نذهب إلى حيث وقف رسول الله صلى الله عليه وآله محاطاً بأهل بيته وأصحابه يخطب
فيهم، فيقول: "أيّها الناس اِنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرّحمة
والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيّامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل
الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من
أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة. وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم
فيه مستجاب فسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفّقكم لصيامه وتلاوة
كتابه، فاِن الشّقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم. أيّها الناس إن
أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة. فسلوا ربكم أن لا يغلقها عليكم. وأبواب النيران
مغلقة، فسَلوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة، فسلوا ربّكم أن لا
يسلطها عليكم".
وقال صلى الله عليه وآله : "أيّها الناس من فطَّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه". قيل: يا رسول الله وليس كلنا نقدر على ذلك. فقال صلى الله عليه وآله:
"اِتّقوا النار ولو بشقّ تمرة.. اِتقوا الله ولو بشربة من ماء. فاِن الله تعالى يهب ذلك الأجر لمن عمل هذا اليسير
إذا لم يقدر على أكثر منه... يا أيّها الناس من حَسَّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام، ومن خفَّفَ في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفَّف الله عليه حسابه. ومن كفَّ فيه شرّه كف الله عنه غضبه يوم يلقاه ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصلّه الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور".
وليس الصوم هو الامتناع عن الأكل والشرب فقط، ونذكر في ذلك قول الإمام عليّ عليه السلام قال فيه:
"كم من صائمٍ ليس له من صيامه إلاّ الظمأ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلاّ العناء".
وقال الإمام الصادق عليه السلام: "إذا أصبحت صائماً فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك وجميع جوارحك"،
وقال عليه السلام أيضاً: "إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحدهما، فإذا صمتم فاحفظوا
ألسنتكم عن الكذب، وغضّوا أبصاركم عمّا حَرَّمَ الله، ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا، ولا تغتابوا ولا تسابّوا، ولا تشاتموا، ولا تظلموا، واجتنبوا قول الزور، والكذب والخصومة، وظنّ السوء، والغيبة، والنميمة، وكونوا مشرفين على الأخرة، منتظرين
لأيامكم، منتظرين لما وعدكم الله، متزوّدين للقاء الله، وعليكم السكينة والوقار، والخشوع والخضوع، وذلّ العبيد الخيف من مولاها خائفين راجين".
معرفة دخول
شهر الصيام:
نعرف ذلك بثبوت رؤية هلال رمضان في بلدك أو في البلاد القريبة منه التي تشاركه في الأفق بمعنى أن تكون الرؤية الفعليّة للهلال فيها ملازمة لرؤيته في بلدك لولا المانع من سحاب أو غيم أو جبل أو نحو ذلك.
وتثبت رؤية الهلال بأمور:
- أن ترى الهلال بنفسك.
- أن يشهد رجلان عادلان برؤيته مع عدم علمك باشتباههما وعدم معارض لشهادتهما.
- أن يمضي ثلاثون يوماً من شهر شعبان فتعرف أن شهر شعبان قد انتهى بالتأكيد وبدا شهر رمضان اليوم.
- ان يشيع ويشتهر عند الناس رؤية هلال رمضان فتجزم أو تطمئن برؤيته.
وإذا لم يثبت لك تحقق حلول شهر رمضان بأحد الطرق هذه ووقع في نفسك الشك فصمه على أنّه من شعبان، فإذا تبيّن بعد ذلك أثناء النّهار أنّه من رمضان عدلت عن نيّة شعبان وحسب لك من رمضان ولا شيء عليك. ويجوز لك أن لا تصوم يوم الشك.
فيمن يجب
عليه الصيام:
وفإذا
ثبت حلول شهر رمضان وجب الصوم علينا وعلى على كل مسلم، بالغ، عاقل، آمِنٌ من ضرر الصوم عليه، حاضر غير مسافر ولا مغمى عليه.
وبالنسبة للنساء يجب الصوم على المرأة الطاهرة من الحيض والنفاس، فالحائض والنفساء لا تصوم، وتقضي ما فاتها من صيام شهر رمضان بعد ذلك.
ولا يصوم من خاف على نفسه الإصابة بمرض جرّاء الصوم، أو اشتداد مرض، أو تأخير شفاء مرض أو زيادة ألمه كل ذلك بالمقدار المعتدِّ به الّذي لم تجر العادة بتحمّله.
والمسافر إذا سافر بعد الزوال بقي على صيامه وإذا سافر قبل الفجر أفطر .
النية:
وتنوي الصوم من أوّل الفجر إلى غروب الشمس قربةً إلى الله تعالى.
عما يجب
الإمساك عنه:
تمسك ما دمت صائما عن عدّة أمور تسمى بالمفطرات وهي تسعة:
1، 2 - تعمد الأكل والشرب قليلاً كان أو كثيراً.
3 - تعمّد الكذب على الله أو على رسوله صلى الله عليه وآله أو على الأئمة المعصومين عليهم السلام.
4 - تعمّد الاتصال الجنسي (أو الجماع) في القبل أو الدبر فاعلاً أو مفعولاً به.
5 - الاستمناء أو ممارسة (العادة السرية) بأيَّة صورة من الصور.
6 - تعمّد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر، فلو أجنب الإنسان لأيِّ سبب كان أثناء الليل، وجب عليه أن يغتسل قبل أن يطلع الفجر. ولو أجنب أثناء الليل ولم
يتمكّن من الاغتسال لمرضٍ مثلا تتيمّم قبل الفجر. ولو احتلم فنزل مِنّي السائل المنوي أثناء النهار وهو صائم. ولما أفاق من نومه
وجد نفسه مجنباً فلا يفسد ذلك صومه وإن لم يغتسل من جنابته .
والمرأة إذا نقت المرأة من الحيض أو النفاس ليلاً وجب عليها أن تغتسل حتى يطلع عليها الفجر وهي طاهرة فتصوم.
7 - تعمّد إدخال الغبار أو الدخان الغليظين إلى الحلق.
8 - تعمّد القيء. وإذا لم يتعمّد الصائم القيء بل ألقي ما في معدته دون عمد
فلا يضرّ ذلك بصومه.
9 - تعمّد الاحتقان في الشرج بالماء أو بغيره من السوائل.
مسائل الصوم عند الشيعة الإمامية
الصلاة | الصوم | الحج | الزكاة | الخمس | الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر | الإرث | النذر | النكاح | الصيد | الطلاق | التجارة | الوقف | الوصية
الأحكام الشرعية عند مراجع الشيعة الإمامية