن عمر في المسجد فسألته عن علي عليه السلام فقال: هذا منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا منزل علي عليه السلام وإن شئت حدثتك، قلت : نعم قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بين المهاجرين حتى بقي علي وحده فقال: يا رسول الله آخيت بين المهاجرين فمن أخي قال: (أما
____________
(1) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 4 / 399 والمتقي في الكنز 6 / 159، وقال: أخرجه الخطيب والرافعي عن علي، ورواه في ص 396 من نفس الجزء وقال:
أخرجه ابن الجوزي.
|
قال صاحب الكتاب: (دليل لهم آخر، وقد تغلقوا بقوله صلى الله عليه وآله (لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) وبما روي من قوله صلى الله عليه وآله (اللهم آتيني بأحب خلقك إليك ليأكل معي من هذا الطائر). قالوا: وإذا دل ذلك على أنه أفضل خلق الله تعالى بعده وأحبهم إلى الله تعالى فيجب أن يكون هو الإمام) ثم قال: (وهذا بعيد، لأنه إنما يمكن أن يتعلق به في أنه أفضل، فأما في النص على أنه إمام فغير جائز التعلق به إلا من حيث يقال: إن الإمامة واجبة للأفضل، وقد بينا أنها غير مستحقة بالفضل (2) فإنه لا يمتنع في المفضول أن يتولاها أو فيمن يساويه غيره في الفضل، وسنبين القول في ذلك من بعد، وقوله: (لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله) إنما يدل على أنه فاضل، ولا يمتنع أن يكون غيره موازيا له في ذلك، فالتعلق به في الإمامة والتفضيل يبعد ولا يمكن أن يتعلق به من حيث يقتضي دفع الراية الإمامة لأن ذلك لا يقتضيها، ولا يدل عليها، وقد كان صلى الله عليه وآله يعطي الراية لمن يؤديه اجتهاده إليه في الوقت، ولمن يكون ذلك فيه أصلح، كما كان يستخلف ويولي من هذه حاله،...) (3) يقال له: هذان الخبران اللذان ذكرتهما (4) إنما يدلان عندنا على الإمامة
____________
(1) رواه الترمذي 2 / 299 والحاكم في المستدرك 3 / 14 عن ابن عمر.
(2) غ " واجبة في الأفضل، وقد ثبت ".
(3) المغني 20 ق 1 / 187.
(4) أي خبر الراية والطائر، وحديث الراية رواه المحدثون عامة، نذكر منهم:
البخاري في صحيحه ج 4 ص 5 وص 207 في كتاب بدء الخلق باب مناقب علي بن أبي طالب وفي كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وآله إلى الاسلام والنبوة، وص 12 باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وآله، و ج 5 / 76 في كتاب المغازي باب غزوة خيبر، ومسلم في صحيحه ج 3 / 1441 في كتاب الجهاد والسير باب غزوة ذي قرد و ج 4 / 871 في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب، والترمذي 2 / 300 وابن ماجة 1 / 43 والحاكم في المستدرك 3 / 130 و 131 وغير هؤلاء وسيأتي تخريج حديث الطائر ص 100 من هذا الجزء.